ما بعد الاكتئاب

5
(1)
من الأشياء التي لا يمكن للإنسان أن يفرض سيطرته عليها الأحاسيس ،  فالأصل أن الإنسان يولد سعيدا فهو عند الوهلة الأولى يظهر مولودا كصفحة بيضاء قبل ان تسافر بها الأقدار عبر رحلة طويلة و تتناولها الأيادي وكأنها لوحة سيرسم فيها كل من يحمل بيده فرشاة و في نهاية المطاف نكون أمام لوحة تعبر عن رغبات متعددة وتحولات بين أفكار عديدة فإما أن نحافظ عن هذه السعادة أو نفقدها ...

ان دراستنا لمرض الاكتئاب يقتضي منا تناول هذا الموضوع عبر العديد من الزوايا حتى نكون أمام مقال يضم من المعلومات ما يكفي لفهم هذه الحالة من حيث الأعراض و كيف يمكن التعامل معها .

     ( هذه الفقرة مأخوذة من مذكرة شخص يعاني من لاكتئاب )

” وجدت نفسي أرغب أكتر من كل وقت مضى في الابتعاد ” عن ماذا ؟ ” غالبا ما سيتبادر إلى ذهنك هذا السؤال ، إن رغباتي ليست بمستحيلة وإنما صعبة فكل ما أريده هو أن أستطيع نسيان كل شيء فأنا أعيش على ذكريات الماضي ووجعه ، ولا أستطيع أن أنام دون أن أخوض في معارك طويلة من الأسئلة واللا جواب عليها ، بالي مشغول بالماض وليس المستقبل ، أريد أن أبدأ من جديد وكأن شيئا لم يحدث قط على الرغم أن ما مضى في حياتي ليس بغريب عن حياة العديد من الأشخاص بل هو المألوف لديهم …
لم الاحظ في بداية القصة كيف أصبحت أميل نحو العزلة وأرغب أن أمضي وقت فراغي وحيدا بعيدا عن الأحاديث ، لم الاحظ كيف أصبحت محبا للظلام ورافضا لنور النهار ….
أصبحت ألوم نفسي بين الفينة والأخرى على أمور ربما لن يهتم بها شخص عادي كما يمكن أن يتجاهلها كأنها لم تحدث ، ألوم نفسي حتى عن الأخطاء التي لم أكن جزءا منها ، لا أتذكر اخر مرة شعرت فيها بفرح أو سرور حتى أنه أظل أسأل نفسي ما الذي يمكن أن يجعلني مسرورا ؟ كيف تسلل الحزن إلى داخلي ؟ أليست عائلتي بجانبي وكل من أحب ؟ فما الذي يمكن أن يعيد لي سعادتي ؟ حتى انني لا افرح بنجاحي و بأشياء تفرح الآخرين …
لقد أهملت نفسي واعلم يقينا ذلك وافعل ما بوسعي لاستعادة نسختي السابقة واتمنى ذلك من أعماق قلبي …. “

لقد أخدت هذه الفقرة من مذكرة شخص يعاني من الاكتئاب يمكننا من خلالها استخلاص ما يشعر به المصاب من تجربة واقعية ، فالشخص الذي يعاني من الاكتئاب كتير اللوم على نفسه يتألم لأسباب هي بالنسبة لشخص غير مصاب من الأمور العادية ، أيضا التفكير في تفاصيل الأمور والتدقيق فيها يجعل من المصاب يدخل في متاهة من الأسئلة التي لا يجد لها جوابا .
الحزن في الاكتئاب غير متوازن مع السبب وأحيانا لا يكون هناك سببا أصلا، فالمصاب بالاكتئاب قليل الرغبة والاهتمام والاستمتاع بالأشياء الجميلة من حوله …
حسب دراسة قامت بها سكاي نيوز عربية كشفت أنه نحو تلث المغاربة يعانون من الاكتئاب، وحسب ما جاء في المقال انه حسب المختصين في الطب النفسي، عادة ما تبدأ الاضطرابات النفسية بتوتر وقلق، وسرعان ما تتحول إلى اكتئاب قد يؤدي بصاحبه إلى العديد من المشاكل والعقد، التي قد تصل أحيانا إلى درجة الانتحار.
وفي حديث لموقع سكاي نيوز عربية مع البروفيسور جلال توفيق مدير مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بسلا قال أنه هناك أخطاء ومغالطات تنتشر بين الناس وهي بعيدة كل البعد عن الواقع، والتي من شأنها المساهمة في تدهور الحالة النفسية للشخص المكتئب”.

كما أن “الاكتئاب ليس ضعف في الشخصية كما هو شائع، أو انعدام الإرادة والعزيمة لدى الفرد لمواجهة الصعاب، بل هو مرض يستوجب العلاج كباقي الأمراض الأخرى”.

وكذلك، أشار البروفيسور توفيق، أن “من الأخطاء الشائعة بين الناس وفي أوساط العاملين في قطاع الصحة أيضا، التي يمكن أن تبعد المريض عن علاجه الطبي، الاعتقاد بأن الأدوية المضادة للاكتئاب تؤدي إلى الإدمان عليها، وهو خطأ كبير جدا، لأن تلك المضادات تساعد المريض بشكل ملحوظ على استرجاع نمط حياته الطبيعية”.

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك