تعيين مراقبي الحسابات واختصاصاته

5
(1)

إعداد : أشرف حامل الدين.

يعد مراقبي الحسابات comptes commissaire aux من بين أهم الفئات من الخبراء المتخصصين يقومون في الشركة بمهمة الرقابة دائمة وفعالة، في النظر فيما يخص من انحراف الإدارة ومخالفة أحكام القانون بحيث أصبحوا الان بمثابة الرقيب القانوني والأخلاقي الذي يضبط أعمالها والذي وصفه البعض بضمير الشركة. إن التشريع المغربي وعلى غرار نظيره الفرنسي، أوجب أن يعين في كل شركة مراقب أو عدة مراقبين للحسابات يعهد لهم بمراقبة وتتبع حسابات الشركة، بحيث يعين مراقبين الحسابات سواء كانوا أشخاص طبعيين أو معنويين من بين المقيدين في جدول هيئة الخبراء المحاسبين وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة 160 من شركات المساهمة[1]، والتي تنص على أنه لا يحق لأي كان مزاولة مهام مراقب الحسابات مالم يكن مقيدا في جدول هيئة الخبراء.

إن مهمة مراقبي الحسابات فرضت ضرورة وضع تنظيم قانوني يستجيب لمتطلبات عولمة الاقتصاد والتجارة، لذلك من الضروري من جهاز المراقبة لمراقبة استعمال هذه الأموال ومنع كل محاولة التلاعب بها.[2] وهذا ما يدفعنا الى التحدث عن تعيين مراقبي الحسابات في (الفقرة الأولى) واختصاصاته في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعيين مراقبي الحسابات

إن طبيعة شركات المساهمة تتميز بكونها يشارك فيها عدد كبير من المساهمين قد يتعذر عليهم القيام بنفسهم بأعمال المراقبة، فإن المشرع أوجد نظاما للمراقبة يمكن من ضمان مراقبة فعالة الأعمال المسيرين ولحسابات الشركة دون أن يؤدي ذلك إلى عرقلة سير الشركة، وهو نظام مرقبي الحسابات الذي يضمن مصالح الشركة ذاتها من خلال توجيه المسيرين بأنجع الطرق، ولقد عمل القانون الجديد على تفعيل دور مراقبي الحسابات عن طريق توسيع مهام المراقبة والفحص والتدقيق والإعلام الملقاة على عاتقهم مع جعل مهمتهم دائمة وذات اتصال بالمنفعة العامة، وذلك لتجاوز الوضع القانوني المتعلق بمزاولتهم لمهامهم ضمن شركة المساهمة. [3]

وعليه يتم تعيين مراقب الحسابات لمدة ثلاث سنوات مالية من قبل الجمعية العامة العادية للمساهمين، وإما بموجب النظام الأساسي موقع وفق نفس الشروط لا يمكن أن تزيد مدة مهامهم عن سنة مالية واحدة وهذا ما أكدته مقتضيات المادة 163 من قانون 17.95المتعلق بشركات المساهمة. كما نصت المادة 20 من نفس القانون على أنه يتم تعيين المتصرفين الأولين وأعضاء مجلس الرقابة الأولين، ومراقبي الحسابات الأولين، إما بموجب النظام الأساسي أو بموجب عقد منفصل يشكل جزءا من النظام الأساسي وموقع وفق نفس الشروط ويشرعون في ممارسة مهامهم فعليا ابتداء من تقييد في السجل التجاري.

فالتعيين في النظام الأساسي وإن كان الهدف منه هو الإسراع في إنشاء الشركة إلا أنه يمكن أن يكون أيضا سلاح ضغط على مراقبي الحسابات وتوجيههم الوجهة التي يرتضونها، إذ أنه لا يؤخذ بأي اعتبار للمساهمين الذين ليس لهم أي دور في التعيين، على خلاف التعيين من قبل الجمع العام الذي يعطي لكل مساهم الحضور لتعبير عن إرادتهم في القرارات المتخذة في كل ما يتعلق بالتعيين وهذا التعيين يتم بتدخل من رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات، وذلك في حالة عدم تعيين الجمعية العامة لمراقبي الحسابات يعمل رئيس المحكمة على تعيينهم بأمر منه وذلك بطلب من أي مساهم على أن تتم دعوة المتصرفين بصفة قانونية، إلا أن المدة المعهودة بها بهذه الكيفية تنتهي حين تقوم الجمعية العامة بتعينهم، وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة 165 من قانون 17.95 المتعلق بشركات المساهمة.[4] كما يتم تعيين المراقبين الذين سوف يحلون محل المراقبين المجرعين من طرف رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجلات إذا تمت استجابة لطلب التجريح ويستمرون في مزاولة مهامهم إلى حين تعيين مراقب او مراقبين  جدد من لدن الجمعية، وهنا يبرز لنا الدور الذي خوله المشرع إلى أقلية مساهمين في إمكانية التجريح. وهذا ما أكدته مقتضيات المادة 164 من قانون 17.95 يمكن لمساهم أو عدة مساهمين يمثلون ما لايقل عن 5 في المئة من رأسمال الشركة توجيه طلب لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، بتجريح مراقب أو مراقبي الحسابات الذين عينتهم الجمعية العامة على أن يكون هذا التجريح الأسباب صحيحة.[5]

وقد نصت مقتضيات المادة 161 من قانون شركات المساهمة. لا يمكن تعيين الأشخاص الاتي ذكرهم كمراقبي للحسابات [6] 

  1. المؤسسون وأصحاب الحصص العينية والمستفيدون من امتيازات خاصة وكذا المتصرفون وأعضاء مجلس الرقابة أو مجلس الإدارة الجماعية بالشركة أو الشركات التابعة لها.
  2. أزواج الأشخاص المشار إليهم في البند السابق وأقاربهم وأصهارهم في الدرجة الثانية
  3. الذين يتقاضون أجرا كيفما كان نوعه من الأشخاص المشار إليهم في البند1 أعلاه أو من الشركة أو من الشركات التابعة بالنظر لممارستهم وظائف قد تمس باستقلاليتهم.
  4. شركات الخبرة في المحاسبة التي يكون أحد الشركاء فيها في وضع من الأوضاع المشار إليها في البنود السابقة

الفقرة الثانية : اختصاصات مراقبي الحسابات

يعد مراقبو الحسابات جهازا فنيا لمراقبة مالية الشركة وحساباتها، لذلك فهو يمثل عين الجمعية العامة البصيرة فيما يتعلق بهذه الحسابات، فتعتمد الجمعية على تقاريرهم، وعلى المعلومات والتقييمات الواردة فيها للكشف عن حقيقة الوضعية المالية للشركة وعن سلامة الميزانية والحسابات المقدمة من قبل مجلس الإدارة، والأجل هذه الغاية أعطى القانون لمرقبي الحسابات بصفة دائمة  مهمة التحقق من القيم والدفاتر، والوثائق المحاسبية للشركة ومراقبة مطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها، والتحقق من صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير لمجلس الإدارة  او مجلس الإدارة الجماعية ، وفي الوثائق الموجهة للمساهمين، والمتعلقة بذمة ووضعية الشركة المالية وبنتائجها ومن تطابقها مع القوائم التركيبية. وكذا التحقق من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين وهذا ما أكدته المادة 166 من قانون شركات المساهمة [7]. وهذا يعني أن عمل مراقبي الحسابات يقتصر على ما يتعلق بمالية الشركة وحساباتها، ولا يمتد إلى شؤون الإدارة والتسيير، ولتمكين مراقبي الحسابات من إنجاز مهامهم، أجاز لهم القانون لاطلاع في أي وقت من السنة في مقر الشركة، على كل الوثائق التي يرون فيها نوع من الفائدة وخاصة، العقود، والدفاتر، والوثائق المحاسبية، وسجلات المحاضر.[8] وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة 167من قانون 95.17.ويجب على مراقبي الحسابات أن يحيطوا مجلس الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة على ما يلي كما تطال الامر ذلك :

  1. عمليات المراقبة والتحقق التي قاموا بها ومختلف الاستطلاعات التي تولوا إنجازها
  2. بنود القوائم التركيبية التي يتبين لهم ضرورة القيام بتغييرات فيها مع إبداء كل الملاحظات المفيدة.
  3. الخروقات غير المطابقة للحقيقة التي قد يكتشفونها
  4. المستنتجات التي تؤدي إليها الملاحظات والتصحيحات المذكورة
  5. كل الأفعال التي بلغت إلى علمهم أثناء مزاولة مهامهم وبدا لهم أنها تكتسي صبغة جرمية إضافة الى ذلك يقوم مراقبو الحسابات في الشركات التي تدعو الجمهور الى اكتتاب باطلاع مجلس القيم المنقولة على الخروقات والبيانات غير المطابقة للحقيقة التي قد يكتشفونها أثناء مزاولة مهامهم [9]

وعليه فمراقب الحسابات هو حارس الشرعية في شركة المساهمة ولهذا عليه المراقبة وتدقيق، وتقريره يجب أن يكون بصورة صادقة عن نتيجة السنة المالية.

كما يمكن إعفاء مراقي الحسابات أو عدة مراقبين للحسابات من مهامهم في حالة ارتكابهم خطأ أو إذا عاقهم عائق مهما كان سببه،[10] وحينما يتم إعفاء مراقب الحسابات من مهامهم يتم تعويضهم وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 163. ويتعين على مراقب الحسابات في حالة الاستقالة أن يعدو وثيقة يعرضها على مجلس الإدارة الجماعية او مجلس الرقابة، كما يسأل مراقب الحسابات او مراقبو الحسابات تجاه الشركة الأغيار عن الضرر الناتج عن خطأ او إهمال المرتكب من طرفهم خلال مزاولتهم لمهامهم.[11]


[1] المادة 160 من شركات المساهمة.

[2] ربيعة الغيث، الشركات التجارية، الطبعة الأولى 2019، ص 232.

[3] فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد الجزء الثاني، الشركات التجارية. ص 271و272

[4] المادة 165 من شركات المساهمة.

[5] ربيعة غيث، م. س ص 233و 234.

[6] المادة 161 من شركات المساهمة

[7] المادة 166 من قانون 95.17.

[8] فؤاد معلال، م س ص 275.

[9] كإشارة أن الهيئة المغربية لسوق الرساميل حلت محل عبارة مجلس القيم المنقولة في جميع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وهذا ما نصت عليه المادة الأولى من قانون 43.12 المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل.

[10] المادة 179 من قانون 95.17 الذي تم تتميم وتعديل المادة 179 من قانون 20.05.

[11] المادة 180 من قانون 95.17المتعلق بشركات المساهمة.

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك