إعداد : حسن الكباص
يقدم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، برسم تدبيره لنظام الضمان الاجتماعي تعويضات مختلفة، يمكن إجمالها في التعويضات العائلية والتعويضات القصيرة الأمد والتعويضات الطويلة الأمد ،سأحاول في هذه الدراسة أن استخرج أهم الشروط التعسفية التي تتضمنها هذه التعويضات . يتضح من خلال مقتضيات الفصل 32 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72184 الصادر بتاريخ 15 جمادي الثانية 1392(27 يوليوز 1972) المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي كما تم تغييره وتتميمه بموجب قانون رقم 03,14، أن المشرع المغربي يتحدث عن “العجز البدني” للحصول على التعويضات المتعلقة بالحوادث و الامراض غير المهنية ،وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول حق الأجير في الحصول على هذا النوع من التعويضات في حالة إصابته ” بعجز صحى ” ناتج عن مرض نفسي أو عقلي تعرض له هذا الأخير، والواقع بخصوص هذه النقطة أن بعض التشريعات قد أقرت حق الأخير في الحصول على هذا التعويض في مثل هذه الحالات، منها التشريع اللبناني حيث ورد في المادة 25 من قانون الضمان الاجتماعي اللبناني بأن المرض الذي يعوض عنه الأجير هو ” كل حالة مرضية جسدية أو عقلية أو نفسية غير ناتجة عن طارئ العمل أو عن مزاولة مهنة …… لذلك لا بد من تعديل مقتضيات الفصل 32 السالف ذكره، وذلك بالإشارة إلى المؤمن له المصاب ” بعجز صحي” بدل عبارة ” العجز البدني”. كذلك نرى في هذا الصدد، أنه لابد من التخفيف من الشروط المتطلبة للحصول على هذا النوع من التعويضات، خاصة الشرط المتمثل في توفر الأجير المريض على 54 يوما من الاشتراك خلال 6 أشهر المدنية السابقة للعجز، إذ لا يعقل أن يتم ربط حق الأجير في الحصول على هذا النوع من التعويضات بالتوفر على فترة معينة من الاشتراك، وأن يتم حرمانه من هذا التعويض لأن فترة الاشتراك لم يتم استيفائها، لذلك لابد من الغاء هذا الشرط أما فيما يخص التعويضات المرتبطة بفقدان الشغل يتبن لنا أن المشرع المغربي اعتمد السياسة الاقصائية وذلك من خلال محدوديته في التنصيص على شروط التعويض بحيث حددها في خمس شروط . نلاحظ من خلال هذه الشروط أن المشرع قد أقصى الأجير الذي يغادر بصفة تلقائية او الذي يقدم استقالته ، هذا بالنسبة للشرط الأول اما بخصوص الشرط الثاني فاشتراط المشرع توفر الاجير على فترة تأمين لا تقل عن 780 يوما هو شرط يصعب تحققه امام احجام عدد كبير من ارباب العمل عن القيام بعملية التصريح، كما أنه كان بإمكان المشرع الاكتفاء ب 780 يوم تصريح خلال ثلاث سنوات دون اشتراط 260 يوما خلال 12 شهرا . وعند اشتراطه ثالثا أن يكون الاجير مسجلا لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات نجده قد استبعد الأجير الغير مسجل وبالتالي فإن اغلبية الاجراء يعتبرون غير مسجلين في هذه الوكالة بحيث يعملون دون اللجوء الى مؤسسة الوساطة والتمثيل. اما عندما اشترط المشرع قدرة الأجير على العمل فإننا نرى انه اجحاف في حق الاجير الذي فقد شغله بسبب عدم قدرته على العمل أو عجزه بحيث يجب عدم حرمانه من التعويض نظرا للوضعية الصعبة التي يمر منها . كما ان الزام المشرع للأجير بتعبئة استمارة من طرف المشغل داخل اجل 60 يوما من اجل التعويض عن فقدان عقد الشغل يعتبر اقصاء للأجير من اجل الاستفادة من هذا التعويض وذلك باعتبار أن المشغل قد يتماطل عن تعبئتها أو يرفض ذلك وبالتالي ينصرم الاجل دون استفادة الاجير, والملاحظ ان صرف التعويض عن فقدان عقد الشغل لمدة 6 اشهر هي مدة غير كافية اذا ما تساءلنا في حالة عدم حصول الأجير على عمل جديد. أم بالنسبة لبعض الشروط المطلوبة للاستفادة من راتب الشيخوخة، يلاحظ أن المشرع أدرج شرطا قاسيا يتمثل في التوقف عن كل عمل مأجور، وهو مالا يمكن تبريره أبدا طالما أن المعني بالأمر قد دفع اشتراكات ووصل إلى السن التي تؤهله لنيل راتب الشيخوخة . في الختام يمكن القول من وجهة نظري الشخصية أن التعويضات التي يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عموما، تبقى قاصرة عن تحقيق الدور المنوط بها، وذلك بسبب قساوة الشروط القانونية التي تطلبها المشرع للحصول عليها و لمحدودية مبالغها من جهة ، من جهة أخرى نشاهد ظاهرة تملص المشغلين من التصريح بأجرائهم ، الأمر الذي يطرح السؤال حول كيفية التوافق بين هذا المعطى الواقعي و شرط توافر الأجراء على عدد كبير من أيام الاشتراكات، لذلك لابد من تبني إصلاحات عميقة للنظام القانوني المؤسس لهذه التعويضات، قصد تحقيق حماية اجتماعية فعالة للمؤمن لهم
تعليقات فيسبوك