الأجهزة القضائية المتدخلة في مساطر معالجة صعوبات المقاولة بين الفعالية والنجاعة

4
(4)

إعداد أيوب الطاهري

مقدمة:

    أصبحت المقاولة في عصرنا الحالي النموذج الأمثل للاستثمار باعتبارها عصب المنظومة الاقتصادية ورافدا من روافد التنمية الشاملة لما تتميز به من خصوصيات تجعلها قادرة على القيام بالدور المنوط بها في دعم الاستثمار وتشجيع المبادرة الفردية وتزكية روح المنافسة والابداع.

 وعليه فإن التحولات الاقتصادية التي أضحى العالم يعرفها اليوم في ظل تبني العديد من الدول للنظام اللبرالي وتبنيها لخيار الانفتاح الاقتصادي والانخراط في الاتفاقيات التبادل الحر، كل هذه العوامل دفعت بالدول إلى إعادة النظر في قوانينها بهدف جعلها قادرة على مواكبة التطورات الاقتصادية ومن أجل خلق مناخ قانوني.

بحيث شهد المغرب في الآونة الأخيرة مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الاعمال[1]،  والارساء الأسس المتينة للبناء الاقتصادي، خاصة ما يتعلق بالمقاولة التي تعتبر وحدة إنتاجية أي وحدة لخلق الثروات ومناصب الشغل، ولهذا فإنها تمثل القاعدة الأساسية الاقتصاد أي دولة ووسيلة لتحقيق التنمية الشاملة ورفع حجم الاقتصاد الوطني[2].

 وعموما، ومما لا شك فيه فإن المقاولة اليوم أصبحت تلعب دورا بارزا في النهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية المتطلبة، من خلال موقعها داخل المجتمع، ونظرا الأهمية هذا الدور تم اتخاد العديد من التدابير القانونية والتشريعية اللازمة لتعزيز مكانتها ولعل من بين أهم الاليات التي اعتمدت في هذا الصدد نجد الحكامة، [3]التي أصبحت تلعب دورا مهما في تحسين صورتها وتعزيز مصداقيتها تجاه مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين.

وهذا كله ما دفع بالمشرع المغربي تحت هاجس المحافظة على المقاولة وضمان استمراريتها إلى إيجاد الوسائل التي من شأنها مساعدة المقاولات المتعثرة على تجاوز الصعوبات حيث تم استبدال نظام الإفلاس الذي كان معمولا به في ظل القانون السابق 1913 هذا الأخير الذي لم يكن ملائما للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المغرب، بإضافة أنه نظام كان تطبيقه يؤدي إلى اعتبار جل المقاولات من خلال اعتماده على تصفية المدين المتوقف عن دفع ديونه المستحقة وكل هذا أدى الى التفكير في إيجاد حلول وبديل لهذا النظام ويكون أكثر نجاعة في انقاذ المقاولات وهو ما تجسد في نظام صعوبات المقاولة المحدث بموجب القانون 95.15 بمثابة مدونة التجارة سنة 1996 هذا الأخير أبان عن فشله في تحقيق الأهداف المرجوة، ليكون المشرع المغربي ملزما مرة أخرى على التدخل من أجل الرفع من نجاعة مساطر صعوبات المقاولة من خلال العديد من التعديلات وذلك من خلال القانون 73.17 الذي نسخ وعوض الكتاب الخامس من مدونة التجارة الصادر بتاريخ 19 ابريل 2018[4].

إن خلق فضاء امن ومحفز ومشجع للعمل المقاولاتي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، يفرض علينا اليوم البذل المزيد من المجهود في اتجاه تطوير النسيج الاقتصادي[5].

  ومن ثم فقد أوكل المشرع المغربي مهمة السهر على تحقيق الأهداف المتمثلة في ضمان استمرارية المقاولة، والمحافظة على مناصب الشغل وتصفية الخصوم وحماية الدائنين للقضاء التجاري أي المحاكم التجارية[6] هذه المحاكم وحدها تختص  في النظر في دعاوى مساطر صعوبات المقاولة باعتبارها تشكل القضاء المتخصص نوعيا، وتبعا لذلك فإن مهمة الحماية هذه أوكلت للجهاز القضائي سواء خلال مرحلة حياة المقاولة أو عند توقفها عن الدفع  هكذا اصبح القاضي يلعب دورا مهما في حياة المقاولة ، حيث لم يعد دور هذا الأخير يقتصر على فض النزاعات بين الأطراف من منظور الخصومة التقليدية، بل أصبح موكولا له في إطار نظام صعوبات المقاولة اتخاد قرارات في التسيير .بحيث اصبح يبث في النازلة بمقتضى سلطة الملاءمة والتقدير في تبني الاختيار الأنسب لوضعية المقاولة ومصيرها، واتخاد جميع الإجراءات الكفيلة بإنقاذ المقاولة.

    كما تجدر الإشارة أن مساطر صعوبات المقاولة لا يمكن أن تحقق النجاح إلا بوجود أجهزة فعالة وذو كفاءة عالية وديناميكية تستطيع تحقيق الغرض منها ولعل من أبرز هذه الأجهزة نجد المحكمة التجارية باعتبارها فاعل في مساطر صعوبات المقاولة، وكذا التدخل التلقائي للنيابة العامة وكذلك دور مؤسسة القاضي المنتدب، على اعتبار أن هذه الأجهزة من أهم محركات مساطر صعوبات المقاولة وابرزها على الاطلاق، وهذا التوجه الحديث هو ما كرسته مدونة التجارة في الكتاب الخامس وبالخصوص التركيز على الدور الاقتصادي والاجتماعي للمقاولة بصفة عامة.

ونظرا للطبيعة الخاصة لقضايا صعوبات المقاولة والتي ترتبط بمصالح فردية وجماعية تميزها بخصائص متنوعة عن القضايا العادية تتمثل أساسا في إنقاذ المقاولة كوحدة اقتصادية، ومن ثم الحفاظ على جميع المصالح المرتبطة بها، بحيث تتدخل الأجهزة القضائية عبر اليات فرضتها طبيعة القضاء التجاري مع هذا النوع من القضايا، وهذا الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى ادخال هياكل قضائية متخصصة اسند إليها مهمة البت في مساطر صعوبات المقاولة واتخاد جميع الإجراءات الكفيلة بإنقاذ المقاولة تحقيقا الاستمرارية النشاط الاقتصادي.

أهمية الموضوع:

تتجلى لنا أهمية هذا الموضوع من خلال الأهمية النظرية والأهمية العملية.

 أهمية النظرية:

 وتكمن هذه الأهمية من خلال تنظيم المشرع المغربي هذه الأجهزة في الكتاب الخامس من مدونة التجارة الذي تم تعديله بالقانون 73.17 تنظيما من شأنه الحفاظ على المقاولة وضمان استمراريتها من خلال تدخل هذه الأجهزة عبر مراحل المسطرة، والذي يتم عبر اليات قضائية واتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بإنقاذ المقاولة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مما يؤدي الى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع المستثمرين وتحفيز رؤوس الأموال على الاستقرار والإنتاج، ومن ثم الرفع بالاقتصاد الوطني.

أهمية العملية:

وتتمثل لنا من خلال الوقوف على هذه الأجهزة من داخل المحكمة التجارية بالرباط باعتبارها الجهة الموكول لها اختصاص النوعي في نظر في طبيعة دعاوى صعوبات المقاولة، بالإضافة الى الدور الذي تلعبه هذه الأجهزة في كل مسطرة على حدة سواء مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية على مستوى التعيين، أو الاشراف، أو التسيير أو التدبير. وكذا الاختلالات التي أبانت على مستوى تحقيق النجاعة القضائية والتي تؤثر على النظام الاقتصادي.

إشكالية الموضوع:

 ان مقاربة هذا الموضوع تدفعنا الى طرح إشكالية جوهرية تتمحور أساسا في ما مدى تمكن المشرع المغربي من تنظيم الأجهزة القضائية المتعلقة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة داخل المحاكم التجارية؟

 وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية:

  • ماهي الأجهزة القضائية المتدخلة في إدارة مساطر معالجة صعوبات المقاولة؟
  • ما دور المحكمة التجارية ورئيس المحكمة والنيابة العامة في فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة؟
  • كيف يتم تعيين القاضي المنتدب وما دوره في مساطر صعوبات المقاولة؟
  • ماهي مهام كتابة الضبط بالمحكمة التجارية والأقسام الموجودة فيها؟

المنهج المعتمد:

وبما أن جميع البحوث لا تكاد أن تخلو من اعتماد مناهج البحث العلمي ويتحتم على كل الدارسين والباحثين الاعتماد على هذه المناهج، وأن طبيعة الموضوع فرضت اتباع المنهج الوصفي التحليلي من أجل وصف أدوار هذه الأجهزة القضائية المتدخلة في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، وكذا منهج دراسة حالة من أجل دراسة واستكشاف الأقسام الموجودة بالمحكمة التجارية بالرباط دورها في سير الإجراءات والمساطر القضائية.

فرضية الموضوع:

إن هدف المشرع المغربي في فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة هو محاولة إنقاذ المقاولة، وبالتالي حماية مصالح المستثمرين،  كما أن نجاح المقاولة رهين بتحقيق النجاعة القضائية وهذا لا يتم إلا من خلال مقاربتين، مقاربة المقاولة، إذ أنه لا يمكن نجاح مقاولة في ظل الفساد، وعلى أن بعض الشركات تتسم بالطابع العائلي، وكذلك في ظل ثقافات التملص، ولهذا يجب أن نبحث عن المقاولة المواطنة، أما بخصوص مقاربة ثانية وهي مقاربة القضاء التجاري ودوره في تحقيق هذه النجاعة والفعالية، الأن معالجة صعوبات المقاولة رهين بإصلاح الجهاز القضائي، ومن ثم فإن للقاضي التجاري يجب أن يكون له تكوين ومعرفة شمولية بالمقاولة وما يحيط بها وخاصة أن القانون التجاري ينتمي إلى فئة قانون الأعمال مما يحتم السرعة والدقة، وهذا كله من أجل إضفاء الشفافية وترسخ الثقة لدى المستثمر.

خطة البحث:

من خلال التقديم العام للموضوع ارتأينا وضع التصميم على الشكل التالي الذي سوف أعالج فيه الشق النظري للموضوع ثم انتقل إلى الشق التطبيقي.

  • المبحث الأول: دور الأجهزة القضائية ذات البعد القضائي المتدخلة في مساطر معالجة صعوبات المقاولة
  • المبحث الثاني: المحكمة الابتدائية التجارية بالرباط كجهاز فاعل في مساطر معالجة صعوبات المقاولة وباقي الأقسام الموجودة لدى المحكمة.

المبحث الأول: دور الأجهزة القضائية ذات البعد القضائي المتدخلة في مساطر معالجة صعوبات المقاولة.

  تعتبر الأجهزة القضائية في مساطر صعوبات المقاولة ضمانة أساسية للمقاولات، وعلى الدور الكبير وفعال الذي تلعبه في إنجاح المسطرة كما تراقب وتسهر على حسن سير المسطرة من بدايتها إلى نهايتها، فهي من بين الاليات التي تعزز الثقة لدى المقاولات وهذا كله من أجل تحقيق الأمن القضائي[7]. كما تتميز مساطر صعوبات المقاولة بتدخل عدة أجهزة في حياة المقاولة، كما أن مفهوم التوقف عن الدفع [8]له دور محوري وحاسم في تحديد نوع المسطرة الواجبة التطبيق، فإذا كانت مسطرتي الوقاية الداخلية والخارجية مساطر غير قضائية، فإن مسطرة الإنقاذ والتسوية القضائية والتصفية القضائية، تعتبر مساطر قضائية لصعوبات المقاولة، وتتسم بالتدخل المباشر للقضاء والذي يهيمن عليها الطابع القضائي وهو الأمر الملموس من خلال تدخل الأجهزة القضائية[9]. والذي تتمثل في المحكمة ورئيس المحكمة وتدخل التلقائي النيابة العامة، (المطلب الأول) ثم تدخل القاضي المنتدب ودوره في استمرارية نشاط المقاولة والعمل على السير السريع للمسطرة وحماية المصالح القائمة تتجسد من بداية المسطرة حتى نهايتها، (المطلب الثاني).

المطلب الأول: دور المحكمة ورئيس المحكمة التجارية والنيابة العامة في فتح مساطر   معالجة صعوبات المقاولة.

 إن رهان المزاوجة في التوفيق بين مصالح الأطراف، والبحث عن الإنقاذ الممكن للمقاولة، كان وراء الاعتراف للمحكمة التجارية بسلطات واسعة وهي بصدد وضع يدها على المسطرة التي تخص المقاولة المتوقفة عن أداء ديونها في إطار مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، ومن ثم فإن الحسم في فتح إحدى المساطر وتحديد وضعية المقاولة وما يرتبط بها من مصالح جعلت مدونة التجارة  في الكتاب الخامس تلزم المحكمة القيام بالعديد من الإجراءات الذي يجب على المحكمة اتباعها والتي تعتبر بمثابة خريطة الطريق الذي يجب على المحكمة اتباعها واحترامها، ومن ثم فإن للمحكمة التجارية [10]. لها صلاحيات واسعة في فتح المسطرة، كما نجد رئيس المحكمة (الفقرة الأولى) الذي له مجموعة من الصلاحيات المخولة له سواء في فتح مساطر الوقاية الخارجية أو فتح مساطر المعالجة عندما تكون المقاولة متوقفة عن الدفع أو عند عدم تنفيذ الالتزامات الناجمة عن اتفاق المصالحة[11]. وكذا التدخل التلقائي للنيابة العامة بحيث تحتل النيابة العامة (الفقرة الثانية) مركزا متميزا داخا المحكمة باعتبارها ذات الصلة وثيقة بجميع المعطيات المتعلقة بمصير المقاولة.

الفقرة الأولى: المحكمة ورئيس المحكمة

   تعتبر المحكمة الابتدائية التجارية هي الجهاز الرئيسي في إطار قانون صعوبات المقاولة فهي محور المسطرة وهي المسؤولة عن اتخاد كافة القرارات الحاسمة في مساطر المعالجة في اطار تشاركي يجمع بين عدة أجهزة داخلية فرعية داخل المحكمة التجارية المختصة وذلك إلى جانب رئيس المحكمة كجهاز مشرف على مسطرة الوقاية من الصعوبات وكمساهم في تصحيح أوضاع المقاولات المتعثرة، كما تعتبر المحكمة التجارية هي المختصة محليا بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، كما لها إمكانية الفتح التلقائي للمسطرة خاصة في حال تقاعس الدائنين عن استعمال حقهم في تحريك مسطرة المعالجة أو في حالة عدم قيام أصحاب المقاولات بتقديم طلب فتح المسطرة في الاجل المحدد[12]. كما، نجد دور رئيس المحكمة التجارية الذي يجهز المعطيات اللازمة ويختار الوقت المناسب الذي يشعر فيه المحكمة بضرورة افتتاح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية وذلك متى اتضح له أن المقاولة متوقفة عن الدفع هذا المفهوم الذي يعد النقطة الفاصلة والمحورية، فالمحكمة لها سلطة التقديرية في تحديد التوقف عن الدفع، حيث يجب أن يكون الحكم مؤسسا على خبرة معينة تحت اشراف المحكمة تؤكد واقعة التوقف عن الدفع.

أولا: المحكمة التجارية

 خول المشرع المغربي بموجب المادة 578[13]، من مدونة التجارة صلاحية الفتح التلقائي للمسطرة وغاية المشرع في ذلك تتمثل في حماية الاقتصاد وتغليب جانب المصلحة العامة في انقاذ المقاولات التي تعاني من صعوبات، ومن ثم يمكن القول أن هذه المادة أعطت للمحكمة إمكانية التدخل تلقائيا، ومن خلال هذه الصلاحية الممنوحة لها فإنه متى اتضح لها من خلال أية وثيقة أو دعوى رائجة أمامها أن مقاولة ما في حالة التوقف عن الدفع فإنه يحق لها فتح المسطرة.

  بالإضافة إلى تخويل المحكمة إمكانية الفتح التلقائي للمسطرة بموجب المادة 578 المشار إليها أعلاه فإن القانون 73.17 من مدونة التجارة خول للمحكمة أيضا بموجب المادة 564 إمكانية تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية، وذلك متى تبين لها أثناء نظرها في فتح مسطرة الإنقاذ أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ. وبالتالي فإن مجال تدخل المحكمة التجارية تجاوز ذلك الاختصاص التقليدي ليشمل تقويم المقاولة اقتصاديا وماليا واجتماعيا[14]

 ويتعين كذلك على المحكمة تعيين الأجهزة في الحكم الصادر بفتح المسطرة لكي تقوم بالإشراف بتسيير المسطرة والمتمثلة في تعيين القاضي المنتدب والسنديك كما تعين نائبا للقاضي المنتدب تسند إليه نفس المهام إذا عاق مانع[15].

  1. سلطة المحكمة في الفتح التلقائي للمسطرة.

إن المقاولة بصفة عامة تجسد  فكرة أساسية وهي النظام العام الاقتصادي الذي يقتضي الحماية لمختلف المصالح، سواء تعلق الامر بالمقاولة المتوقفة عن الدفع، أوالدائنين وكافة المصالح المرتبطة بالمقاولة، فإنه وبموجب المادة 578 من مدونة التجارة، فالمحكمة يمكنها أن تضع يدها تلقائيا على مسطرة التصفية القضائية، متى اتضح لها من وثيقة أو دعوى رائجة أمامها، أن المقاولة متوقفة عن الدفع، أو متى تم تقديم طلب من رئيس المقاولة بفتح مسطرة المصالحة أمام رئيس المحكمة وقرر هذا الأخير أن المقاولة متوقفة فعلا عن الدفع وكانت في وضعية مختلة بشكل لا رجعة فيه، أحال الملف على المحكمة[16].

  • سلطة المحكمة في تحويل مسطرة الإنقاذ أو التسوية القضائية إلى التصفية القضائية.

فضلا عن ما سبق ذكره فإطار الفتح التلقائي لمسطرة التصفية القضائية طبقا للمادة 578 فإن القانون الجديد خول للمحكمة التجارية أيضا، وهو ما نصت عليه المادة 564 على إمكانية تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة التصفية القضائية، إذا تبين لها أثناء نظرها في طلب فتح مسطرة الإنقاذ، أن المقاولة كانت في حالة التوقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ.[17]

كما أنه بموجب المادة 573 من مدونة التجارة، فإذا لم تقم المقاولة بتنفيذ التزاماتها المحددة في مخطط الإنقاذ، فإنه يمكن للمحكمة التجارية تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة التسوية أو التصفية القضائية إما بشكل تلقائي أو بناء على طلب من أحد الدائنين، كما تتحول مسطرة التسوية إلى التصفية عندما يتبين من تقرير السنديك أو الوضعية للشركة متردية، وبالتالي فإن تحويل المسطرة إلى أخرى يؤدي إلى تغيير الوصف القانوني للمسطرة[18].

  • الاختصاص المحكمة التجارية في مساطر صعوبات المقاولة.

لقد نجم عن الأهداف المتوخاة من إقرار نظام صعوبات المقاولة وتفاديا لكل ما من شأنه إثارة نقاش وتضارب في الآراء والأحكام القضائية عمل القانون المغربي على إقرار مسطرة مبسطة وواضحة بخصوص أحكام الاختصاص، فإذا كان القانون المحدث للمحاكم التجارية 53.95 لم يتعرض الاختصاص في المادة 5  على انعقاد الاختصاص فإنه أشار الى ذلك  في المادة 11 ضمن تنظيمه للاختصاص المحلي لهذه المحاكم حيث نصت هذه المادة على أنه استثناء من الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية، ترفع الدعاوى فيما يتعلق بصعوبات المقاولة، الى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة.

 ومن ثم فإن المحكمة التجارية تختص وحدها بالنظر على سبيل الاستئثار في القضايا المرتبطة بصعوبات المقاولة اعمالا بالمقتضيات المادة 11 من قانون 53.95 بغض النظر عن الدين الذي قد يقود المقاولة الى التوقف عن ديونها،

وتأسيسا على ذلك فالاختصاص النوعي ينعقد للمحكمة التجارية بناء على صفة المدين، دائما وأبدا وهو ما يجعل هذا الاختصاص ذا طبيعة قطعية وحصرية، كما تكون مختصة حسب المادة 581 من مدونة التجارة للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بها،

 أما فيما يخص الاختصاص المحلي، وبالرجوع للمادة 581 من مدونة التجارة[19]، وهو نفس المقتضى الذي أوردته المادة 11 من القانون المحدث للمحاكم التجارية،

كما تجدر الإشارة بهذا الخصوص إلى أن اتفاق طبقا للمادة 5 من قانون احداث المحاكم التجارية، على اسناد الاختصاص المكاني الى محكمة أخرى لا توجد به المحكمة التجارية المختصة لكون هذه المساطر من النظام العام، وتتجاوز بذلك اثارها مجرد الأطراف المتفقة على مخالفة الاختصاص المكاني إلى الأغيار وإلى المصلحة الاقتصادية العامة، وطبقا لهذه الأحكام يمتد اختصاص المحكمة التجارية إلى كل ما يتصل بفتح هذه المسطرة سواء تعلق الأمر بتسيير المسطرة أو ما يقتضي حلها.

 أما فيما يخص الدفع بعدم الاختصاص النوعي، فإن العمل القضائي المغربي وإن كان يبدو متعارضا بخصوص البت فيه بحكم مستقل أو بموجب ضم هذا الدفع إلى الجوهر والفصل في القضية بحكم واحد، فإن متطلبات نظام صعوبات المقاولة وكذا هيمنة النظام العام الاقتصادي على القواعد المسطرية المؤطرة له يستدعي ابعاد تطبيق مقتضيات المادة 8 من القانون المحدث للمحاكم التجارية القاضية بموجب البت بخصوص الدفع بعدم الاختصاص النوعي بموجب حكم مستقل داخل أجل ثمانية أيام، يمكن استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص خلال أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ يتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف الى محكمة الاستئناف التجارية في اليوم الموالي لتقديم  مقال الاستئناف.

 كما يجب أن يعتبر الدفع بعدم الاختصاص المحلي من النظام العام كلما تعلق الامر بمنازعات تهم نظام صعوبات المقاولة، حيث يتعين على المحكمة اثارته تلقائيا وإحالة الدعوى على المحكمة المختصة[20].

  • فتح المسطرة بتصريح من رئيس المقاولة.

يجب على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة التسوية القضائية في أجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع وهذا ما أكدت عليه المادة 576 من مدونة التجارة.[21]

هكذا واستنادا الى أحكام المادة 576 من مدونة التجارة فإنه يتوجب على رئيس المقاولة المبادرة الى طلب فتح المسطرة تحت طائلة العقوبة المنصوص عليها في المادة 747 من مدونة التجارة وهذا الاجل ذو طبيعة خاصة فالهدف منه هو دفع رؤساء المقاولة إلى الإسراع بسلوك هذه المسطرة قبل أن تتفاقم وضعية المقاولة المتوقفة عن الدفع.

ويتعين على المدين الملزم بطلب فتح المسطرة القضائية للمعالجة حسب المادة 577 أن يبين أسباب التوقف عن الدفع، وأن يودع لدى كتابة الضبط مقابل اشهاد بالتسلم، الوثائق التي حددتها هاته المادة وهي القوائم التركيبية عن الاخر السنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات وجرد وتحديد كل أموال المقاولة

 إن الغاية من إلزام رئيس المقاولة تقديم كل هذه الوثائق هو تمكين المحكمة من تكوين صورة متكاملة وواضحة لوضعية المقاولة، كما طبقا لهذه المادة يمكن للمحكمة أن تأمر بأي إجراء من أجل تحقيق نفس الغاية. لاسيما الاطلاع على أي وثيقة أخرى بحوزة المقاولة أو الغير.

  • فتح المسطرة بناء على مقال افتتاحي للدعوى الأحد الدائنين.

طبقا للمادة 578 في فقرتها الأولى من مدونة التجارة فإنها خولت للدائنين إمكانية فتح المسطرة القضائية للمعالجة بمقال افتتاحي للدعوى وذلك الارتباط مصالحهم بمصير المقاولة، حيث أن تأخر المدين عن طلب فتحها من شأنها أن يدهور وضعيتها بما يهدد ويقلل فرص  حصولهم على ديونهم، كما يحق لكل دائن كيفما كانت طبيعة دينه التقدم بهذا المقال سواء كان دينه ذا طبيعة تجارية أو ذا طبيعة مدنية وسواء كان دينه عاديا أو مضمونا بأي نوع من الضمانات المقيدة أو غير المقيدة، شريطة أن يكون الدين ثابت ومستحقا ومطالبا به.

ولا يمكن قبول الدعوى إلى إذا قام الدائن مقدم المقال الافتتاحي بتأسيس عدم قيام المقاولة المدين بأداء الدين المستحق على واقعة التوقف عن الدفع، بمعنى أنه في حالة عدم تحقق هذا الشرط فلا تقبل دعواه لما وفره القانون من اليات للحصول على دينه[22].

ثانيا: رئيس المحكمة التجارية.

إن من بين المستجدات التي جاء بها القانون 73.17 أنه وسع من نطاق تدخل رئيس المحكمة وما يؤكد هذا القول الفقرة الثانية من المادة 578 من نفس القانون حيث والتي نصت على أنه يمكن للمحكمة أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة، أو من رئيس المحكمة التجارية في اطار ما تخوله له الوقاية الخارجية من اختصاصات، ومن ثم فالملاحظ من خلال هذه الفقرة أن المشرع قد خول لرئيس المحكمة التجارية حق طلب فتح المسطرة انطلاقا من تقنية الإحالة في حدود الاختصاص الذي أنيط به في مسطرة الوقاية الخارجية، اذا فمساطر الوقاية الخارجية هي من صعوبات المقاولة هي المجال الرئيسي لتدخل رئيس المحكمة التجارية حيث يتم فتح هذه المساطر تحت اشرافه وعن طريقه، فله صلاحية تحريكها بعد اخباره من طرف رئيس المقاولة أو مراقب الحسابات أو أي شريك، كما يمكن له فتح المسطرة تلقائيا كلما تبين له من عقد أو وثيقة أو اجراء أن المقاولة  دون أن تكون متوقفة عن الدفع، تعاني من صعوبات اقتصادية أو قانونية أو مالية أو اجتماعية أو لها حاجيات لا يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانية المقاولة[23].

 كما يهيئ رئيس المحكمة التجارية المعطيات اللازمة ويختار الوقت المناسب الذي يشعر فيه المحكمة بضرورة افتتاح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، وهذا ما أكدت عليه المادة 559[24] في فقرتها الأخيرة على أنه في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناجمة عن الاتفاق، يعين رئيس المحكمة بمقتضى أمر غير قابل لأي طعن، فسخ هذا الاتفاق وسقوط كل الآجال الممنوحة، ويحيل الملف على المحكمة لفتح مسطرة التسوية أو التصفية.

 ومن ثم نستشف من هذه المادة أن المشرع المغربي اعطى لرئيس المحكمة صلاحية مساعدة الأجهزة القضائية دون أن يتخطى الاختصاصات الموكولة لها، حيث يمكن لرئيس المحكمة أن يقوم بتقديم النصح لرئيس المقاولة وقبل اتخاد أي اجراء مسطري، من اجل حماية المقاولة واقناعه بالدور الجديد في تسوية وضعية المقاولة، وينبغي حصر هذه المهام من أجل تسهيل عملية الأجهزة القضائية المختصة حتى لا يفقد رئيس المحكمة التجارية استقلاليته[25].

الفقرة الثانية: النيابة العامة.

يعتبر جهاز النيابة العامة احدى أجهزة القضائية المساعدة والمكلفة بالدفاع عن الحق العام وعلى مصالح الأفراد والساهرة على احترام القانون وسيادته، لكن مع تطور النظام العام وتبلوره، أضحى يشمل جوانب تهم الحياة الاقتصادية والاجتماعية فبرز بذلك مفهوم النظام العام الاقتصادي والاجتماعي للتسيير القائم على تشجيع الاستثمار ودعم النشاط الاقتصادي مما حتم تواجدها حتى بالمحاكم التجارية، حيث أصبح لها دور متميز في مساطر صعوبات المقاولة، نظرا للأهمية المقاولات في النسيج الاقتصادي وارتباطها بالجانب الاجتماعي والمصلحة الاقتصادية مما يجعل منها دعما لمصلحة المقاولات، الشيء الذي فرض تحول هذا الجهاز من مجرد حارس للمشروعية القانونية كدور تقليدي إلى دور جديد أكثر فعالية كمتدخل أساسي في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، بحيث تعد من بين الأجهزة المساعدة لمسطرة التسوية وهو ما يبدو واضحا من المادة 578 من مدونة التجارة أي التدخل التلقائي في المسطرة، وكذا تدخلها في مسطرة التصفية القضائية وهو ما أكدته المادة 651 من مدونة التجارة في فقرتها الأولى تفتح المحكمة مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة، أو الدائن أو  النيابة العامة، إذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه. كذلك يتجلى دورها في إمكانية الطعن في المقرارات الصادرة بشأن فتح مسطرة الإنقاذ[26]،أو التسوية القضائية أو التصفية القضائية[27]، وكذا المقرارات الصادرة بشأن تحويل المسطرة المقرارات الصادرة بشأن حصر مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، المقرارات الصادرة بشأن تعيين السنديك أو استبدال السنديك أو تغيير سلطاته. من ثم فإن للنيابة العامة دور جوهري في مساطر معالجة صعوبات المقاولة وبالأخص في مسطرتي التسوية والتصفية القضائية، وبهذا الخصوص نجد حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط والذي جاء فيه وبناء على المستنتجات الكتابية للنيابة العامة التمست من أجلها الأمر بإجراء خبرة لمعرفة الوضعية الاقتصادية والمالية والاجتماعية للطالب.

وبناء على تقرير الخبرة المنجز من طرف الخبير، جاء فيه أن الوثائق المحاسبية للصيدلة لا تعكس وضعيتها المالية الحقيقية، حيث أنها تعرف مشاكل مالية لا يمكنها معها أداء كال ما بذمتها من ديون وعلى أن وضعيتها مختلة بشكل لا رجعة فيه، وحيث لا يمكنها أن تواصل نشاطها وهي بمرحلة التوقف عن الدفع، وحيث وأنه تبعا لذلك، ولما تبث للمحكمة أن وضعية الشركة مختلة بشكل لا رجعت فيه، قضت فيه أنه يتعين فتح مسطرة التصفية القضائية، وتعيين القاضي المنتدب ونائبه وسنديكا من أجل مباشرة إجراءات التصفية القضائية[28].

 أولا: النيابة العامة وحماية النظام العام الاقتصادي.

إن اعتبار النيابة العامة بالمحكمة التجارية أحد الأجهزة الرئيسية دليل على تطور الأدوار المنوطة بها والتي لم تعد مقتصرة على المجال الزجري، مما فرض هذا التحول في طبيعة دور النيابة العامة تلك التغييرات التي طرأت على مفهوم ونطاق فكرة النظام العام،[29] الذي اتسع ليشمل جوانب مالية واقتصادية واجتماعية[30].

 وبهذا الخصوص يعطي قانون المسطرة المدنية[31]، للنيابة العامة التدخل كطرف منضم عن طريق الاطلاع على مختلف المعلومات والملفات المعروضة على المحكمة، كما فرض المشرع إطلاع النيابة العامة على القضايا الرائجة إما وجوبا أو جوازا، وذلك من أجل الإدلاء بمستنتجاتها عند الاقتضاء، وهو المقتضى الذي يخول للنيابة العامة إمكانية جمع معطيات كافية بخصوص مساطر صعوبات المقاولة بصفة خاصة، من خلال اطلاع على مختلف الملفات ومحاضر الاحتجاج وطلبات الأمر بالأداء الموجهة ضدها[32].

  1. دور النيابة العامة في فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة

تحتل النيابة العامة مركزا متميزا داخل جهاز المحكمة باعتبارها ذات صلة وثيقة بجميع أجهزة، مما يجعلها على دراية بجميع المعطيات التي تهم وضعية المقاولة، وتجسيدا لذلك أعطى المشرع المغربي للنيابة العامة صلاحية تحريك مسطرة التسوية القضائية وهذا ما نصت عليه مقتضيات المادة 578 من مدونة التجارة وذلك بتقديمها طلب فتح مسطرة التسوية في مواجهة المقاولة المتوقفة عن دفع ديونها، وهو نفس موقف المشرع الفرنسي، حيث خول فتح مسطرة المعالجة القضائية لوكيل الجمهورية بفرنسا. ومن ثم يمكن للنيابة طلب افتتاح مسطرة التسوية القضائية في جميع الحالات التي تعاني فيها المقاولة من صعوبات وتتوقف عن الأداء، مع العلم أن المشرع المغربي لم يحصر الحالات التي يعود للنيابة العامة الحق في فتح مسطرة التسوية، وفي هذا الصدد وبالرجوع إلى مدونة التجارة، فالحالات التي يمكن فيها للنيابة العامة طلب فتح مسطرة التسوية القضائية تتجلى في الحالة التي يحق فيها الدائن أن يطالب فتح مسطرة التسوية بناء على توقف المقاولة عن الدفع  كيفما كانت طبيعة الدين مدنيا أو تجاريا، وكذا في حالة عدم تنفيذ الالتزامات المالية المبرمة في اطار اتفاق المصالحة[33].

 وتماشيا مع ما سبق فإن تدخل النيابة العامة يكون بناء على قيامها بتقديم طلب فتح مسطرة التسوية القضائية، باعتبارها طرفا رئيسيا في الخصومة، تملك كافة الحقوق وتتحمل جميع الالتزامات المنصوص عليها، في القواعد المسطرية العامة التي تنظم العلاقة بين أطراف الدعوى، ومن ثم نستشف أن المشرع قد سمح لنيابة العامة تقديم طلب فتح المسطرة، لغاية الاستفادة من قدراتها الاستعلامية وتقصي عن وضعيات المقاولات، وما يمكن أن يترتب عن هذا الحق اسعاف الكثير من المقاولات المتوقفة عن الدفع. وذلك عن طريق تقديم بطلب هدفه اخضاعها لمسطرة التسوية، وعليه فإن السؤال الذي قد يثار بهذا الخصوص وهو ما مدى تفاعل النيابة العامة مع هذا الحق الممنوح لها؟

 قبل إجابة عن هذا السؤال لابد من الإشارة أن حق النيابة العامة في فتح مساطر صعوبات المقاولة لا يتقيد بأي اجل إلا في حالة فتح المسطرة ضد التاجر المتوفى او المعتزل إذا كان التوقف عن الدفع سابقا الاعتزال، وبالمقابل وخارج هذه الحالات يمكن للنيابة العامة ممارسة حقها في تقديم طلب فتح مسطرة في جميع الأحوال وهذ ما أكدته المادة 578 من مدونة التجارة، إذ نجد أن المشرع المغربي أحسن صنعا عندما جعل حق النيابة العامة في طلب فتح مسطرة التسوية القضائية، مفتوحا لا يتقيد بحالة معينة[34]. وفي هذا الإطار جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بوجدة والذي قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية بناء على طلب النيابة العامة، لكن مبررات النيابة العامة في هذه الحالة لا تستند إلى عدم تنفيذ الاتفاق المبرم في اطار مسطرة المصالحة، وإنما وجدت الشركة الراغبة في مسطرة المصالحة في حالة توقف عن الدفع، بحيث جاء في حيثيات هذا[35] الحكم، …وحيث ثبت المحكمة من خلال وثائق الملف وما قدمته النيابة العامة من مستنتجات أن الطابة في ذمتها ديون لفائدة مجموعة من الأشخاص أبرزها البنك الشعبي  والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يجعل حالة التوقف عن الدفع واردة، مما جعل النيابة العامة لا تتردد في فتح مسطرة التسوية  إذا ثبت لها أن المقاولة المفتوحة في حقها مسطرة المصالحة، كونها أخلت بالالتزامات المبرمة في الاتفاق الودي أنها توجد في حالة التوقف عن الدفع.

كما أن للنيابة العامة طلب فتح مسطرة التصفية القضائية إذا تضح لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه وهذا ما أكدته لنا المادة 651 من مدونة التجارة تنص على أنه تفتح مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو الدائن أو النيابة العامة.

 كما تجدر الإشارة على أن النيابة أثناء سير مسطرة المعالجة إما التسوية أو التصفية القضائية تلعب دورا اخباريا تجاه باقي الأجهزة، حيث تعتبر النيابة العامة مركز لتجميع المعطيات والمعلومات وتنظيمها لتداولها من جهاز الى أخر وهو دور يشهد له بالأهمية والتأثير في مصير المقاولة، ومن ثم نستشف على أنه رغم هذا الدور التدخلي للنيابة العامة فإنه يظل محدودا إلا أنها تتدخل كطرف منضم في جميع القضايا المتعلقة بالنظام العام ونقصد به النظام العام الاقتصادي والاجتماعي، فالغاية من تدخل النيابة العامة في هذا السياق هي حماية الاقتصاد الوطني أو الجهوي أو المحلي والعمل على استمرارية المقاولات والحفاظ على مناصب الشغل، وبما أن قضايا صعوبات المقاولة من النظام العام فإن المحكمة من واجبها إبلاغ النيابة العامة عندما لا تكون طرفا أصليا، وذلك في الأحوال التي ينص عليها القانون، فإذا لم تستعمل النيابة العامة مثلا حقها في طلب فتح المسطرة وتم تقديم الطلب من قبل أحد الدائنين، وجب ابلاغ الملف للنيابة العامة لتقديم مستنتجاتها.[36]

  • النيابة العامة وممارسة حق الطعن.

تعد من بين المستجدات التي جاء بها القانون 73.17 بخصوص النيابة العامة إذ نجد أن المادة 762 من هذا القانون قد منحت للنيابة العامة حق الطعن ضد القرارات الصادرة بشأن مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، وهذا على خلاف القانون المنسوخ الذي لم يكن يعطي للنيابة العامة هذا الحق، وبالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية نجدها تنص على أنه يحق للنيابة العامة استعمال كافة طرق الطعن ما عدا التعرض، عندما تتدخل تلقائيا مدعية أو مدعى عليها في الأحوال المحددة بمقتضى القانون[37]. وطبقا لذلك فالنيابة العامة لا يمكنها استعمال طرق الطعن المسموح بها في الأحوال التي تكون فيها هي صاحبة الطلب المقدم إلى المحكمة[38]، وهي حالات محددة في المادة 762 من مدونة التجارة ومنها المقرارات الصادرة بشأن فتح مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، كذلك بشأن تمديد المسطرة وتحويل المسطرة، وكذا المقرارات الصادرة بشأن حصر مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية وكذلك بشأن فسخ مخطط وكذا تعيين السنديك أو تغيير سلطاته، والعقوبات المدنية، والمقرارات الصادرة عن القاضي المنتدب[39]. كما خول المشرع لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية التجارية إمكانية الطعن بالاستئناف ضد الاحكام الابتدائية الصادرة بشأن هذه الطلبات أمام محكمة الاستئناف التجارية داخل أجل 10 أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي، مالم يوجد مقتضى مخالف لذلك في القانون[40].

وفي رأينا أن المشرع المغربي كان موفقا عند نصه على هذا المقتضى الجديد الذي منح للنيابة العامة حق الطعن بالاستئناف، وبهذا المستجد وضع المشرع حد للفراغ التشريعي، فالمشرع نجده ساير نظيره الفرنسي واقتنع أن النظام العام الاقتصادي والاجتماعي يعد من أهم مرتكزات التي كانت وراء احداث هذا الجهاز بالمحاكم التجارية، الأنه ليس من العدل أن يتم اسناد مهمة الدفاع عن هذا النظام للنيابة العامة، ويتم في المقابل من حرمانها من ممارسة حقها خلال مرحلة الاستئناف.

  ومن ثم وما يمكن استنتاجه بهذا الخصوص أن هناك انفصال وظيفي للنيابة العامة بالمحاكم التجارية وذلك في عدم وصول مجموعة من المعلومات والمعطيات المتعلقة بمساطر صعوبات المقاولة وكذلك الجرائم التي تدخل في خانة جرائم الأعمال وهو ما يحول دون تحقيق الوظيفة لهذه المساطر، كما يجب أن يكون تعاون مهني بين الجهازين سواء على مستوى المحاكم التجارية من أجل خدمة مساطر صعوبات المقاولة والوصول الى المبتغى وهو الهدف الأكبر وهو الحفاظ على النظام العام الاقتصادي.

 المطلب الثاني: مؤسسة القاضي المنتدب ودورها في استمرارية المقاولة.

تعتبر الأجهزة القضائية في مساطر صعوبات المقاولة ضمانة أساسية للمقاولات المعنية، لكي تقوم بدور كبير وفعال في إنجاح مختلف البرتوكولات العلاجية التي تبناها القانون المغربي، بل وتسهر على حسن سير المسطرة وتراقب مسار النظام العلاجي، منج بدايته إلى نهايته لذلك فهي تعتبر من بين الاليات التي تعزز الثقة لدى المقاولات الاقتصادية، بحيث يعتبر القاضي المنتدب الجهاز الرئيسي في المساطر الجماعية منذ بداية فتح المسطرة، فهو يسهر على سيرها، بموجب ميكانيزمات التي حددها القانون، فهو يتابع جميع مراحل المسطرة يبقى على اطلاع  على مسار اعداد الحل وعند الاقتضاء يثير توقف نشاط المقاولة، أو تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية أو التصفية القضائية، وله أن يرخص على طول المسطرة العمليات التي تهدف الى تكوين أصول بل ويراقب إجراءات تسديد الخصوم. وكذا تعيين المراقبين[41].

ومن ثم فإنه في إطار القواعد المشتركة لمسطرة الإنقاذ ومسطرة التسوية القضائية والتصفية القضائية، ونظرا لطبيعة هذه المساطر وتعقدها، فإن ذلك يتطلب اشرافا وتسيرا ومراقبة من طرف هذا الجهاز القضائي، الا أنه يصعب على المحكمة بأجمعها القيام بهذه المهام والأعباء، وهو ما فرض تعيين القاضي المنتدب ونائبه (الفقرة الأولى) ولهذا نصت المادة 670 من مدونة التجارة على أنه يتعين على المحكمة التجارية أن تعين في حكم فتح المسطرة القاضي المنتدب والسنديك، كما تعين نائبا للقاضي المنتدب تسند إليه نفس المهام. كما نجد أن للقاضي المنتدب مجموعة من الأدوار العامة (الفقرة الثانية) والتي تتمثل في الدور الإعلامي والاوامر التي يصدرها القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة.  

الفقرة الأولى: الضوابط القانونية لتعيين القاضي المنتدب ونائبه.

عنما تقرر المحكمة التجارية المختصة فتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة، سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب رئيس المقاولة أو الأحد الدائنين، أو النيابة العامة، فإنها تعمل بموجب حكمها الصادر بهذا الخصوص على تعيين الأجهزة التي ستقوم تحت إشرافها بتسيير المسطرة، أهمها القاضي المنتدب [42]الذي يشكل العمود الفقري لها[43].

وما يميز تنظيم المشرع لهذا الجهاز هو أنه جاء مختصرا بحيث لم تخصص له سوى المادة 670 من مدونة التجارة والتي نصت على أنه يعين من طرف المحكمة التجارية المختصة مصدرة الحكم بفتح المسطرة، وذلك من بين القضاة التابعين لها، وكذا المادة 671 التي تكفلت بتحديد الإطار العام لمجال تدخله في مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، والذي يتمثل في السهر على السير السريع للمسطرة وحماية المصالح القائمة، وكذلك نجد المادة 672 من مدونة التجارة التي بينت مجال التدخل بنوع من الإيجاز، من خلال التنصيص على أنه لتحقيق ذلك الغايات، يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه لا سيما الطلبات الاستعجالية والوقتية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة وكذا الشكاوى المقدمة ضد أعمال السنديك[44].

وبالرجوع إلى مدونة التجارة نستخلص أن المشرع المغربي قد عمد إلى تقوية دور القاضي المنتدب الذي يعين من قبل المحكمة التجارية، حيث وظف مهامه توظيفا اقتصاديا وقانونيا جديدا يخدم كما سبق الذكر جميع مصالح أطراف المسطرة، وهذا يعني أنه أصبح القاضي إلى جانب وظائفه التقليدية أصبحت له وظائف اقتصادية وقانونية جديدة فرضها التوجه الجديد نحو انقاذ المقاولة من الصعوبات التي تمر منها، وأيضا من أجل حماية الاقتصاد. وحتى يتم الاطلاع على الدور الرئيسي لمؤسسة القاضي المنتدب في مساطر معالجة صعوبات المقاولة سوف نعمل على كيفية تعيينه وما يتطلب ذلك من شروط وإجراءات.

أولا: تعيين القاضي المنتدب ونائبه.

إن إعادة تكييف دور القضاء بالنظر إلى الأدوار المعترف له بها في ظل نظام صعوبات المقاولة، جعلت القاضي المنتدب [45]يحظى بالدور الأهم والأعظم، في هذه المساطر، فقد نصت المادة 671 من مدونة التجارة، على أنه يسهر القاضي المنتدب على السير السريع للمسطرة ومن ثم فإن القاضي المنتدب يعتبر عين المحكمة الساهرة على المقاولة من أجل البحث عن الحل الممكن الإنقاذها، لذلك أعطته مدونة التجارة مجموعة من الاليات القانونية من أجل تحقيق الأهداف التي عين من أجلها، حيث نصت المادة 678 من مدونة التجارة على أنه يعين القاضي المنتدب واحد إلى ثلاثة مراقبين من بين الدائنين الذين يتقدمون إليه بطلب على أنه يقترح على المحكمة عزلهم أو كذلك عزل السنديك، وضمانا للشفافية والنجاعة في جدية الحلول المقترحة للبحث عن إنقاذ المقاولة، فإن القاضي المنتدب وحسب الفقرة الثانية من نفس المادة، يسهر على أن يكون واحد من بين المراقبين حالة تعددهم من بين الدائنين أصحاب الضمانات وأن يكون اخر من ضمن الدائنين العاديين.

ولا يمكن تعيين أي من أقارب رئيس المقاولة أو أصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة بإدخال الغاية كمراقب أو كممثل عن شخص معنوي ثم اختياره كمراقب، وهذا ما أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة 678 من مدونة التجارة. ويقوم المراقبون بمساعدة السنديك في أعماله والقاضي المنتدب في مهمة مراقبة إدارة المقاولة، ويمكنهم من أجل ذلك الاطلاع على كل الوثائق التي يتوصل بها السنديك، ونظرا للدور المحوري الذي يقوم به القاضي المنتدب وكذا النظر إلى صلاحيات الكبيرة الممنوحة له، وتوخيا للمصداقية والشفافية فإن المادة 670 من مدونة التجارة في فقرتها الثانية منعت أن يتم اسناد مهمة القاضي المنتدب إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة مع ادخال الغاية ويسري ذات المنع على السنديك.

ومن أجل تسهيل وتيسير مهام القاضي المنتدب فإن المشرع المغربي جاء في القانون 73.17 من خلال المادة 670 منه والتي سمحت والأول مرة بتعيين نائب للقاضي المنتدب تسند إليه نفس المهام إذا عاق مانع الأول. ويبدو أنه إذا كان من الإيجابي تعيين نائب القاضي المنتدب فإن التساؤل المطروح هنا ماهي أليات تعيينه وكذا اليات التنسيق بينهما؟ وخاصة أن المادة تتحدث عن تكليف النائب إذا عاق للقاضي المنتدب مانع لا ندرك ماهي طبيعته. وباستثناء هذا نجد أن مدونة التجارة لم تتطرق إلى شروط أخرى لتعيينه، وهو ما فتح الباب أمام اجتهاد المحاكم التجارية لتعيينه إما من داخل تشكيلة الهيئة التي قضت بفتح المسطرة وإما من خارجها شريطة انتمائه إلى المحكمة المصدرة الحكم.

إذ نجد ليس هناك قاعدة قارة في تعيين القاضي المنتدب، وإنما يبقى ذلك منوطا بالسلطة التقديرية للمحكمة لتعيين القاضي الذي تراه مناسبا أخدا بين الاعتبار حجم المقاولات موضوع المسطرة وكفاءة القاضي وأقدميته. كما يتخذ القاضي المنتدب كل القرارات التي تهم تسيير المقاولة خلال مرحلة اعداد الحل لتسوية وضعيتها من قبيل الترخيص للسنديك أو رئيس المقاولة من أجل تقديم رهن رسمي أو رهن حيازي أو بالتوصل إلى صلح، أو التراضي، أو أن تأمر تلقائيا وإما بطلب من السنديك أو من أحد الدائنين بأداء مسبق لقسط من الدين متى كان مقبولا. وكل ذلك في إطار أوامر ولائية[46]، كما أن يتخذ الأوامر القضائية في اطار تسوية المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين مختلف الأطراف المعنية في المساطر، مثلا كرفع السقوط أو رفض الديون التي لم يتم التصريح بها داخل الآجال القانونية[47].

  1. الاختصاص القضائي للقاضي المنتدب ونائبه.

باستقرائنا لمقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة نجد أن المشرع المغربي خول للقاضي المنتدب اختصاصات ذات صبغة قضائية، نظرا لطبيعة المهام الموكولة له وطبيعة التدابير والنزاعات التي يبت فيها، وهذا ما نصت عليه المادة672 من مدونة التجارة على أنه يبت القاضي المندب بمقتضى أوامر في الطلبات، والمنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه لا سيما الطلبات الاستعجالية والوقتية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة، وكذا الشكاوى المقدمة ضد أعمال السنديك. وعليه نجد ان المشرع المغربي يؤكد على الطابع القضائي الملقى على عاتق القاضي المنتدب انطلاقا من مختلف الأوامر الصادرة عنه ، والجدير بالذكر أن هذا كله يكون نتاج عمل متواصل قام به بمعية أجهزة المسطرة وبالدرجة الأولى الأطراف المتنازعة حول حق معين له صلة بالمقاولة موضوع الصعوبة، وذلك عن طريق مختلف المقرارات التي يصدرها هذا الأخير، وهذه المقرارات تكتسب حجية الشيء المقضي به بمجرد النطق بها وايداعها بكتابة الضبط حتى يتسنى لصاحب المصلحة الاطلاع على فحواها[48]، وهذا ما أشارت اليه المادة 672 على أنه تودع أوامر القاضي المنتدب بكتابة الضبط فورا. باستثناء الأوامر الولائية والمقرارات المتعلقة بالطعن في اطار تحقيق الديون.

وتكون أوامر القاضي المنتدب قابلة للطعن بالاستئناف داخل أجل عشرة أيام من تاريخ صدورها بالنسبة للسنديك، ومن تاريخ التبليغ بالنسبة لباقي الأطراف[49].

وتأتي صلاحيات القاضي المنتدب خلال مساطر معالجة صعوبات المقاولة بشكل متواتر، حسب نوع وطبيعة الاجراء وكذا انطلاقا من نتيجة الحكم القاضي بفتح احدى المسطرتين أما التسوية أو التصفية القضائية.

  • اختصاص القاضي المنتدب ونائبه في مسطرة الإنقاذ.

إن المشرع المغربي صراحة لم ينص على كيفية تعيين القاضي المنتدب في اطار مسطرة الإنقاذ، ولم يحدد بشكل دقيق اختصاصات هذا الجهاز في هذه المسطرة، ولكن بالرجوع الى المادة 566 [50]من مدونة التجارة  فإن اختصاصه متمثل في ضرورة رفع السنديك تقريرا حول أعمال التصرف وتنفيذ مخطط الإنقاذ إليه دون تحديد طبيعة هذا الاختصاص، أما بخصوص المادة 567 فإنها اشارت إلى ضرورة تسليم رئيس المقاولة للقاضي المنتدب جردا الأموال  المقاولة المتعلقة بها مرفقة بقائمة  مؤشر عليها من طرف رئيس المقاولة، زيادة على اختصاصه الذي حددته المادة 568 [51]من مدونة التجارة  المتمثل في تحديده  للغرامة التهديدية في حالة لم يتم وضع الوثائق المحاسبية المتعلقة بالمقاولة من طرف الغير الحائز ووضعها رهن إشارة السنديك. ومن ثم فإنه بالرغم من هذه الاختصاصات يبقى دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ محدود، إذ نجد انه كان على المشرع ان يوسع من دوره في هذه المسطرة خصوصا أن المقاولة غير متوقفة عن الدفع، وذلك من أجل مساعدة المقاولة على النهوض من جديد قبل أن تتوقف عن الدفع.

  • اختصاص القاضي المنتدب ونائبه في مسطرة التسوية.

اوكل المشرع المغربي للقاضي المنتدب مجموعة من الصلاحيات، حيث يظهر لنا أن القاضي المنتدب هو محكمة قائمة الذات من خلال عدة اختصاصات خولها له المشرع، كما سبق ذكره من خلال المواد 671 و 672 من مدونة التجارة والذي يظهر لنا في أوامره التي تستجيب لكل الشروط التي يجب توفرها، ويمارس مهامه أيضا كقناة إعلامية لتنوير المحكمة معتمد على كتابة الضبط كواحدة من أهم مصادره الإعلامية، كما يراقب أعمال السنديك في اطار مسطرة التسوية، ولذلك يتضح جليا أن للقاضي المنتدب مجموعة  اختصاصات من أجل حسن سير المسطرة وتسريع في انقاذ المقاولة.

ج- اختصاص القاضي المنتدب ونائبه في مسطرة التصفية القضائية.

إن المشرع المغربي منح للقاضي المنتدب اختصاص متمثل في بيع الأصول خصوصا العقارات ويتجلى دوره في اطار المادة 654 [52]من مدونة التجارة بالفقرة الأولى منها على أنه يحدد الثمن الافتتاحي للمزايدة وكذا الشروط الأساسية للبيع بالإضافة إلى تحديد شكليات الشهر بعد تلقيه ملاحظات المراقبين والاستماع إلى رئيس المقاولة والسنيك واستدعائهما بصفة قانونية، كما يتمثل دور القاضي المنتدب في اطار التفويت الشامل لوحدات الإنتاج في اطار المادة 655 من مدونة التجارة ويتجلى دوره في اختيار العرض  الذي يبدو أكثر جدية بعد استماعه لرئيس المقاولة والمراقبين إن اقتضى الحال، أما بخصوص اختصاصات القاضي المنتدب فيما يخص تصفية الخصوم وقفل عمليات التصفية فإنها تبرز في إصداره أمرا بترتيب الدائنين وتوزيع مبالغ ومنتوج التصفية القضائية بناء على تقريره.

 وفي الأخير عندما يتم قفل المسطرة فإن تصفية أتعاب السنديك يكون من طرف القاضي المنتدب، اعتمادا على الاتعاب المقررة للسنديك[53].

ثانيا: سلطات القاضي المنتدب في مجال مراقبة عمليات المسطرة والمقرارات التي يصدرها.

يشبه القاضي المنتدب في أداء مهامه بقائد للفرقة الموسيقية، فالقاضي المنتدب يتمركز في مفترق طرق المسطرة الجماعية، ويؤدي دورا مركزيا يقوده إلى لعب أدوار متفرعة، فهو منشط المسطرة بامتياز لما يساهم في سير عملياتها من مبادرات يستمدها تارة من اختصاصاته الخاصة، ومن وظيفته العامة وهي السهر على السير السريع للمسطرة والمحافظة على المصالح المتواجدة. كما أنه يؤدي دورا رقابيا، يمارس عن طريقه وصايته على أجهزة المسطرة الموضوعة تحت إشرافه، وعليه يمكن القول من خلال ما سبق أن للقاضي دور رقابي على أعمال السنديك بالخصوص من خلال تدخلاته في كل مسطرة على حدة[54]. إذ نجد أن جهاز القاضي المنتدب احتل موقع الصدارة داخل الأجهزة القضائية المسخرة لمجابهة الصعوبات بمهامه المتعددة والمتداخلة، وبجانب الهيئة القضائية المختصة بنظر في الإجراءات الجماعية، اوجدت أشخاصا مساعدين لها في الوصول الى الغاية المنشودة، منهم من يباشر مهامه المتمثلة في التسيير ومنهم من يمثل بعضا من أصحاب المصالح المتواجدة. إذ يعتبر القاضي المنتدب جهاز وصاية، فهو يمارس وصايته على أعمالهم.

  1. رقابة القاضي المنتدب على أعمال السنديك.

رغم أن المشرع المغربي منح للسنديك مجموعة من الأدوار إلا أن هذا الأخير يخضع لرقابة القاضي المنتدب، من خلال تكليف القاضي المنتدب باعتباره جهازا وصيا، من أجل الترخيص للسنديك من أجل اجراء بعض التصرفات باعتباره جهازا للمسطرة ، بحيث يكلف السنديك بمراقبة تنفيذ مخطط الإنقاذ الأنه من بين مهامه، كذلك تسيير عمليات التسوية والتصفية القضائية ابتداء من تاريخ صدور حكم فتح المسطرة حتى قفلها[55]. وهذا ما أكدته المادة 673 من مدونة التجارة، كما يسهر القاضي المنتدب على تنفيذ مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت، كما يقوم السنديك بتحقيق الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب [56]. كما أن للقاضي المنتدب سلطة ترخيص لرئيس المقاولة أو السنديك بتقديم رهن أو رسمي أو التوصل إلى صلح أو تراض[57]. كما يجب على السنديك اعداد تقرير تفصيلي يعده الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة.

 ومن ثم فإنه إذا كان المشرع قد تعامل مع تعيين السنديك بطريقة مرنة، بحيث سمح إلى إسناد هذه المهام إلى الغير، فإنه رغم ذلك يخضع الاشراف ورقابة القاضي المنتدب[58].

أما فيما يتعلق باختصاصات السنديك فإن المواد 673 و 674 و 675 من مدونة التجارة نصت بشكل عام على أنه يكلف بمراقبة تنفيذ مخطط الإنقاذ وبتسيير عمليات التسوية والتصفية القضائية، ابتداء من صدور الحكم بفتح المسطرة إلى قفلها، كما يسهر على تنفيذ مخطط الاستمرارية أو التفويت، ويقوم بتحقيق الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب، ويتعين عليه أيضا بمناسبة القيام بمأموريته أن يحترم الالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة، وبأن يخبر القاضي المنتدب بسير المسطرة، كما أن له لوحده الصفة للتصرف باسم الدائنين ولفائدتهم، مع مراعاة الحقوق المعترف بها للمراقبين ولجمعية الدائنين.

كما تتجلى مظاهر هذه الرقابة في:

  • وجوب اخبار السنديك بسير المسطرة والتطورات التي تعرفها.
  • ضرورة حصول السنديك على ترخيص القاضي المنتدب للقيام بمهام والإجراءات مثل أداء بعض الديون، أو تقديم رهن رسمي، أو صلح، أو تراض، كمت تمت الإشارة إليه.
  • اختصاص القاضي المنتدب في البت في شكاوى المقدمة في مواجهة أعمال السنديك.
  • كما يمكنه تلقائيا أو بناء على طلب التشكي المقدم أليه من طرف الدائنين أو من رئيس المقاولة، أن يطلب من المحكمة الابتدائية التجارية استبداله، وإذا لم يبت القاضي المنتدب في تشكيه داخل خمسة عشر يوما وهذا ما نصت عليه المادة 762 من مدونة التجارة، يحق للدائن أو رئيس المقاولة تقديم طلب الاستبدال مباشرة للمحكمة.

ومن ثم نستشف أن للقاضي المنتدب سلطة تقديرية واسعة في تقييم خطورة أو عدم خطورة الأفعال المنسوبة للسنديك، ومن بين الأسباب التي اعتمدتها المحاكم التجارية في قبول طلبات استبدال السنديك التي قدمت أليها من طرف القضاة المنتدبون نجد التقاعس في اعداد الموازنة، والتخلف عن الحضور جلسات تحقيق الديون، وعدم إعداد تقرير حول سير المسطرة، ومن تم فإن السنديك المعفي من مهامه يسلم للسنديك الجديد، وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 677 من مدونة التجارة جميع الوثائق المتعلقة بالمسطرة وتقريرا بالحسابات المرتبطة بها، وذلك داخل أجل 10 أيام من تاريخ إعفائه من مهامه، ويظل السنديك المعفى من مهامه ملزما بالسر المهني. كما يتعين على المحكمة إشعار جميع أطراف المسطرة باستبدال السنديك، وبهوية السنديك الجديد وبعنوانه[59].

  • المقرارات التي يصدرها القاضي المنتدب.

 إن القاضي المنتدب يصدر مجموعة من المقرارات بحيث يقرر القاضي المنتدب طبقا للمادة 729 من مدونة التجارة، بناء على اقتراحات السنديك قبول الدين أو رفضه، أو يعاين إما وجود دعوى جارية أو أن المنازعة لا تدخل في اختصاصه.

  • فيما يخص قبول الدين

يملك القاضي المنتدب السلطة التقديرية لقبول الدين أو رفضه، وهو في ذلك غير ملزم بالتقيد باقتراحات السنديك، وكما يختص القاضي المنتدب بقبول الدين أو رفضه، يختص كذلك بالبت في قبول الضمانات المقترنة به أو رفضها. وتطبيقا للفقرة الأخيرة من المادة 730 م،ت تبلغ المقرارات بقبول الديون غير المنازع فيها إلى الدائنين برسالة عادية ويحدد التبليغ المبلغ الذي قبل الدين من أجله، وكذا الضمانات والامتيازات التي اقترن بها.

حينما ينظر القاضي المنتدب في الاختصاص أو في دين منازع فيه يتم استدعاء جميع الأطراف المعنية بجميع الوسائل المتاحة قانونا. كما يشعر كاتب الضبط الأطراف بمقرارات عدم الاختصاص أو بالمقرارات [60]التي تبت في المنازعة في الدين داخا أجل ثمانية أيام بجميع الوسائل المتاحة[61].

أما بخصوص الديون العمومية وفق المادة 2 من القانون 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، فإنه واستنادا للمادة 729من م، ت. حين يتعذر البت في التصريح بالدين لعدم الإدلاء بالسند التنفيذي بسبب طول الإجراءات، حيث أجازت المادة قبول الدين بصفة احتياطية إلى حين الإدلاء بالسند. وفي ذات الاتجاه حينما توجد منازعة أمام جهة إدارية أو قضائية بخصوص الديون العمومية، يتعين على القاضي المنتدب إرجاع البت في التصريح إلى غاية الفصل في المنازعة[62].

  •  أما فيما يخص الدفع بعدم الاختصاص.

إذا أثير أمام القاضي المنتدب الدفع بعدم الاختصاص بأن كان منعقدا مثلا للمحكمة التجارية حيث يخول الطعن للدائن والمدين وللسنديك.

ويشعر كاتب الضبط الأطراف بمقرارات عدم الاختصاص داخل ثمانية أيام برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل. وحينما يكون الموضوع من اختصاص محكمة أخرى، فإن التبليغ مقرر القاضي المنتدب بعدم الاختصاص يفتح باب الطعن عليه طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 731 من مدونة التجارة. أمام المحكمة المختصة داخل أجل شهرين من التبليغ تحت طائلة سقوط حق المدين في المنازعة، ويفسر ذلك بكون الدائن يتوفر على سند تنفيذي يغنيه عن اللجوء للمحكمة لاستصدار سند ثان. وفي الختام تنتهي عملية تحقيق الديون طبقا للمادة 732 من مدونة التجارة بإدراج مقرارات قبول الديون أو رفضها وكذا مقرارات عدم الاختصاص التي ينطلق بها القاضي المنتدب في قائمة تودع بكتابة الضبط المحكمة.

ويقوم كاتب الضبط فورا بنشر بيان بالجريدة الرسمية يفيد أن قائمة الديون مودعة بكتابة الضبط وأن للأغيار التقدم بتشكيهم إلى القاضي المنتدب داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ هذا النشر، كما يمكن حسب المادة 733من مدونة التجارة يمكن لكل شخص أن يطلع على قائمة الديون بكتابة الضبط ولو كان من الأغيار[63]

ج- البت في مطالب الأغيار.

نجد أن المادة 734 من مدونة التجارة سمحت لكل شخص معني بمقرارات القاضي المنتدب فيما يخص تحقيق الديون أن يقدم إما تعرض الغير الخارج عن الخصومة على القرارات الصادرة عن المحاكم المنصوص عليها في الفقرة الأولى والثالثة من المادة 731 من م،ت وإما تعرضا ضد المقرارات النهائية الصادرة عن القاضي المنتدب. ويتم تقديم هذا التعرض داخل أجل خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية، كما يبت القاضي المنتدب طبقا للمادة 735 من م،ت في التعرض أو التعرض الغي خارج عن الخصومة بعد الاستماع إلى السنديك  والأطراف ذات المصلحة، أو بعد استدعائهم بصفة قانونية، ويقوم كاتب الضبط بتبليغ المقرر بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى الطرف الذي يهمه الأمر، فيكون مقرر القاضي المنتدب قابلا للطعن من طرف جميع الأطراف أمام محكمة الاستئناف التجارية داخل أجل خمسة عشر يوما التالية للتبليغ، كما يخول الحق للسنديك ذات الحق من تاريخ صدور المقرر[64].

الفقرة الثانية: الأدوار العامة للقاضي المنتدب.

لقد عززت مدونة التجارة في الكتاب الخامس، عدة صلاحيات في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، فإلى جانب الأدوار الكلاسيكية التقليدية القانونية التي يضطلع بها في المسطرة، أسندت إليه مهام اقتصادية واجتماعية، وهنا يثور اشكال هل هذا القاضي له تكوين اقتصادي محاسباتي، فالسنديك عندما يعطي تقرير للقاضي المنتدب فهو يكون تحت مراقبة القاضي المنتدب[65]. ولذلك عرفت صلاحيات القاضي المنتدب في القانون المغربي توسعا ملحوظا، يندرج في التيار المعاصر الذي يتجه إلى نتيجة دور القاضي الفرد في المرحلة الابتدائية[66].

وعليه يمكن تصنيف الأدوار العامة للقاضي المنتدب في الدور الإعلامي (أولا)، وفي دوره في كل من مسطرة الإنقاذ ومسطرتي التسوية والتصفية القضائية(ثانيا).

أولا: الدور الإعلامي للقاضي المنتدب.

إن القاضي المنتدب باعتباره جهازا قضائيا مستقلا عن المحكمة التي أصدرت الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة، والتي كلفته بالسهر على السير السريع للمسطرة وحماية المصالح المتواجدة، ومن ثم فإنه يقوم بدور إعلامي هام يستقيها من جهات تشكل مصدر معلومات له، التي من شأنها أن تساعده في إصدار أوامره[67].

  1. الأجهزة المكلفة بمنح المعلومات للقاضي المنتدب.

يسهر القاضي المنتدب على تداول المعلومات وتسهيل عملية انتقالها بين كل الأجهزة المشكلة للمسطرة، وبالمقابل يخول له القانون حق الإعلام الشخصي، إما بإخباره تلقائيا من طرف أجهزة المسطرة أو باتخاذ القرار أو القرارات المتصلة بصميم مهامه، ومن بين هذه الأجهزة نجد النيابة العامة، وكتابة الضبط والمدين، والسنديك.

  • الإخبار من طرف النيابة العامة وكتابة الضبط والمدين.

لضمان نظام فعال الأجهزة المسطرة، اعتمد المشرع نظام يسمح بتبادل وتداول المعلومات بين الأجهزة حسب وظيفة كل جهاز، مع إعطائها إمكانية الالتجاء إلى الغير قصد الحصول على كل المعلومات والوثائق التي قد تحتاج إليها لتصحيح مسار المقاولة وانقاذها، ويتموقع القاضي المنتدب في قلب هذه المنظومة، والذي خول له المشرع كافة الصلاحيات، التي تمكنه من الاستعلام من الأجهزة التي تعمل بموازاة معه الإنقاذ المقاولة، ولذلك فإن هذا الاستعلام يتم عن طريق النيابة العامة، التي تعتبر بمثابة حارسة النظام العام الاقتصادي والاجتماعي، وتحاول بجميع الوسائل التي منحتها إياها مدونة التجارة، وعلى هذا الأساس تقوم النيابة العامة لدى المحكمة التجارية المفتوحة أمامها إما مسطرة الإنقاذ أو مسطرتي التسوية أو التصفية القضائية بإخبار القاضي المنتدب بأن هناك متابعة زجرية في حق مسيري المقاولة المدينة، وأنها أصدرت في حقهم العقوبات المدنية [68]والزجرية المنصوص عليها في القسم السابع من القانون 73.17، وهذا الامر يساعد القاضي المنتدب في إصدار إحدى مقراراته عند التحقيق في ديون المقاولة، كما يتم كذلك اخبار من طرف كتابة الضبط المحكمة التجارية باعتبارها جهازا إداريا أساسيا داخل التنظيم الهيكلي لهذه المحكمة، إذ أنها مكلفة قانونا بإدارة دعاوى صعوبات المقاولة، وإخبار بها القاضي المنتدب عند تلقيها مقالات افتتاحية رامية إلى فتح المسطرة كما يتم إيداع تصريحات استئنافية أمامها[69].

  • الإخبار من طرف السنديك.

فضلا على أن السنديك يعتبر جهازا مساعدا للقاضي المنتدب، فهو في نفس الوقت جهازا مكلفا بإخبار القاضي المنتدب بكل المعلومات الضرورية المتعلقة بإجراءات المسطرة، ولذا فقد ألزمه المشرع باعتباره المحرك الرئيسي لمساطر صعوبات المقاولة من أن يعرض على القاضي المنتدب تقريرا عن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة، وأن يتخذ كافة الإجراءات التحفظية لتفادي ضياع أموالها.

كما تتجلى صور اخبار السنديك للقاضي المنتدب في منع أداء أي دين من طرف رئيس المقاولة نشأ قبل فتح المسطرة، وخصوصا خلال فترة الريبة التي تبتدأ من تاريخ التوقف عن الدفع إلى تاريخ صدور حكم فتح المسطرة، على أن تضاف إليها بالنسبة لبعض العقود مدة سابقة عن الدفع، إذ تعتبر الأعمال والتصرفات التي يجريها رئيس المقاولة داخل أجل الفترة إما باطلة بطلانا وجوبا ،أو بقوة القانون وإما بطلانا جوازيا[70].

  • أوامر القاضي المنتدب.

إن القانون الجديد 73.17 قد خول للقاضي المنتدب مجموعة من الأوامر في الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه، كما يصدر أمر بتعيين خبير، أو استبدال السنديك، والشكاوى المقدمة ضد هذا الأخير، كما أن هذه الأوامر، قد تكون أوامر قضائية وقد تكون أوامر ولائية. كما يلاحظ أن هذه الأوامر بقيت محل جدل مثار حول طبيعتها القانونية هل هي أوامر ولائية أم أوامر قضائية.

  • تحديد طبيعة أوامر القاضي المنتدب

أن مؤسسة القاضي المنتدب تشكل جهازا محوريا لا غنى عنه لسير هذه الإجراءات لسير الإجراءات وأصبحت له سلطات في عدة مواقع من المسطرة على حساب التشكيل الجماعي للمحكمة، بمقتضاها يصدر عدة مقرارات تتخذ شكل أوامر وذلك في شأن الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه، كما أن هذه الأوامر شملت نوعيين من الأوامر[71]، وهذه بمقتضى القانون 73.17 نرى بأنها ذو طبيعة مزدوجة المتمثلة في الطبيعة القضائية والطبيعة الولائية.

وإن كان هذا التحديد لم يبين بشكل واضح من طرف مشرعنا، إلا أنه نستنتج من مقتضيات المادة 672 من مدونة التجارة التي تنص على أنه يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات والمنازعات والمطالب الداخلة في اختصاصه لاسيما الطلبات الاستعجالية والوقتية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة… باستثناء الأوامر الولائية ومع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالطعن ضد المقرارات الصادرة في إطار تحقيق الديون، تكون أوامر القاضي المنتدب قابلة للطعن بالاستئناف ،مما يعني أن القاضي المنتدب يصدر نوعيين من الأوامر، وتفصيلا لذلك يمكن القول بأن الأوامر الولائية هي تلك الأوامر التي يصدرها القاضي المنتدب بناء على طلبات بدون وجود منازعة قضائية، كما هو الشأن بالنسبة للترخيص، [72] الذي يمنحه القاضي المنتدب للسنديك وهو ما جاء في منطوق الأمر رقم 350 الصادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 14//04/2016 نصرح نحن القاضي المنتدب في المسطرة علنيا وابتدائيا وحضوريا بالترخيص للسنديك بتسليم العاملات بواسطة نائبهن قسطا من ديونهم في حدود 10% من مستحقاتهم المحكوم بها بصفة انتهائية… أو كما هو الشأن بالنسب الإصدار أمر بتحديد أتعاب السنديك،  وهو ما جاء في الامر رقم 253 الصادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء 27/02/2017، نحدد أتعاب سنديك التسوية السيد… في مبلغ 150.0000.00 درهم عن المدة من سنة 2009 إلى غاية دجنبر 2016، ونأذن له باستخلاصها من حساب التصفية الخاص بالمقاولة…

أما بخصوص الأوامر القضائية التي يصدرها القاضي المنتدب فنرى أنها تتصدر الصدارة بنظيرتها الأوامر الولائية، باعتبارها تصدر من أجل تسوية المنازعات التي تنشأ بين أطراف النزاع، مثل الأوامر الصادرة بعدم قبول الدين، وهو ما يتجسد في الامر رقم 168 الصادر عن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 2017/02/09، حيث أن المدعي بذلك لم يصرح بدينه إلا بعد فوات الأجل محدد قانونا وهو شهريين، وحيث أنه يتعين التصريح بعدم قبول الدين[73].

  •  بعض تطبيقات الأوامر الولائية والقضائية للقاضي المنتدب.

إن الدور الذي أصبح يحتله القضاء في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، وخصوصا ما يساهم به القاضي المنتدب في تطبيق أحكتم المسطرة، معتمدا على المعطيات والوقائع التي تثبت وتؤكد حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي للمقاولة المتعثرة، ومن هذا المنطلق سوف نعرض بعض أوامر القاضي المنتدب سواء كانت ذو طبيعة قضائية أو ذو طبيعة ولائية، وما قصدنا في ذلك إلا لتبيان دور هذا الجهاز القضائي المستقل بمهامه عن اختصاص محاكم الموضوع في اصدار أوامر تروم إلى تنفيذ السريع لإجراءات المسطرة ومن أهم هذه الأوامر نذكر:

أمر رقم 45 الصادر عن القاضي المنتدب لدي المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 11/10/2023 نحن القاضي المنتدب بالنيابة للتسوية القضائية لشركة، ج،م، جاء فيه أن العارضة ت صرحت بدينها تجاه الشركة، ج،م بتاريخ 21/06/2023 لدى السنديك واحتجت بالمادة 678 من مدونة التجارة، والتمست الإذن بتعيين القرض الفلاحي للمغرب بوصفه دائن امتيازي كمراقب الإجراءات مسطرة التسوية القضائية الخاضعة لها الشركة، وحيث تقدم القرض الفلاحي بتعيينه مراقبا في مسطرة التسوية القضائية للشركة، وحيث أنه بذلك فقد ارتأينا تعيينه مراقبا في مسطرة التسوية للشركة، مع وجوب التزامه بسرية الوثائق والإجراءات التي تطلع إليها طبقا للمادة 678 من مدونة التجارة. ولهذه الأسباب أصدر القاضي المنتدب أمر بتعيين القرض الفلاحي مراقبا في مسطرة التسوية للشركة، وبهذا يكون هذا الامر مشمولا بالنفاذ المعجل[74].

 حيث جاء في امر اخر صادر عن المحكمة التجارية بالرباط الذي جاء فيه وحيث أن الثابت من الأمر أن الشركة المدعية التمست بالتشطيب على الحجز لدى الغير، حيث سبق لهذه المحكمة أن أصدرت الحكم عدد 7 بتاريخ 12/01/2023 في الملف عدد 92/8302/2022 قضى بفتح مسطرة التسوية القضائية للشركة المفتوحة في حقها، وحيث أن المادة 686 من مدونة التجارة تقتضي أن يوقف حكم فتح المسطرة أو يمنع كل إجراء تنفيذي يقيمه الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم، وحيث أن الثابت من الأمر بإجراء حجز لدى الغير الصادر بتاريخ 05/10/2022 وأن المدعى عليها أوقعت حجزا على ما للمدعية لدى المحجوز بين يديها من أجل استخلاص مبالغ سابقة عن تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، وبالتالي فإن هذا الدين يجب أن يكون موضوع تصريح لدى السنديك، ولهذه الأسباب يأمر القاضي المنتدب برفع الحجز لدى الغير الذي أوقعته شركة (ف،م)، بين يدي شركة التجاري وفا بنك[75].

حيث جاء في امر اخر صادر عن المحكمة التجارية بالرباط وحيث أنه خلافا للدفع المثار فإن المصرحة تستند في تصريحها إلى الحكم بالأداء الصادر قبل تاريخ فتح المسطرة التسوية القضائية والتي تبقى حجيته قائمة في غياب ما يفيد إلغائه أو تعديله طبقا للفصل 418 من ق.ل.ع ، وبالتالي لامجال لمناقشة المديونية من جديد أو الامر بأي اجراء من إجراءات التحقيق، وحيث أنه تبعا لذلك يتعين قبول الدين المصرح به بصفة ممتازة، ولهذه الأسباب تم قبول دين الشركة البنك الشعبي والمتمثل في 9.888.741.97 درهم ضمن خصوم الشركة د،م. بصفة امتيازيه[76].

ثانيا: دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ ومسطرتي التسوية والتصفية القضائية.

يعد دور القاضي المنتدب في كل من مسطرة الإنقاذ ومسطرتي التسوية والتصفية القضائية دورا من بين الأدوار العامة التي خولها له القانون 73.17 للقيام بها، لذا يلزم علينا تفصيل أدواره في كل هاته المساطر حتى نبرز هذا الدور، ولهذه الغاية سوف نبين دوره في كل من مسطرة الإنقاذ والتسوية القضائية، ثم في مسطرة التصفية القضائية.

  1. دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ ومسطرتي التسوية والتصفية القضائية.

إن بيان دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ تعد من بين المستجدات القانونية التي جاء بها القانون 73.17، لذاك وجب علينا بيان هذا الدور، الذي يلعبه القاضي المنتدب في سير كل مسطرة، وسهر عليها، والهدف يبقى هو الحفاظ على استمرارية نشاط المقاولة.

  • دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ.

حسب المادة 560 من مدونة التجارة فإن مسطرة الإنقاذ تهدف إلى تحقيق ثلاثة غايات وهي:

  • ضمان استمرارية نشاط المقاولة.
  • الحفاظ على مناصب الشغل.
  • تسديد خصوم المقاولة.

فالغاية من إحداث هذه المسطرة تتمثل في تمكين المحكمة من التشخيص المبكر للمقاولات التي تعاني من صعوبات، ولذا فبرجوعنا إلى مدونة التجارة فإننا نلاحظ أن دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ يعد ضئيلا، بالمقارنة مع دوره الكبير في مساطر المعالجة القضائية، إلا أن هذا الأمر لن يمنعنا من التنقيب عن دوره في هاته المسطرة والتي تتجسد أهمها في إشرافه العام على السير السريع لمسطرة الإنقاذ حسب المادة 671 من مدونة التجارة. كما يتمثل دور القاضي المنتدب في مسطرة الإنقاذ في كونه يتفحص تقرير الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة التي لا توجد في حالة التوقف عن الدفع الذي يعده السنديك طبقا للمادة 567 من مدونة التجارة. وأيضا يتحدد دوره في وضع غرامة تهديدية للغير الحائز للوثائق والدفاتر المحسباتية المتعلقة بالمقاولة المدينة، كما أن القاضي المنتدب يبت في كل الطلبات ذات الطابع القضائي التي تدخل في اختصاصه، وقد يصدر أوامر ولائية من شأنها أن تنفذ العديد من الإجراءات التي تدخل في إطار مسطرة الإنقاذ وفقا للمادة 672 من مدونة التجارة[77]، حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط حيث يهدف الطلب إلى الحكم بفتح مسطرة الإنقاذ لشركة ليبراتورز وحيث أن هذه المسطرة تتطلب عدم وجود المقاولة في حالة عجز عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة، وحيث أنه لم يثبت كون الشركة مطابة بأداء ديون باقي دائنيها  الذين أدلت بلائحتهم، لكن الثابت من خلال القوائم التركيبية التي أدلت بها كونها تعاني من صعوبات مالية بسبب جائحة كورونا لكنها غير متوقفة عن الدفع، وحيث أن مشروع المخطط المقترح من طرف الطالبة حددت فيه وسائل يعتزم مسيرها اعتمادها للحفاظ على النشاط كما حدد كيفية تسديد الخصوم المدينة بها، وحيث أنه والحال فالمحكمة الاستجابة للطلب وذلك بفتح مسطرة الإنقاذ لشركة ليبراتورز، وبتعيين القاضي المنتدب ونائبه[78]

  • دور القاضي المنتدب في مسطرة التسوية القضائية

إن الغاية من فتح مسطرة التسوية القضائية هي التوصل إلى حصر مخطط لتجاوز الصعوبات التي تمر منها المقاولة، ونظرا لأهمية هذه المرحلة فقد خول المشرع المغربي للقاضي المنتدب مجموعة من الصلاحيات، سنكتفي بأهمها في دوره أثناء اعتماد المحكمة لمخطط استمرارية المقاولة أو لمخطط تفويت المقاولة.

إذا فيما يخص مخطط الاستمرارية فهو حلا من حلول مساطر معالجة صعوبات المقاولة و إبقاء المقاولة في ملكية صاحبها واتباع مجموعة من الإجراءات من أجل التغلب على كافة الصعوبات، وهكذا تتحدد أهم الأدوار القاضي المنتدب في هذا المخطط وفي مراقبته لمدى صحة اقتراحات السنديك بخصوص رأيه في اعتماد المقاولة المدينة لمخطط الاستمراريتها، حسب تقرير الموازنة الذي يعده، ثم مراقبة تنفيذ المقاولة لالتزاماتها المحددة في مخطط الاستمرارية.

أما فيما يخص مخطط التفويت الذي يهدف إلى الإبقاء على نشاط المقاولة الذي من شأنه أن يستغل بشكل مستقل، والمحافظة على كل أو بعض المناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط، وإبراء جمتها من الخصوم، فيتجسد أهم دور للقاضي المنتدب في إطاره تتم مراقبة عملية تفويت المقاولة إلى الأغيار والتي تخول له ن يطلب شروحات تكميلية بخصوص عرض التفويت، ومن ثم يتعين أن يكون العرض متكاملا يراعي في مدى تنفيذه جميع بنود والشروط المضمنة فيه[79].

ج) دور القاضي المنتدب في مسطرة التصفية القضائية.

لقد استبدل المشرع المغربي التشكيلة القضائية الجماعية وأرجح الاختصاص في قيادة إجراءات التصفية القضائية لقاض فرد يوفر العديد من المزايا السرعة والفعالية، وهكذا لم يعد في حقيقة الأمر لمحكمة المسطرة إلا التصريح بفتح المسطرة التصفية القضائية وقفلها، وعهد إلى القاضي المنتدب بمراقبة إجراءات المسطرة واتخاذ القرارات المتصلة بها[80].

ولذلك يتم تحديد أهم صلاحياته في هذه المسطرة في بيع أصول المقاولة، ثم تصفية خصومها.

  • دور القاضي المنتدب في بيع أصول المقاولة.

إذا تبين للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة معالجة الصعوبات أن وضعية المقاولة الخاضعة لهذه المسطرة غير قابلة الإصلاح بالمرة، وأصبحت وضعيتها مختلة بشكل لا رجعة فيه فإنها تقضي بالتصفية القضائية لهذه المقاولة، ولذلك تروم هذه التصفية إلى إنجاز عمليات جرد أصول المقاولة من وحدات الإنتاج، وعقارات، ومنقولات، وبيعها. واستيفاء ديون المقاولة على الأغيار من تاريخ استحقاقها. وهكذا يؤدي الحك القاضي بالتصفية القضائية إلى تخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها، بما فيها التي امتلكها بأي وجه كان مادامت التصفية القضائية لم تقفل بعد وفقا للمادة 651 من مدونة التجار، وطبقا لذلك يتجسد دور القاضي المنتدب في إطار بيع أصول المقاولة أنه يحدد الشروط الأساسية لبيع العقار كأصل من أصول المقاولة، ويحدد شكليات شهره وذلك بعد تلقي ملاحظات المراقبين والاستماع لرئيس المقاولة والسنديك حسب المادة 654 من مدونة التجارة.

كما يتجلى دور القاضي المنتدب في مسطرة التصفية القضائية أنه يأذن، بمزايدة ودية بالثمن الافتتاحي الذي يحدده وإما بالتراضي وفقا للثمن والشروط الذي يحددها[81]، كما يظهر دور القاضي المنتدب عندما تكون وحدات الإنتاج للمقاولة موضوع تفويت شامل، سواء في جزء منها أو في مجموع الأصول المنقولة أو العقارية، بحيث بعد سماع رئيس المقاولة والمراقبين وإن اقتضى الحال مالكي المحلات التي تستغل بها وحدة الإنتاج باختيار العرض الذي يبدو له جديا[82].

  • دور القاضي المنتدب في تصفية الخصوم.

يظهر دور القاضي المنتدب في هذا الصدد في قيامه بإصدار أمرا بترتيب الدائنين وتوزيع منتوج التصفية طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل، إذ أنه بعد بيع العقارات والحسم نهائيا في ترتيب الدائنين أصحاب الرهون والامتيازات فإن الحاصبين منهم على رتبة مناسبة لا يتقاضون ترتيبهم الرهني في التوزيع عن مجمل ديونهم من ثمن العقارات إلا بعد خصم المبالغ التي سبق لهم أن تقاضوها طبقا للمادة 663 من مدونة التجارة تنص على هذا كله.

كما يتحدد دوره حسب المادة 667 من مدونة التجارة في الاشراف على الإذن بتوزيع مبلغ الأصول بين جميع الدائنين بالمحاصة مع ديونهم المقبولة بعد خصم مصارف ونفقات التصفية القضائية، والاعانات المقدمة لرئيس المقاولة أو مسيريها أو عائلاتهم.

     مما سبق نقول إن أهم الأدوار العامة التي خولها المشرع المغربي للقاضي المنتدب سواء تعلق الامر بدوره الإعلامي في تداول المعلومات ما بين أجهزة المسطرة، أو دوره في مسطرة الإنقاذ أو مسطرتي التسوية أو التصفية القضائية[83]، ومن ثم يمكن القول أن أهمية هذا الجهاز داخل نظام صعوبات المقاولة، إذ بدونه لا يمكن أن تنجح إجراءات هاته المساطر، فهو ذلك القلب النابض في المحكمة التجارية، مما ساهم في تحقيق نوع من الفعالية لهذه المساطر المتعلقة بصعوبات المقاولة وتحقيق الأمن القضائي للمستثمر بصفة عامة، وهذا كله لا يتم الا بوجود قضاء تجاري ذو كفاءة عالية لسير هذه المساطر.

وهذه الخبرة يطلبها القاضي المنتدب من أجل تقويم أصول المقاولة وجرد الممتلكات الموجودة داخل المقاولة، وبعدها يقوم الخبير بتقديم رأيه والذي يضمن فيه، تنفيذا الأمر المشار إليه قمنا باتخاذ جميع الإجراءات القانونية، من انتقال إلى عين المكان ومعاينة أصول المقاولة، ثم يقوم بتقويم أصول المقاولة بحيث يقوم الخبير بجميع الإجراءات التي كلفته بها المحكمة، مما يتعين على الخبير إيداع تقريره بكتابة الضبط، بحيث يقوم  بالانتقال والاطلاع على الوثائق المحاسبية إذا كانت الخبرة حسابية وكذلك السجلات التجارية للشركة وبعد ذلك يقوم الخبير بتقديم خلاصة واستنثاجات.

خاتمة:

    ختاما يمكن القول أن للقضاء دور مهم في مساطر صعوبات المقاولة وفي إنقاذها، هذا القضاء الذي اتضح أن له صلاحيات متميزة وغير مألوفة لدى القضاء العادي بحيث له دور فعال وهذا ليس بالغريب ما دام أن هذه الصلاحيات تطبق لإنقاذ حياة أهم ما يعتمد عليه الاقتصاد الوطني، فإبقاء المقاولة على قيد الحياة هو ما يسعى إليه المشرع المغربي لكون المقاولة أصبحت نواة الاقتصاد الوطني ، والوسيلة الناجعة  للتنمية الشاملة والمستدامة، وكذا الأداة الفعالة في تقوية الدعامات الأساسية الاقتصاد الوطني وتجويد مناخ الأعمال، وهذا ما يسعى إليه المغرب من أجل تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني، وحيث تدخل الأجهزة القضائية المشرفة على مساطر صعوبات المقاولة عبر أليات فرضتها طبيعة وأهداف هذه المساطر كما فرضها الانسجام الذي يجب أن يحصل بين الوظيفة الاقتصادية للقضاء التجاري وهذا لا يتحقق إلا بوجود مقاولة ناجحة وقضاء تجاري فعال، وهذا كله ما دفع بالمشرع المغربي إلى إدخال هياكل قضائية متخصصة أسند إليها مهمة البت في مساطر معالجة صعوبات المقاولة الأن مساطر صعوبات المقاولة لا يمكن أن تحقق النجاح إلا بوجود أجهزة فعالة ذو كفاءة عالية ومن أبرز هذه الأجهزة نجد المحكمة التجارية باعتبارها فاعل أساسي في سير اجراءات مساطر صعوبات المقاولة وهذا لا يتم إلا بتعاون مع كتابة الضبط باعتبارها القلب النابض بالمحكمة التجارية وبعدما تلقيت تدريبي بهذه المحكمة عرفت أن لهذا الجهاز داخل المحكمة دور كبير في سير إجراءات وفتح الملفات وتجهيز الجلسات وتحرير المحاضر وتلقي المذكرات والمقالات الافتتاحية كلها إجراءات ذات طابع تدبيري تنظيمي.

كما تجدر الإشارة أن دور القضاء لم يعد يقتصر على فض النزاعات بين الأطراف من منظور الخصومة التقليدية، وإنما أصبح يمارس قضاء اقتصادي، وهذا القضاء الذي يتطلب وجود قضاة ذو كفاءة عالية في مجال الاقتصاد من أجل تحقيق حكامة جيدة في مجال المال ولأعمال.

وبهذا الصدد نقترح مجموعة من الاقتراحات التالية بهذا الخصوص:

  • بما أن مساطر معالجة صعوبات المقاولة هو أمر جعله المشرع المغربي بين يدي القضاء التجاري، فإننا نضم صوتنا إلى الأصوات المنادية بتكوين قضاة المحاكم التجارية، وبتخصصهم في مجال المال والأعمال، وكذلك تكوينه في المجال الاقتصادي، وهذا كله سوف يترك اثار إيجابية في انقاذ حياة المقاولة المتعثرة وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة.
  • كذلك نقترح أن يتم تكوين محاميين متخصصين في هذا المجال، لكي يصبح محامي المواكبة يواكب إجراءات مساطر صعوبات المقاولة.
  • كذلك يجب على المشرع اهتمام بجهاز السنديك واعطائه أهمية باعتباره محرك أساسي في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، وذلك بإخراج القانون التنظيمي الذي ينظم هذا الجهاز حيز التنفيذ، وتحديد اتعاب السنديك والمهام المنوطة به والشروط المتطلبة.
  • كذلك نجد أن القضايا ذات الطابع الجنائي تحال عند الاقتضاء على النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية العادية، الامر الذي يسوقنا إلى تساؤل عن السبب وراء وجودها مدام أنها لا تهتم بمثل هذه القضايا، بحيث يجب تفعيل دور نيابة العامة بهذا الخصوص.
  • كذلك مسألة أخرى لحظتها في المحكمة التجارية بالرباط وهي قلة الموارد البشرية مما يساهم في نقص في الخدمات، لذا يجب على الوزارة تخصيص مناصب لتغطية الخصاص.
  • كذلك يجب الرفع من نجاعة المحاكم ورفع من النجاعة القضائية من أجل حكامة جيدة.
  • كذلك لتحقيق الأهداف والغاية المنشودة من سن قانون  صعوبات المقاولة، نرى على أنه لابد من تدخل المشرع المغربي لدراسة مسألة تكوين رؤساء المقاولات، بحيث نجد أن جل المقاولات المتعثرة لا يكون لرؤسائها أي تكوين بهذا المجال الأمر الذي يساهم على هدم المقاولات، الأنه نرى أن تكوين رؤساء المقاولة له مجموعة من الإيجابيات التي ستساعد على المحافظة على المقاولة المغربية وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة، الانه في غالب أحيان نجد رئيس المقاولة يكون سيء النية عندما تصل مقاولته إلا صعوبات اقتصادية واجتماعية، كما أن هذا التكوين سوف يساعد على تغيير العقلية التقليدية للمقاول المغربي، وكذا نظرته السيئة للقضاء التجاري، الأن الهدف الأساسي الذي يجب أن يكون هو انقاذ حياة المقاولة.

[1] من بين هذه الإصلاحات نجد:

تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، اعتماد الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، اصلاح المراكز الجهوية الاستثمار، تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، اخراج ميثاق جديد الاستثمار، اصلاح قطاع المؤسسات المقاولات العمومية.

كما تجدر الإشارة على أنه أصبحت قضايا تشجيع الاستثمار، وتحسين مناخ الاعمال وحماية الاستثمارات الوطنية والأجنبية محورا مركزيا في السياسات العمومية  الهادفة الى تحقيق النمو والازدهار الاقتصادي للشعوب، الامر الذي نتج عنه تقدم المغرب في الرتبة 53 عالميا في مؤشر ممارسة الاعمال Doing Business 2020 الصار عن البنك الدولي من خلال تسجيله تقدم بحوالي 7 نقاط.

[2] وبالرجوع لمقتضيات المادة 546 من مدونة التجارة نجد أن المشرع المغربي عرف لنا المقاولة هي الشخص الذاتي التاجر والشركة التجارية.

[3] إن مفهوم الحكامة يرتبط بالإدارة، حيث أن الحكامة الجيدة تقتضي وجود إدارة جيدة، وهذا المبدأ هو الذي تراهن عليه معظم الدول في تجويد وتحسين صورة مرافقها العمومية، وتحسين مناخ أعمالها.

[4] محمد القاسمي، وضعية الاجراء في إطار مساطر صعوبات المقاولة على ضوء القانون 73.17، سلسلة أبحاث قانونية، العدد 51 ص 5 و6

[5]  اشغال ندوة في موضوع المقاولة الوطنية في ظل المستجدات القانونية، في شراكة مع ماستر إدارة الشؤون القانونية للمقاولة، في كلمة ألقاها السيد يوسف العلوي رئيس فريق الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب في البرلمان.، ليومه الثلاثاء 20 يونيو 2023. على الساعة 10:00 صباحا.

[6] القانون 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية، الصادر بتاريخ 12 فبراير 1997.

[7] وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رسالة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، الذي افتتحت أشغاله يوم الاثنين 21 أكتوبر 2019 بمراكش تحت شعار العدالة والاستثمار، التحديات والرهانات بحيث جاءت هذه الرسالة تحث على أهمية الاستثمار كرافعة للتنمية، وبالدور الحاسم الذي تضطلع بع العدالة في الدفع بالنمو الاقتصادي، عبر تعزيز دولة الحق والقانون، وضمان الامن القانوني والقضائي اللازم لتحقيق التنمية الشاملة. ومن أجل وضع رؤية جديدة واستراتيجية في مجال تحسين مناخ الاعمال، رؤية قوامها توفير بيئة مناسبة للاستثمار، واعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة تجعل من المقاولة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولهذه الغاية أصدر جلالته توجيهاته الإسراع بإخراج الميثاق الجديد الاستثمار 03.02 والذي صدر بتاريخ 12 دجنبر 2022، وإصلاح المراكز الجهوية. من أجل تبسيط المساطر والإجراءات.

[8] نصت المادة 575 من مدونة التجارة على أنه تثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة، بما في ذلك الديون. الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556.

[9] مصطفى بونجى/ نهال اللواح، مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم 73.17 دراسة عملية وتحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة، الطبعة الأولى، 2018، مطبعة ليتوغراف طنجة، ص .113

[10] كما تجدر الإشارة أن عبارة – المحاكم التجارية – لم تعد تستعمل في القانون الجديد المتعلق بالتنظيم القضائي 38.15 الصادر بتاريخ 30 يونيو 2022 والذي دخل حيز التنفيذ يوم 15 يناير 2023 الذي جاء بمجموعة من المستجدات وأصبحت عبارة – المحاكم الابتدائية التجارية

[11] عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام نظام مساطر صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، الطبعة 2018، مطبعة مكتبة سجلماسة مكناس، ص139.

[12] محمد قدار، دور الأجهزة القضائية في إدارة مساطر صعوبات المقاولة، مقال منشور على الموقع الالكتروني  maroclaw.com  تاريخ الولوج يوم الأربعاء  1 ماي 2024 على الساعة 15.22.

[13] تنص المادة 578 من مدونة التجارة على أنه يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى لأحد دائنين كيفما كانت طبيعة دينه، كما يمكن للمحكمة أيضا أن تضع يدها على المسطرة تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله  له الوقاية الخارجية من اختصاصات.

[14] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، الطبعة الثانية 2015. ص 142.

[15] صفية لكطيطي، دور القضاء التجاري في ضمان استمرارية نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية على ضوء القانون 73.17 والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون المقاولة، كلية العلوم القانونية ولاقتصادية والاجتماعية المحمدية، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2019/2018.

[16] مصطفى بونجى،/ ونهال اللواح، مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم 73.17، الطبعة الأولى 2018، ص 268.

[17] المادة 564 من مدونة التجارة.

[18] مصطفى بونجى، ونهال اللواح، م، س، ص 269.

[19] تنص على أنه ينعقد الاختصاص للمحكمة التابع لدائرة نفوذها مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، تكون المحكمة المفتوحة مسطرة التسوية أمامها مختصة للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بها،.

[20] عبد الرحيم شميعة،  شرح احكام نظام مساطر صعوبات المقاولة، م، س، ص، 122و 123 وما يليها.

[21] تنص على أنه يجب على رئيس المقاولة أن يطلب فتح مسطرة التسوية القضائية داخل أجل أقصاه 30 يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع.

[22] عبد الرحيم شميعة، م، س، ص 129و 130.

[23] المادة 549 من مدونة التجارة.

[24] المادة 559 من مدونة التجارة.

[25] صفية لكطيطي، م، س، ص، 13.

[26] تعتبر مسطرة الإنقاذ من أهم المستجدات التي جاء بها المشرع في الكتاب الخامس من مدونة التجارة، بحيث تهدف مسطرة الإنقاذ إلى تمكين المقاولة من تجاوز صعوباتها، وذلك من أجل ضمان استمرارية نشاطها، والحفاظ على مناصب الشغل بها وتسديد خصومها. ويمكن أن تفتح مسطرة الإنقاذ بطلب من كال مقاولة، دون أن تكون في حالة التوقف عن الدفع، تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي بها  في أجل قريب الى التوقف عن الدفع.

[27] المادة 762 من مدونة التجارة.

[28] حكم عدد 58 في ملف رقم 49/8302/2022. الصادر بتاريخ 11/05/2023.

[29] إن النظام العام هو مجموعة المصالح الأساسية للجماعة التي يقوم عليها بناء الجماعة وكيانها، كما يعد من النظام العام الاقتصادي للدولة والاسس الاجتماعية فيها بهدف تحقيق الصالح العام.

[30] عبد الرحيم السلماني، دور القضاء التجاري بالمغرب ومساطر معالجة صعوبات المقاولة، دراسة نقدية ومقارنة، مطبعة طوب بريس، الطبعة الأولى 2008 ، ص 26

[31] الفصل 7 و8 من قانون المسطرة المدنية.

[32] محمد قدار، دور الأجهزة القضائية في إدارة مساطر صعوبات المقاولة، دراسة في ضوء مستجدات القانون رقم 73.17، مقال منشور بمؤلف عمر سكتاني، مساطر صعوبات المقاولة المستجدات والرهانات، ص 184.

[33] صفية لكطيطي، م،س ، ص، 23.

[34] محمد البغدادي، – دور القضاء في استقرار المقاولة المتعثرة، مسطرة الإنقاذ والتسوية نموذجا- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية وجدة، ماستر الامن القانوني للمقاولات والعقود، السنة الجامعية، 2020/2021.ص، 30 و 31.

[35] حكم صادر عن المحكمة التجارية بوجدة  عدد70/2019  بتاريخ 18/12/2019 في ملف رقم 06/8301/2010. غير منشور.

[36] محمد قدار،م،س، ص، 185.

[37] الفصل 7 من قانون المسطرة المدنية.

[38] عبد الحميد أخريف، الدور القضائي الجديد في القانون المغربي معالجة صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه  في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2000/2001 ص 366.

[39] المادة 762 من مدونة التجارة.

[40] المادة 764 من مدونة التجارة.

[41] عبد النور قندسي، مسطرة الإنقاذ في ضوء القانون 73.17، دراسة مقارنة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية سلا، جامعة محمد الخامس بالرباط، السنة الجامعية، 2023/2024، ص، 115 و116.

[42] كما تجدر الإشارة على أنه ارتبط ظهور مؤسسة القاضي المنتدب بأول تشريع للمساطر الجماعية في فرنسا، حيث ترسخت أثناء التحضير لمدونة نابليون سنة 1807، قناعة بضرورة ضمان المتابعة الدائمة والمستمرة لأعمال القيمين على إدارة عمليات المسطرة حتى لا تتراخى قيود الرقابة عليهم لتأكد من استجابتهم لمتطلبات التخليق، كما برزت الحاجة إلى جهاز دائم التواجد يتولى السير السريع الإجراءات، ولما تأكدت استحالة قيام المحكمة في هيئتها الجماعية بهذه الأعباء استقر الرأي على انتداب قاض فرد من هيئة المحكمة للنهوض بها.، أما بخصوص التشريع المغربي فقد اعتمدت المؤسسة الأول مرة بموجب ظهير 12 غشت 1913 وقد استمد المشرع معالمها من القانون الفرنسي.

[43] كوثر الرفاعي، تكييف التوقف عن الدفع في مساطر صعوبات المقاولة من خلال العمل القضائي – دراسة مقارنة -، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية، 2018/2019، ص، 145.

[44] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة: الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، السنة 2019، ص، 219.

[45] كما يجب التمييز بين القاضي المنتدب والقاضي المقرر، فالقاضي المقرر هو قاض عضو من بين أعضاء هيئة الحكم الجماعية، يتمثل دوره أساسا داخل الهيئة الجماعية في اتخاذ كافة إجراءات التحقيق في القضية المعين لها. وذلك لجعلها جاهزة للحكم، وهو من هذا المنطلق يشارك القاضي المنتدب في صفة الانفراد، إلا أنه يعمل في هيئة جماعية، ولا يصدر أحكاما وقرارات بصفته هذه فأغلب سلطاته في المسطرة هي من صميم الإدارة القضائية. وملاحظ أنه من بين التكامل نقط التكامل بين القاضيين تجري على أنه في مساطر صعوبات المقاولة يتم تعيين القاضي المقرر في حكم فتح المسطرة، ، قاضيا منتدبا بعد افتتاحها للاستفادة من إلمام الأول بمختلف المعطيات عن وضعية المقاولة وعن حالة المسطرة، ولذات السبب تعمد إلى إبقاء على تعيين القاضي المنتدب الذي يباشر إجراءات المسطرة في مرحلة اعداد الحل.

[46] أوامر الولائية هي التي يصدرها القاضي المنتدب بناء على طلبات بدون وجود منازعة وذلك كالترخيص الذي يمنحه للسنديك أو لرئيس المقاولة من أجل تقديم رهن رسمي أو رهن حيازي أو بالتوصل الى صلح أو تراضي، أو أن يأمر إما تلقائيا وإما بطلب من السنديك أو أحد الدائنين بأداء مسبق لقسط الدين متى كان مقبولا.

أما الأوامر القضائية فهي التي يصدرها لتسوية المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين مختلف الأطراف المعنية، كالبت في التعرضات المقدمة بعد الاستماع الى السنديك والأطراف ذات المصلحة.

[47] عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام مساطر معالجة صعوبات المقاولة م، س، ص، 152 و 153و 153.

[48] يونس المراكشي، دور أجهزة المساطر الجماعية صعوبات المقاولة، في تكريس مبدأ استمرارية المقاولة، مقال منشور على موقع فضاء المعرفة القانونية، espas connaissance juridique. تاريخ الولوج يوم 5 ماي 2024 على الساعة 11.30 صباحا

[49] المادة 672 من مدونة التجارة.

[50] المادة 566 من مدونة التجارة.

[51] المادة 568، من مدونة التجارة.

[52] المادة 654 من مدونة التجارة.

[53] في انتظار خروج نص تنظيمي ينظم المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك، والاتعاب المستحقة لذلك. إذ نجد أنه لازال لم يحظى السنديك باهتمام على المستوى المأمول من الوظيفة التي يمارسها، إذ لم يصل التشريع المغربي على تمتيع المؤسسة باستقلاليتها وجعلها مهنة حرة قائمة الذات بل حافظ على التقليد القديم في تعيين السنديك من بين كتابة الضبط بالمحكمة التي فتحت المسطرة، وأجاز استثناء هذه المهام للغير.

[54] المهدي شبو، مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة، – دراسة مقارنة- الطبعة الأولى 2006 ، ص 345.

[55] خالد أبو الغازي، دور السنديك في المساطر القضائية صعوبات المقاولة، في ضوء القانون 73.17. رسالة لنيل شهادة الماستر، ماستر القانون والمقاولة، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، السنة الجامعية، 2019/2020، ص، 136.

[56] المادة 673 من مدونة التجارة.

[57] المادة 594 من مدونة التجارة.

[58] مهدي شبو، م، س. ص، 356.

[59] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، م، س، ص، 233 و 234 وما يليها.

[60] كما تجدر الإشارة أن المشرع المغربي أشار الى المقرارات وكما نعلم أن المقرارات تشمل احكام وأوامر وقرارات.

[61] المادة 730 من مدونة التجارة.

[62] عبد الرحيم شميعة، م، س، ص 239.

[63] عبد الرحيم شميعة، م،س، ص،240.

[64] عبد الرحيم شميعة، م،س، ص، 241و242.

[65] وبهذا الخصوص حضرت أشغال ندوة وطنية في كلية العلوم القانونية والسياسية ، يوم السبت 2 مارس 2024 على الساعة 9:00 صباحا، في موضوع، مساطر صعوبات المقاولة بين افاق الإصلاح ورهانات النهوض بالمقاولة، بحيث جاء هشام مليوي، أستاذ جامعي بكلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، في مداخلته تحت عنوان، القاضي المنتدب: دراسة في القضاء الاقتصادي، بحيث تطرق لدور القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة، وعلى أن القضاء والاقتصاد، وأن القضاء هو امتداد للعدالة والاستثمار، فالغاية من العدالة تهدف إلى تحقيق العدل وإنصاف، فالمقاولة أصبحت اليوم هي القلب النابض فهي التي تكون لنا مناصب الشغل وتطوير النسيج الاقتصادي، كما أشار أستاذ أن المساطر الجماعية لها خصوصية، وعلى أن هناك نوع من التقسيم في العمل، أي هناك المحكمة وهناك القاضي المنتدب، وعلى أن نظم القانونية كفرنسا يتم اعتماد على القاضي التجاري، منذ بداية العملية، كما يتم تعيين قضاة المنتدبون في بعض النظم من خريج مدارس الاقتصاد،  وأشار إلى نقطة غاية في الأهمية ألا وهي أهمية تكوين القاضي المنتدب من الناحية الاقتصادية، الان القاضي المنتدب اليوم لا يعرف المحاسبة فهو يجب أن تكون له كفاءة عالية بهذا الخصوص، وهذا اشكال لازال مطروحا أمام بعض القضاة المنتدبون، أي أن بعض منهم ليس له دراية بالمحاسبة، مما يشكل هاجز أمامه، أن القاضي المنتدب اقتصر في تكوينه على ما هو قانوني أكثر  ما هو اقتصادي يهم عالم المقاولة والاقتصاد ككل.

[66] مهدي شبو، م ،س ص، 173 و 174.

[67] أحمد أبو العلاء، دور القاضي المنتدب في معالجة صعوبات المقاولة، مجلة دفاتر قانونية، العدد المزدوج الثاني والثالت 2017، دار السلام للطباعة والنشر بالرباط، ص، 254.

[68] المادة 736 من مدونة التجارة تنص على أنه تطبق مقتضيات هذا القسم على مسيري المقاولة الفردية أو ذات شكل الشركة والتي كانت موضوع فتح المسطرة.

[69] كوثر الرفاعي، تكييف التوقف عن الدفع في مساطر معالجة صعوبات المقاولة من خلال العمل القضائي، م،س، ص 147.

[70] كوثر الرفاعي، م،س، ص، 148.

[71] اشراق الادريسي، دور القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة، ص 17.

[72] كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قام بتنظيم الأوامر الصادرة عن القاضي المنتدب في الكتاب الخامس في المواد من 729 من 729 إلى 731 من مدونة التجارة.

[73] كوثر الرفاعي، م، س، ص، 150.

[74] في ملف عدد، 598/8304/2023،  الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط.

[75] ملف رقم 846/8304/2023. الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط.

[76] ملف عدد 117/8313/2022 الصادر عن المحكمة التجارية بالرباط.

[77] مصطفى بونجى، ونهال اللواح، مساطر صعوبات المقاولة، م،س، ص، 169 و 170.

[78] ملف رقم 3/8302/2021 الصادر بتاريخ 04/02/2021.

[79] كوثر الرفاعي، م،س، ص 153و 154.

[80] إبراهيم الصالح، دراسة لجهاز القاضي المنتدب، ص 73.

[81] الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 654 من مدونة التجارة.

[82] انظر المادة 655 من مدونة التجارة.

[83] كوثر الرفاعي، م،س، ص 156

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 4 / 5. عدد التقييمات 4

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك