جاء بنص الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الخامسة والستون لثورة الملك والشعب :
” شعبي العزيز،
لقد سبق أن أكدت، في خطاب افتتاح البرلمان، على ضرورة وضع قضايا الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد، ودعوت لإعداد استراتيجية مندمجة للشباب، والتفكير في أنجع السبل للنهوض بأحواله.“
نص الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة :
“إننا نعتبر أن الرأسمال البشري هو رصيدنا الأساسي، في تحقيق كل المنجزات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية، وسلاحنا لرفع تحديات التنمية، والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال.“
أسباب الاهتمام بالاستثمار في الرأسمال البشري :
مما لاشك فيه انه لا يمكن الحديث عن التنمية في مختلف مجالاتها بعيدا عن أهمية التنمية الانسانية فابالنظر الى أهم التجارب الدولية نلاحظ بأن جل الدول المتقدمة والتي تتصدر مختلف التصنيفات قد ركزت بشكل أساسي حول النهوص بالراسمال البشري واولت هذا الجانب أهمية خاصة من أجل الرفع من كفاءة مواردها البشرية من خلال مجموعة من الوسائل والاليات بغض النظر عن مجموعة من التحديات ونذكر على سبيل المثال دولة اليابان، سنغافورة، كوريا الجنوبية، كما ان مجموعة من الدول قد تبنت هذا التوجه بعد ان ادركت انه الطريق الامثل نحو تحقيق التنمية كما هو الحال بالنسبة لدولة افغانستان التي مالبتث أن شهدت استقرارا على المستوى السياسي بالبلاد وهي الان تشهد تحسنا ملحوظا كما يتوقع البنك الدولي في احدث تقرير له بان نمو اقتصاد افغانستان خلال العام الحالي سيبلغ نسبة 2,7 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي[1] وهي نسبة لا تقل عن نسبة 3,9 بالمئة التي يتوقع البنك الدولي ان يحققها الاقتصاد المغربي خلال نفس السنة.
وبالنظر الى الامكانيات التي تتوفر عليها المملكة من موارد طبيعية وبشرية وقيادة ملكية رشيدة يطرح العديد من الاسئلة خاصة فيما يتعلق بمعدل النمو الاقتصادي أمام تعدد السياسات والبرامج ؟
لابد من التذكير بنقطة مهمة اشار اليها الملك محمد السادس نصر الله في ختام الخطاب الذي القاه بمناسبة افتتاح الدورة الاولى للسنة التشريعية الاولى من الولاية العاشرة
” ” غير أن النصوص، مهما بلغت جودتها، تبقى رهينة بمدى جدية والتزام كل مسؤول إدارى، بحسن تطبيقها.”
وبخصوص هذه المسألة لابد من الاشارة الا ان المشرع المغربي قد تدارك العديد من الاختلالات فيما يخص المنظومة القانونية من اجل تسريع وثيرة استكمال البناء الدستوري و تنزيل مختلف الاوراش الكبرى الذي تناولها النموذج التنموي الجديد خاصة في ما يتعلق باصلاح منظومة الاستثمار الذي اكد على اهميته الملك نصر الله في العديد من المناسبات واعتبره عاملا حاسما في تحقيق التنمية.
وعليه فان البطالة تحرم الاقتصاد الوطني من استغلال طاقات شابة متاحة كما ان هذه المسألة تخلق العديد من المشاكل على المستوى الاجتماعي وهو ما اكده الملك نصره الله في خطابه الذي القاه بمناسبة بمناسبة الذكرى الخامسة والستون لثورة الملك والشعب :
” غير أن ما يحز في نفسي أن نسبة البطالة في أوساط الشباب، تبقى مرتفعة. فمن غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين أربعة، رغم مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم. والأرقام أكثر قساوة في المجال الحضري.“
والأكيد ان تمكين الراسمال البشري من نفس الفرص و الحظوظ في تعليم جيد وشغل كريم انه حق وليس امتياز وذلك من اجل تمكينهم من الانخراط في الحياة المهنية و الاجتماعية كما اشار الى ذلك نص الخطاب نفسه :
” فتمكين الشباب من الانخراط في الحياة الاجتماعية والمهنية ليس امتيازا لأن من حق أي مواطن، كيفما كان الوسط الذي ينتمي إليه، أن يحظى بنفس الفرص والحظوظ من تعليم جيد وشغل كريم.“
وبالتالي فإن هذه المسألة تدفع بنا الى التساؤل حول تجليات تنزيل سياسات الارتقاء وتثمين الراسمال البشري بالمملكة واهم التحديات المطروحة ؟
كيف يمكن الاهتمام بتثمين الرأسمال البشري :
من خلال :
- إصلاح منظومة التربية والتكوين
وذلك من أجل ملائمة النظام التعليمي مع متطلبات سوق الشغل حيث جاء في نص الخطاب ذاته بأنه :
” إذ لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين، خاصة في بعض الشعب الجامعية، التي يعرف الجميع أن حاملي الشهادات في تخصصاتها يجدون صعوبة قصوى في الاندماج في سوق الشغل. وهو هدر صارخ للموارد العمومية، ولطاقات الشباب، مما يعرقل مسيرات التنمية، ويؤثر في ظروف عيش العديد من المغاربة.“
حيث إحتل المغرب المغرب المرتبة 78 من أصل 81 دولة في مؤشر ملائمة المنظومة التعليمية مع سوق الشغل.[2]
كما ان العديد من المستثمرين و المقاولات تجد صعوبة في ايجاد الكفاءات اللازمة في العديد من المهن و التخصصات.
- تفعيل الاليات التشاركية للحوار و التشاور
لقد أكد دستور المللكة لسنة 2011 على اهمية الديموقراطية التشاركية في اكتر من مناسبة وابراز أهميتها في توجيه و تقييم السياسات العمومية وخاصة فيما يتعلق بدورها في تثمين الرأسمال البشري وتحرير الطاقات الشابة.
الفصل 33 من الدستور :
” على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي:
– توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
والسياسية للبلاد؛
– مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم
المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي
أو المهني؛
– تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا، والفن والرياضة والأنشطة
الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في
كل هذه المجالات.
تحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل تحقيق هذه الأهداف.”
الفصل 170
” يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المحدث بموجب الفصل 33
من هذا الدستور، هيأة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة
الجمعوية. وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات
حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب
والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية،
بروح المواطنة المسؤولة.”
وبالتالي يتعين العمل على :
- القيام بمراجعة شاملة لآليات وبرامج الدعم العمومي لتشغيل الشباب، للرفع من نجاعتها، وجعلها تستجيب لتطلعات الشباب، على غرار ما دعوت إليه في خطاب العرش بخصوص برامج الحماية الاجتماعية.
- إعطاء الأسبقية للتخصصات التي توفر الشغل، واعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، سنتين أو ثلاث سنوات قبل الباكالوريا، لمساعدة التلاميذ على الاختيار، حسب مؤهلاتهم وميولاتهم، بين التوجه للشعب الجامعية أو للتكوين المهني.
- إعادة النظر بشكل شامل في تخصصات التكوين المهني لجعلها تستجيب لحاجيات المقاولات والقطاع العام، وتواكب التحولات التي تعرفها الصناعات والمهن، بما يتيح للخريجين فرصا أكبر للاندماج المهني.
و اعتماد اتفاقية إطار بين الحكومة والقطاع الخاص، لإعطاء دفعة قوية في مجال إعادة تأهيل الطلبة الذين يغادرون الدراسة دون شواهد، بما يتيح لهم الفرص من جديد، لتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية والاجتماعية.
- تيسير ولوج حاملي المشاريع لمصادر التمويل الكافية
من خلال تعزيز ثقة المؤسسات البنكية في المقاولات الصغيرة والمتوسطة وكذلك جعل صندوق محمد السادس للاستثمار في خدمة الشباب حاملي المشاريع خاصة تلك التي تتعلق بمشاريع الاستثمار في مجال الابتكار في مختلف المجالات ذات الاولية.
التحدياث :
- هجرة الادمغة
تواجه المملكة مجموعة من التحديات أمام التحولات التي يشهدها العالم على المستوى الديموغرافي خاصة اوروبا التي تعاني من ارتفاع نسبة الشيخوخة والحاجة الى موارد بشرية وطاقات شابة وبالتالي فإنه في ظل هذا التجاهل في توفير ارضية ملائمة لاستغلال هذه الكفاءات و الادمغة لاشك ان ذلك سيشجع على تنامي هذه الظاهرة .
- انتشار الفساد
كما سبق وان اشرت فإن المسألة لاتقتصر فقط على مراجعة المنظومة القانونية و تخصيص موارد مالية بقدر ما يعول على التحلي بروح المسؤولية والتعاون كما يدعو الى ذلك دستور المملكة، من أجل النهوض بالتنمية و تحقيق المصلحة العامة، وتحقيق هذه الغاية رهين بتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والانصاف وتعزيز ثقة الشباب في المؤسسات وتيسير ولوجهم لمختلف البرامج و الموارد.
وعليه فإن المغرب قد واصل تراجعه في مؤشر ادراك الفساد الى المرتبة 97 عالميا من اصل 180[3] كما تم تسجيل ارتفاع معدل الفساد داخل السلطة القضائية بناء على التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة ومحاربتها وهذه مسألة تدعو للقلق على اعتبار ان القضاء بمثابة المراة التي تعكس واقع مختلف القطاعات و المؤسسات .
[1] https://www.aljazeera.net/ebusiness/2024/12/5/%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%86%D9%85%D9%88-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%AF
[3] https://www.hespress.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A4%D8%B4%D8%B1-%D8%A5%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84-1306573.html
تعليقات فيسبوك