مؤسسة العربون في التشريع المغربي

5
(2)

إعداد: أشرف حامل الدين

لقد تضاربت الآراء حول صحة التعامل بالعربون من عدمه في الفقه الإسلامي، وعلى غير عادته عرف المشرع المغربي مؤسسة العربون من خلال الفصل 288 من ق ل ع بأنه ” هو ما يعطيه أحد المتعاقدين للآخر بقصد ضمان تعهده

و بخصوص هذه المسألة يرى استاذي الفقيه عبد القادر العرعاري أن غاية المشرع تنصرف أحيانا عبر وضعه للتعاريف إلى المساهمة في رفع ذلك الغموض الذي قد يطال بعض التعاريف وتوضيح هذه المفاهيم. ¹

و من خلال التعريف المذكور يتضح لنا بأن العربون يعتبر أداة ووسيلة الغاية منها هي ضمان تنفيذ العقد دون أن يقتصر ذلك على نوعية معينة من العقود دون الأخرى.

الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل حول موقف المشرع المغربي من مؤسسة العربون ؟

لقد تباينت مواقف مختلف التشريعات حول تحديد الغاية من العربون وادواره داخل العلاقة التعاقدية حيث يرى البعض ( الإتجاه اللاتيني) بأنه مجرد وسيلة أو الية يمكن من خلالها للطرف الذي قدم هذا العربون أن يتراجع عن العقد دون أن يرتب ذلك اي أثار مقابل تخليه على هذا العربون .²

ويتضح لنا أن التفسير الذي وضعه أنصار الاتجاه اللاتيني قد أهمل الجانب المتعلق بالضرر الذي يمكن أن يلحق الطرف الآخر جراء هذا التراجع .

فيما يرى إتجاه آخر ذو اصل جيرماني بأن العربون دفعة أولية من ثمن الصفقة يتعين على من دفعه إتمام ما تبقى من الثمن المتفق عليه.

ونجد بأن المشرع المغربي قد سلك نفس الاتجاه في تناوله لمؤسسة العربون الا أنه اعتبر العربون وسيلة لضمان تنفيذ العقد كقاعدة عامة وايضا يرى بأنه يمكن أن يكون دفعة أولية من ثمن الصفقة فأحيانا نجد بأن العربون قد يقدم من طرف البائع أو المكري وبالتالي لا يمكن اعتباره دفعة أولية في هذه الحالة وليس هناك مايقف أمام هذه الإمكانية وهذا ما نستشفه من خلال الفصل 289 الذي جاء فيه ” …… وإذا كان من أعطى العربون هو البائع أو المكري، ونفد العقد وجب رده ”

وبالتالي يمكننا أن نعتبر بذلك أن العربون ليس مجرد دفعة أولية من ثمن الصفقة وإنما غايته الأولى هي ضمان تنفيذ التعهد كغيره من الوسائل الأخرى كالوعد بالبيع …..

وهذا ما كرسته مقتضيات الفصل 290 من نفس القانون المذكور الذي جاء فيها ” إذا كان الالتزام غير ممكن التنفيذ أو إذا فسخ بسبب خطأ الطرف الذي أعطى العربون كان لمن قبظه أن يحتفظ به ولا يلزم برده الا بعد اخد التعويض الذي تمنحه له المحكمة اذا اقتضى الأمر ذلك “

اي ان العربون مجرد وسيلة يلجى إليها من أجل ضمان تنفيذ التعهد ولا يمكن اعتباره تعويضا عن الضرر المترتب عن الاخلال بهذا التعهد حيث يحق للطرف المتضرر أن يحتفظ به فقط حتى حصوله على التعويض، أي أنه من الممكن أن تفوق قيمة التعويض قيمة ذلك العربون كما أنه من الممكن أن تقل قيمته عنه

وبالتالي يمكن القول بأن للعربون عدة وظائف داخل هذه العلاقة لكن غايته الأولى حسب موقف المشرع المغربي هي ضمان تنفيذ التعهد .

العربون والمفاوضات التمهيدية

يتضح من خلال الفصول المذكورة أن العربون يأتي في مرحلة لاحقة على التعاقد اي بعد تطابق الايجاب مع القبول وبعد أن يحصل التوافق بين ارادتي الأطراف وهو أداة ضمان تنفيذ العقد على الرغم من ان المشرع وظف مصطلح التعهد بدل العقد الا أن التعهد يعتبر مرحلة مهمة في تكوين العقد حيث جاء في تعريف القانون المدني الفرنسي للعقد بأنه تعهد بين شخصين او اكثر من أجل انشاء الالتزام……. وبالتالي فالتعهد يعني تطابق الايجاب مع القبول و توافق إرادتي الأطراف من أجل احداث الأثر القانوني.

وأيضا فإن اشارة المشرع إلى الاحتفاظ بالعربون لقاء الحصول على التعويض يعني ترتيب قيام المسؤولية العقدية عن الاخلال بالعقد كما جاء في الفصل 289 اذا نفذ العقد … اذا الغي العقد “

الغاية من ذلك أن نميز بين التعويض اثر قيام المسؤولية العقدية عن التعويض بسبب الخطأ عند تكوين العقد وهو ما تؤكده نظرية الفيلسوف اهرنج IHRING المعروفة بنظرية الخطأ عند تكوين العقد .


1 _ عبد القادر العرعاري نظرية العقد الكتاب الأول ط الرابعة ص 85

2_ نفس المرجع ص 92

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 2

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك