إعداد : إبراهيم عطيف
مقدمة:
تعد البنوك بمثابة القلب النابض الذي يلجأ إليه المستثمرون بهدف توفير الموارد المالية لتلبية حاجياتهم الأساسية وبهدف مواكبة ذلك عرف هذا المجال ترسانة من القوانين منذ التسعينيات همت مجال المال والأعمال وكان آخرها قانون 103.12 سنة 2014 المتعلق بمؤسسات الاَئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، وقد تضمن القانون الجديد مجموعة من المستجدات الهامة، لكنه حافظ على مجموعة من المبادئ والتي كانت سائدة منذ القدم أهمها الحفاظ على السر المهني. فالشخص سواء كان طبيعيا أو معنويا كان ولا يزال يرغب بكتمان بعض الأمور الخاصة به وبمعاملاته وما إشراك البنك في جزء كبير منها بحكم التعامل معه أو من خلاله إلا بهدف الحفاظ على الأسرار المهنية. فليس للبنك أن يتخذ من خلال تعامله مع الشخص وسيلة لجمع المعلومات عنه وإفشائها، لأن الثقة والاطمئنان من الأمور التي لا يمكن تعزيزها إلا في إطار من السرية.
حيث كان الاحتفاظ بالسر البنكي من الأعراف التي كانت سائدة منذ زمن بعيد، حتى تحولت إلى قواعد قانونية لا غنى عنها فجل هذه المبادئ هي التزامات تقع على البنك، وبما أن نظام السرية هو من الحقوق الخاصة، فإن إفشاءه يرتب على البنك المسؤولية.
هذه المسؤولية التي تطورت مع تطور هذا المبدأ، وانتشاره بين دول العالم، حيث تم تجريم إفشاء المعلومات الائتمانية التي أودعها الزبون لدى البنك، ليس فقط حماية لمصالحه المالية والأدبية، ولكن أيضا لحماية الثقة في البنوك، كمؤسسات مالية واقتصادية تباشر مهنة عامة اجتماعيا واقتصاديا، فضلا عن حماية المصلحة العامة في تدعيم الائتمان وتوفير المناخ الملائم للاستثمار والاستقرار الاقتصادي. غير أن المسؤولية عن السر المهني البنكي، تواجهها مجموعة من الإكراهات في السنوات الأخيرة، خاصة مع انخراط البنوك في محاربة عمليات غسل الأموال وطنيا ودوليا، حيث أصبح البنك يواجه مسؤولية مزدوجة تتمثل في عدم الإخلال بالسر المهني من جهة، والتزامه بمحاربة عمليات غسل الأموال التي غالبا ما تتطلب كشف تلك السرية من جهة ثانية.
كما أن هذه المسؤولية تزداد تعقيدا مع ما يشهده العالم من تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة، ومن كل ما سبق تثور الإشكالية حول مدى إمكانية حفاظ السر المهني البنكي على مكانته، أم أنه سيختفي تدريجيا مع كثرة الاستثناءات الواردة عليه خصوصا مع ازدياد دور الأبناك في مكافحة عمليات غسل الأموال.
أهمية الموضوع:
ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة باعتبار السر المهني البنكي يدعم الحياة الخاصة للفرد التي تعج بالكثير من الأسرار، والتي يحرص دوما على كتمانها، كما أن البنوك تعتبر قناة لعبور الأموال على المستوى الداخلي والخارجي، فمن الأجدر إحاطة المعلومات التي تصل إلى البنك طي الكتمان، زيادة على ذلك تكمن دراسة موضوع المسؤولية الجنائية للبنك في إفشاء السر المهني في كونه سيفيدنا كطلاب من تطوير مداركنا ومعلوماتنا العلمية.
منهجية الدراسة:
تقتضي دراسة موضوع ” المسؤولية الجنائية للبنك في إفشاء السر المهني ” إعتماد المنهج الوصفي التحليلي، من خلال الجمع بين مختلف النصوص القانونية طبقا لما جاءت به التشريعات المنظمة لها سواء في الجانب الموضوعي أو الإجرائي، بغيت الوصول إلى النتائج المرجوة.
إشكالية الموضوع:
ما هي المسؤولية الجنائية المترتبة في إفشاء السر المهني للبنوك؟
خطة البحث:
ارتأينا معالجة هذا الموضوع وافق تصميم من مطلبين:
المطلب الأول: الإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي.
المطلب الثاني: الجزاءات الناتجة عن إفشاء السر المهني البنكي.
المطلب الأول: الإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني
يتفرع الإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي، إلى نطاق هذه المسؤولية من حيث الأشخاص الملزمين بكتمان السر المهني البنكي الذي اطلعوا عليه بمناسبة وظيفتهم، هذا الالتزام يخص جميع المعلومات والعمليات البنكية المتعلقة بالزبناء. نطاق السر يتحدد من حيث الأشخاص في أطراف هذا الالتزام باعتباره كباقي الالتزامات يتكون من طرفين، طرف مدين يتمثل في البنك وكل شخص له حق الاطلاع والمراقبة وطرف دائن يتمثل في الزبون.
الفقرة الأولى: أطراف الالتزام بالسر المهني البنكي
الالتزام بالسر البنكي هو التزام سلبي ، مفاده الامتناع عن إفشاء أسرار الزبون والاطلاع عليها ، لذلك
يلتزم البنك بعدم إفشاء أسرار الزبون وفي حالة إخلاله بهذا الالتزام يقع تحت طائلة المسؤولية سواء الجنائية أو المدنية أو التأديبية. تتأسس هذه المسؤولية على المادة79 من القانون المتعلق بمؤسسة الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
أولا : البنك
عرف المشرع المغربي البنك في المادة 1 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، بأنه “تعتبر مؤسسات الائتمان الأشخاص المعنوية التي تزاول نشاطا في المغرب ،أيا كان موقع مقرها الاجتماعي أو جنسية المشاركين في رأس مالها أو مخصصاتها أو جنسية مسيريها، والتي تحترف بصفة اعتيادية نشاطا واحدا أو أكثر من الأنشطة التالية :
_ تلقي الأموال من الجمهور
_ عمليات الائتمان
_ وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بإدارتها.
لا يسمح لأي شخص سواء كان طبيعيا أو اعتباريا ممارسة نشاط الائتمان، إلا إذا جاء في شكل شركة مساهمة ذات رأس مال ثابت ،باستثناء المؤسسات التي حدد لها القانون نظاما أساسيا خاصا حسب ما هو مكرس في المادة 28 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وكل مخالفة لهذه المقتضيات تنتج عليها عقوبات جنائية ومالية[1].
وبالإضافة إلى الأنشطة التي نص عليها المشرع المغربي في المادة 1من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان المشار إليه أضاف أنشطة فرعية في المادة 9من نفس القانون ،مواكبة للتطورات الحاصلة في الأسواق المالية الدولية [2] أما بالنسبة لفروع مؤسسات الائتمان المغربية في البلدان الأخرى فتخضع لقوانين هذه البلدان فيما يخص نطاق مسؤولياتها في الالتزام بالسر المهني البنكي، أما المقر الرئيسي فيبقى خاضعا للقانون الوطني المغربي .
هذا ما يسير عليه كل من التشريعين المغربي والفرنسي في تعريف المؤسسات البنكية وشروط ممارستها للنشاط البنكي ،حتى تدخل في نطاق الالتزام بالسر المهني البنكي ،أن مخالفتها لهذه الشروط والأحكام يعرضها للمسائلة الجنائية.
ثانيا : من له حق الاطلاع والمراقبة
نص المشرع المغربي في المادة 79من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، على مجموعة من الأشخاص الذين يشتغلون في دائرة البنك وألزمهم بكتمان السر المهني، وعليه فنطاق المسؤولية يتسع ليشمل كل شخص له علاقة بالمؤسسات البنكية ، وله حق الاطلاع والمراقبة ،فنجد المشرع يستخدم عبارات واسعة وعامة وغير محددة ، مثلا: جميع الأشخاص الذين يشاركون بأي وجه من الوجوه في إدارة مؤسسة ائتمان أو تسييرها أو تدبيرها أو يكونون مستخدمين لديها وأعضاء المجلس الوطني للائتمان والادخار ولجنة مؤسسات الائتمان واللجنة التأديبية لمؤسسة الائتمان ولجنة التنسيق بين أجهزة الرقابة بالقطاع المالي ، والأشخاص المكلفين ولو بصفة استثنائية بأعمال تتعلق بمراقبة المؤسسات الخاضعة لرقابة بنك المغرب عملا بهذا القانون وبوجه عام كل شخص يدعى بأي وجه من الوجوه للاطلاع على المعلومات المتعلقة بالمؤسسات المذكورة أو لاستغلالها …” كل هؤلاء الأشخاص يلتزمون بكتمان السر المهني تحت طائلة العقوبات الجنائية و التأديبية .
ما يلاحظ على المشرع هو إغراقه في العموميات وعدم تحديد الأشخاص بشكل دقيق كما فعلت بعض التشريعات المقارنة.
ثالثا: الزبون
يشمل نطاق السر البنكي من حيث الأشخاص الزبون باعتباره الطرف الدائن في هذا الالتزام، وهو أودع سره لدى البنك، وأطلعه عليه واطمأن إلى أنه سيكتمه[3]. مما يعني أن موجب هذا السر وضع لمصلحة الزبون ، ولا يجوز للملتزمين به إفشاء ما يعرفونه عن زبنائهم لأي سبب كان ، إلا فيما يتعلق بالاستثناءات التي تشكل حدودا لهذا الموجب .
هذا الزبون يجب أخذه بمفهوم واسع ،فهو يمكن أن يكون شخصا طبيعيا ، كما يمكن أن يكون شخصا معنويا ،بشرط أن يلجأ إلى البنك للاستفادة من خدماته ،وأن يوافق هذا الأخير على القيام بالعمليات التي طلبها .
تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يخصص حيزا للحديث عن الزبون كمستفيد من السر المهني البنكي، سواء في القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الجديد ، أم في القانون القديم الذي كان يتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها، لكنه تحدث عن الزبون خلال تنظيمه للشيك المسطر في المادة 281 من مدونة التجارة .[4]
كما نجد كذلك في التشريعات المقارنة المشرع الفرنسي لم يعطي بدوره تحديدا لمدلول الزبون تاركا هذا التحديد للفقه والقضاء.
صفة الزبون لا تقتصر على الشخص الطبيعي فحسب ،بل يمكن أن تشمل حتى الأشخاص المعنوية ،خصوصا وأن الشخص المعنوي ،مهما كان شكله القانوني وطبيعته، يتوفر على الشخصية القانونية التي تجعل منه كيانا قانونيا ذا ذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص الطبيعيين الذين يؤلفونه، الشيء الذي يجعل منه زبونا يتمتع بكل مقومات الشخصية القانونية ،هذه الشخصية التي تشكل وعاء لاستقبال الحقوق وتحمل الالتزامات [5]وهكذا لا يقتصر نطاق المسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي في مواجهة البنك على الأشخاص الطبيعيين، بل يشمل حتى الأشخاص المعنويين باعتبارهم دائنين في الالتزام بالسر البنكي .
فمجرد أن يتقدم ممثل الشخص المعنوي إلى البنك للاستفادة من خدماته أو للقيام ببعض العمليات البنكية يكتسب صفة الزبون ،ويصبح دائنا في مواجهة البنك ، فيتسع من ثم نطاق المسؤولية ليشمله .خاصة وأن طلب خدمات الأبناك من قبل الشخص المعنوي (خصوصا الشركات التجارية والتجار ) هو ضرورة قانونية .
الفقرة الثانية: الاستثناءات الواردة عن التزام البنك بالسر المهني
هناك حالتين اثنين تحتم على البنك أن يدلي بالمعلومات البنكية الخاصة بالزبائن، وذلك إما بموجب القانون أو بموجب الاتفاق.
- إعفاء البنك من المسؤولية بموجب القانون:
مما لا شك فيه، أن السر المهني فرض احتراما لحقوق الأفراد غير أن هذا الأمر قد يصطدم أحيانا بمصالح عامة، ولذلك يتدخل القانون لينزع عن هذه الأمور السرية بحيث لا يحق للبنك أن يتدرع بالسر المهني في الحالات التالية:
السر البنكي والمجال الضريبي.
في المجال الضريبي وطبقا لمدونة الضرائب في المادة 214 يحق لإدارة الضرائب الاطلاع على المعلومات البنكية للزبون، وفي هذا الإطار يجوز للبنك مد موظفي إدارة الضرائب الذين لهم الصفة الضبطية بكافة المعطيات والوثائق المحاسباتية للزبون، بغية التمكن من ربط ومراقبة الضرائب والواجبات والرسوم المستحقة على الغير.[6]
وفي هذه الحالة لا يمكن للمؤسسة البنكية أن تعترض بحجة كتمان السر المهني.
وحق الاطلاع هو سلطة منحها المشرع بغية التحقق من إعمال أحكام التشريعات الضريبية وبالتالي، فإن الغاية الأساسية إذن هي تمكين تلك الإدارة من التعرف على وعاء الضريبة على الخصوص وعناصره المختلفة ابتغاء تحقيق العدالة الضريبية ومحاربة التهرب الضريبي[7].
السر البنكي ومؤسسة بنك المغرب:
يعتبر بنك المغرب الجهاز المكلف بمراقبة مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، إذ أعطى له القانون البنكي مجموعة من الصلاحيات لمراقبتها وزوده بحصانة قانونية تغنيه عما يمكن أن تنذره به المؤسسات لعرقلة عمله.
ولذلك وطبقا لنص المادة 181 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها والتي تنص على أنه “…زيادة على الحالات المنصوص عليها في القانون، لا يجوز الاحتجاج بالسر المهني على بنك المغرب…”
السر البنكي والقضاء الجنائي:
تعتبر السلطات القضائية الجنائية من بين الجهات التي لا يمكن للأبناك مواجهتها بالسر البنكي وذلك بموجب نص المادة 181 المشار إليها أعلاه.
ففي مجموعة من الجرائم البنكية يحتاج القضاء لمعرفة المعطيات المالية المتعلقة بالمتهم خصوصا فيما يتعلق بجريمة إصدار شيك بدون رصيد، أو جرائم غسيل الأموال.. وغيرها من الجرائم. والدافع من وراء ذلك هو ضرورة البحث عن الحقيقة التي تخول لقاضي التحقيق استعمال جميع الوسائل للوصول إليها منها التفتيش لدى مؤسسات الائتمان.
- حالات الإعفاء بموجب الاتفاق
إذا كانت المرجوة من الالتزام بالسر المهني البنكي هي حماية حقوق الزبون فإن هذا الأخير من حقه أن يتناول عن هذه الحماية إذا قدر أن ذلك من مصلحته، كما يمكن ممارسة هذا الحق من قبل مجموعة من الأشخاص يقومون مقام الزبون في إدارة شؤونه.
أولا: رضا الزبون بإفشاء أسراره
الأصل في إفشاء أسرار الزبون، أنه خطأ يستوجب التعويض إذا لحق هذا الأخير ضرر، لكن رضاه بوقوع الضرر ينفي عن الفعل صفة الخطأ ويجعله مشروعا. [8]
ومن أبرز الصور العملية التي تؤكد هذا الرضا، أن يطلب الزبون التاجر من البنك إعطاء تفاصيل عن حسابه ومعاملاته مع البنك إلى المحاسب الذي يقوم بإعداد الميزانية السنوية له، أو أن تطلب شركة المساهمة في شخص ممثلها القانوني من البنك تقديم المعلومات التي يطلبها مراقبو حساباتها[9].
ففي هذه الأمثلة يتضح أن رضاء الزبون بإفشاء البنك لأسراره، يترتب عليه إعفاء المؤسسة البنكية من المسؤولية.
لكن هذا الإعفاء من المسؤولية بموجب رضا الزبون بإفشاء أسراره، يعرف أوجه مع الاتجاه الذي يتخذ نظرية العقد كأساس للالتزام بالسر المهني البنكي، فهذا الاتجاه يذهب إلى القول بإمكانية رفع صفة السر المهني البنكي بإرادة الأطراف ما دام هذا السر قد أنشئ بموجب هذه الإرادة، بيد أنه يشترط وقوع الرضا من الطرفين حتى يمكن إضفاء صفة الشرعية عن فعل الإفشاء. أما إذا تم الإفشاء بمبادرة من البنك وحده فإنه لا يعفى من هذا الالتزام، وبالتالي يقع تحت طائلة العقوبة [10].
ويذهب البعض[11] إلى أن رضا الزبون بإفشاء أسراره، قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا ولكنه لا يفترض.
ثانيا: إذن الغير بالاطلاع على السر البنكي.
يعتبر الالتزام بالسر المهني البنكي في العلاقة بين البنك باعتباره مدينا، والزبون باعتباره دائنا في هذا الالتزام، بمثابة الحق الشخصي للزبون يدخل في ذمته المالية، فبإمكانه التصرف فيه أو التنازل عنه، إلا أن هذا الحق يمكن أن ينتقل إلى عدة أشخاص آخرين إما بسبب علاقات قانونية، وإما بسبب الإرث أو الوصية.
- حالة الوكيل أو الممثل القانوني:
الوكالة أو التمثيل القانوني من العلاقات القانونية المهمة في الحياة العلمية، فالزبون قد يوكل بعض الأشخاص لإنجاز أو مباشرة كل أو بعض عملياته البنكية. فالزبون بذلك يجيز للبنك إعطاء بيانات عن حساباته البنكية.
فهذا الإذن بالاطلاع على السر البنكي في الحالة التي يكون فيها الزبون شخصا معنويا (شركة مثلا) يكون بيد الممثل القانوني للشركة، الذي يملك الصلاحيات الواسعة لتنفيذ قرارات مجلس الإدارة، والقيام بجميع الأعمال التي يستوجبها السير العادي للشركة، ولا يحد من هذه الصلاحيات إلا ما هو منصوص عليه في القانون، أو في نظام الشركة[12].
أما إذا كان الأمر يتعلق بشركة من شركات الأشخاص، فإنه يكون من حق كل شريك يتعامل قانونا باسم الشركة، أن يطلع على كل المعلومات والعلميات البنكية التي تتعلق بالشركة، ولا يمكن للبنك مواجهته بالسر المهني البنكي، كما يمكن لهذا الممثل القانوني (الذي غالبا ما يكون مدير هذه الشركة) أن يمنح الإذن بالاطلاع على حساب الشركة لكل شخص يهمه تسيير الشركة مع مراعاة مصلحتها، ودون الخروج عن الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه علاقة الشركاء في هذا النوع من الشركات.
وعليه يمكن للممثل القانوني للشركة أن يأذن للبنك باطلاع الأشخاص المعينين من قبله على السر المهني البنكي إذا كان النظام الأساسي للشركة قد أعطاه هذا الحق. أما في حالة العكس فيقضي الأمر موافقة باقي الأجهزة المسيرة الأخرى.
- حالة الورثة أو الموصى لهم:
إن الورثة أو الموصى لهم يحلون محل المورث أو الوصي، ويصبحون مستفيدين من حفظ السر المهني البنكي الملقى على عائق البنك، وتؤول إليهم الحقوق التي كانت لمورثهم أو للموصي، ومنها حق إعطاء الإذن للبنك لإفشاء السر المهني البنكي، ما لم يكن العكس مصرحا به، أو ناتجا عن طبيعة الالتزام، أو عن القانون هذا ما يكرسه الفصل 229 من قانون الالتزامات والعقود المغربي[13].
ويكون هذا الإذن الكتابي بالاطلاع الصادر من الورثة، أو الموصى لهم في حدود ما يملكه مانح الإذن، أي بقدر مت ورثه أو تلقاه عن طريق الوصية[14].
كما يثبت حق الاطلاع لوكلاء الورثة، لأنهم يحلون محل الورثة في إدارة حقوقهم، لذلك يمكنهم معرفة كل المعلومات والعمليات البنكية التي تدخل في مضمون الوكالة الممنوحة لهم.[15]
ويحق كذلك لممثل التركة المعين من قبل من له الحق، وللوكيل الرسمي المكلف بجرد التركة، وللمصفي المعين للقيام بالتصفية الرسمية للتركة، أن يطلبوا إعطاءهم المعلومات اللازمة من البنك، دون أن يقع هذا الأخير تحت طائلة المسؤولية عن خرق الالتزام بالسر المهني البنكي.[16]
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية
تنعقد المسؤولية الجنائية عن إفشاء السر المهني البنكي المحال عليها بالمادة 79 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، لذلك سنقوم بالحديث عن أركان هذه الجريمة والعقوبة المقررة لها.
الفقرة الأولى: أركان جريمة إفشاء السر المهني البنكي
قام المشرع المغربي في المادة 79 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، بإلزام مجموعة من الأشخاص، بكتمان السر المهني تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في الفصل 446 من القانون الجنائي المغربي وبالرجوع إلى الفصل 446 من القانون الجنائي المغربي، يتضح من صياغته أنه لتحقق جريمة إفشاء الأسرار يجب توافر ثلاثة أركان ركن، مادي، وركن معنوي، إضافة إلى صفة الفاعل.
1: الركن المادي
عبر المشرع على الركن المادي لهذه الجريمة، في الفصل 446 من القانون الجنائي، عند ما عدد الأشخاص الملزمين بعدم إفشاء الأسرار التي يطلعون عليها بحكم مهنتهم أو وظيفتهم، بقوله “… إذا أفشى سرا أودع لديه…” ويستفاد من هذه العبارة أن هذا الركن يتضمن عنصرين، عنصر السر وعنصر الإفشاء.
أ-عنصر السر: المشرع المغربي لم يعرف السر المهني ولم يحدد متى وفي أي الحالات يكون الأمر سرا، فتحديد السر مسألة تختلف باختلاف الظروف إلا أن هذه الحقيقة لم تمنع الفقهاء من محاولة الوصول إلى تعريف للسر المهني، ووضع المعايير التي تحدد عناصره وخصائصه ونطاقه بما يميزه عن غيره من الاسرار العامة أو أسرار الدولة[17]، وأن المعلومات السرية هي فقط المعلومات المحددة كأرصدة الحسابات ومواعيد استحقاق الديون وأرقام المركز المالي لزبون البنك.
وهناك رأي أخر يعتبره كل أمر أو واقعة تصل إلى علم البنك سواء بمناسبة نشاطه أو بسبب هذا النشاط وسواء أفضى بها العميل نفسه أو علم بها البنك من الغير شريطة أن يكون لهذا العميل مصلحة في كتمانها.
ما يمكن استنتاجه حسب بعض الباحثين وعلى ضوء الآراء الفقهية السالفة هو أن السر المهني البنكي في النظام المغربي لا يعدو أن يكون غير جميع المعلومات والعمليات التي سلمها الزبون للبنك، أو التي أجراها معه، أو تلك التي علم بها البنك بمناسبة نشاطه وللزبون مصلحة مشروعة في إخفائها، وأن إفشاءها سيهدد سمعة الزبون، أو مركزه المالي داخل السوق، مما يفرض على البنك الالتزام بالحيطة في التعامل مع جميع العمليات والمعلومات ، فالسر المهني البنكي إذن التزام سلبي يقع على عاتق البنوك قوامه الامتناع عن إفشاء أسرار زبنائها .
ب-عنصر الإفشاء: يتمثل الفعل المادي هنا في إفشاء نبأ يعد لدى صاحبه سرا، أي يهمه كتمانه، وإفشاء السر إلى الغير قد يكون بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة. وقد يتحقق ذلك بنشره علنا في جريدة، أو التحدث به في محاضرة، أو بين الناس، أو التصريح به أو بجزء منه ولو إلى شخص واحد فقط[18]،وما ينبغي الإشارة إليه أنه يجب أن يحتوي الإفشاء على قدر أدنى من المعلومات الدقيقة التي تسمح بالاطلاع على السر، وسواء تضمن الإفشاء معلومات عامة أو دقيقة، فإن جريمة الإفشاء تتحقق متى تم اطلاع الغير على معلومات تسمح بالتوصل إلى السر بطريقة غير مباشرة، فالمشرع لم يشترط وسيلة معينة، بل قصد تجريم كل ما من شأنه توصيل السر إلى من ليست له الصفة للعلم به.
2: الركن المعنوي:
لم ينص المشرع في الفصل 446 من القانون الجنائي، صراحة على القصد الجنائي كشرط لقيام جريمة إفشاء الأسرار عموما، وعلى الرغم من ذلك، فإن الركن المعنوي يعتبر شرطا ضروريا لقيام هذه الجريمة، فإن جريمة إفشاء السر المصرفي عمدية، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة ” القصد”، فيجب أن يتوافر قصد الجاني وعدم العقاب على هذه الجريمة معروف عموما عندما تكون النتيجة قد حدثت بإهمال أو عدم احتراز[19]، وعليه فالركن المعنوي يتحقق إذا ما أقدم المتهم على إفشاء السر الذي علم به عن طريق مهنته أو بمناسبتها عمدا، أما إذا تم ذلك بشكل غير عمدي، فإنه غير معاقب عليه.
كما أن الآراء الفقهية تذهب في هذا الاتجاه، حيث تعتبر أن جريمة إفشاء السر المهني البنكي تقوم بمجرد توفر القصد العام دون القصد الخاص المتمثل في نية الإضرار بالزبون الذي تم إفشاء أسراره[20]، ويبقى للقضاء حرية تقدير وجود القصد الجنائي من عدمه.
3: صفة الفاعل:
يعتبر ركن صفة الفاعل مهما في جريمة إفشاء الأسرار عموما، إذ لا يرتكب هذه الجريمة أي شخص بل شخص ذو صفة معينة ، و هذه الصفة مستمدة من نوع المهنة التي يمارسها أي أنها صفة مهنية والعلة في تطلب هذا الركن أن القانون يعاقب على إفشاء السر صيانة لمصالح الأفراد حين يلجأون إلى أصحاب المهن والوظائف طالبين خدماتهم فيضطرون إلى الإفضاء إليهم ببعض الأمور أو يودعون لديهم أسرارا، فسر المهنة يرتبط ارتباطا وثيقا بصفة الأمين الضروري وهو الشخص الذي يجد الناس أنفسهم مضطرين إلى اللجوء إليه من أجل مهنته، وجريمة إفشاء السر المهني البنكي هي الأخرى من جرائم ذوي الصفة الخاصة[21]
وهذه الصفة تستفاد من الفصل 446 من القانون الجنائي، الذي أورد في صياغته أن “كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة”، وعليه فصفة الأمين على السر تستمد من المهنة أو الوظيفة التي تمكن صاحبها من معرفة الأسرار.
والسر المهني البنكي ينبغي أن يفهم منه أمران:
أن يعرف هذا السر أثناء مزاولة النشاط البنكي.
أن تكون له علاقة بالمهنة البنكية نفسها[22].
وبالتالي فإن الإفشاء الذي يكون خارج إطار المهنة البنكية وغير مرتبط بها، لا يشكل جنحة إفشاء السر المهني البنكي المعاقب عليها، بل لا يعتبر سرا بنكيا. ولا يعتد في تحديد صفة الفاعل بوقت الإفشاء، بل وقت معرفة السر، لأن المتهم بعد تركه لوظيفته داخل البنك قد يفشي السر الذي علم به أثناء ممارسته لعمله، وبالتالي تتوافر فيه صفة الفاعل، أما إذا علم بالسر الذي أفشاه بعد ترك وظيفته فإن تلك الصفة تعتبر غير متوافرة، وبالتالي لا وجود لجريمة إفشاء الأسرار[23]، وعليه تبقى صفة الفاعل ركن لازم أو شرط ضروري لقيام الجريمة.
الفقرة الثانية: جزاء جريمة إفشاء السر المهني البنكي.
من له الحق في تحريك الدعوى العمومية؟ وما هي الكيفية التي يمكن أن تطبق بها العقوبة المقررة في الفصل 446 من القانون الجنائي؟ وهل هذه الجنحة تخضع للتقادم العادي أم لها مدة تقادم خاصة بها؟
1: تحريك الدعوى العمومية:
هناك اختلاف بين بعض الباحثين حول مدى توقف المتابعة في جريمة إفشاء السر المهني البنكي، على تقديم شكاية في الموضوع من قبل المتضرر، أم أن النيابة العامة تحرك المتابعة من تلقاء نفسها دون توقف ذلك على شكاية، خصوصا مع غموض النصوص التشريعية المغربية عكس بعض التشريعات المقارنة. إذ يرى أحدهم أنه لا مانع من إثارة الدعوى العمومية بصفة تلقائية بمجرد ملاحظتها دون توقف ذلك على تقديم شكاية في الموضوع، لأن الأمر يتعلق بجريمة معاقب عليها جنائيا بصفة محددة .. لكن يذهب الطرف الآخر عكس هذا التوجه ويعتبر أن الأمر يتعلق بمصلحة خاصة للزبون، وهو الذي يتوفر على أحقية تقدير هل ما تم إفشاؤه يضر بمصالحه أم لا. وبالتالي فهو الوحيد صاحب الحق في إثارة الدعوى، مما يتوقف على تقديم شكاية من قبله إلى النيابة العامة.
فالفصل 321 من القانون الجنائي لسنة 1932 الذي يتعلق بجريمة إفشاء السر المهني بشكل عام، ينص على أن هذه الجنحة لا تتم فيها المتابعة إلا بشكاية.
2: الجزاء الجنائي:
عاقب الفصل 446 من القانون الجنائي المغربي، مرتكب جريمة إفشاء السر المهني البنكي، ضمن عقوبة إفشاء الأسرار بصفة عامة، وذلك بنصه”… وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم…”
وما يمكن ملاحظته على هذا الفصل، هو أن المشرع جمع بين عقوبة الحبس والغرامة، على عكس ما فعل في مواضيع كثيرة، إذ ترك للقاضي سلطة الاختيار بين الحبس أو الغرامة.
هل العقوبة تطبق على البنك كشخص معنوي، أم أنها تطبق فقط على الفاعل كشخص طبيعي؟
إن الفصل 127 من القانون الجنائي المغربي يقر صراحة بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي، والذي يمكن أن يكون بنكا، وخص له عقوبات تتلاءم وطبيعته غير المادية التي تتمثل في المصادرة أو الحل أو نشر الحكم الصادر بالإدانة. ويلزم لقيام المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي – السالف بيانها- أن يثبت وقوع الفعل ونسبته إلى شخص معين يمثل هذا الشخص المعنوي، أو يعمل لحساب هذا الشخص. أو يشكل عضوا فيه [24]،ففي هذه الحالة تثبت مسؤولية الفاعل الشخصية وتوقع عليه العقوبة شخصيا ولا مجال للحديث عن إيقاعها على البنك كشخص معنوي، اللهم إذا كان شريكا في هذا الفعل، وأيا كان مركز هذا الفاعل داخل المؤسسة البنكية بدءا من رئيس مجلس الإدارة مرورا بالمتصرفين والمدراء وصولا إلى أصغر مستخدم داخل البنك حسب ما هو وارد في المادة 79 من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها. أما إذا كان الفاعل مجهولا فإن الدعوى العمومية توجه ضد البنك كشخص معنوي، فالبنك كشخص معنوي يمكن مساءلته كشريك إذا ما ثبت أنه قام بما من شأنه أن يساعد على ارتكاب هذه الجنحة كما يمكن مساءلته بصفته فاعلا أصليا [25]، لأن البنك ملزم بحماية السر الذي أودعه الزبون لديه، وإلا كان مسؤولا جنائيا عن إفشاءه زيادة على أن الالتزام بالسر المهني البنكي يغلب عليه الطابع الجماعي مما يصعب من مهمة معرفة الشخص الذي قام بالإفشاء، وليس من العدالة عدم تجريم هذا الفعل بدعوى عدم معرفة الشخص الذي قام بالإفشاء[26]
وجاء في قانون 103.12النتعلق بمؤسسات الإئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها العقوبات المحددة في الفصول التالية:
المادة 182:
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص عامل لحسابه الخاص أو لحساب شخص اعتباري.
– يستعمل بغير حق تسمية تجارية أو عنوانا تجاريا أو إعلانا وبصورة عامة.
كل عبارة تحمل على الظن أنه معتمد كمؤسسة ائتمان أو تحدث عمدا في أذهان الجمهور التباسا حول مزاولة نشاطه بصفة قانونية؛ – يستعمل جميع الأساليب التي يراد بها تشكيك الجمهور في صنف مؤسسة الائتمان الممنوحة من أجلها رخصة الاعتماد.
المادة 183:
يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 100.000 إلى 5.000.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص – يحترف، بصفة اعتيادية، القيام بالعمليات المحددة في المادتين 1 و 16 أعلام من غير أن يكون معتمدا قانونا باعتباره مؤسسة انتمان ينجز عمليات لم يمنح اعتماد لأجلها.
المادة 184:
يجوز للمحكمة في الحالات المنصوص عليها في المادتين 182 و183 أعلاه أن تأمر بإغلاق المؤسسة المرتكبة فيها المخالفة وبنشر الحكم في الجرائد التي تعينها على نفقة المحكوم عليه.
المادة 185:
يعاقب كل من خالف المنع المقرر في المادة 38 أعلاه بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط
المادة 186
يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم كل من خالف أحكام المادة 44 اعلام وتطبق العقوبة المذكورة كذلك على كل مساهم شخصا ذاتيا كان أو اعتباريا لا يطبق أحكام المواد 93 و94 و95 أعلاه
– مسيري الأشخاص الاعتبارية المشار إليها في المادة 81 أعلاه الذين يرفضون تبليغ قوائمها التركيبية إلى بنك المغرب.
– مسيري كل مؤسسة ائتمان لا يطبقون أحكام المادة 84 أعلام
المادة 187:
يتعرض للعقوبات المقررة في المادة 186 اعلاه مسيرو التجمعات المالية والشركات المالية الذين لا يقومون بإعداد أو نشر القوائم التركيبية أو لا يبلغون إلى بنك المغرب المعلومات المطلوبة عملا بأحكام المادة 82 أعلاه.
المادة 188:
يعاقب كل شخص يخالف الأحكام المقررة في المادة 161 أعلاه بغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم وفي حالة العود، يعاقب مرتكب المخالفة بغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم.
المادة 189:
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 200.000 إلى 1.000.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من خالف أحكام المادة 164 أعلاه باعتباره مسير منشاة تزاول أنشطة الوسيط في العمليات المنجزة من لدن مؤسسات الائتمان.
المادة 190:
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص خالف أحكام المادة 166 أعلاه باعتباره مسير منشأة تزاول أنشطة الوسيط في العمليات المنجزة من لدن مؤسسات الائتمان
المادة 191:
يعاقب بغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم كل ممثل مؤسسة يلزم ا القانون بتبليغ وثائق أو معلومات إلى بنك المغرب ويقدم إليه عمدا معلومات غير صحيحة. بموجب هذا وفي حالة العود، يعاقب مرتكب المخالفة بغرامة من 200,000 إلى 2,000,000 درهم وبالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
المادة 192:
يعتبر في حالة العود لأجل تطبيق أحكام المواد 187 و 190 و 191 أعلاه و 194 أدناه كل من صدر في حقه حكم نهائي من أجل ارتكاب مخالفة سابقة ثم ارتكب مخالفة أخرى من نفس النوع خلال الإثنين عشر شهرا الموالية للتاريخ الذي صار فيه الحكم نهائيا.
المادة 193:
يمكن أن يتابع مرتكبو المخالفات المنصوص عليها في المواد من 182 إلى 192 أعلاه والمساهمون فيها أو المشاركون معهم بناء على شكوى مسبقة أو على مطالبة بالحق المدني صادرة عن بنك المغرب أو الجمعية المهنية المعنية.
3: تقادم الدعوى العمومية:
يعتبر القانون الجنائي المغربي جريمة إفشاء الأسرار ضمن الجنح، حسب التصنيف الذي أورده في الفصل ،111 وتبعا لذلك تتقادم الدعوى العمومية بصدد هذه الجنحة بمرور 4سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب فعل الإفشاء حسب المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية المغربية. وفي الحالة التي يتكرر فيها الإفشاء فإن الأجل لا يسري إلا ابتداء من آخر فعل إفشاء.[27]
على أن إعمال هذه الأحكام تقتضي مراعاة ملاحظتين: في المسؤولية الجنائية التي تقع على البنك كشخص معنوي، فإن وفاة أحد ممثلي البنك لا يوقف الدعوى العمومية التي تتابع ضد الممثل الجديد. إن الدعوى العمومية التي تحرك بشكاية من الزبون، لا تنتهي بتنازل هذا الأخير أو استرداد شكايته ما دامت قد وضعت فالدعوى العمومية تتابع إلى حين البت في القضية بحكم له قوة الشيء المقضي به[28].
وينقطع أمد تقادم الدعوى العمومية بكل إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة تقوم به السلطة القضائية أو تأمر به ويسري هذا الانقطاع كذلك بالنسبة للأشخاص الذين لم يشملهم إجراء التحقيق أو المتابعة، ويسري أجل جديد للتقادم ابتداء من تاريخ آخر إجراء انقطع به آمده، وتكون المدة الجديدة مساوية لمدة خمس سنوات، حسب ما هو مكرس في المادة 6 من قانون المسطرة الجنائية المغربية.
وتتوقف مدة تقادم الدعوى العمومية فيما إذا كانت استحالة إقامتها ترجع إلى القانون نفسه. ويستأنف سريان التقادم ابتداء من اليوم الذي ترتفع فيه الاستحالة لمدة تساوي ما بقي من آمده، أي من وقت توقفه والمسؤولية الجنائية المترتبة عن جريمة إفشاء السر المهني البنكي لا تنفى إمكانية المساءلة المدنية سواء تحققت هذه الجريمة أم لا، فهي تترتب إذا ما شكل الإفشاء ضررا للزبون.
خاتمة:
وبعد فقد انتهينا فيما سبق من معالجة إشكالية نحسبها من أهم موضوعات جرائم المال والأعمال، وقد اتبعنا في ذلك خطة ومنهجا نعتقد أنهما مناسبين وكافيين لإيصال فكرة العرض بأقصر الطرق وأسهلها وتحقيق الأهداف التي ينشدها هذا العرض المتواضع.
وعلى هذا فقد جاء العرض في قسمين رئيسيين الأول عرضنا فيه للإطار العام للمسؤولية عن إفشاء السر المهني. وكان ذلك عبر وضع تعريف للبنك وفقا لتعريف المشرع المغربي، ومن له حق الإطلاع والمراقبة، ثم الزبون سواء كشخص طبيعي أو معنوي، أما بنسبة لحالات الإعفاء من المسؤولية عن إفشاء السر المهني البنكي، كان ذلك من خلال حالات الإعفاء بموجب القانون، ضف إلى ذلك السر المهني البنكي في مواجهة بنك المغرب علاوة على ذلك السر المهني البنكي في مواجهة السلطة القضائية العامة في إطار المسطرة الجنائية. ناهيك عن حالات الإعفاء بموجب الاتفاق، وكان ذلك من خلال رضا الزبون بإفشاء أسراره وإذن الغير بالإطلاع على السر البنكي كأهم نقطة من نقط القسم الأول.
أما في القسم الثاني تناولنا فيه المسؤولية الجنائية عن إفشاء السر المهني البنكي، وكان ذلك خلال تحدثنا عن أركان جريمة إفشاء السر المهني البنكي، ضف إلى ذلك تحدثنا عن جزاء جريمة إفشاء السر المهني، وكان ذلك من خلال تحريك الدعوى العمومية فضلا عن الجزاء الجنائي، ثم تقادم الدعوى العمومية أخيرا.
لائحة المراجع:
الكتب:
أحمد كامل سلامة الحماية الجنائية لأسرار المهنة، دار النهضة العربية القاهرة 1988.
سعيد عبد اللطيف حسني، الحماية الجنائية للسرية المصرفية – دراسة مقارنة جريمة إفشاء السر المصرفي.
أحمد محمد بدوي، جريمة إفشاء الأسرار والحماية الجنائية للكتمان المصرفي، دار الكتب المصرية، القاهرة.
علي جمال الدين عوض عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية القاهرة.
محمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
محمد جنكل، “المسؤولية البنكية على ضوء القانون المتعلق بتدابير حماية المستهلك، مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء.
المقالات:
مولاي البشير الشرقي، المسؤولية الناتجة عن حرق الالتزام بالسر المهني في القانون البنكي المغربي مقال منشور بمجلة القانون المغربي العدد 01-2002.
المواقع الإلكترونية:
https://anfassqanounia.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83%D9%8A/ تمت الزيارة بتاريخ 8/05/2023 على الساعة 10.30.
[1] نوفل الريحاني، السر المهني البنكي ومسؤولية البنوك -دراسة مقارنة -لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي، مراكش 1996 ص 63.
[2] تقرير لجنة المالية والتنمية حول مشروع قانون رقم 03.34 يتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، السنة التشريعية الرابعة 2005_2006 دورة أكتوبر 2005، طبع مصلحة الطباعة والتوزيع بمجلس النواب ص54.
[3] علي جمال الدين عوض عمليات البنوك من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية القاهرة 1989 ص 1185.
[4] ظهير فاتح غشت 1996 بتنفيذ القانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة.
[5] محمد لفروجي: العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء يناير .2001 ص 65.
[6] محمد جنكل ، “المسؤولية البنكية على ضوء القانون المتعلق بتدابير حماية المستهلك “،مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ،طبعة :2015 ، صفحة:113
[7] نوفل الريحاني” السر المهني البنكي ومسؤولية البنوك ـ دراسة مقارنة ـ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ـ كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، مراكش 1996 ص 149
[8] محي الدين إسماعيل علم الدين، موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعلمية، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، ص 148.
[9] الصنهاجي بوبكر، الحساب البنكي على ضوء مدونة التجارة والقانون البنكي، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، 1998-1999، ص 28.
[10] سعيد عبد اللطيف حسني، الحماية الجنائية للسرية المصرفية – دراسة مقارنة – جريمة إفشاء السر المصرفي، دار النهضة العربية، العدد 23 سنة 2001، ص 136-137.
[11] محي الدين إسماعيل علم الدين، مرجع سابق، ص 148.
[12] فؤاد معلال، شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الثانية، نونبر 2001، ص 358 وما بعدها.
[13] أستاذنا أسامة عبد الرحمان، نظرية العقد، مكتبة مطبعة وراقة طه حسين، وجدة2005- 2006، ص 221 وما بعدها.
[14] سميحة القليوبي، الأسس القانونية لعمليات البنوك، دار الجيل للطباعة، القاهرة، 1992، ص 236.
[15] نوفل الريحاني، السر المهني البنكي مسؤولية البنوك -دراسة مقارنة- رسالة لنيل دبلوم العليا في القانون الخاص، كلية العلوم والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياد، مراكش 1996، ص 100.
[16] نوفل الريحاني، نفس المرجع، ص 100.
[17] أحمد كامل سلامة الحماية الجنائية لأسرار المهنة، دار النهضة العربية القاهرة 1988، ص 39 كذلك غنام محمد غنام، الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدى الموظف العام، دار النهضة العربية القاهرة 1988، ص 17-18.
[18] أحمد محمد بدوي، جريمة إفشاء الأسرار والحماية الجنائية للكتمان المصرفي، دار الكتب المصرية، القاهرة، دون ذكر سنة الطبع ص 24.
[19] سعيد عبد اللطيف حسني، الحماية الجنائية للسرية المصرفية – دراسة مقارنة جريمة إفشاء السر المصرفي، دار النهضة العربية، القاهرة 2004 ص 328.
[20] غنام محمد غنام، الحماية الجنائية لأسرار الأفراد لدى الموظف العام، دار النهضة العربية القاهرة 1988 ص 183.
[21] مولاي البشير الشرقي، المسؤولية الناتجة عن حرق الالتزام بالسر المهني في القانون البنكي المغربي مقال منشور بمجلة القانون المغربي العدد 01-2002، ص 27.
[22]– Raymond FARHAT, le secret bancaire- étude de droit comparé (France, suisse, Liban) TOM III, Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence, Paris 1970 p 130.
[23] مولاي البشير الشرفي، مرجع سابق، ص28.
[24] رشيدة مزاح، المسؤولية الجنائية للشركة، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال كلية الحقوق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998-1999 ص 10 وما بعدها.
[25] مولاي البشير الشرفي، مرجع سابق، ص31.
[26] مولاي البشير الشرفي، مرجع سابق، ص31.
[27] نوفل الريحاني، السر المهني البنكي ومسؤولية البنوك دراسة مقارنة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة القاضي عياض مراكش 1996 ص 154.
[28] -Raymond FARHAT.op cit p 138 et 139.
تعليقات فيسبوك