التعويضات المقررة على حوادث الشغل و الأمراض المهنية و الضمان الاجتماعي

5
(1)

إعداد : جلال السباعي

                                        مقدمة

يتعرض الأجير أثناء مزاولته لشغله لحوادث جسيمة قد تؤدي به إلى إصابته بعجز تام أو جزئي ، بصفة دائمة أو مؤقتة ، من شأنها أن تقعده عن العمل ، و في بعض الأحيان تؤدي إلى وفاته .

وتسمى هذه الحوادث بحوادث الشغل.

و يمكن أيضا أن يتعرض الأجير عند تنقله من سكناه إلى محل شغله أو من هذا الأخير إلى

سكناه إلى مخاطر لا تقل من حيث خطورتها عن مخاطر الحوادث الأولى ، وهي مخاطر السير و الطريق. ويطلق عليها بحوادث الطريق.

كما أن المحيط الذي يشتغل فيه الأجير قد يحتوي على مواد و وسائل ضارة ، وهي ضرورية للقيام بالشغل ، قد تصيب جسمه بأمراض تؤثر على صحته و قدرته المهنية. وتعرف هذه الأمراض بالأمراض المهنية.

و لقد برزت هذه الحوادث والمخاطر بسبب اندلاع الثورة الصناعية و انتشار استخدام الآلات في مجال الشغل أولا ثم في مجال المواصلات ثانيا و استعمال مواد من شأنها إلحاق ضرر بجسم الإنسان. ناهيك عن تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال و النساء في ظروف صعبة و أعمال شقة تتنافى و قدراتهم البدنية.

و انطلاقا من مبدأ تحقيق الحماية الاجتماعية المنشودة للمصابين بتلك الحوادث و الأمراض

عملت معظم الدول – ومن بينها المغرب – إلى سن مقتضيات قانونية لضمان ذلك المبدأ. إذ مرت عملية التقنين في هذا الإطار بمرحلتين أساسيتين:

– المرحلة الأولى تهم عملية مرحلة تطبيق القانون المدني ؛

 -و المرحلة الثانية تخص تطبيق التقنين الخاص بحوادث الشغل و الأمراض

وفي المغرب لم يكن هنالك قبل بسط الحماية عليه أي مقتضى قانوني خاص بحوادث الشغل و الأمراض المهنية و بعد فرض الحماية عليه صدر قانون الالتزامات و العقود الذي تضمن أحكام تتعلق بمسؤولية المشغل عن حوادث الشغل و ذلك من خلال الفصول من 749 إلى 752 التي تحيل على الفصول 77 و 88 من نفس القانون.

إذ احتوى الفصل 749 على مجموعة من الضوابط تهدف إلى الوقاية من حوادث الشغل و الأمراض المهنية في أماكن مزاولة العمل من قبل الأجير و تجعل من المشغل مسئوولا عن مخالفة الضوابط وفق الأحكام المقررة للجرائم و أشباه الجرائم الواردة في الفصول المحالة عليها أعلاه. وبالتالي فإن المسؤولية التي قامت عليها تلك المقتضيات القانونية هي مسؤولية تقوم على خطأ واجب الإثبات بحيث على كل أجير أصيب بحادثة شغل أو مرض مهني كان يتوجب عليه للاستفادة من التعويض أن يثبت أن الضرر اللاحق به قد نتج بفعل أو خطأ المؤاجر. و هذا الإثبات صعب للغاية و غير ممكن إما لكون المشغل لم يرتكب أي خطأ وإما لكون الأجير لا يملك أي وسيلة للإثبات.

هذا الوضع دفع القضاء المغربي مكونا وقتئذ من قضاة فرنسيين إلى سلوك نهج القضاء الفرنسي الذي كان ساريا قبل صدور قانون 9 أبريل 1898 المنظم للتعويض عن حوادث الشغل بفرنسا فأضحى يعتمد حين بته في منازعات حوادث الشغل التي يتسبب فيها شيء تحت حراسة المشغل على أحكام الفصل 88 من قانون الالتزامات و العقود المغربي المقابل للفصل 1384

من القانون المدني الفرنسي و اعتبارا كون القضاء الفرنسي عهدئذ كان يجعل قرينة المسؤولية الواردة بالفصل 1384 المذكور قرينة بسيطة يمكن دحضها من خلال إثبات كون المشغل فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر أو أن الضرر يرجع لحادث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ الأجير فإن القضاء المغربي تأثر بنظيره الفرنسي سار على نفس النهج وهو بصدد إعمال مقتضيات الفصل 88 من قانون الالتزامات و العقود. و هو ما كان يسهل تحلل المشغل من المسؤولية وبالتالي بقاء الأجير دون تعويض.[1] 

لذا أصبح من الضروري إصدار تشريع أكثر حماية للأجير. و لذلك صدر بتاريخ 25 يونيو 1927 ظهير بشأن التعويض عن حوادث الشغل و فيما بعد صدر بتاريخ 31 ماي 1943 ظهير آخر يقضي بتمديد ظهير 1927 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل إلى الأمراض المهنية .وبسبب إدخال تغييرات عديدة على ظهير 1927 المذكور و نتج عن ذلك أن بعض الفصول التي لم تكن في أول الأمر تضم إلا عددا ضئيلا من الفقرات أصبحت تضم عددا كبير منها الأمر الذي أصبح بسببه مزعجا الرجوع إلى النص و صعبا البحث عن المقتضيات التي تنطبق على حالة معينة. لذلك صدر بتاريخ 6 فبراير 1963 ظهير غير من حيث الشكل ظهير1927 [2]و من خلال خطوة غير محسوبة العواقب قام المشرع بتغيير وتتميم ظهير 6 فبراير 1963 المذكور بواسطة القانون رقم 18.01 بموجبه أعاد النظر بالخصوص في الفصول 61 و 83 و 88 و 300 من الظهير المذكور وكلها عبارة عن مقتضيات تتصل بالتعويضات الواجب منحها للعامل المصاب و بالتأمين عليها. وتمثل هذا التعديل و التتميم في الرفع من قيمة هذه التعويضات حالات التأمين عن دفعها. ولأن هذه الخطوة الجريئة من المشرع لم تضع في الحساب ردود الفعل العنيفة التي صدرت عن أرباب العمل و مقاولات التأمين التي تحل محلها في الأداء ، من حيث أنها قد أثقلت كهلها بما لا طاقة لها به،  و في فترة ركود حاد فقد اضطر المشرع أن يتراجع خطوة ما إلى الوراء بسنه لقانون 06.03 الذي يقضي بتغيير الفصلين 83 و 330 من الظهير أعلاه حيث تقرر تخفيض نسبة العجز المعتمدة في حساب الإيراد وحيث تم التراجع عن إجبارية التأمين بالنسبة للأمراض المهنية إذ لاحظ الفقه أن هذه أول مرة يمنح فيهاالمشرع امتيازات مادية للطبقة العاملة ثم يتراجع عنها بعد تنفيذها بوقت وجيز جدا. [3]

وعموما ، فإن ظهير 1963 رفع من الحيف الذي كان يلحق الأجير جراء تطبيق مقتضيات قانون الالتزامات و العقود إذ صارت مسؤولية المشغل عن حوادث الشغل مسؤولية بدون خطأ بحيث تستند على نظرية تحمل المخاطر أو التبعة خلافا لأحكام المسؤولية المعمول به في إطار الأسس العامة للمسؤولية المدنية التي تقوم على خطأ واجب الإثبات و لما كان الأمر كذلك فإن التعويض في إطار نظام التعويض عن حوادث الشغل هو تعويض جزئي لا يغطي جميع الضرر اللاحق بالمصاب ، عكس ما هو معمول به في ميدان المسؤولية المدنية الذي يقرر تعويض كلي شامل.

وعليه تكون مسؤولية المشغل عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية مسؤولية توافقية ما بين المشغل والأجير فإذا كان هذا الأخير يعفى من إثبات خطأ أو فعل مشغله الذي تسبب له في الضرر, فإن المشغل لا يحتمل سوى أداء تعويض جزئي غير كلي.

لكن رغم كل هذه الإصلاحات التي أدخلها على نظام التعويض عن حوادث الشغل فإنها تبقى إصلاحات جزئية لم تحقق كل الحماية المتطلبة للفئة الشغيلة ، كما لم تصل بعد بقواعده الخاصة حد الشمول. [4] فتعدد النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بهذا التعويض و تعدد المساطر وغياب القواعد المتعارف عليها في مجال التأمين الاجتماعي عن المخاطر وضعف التعويضات الممنوحة خاصة لذوي الحقوق وعدم تحيين العقوبات المفروضة على المخالفين لأحكام هذا النظام. وغيرها من الجوانب السلبية ، التي دفعت المشرع إلى نسخ الظهير الشريف الصادر 25 يونيو 1927 المغير من حيث الشكل بالظهير الشريف الصادر في 6 فبراير 1963 وتعويضه بالقانون رقم 18.12. المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.[5]

وفي نفس الإطار عمل المغرب في إطار سياسته الاجتماعية وتحقيقا للعدالة الاجتماعية وللتنمية في مطلع سبعينات القرن العشرين على إرساء معالم المؤسسات تروم تحقيق الحماية الاجتماعية لساكنته، ولعل أبرز مؤسسة تنشط في هذا المجال هي مؤسسة الضمان الاجتماعي، والتي

تسعى بالأساس إلى النهوض بطبقة عريضة من ذوي الدخل المحدود، وذلك من خلال تقديم تعويضات توفر نوعا من الضمان والحماية الاجتماعية من مجموعة من المخاطر التي قد تلحق بفئة لا تحميها نظم قانونية أو أن منسوب الحماية لا يوفر لها الحد الأدنى الحماية حقوقها. تعتبر التعويضات الممنوحة للمستفيدين من الامتيازات المقدمة من طرف الصندوق الوطنيللضمان الاجتماعي حقا لهذه الفئات ولعوائلهم، فهي ليست منحة أو إعانة مقدمة من طرف الصندوق، بل هي تعويضات تقدم أساسا من مجموع مبالغ الاشتراكات المقتطعة من أجور الأجراء ومبالغ الانخراط المقدمة من طرف صاحب المقاولة لفائدة مؤسسة الضمان الاجتماعي.

فنظام الضمان الاجتماعي أطره المشرع المغربي من خلال ظهير 27 يوليوز 1972 إلى جانب مجموعة من المراسيم اللاحقة له وكان آخرها مرسوم رقم بتغيير المرسوم رقم 2.08.358 الصادر ب 5 رجب 1429 )29( 2.19.750 يوليوز) 2008( بتحديد مقدار التعويض العائلي الممنوح من لدن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ،[6]هذا المرسوم كانت الغاية منه تحسين أوضاع العمال بالقطاع الخاص وتخفيف العبء على كاهلهم وذلك في نطاق الإمكانات المتاحة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

فتجليات الإعانات التي تمنح من قبل مؤسسات الضمان الاجتماعي للأسرة عبر بوابة الأجراء تنقسم في طبيعتها إلى تعويضات عائلية وأخرى قصيرة وطويلة الأمد، وهي التي تمنح حسب الحالات والشروط للمستفيدين محددين بموجب نصوص منظمة في ظهير 27 يوليوز 1972 ، والمقصود بالتعويضات القصيرة الأمد تلك المحددة على سبيل الحصر في ثالث أصناف وهي التعويضات اليومية الممنوحة في حالة مرض أو حادث لا يجري عليه التشريع الخاص بحوادث الشغل التعويضات اليومية الممنوحة في حالة الولادة أو الوفاة.[7][8]

و يحتل نظام التعويض عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية و كذا الضمان الاجتماعي مكانة هامة في منظومة الحماية الاجتماعية لما يمتاز به من مؤشرات للوقاية القبلية من المخاطر المهنية و معالجتها حال وقوعها إلى جانب كونه النظام الوحيد للتغطية الاجتماعية الذي يضمن مصاريف و تعويضات و إيرادات وخدمات صحية واجتماعية مختلفة ومتنوعة للتعويض عن جميع الأضرار، سواء تعلق الأمر بالشخص المصاب نفسه، أو ذوي حقوقه في حالة الوفاة. 

ولقد أصبح موضوع حوادث الشغل و الأمراض المهنية يحظى بأهمية واسعة في الآونة الأخيرة نظرا للمكانة التي أصبحت تحتلها الحماية الاجتماعية في بناء السلم الاجتماعي و تيسير سبل التنمية المتوازنة من جهة و التطور القانوني الذي عرفه نظام الحماية و التعويض عن المخاطر المهنية في العصر الحديث من جهة أخرى.

و قد حدد المشرع المغربي في القانون رقم 18.12 المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل الوقائع الخاضعة لهذا القانون، و الأمر يتعلق بحادثة الشغل وحادثة الطريق.

بالنسبة لحادثة الشغل المشرع المغربي لم يعرفها بقدر ما أعطى مجموعة من المحددات التييمكن من خلالها الوصول لمفهوم لها حيث نص في المادة الثالثة من القانون رقم 18.[9]12، على أنه:

“تعتبر حادثة شغل كل حادثة ، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر ، للمستفيد من أحكام هذا القانون ، سواء كان أجيرا أو يعمل بأية صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين ، وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به، ولو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة أوكانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت في خطورتها إلا إذا أثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان سببا مباشرا في وقوع الحادثة.

ويقصد بالضرر في مفهوم هذا القانون كل إصابة جسدية أو نفسية تسببت فيها حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي مؤقت أو دائم للمستفيد من أحكامه.”

في حين نجد أن الاجتهاد القضائي المقارن، كان له السبق لإعطاء تعريفات دقيقة لحادثة الشغل ،انطلاقا

من محدداتها التشريعية، وهكذا نجد أن محكمة النقض البلجيكية قد عرفت حادثة الشغل في قرار صادر

عنها سنة 1962 بأنها : ” تلك الناتجة عن إصابة مفاجئة ، وغير عادية تحدثها قوة خارجية “.

بينما ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن حادثة الشغل هي ذلك الضرر الذي يصيب جسم الإنسان فجأة بفعل عنيف وبسبب خارجي.[10]

و تجدر الإشارة إلى أنه كي يتم إقرار وقوع حادثة شغل فلابد من توفر ثلاثة شورط،أولها أن تحدث الإصابة ضررا بجسم الأجير،و ثانيها أن يكون الفعل فجائيا،و ثالثها أن يكون للحادث علاقة بالعمل.

هذا بالنسية لحادثة الشغل،أما حادثة الطريق فعلى غرار حوادث الشغل لم يعرف المشرع المغربي حوادث الطريق، وإنما اكتفى بتحديد مكان وقوع هذه الحادثة في المادة 4 من قانون 12.18 ، المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الأمراض المهنية التي تنص على أنه: “تعتبر كذلك بمثابة حادثة شغل الحادثة الواقعة للمستفيد من أحكام هذا القانون في مسافة الذهاب والإياب بين: 

  • محل الشغل ومحل إقامته الرئيسية أو إقامة ثانوية تكتسي صبغة ثابتة أو أي محل آخريتوجهإليه بصفة اعتيادية ؛
  • محل الشغل والمحل الذي يتناول فيه بصفة اعتيادية طعامه وبين هذا الأخير ومحل إقامته.[11]

ولا تعتبر الحادثة بمثابة حادثة شغل إذا انقطع أو انحرف الأجير أو المستخدم عن مساره المعتاد لسبب لا تبرره الحاجيات الأساسية للحياة العادية أو تلك المرتبطة بمزاولة النشاط المهني للمصاب.”

وإستنادا إلى هذا النص نلاحظ بأن المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة، لم يعمد إلى إعطاء تعريف لحادثة الطريق، وإنما اكتفى بإطفاء صفة حادثة الشغل عليها مع التركيز على ذكر الشروط اللازمة لقيامها.

ويمكننا اعتمادا على هذا التحديد أن نخلص إلى أن حادثة الطريق هي الإصابة التي تلحق جسم الأجير بفعل خارجي مفاجئ أثناء تنقله من و إلى مقر عمله وفق التحديد التشريعي أعلاه )المادة 4(. دون انحراف أو انقطاع لسبب أملته مصلحة الأجير الشخصية والأجنبية عن الحاجيات الضرورية للحياة العادية أو الخارجة عن نطاق الشغل.[12]

هذا فيما يخص حادثة الشغل و حادثة الطريق أما بالنسبة للأمراض المهنية  فالمشرع المغربي لم يعرف المرض المهني و إنما اكتفى بتحديد صور الاستفادة منه بموجب الفصل الثاني، على خلاف بعض التشريعات  [13]، وقد عرفته منضمة العمل الدولية في إحدى توصياتها بأنه  ” كل مرض لا يصاب به عادة إلا الأشخاص الدين يعملون في مهن معينة ، أو تسمم يحدث بسب المواد المستعملة في مهن معينة ، يجب اعتباره بمثابة مرض مهني يستوجب التعويض عنه ،وذلك إذا كان ذلك الشخص ممن يعملون في تلك المهن. ” 

كما عرفه موسى عبود رحمه الله بكونه “المرض الذي ينشا مباشرة عن الشغل إما بسبب انجاز بعض الأشغال تقتضي استعمال مواد ضارة وإما بسبب بيئة أو وضعية خاصة مترتبة عن انجاز بعض الأشغال” 

و عرفه الأستاد العروصي “كل مرض ينشا بفعل مزاولة نشاط مهني أو ينشا بفعل الأشغال في ظروف معينة أو استعمال مواد ضارة سواء كان نشوءه مباشرة أو بعد مدة من الزمن ” .

فمن خلال هذه النظرة التقريبية للموضوع محل البحث يتضح هذا الأخير لا يخلو من أهميةنظرية و أخرى عملية.

فبالنسبة للأهمية النظرية فإنها تبرز من خلال الأحكام التي يتميز بها نظام التعويض عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية سواء من حيث خصوصيات المسؤولية و التعويض و المساطر المتبعة و التي هي مغايرة للقواعد العامة المعمول بها في هذا الإطار. و تتجلى أيضا من خلال رصد مختلف المستجدات القانونية التي حملها النظام الحالي و مدى كفايتها في تحقيق الحماية الاجتماعية و سبر أغوار الفلسفة التشريعية التي تبنها المشرع في هذا الصدد.

أما على الجانب العملي فتظهر من خلال عدة مستويات ؛ فعلى المستوى القضائي تتجلى أهميته في الكشف عن دور الاجتهاد القضائي في المجال الاجتماعي باعتباره من المصادر التفسيرية للقانون, فالإيجاز والقصور وعدم الوضوح الذي قد يكتسي أحيانا القاعدة القانونية يجعل من دور القضاء أمرا حاسما لتفسير النصوص القانونية و رفع ما يشوبه من غموض و لبس.

و على المستوى الاجتماعي والاقتصادي تبرز الأهمية العملية للبحث أكثر. مادام أن الأمر يتعلق بمنظومة متشابكة من العلاقات داخل دائرة مهنية حيث المصالح متباينة.

و تأسيسا على كل ما سلف ذكره سنحاول تعميق البحث في موضوعنا هذا من خلال بسط الإشكالية التالية:

إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من ضمان و حماية الحقوق و المصالح الاجتماعية للأجير المصاب و ذوي حقوقه من خلال أنظمة التعويض عن حوادث الشغل و الأمراض المنهية و كذا الضمان الاجتماعي.

و للإجابة عن هذه الإشكالية سنحاول العمل وفق آليات علمية أكاديمية تمكننا من الوصول إلى النتائج المطلوبة من هذا العمل العلمي،و سنعمد في هذا الإطار لاعتماد المنهج المقارن 13بهدف الوقوف على مكامن القوة و الخلل ضمن التشريع

  1. المنهج المقارن هو أحد أنواع مناهج البحث العلمي، والذي يعني مقارنة شيئين أو حالتين لاستخلاص نتائج تشرح أوجه الشبه والاختلاف بينهما وهو عملية مقارنة شيئين متماثلين أو أكثر، أي أنه لا يمكن مقارنة ظاهرتين أو حالتين متناقضتين، وذلك بالاعتماد على الظروف المؤثرة عليهما والتي تسمى بالمتغيرّات و يمكن تقسيم المنهج المقارن إلى عدة أنواع، وهي كما يأتي:

المقارنة المغايرة: يكون هذا النوع بين ظاهرتين اجتماعيتين أو أكثر، وتكون أوجه الاختلاف بينهما أكثر من أوجه التشابه، ومثال على ذلك المقارنة بين الطلاق والخلع كونهما نظامين لإنهاء الزواج، ومع أن معناهما واحد إلا أنهما مختلفان من حيث النظام.

المقارنة الاعتيادية: تكون هذه المقارنة بين ظاهرتين اجتماعيتين أو أكثر، ولكن تكون أوجه التشابه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف، مثل دراسة أوجه الاختلاف بين تنفيذ القرارات الإدارية في القضاء ووقف تنفيذ القرارات القضائية.

المقارنة الداخلية: تكون المقارنة الداخلية بدراسة حالة أو ظاهرة واحدة فقط، مثل مقارنة العقد الإداري بين القانون الفرنسي والقانون المغربي.

المغربي،و كذا المنهج التحليلي 14بغية تفكيك المقتضيات القانونية التي لها صلة بمضوع بحثنا،و سيكون ذلك وفق التصميم الآتي ذكره:

  • المبحث الأول: التعويضات المقررة على حوادث الشغل و الأمراض المهنية على ضوء قانون 8.112
  • المبحث الثاني: التعويضات المقررة بظهير 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي

المقارنة الخارجية: يقارن هذا النوع عدة ظواهر اجتماعية مع بعضها البعض، مثل مقارنة نظامين قضائيين أو حالتين اجتماعيتين مختلفتين.

المقارنة العرضية: تكون بمقارنة ظاهرة اجتماعية واحدة، ولكن في أكثر من مجتمع أو منطقة جغرافية أو على فترات زمنية مختلفة

المقارنة الطولية: يكون هذا النوع بمقارنة ظاهرة اجتماعية واحدة في مجتمع واحد، ولكن خلال فترة زمنية طويلة، ويكون الهدف من هذا النوع دراسة تطور الظاهرة أو التغيير التي طرأ عليها خلال الزمن

  1. المنهج التحليلي أحد المناهج المتخصصة المستخدمة من جانب الباحثين بهدف تحليل البيانات و تفصيل الدراسات العلمية والبحوث والتي تشمل بمفهومها الواسع ترتيب المهام , ومن ثم توضيح الاسباب , والوصول الى النتائج ،و يرتكز المنهج التحليلي على عمليات ثلاث و هي:
  2. التفسير: يعتبر التفسير من أهم عناصر المنهج التحليلي ، حيث يقوم الباحث من خلاله بشرح موضوع بحثه العلمي ، من خلال اعتماده على تفسير النصوص والابحاث التي تخص بحثه العلمي بهدف العثور على الثغرات والمعلومات الواجب استكمالها من جهة، ومعرفة المشكلات المتواجدة في الأبحاث التي تمت دراستها والسعي إلى ايجاد حلول لها. 
  3. النقد: يقوم الباحث من خلال النقد بتحديد المعلومات الصحيحة والخاطئة التي ترتبط ببحثه العلمي , ومن ثم يلجأ إلى نقد الأبحاث العلمية المتعلقة به , ويتجلى الهدف من ذلك في تصحيح المفاهيم الخاطئة لهذا الموضوع , ومن اهم النقاط الواجب على الباحث الالتزام بها هو عدم التركيز على الجوانب السلبية فقط , بل ويجب أيضا اعطاء اهمية للأمور الصحيحة في البحث الذي يقوم به.
  4. الاستنباط: يقوم الباحث في هذه المرحلة بدراسة جميع الأمور والتفاصيل الصغيرة المتعلقة ببحثه حتى يستطيع في النهاية استنتاج أحكام جديدة وصحيحة منها ، كما يندرج تحت بند الاستنباط.

المبحث الأول: التعويضات المقررة على حوادث الشغل و الأمراض المهنية على ضوء قانون 18.12

من خلال هذا المبحث سنتطرق للتعويضات المقررة عن حوادث الشغل )المطلب الأول( و كذا التعويضات المقررة على الأمراض المهنية )المطلب الثاني(

المطلب الأول:  التعويضات المستحقة للأجير عن حوادث الشغل والامراض المهنة 

   خول المشرع بموجب قانون 18.12 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية   للأجير المصاب الحق في مجموعة من التعويضات والإيرادات تختلف بحسب درجة العجز الدي لحق به من جراء الحادثة أو المرض المهني ، وما إدا كان عجزا مؤقتا   بحيث يمتد لفترة معينة يكون الأجير المصاب خلالها محقا في العلاج والعناية الطبية وفي التعويضات اليومية . ما إدا كان العجز دائم بحيث لا يكفي خضوعه لمجرد علاجات أولوية أو توقفه مؤقتا عن العمل بل تؤثر هده الإصابة على قدرته على العمل فإنه والحالة هده يستحق إيراد عن عجزه الدائم ، وقد ينجم عن الحادثة الشغل أو المرض المهني وفاة الأجير فيخول لدوي حقوقه إيراد سنويا يمنح لهم ابتداء من تاريخ الوفاة . لذا سنتطرق من خلال هذا المطلب  للحديث عن التعويضات الواجبة للمصاب عن العجز المؤقت )الفقرة الأولى ( ، على أن نتطرق الى التعويضات في حالة العجز الدائم ) الفقرة الثانية ( والتعويض في حالة الوفاة ) الفقرة الثالثة( .

الفقرة الأولى : التعويض عن العجز المؤقت 

يستحق الأجير المصاب بعجز مؤقت تعويضا يوميا 15عن مدة العجز المؤقت عن العمل تساوي ثلثي  16 . الأجر اليومي  حسب الفقرة الثانية من المادة 61 من القانون رقم 18.12 ، بالرغم من أنها تعتبر غير كافية ووجب تعديلها والعمل على منح الأجر الكامل للأجير ابتداءا من أول يوم يلي الحادثة  على غرار الأجير المصاب بحادث شغل بحرية حيث يستحق أجرته كاملة خلال مدة عجزه 17 .

ويستحق التعويض اليومي كامل ابتداء من اليوم الذي يلي وقوع الحادثة أما اليوم الحادثة فلا يعوض عنه بل يتقاضى عنه أجره اليومي كاملا باعتباره يوم عمله ، وذلك وفق القاعدة   التالية : 

                  الأجرة اليومية x مدة العجز المؤقت دون احتساب يوم وقوع الحادثة مقسوم على ثلث.  

 والمحكمة قبل انتقالها لحساب التعويض تتأكد من طبيعة الحادثة ـ هل وقعت أثناء القيام بالعمل ووجود علاقة تبعية ـ  ومن تاريخ وقوعها ، لأن تاريخ وقوع الحادثة يفيد في تحديد القانون الواجب التطبيق .كما أن تحديد مكان الحادثة يساعد كذلك في تحديد القانون الواجب التطبيق ، فحوادث الشغل البحرية يطبق عليها  القانون البحري اللهم إذا انعدم النص القانوني ، كحالة إصابة البحار )الاجير( بحادثة شغل خلفت له عجزا ، ففي هذه الحالة وأماما عدم تنظيمها من

  1. ـ على عكس المشرع المغربي الذي جعل التعويض جزئيا لا يتعدى ثلثي  الأجرة اليومية ، هناك تشريعات عربية تمنح الأجير المصاب بعجز مؤقت أجرته اليومية كاملة طيلة عجزه ومن هذه التشريعات: 

ـ المشرع المصري منح للمصاب بحادثة شغل نتج عنها عجز مؤقت عن العمل ، تعويضا يساوي أجره كاملا بموجب المادة 490 التي تنص على ” :

إذا حالت الإصابة بين المؤمن عليه وبين الأداء عمله بسببها تعويضا عن أجر يعادل أجره المسدد عنه الاشتراك  ويصرف هذا التعويض للمصاب في المواعيد صرف الأجور بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم أو ثبوت العجز المستديم ـ الدائم ـأو حدوث وفاة ، وتعتبر في حكم الإصابة انتكاس أو مضاعفة تنشأ عنها ويتحمل صاحب العمل أجر يوم الإصابة ، أيا كان وقت وقوعها ويقدر التعويض اليومي على أساس الأجر الشهري المسدد عنه الاشتراك مقسوما على ثلاثين” 

ـ المشرع الكويتي ، حيت تنص المادة 40 من القانون رقن 61 لسنة 1976 على أنه ” إذا حالت الإصابة بين المؤمن ـ الأجير ـ وبين أداء عمله أو

وقف صرف مرتبه على أن تؤدى المؤسسة له خلال فترة تخلفه عن عمله بسببها معونة مالية تعادل هذا المرتب ، ولا يجوز إنهاء خدمة المؤمن عليه أثناء هذه الفترة.” 

  1. ـ تختلف التشريعات العربية في تحديد التعويض اليومي عن العجز المؤقت ، مثل التشريعات العربية : 

الفصل 35 من القانون التونسي رقم28 ، ” الغرامة اليومية ـ التعويض اليومي ـ يساوي ثلثي الأجرة اليومية للأجير  المصاب ابتداء من اليوم الموالي لوقوع الحادثة علة أساس لأن يوم الحادثة هو يوم الشغل. 

ـ المادة 28 من القانون السوري بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 92 لسنة 1959 المعدل بالمرسوم التشريعي رقم 35 سنة 1976 ، جعلت التعويض اليومي محدد على أساس 80 % من الأجر اليومي للأجير المصاب. 

  1. ـ وذلك شريطة أن تكون مدة علاجه ضمن حدود التالية: 

إذا أنزل البحار المصاب إدخاله المستشفى أجره كاملا ليس فحسب حتى يتم شفاؤه وإنما حتى يتم إرجاعه الى وطنه على نفقة السفينة .

ـ إدا  أدخل الى المستشفى ولو بعد إعادته الى وطنه فإنه يستحق أجرته الى حين مغادرة المستشفى 

ـ إدا انزل بسبب المرض في ميناء يعتبر فيه أن أرجع الى وطنه ولكن حالته الصحية لا تستدعي دخوله المستشفى أو لا يمكن دخوله لأسباب خارجة عن إرادته  فإنه يستحق أن تدفع أجرته على الأساسية  مضافة اليها منحة الطعام ……. 

قبل ظهير 30 دجنبر 1961 ، او من قبل الاتفاقيات المبرمة في هذا الخصوص ، فالقانون الواجب التطبيق بهذا الخصوص هو قانون حوادث الشغل ) البرية ( القانون رقم 18.[14]12.

كما تتحقق المحكمة من قيام العلاقة الشغلية التي يجب أن تكون بعقد صحيح ، وإن كان المشرع المغربي أخد بحرية الإثبات فذلك لا يعني أنه يمكن تطبيق مقتضيات القانون 18.12 على الأجراء الذين  تربطهم بمشغلهم عقود باطلة ، فما بني على باطل فهو باطل ، وأن الأثار والحماية القانونية لأي عقد مشروطة بصحته ، وبذلك إذا مكان العقد الرابط بين الأجير المصاب والمشغل باطل فإننا نرى أنه لامجال لتطبيق مقتضيات القانون 18.[15]12 .

ثم تقوم المحكمة كذلك بمراقبة الأجرة الأجير ومدى ثبوتها ليتم اعتمادها في حساب   التعويض ، أما إن لم يتم إثباتها فيتم اعتماد الحد الأدنى للأجر لتعلقه بالنظام العام في احتساب التعويض

 . [16]

كما تعتمد تقرير الخبرة بعد مراقبة مدى التزام الخبير بالنقاط التي حددها الحكم التمهيدي واعتماد العناصر القانونية والضرورية الكافية لتقدير نسب العجز واستفاء الخبرة لكافة الشروط الشكلية والموضوعية ، ثم المصادقة عيله [17].

وعليه يتحمله المشغل أو مصاريف التنقل والعلاج والأجهزة الطبية وذلك حسب مقتضيات المادة 37 من قانون 1812. ، المصاريف التالية سواء ترتب عن الحادثة انقطاع المصاب عن العمل أم لا وهذه المصاريف تتمثل في أحقية الأجير المصاب في استرجاع المصاريف التي أنفقها من أجل العلاج وهي[18][19]

ـ مصاريف التشخيص والعلاجات الطبية والجراحية والصيدلية ومصاريف الاستشفاء ومصاريف التحليلات والفحوصات ن ومصاريف الواجب أدائها للأطباء والمساعدين الطبيبين وعموما جميع مصاريف التي يستجوبها علاج المصاب. 

ـ مصاريف نقل المصاب الى محل إقامته الاعتيادي أو الى المؤسسة عمومية أو خصوصية للاستشفاء والعلاج الأقرب من مكان وقوع الحادثة. 

ـالمصاريف التي تفرضها الحادثة المتعلقة بنيل واستبدال أو تقويم الأعضاء أو إصلاحها أو تجهيزها ، وكذا إصلاح أو تعويض الأجهزة التي فرضت استعمالها عاهة سابقة ولم لم تكن ناتجة عن حادثة  شغل ، والتي أفسدتها حادثة شغل ، التي تعرض لها المصاب من جديد. 

وقد خول المشرع للأجير المصاب من جراء حادثة الشغل أو مرض مهني كامل الحرية في اختيار الطبيب المعالج ، أو المستشفى التي سيباشر فيها العلاج بشرط أن يكون الطبيب المعالج من بين الاختصاصين المرخص لهم قانونا ، في مزاولة مهنتهم في المغرب ، أما المشرع الفرنسي فقد منح الأجير المصاب الحق في اختيار الجهة العلاج ، والطبيب الذي يقع عليه اختيار جهة الضحية ، ولا يطلب هذا الأجير بدف أي أتعاب مقابل الرعاية التي بذلها له الا في حدود التي يتجاوز فيها الأجر المستحق له للأجور التي تتعامل على أساسها الصناديق الضمان الاجتماعي ، وأن اقتضى الحالة المصاب الإقامة في المستشفى فإن المشرع الفرنسي أورد قيدين على إرادته في اختيارها ، وذلك متى كانت غير تابعة لصناديق الضمان الاجتماعي أو ليست مستشفى عموميا ، إذ يتعين أن يكون مرخصا له في رعاية المصابين بحادثة تشغيل ن ومنح هذا الترخص يرتبط بإمكانيته الفنية في مجال العلاج والرعاية [20].

الفقرة الثانية : التعويض عن العجز الدائم 

إذا انتهت فترة العلاج ولم يشفى  الأجير من إصابته فمعنى هذا أنه أصبح عاجزا عجزا دائما عن العمل  ، وهذا العجز الدائم إما أن يكون كليا أو جزئيا فإن الأجير المصاب يستحق إيراد يعتمد في تحديده علو الأجر السنوي ونسبة العجز ، وهوما ما يفرض علينا تحديد الأجر السنوي ، ثم كيفية حساب الايراد.  

أولا : كيفية تحديد الأجر السنوي 

يعتبر الأجر عنصر أساسيا في تحديد التعويض عن العجز الدائم ، يخول للأجير المصاب بعجز دائم ايراد وفق قانون 18.12 سواء كان العجز الدائم كليا او جزئيا ، بحيث يكون العجز كليا إدا حال دون قدرة الأجير على مزاولة أي عمل ، في حين يكون العجز الدائم جزئيا إدا لم يترتب عنه فقد القدرة على كسب نهائيا [21] .

وقد تبني القانون 8.112 نفس تعريف العجز الوارد في المادة 80 ، الدي كان يتضمنه الفصل 85 من ظهير 1963 معتبرا إياه بمثابة انخفاض في القدرة المهنية الناتجة عن الحادثة والمحددة بالنسبة للقدرة التي كانت لمصاب مباشرة قبل وقوع الحادثة [22]. وقد حدد القانون 18.12 المعايير [23]، التي تؤخذ بعين الاعتبار لتحديد نسبته  وهي نوع عاهة المصاب وحالته الصحية العامة وسنه وقدرته الجسدية والعقلية والنفسية وأهليته واختصاصه المهني [24]. وعموما فإن الإيراد يحدد على عنصرين ، وهما نسبة العجز والأجرة السنوية. 

العنصر الأول : الأجرة السنوية 

تبنى المشرع في قانون 18.12 نفس الأحكام التي كان يتضمنها ظهير 1963  بخصوص الأجرة السنوية معتمدة لاحتساب الإيراد .وفي هدا الإطار نص المشرع في المادة 105 من قانون 18.12 أن تقدير هذا الإيراد يتم على أساس الأجرة السنوية للمصاب أي على أساس الأجر الفعلي الدي تقاضاه خلال 12 شهرا السابقة لتاريخ وقوع الحادثة. 

أما إذا كان الشغل غير متواصل أو عدد أيام الشغل يقل عن ثلاث مئة يوم خلال اثنا عشر شهرا السابقة لتاريخ وقوع الحادثة ، تحتسب الأجرة السنوية المعتمدة لاكتساب الإيراد على أساس المتوسط ما تقاضاه وما كان سيتقاضاه المصاب لأتمام فترة الثلاث مائة يوم [25]

وبالنسبة لعناصر الأجرة المعتمدة فقد  استثنى منها القانون 18.12 التعويضات العائلية ، وهو نفس ما كان يتضمنه ظهير  ظهير 1963 .

العنصر الثاني : نسبة العجز 

يقصد بيها انخفاض الحاصل على القدرة المهنية للأجير الناتجة عن الحادثة ، وهو عبارة عن نسبة مئوية من القدرة التي كانت للمصاب قبل وقوع الحادثة [26].

 ثانيا : كيفية حساب الإيراد 

 طبقا للمادة 82 من القانون 12-18 ، فإن الإيراد الممنوح للمصاب بعجز دائم عن العمل يساوي الأجرة السنوية مضروبة في نسبة العجز التالية:

 نصف نسبة العجز الدائم عن العمل عندما لا يتعدى العجز 30% مثال: 

إذا أصيب أجير بعجز دائم قدره 20% فإن الإيراد يساوي الأجرة السنوية مضروبة في 10%.

ـ%  15 زائد الجزء الذي يتعدى 30% مضاف إليه نصف هذا الجزء بالنسبة للعجز الدائم عن العمل ما بين 30% و 50%.

مثال: 

إذا أصيب أجير بعجز دائم عن العمل قدره 40% فإن الإيراد يساوي الأجرة السنوية مضروبة في 15 + 10 + 50 ، أي الأجرة السنوية مضروبة% 30 .

45 % زائد الجزء الدي يتعدى 50% بالنسبة للعجز الدائم عن العمل الدي يتجاوز %50.

مثال:

 إذا أصيب أجير بعجز دائم قدره 60%، فإن الإيراد يساوي الأجرة السنوية مضروبة في 45 + 10 أي الأجرة السنوية مضروبة في 55%. 

ويلاحظ من خلال نسب العجز المعتمدة لتحديد مبلغ الإيراد، فإن المشرع اتبع طريقة حسابية ،يترتب عليها تخفيض قيمة تلك النسب. فمن خلال الأمثلة أعلاه يتبين أن الأجير المصاب بعجز نسبته% 20% و 40% و 60% تتحول نسبة عجزه

وعليه فإن  تحديد قيمة التعويض على أساس الأجرة السنوية ونسبة العجز تطرأ عليها مؤثرات تؤدي إما الى الزيادة في قيمة التعويض  ، كما لو استعانة الأجير المصاب بشخص أخر  لقضاء أعمال حياته العادية ، أو تفاقمت عاهته  ، حيت خول له المشرع بموجب هدا القانون الحق في رفع قيمة التعويض أي الرفع  من مبلغ الإيراد [27].وقد تؤدي هده المؤثرات الى تخفيض من قيمة الإيراد أو الغائها كما لو تغيرت نسبة العجز تحسنت ، فهدا من شأنه أن يؤثر على مبلغ الإيراد عن طريق مراجعته ، حيث يمكن للمشغل أو مؤمنه ، في حالة انخفاض عاهة المصاب ، إقامة دعوى أمام المحكمة الابتدائية المختصة من أجل مراجعة الإيراد ناف الممنوح للمصاب من

ضرورة عرضه على الخبرة طبية [28]. وهدا ماجاء في قرار محكمة الاستئناف بوجدة[29]  حيت جاء في إحدى حيثياته ” …. وإن حالة المصاب قد تحسنت وأصبحت نسبة العجز الدائم لديه محددة في 10% متلمسة مراجعة الإيراد الممنوحة للضحية والتخفيض منه الى نسبة 10% التي تتماشى معه” 

أما فيما يخص الخطأ العمدي المقترف من طرف الأجير فقد نصت عليه المادة 155 من نفس القانون على انه ” لا يمكن منح مصاريف والتعويضات المنصوص عليها في هدا القانون للمصابين ولدوي حقوقه ، إدا ثبت أن الحادثة عن خطأ متعمد من طرف ” 

والملاحظ أن المشرع المغربي وعلى غرار الحماية الاجتماعية التي يولها الأجير المصاب بحادثة شغل أو مرض المهني  ولذوي حقوقه في حالة وفاته إلا أن هذه الحماية الاجتماعية تنمحي نتيجة تعمد الأجير إحداث الضرر بنفسه نتيجة افتعال حادثة شغل ، قصد حصول على تعويض في إطار قانون 18.12 بنقيض قصده عندما حرمه المشرع في هده الحالة كليا من التعويض.

الفقرة الثالثة : التعويض في حالة الوفاة 

إذا توفي الأجير جراء إصابته بحادثة شغل أو حادثة طريق ، أو مرض مهني استحق ذوي الحقوقه إيراد ، يعتمد في حسابه على الأجرة السنوية المحددة وفق نفس الطريقة المعتمدة بالنسبة للإيراد الممنوح للمصاب بعجز دائم كما سبقت الإشارة اليه أعلاه ، تعويضات ذوي الحقوق سواء الأمر بالزوج المتوفي عنه أو اليتامى أو الأصول والكافلين 

أولا: ايراد الزوج المتوفي 

يشترط لاستحقاق الزوج الباقي على قيد الحياة إيراد عمريا أن يكون الزواج قد انعقد قبل وقوع الحادثة .ويحدد مقدار هذا الإيراد في 50 من أجرة المصاب السنوية [30].فالقانون 18.12 رفع من قيمة الإيراد المستحق لذوي حقوق الأجير المتوفي بسبب حادثة شغل ، حيث حدد الإيراد المستحق للزوج المتوفي عنه 50 بالمئة من الأجرة السنوية للهالك بغض النظر عن سن الزوج تاريخ الحادث. 

غير أنه في حالة زواج الأرملة يسقط حقها في الانتفاع بالجزء الممنوح لها من الإيراد وقد تمنح تعويضا نهائيا يساوي مبلغه ثلاث مرات الجزء المذكور ، إلا إذا كان لها أولاد حيث تستمر في هذه الحالة في الاستفادة من الإيراد مادام أحد أولادها يتقاضى إيرادا ، ويؤجل حصولها على ذلك التعويض النهائي الى أن تسقط حق آخر الأولاد في الاستفادة من الإيراد [31]

فإذا توفي المصاب وهو ملزم بقضايا النفقة الى المطلقة واحدة أو أكثر ، بدفع الإيراد الى مطلقة أو مطلقات بعد تخفيضه الى مبلغ النفقة المستحقة دون أن يتجاوز 20 بالمئة من الأجر السنوي للمصاب أيا كانت عدد النفقات ، على أنه في حالة وفاة إحدى المطلقات ،فإن نصيبها من الإيراد يضاف الى نصيب المطلقة الأخرى أو المطلقات الأخريات ، دون أن يتجاوز إيرادهن الجديد مبلغ النفقة [32].

ثانيا : الإيراد الممنوح لليتامى

إلى جانب الزوج المتوفى عنه، يستحق فروع الأجير المتوفى على إثر تعرضه حادثة شغل أو المرض المهني، إيرادا سنويا نظمت أحكامه مقتضيات المواد من 95 إلى 102 من القانون 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، ويمنح الحق في الإيراد لليتامى الذين فقدوا الأب أو الأم جراء حادثة شغل أو مرض مهني البالغين اقل من 16 سنة أو 21 سنة إذا كانوا يتابعون دراستهم بالمغرب أو بالخارج، ودون حد السن بالنسبة لليتامى من ذوي الاحتياجات الخاصة ،إذا كانوا عند وفاة المصاب[33]بالحادثة يستفون الشروط المنصوص عليها في المادتين 2 و 21 من القانون المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين [34][35]، ويكتسبون صفة إعاقة قبل

بلوغهم حدود السن القانونية المذكورة أعلاه. ويقدر هذا الإيراد على أساس أجرة الهالك السنوية بنسبة 20% من هذه الأجرة إذا تعلق الأمر بولد واحد، و 30% إذا تعلق الأمر بولدين و 40% إذا كانوا ثلاثة مع زيادة 10% في الإيراد عن كل ولد إضافي [36]. أما إذا أصبح الولد فاقدا الأب والأم معا على إثر الحادثة و أصبح يتيما بعدها قبل بلوغه حد السن التي لا يجوز له فيها الانتفاع من الإيراد، فإن مبلغ هذا الأخير يرفع إلى 30%[37] ، بخصوص انقضاء حق اليتيم في الاستفادة من الإيراد إذا تزوج، بمعنى أنه يمكن للولد الذي يبلغ من العمر 22 سنة مثلا ويتابع دراسته و تزوج ، فمن حقه الاستفادة من الإيراد حتى بعد زواجه وذلك في ظل القانون 18.12.

ثانيا :الإيراد الممنوح للأصول والكافلين   

لا تؤثر وفاة الأجير من حادثة شغل أو من مرض مهني على زوجه أو فروعه فقط وإنما قد يتأثر ماديا أيضا من هذه الوفاة أصوله الذين كانوا يعتمدون عليه المواجهة متطلبات حياتهم اليومية لذلك تخول مقتضيات قانون 18/12 لهؤلاء الحق في الحصول على إيراد سنوي، وذلك بشروط نص عليها المشرع في المواد 103 و 104 من قانون 12-18 المتعلق بالتعريض عن حوادث الشغل. والمقصود بأصول الأجير المتوفى من جراء حادثة الشغل أو المرض المهني أبواء )الأب أو الأم( وكذلك الأجداد من الجانبين أي من جهة الأب ومن جهة الأم. يخول كل واحد من الأصول أو الكفلين الذين كان وقت الحادثة تحت كفالة هذا الأخير أو يثبت إمكانية حصوله على نفقة من الهالك، إيرادا عمريا يعادل 15% من الأجرة السنوية للمصاب حتى ولو كان للأجير المتوفى زوج أو فرع [38]، دون أن تفوق مجموع الإيرادات الممنوحة للأصول والكافلين% 30% من أجرة المصاب السنوية مع تخفيض إيراد كل واحد من الأصول والكافلين تبعا لنسبته في الإيرادات، إذا تجاوز مجموع الإيرادات الممنوحة 30بالمئة .

 ومن خلال هذا النص يتضح أن شروط الاستفادة من الإيراد المخصص للأصول يتطلب أن يكونوا وقت الحادثة أو الإصابة المرضية في كفالة الهالك الهالك وأن يثبت الأصل عوزه وكبر سنه وأن حالته الصحية كانت تمنعه من سد حاجاته بدخله الخاص. 

ويمكن إثبات هذه الواقعة المادية بمختلف وسائل الإثبات .وغالبا ما يتم الإدلاء أما المحاكم ،في هذا الشأن بشهادة اللفيف يشهدون بالواقعة المذكورة ، وبكفالة الهالك لأصوله، ولا تعنى هذه الشهادة أنهما لا يتوفران على أي مصدر للعيش بل يمكن أن يكون دخلهما غير كاف لسد  الحاجيات الضرورية، ولا بد لهما من مساعدة يقدمها لها ابنهما الوحيد أو من باقي الأبناء بحيث لا يشترط النص أن يكون المالك هو السيد الوحيد الإعالة أصوله، غير أن هذه الإيرادات

الممنوحة لكفالة ذوي الحقوق المذكورين لا يمكن أن تتجاوز في مجموعها 85% من مبلغ

الأجرة السنوية التي اعتمدت كأساس الحساب تلك الإيرادات وفي حالة تجاوز هذه النسبة فإن الإيرادات تكون موضوع تخفيض نسبي [39]. حيث يتم هذا التخفيض بضرب النسبة الحقيقية المقررة قانونا لصاحب الحق في نسبة 85% والتي لا يمكن تجاوزها، ثم قسمة الخارج على مجموع النسب القانونية المحصل عليها في النازلة والمستحقة لكافة ذوي الحقوق.

المطلب الثاني:مسطرة الحصول على التعويضات المقررة بقانون 18.12

قد جاء القانون 18.12 بعدة مستجدات بخصوص مسطرة الإستفادة من التعويضات التي أقرها ،كما حافظ المشرع في إطار هذا القانون على الثنائية  [40]المسطرية في حوادث الشغل ، فإن مسطرة الاستفادة من التعويض في ظل القانون الجديد تمر عبر مرحلتين المرحلة الأولى هي المرحلة ما قبل القضائية )الفقرة الأولى(، والمرحلة الثانية هي المرحلة القضائية )الفقرة الثانية(.

الفقرة الأولى : المرحلة ما قبل القضائية

انطلاقا العناية التي ما فتئ المشرع المغربي بوليها للطبقة العاملة مسطرة أكثر ليونة للتصريح بحادثة الشغل، وهذا جاء على إثر ا الاصلاحات باشرها هذا الأخير مؤخرا في مجال الحماية الاجتماعية، عند إصابة الأجير بواقعة من الوقائع المنصوص عليها فى القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل وحتى يستفيد الأجير المصاب بحادثة الشغل من التعويضات يجب عليه المرور بعد إجراءات مسطرية، منها إخبار وتصريح مشغله بالحادث )أولا،( 

قبل اللجوء الى مسطرة الصلح )ثانيا.(

أولا: الإخبار بالحادثة

على  الرغم من أن المشرع أبقى في مجال حوادث الشغل على المسطرة الإدارية المتعلقة بضرورة إخبار المشغل للمدير الإقليمي للشغل، بكل حادثة شغل تحت طائلة غرامة مالية  [41]فإن الهدف من ذلك، أصبح مجرد ضبط إحصائيات حوادث الشغل. وعلى غرار ظهير

1963، أوجب القانون 18/12 على المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم إخبار المشغل أو أحد مأمورية، بوقوع الحادثة في اليوم الذي طرأت فيه أو في ظرف 48 ساعة، ما

عدا في حالة القوة القاهرة أو الإستحالة المطلقة أو الأسباب مشروعة، ويتعين على المشغل فور إخباره بالحادثة تسليم المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم شهادة تتضمن بصفة خاصة إسمي المشغل والمصاب بالحادثة وعنوانهما، ونوع الحادثة وتاريخ وقوعها واسم المقاولة المؤمنة ،ورقم بوليصة التأمين، ورقم تسجيل المصاب بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي [42]، مع

إخبار المدير الإقليمي للتشغيل بكل حادثة شغل تقع في دائرة اختصاصه الترابي خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ

وقوعها على أبعد تقدير. فإنه مع ويعتبر الزام المشغل بتسليم المصاب أو ذوي حقوقه، تلك الشهادة مباشرة بعد إخباره بالحادثة أمرا في صالح المصاب، لأن التأخير في تسليمها من شأنه أن يكون سببا في تحميله أداء مصاريف الإستشفاء والعلاج، إذا كان يتحملها المشغل أو مؤمنه .

ذلك يمكن للمصاب أن يتحملها إذا لم يقدم تلك الشهادة إلى المؤسسة العمومية أو الخصوصية أو الطبيب المعالج الذين تكفلوا باستشفاء المصاب وعلاجه. أما بخصوص البيانات التي يتعين تضمينها في هذه الشهادة فيلاحظ أن بعضها لا يتناسب مع وضعية بعض المشغلين، كما هو الشأن بالنسبة لمن يشغل في منزله عاملا منزليا، حيث لا يعتبر ملزما بتسجيله في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبالتالي لا يستطيع تضمين هذه الشهادة رقم تسجيل المصاب بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بل لن يتوفر حتى على اسم المقاولة المؤمنة ورقم بوليصة التأمين، ما دامت الزامية هذا التأمين تفرض على المشغلين الخاضعين لنظام الاجتماعي، التوفر عليها والذي ما زال لم يمدد للعمال المنزليين [43].

وتجب الإشارة أن هذه الأمور لا تعتبر من المستجدات، بل كانت تنص عليها مقتضيات الفصلين 14 و 18 من ظهير 1963، على أن ما يعتبر هنا مستجدا هو تمديده أجل إخبار المصاب مشغله بالحادثة ليصبح 48 ساعة بعدما كان 24 ساعة في ظل ظهير 1963، والإبتعاد عن ركاكة الأسلوب التي كانت تطرحها ترجمة مقتضيات ظهير 1963، حيث نصت المادة 14 من القانون 18/12 على أن المشغل يسلم المصاب مقابل تصريحه شهادة، وليس ورقة كما كان يشير إلى ذلك الفصل 18 [44]من ظهير 1963 ، غير أن الملاحظ على هذه المقتضيات بأن

المشرع لم يقرن مخالفة إخبار المشغل بالحادثة داخل أجل 48 ساعة على الأكثر بحواء، وهو ما يجعل احترام هذه الفترة يدخل في باب الالتزام الأخلاقي وليس القاعدة الأمري، كما أن المشرع لم يقيد عملية إخبار المشغل بوسيلة معينة، وهو ما يعني أن الإخبار يعتبر صحيحا مهما كانت الوسيلة المستعملة، سواء كان شفهيا، أو كتابة، أو عن طريق البريد الإلكتروني، كما أن عدم تعين وسيلة للإخبار، يطرح إشكالا بخصوص كيفية إثبات قيام المصاب أو ممثله بعملية الإخبار، متى امتنع المشغل عن تسليمه الشهادة المذكورة، وذلك في حالة نزاع مثلا حول مادية الحادثة أو مدى وقوعها أثناء قيام المصاب بالعمل أو بمناسبة ذلك.

وضعت المادة 17 من القانون 1812 على عاتق المشغل التزاما يقضى بضرورة إخبار المشغل المدير الإقليمي للتشغيل بكل حادثة شغل داخل أجل خمسة أيام من تاريخ وقوعها ،وموافاته عند الاقتضاء مقابل وصل بالإيداع بنسخة من التصريح بالحادثة داخل أجل خمسة أيام من تاريخ إبداعه لدى شركة التأمين أو إرساله برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، وبالنسبة لكيفية الإخبار نلاحظ أن المشرع لم يحدد طريقة لإخبار مفتش الشغل بالحادثة، وهو ما يعني أن أي وسيلة يتحقق بها الإخبار تعتبر جائزة للقيام بهذه العملية، هذا ولا تعتبر مسألة إخبار السلطة المكلفة بالتشغيل بالحادثة مستجدا من مستجدات القانون 18/12 بل كان ينص عليها ظهير 1963، غير أنه كان يلقي هذا الإلتزام على عاتق السلطة التي تلفت التصريح بحادثة شغل السلطة المحلية أو الدرك أو الشرطة( التي كان عليها إخبار العون المكلف بتفتيش الشغل بالعواقب النهائية لحادثة الشغل داخل أجل 24 ساعة من تاريخ إبداع شهادة الشفاء النهائية لديها..

وإذا كانت الغاية من عملية إخبار المشغل، وقيام هذا الأخير بإخبار السلطة المكلفة بالشغل، هو تداول المعلومة حول وقوع حادثة الشغل، فإن الغرض من عملية التصريح بالحادثة ،ليس فقط هو إيصال المعلومة بل إحداث آثار قانونية، باعتبار التصريح بالحادثة هو مرحلة تحضيرية المرحلة الصلح مع شركة التأمين [45]وتخويل الأجير الحق في الإستفادة من التعويض.

ثانيا : التصريح بالحادثة

يجب  على المشغل أو أحد مأموريه أن يصرح للمقاولة المؤمنة بكل حادثة أخبر بها أو علم بها ولو استمر المصاب في عمله خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ وقوعها على أبعد تقدير، وذلك بإبداع التصريح لدى المقاولة المؤمنة مقابل وصل بالإيداع أو بإرساله بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالتوصل بها في حالة القوة القاهرة أو الاستحالة المطلقة أو أسباب مشروعة حيث لا يعتد بذلك الأجل [46]،وتتجلى أهمية النص على التصريح بحوادث الشغل كإجراء دقيق للبث في قضايا حوادث الشغل هو توفير الحماية القانونية  [47]للعامل المصاب.

وقد جاء هذا المقتضى ليحقق الملائمة مع ما تنص عليه المادة 20 من مدونة التأمينات التي ألزمت المؤمن له )المشغل( بإشعار المؤمن بكل حادث من شأنه أن يؤدى إلى إثارة وضمان المؤمن وذلك بمجرد علمه به وعلى أبعد تقدير داخل اجل 5 أيام الموالية لوقوعه.

ويلاحظ مما سبق أنه خلافا للقانون السابق الذي كان يسمح للأجير السن ممثله بالتصريح بالحادثة أو بالمرض إلى الجهة المختصة إلى غاية الصرام ف الثانية المرابية التاريخ الحادثة [48]، وفى حالة تماطل المشغل أو ماموره في التصريح فإن القانون الحار في ظرف يجعل من

48 ساعة التالية لإخطاره باستثناء أيام الأحد والعطل لها صلاحية التصريح بالحان المشغل أو أحد مأمورية الجهة الوحيدة التي. إلى المقاولة المؤمنة، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم التصريح بها في حالة تعامل المشغل أو امتناعه عن التصريح [49]. وقد حدد القانون 18/12 الكيفيات التي يتعر أن يتم بها التصريح، ذلك أن هذه العملية تتم عن طريق تهيئة نموذج  للتصريح بحادثة شغل من طرف المشغل وإرفاقه بالشهادة الطبية الأولية وبمحضر من الضابطة القضائية أو صل معاينة الحادثة في حالة وقوع حادثة الطريق أثناء مسافة الذهاب والإياب ما لم تحل دون ذلك أسباب مشروعة ، أو بشهادة الوفاة للمصاب إذا أنت الحادثة إلى وفاته، وإبداعه بعد ذلك مقابل وصل لدى المقاولة المؤمنة أو إرساله بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل.

ويلاحظ بالنسبة القانون 18/12 وإن قرن عدم قيام المشغل بالتصريح بالحادثة، داخل أجل خمسة أيام، بجزاء مالي تمثل في غرامة مالية تتراوح ما بين 10.000 و 50.000 درهم [50]، إلا أنها ستبقى غير كافية لردع أرباب العمل بهذا الشأن.

و الى جانب التصريح بحادثة الشغل الى المشغل او احد مأموريه يجب ارفاق هذا التصريح بالشواهد الطبية ، و يمكن التمييز بخصوص هذه الشواهد الطبية بين شهادة الطبية الأولية ،وشهادة التمديد، وشهادة استئناف العمل وشهادة الشفاء،

فبالنسبة الشهادة الطبية الأولية، فقد سبقت الإشارة إلى أن المشغل يرفق التصريح بالحادثة بالشهادة الطبية الأولية، وهذا الأمر يقتضي من المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم الحصول من الطبيب المعالج على هذه الشهادة ،) ويحرر هذا الأخير شهادة طبية أولية في أربعة نظائر تتضمن حالة المصاب بالحادثة والنتائج المترتبة عنها والمضاعفات المحتملة لها والمدة المحتملة للعجز المؤقت عن العمل إذا كانت النتائج غير محددة، بدقة مع إلزام المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم  الحصول من الطبيب المعالج على هذه

الشهادة في أربع نظائر، يحتفظ المصاب بأحدهما ويسلم المشغل ثلاثة نظائر منها، وتسري نفس المقتضيات على شهادة التمديد التي يتعين على المصاب موافاة المشغل كذلك بثلاث نظائر يحتفظ منها داخل أربع وعشرين  [51]ساعة الموالية لتحريرها، ليعمل على إبداع نظير منها لدى مقاولة التأمين داخل أجل 48 ساعة من تاريخ التوصل بها.. 

أما بالنسبة لشهادة الشفاء فهي تتضمن النتائج النهائية للحادثة وتاريخ الشفاء

على أنه متى خلفت الحادثة للمصاب عجزا دائما، فإن تحديده من طرف الطبيب المعالج لا يتم إلا بعد اتفاق مشترك مع الطبيب الخبير المنتدب من طرف مؤمنه، وفي حالة عدم حصول هذا الاتفاق، يقترح الطبيب المعالج على المؤمنة تعيين طبيب خبير مختص لإنجاز تقرير طبي لتحديد نسبة العجز ويحرر التقرير في أربعة نظائر يسلم أحدهما للمصاب ويودع المشغل نظيرا منه مقابل وصل لدى شركة التأمين. 

. ويتعين على المصاب فى حالة الانتكاس خلال الخمس سنوات الموالية التاريخ الشفاء، بموافاة المشغل بثلاث نظائر من الشهادة الطبية المثبتة لحالته الصحية. والنتائج المحتملة لهذا الانتكاس داخل 48 ساعة الموالية لتاريخ تحريرها، في حالة القوة القاهرة أو الاستحالة المطلقة أو وجود أسباب مشروعة، ويودع المشغل نظير منها لدى المقاولة المؤمنة داخل 48 ساعة الموالية لتاريخ التوصل بها [52]. ويعتمد في تحديد نسبة العجز الناتجة عن انتكاس المصاب نفس الطريقة المتبعة في تحديد هذه النسبة في الحالة التي تخلف فيها الحادثة عجزا دائما للمصاب[53] 

ويجب على المشغل في حالة الوفاة إرفاق التصريح بالحادثة بالشهادة الطبية المثبتة للوفاة، إذا أنت الحادثة إلى الوفاة في الحين، أما إذا طرأت بعد فترة  [54]من وقوع الحادثة فيتعين على المشغل إيداع الشهادة الطبية لدى المقاولة المؤمنة في ظرف 48 ساعة الموالية لتاريخ التوصل بها عدا إذا حال دون ذلك قوة قاهرة أو أسباب مشروعة [55]. وبعد إيداع التصريح بالحادثة والشواهد الطبية وشهادة الشفاء أو تقرير الخبرة، في حالة خلاف حول نسبة العجز الدائم بين الطبيب المنتدب، من طرف الشركة المؤمنة والطبيب المعالج، بعد هذا كله يكون الملف لدى شركة التأمين مستجمعا لكافة مكوناته، وبالتالي تكون المرحلة الموالية هي إجراء الصلح) 1( وهو المستجد التشريعي الذي جاء له قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،حيث أقر الصلح كإجراء جوهري بين المصاب أو ذوي حقوقه مع الشركة المؤمنة ، قبل سلوك المسطرة القضائية في حالة فشل محاولة الصلح هذا ما سوف تتم معالجته و التطرق اليه في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية : المرحلة القضائية

المسطرة القضائية هي مرحلة تبتدأ إذا رفض الضحية عروض المصاريف والتعويضات المقترحة من لدن المقاولة المؤمنة للمشغل أو من طرف المشغل أو في حالة عدم تقديم شركة التأمين لأية عروض للضحية، رغم مرور الأجل المحدد لتقديمها وهو 30 يوما من تاريخ شفاء الضحية، عندها يمكن للضحية سلوك المسطرة القضائية، مباشرة للمطالبة بالتعويضات المستحقة له.

وبهذا يتم اللجوء إلى القضاء بفتح مقال افتتاحي للدعوى يرفق وجوبا بنظير من النموذج الخاص بالتصريح بالحادثة وبنظير من مختلف الشواهد الطبية وبلائحة الأجور، وباقتراحات العروض المقدمة من طرف المقاولة المؤمنة للمشغل 

مع ضرورة توضيح أسباب رفض هذه العروض59[56].

ومن هنا سنتطرق إلى المحور المتعلق بالاختصاص )أولا( ثم مرحلة الصلح القضائي بين الطرفين )ثانيا( وكذا الحديث في الأخير عن مرحلة إصدار الحكم )ثالثا(.

أولا: الاختصاص

المشرع في القانون 18.12 قد منح الاختصاص بشأن القضايا المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية للمحكمة الإبتدائية، وجعل المسطرة المطبقة بشأن القضايا الاجتماعية هي تلك المحددة في قانون المسطرة المدنية، مع حفظ حق الإستئناف، ومن حيث الإخصاص

المكاني فإن المحكمة المختصة هي المحكمة الإبتدائية التي وقعت الحادثة أو حادثة الطريق في دائرة نفوذها.

الترابي وفي حالة ما إذا كانت الحادثة في دائرة المحكمة ليست هي محل الإقامة للمصاب في

تلك الحادثة، جاز لهذا الأخير أو لذوي حقوله من بعد في حالة وفاته، رقه الدعوى أمام محكمة إقامتهم.

ثانيا: محاولة الصلح بين الطرفين.

جلسة الصلح تنعقد بقاضي  منفرد وكاتب ضبط وهي قد تنجح كما قط تفشل ، حيث يقوم القاضي في أول جلسة بمحاولة الصلح بين الطرفين، وهي ملازمة لجميع القضايا الاجتماعية ،كيفما كانت طبيعتها.

و عندما يتم  التصالح فإن القاضي  يثبت الإتفاق بأمر يتضمن تاريخ وقوع الحادثة، وتاريخ

الشروع في الإنتفاع بالتعويض أو الإيراد، كما يتم بيان في حالة مراجعة الإيراد اشتداد خطورة العاهة أو نقصانها، أما في حالة ما إذا تم فشل الصلح، لرفض العروض من قبل المصاب أو

ذوي حقوقه، أو لتخلف بعض الأطراف مثلا، يصدر القاضي قرارا بفشل محاولة الصلح، لتنتقل القضية لمرحلة الحكم.

ثالثا: مرحلة الحكم.

جاء في مقتضيات الفصل 279 من قانون المسطرة المدنية على أنه إذا تعذر تحقيق التصالح الإخلاف الأطراف أو لعدم حضور أحدهم، أو ممثل عنه في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية  ، فإن القاضي المكلف يحرر محضرا بعدم المصالحة، ويبث في القضية حالا، أو يؤخرها لجلسة أخرى عند الاقتضاء.

ومن أبرز العناصر التي يمكن استحضارها في هذا الصدد بخصوص المسطرة المتعلقة بهذه القضايا ما يلي: 

1-حتمية حضور الأطراف شخصيا لمرحلة التصالح أمام القاضي، غير أنه يجوز للمشغل أو المؤمن الذي يقوم مقامه في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في قضايا الضمان تعين من ينوب عنهما .

المساعدة القضائية 2

من بين الخصوصيات التي تحضى بها المسطرة في القضايا الإجتماعية إعفاء المشرع العامل من دفع الرسوم القضائية فى مجال التعويض على حوادث الشغل والأمراض المهنية، وكذا دعاوى منح الإيراد المرفوعة من قبل ذو الحقوق استنادا للفصل 273 من قانون المسطرة المدنية 

 –3-الإذن للمصاب في حالة عدم إبرام الصلح، أو عدم حضور المدعى عليه بعد أن تسلم الإستدعاء شخصيا ، برفع القضية الى المحكمة و في مرحلة الحكم 

يتسنى للأطراف الحضور شخصيا أو التوكيل عنهم طبق للشروط المقررة في تمثيل الأطراف  في ق.م.م على أن يوفر الوكلاء بإستثناء المحامين على وكالة محررة.

المطلب الأول: نطاق التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي

رغبة في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتوفير حماية خاصة للطبقة العاملة جاءت المقاربة القانونية لمنح الامتيازات لها غير مستقرة ومنصبة على هذه الفئة فقط، وإنما كان التوجه هو تمديد المزايا وجعلها تشمل المنظومة الأسرية للأجير تعزيزا لمكانته وموقعه هو وعائلته داخل الطبقات الاجتماعية، وعليه تم تمديد الفوائد القانونية من بوابة العمال إلى مجموعة من أقرابه وهو ما دفعه بالمشرع إلى تحديد المستفيدون من التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي )الفقرة الأولى(، كما أن جانب التنظيم القانوني لم يتح لهم آلية واحدة للاستفادة من هذه العائدات التي يمنحها الصندوق المختص بذلك، بل اعطى اختيارات صرف هذه الامتيازات من قبل الجهة الوصية حسب الأحوال حيث حدد صور منح التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي

)الفقرة الثانية.(

الفقرة الأولى: المستفيدون من التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي

الأكيد على أن منح التعويضات من قبل صندوق الضمان الاجتماعي يسري على فئة محددة دون غيرها، وهذه الفئات تم إيرادها في الفصل الثاني من ظهير 1972 وكل شخص يندرج ضمنها يسمى مؤمنا له من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والذي يمكنه من الاستفادة من مجموعة من الفوائد الاجتماعية ولعل أهمها الحصول على التعويضات العائلية ،وهو ما جاء به المرسوم 2.72.541 المتعلق بالتعويضات التي يدفعها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.60

تبعا لذلك فالتعويضات التي يدفعها هذا الأخير للمؤمن له إذا توفرت فيه الشروط المنصوص عليها قانونا، يستفيد منها ليس هو فقط وإنما تمتد لتشمل أيضا عدد من أفراد أسرته حسب الفصل الخامس من المرسوم أعلاه الأولاد الشرعيون من فراش الزوجين أو من زواج سابق لأحدهما، ثم الأولاد المتبنين والأولاد غير الشرعيين المعترف بهم، والمستفيد من التعويض أو زوجه طبق الشروط والكيفيات المنصوص عليها في نظام الأحوال الشخصية الجاري العمل وفقه فالأولاد المتبنين يستفيد عنهم المؤمن له ونفس الشيء بالنسبة للأولاد غير الشرعيين الناتجين عن علاقة غير شرعية شريطة أن يكون معترف بهم من قبل المستفيد أو زوجه.61

وفي اتجاه مخالف يذهب التشريع الكندي والألماني إلى منح العديد من الامتيازات للمستفيدين من التعويضات في إطار الضمان الاجتماعي، وبهذا يكون هذا الأخير مميزا أو متوفقا على التشريع المغربي.62

“كذلك الأولاد اليتامى فاقدي الأب والأم المتكفل بهم المستفيد من التعويض العائلي أو المعهود إليه بهم إما بحكم قضائي أو بعقد قانوني يجعل الولد تحت نفقته ولاسيما بإيعاز من مؤسسات للإسعاف العمومي، فالمشرع المغربي اشترط في هذه الحالة أن يكون الأولاد يتيمي الأب والأم وليس أحدهما فقط، وأن يكون المستفيد كافلهم أو معهود إليه بهم بحكم قضائي أو عقد قانون إذا كان كل من الزوج والزوجة مؤمنا وبإمكانهما الاستفادة من التعويضات العائلية، فإن هذه الأخيرة لا تؤدى في هذه الحالة إلا للزوج، أما في حالة هجران فراش الزوجية أو انحلال ميثاق الزوجية، فإن التعويضات العائلية تؤدى إلى الشخص المعهود إليه بحضانة الأولاد 63.

بالإضافة لذلك فبنت أو أخت المؤمن أو زوجته البالغة أقل من 21 سنة والتي تعيش معه تحت سقف واحد وتقوم على الخصوص بالأعمال المنزلية وبتربية ولدين على الأقل تقل سنهما على 12 عاما يتكفل بهما المستفيد من التعويض وتكون أمهما مزاولة لعمل أو مصابة بعجز مستمر عن العمل يعادل أو يفوق 70 بالمئة13.

  • المرسوم رقم 2.72.541 بتاريخ 23 ذو القعدة 1392 )30 دجنبر 1972( بشأن التعويضات التي يدفعها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

الجريدة الرسمية عدد 3140 بتاريخ 27 ذو القعدة 1392 )3( يناير) 1973(.

  • 10 الفصل 40 فقرة 4 ظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي.
  • عميش غزالة الضمان الاجتماعي الأوربي والوضعية القانونية للعمال الأجانب العرب الإصدار 39 أبريل ماي 2022 مجلة القانون والأعمال الدولية، ص 170.

علي الحوات الضمان الاجتماعي ودوره الاقتصادي والاجتماعي الدار الجماهرية للنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة 1990، الصفحة 10963  

وقد ارتفع عدد المستفيدين من التعويضات العائلية التي صرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال سنة 2017 بشكل مهم، حيث انتقل من 1.217.235 مستفيد سنة 2016 إلى 1.254.321 مستفيد سنة 2017 بنسبة تغير تقارب 3.1%، إضافة إلى أن التعويضات العائلية تشكل نسبة 31.3% من مجموع التعويضات المصروفة من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.[57]

كما أن منح التعويضات العائلية لا تقف عند حد منح الأجير فقط عن إعالة أسرته بل إن بوابة العدالة القانونية استدعت عدم الاقتصار عن التعويضات السالفة الذكر، بل إن تمديد ذلك شمل المرأة العاملة وخول لها الحصول على تعويضات عائلية عن الأمومة وتربيتها لأطفالها، فتجربتا الحمل والوضع وأثره على حياة المرأة جسديا واجتماعيا فرض على كل النظم التشريعية إعطائها ما تستحق من عناية واهتمام.

حيث إن تحقيق ذلك لها من شأنه أن يساهم في تحقيق الروابط الأسرية وتشجيع دور الأم الفاعلة داخل المجتمع [58]، وأمام ذلك وبالرغم من اختلاف المقاربات القانونية في تدبير التعويضات العائلية الممنوحة للأسرة من مدخل دور الأم في التربية، إلا أن التوجه المتفق عليه هي أن هذه التعويضات الممنوحة لها هي حق لها وليس تفضلا أو منة عليها. [59]

فالتعويضات المرتبطة بالولادة تجد أساسها القانوني ضمن مقتضيات الفصل 37 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي حيث جاء فيه : إن المؤمن لها التي تثبت قضاء أربعة وخمسين يوما متصلة أو غير متصلة من الاشتراك خلال العشرة أشهر المدنية للتسجيل السابقة لتاريخ التوقف عن العمل الذي يقتضيه اقتراب موعد الولادة تستفيد من تعويضات يومية خلال عشرة أسابيع منها ستة على الأقل بعد تاريخ الولادة بشرط التوقف عن كل عمل تؤدى عنه أجرة خلال مدة الاستفادة من التعويض والتوفر على محل سكني بالمغرب.”

وبالنسبة لمبلغ التعويضات اليومية الممنوحة عن الولادة فانطلاقا من سنة 1993 أصبحت المرأة المعنية بالتعويض تستفيد بنسبة مائة بالمائة بدل خمسين في المائة من الأجر اليومي المتوسط خلال 12  أسبوعا، وطيلة هذه الإجازة تستحق تعويض بنسبة مائة في المائة ستة أسابيع قبل الوضع، وذلك في حدود سقف الأجر الإجمالي الشهري المتخذ أساسا لتحديدالاشتراكات.”[60]

أما بخصوص التعويضات العائلية عن الأمومة فالمشرع اللبناني قد استلزم الاستفادة المضمونة  للمؤمن لها أو أحد أفراد عائلتها من تقديمات الأمومة، أن تكون منتسبة لفرع مؤسسة ضمان المرض و الأمومة منذ عشرة أشهر على الأقل قبل الموعد المفترض للولادة و هو ما نص عليه الفصل 16 من قانون الضمان اللبناني، وكذلك هو واقع الحال في القانون الجزائري فالأداءات المؤدات بموجب التأمين على الأمومة تشمل كلفة المصاريف المترتبة على الحمل والوضع و تبعاته، حيث يغطي المصاريف الطبية و الصيدلانية بجانب مصاريف الإقامة بالمستشفيات للأم و الطفل المولود. [61]

كما أن التعويضات العائلية تشمل أيضا إعانة الوفاة أو التعويض عنه بمثابة منحة أو مساعدة مالية يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لفائدة أسرة الأجير المتوفى من أجل مساعدتها ومواساتها، أو تعزيتها بمناسبة فقدان من كان يعيلها، وذلك للتخفيف من النفقات المتعلقة بنقل الجنازة ودفنها وغيرها من المصاريف التي تتطلبها مراسيم الوفاة.

 غير أنه يجب الإشارة منذ البداية إلى أنه لا يجب الخلط ما بين الإعانة على الوفاة التي نتحدث عنها والتي عالجها المشرع في الفصول 43 إلى 46 من ظهير 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، وبين معاش المتوفى عنهم الذي عالجه المشرع في الفصول من 57 إلى 61 من نفس الظهير، فإعانة الوفاة هي تعويض جزئي مؤقت يدخل ضمن التعويضات القصيرة الأمد ،أما معاش المتوفى عنهم فهو تعويض  دائم ومستمر ويدخل ضمن التعويضات الطويلة الأمد.[62]

الفقرة الثانية: صور منح التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي

تمتد تجليات التعويضات العائلية المستحقة لفائدة الأسرة الى شقين أساسين إعانات عائلية نقدية وأخرى عينية، وتبعا لذلك سنكون أمام تطبيقات خاصة لمنح الإعانات الأسرية لفائدة أفراد العائلة المستفيدين من الخدمات التي يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي تقوم على شمولية التعويضات العائلية )أولا(، ومن تم سنتطرق الى تنزيل التعويضات العائلية النقدية

)ثانيا(، لننفتح بعدها أمام نطاق صرف التعويضات العائلية العينية )ثالثا.(

أولا: شمولية التعويضات العائلية

تستمد فكرة شمولية التعويضات الممنوحة من الصندوق الوطني لفائدة الأسرة بغاية التخفيف من وطأة وحجب كل ما قد يمكن أن يلاقي وجودها ويعطل نشاطاتها داخل المجتمع، أو يزعزع استقرارها وسلمها الاجتماعي، وبالنتيجة فهي قائمة على تغطية الحوادث الفجائية التي قد ترهق كاهل المؤسسة الأسرية دون أن تكون قد استعدت لها بما يكفي، الشيء الذي يجعلها تواجه إكراهات مالية حقيقية، فتوقف أجر العامل و ازدياد المصاريف الطارئة، سواء منها ما قد يرتبط بحالات الوفاة وتكاليف الدفن والجنازة المفاجئة أو ما يتعلق باستقبال المعزين ناهيك عن المصاريف الاعتيادية للأسرة، والتي لا يمكن الاعتماد فيها على إحسان الجيران والأقارب بشكل كامل، مما يجعل من التعويض عن الوفاة داعماً حقيقيا للأسرة من أجل تحمل أعباء الوفاة وهكذا فإن الهدف من إعانة الوفاة هو التخفيف من أثر قدر الصعوبة، الذي حل بأسرة الأجير خصوصا و أن هذه الأسرة قد لا تتوفر على الإمكانيات المادية التي تسمح لها بمواجهة النفقات الطارئة[63].

وهو نفس التوجه الذي تنطوي عليه بعض الأنظمة المقارنة كالتشريع المصري والفرنسي التي لا تكتفي بمنح التعويضات العائلية بل تقدم مزايا مالية أخرى كما هو واقع الحال عليه في الضمان الاجتماعي المصري الذي يقدم عند وفاة المستفيد من نظام التأمن لفائدة أسرته مصاريف جانبية بمثابة مساعدات لتغطية نفقات الجنازة.[64]

ثانيا: التعويضات العائلية النقدية

تتمثل هذه التعويضات العائلية النقدية في مبلغ نقدي يدفع في كل شهر، والجدير بالذكر أن هذا المبلغ النقدي شهد تطورا كبيرا منذ 1961 حيث كان يمنح لكل طفل 16 درهما عن كل شهر و تم الرفع من هذا المبلغ إلى 100 درهم سنة 1994 وبعد عدة سنوات صدر مرسوم 9 شتنبر 1996 تمت الزيادة في قيمة التعويضات ليصل إلى 150 درهم شهريا عن كل طفل، هذا فيما يخص الثلاثة أطفال الأوائل، ويحدد مبلغ 36 درهم عن كل طفل من الأطفال المتبقين.[65]

ثم بعد ذلك يأتي المرسوم رقم 2.08.358 الصادر في 9 يوليوز 2008 ليرفع من قيمة التعويض إلى 200 درهم، ووفقا لآخر التعديلات فقد تم تغيير هذا المقدار ليصل إلى 300 درهم عن كل طفل، وذلك في حدود ثلاثة أولاد و 36 درهم عن الأطفال المتبقين كما تم التنصيصعليه في المادة الأولى من المرسوم رقم 2.19.750 الصادر في 29 غشت 2020.

وما يمكن الإشارة إليه أن هذه التعويضات العائلية تشكل تكملة للدخل بحيث تهدف إلى تغطيةجزء من الأعباء العائلية الناجمة عن إعالة الزوجة والأولاد، كما أنها تستخدم كوسيلة للتأثير على الهيكل السكاني للمجتمع.

ثالثا: التعويضات العائلية العينية

ذلك أن امتداد التطبيق العملي لتنزيل التعويضات العائلية لفائدة الأسرة المستفيدة والمستحقة لا يقف عند ما سبق الإشارة إليه، بل قد يتخذ البعد في صرف المنحة على شكل عيني المتمثل في إعانة صحية و هي تعويض يمنح لكل شخص توفرت فيه الشروط السابقة الذكر، فيخول له الحق في استرجاع المصاريف التي تم إنفاقها في العلاجات الطبية، وذلك ضمن حدود المبالغ المحددة قانونا وفقا للفصل الرابع من مرسوم 18 أبريل 1980 المتعلق بتحديد مقدار التعويض العائلي الممنوح من لدن صندوق الضمان الاجتماعي و التي لا يمكن تجاوزها كحد أقصى سنويا و هي كالتالي:[66]

الولد الواحد 300 درهم.

ولدان 400 درهم.

ثلاث أولاد 500 درهم.

أربعة أولاد 600 درهم.

خمسة أولاد 700 درهم.

ستة أولاد 800 درهم.

فواقع الاستفادة من هذه التعويضات العائلية يوجه إلى الأسرة المستفيدة منه مباشرة إما شهريا أو كل ثلاثة أشهر أو سنويا للمستفيد الذي يحرر سندات الأداء باسمه حيث تؤدى حسب اختياره إما عن طريق تحويل بنكي، هذا التحويل الذي لا يمكن أن يتم إلا إذا كان الحساب البنكي مفتوحاباسم المستفيد أو عن طريق بطاقة الأداء أو وضعها رهن إشارته. [67]

وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على دولة الكويت والأردن والسعودية، إذ باعتبارهم يضعونحدودا للتعويضات كل حسب الأفراد المكونة لكل عائلة.[68]

المطلب الثاني: محددات الحصول على التعويضات العائلية في الضمان الاجتماعي

الأكيد إن مسألة التنظيم القانوني للرابطة التعاقدية بين الأجراء المؤمن لهم ومؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تقتضي بالضرورة بسط شروط لكلا الطرفين، بما لا يدع أي مجال للبس بين أطراف العلاقة التعاقدية، بحيث أنها جعلت لاستحقاق الإعانات الأسرية معلقة على شرط الامتثال من المؤمن له لاستحقاق التعويضات العائلية الفقرة الأولى(، ذلك أن معطى التدخل التشريعي لعدم حرمان الأسرة من حقها امتد الى درجة تسقيف عتبة التعويضات العائلية

)الفقرة الثانية.(

الفقرة الأولى: شرط الامتثال من المؤمن له الاستحقاق التعويضات العائلية

من دون شك فالرغبة بالاستفادة من مجموع امتيازات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يجب أن يسبقها الوعي التام بالواجبات التي يفترض في المؤمن له أنه يعلمها ويحيط بها جيدا، فكل خلل بالشروط يمكن أن يعصف به خارج نطاق عدم الاستفادة من التعويضات العائلية.

وبالرجوع إلى السند القانوني في الفصل 40 من ظهير 27 يوليوز 1972 ، الذي ينص على أن للمؤمن له المتوفر على محل سكنى بالمغرب والذي يثبت قضاء مئة وثمانية أيام متصلة أو غير متصلة من الاشتراكات خلال ستة أشهر يستفيد من تعويض عن كل ولد متكفل به مقيم في المغرب، ويمكن أن يتوقف الحق في تحويل التعويضات العائلية على تقاضي أجرة شهرية دنيا يحدد مبلغها بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المكلف بالشغل والوزير المكلف بالمالية[69].

يتبين أن أول شرط يتطلبه المشرع المغربي في المؤمن له هو توفره على محل للسكنى بالمغرب، وقد اشترط التوفر على محل للسكنى دون تحديد نوعية حيازته، سواء كان ذلك عن [70]طريق الكراء أو الرهن أو الملكية وذلك حتى لا يتم إرهاق المؤمن له، لأنه ليس في استطاعةكل مؤمن له أن يكون له محل للسكنى في ملكيته.77

فالمشرع تطلب بصفة صريحة محل للسكنى بالمغرب وليس الإقامة كما فعل بالنسبة للأولادالمتكفل بهم، ويختلف شرط الإقامة عن التوفر على محل للسكنى على اعتبار أن المؤمن له قد يكون متوفرا على محل للسكنى بالمغرب، ولكنه غير مقيم في المغرب، ويستفيد من خدمات الضمان الاجتماعي لكونه من الأشخاص الذين يسري عليهم نظام الضمان الاجتماعي كما هو محدد بالفصل 2 من ظهير 27 يوليوز 1972 ويؤدي خدماته لفائدة مشغل منخرط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فالأجير الذي يؤدي خدماته فائدة مشغل منخرط ويكون مقيم في إحدى الدول الأخرى غير المغرب لأجل القيام بالعمل المنوط به، لا يمكن حرمانه من التعويضات العائلية.[71]

للتوضيح أكثر نعطي المثال بأجير مغربي مسجل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ،ويتوفر على محل للسكنى بالمغرب ويعمل لحساب مشغل منخرط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كوكيل تجاري بدولة أجنبية مثلا، ويقيم هناك بحكم عمله، ولا يدخل المغرب إلا لفترات محددة من السنة، فإذا افترضنا أن المقصود هو شرط الإقامة سيحرم هذا الأجير من الاستفادة من التعويضات العائلية لكونه مقيم بالخارج، في حين أن إرادة المشرع تذهب عكس ذلك، وبذلك فإن المطلوب هو التوفر على محل للسكنى وليس الإقامة فوق التراب المغربي [72].

أما فيما يخص الأجل المذكور المحدد في 108 يوما داخل أجل الستة أشهر بشكل متقطع أو متصل فذاك يعد معيارا قانونيا يحدد مدى الأحقية باستخلاص التعويضات العائلية من عدم ذلك.

فقد نص الفصل 40 من ظهير 27 يوليوز 1972 على أن الأجير المؤمن له يجب أن يتوفر على مدة من التأمين تقدر بـ 108 أيام متصلة أو غير متصلة خلال ستة أشهر المدنية من تسجيله في الصندوق، انطلاقا من هذا المقتضى فالمؤمن له لا يمكن له الاستفادة من التعويضات العائلية إلا إذا أثبت توفره على مدة التأمين المطلوبة أي 108 أيام خلال ستة أشهر التي تلي تسجيله بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وبذلك فإنه لا تقع الاستفادة منذ اليوم الأول من التسجيل، وإنما يجب أن تمضي مدة زمنية معينةتقدر بـ 6 أشهر، وهو ما يسمح للصندوق بتحصيل جزء من الموارد التي تسمح له بدفع التعويضات العائلية.

و فقد أوجب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على الشخص الذي يريد الاستفادة من التعويضات العائلية اعتماد شروط شكلية وإجرائية محددة في نظامه الداخلي حيث يتعين على المؤمن له أن يقوم بتقديم طلب الحصول على التعويضات العائلية، وذلك بملأ المطبوع المخصص لذلك، وهو ما يعتبر بمثابة طلب أولي لتسوية التعويضات العائلية والذي يتضمن مجموعة من البيانات من قبيل معلومات خاصة بالمؤمن له كرقم تسجيله ورقم بطاقته الوطنية واسمه العائلي والشخصي وعنوانه إضافة الى معلومات تهم أفراد أسرته.[73]

فإن ارتبط الأمر باستفادة أولاد المؤمن له وجب تحديد صفتهم القانونية ونوعية الصلة التي قد تتخذ موقع أولاد شرعيون من زواج حالي أو سابق، أو الأولاد بالتبني، أو الأولاد غير الشرعيين المعترف بهم من طرف المستفيد أو زوجه، بالإضافة للأولاد اليتامى فاقدي الأب أو الأم و المتكفل بهم من طرف المستفيد، و إذا كان كل من الأب أو الأم مؤمنا وبإمكانهما الاستفادة من التعويضات العائلية فإن هذه الأخيرة تؤدى للزوج، أما في حال هجر فراش الزوجية أو انحلال ميثاق الزوجية فإن التعويضات العائلية تؤدى إلى الشخص المعهود إليه بحضانة الأولاد.”[74]

الفقرة الثانية: تسقيف عتبة التعويضات العائلية

إن توفر المؤمن له على الشروط القانونية التي تم التطرق إليها في الفقرة السابقة يجعله أهلا للاستفادة من التعويضات العائلية، ولكن المشرع لم يكتفي بهذه الشروط للقول بحق المؤمن له في الاستفادة منها. ذلك ان الأمر قد يتعلق بأجير مؤمن له، ومستوف للشروط القانونية التي تخوله حق الاستفادة من ذلك، وقد تكون زوجة الأجير هي الأخرى مؤمن لها ومستوفيةللشروط القانونية التي تؤهلها لحق الاستفادة من التعويضات العائلية.

وإذا كان الأمر على هذه الحال، فإن التعويضات العائلية توجه تحت غطاء الصفة الأبوية من حيث المبدأ، باعتبار أنه هو الذي يملك سلطة التوجيه والإشراف بمختلف أشكاله على الأبناء ،وتأسيسا على ذلك  لا يمكن الحديث عن هذه التعويضات ارتباطا بالمرأة الأجيرة، إلا بصفتها كام أجيرة مؤمن لها، لكن في وضعية محددة  ،كأن تكون قد أسندت لها الحضانة بمقتضى مقرر قانوني وفق مدونة الأسرة .[75]

إلا أن المشرع علق مسألة الحصول على تعويضات المؤمن له العائلية على وجوب إقامة أولاده داخل التراب الوطني وهو ما أشير إليه حسب الفصل 40 من ظهير 27 يوليوز 1972 نجده قد أشار إلى أن التعويضات العائلية تدفع بالنسبة لكل ولد متكفل به ومقيم في المغرب ،وقد أشارت الفقرة الموالية من نفس الفصل على أن واجب الإقامة هذا يمكن عدم مراعاته ولكن طبق الشروط المحددة بمرسوم، وبالرجوع إلى الفصل 6 من مرسوم 30 دجنبر 1972 نجده هو الآخر يقضي بأن التعويضات العائلية تدفع بالنسبة لكل ولد متكفل به ومقيم في المغرب، وهذا الشرط يمكن مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من مراقبة مدى استفادة الأولاد وأحقيتهم بذلك.

يتعين ألا يفهم الشرط المتعلق بإقامة الأولاد فهما ضيقا، وعلى هذا الأساس فإنه يبقى من حق الأولاد الاستفادة من التعويضات العائلية وذلك حتى حين تواجدهم خارج أرض الوطن ،وبصورة مؤقتة من أجل الدراسة والبحث العلمي أو التكوين المهني، ولكل هذا فإنه يقصد بالإقامة ذلك الاستقرار لغايات علمية مؤقتة لا مؤبدة، وهذا الاتجاه هو الذي سار فيه المشرع الفرنسي الذي أجاز للأولاد حق الاحتفاظ بالتعويضات العائلية وذلك رغم تواجدهم خارج البلد من أجل متابعة دراستهم واستكمال تكوينهم المهني أو من أجل تعلم لغة أجنبية[76].

كما سنجد أن دائرة الحجب المرتبطة بالتعويضات العائلية قامت أيضا بتسقيف عتبة أولاد المؤمن له من خلال حصرها في ستة أولاد ، وبمفهوم المخالفة فما دون ذلك ليس له إمكانية الاستفادة الفعلية من تغطية نفقات قد تندرج في اختصاص مؤسسة الضمان الاجتماعي، لكن بسند النص القانوني المحدد لسقف المستفيدين من عدد الأولاد سيتم حجب التعويضات الأسريةعنهم.[77]

فلا تعتبر التعويضات العائلية التي يمنحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تعويضات دائمة وذلك لأنها تمنح خلال فترة زمنية محددة، وقد حدد المشرع زمن هذه الفترة بعمر الولد، حيث يكون الأب خلال هذه الفترة محتاجا إلى إعانة مالية لمواجهة نفقات التمدرس والعلاج والتغذية والترفيه والكسوة إلى غير ذلك مما يحتاجه الأولاد.

وبرجوعنا إلى مرسوم 30 دجنبر 1972 نجد المشرع قد حدد السن التي يتوقف فيها حق الأولاد عن الاستفادة من التعويضات العائلية. وهكذا فإنه قد تم تحديد عتبة السن للأولاد الذي تنتهي لهم صلاحية وأمد الاستفادة، فهي تتحدد وفق هذا الفصل في سن 12 سنة بالنسبة للأولاد الذين هم عمليا وبصفة خاصة تحت نفقة المأجور، و 18 سنة فيما يخص الأولاد المتابعين تدريبا مهنيا طبقا للشروط التي عليها  التشريع المعمول به حسب الفصل من المرسوم أعلاه.

ثم 21 سنة بالنسبة للأبناء المتابعين دراستهم في المغرب أو في الخارج، أما بالنسبة للابن المعاق، فإن الاستفادة من التعويضات الممنوحة عنه، تكون مفتوحة شريطة توفره على الشروط المنصوص عليها في المادتين 2 و 21 من القانون المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين بالإضافة إلى اكتساب الولد صفة معاق قبل بلوغه السن الأقصى عند نهاية حقوقه في التعويضات العائلية وبخصوص بدء سريان منح هذه التعويضات فهي تبدأ منذ اليوم الأول للولادة. [78]

ينضاف إلى ذلك مسألة المطالبة بالتعويضات العائلية المرتبطة بعجز مرضي أصاب المؤمن له، ووجوب التدخل ببعث طلبه لمؤسسة الضمان الاجتماعي داخل أجل الستة أشهر من تاريخ توقفه عن العمل، وفي ذلك تسقيف للأجل على الأجير الذي وجب عليه أن يحتاط بخصوص إمكانية إنصرام المدة دون تحريك الاجراء القانوني الواجب عليه، وذلك تحت طائلة وقف التعويضات الأسرية عليه.

 الخاتمة

و ختاما يمكن القول أن التعويضات المقررة  عن حوادث الشغل والأمراض المهنية والضمان الاجتماعي تعد  ركيزة أساسية في حماية حقوق العمال وتعزيز العدالة الاجتماعية. يهدف هذا النظام إلى ضمان بيئة عمل آمنة وصحية لجميع العمال، مما يحقق استقراراً اقتصادياً واجتماعياً في  المجتمع.

فبفضل هذا النظام يتم ضمان توفير التعويضات العادلة والمناسبة للعمال الذين يعانون من إصابات أو أمراض ناتجة عن العمل، وتشمل هذه التعويضات تغطية النفقات الطبية، والتعويض عن الضرر الناتج عن

الإعاقة أو فقدان الدخل، وفي بعض الحالات تعويضات لأسر العمال في  حالات الوفاة.

إضافة إلى ذلك ،فالقانون يفرض على أرباب العمل إلتزاماً صارماً بتطبيق إجراءات السلامة والوقاية في أماكن العمل، والإبلاغ الفوري عن الحوادث  أو الأمراض المهنية، مما يعزز من الوقاية والحد من الحوادث والإصابات.

و من خلال تنفيذ هذه السياسة التشريعية، يسهم القانون المغربي بشكل فعال في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية للعمال .

ويعكس هذا التعزيز للحقوق الإنسانية التزاماً قوياً بالتنمية المستدامة  والرفاهية العامة في المجتمع المغربي.


[1] محمد بنحساين ، التعويض عن حوادث الشغل – دراسة لأحكام القانون الجديد رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل – سلسلة دراسات معمقة رقم 3 مطبعة طوب بريس بالرباط ، طبعة 2016. ص 6.

[2] موسى عبود: دروس في القانون الاجتماعي ، المركز الثقافي العربي ، الطبعة الثانية 1994. ص 108.  

[3] محمد الكشبور وبلعيد كرومي : حوادث الشغل و الأمراض المهنية – المسؤولية و التعويض – مع قراءة في القانونين 06.03/18.01 – مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الطبعة الثانية 2004. ص 14 و 15 و 46 و 47.  

[4] هاجر مهزولي : حادثة الشغل الواقعة خارج المقاولة، بحث لنيل الماستر في العلوم القانونية ، تخصص قانون الأعمال ، شعبة القانون الخاص ، جامعة محمد الخامس أكدال ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط ، السنة لجامعية 2011 / 2012. ص 4 . 6

[5] ظهير شريف رقم 1.14.190 صادر في 6 ربيع الأول 1436 )29( ديسمبر) 2014( بتنفيذ القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.

[6] منشوربالجريدةالرسمية عدد 6790 بتاريخ 23 شوال 1440، 27  يوليوز 2019

[7] .

[8] الفصل 29 من ظهير 27 يوليوز 1972 الملتعلق بالضمان الاجتماعي، منشور بالجريدة الرسمية عدد3121، بتاريخ 32 غشت 1972، الصفحة

[9] المادة الثالثة من قانون 18.12

[10] بلال بالعشري،حوادث الشغل و الأمراض المهنية دراسة نظرية و تطبيقية دار أبي رقراق للطباعة و النشر الرباط الطبعة الأولى سنة 2009  ص23

[11] المادة الرابعة من القانون 18.12

[12] بلال بالعشري،مرجع سابق الصفحة 35

[13] التي عرفته منها على سبيل المثال المشرع التونسي في قانون 1994 حيث جاء في الفقرة الثالثة منه ” يعتبر مرضا مهنيا كل ظاهرة اعتلال وكل تعفن جرثومي، أو إصابة يكون مصدرها بالقرينة ناشئان النشاط المهني ” ونفس الموقف تبناه المشرع السوري الذي عرفه بأنه “كل مرض يصاب به العامل من جراء عمله في المواد والأعمال المسببة له”

[14] ـ كمال المريني ، التعويض عن حوادث الشغل وفق القانون رقم 18.12 وعلى ضوء العنل القضائي ـ دراسة مقارنة ـ ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الخاص ، بجامعة القاضي عياض ، مراكش ، 2016\2017 ، ص 37. 

[15] ـ كمال المريني ، مرجع سابق ، ص 38

[16] ـ كمال المريني ، مرجع سابق ، ص 38 .

[17] ـ كمال المريني ، مرجع سابق ، ص 39 

[18] . 73.

[19] ـ بنعلي فتحة ، التعويض عن حوادث الشغل وفق القانون 18.12  ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، 2015\2016 ن وجدة ، ص

[20] ـ بنعلي فتيحة ، مرجع سابق ، ص 76.78 .

[21] ـ رشيدة احفوظ ، التعويض عن حوادث الشغل ، الدار البيضاء ، مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الأولى ، 2004 ،  ص 151 .

[22] ـ بنعلي فتيحة ، مرجع سابق ، ص 89 .

[23] ـ وهي نفس المعاير التي كان ينص عليها الفصل 84 من ظهير 1963.

[24] ـ المادة 80 من قانون 18.12 .

[25] ـ بنعلي فتيحة ، مرجع سابق .ص91 

[26] ـ الفقرة الثانية من المادة 80 من قانون 18.12

[27] ـ المادة 86 من نفس القانون 

[28] ـ الفقرة الثالثة من الفصل 145 من القانون 18.12 تنص على ما يلي : يجب أن يتضمن محضر الصلح أو الأمر القضائي بالتصلح أو الحكم أو القرار القضائي الجديد مبلغ الإيداءات المراجعة مع ضرورة الإشارة الى تفاقم أو انخفاض المصاب حسب الحالة. 

[29] ـ قرار عدد 110 صدر بتاريخ 08\02\2016 الغرفة الاجتماعية لدى محكمة الاستئناف بوجدة  ، منشور في رسالة لنيل دبلوم الماستر ، بنعلي فتيحة  ، ص 102.

[30] J  المادة 87 من قانون 18.12

[31] ـ المادة 93 من نفس القانون 

[32] ـ المادة 89 من نفس القانون. 

[33] ـ بنعلي فتيحة  مرجع سابق، ص 111 

[34] .

[35] طبقا للمادة 2 من القانون 07.92 المتعلق بالرعاية الاجتماعية للأشخاص المعاقين الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 0.92.31 بتاريخ 10 دجنبر

[36] ـ الفقرة الأولى من المادة 96 من قانون 18.19

[37] . الفقرة الثالثة من المادة 96 من القانون 18.12

[38] المادة103من  القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حودث الشغل والأمراض المهنية تنص على ما يلي ” يمنح لكل واحد من الأصول او الكافلين

، يكون وقت وقوع الحادثة في كفالة الهالك ، أو يثبت إمكانية حصوله على للقة من الهالك، إيراد عمري يساوي خمسة عشرة في المائة

%15 متاجرة المصاب السنوية حتى ولو كان لهذا الأخير زوج أو ولد طبقا الأحكام المواد من 187 إلى 102 من هذا القانون.

[39] ـ  بنعلي فتيحة ، مرجع السابق ، ص 114.

[40] امبارك جنوي : قراءة في بعض مستجدات القانون 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية سلسلة فقه القضاء التجاري منازعات قوانين الأعمال العدد الثاني 2015، ص 140.

[41] المسلومي محمد: قراءة في القانون رقم 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، مجلة الملف العدد 23

[42] الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل

[43] محمد  بنحساين: التعويض عن حوادث الشغل دراسة لأحكام القانون 18/12، مرجع سابق، ص 39-40م

[44] الفصل 18 من ظهير 1963 ينص ” يتحتم على المؤاجر أن يسلم للمصاب بالحادثة ورقة تتضمن اسمي المؤاجر والمصاب بالحادثة وعنوانهما كما تتضمن نوع الحادثة وتاريخها.”  

[45] عبد الغني الشاري : قراءة أولية في القانون 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ، مجلة الفقه والقانون، مرجع سابق، ص 46

[46] المادة 15 من القانون رقم 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل

[47] عبد الإله المعتصم دور التصريح في إثبات مادية حوادث الشغل ومدى إمكانية الاستغناء عنه ، مجلة القضاء المدني العدد الرابع السنة الثانية صيف – خريف 2011، ص 107

[48] الفصل 15 من شهر فبراير 1963

[49] محمد بلحساين مرجع سابق ص 41

[50] المادة 186 من قانون 18.12

[51] المادة 19 من قانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل 

[52] الفقرة الثالثة من المادة 22 من القانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.

[53] محمد بنحساين مرجع سابق، ص 44

[54] محمد بنحساين مرجع سابق، ص 45

[55] المادة 23 من القانون رقم 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل. عبد الغني الغماري : قراءة أولية في القانون 18/12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،مجلة الفقه

[56] محمد برادة أغزيول ، الدليل العملي  للتعويض عن المرض المهني سنة 2008

[57] على الموقع الالكتروني/ https://www.cnss.ma تاريخ الاطلاع 08/07/2024 على الساعة 11.30.

[58] الحاج الكوري دور الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في التنمية الوطنية، أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط سنة 1994، الصفحة 684.

[59] منى السوتاني، الحماية القانونية للأم الأجيرة في القانون الاجتماعي المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء السنة الجامعية 2008/2007، الصفحة 67.

[60] حنان السعيدي مجلة فضاء المعرفة القانونية التعويضات اليومية عن الأمومة مركز الدراسات والأبحاث القانونية ب وجدة 2019 العدد بلهيوي سميرة، بوسعيدن نعيمة مصادر تمويل نظام الضمان الاجتماعي في الجزائر ” دراسة حالة الصندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء”.

[61] بلهيوي سميرة، بوسعيدن نعيمة، مصادر تمويل نظام الضمان الاجتماعي في الجزائر ” دراسة حالة الصندوق الضمان الاجتماعي للعمال الأجراء .”دون ذكر الطبعة، الصفحة 21.

[62] طارق لكدالي القانون الجنائي للضمان الاجتماعي دراسة تحليلية على ضوء التشريع والقضاء المغربي، مطبعة الأمنية الرباط، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع الدار البيضاء، سنة 2012، الصفحة 9.

[63] منى السوتاني، الحماية القانونية للأم الأجيرة في القانون الاجتماعي المغربي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة الحسن الثاني عين الشق الدار البيضاء السنة الجامعية 2008/2007، الصفحة 71.

[64] مرجع نفسه صفحة 72

[65] الحاج الكوري، دور الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في التنمية، مرجع سابق، الصفحة 130.

[66] الفصل 2 من مرسوم 18 أبريل 1980 المتعلق بتحديد مقدار التعويض العائلي الممنوح من لدن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

[67] لعميش غزالة الضمان الاجتماعي الأوربي والوضعية القانونية للعمال الأجانب العرب الإصدار 39 أبريل ماي 2022 مجلة القانون والأعمال الدولية، مرجع سابق، ص 170 .

[68] تقرير السنوي لصندوق الضمان الاجتماعي لسنة 2022، ص: 49

[69] الحسن الكيحل، أنظمة التقاعد في المغرب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نموذجا، رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون الأعمال كلية الحقوق الرباط جامعة محمد الخامس السنة الجامعية 2011، 2010.، الصفحة 51.

[70] الحاج الكوري، مرجع سابق، الصفحة 125

[71] هدى المخلخل إصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص قانون الأعمال والمقاولات جامعة محمد الخامس السويسي كلية الحقوق الرباط أكتوبر 2012، الصفحة 41.

[72] عبد الحق بونوار، مرجع سابق، الصفحة 77

[73] الحاج الكوري، مرجع سابق، الصفحة 132.

[74] محمد بنحساين القانون الاجتماعي المغربي الحماية الاجتماعية الجزء الثاني، طبعة 2015، الصفحة 51

[75] لميسي عابد الوضع الحقوقي المرأة الجيرة في إطار نظام الضمان الاجتماعي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا تخصص الأسرة والتنمية، جامعة مولاي إسماعيل، كلية الحقوق مكناس السنة الجامعية 2010/2009، الصفحة 105.

[76] الفصل 40 من ظهير 27 يوليوز 1972

[77] https://www.cnss.ma/تاريخ الاطلاع 10/07/2024 على الساعة 14:30

[78] کرداد توفيق، توفيق كرداد، تمويل التعويضات الطويلة الأمد في قانون الضمان الاجتماعي المغربي رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2009 – 2010. الصفحة 80

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك