إعداد أشرف حامل الدين
شهدت الممارسات التجارية والاقتصادية عدة تحولات وتطورات كان من شأنها الدفع بتعديل المقتضيات القانونية التي تؤطر هذه المعاملات واحداث العديد من الأجهزة والمؤسسات أبرزها المحاكم التجارية المختصة. فالتاجر شخصا ذاتيا كان أو اعتباريا يبرم العديد من العقود التجارية التي تناول المشرع تنظيمها من خلال الكتاب الرابع من مدونة التجارة والتاجر لا يمكن أن يتعامل بنفسه مع جميع زبنائه من موردين وتجار ومستهلكين خاصة منهم من يقيم بمناطق بعيدة بل حتى لو سمحت له إمكانياته المادية والتقنية فإنه يجهل مركزهم المالي و يخشى من الدخول معهم في نزاعات فيلجئ إلى الوساطة التجارية التي في الغالب ما تأخذ شكل إحدى العقود التي سنتناولها في هذا الموضوع .
سنتناول في هذا الموضوع الحديث عن الوكالة التجارية و الوكالة بالعمولة و السمسرة باعتبارها اهم عقود الوساطة التجارية وسنتوقف عند كل عقد من أجل التمييز بينها وبين بعض العقود الأخرى المشابهة .
قبل الخوض في إبراز اهم خصوصيات عقد الوكالة التجارية أو الوكالة بالعمولة والتي تناولها المشرع في الفقرة التاسعة من المادة السادسة من مدونة التجارة يجب الإشارة إلى الوكالة المدنية التي يتصرف فيها الوكيل باسم ولحساب شخص آخر دون مقابل حيث تعتبر هذه النقطة العامل الأساسي الذي من خلاله يمكن التمييز بين الوكالة المدنية و الوكالة التجارية أو الوكالة بالعمولة.
بالنسبة للوكالة التجارية فإن الوكيل التجاري يكون مستقلا في مزاولة مهامه كما يمكن ان يكون وكيلا عن اكتر من موكل واحد في ان واحد دون اخد الموافقة من احدهم ولا يكون مرتبطا بعقد عمل كما لا يكون الموكل مسؤولا مسؤولية التابع عن المتبوع فيها وايضا يعتبر محل الوكالة التجارية القيام بتصرف قانوني اي عمل معنوي لا مادي و يتصرف فيها الوكيل التجاري باسم ولحساب شخص آخر مقابل أجر كما لا يتلقى اي حقوق ولا يتحمل اي التزامات من العقد المبرم مع الغير .
يجب أيضا أن نميز بين الوكالة التجارية والتمثيل التجاري حيث نجد بان عقد التمثيل التجاري منظم بموجب مقتضيات قانون الشغل و الممثل التجاري يرتبط بمشغله بموجب عقد عمل ويترتب عن ذلك خضوعه لالتزامات الاجراء ولرابطة التبعية نحو المشغل كما لا يمارس نشاطا يتحمل عنه المخاطر ويعتبر وسيطا مأجورا يرتكز عمله على زيادة زبناء مشغله المتواجدين بمنطقة جغرافية ما.
يجب ان نميز أيضا عقد الوكالة التجارية عن عقد العمل أو عقد المقاولة حيث يكون في هذه
الحالة محل العقد عملا ماديا لا معنوي كما أن هذا العقد منظم بمقتضيات مدونة الشغل
و الاجير لا يعمل مستقلا عن مشغله بل تحت إشراف هذا الأخير كما يكون المشغل مسؤولا مسؤولية التابع عن المتبوع .
يجب أيضا أن نميز عقد الوكالة التجارية عن عقد الوكالة بالعمولة التي يقوم فيها الوكيل بالعمولة بتصرف قانوني باسمه ولحساب الموكل كما يتحمل جميع الحقوق والالتزامات المترتبة عن العقد ويظل ملتزما بها شخصيا تجاه الأشخاص الذين تعاقد معهم .
أما بالنسبة لعقد السمسرة الذي يعتبر هو الآخر بين اهم عقود الوساطة التجارية ففي هذا العقد يكلف السمسار عن طريق شخص بالبحث عن شخص آخر قصد ابرام عقد بينهما ولا يقوم السمسار بالتعاقد باسمه الشخصي ولصالح موكله فيما تعتبر السمسرة عملا ماديا مقابل اجر تنتفي فيه التبعية .
تعليقات فيسبوك