المحكمة الإلكترونية

5
(1)

إعداد: أشرف حامل الدين


مقدمة

     يشهد العالم لحدود الساعة وخلال السنوات الأخيرة تطورا كبيرا  في مجال التكنولوجيا، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، فلم يكن من المتوقع أن نشاهد يوما سيارات ذاتية القيادة تتجول بمفردها داخل شوارعنا، كما لا يمكن إنكار حقيقة ما باتت تمنحه هذه الوسائل من خيارات أمام المهتمين بالمجال، حيث تتجه الآراء في مختلف المجالات إلى أهمية توظيف هذه الأنظمة فيها وفي جميع الحقول والقطاعات بما فيها المجال القانوني.

فقد أضحت الرقمنة مسألة ضرورية وخيارا لا مفر منه ولا رجعة فيه، و قد أثبتت جائحة كورونا أهمية التحول الرقمي والحاجة للتعاطي مع التكنولوجيا الحديثة وتدبير الخدمات بشكل الكتروني، والحاجة إلى العمل دون التقيد بمكان أو بزمان في مختلف القطاعات وداخل جميع المؤسسات، و الانتقال نحو حكومة الكترونية تقدم خدماتها للمواطنين بشكل الكتروني جد مبسط وسلس.

وعلى غرار الدول الرائدة في المجال كدول شمال أوروبا وبعض دول آسيا ومجموعة من الدول الأخرى وعيا بأهمية الرقمنة في التنمية المستدامة، عمد المغرب الى تبني استراتيجيات ومخططات تستهدف تسريع عجلة الانتقال الرقمي والاستفادة من فرص التنمية التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة كالاستراتيجية الرقمية لمواكبة التحولات العالمية سنة 2000 واستراتيجية المغرب الالكتروني 2005_2010    و استراتيجية المغرب الرقمي 2009_2013 ….

كما سارع إلى إصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية لمواكبة هذا التحول الرقمي، الذي كان لمنظومة العدالة نصيب منه والتي عملت على تأطير مختلف جوانب الظاهرة. ويتعلق الأمر بالقوانين الخاصة بقطاع الاتصال السمعي البصري, وقوانين ومراسيم التبادل الالكتروني والمعطيات القانونية وخدمات الثقة بشأن المعاملات الالكترونية، وأيضا القانون والمرسوم المتعلقين بالأمن السيبراني والمقتضيات الجنائية المتعلقة بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية وكل المقتضيات اللازمة لمواجهة والمخاطر والتهديدات الأمنية التي يطرحها استخدام تقنيات المعلوميات والاتصالات.[1]

وكذلك تلك القواعد المتعلقة بتبسيط الاجراءات الادارية، واحداث مجموعة من المؤسسات والهيئات واللجان لظبط المجال الرقمي.

وعليه فقد نال قطاع العدالة حظه من هذا الاهتمام بعد أن أبدت الوزارة المكلفة بالعدل رغبتها نحو الانتقال الرقمي بالمنظومة. ومن هنا باتت الحاجة ملحة إلى تبني المحكمة الرقمية والتقاضي الالكتروني، على اعتبار أن تحديث الإدارة القضائية من منطلق أن القضاء هو الحصن المنيع للدولة وعماد الأمن القضائي والحكامة الجيدة ومحفز للتنمية وحامي الحقوق والحريات، ولن يتأتى ذلك الا بتقريب القضاء من المواطن بشكل يمكنه من سهولة الولوج الى العدالة.[2]

كما يدعو إلى ذلك ميثاق اصلاح منظومة العدالة الذي من توصياته على مستوى فعالية ونجاعة القضاء وضع أسس محكمة رقمية منفتحة على محيطه والمتقاضيين والتعميم التدريجي لاستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة في إدارة المحاكم وفي علاقاتها بالمتقاضيين والمحامين وباقي مساعدي العدالة بالطرق الإلكترونية وإحداث الملف القضائي الإلكتروني.[3]

كما دعت إلى ذلك مجموعة من الخطابات والرسائل الملكية فيما يلي مقتطفات من بعضها:

ندعو الحكومة إلى اعتماد استراتيجية جديدة في المجال الصناعي والخدماتي وتنمية تكنولوجيات العصر تقوم على الاستغلال الأمثل كما تتيحه العولمة من فرص تدفق الاستثمار وتهدف إلى تقوية المقاولة المغربية وتشجيع الاستثمار الصناعي الحامل للقيمة المضافة، وفتح المجال أمام الاقتصاد الوطني لاقتحام أنشطة صناعية جديدة ذات تقنيات مبتكرة. وأسواق واعدة، لتصدير منتجاتها وخدماتها، فعزمنا يوازي طموحنا لإدماج المغرب بمقاولاته وجامعاته في الاقتصاد العالمي للمعرفة. (من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد ليوم 30 يوليوز 2008)

…. كما يتعين تعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق، فتوظيف التكنولوجيات الحديثة، يساهم في تسهيل حصول المواطن على الخدمات، في أقرب الآجال دون الحاجة إلى كثرة التنقل والاحتكاك بالإدارة، الذي يعد السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة الرشوة واستغلال النفوذ…..( من  الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك يوم الجمعة 14 أكتوبر 2016 في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة.)

أهمية الموضوع

كما يحظى هذا الموضوع بأهمية بالغة على المستوى النظري وكذلك العملي، حيث تتمثل هذه الأهمية النظرية في دراسة الجانب القانوني المؤطر لموضوع الدراسة عبر الوقوف عند مجموعة من المقتضيات القانونية التي تعد الإطارا القانوني والتنظيمي للموضوع.

وأما على المستوى العملي فإن أهمية الموضوع تتعلق بدراسة الجانب العملي الواقعي للمحكمة الإلكترونية ووضعية الانتقال الرقمي بمنظومة العدالة من اجل تفعيل المحكمة الالكترونية وتجاوز كل الاكراهات والصعوبات المطروحة انطلاقا من التجربة الميدانية وفترة التدريب داخل المحاكمة.

إشكالية الموضوع

هذا ما يدفعنا إلى طرح الإشكال التالي:

إلى أي حد توفق المشرع المغربي في وضع استراتيجية واضحة لمواكبة للتطور التكنولوجي من أجل تفعيل المحكمة الالكترونية وتجاوز كل الاكراهات المطروحة ؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية التساؤلات التالية:

  • ما المقصود بالتقاضي الالكتروني و ما هي خصوصياته  ؟
  • ما هي أهم التجارب الدولية في المجال وكيف يمكن الاستفادة منها ؟
  • ماهي الوضعية الحالية للانتقال الرقمي بالمنظومة القضائية للملكة ؟
  • كيف تساهم الادارة الالكترونية في مكافحة الفساد ؟
  • ما تأثير التطور التكنولوجي على التحول الرقمي لقطاع العدالة ؟
  • هل من الممكن حلول القاضي الآلي  محل القاضي البشري ؟
  • كيف يمكن الاستفادة من قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي وتوظيفها داخل المحكمة ؟
  • ما هي الاكراهات والصعوبات التي تواجه تفعيل المحكمة الالكترونية وكيف يمكن تجاوزها ؟

سأحاول الإجابة عن هذا الإشكال من خلال التصميم التالي  :

الفصل الأول  :  ماهية القضاء الرقمي و بعض التجارب من منظور مقارن

الفصل الثاني  : الوضعية الحالية للتحول الرقمي داخل القضاء والتحديات المطروحة

المناهج المعتمدة

إن دراسة موضوع التحول الرقمي بمنظومة العدالة وتفعيل المحكمة الالكترونية من الناحية النظرية وكذلك العملية من خلال التجربة الميدانية داخل أسوار المحكمة و قضاء فترة تدريب بها، تقتضي اعتماد مجموعة من المناهج وأدوات البحث العلمي، ولذلك اعتمدت في هذه الدراسة عل كل من المنهج الوصفي التحليلي وكذلك المنهج المقارن و منهج دراسة الحالة،  وذلك من خلال الوقوف عند الجانب القانوني المؤطر ودراسة النصوص القانونية المرتبطة وتحليلها، وكذلك دراسة ووصف الوضعية الحالية للانتقال الرقمي للمحكمة بكل مكوناتها، وإجراءات التقاضي الإلكتروني مقارنة ببعض التشريعات .

بالإضافة إلى اعتماد مجموعة من أدوات البحث العلمي المتمثلة في الملاحظة، وكذلك المقابلة وذلك من خلال تسجيل الملاحظات، وجمع المعلومات المتعلقة بالموضوع، وإجراء بعض المقابلات من أجل أخد إجابات عن مجموعة من التساؤلات من طرف العاملين وبعض الاجهزة داخل المحكمة.

الفصل الأول: ماهية القضاء الرقمي وبعض التجارب من منظور مقارن

      يعد مفهوم المحكمة الالكترونية من المفاهيم الحديثة، و التقنية على المجال القانوني كما تحمل معها جملة من المفاهيم و المصطلحات، و تظل مشروعا يراد من خلاله احداث ثورة رقمية داخل منظومة العدالة بهدف تكريس مبادئ المحاكمة العادلة، و ضمان حقوق المتقاضين بشكل بسيط و سلس، و تجاوز كل التحديات المطروحة التي شكلت دافعا مهما و محفزا كبيرا نحو تحقيق مرتكزات المحكمة الرقمية، و ذلك عبر اعتماد الوسائل المتطورة التي تتوفر عليها تكنولوجيا المعلومات اليوم، الشيء الذي من خلاله يمكن تسريع عمليات البت في القضايا وتحقيق فعالية ونجاعة أكبر.

 كما تتميز المحكمة الرقمية بالعديد من الخصائص و المميزات التي تجعلها قادرة على الرقي بمنظومة العدالة بالمغرب، و تحقيق كل الأهداف و التطلعات المتوخاة من الانتقال الرقمي بهذه المنظومة، ووضع ترسانة قانونية ذات  حكامة و فعالية من اجل وضع اطار تشريعي منظم للمحكمة الالكترونية،  و تفعيل كل المقتضيات القانونية  و مشاريع القوانين ذات الصلة بموضوع المحكمة الالكترونية، والتوقف عند أههم التجارب الناجحة في المجال من منظور مقارن، و البحث في النتائج التي حققتها و التي من شأن رقمنة منظومة العدالة بالمغرب تحقيق مثلها، و كذلك البحث في اخر التطورات التي شملت مجال تكنولوجيا المعلومات بما فيها اخر تطورات الذكاء الاصطناعي و قدراته العالية  في التفاعل مع الصوت و الصورة  و الاشارة و كيف يمكن الاستفادة من كل هذه الامكانيات، وأيضا حدود و صلاحيات الذكاء الاصطناعي داخل المحكمة و ما تأثير ذلك على عمل المؤسسة القضائية و كل اجهزتها و مكوناتها.

حيث يتوخى من ذلك تحقيق مجموعة من الأهداف التي دعت اليها العديد من الاتفاقيات الدولية و معظم الخطابات الملكية و أيضا ميثاق اصلاح منظومة العدالة من اجل بناء هيكل قضائي بمقومات و ترسانة قانونية قوية تجسد دولة الحق و القانون و كل المبادئ التي تدعو اليها، من أجل تقريب القضاء من المواطن والبت في القضايا داخل اجال معقولة، و أيضا ضمان الحقوق و حسن سير العدالة.

المبحث الأول: مفهوم القضاء الرقمي وخصوصياته

كما تمت الاشارة من قبل فإن الساحة القانونية بفعل التحول الرقمي في مختلف المجالات حمل معه العديد من المفاهيم و المصطلحات الحديثة التي باتت تستخدم في العديد من المجالات، و غالبا ما تستعمل بشكل متبادل وأحيانا بشكل خاطئ، والعديد من المصطلحات الأخرى التي تظل غامضة بالنسبة للكثيرين، لذلك من المهم توضيح ما تعنيه هذه المصطلحات التي سنتوقف من خلال المطلب الأول على أهمها، و التمييز بين بعض المفاهيم المشابهة، وأيضا لابد من الإشارة إلى أهم افاق المحكمة الرقمية فيما يتعلق بتفعيل بأبرز المقتضيات القانونية التي تعد الاطار القانوني  و المؤسساتي للمجال الرقمي بالمغرب.

كما أن عملية التحول الرقمي داخل منظومة العدالة لا يمكن تحقيقها، إلا من خلال دراسة جميع الجوانب المتعلقة بمتطلبات المحكمة الرقمية، سواء فيما يتعلق بالموارد المالية أو البشرية وكذلك البنية التحتية والجانب التقني، ووضع استراتيجية من أجل تحقيق كل الأهداف المتوخاة من ذلك.

المطلب الأول: أهم التعاريف المستخدمة وأفاق المحكمة الرقمية

قد لا يتبادر إلى ذهن الكثير أن هناك اختلاف بين مجموعة من المصطلحات التي جاء بها هذا التحول الرقمي، فعلى سبيل المثال قد يظن الكثيرون أن المحكمة الرقمية هي نفسها المحكمة الافتراضية أو المحكمة الذكية أو محكمة الانترنت كما يطلق عليها في بعض التشريعات، وأن لا فرق بين الرقمنة والالكترونية.

   كما صدرت العديد من النصوص التشريعية والتنظيمية لمواكبة هذا التطور الكبير في المجال الرقمي وأيضا مجموعة من القوانين و المراسيم و المذكرات، فيما تم طرح عدد من مشاريع القوانين من أجل تأطير مختلف جوانب الظاهرة.

الفقرة الأولى: أهم التعاريف المستخدمة

   سأتوقف في هذه الفقرة عند أبرز المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة بموضوع الرقمنة ومجال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي بصفة عامة.

أولا :  التمييز بين مفهومي الرقمنة والالكترونية

  • تعريف الرقمنة

     يمكن تعريف الرقمنة بأنها طريقة تفكير تترجم إلى طريقة عمل جديدة تمكن الأشخاص والمؤسسات من الابتكار باستخدام التكنولوجيا، كما تعتبر مجموعة من التكنولوجيات الدائمة التطور كتكنولوجيا الجوال والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والروبوتات التي تؤثر تقريبا في جميع جوانب عالمنا.[4] .

تعرف أيضا الرقمنة على أنها عملية تمثيل الأجسام والصور والملفات أو الإشارات التماثلية باستخدام مجموعة متقاطعة مكونة من نقاط منفصلة. أي أنها عملية تحويل البيانات والمعلومات الى شكل رقمي الذي من خلاله تستطيع الأجهزة وأدوات التكنولوجية الرقمية من كمبيوتر وآلات التصوير ومسجلات الصوت والصورة فهمها ومعالجتها وتخزينها أو التعامل معها للحصول على المعلومات والبيانات.

كما يمكن تعريف الرقمنة بأنها تمثيل للأشياء المادية كالحالة التي نقوم فيها بمسح ضوئي للمستند الورقي ضوئيا وحفظه كمستند رقمي، أو بعبارة أخرى فان الرقمنه تدور حول تحويل شيء غير رقمي إلى تمثيل رقمي حيث يمكن للأنظمة الحاسوبية استخدامه لأغراض مختلفة كالحالة التي يتم فيها تحويل قراءة يدوية إلى قراءة الكترونية.[5]

  •  تعريف الالكترونية

يشير مفهوم الالكتروني إلى كيفية عمل الأجهزة أكتر من أنها صفة للبيانات التي تحويها وعليه فان مفهوم الالكتروني يشمل كل من التناظري و الرقمي، و يظم كل جهود ترمي إلى استدام أجهزة الكترونية مثل آلات الفيديو و قارئات الميكروفيلم و الكمبيوتر و تشمل مواد الكترونية و رقمية.[6]

كما يقصد بالإلكترونية تلك العملية التي يتم من خلالها الالتقاء بين الحاسوب وشبكات الاتصال.[7]

ثانيا: الفرق بين المحكمة التقليدية والمحكمة الالكترونية

  • o         تعريف المحكمة الالكترونية

يمكن تعريفها بأنها تنظيم تقني معلوماتي تفاعلي مؤمن على الشبكة العالمية يتيح للمتقاضيين تحريك دعواهم وتقديم وسائل الإثبات   والاطلاع على مجريات الجلسات وللقضاة وأعوانهم النظر في الدعاوي و تدوينها و الفصل فيها و خفضها غبر الوسائل الحديثة.[8]

كما يمكن تعريف المحكمة الالكترونية بأنها نظام بيئي لإدارة وحل النزاعات عبر الانترنت باستخدام تقنيات تكنولوجيا المعلومات.[9]

و هي حيز تقني معلوماتي ثنائي الوجود  شبكة الربط الدولية – مبنى المحكمة،  يعكس الظهور المكاني الالكتروني لأجهزة ووحدات قضائية و إدارية على الشبكة، و تعمل هذه الأجهزة على استعمال الطلبات القضائية ولوائح الدعوى وتجهيز برامج الملفات الالكترونية، و التوفير المتجدد للمعلومات حول مستجدات الدعوى و المقررات، بما يمثل تواصلا دائما  مع الجمهور  و المحامين، و أيضا تمكينهم من الترافع            و تحضير الشهود وتقديم البيانات و الاتصال المباشر مع العاملين في المحكمة في كل وقت، و حضور الجلسات الكترونيا كما تتيح الشفافية  و السرعة في الحصول على المعلومة.[10]

  • تمييز المحكمة الالكترونية عن التقاضي الرقمي

تختلف المحكمة الالكترونية أو المحاكمة عبر الإنترنت عن التقاضي الرقمي في كون عملية التقاضي بأكملها في المحكمة الإلكترونية يجب ان تتم بشكل عام عبر الأنترنت انطلاقا من احداث الملف القضائي الرقمي الى غاية إصدار المقررات القضائية، ولا تقتصر فيها الرقمنة فقط على مرحلة أو مراحل معينة في مسار الدعوى، بل يتعين أن تتم كل العمليات عبر الانترنت.  بينما يقتصر التقاضي الرقمي فقط على طريقة التقاضي لكنها لا تجرى بالضرورة بشكل كامل عبر الإنترنت وبشكل افتراضي،[11] كما سبق وأشرت فإن الرقمنة جزء من الالكترونية.

  • التمييز بين المحكمة الالكترونية والمحكمة التقليدية  

 يتجلى الفرق بين المحكمة التقليدية والمحكمة الالكترونية في كون أن  الأولى تتطلب الحضور الفعلي للأطراف المعنية، في حين تتيح المحاكم الالكترونية تنفيذ غالبية الإجراءات والجلسات بشكل غير مادي عبر الانترنت وتحظى القرارات التي تتخذها المحكمة الإلكترونية نفس القيمة القانونية وتعتبر ملزمة قانونا.[12]  

ثالتا: مفهوم وقدرات الحاسب الآلي

  • مفهوم الحاسب الآلي

هو عبارة عن جهاز إلكتروني يتكون من مجموعة من العناصر والأجزاء، وله القدرة على التعامل مع كم هائل من البيانات وأجزاء العمليات الحسابية والمنطقية عليها، وتخزينها واسترجاعها في شكل معلومات عند الحاجة، وهو يعمل تحت سيطرة وتوجيه الإنسان من خلال برامج مناسبة لذلك.[13]

  • قدرات الحاسب الآلي:

أ _ السرعة الهائلة

من مميزات الحاسب الآلي، السرعة الهائلة في معالجة البيانات في جميع الأعمال التي كانت تستغرق من الإنسان العديد من الأيام في تنفيذها، ينجزها الحاسب الآلي في وقت قصير للغاية لا يتعدى بضع دقائق وأحيانا بضع ثوان.

ب _ القدرة التخزينية العالية

يتميز أيضا بالقدرة على التخزين، حيث يمكنه تخزين كميات كبيرة وهائلة من البيانات والمعلومات، إلى جانب ميزة القدرة على استرجاع اي بيان أو معلومة من التي سبق تخزينها في وقت لا يتعدى أجزاء الثانية.

ج _ الدقة في المعالجة

يمكن القول بثقة تامة أنه إذا تم إدخال بيانات صحيحة للحاسب الآلي إلى جانب تعليمات معالجة صحيحة وواضحة فإن نتائج معالجة هذه البيانات تكون صحيحة 100% وبدون أي خطأ.

د _ العمل لفترات طويلة بدون اعطال

على العكس من الإنسان، فإن الحاسب الآلي لا يشعر بالإرهاق أو التعب مهما طالت مدة تشغيله، وعلى ذلك فإننا نجد أنه في بعض الأحيان قد يتم تشغيل الحاسوب لمدة 24 ساعة متصلة ولعديد من الأيام بدون توقف، لكن تجب العناية بعمليات الصيانة الدورية للحاسب حتى تضمن كفاءة التشغيل.[14]

رابعا: مفهوم البنية التحتية الالكترونية وشبكة الأنترنت

  • البنية التحتية الإلكترونية

تتمثل البنية التحتية الالكترونية في سلسلة أدوات تمكن من تشغيل واستدامة حكومة الكترونية مجدية من أجل توصيل الخدمة الالكترونية والتي تتمثل في بنية الشبكات، بنية الامن، بنية تقنية المعلومات …

ويقصد بالحكومة الالكترونية ببساطة الانتقال من إنتاج وتقديم الخدمة العامة من شكلها الروتيني إلى استخدام الوسائل الإلكترونية، كما تعرف على أنها قدرة القطاعات الحكومية المختلفة على توفير الخدمات الحكومية التقليدية للمواطن بوسائل إلكترونية وبسرعة وقدرة متناهية، وبتكاليف ومجهود أقل عبر موقع واحد على شبكة الأنترنت.[15]

  • شبكة الأنترنت

يمكن التعبير عنها بشبكة الشبكات، حيث تتكون من عدد كبير من الحاسبات المترابطة والمتناثرة في أنحاء كثيرة من العالم، ويحكم ترابط تلك الأجهزة بروتوكولات موحدة تسمى بروتوكول تراسل الأنترنت

 (TcP / iP).[16]

خامسا: تعريف الإدارة الإلكترونية

تعتبر الإدارة الإلكترونية ذلك الاستخدام لوسائل التكنولوجيا والمعلومات والاتصال لاسيما الأنترنت من أجل تحسين إدارة المرافق العامة، وأيضا هي توظيف شبكة الأنترنت لتقديم المعلومات والخدمات للمواطن.[17]

سادسا: مفهوم التحول الرقمي [digital transformation ] و مجالات استخدام التقنية الرقمية

أ _ تعريف التحول الرقمي

يقصد بالتحول الرقمي استخدام التقنيات الرقمية في تطوير نظام العمل بهدف تحقيق السرعة والدقة فيما يتعلق بالتقنيات الرقمية، وتطوير نظام العمل بهدف تحقيق السرعة والدقة في إنجاز الأعمال.[18]

ب _ مجالات استخدام التقنية الرقمية

تستخدم التقنية الرقمية في مجالات متعددة:

  • التعليم

أصبح من المألوف اليوم توظيف الإمكانيات المتعددة التي أصبحت توفرها تكنولوجيا المعلومات في عملية التعليم سواء في تعليم المواد المختلفة أو تعليم لغات البرمجة في حد ذاتها و الذي يمكن أن يأخذ أحد الأشكال التالية:

  1. استخدام التقنية الرقمية في عرض المادة العلمية على الشاشة
  2. استخدام كل الامكانيات التي توفرها التقنيات الرقمية المختلفة و امكانيات الصوت و الصورة          و الرسم في عمل محاكاة و تنفيذ التجارب العلمية…..[19]
  3. تسهيل الوصول الى المعلومة
  4. إحداث منصات الكترونية قادرة على احتواء العديد من الكتب والمراجع في مختلف المجالات
  5. استخدام التقنية الرقمية في الترجمة
  6. استخدام التقنية الرقمية في إحداث وتصاميم المواقع الالكترونية
  7. استخدام التقنية الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي
  8. إمكانية الدراسة عن بعد
  9. مجال الاتصالات

تلعب التقنية الرقمية دورا مهما في تسهيل التواصل بين الأشخاص، كما ساهم التطور في هذا المجال في توفير أجهزة متعددة ومتنوعة تتيح التواصل الصوتي والسمعي والمرئي، كما تساعد على تداول المعلومة بسرعة وبصورة جد متطورة.[20]

  • مجال الترفيه

يتم تسخير التنقنية الرقمية في إعطاء إمكانية اشراك المجتمع وتبادل الآراء حول نجاعة الحكومة الالكترونية عبر حرية التعبير عن الراي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وكل الوسائل الأخرى الممكنة.

وتجدر الاشارة الى أن تقنية الرقمنة لم تقتصر فقط على المجالات المذكورة، بل تتجاوزها الى العديد من المجالات والمؤسسات والأجهزة الأخرى، حيث أضحى التحول الرقمي اليوم ضرورة تفرضها التطورات التي شهدها العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات.

كما أنه من الممكن دمج جميع المصطلحات المتعلقة بالرقمنة و وصفها بالتحول الرقمي أو يمكن اعتبارها مراحل مختلفة من عملية التحول الرقمي.[21]

سابعا: عناصر المحكمة الإلكترونية

لقد أدى الوجود الالكتروني إلى ظهور فاعلين الكترونيين لتدبير عمل المحكمة الالكترونية والتقاضي الالكتروني بنوعيه المدني والجنائي.

  • القاضي الرقمي

يقصد بذلك مباشرة القضاة لعملهم وفق نظام عمل المحكمة الرقمية في كل اجراءات الاستنطاق أو التحقيق أو الاستماع للأطراف عن بعد، أو البت في القضايا والفصل فيها أو تأجيلها وذلك عبر نظام معلوماتي الكتروني باستخدام شبكة الأنترنت والحاسوب والبريد الالكتروني والمنصة الالكترونية وغيرها ….

كما تجدر الإشارة إلى ظهور مفهوم القاضي الذكي، وهي نوعية من القضاة المدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي والتي سنتعرف على خصوصياتها في الشق الثاني من هذا الفصل.

  • المحامي الالكتروني

يمكن للمحامي مباشرة إجراءات الدعوى والدفاع عن موكله ومؤازرته عن بعد وتقديم المستندات والوثائق بشكل الكتروني دون حاجة الى التواجد الفعلي من أجل مباشرتها.

وتجدر الإشارة أيضا أنه في ظل ظهور القاضي الذكي ليس هناك ما ينفي حقيقة إمكانية ظهور المحامي الذكي …

  • الموظف الإلكتروني

تستطيع كتابة الضبط داخل المحكمة مباشرة كافة الاجراءات قبل وأثناء وبعد الجلسة بشكل الكتروني عبر نظام الكتروني يساعد على ذلك.

  • المتقاضي الإلكتروني

يمكن للمتقاضين ولكل الاطراف المعنية احداث ملف قضائي الكتروني، ومواكبته، وأيضا عقد جلسات بشكل افتراضي ……… [22]

الفقرة الثانية: افاق المحكمة الرقمية

سأتطرق من خلال هذه الفقرة الى افاق المحكمة الالكترونية الممثلة في تفعيل مجموعة من المقتضيات القانونية التي تعتبر الإطار القانوني والمؤسساتي للمجال الرقمي بالمغرب.

أولا: تفعيل مشروع قانون يتعلق برقمنة الاجراءات القضائية

يندرج مشروع قانون رقمنة الاجراءات القضائية في إطار التوجه العام للملكة نحو تطوير الادارة القضائية حيث أعدت الوزارة المكلفة بالعدل مسودة مشروع قانون يتعلق باستعمال الوسائط الالكترونية في الاجراءات القضائية، وذلك عبر ادخال أحكام جديدة بهدف وضع سند قانوني للتقاضي الالكتروني.[23]

    يهدف هذا المشروع الى استعمال التقنيات الحديثة داخل المساطر بما يضمن تأمين المعطيات الشخصية عبر اعتماد الادارة الالكترونية في الاجراءات القضائية وفق برامج تحديث الادارة القضائية التي تعدها الوزارة المكلفة بالعدل، و التدبير اللا مادي للإجراءات القضائية بين مختلف محاكم المملكة و باقي الفاعلين في المنظومة القضائية، و كذلك تمكين المواطنين والمهنيين من الولوج الرقمي الى العدالة و تقديم الخدمات عن بعد والتمكين من عقد جلسات افتراضية و المحاكمة عن بعد عبر تقنية المناظرة المرئية، و استعمال كل وسائل الاتصال الممكنة عن بعد لتواصل المحكمة مع الأطراف و باقي الجهات المعنية ،و ضمان حسن تصريف العدالة بالمحاكم.

كذلك يسعى المشرع المغربي عبر المشروع المذكور الى تيسير صدور المقررات القضائية داخل اجال معقولة، وترسيخ مبادئ الشفافية وقيم التخليق. كما يحمل هذا المشروع تعريف جملة من المفاهيم                والمصطلحات كمفهوم النظام الرقمي والحساب الالكتروني والتوقيع الالكتروني والاداء الالكتروني.

كما يتضمن المشروع العديد من التعديلات المتوزعة على كل من قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجناية في كل مراحل الدعوى أو الخصومة ابتداء من تقييد الدعوى وتبليغ الاستدعاءات الى تبادل الملفات والمستندات، وايداع مذكرات الدفاع وكل المذكرات والمستنتجات والوثائق المدلى بها. وايضا امكانية مباشرة النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة المحكمة تلقائيا اجراءات البحث أو التحقيق أو المحاكمة عن بعد أو بطلب من الدفاع أو أحد الأطراف، متى وجدت أسباب جدية وكلما اقتضت الحاجة الى ذلك بعد موافقة المتهم أو الشخص المراد الاستماع اليه.

ثانيا: تفعيل مقتضيات قانون التنظيم القضائي

يسعى المشرع المغربي من خلال هذا القانون الى مراجعة التنظيم القضائي وفق أسس جديدة لتجاوز كل صعوبات الوضعية الحالية، و تجويد مستوى عمل المؤسسات القضائية بمختلف درجات التقاضي و أنواع الهيئات القضائية،  من أجل تكريس ركائز كل مبادئ الثقة والمصداقية و الانصاف، و قيام قضاء أكتر فعالية، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق وعماد الامن القضائي و الحكامة الجيدة، و محفزا للتنمية، و لأجل ذلك فان المشرع المغربي قد جاء بجملة من التعديلات و المستجدات  على عدة مستويات، و التي من بينها مسألة اعتماد المحاكم للإدارة الالكترونية فيما يتعلق بالإجراءات و المساطر القضائية حيث نصت المادة 25 من القانون المذكور ” تعتمد المحاكم الادارة الالكترونية للإجراءات و المساطر القضائية وفق برنامج تحديث الادارة القضائية التي تضعها و تنفذها السلطة الحكومية المكلفة بالعدل وذلك بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة كل فيما يخصه “

وايضا تبني استراتيجية تحديث المحاكم المغربية عبر اعتماد ما أصبحت تزخر به تكنولوجيا المعلومات من وسائل من أجل خلق طرق جديدة وفعالة لتدبير قطاع العدالة، مما سيساعد على تحقيق الأهداف المرجوة من رقمنتها.[24]

ثالتا: تفعيل مشروع قانون المسطرة المدنية

يحمل مشروع قانون المسطرة المدنية العديد من المستجدات التي تهم مسار الدعوى داخل المحاكم، بما في ذلك احداث الملف القضائي بشكل الكتروني والتبادل غير المادي للإجراءات بين المحامين والمحاكم عبر منصة الكترونية، واعتبار كل المقالات والمذكرات والمرفقات وكافة الاجراءات الاخرى المحررة على دعامة الكترونية صحيحة ولها نفس الحجية التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على دعامة ورقية. وايضا تضمين المنصة الالكترونية بالحسابات المهنية للمحامين والمفوضين القضائيين والخبراء والعناوين الالكترونية الرسمية للإدارات العمومية وللأطراف الراغبين في ذلك ليتم اعتمادها في التبليغ الالكتروني.

رابعا: تفعيل مشروع قانون المسطرة الجنائية

يعتبر مشروع قانون المسطرة الجنائية من أهم المستجدات الحقوقية التي همت المنظومة الجنائية، و ذلك من خلال تعديل مجموعة من المقتضيات القانونية سواء فيما يتعلق بحقوق  و حريات الأطراف،  أو عمل المؤسسات القضائية و يعد هذا المشروع من بين أهم الأوراش التشريعية باعتباره المحرك الأساسي للمنظومة الجنائية لارتباطه الشديد بمجال حماية الحقوق و الحريات و مكافحة الجريمة، و تحقيق الأمن، و مواكبة التطورات التي تلحق الانظمة الجنائية على جميع  مستوياتها، بهدف سد كل الثغرات التي افرزتها الممارسات العملية ،حيث شملت هذه المراجعة معظم النقاط المذكورة و ذلك من خلال تقوية ضمانات المحاكمة العادلة وتعزيز حقوق الدفاع و تقويتها، و تقوية مركز الضحية في الاجراءات الجنائية، و تعزيز ضمانات المتهم خلال مراحل البحث و التحقيق و المحاكمة و ترشيد الاعتقال الاحتياطي، و تبسيط الاجراءات و المساطر الجنائية، و تقوية الوسائل الالكترونية في مجال مكافحة الجريمة، بهدف تحديث الادارة القضائية في افق بلوغ المحكمة الرقمية،  و تبعا لذلك فقد  حملت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ما يكرس لإمكانية  لجوء المحكمة  الى استعمال تقنيات الاتصال عن بعد للاستماع الى الشهود، كما ان المشروع جاء بالعديد من المقتضيات الاخرى التي تعالج موضوع المحاكمة عن بعد سعيا الى حسن توظيف ما باتت توفره تكنولوجيا المعلومات من امكانيات ووسائل تكنولوجية جد متطورة بهدف تحقيق لا مادية الاجراءات             و المساطر القضائية، و ضمان انخراط كل الاجهزة المهنية في الارتقاء بأداء المنظومة .

كما تم اعداد العديد من المشاريع المعلوماتية ذات الصلة بالسياسة الجنائية التي تندرج ضمن المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة، كملف النيابة العامة الالكتروني والمكتب الافتراضي للنيابة العامة             والمحاكمة عن بعد وملف التنفيذ الالكتروني للأحكام السالبة للحرية.[25]

خامسا: تفعيل المشاريع المدرجة في المخطط التوجيهي للتحول الرقمي

تسعى الوزارة المكلفة بالعدل من خلال المخطط التوجيهي للتحول الرقمي لمنظومة العدالة الى تنزيل            وتفعيل ورش تحديث الادارة القضائية تماشيا مع مخرجات ميثاق اصلاح منظومة العدالة و التوجيهات الملكية السامية، فضلا عن المبادئ الدستورية، لاسيما تلك المتعلقة بالمحاكمة العادلة و الاجال المعقولة     والمساواة بين جميع المواطنين في الولوج الى المرافق العمومية، و كذا المقتضيات التشريعية الخاصة بإصلاح الادارة لاسيما تلك التي تضمنتها الخطة الوطنية لإصلاح الادارة 2018 _2021 فيما يتعلق بتبسيط الاجراءات و المساطر و رقمنتها وتجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين، و ذلك من أجل توفير  قضاء متخصص و اكتر فاعلية، قادر على مواكبة كل التطورات و التغيرات الحالية و السهر على تبسيط المساطر وتحقيق كافة الاهداف المرجوة من رقمنة الإدارة، و تحديد حكامة السلطة القضائية عبر وضع اليات للتنسيق بين المتدخلين، ومن جهة اخرى الحرص على الامن القضائي و العمل على الرفع من مردودية المحاكم من خلال رقمنتها.

كما ينص المخطط التوجيهي للتحول الرقمي على نشر المعلومة القانونية والقضائية عبر منصة نشر القوانين والمقررات القضائية ومنصة المساعدة على اتخاد القرار، وذلك في إطار التنزيل السليم لبرامج المخطط التوجيهي للتحول الرقمي، حتى يتسنى تحقيق مردود ايجابي وواضح لمختلف أطراف منظومة العدالة.

سادسا: تنزيل توجيهات السلطة المكلفة بالعدل في مجال التحديث والرقمنة

يقوم تنزيل توجهات السلطة المكلفة بالعدل في مجال التحديث و الرقمنة على عدة مبادئ و مرتكزات          و ذلك عبر وضع دليل الاجراءات و المساطر لتوحيد اساليب و عمل المحاكم،  و الاستجابة لحاجيات        و تطلعات جميع مكونات منظومة العدالة، و تبني اليات الحكامة من خلال اعتماد استراتيجية للتحول الرقمي وفق مقاربة تشاركية، و توسيع مجال الاستشارة في تنزيل هذه الاستراتيجية، و اعتماد مخطط للتحول الرقمي عبر تنزيل برنامج البوابة المندمجة للولوج الى العدالة، و تنزيل برنامج التبادل الالكتروني للوثائق     و التبليغ الالكتروني، و الرقم الوطني الالكتروني للملفات القضائية، و ملف النيابة العامة الالكتروني          و ملف قضاء الحكم الالكتروني، و الجلسات عن بعد، و اخيرا خاصية الاداء الالكتروني التي دخلت مؤخرا حيز التنفيذ.

كما تتوزع هذه التوجهات الوزارية الرامية الى تحديث المجال الرقمي داخل المحاكم على عدة مستويات أهمها البنية التحتية الرقمية للإدارة القضائية، وكل ما يستدعيه الامر من اجب تنزيل هذه التوجيهات على ارض الواقع وخلق العديد من المنصات الافتراضية لمنتسبي العدالة …….[26]

سادسا: تفعيل مشروع قانون 41 19 المتعلق بالإدارة الرقمية

لقد أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات المتعلق بتقييم الخدمات عبر الأنترنت والصادر في ماي 2019 على ضرورة اعتماد إطار تشريعي مناسب للتحول الرقمي وتبادل البيانات والمعلومات، يمكن الادارات من تصميم وتطوير خدمات رقمية مندمجة وفعالة تجسيدا لواقع حكومة الكترونية شاملة، ودعم التكنولوجية الرقمية لتسهيل حصول المواطن على الخدمات.

لقد تم اعداد مشروع هذا القانون بشراكة مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي ووزارة الاقتصاد والمالية واصلاح الادارة الذي يهدف الى تيسير حصول المرتفقين على خدمات الادارة.[27]

ثامنا: تفعيل مقتضيات قانون احداث المقاولات بطريقة الكترونية ومواكبتها

بموجب هذا القانون بات بالإمكان احداث المقاولات ومواكبتها بطريقة الكترونية من خلال خدمات المنصة الالكترونية التي يتولى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية تدبيرها واستغلالها، ومسك قاعدة البيانات المتعلقة بها لحساب الدولة.[28]

حيث تباشر عبر المنصة الالكترونية كافة الاجراءات القانونية المطلوبة بما في ذلك ايداع جميع التصاريح و العقود و القرارات و التقارير و القوائم التركيبية و محاضر المداولات و الوثائق و ايضا المستخرجات من المقررات القضائية عند الاقتضاء و كذا التقييدات اللاحقة المتعلقة بها في السجل التجاري وكذا اجراءات نشر البيانات و الوثائق المتعلقة بها طبقا للتشريع الجاري به العمل.[29] متجاوزا بذلك المشرع المغربي كل الطرق التقليدية التي كانت تعتمد على دعامات ورقية، حيث أصبح من الممكن احداث المقاولة داخل اجل معقولة ومواكبتها عن بعد.[30]

وتجدر الاشارة الى أن عملية رقمنة الاجراءات القضائية من شأنها تفعيل مجموعة من القوانين الأخرى التي تعتبر بدورها إطارا قانونيا ومؤسساتيا للمجال الرقمي بالمغرب أهمها:

  1. القانون رقم 53.05  المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية
  2. القانون رقم 43.20  المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الالكترونية
  3. القانون رقم 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني
  4. القانون رقم 07.03  بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الألية للمعطيات
  5. القانون رقم 61.16  المحدثة بموجبه وكالة التنمية الرقمية
  6. القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي
  7. القانون رقم 31.13  المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة
  8. القانون رقم 55.19  المتعلق بتبسيط المساطر والاجراءات الادارية
  9. القانون رقم  04.20  المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الالكترونية

المطلب الثاني: خصوصيات القضاء الرقمي وأهدافه

تقدم المحاكم الرقمية مجموعة من المزايا لكل من المتقاضين والمهنيين القانونيين وعلى وجه الخصوص فإنها تقلل بشكل كبير من المهل والتكاليف، وتحسن من  امكانية تتبع الملفات وتبسيط الاجراءات، كما تعمل علاوة على ذلك على تعزيز قدر كبير من الشفافية، ويمكن أن تقدم الرقمنة مساهمة كبيرة في اضفاء الطابع الديموقراطي في الوصول الى العدالة وتقريب المتقاضي من المحكمة وتسهيل الولوج اليها.

الفقرة الأولى: خصائص ومتطلبات القضاء الرقمي

للعدالة الرقمية العديد من المميزات، ذات أبعاد انسانية واجتماعية واقتصادية والتي سنتوقف عند أبرزها من خلال هذه الفقرة، كما أن تفعيل المحكمة الرقمية يتطلب توفير مجموعة من العناصر التقنية والمالية والبشرية.

أولا: مميزات القضاء الرقمي

يتميز القضاء الرقمي عن التقاضي بمفهومه التقليدي بالعديد من الخصوصيات فيما يلي أبرزها:

  • الانتقال من الادارة الورقية الى الادارة الرقمية

يقوم الورق بدور أساسي فالأوراق هي التي تحمل المعلومات والتعليمات، لكنه يعاب عليه أنه يحتاج الى حيز مكاني كبير لتخزينه، وكميات الورق المستخدمة تؤدي حتما إلى تكاليف نقل وتداول مرتفعة، وبسبب هذه المسألة فانه قد يصعب الحصول على المعلومة بشكل فوري   وهذه المسألة ستصبح متجاوزة عبر اعتماد وسائل وخدمات تكنولوجيا المعلومات داخل المحكمة.[31]

  • تقليل التكاليف والمهل الزمنية

توفر التكنولوجيا الرقمية حلا سريعا للنزاعات، كما تسرع عمليات معالجة القضايا والتقليل من الأعباء عبر الاستفادة من خدمات العمليات القضائية الالية، وذلك من خلال تبسيط وتسريع المهام المتكررة في المجال القانوني بفضل البرامج والتطبيقات المخصصة لذلك، والذكاء الاصطناعي والتعلم الالي، حتى يمكن للمهنيين التركيز على الجوانب الاستراتيجية لعملهم، وتفويض جمع البيانات وتتبع الملفات الى الأنظمة الالية.

  • الالتزام بالمواعيد النهائية

من خلال رقمنة الاجراءات وتبسيطها يمكن التعامل مع العديد من هذه الاجراءات المعقدة بواسطة العمليات الالية مما سيساهم الى حد كبير في الالتزام بالمواعيد النهائية.

  • إمكانية الوصول والمرونة

تتيح بعد الادوات والوسائل الالكترونية من خلال بنيتها التحتية المساعدة على تخزين البيانات والتطبيقات والوصول اليها بطريقة غير مادية، وبالتالي يمكن للمحامين ورجال القانون ادارة الملفات والتعاون في القضايا وتأمين المستندات الحساسة وأيضا التوقيع الكترونيا، فتتيح هذه الوسائل امكانية الوصول الى الخدمات القانونية عن بعد وفي اي وقت دون الحاجة الى زيارة المحكمة بشكل متكرر.[32]

  • الأرشفة والاسترجاع الالي

تقضي الاجهزة و المكاتب داخل المحكمة قدرا كبيرا من الوقت في البحث عن المستندات القانونية وتخزينها الأمر الذي سيصبح متجاوزا من خلال العمل باستخدام التقنيات الالكترونية التي ستساعد على تسريع هذه العمليات و ربح الوقت أكتر.

  • زيادة الكفاءة و الشفافية

يؤدي الوصول المبسط الى الملفات وامكانية تنفيذ الاجراءات عبر الأنترنت الى تحسين ادارة الأعمال اليومية مع تقليل تكاليف التشغيل، كما تعني العدالة الرقمية بالنسبة للمواطنين قدرا كبيرا من الشفافية وسهولة الوصول الى النظام القضائي، حيث تساعد امكانية متابعة التقدم المحرز في القضية بالنسبة للمتقاضي عبر الأنترنت، وتقديم المستندات الكترونيا والوصول الى المعلومة بسهولة أكبر في ازالة الغموض عن العدالة وتعزيز ثقة المواطنين بها.[33]

  • الانصاف

تعلن المادة السادسة من اعلان حقوق الانسان و المواطن لعام 1789  المساواة بين الجميع أمام القانون ومع ذلك فانه توجد العديد من التحديات و العوائق الجغرافية و المادية التي تحد من هذا الوصول، فيما من شان هذا التحول الرقمي  بأدوات مثل نقل الصورة و الصوت خارج الحدود بشكل مباشر تحقيق عدالة شاملة بالنسبة لكل المواطنين بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية .

  • الاثار المالية

يمكن للرقمة المساعدة على التقليص من حجم النفقات المرصودة لتغطية تكاليف الاعمال الورقية و تخزينها و أيضا تكاليف السفر مما يقلل العبء المالي على المتقاضيين والإدارة.[34]

  • تجسيد دولة الحق و القانون

اعتماد المحكمة الرقمية من شأنه أن يساهم في تخليق الحياة العامة عن طريق التقليص من ولوج المتقاضي الى المحكمة والتقائه بالسماسرة ومحترفي النصب، بحيث يعتبر الاعتماد على خدمات المحكمة الرقمية عاملا من شأنه تحقيق مبادئ العدالة والشفافية الكاملة للحصول على المعلومات فحوسبة، الاجراءات تحقق الديموقراطية الالكترونية والنزاهة الالكترونية.

  • الاعتماد على المحاكمة عن بعد

إن اعتماد المحكمة الرقمية على وسائل المحاكمة عن بعد وتقنيات الاتصال من شأنه أن يساهم في تمكين المتقاضي والمتهم من مباشرة الاجراءات من المكان الذي يتواجد فيه، فيتم التقاضي عن بعد دون الانتقال الى المكان الذي تتواجد به المحكمة وما يصاحب ذلك من إخطار.

  • اعتماد الخدمات الالكترونية

توفر المحكمة الرقمية على مواقع الكترونية وتطبيقات وبرامج سيساهم في تمكين المواطن من طلب الحصول على خدمات الكترونية من هاتفه النقال الذكي وطلب الوثائق وتتبع قضاياه وتحميل النماذج والطلبات وتقديم الشكايات، والاطلاع على القوانين والاحكام، مما يساهم في توحيد الاجتهاد ونشر الوعي القانوني والقضائي.[35]

ثانيا : متطلبات المحكمة الرقمية

ان الانتقال نحو عدالة رقمية متطورة يتطلب توفر مجموعة من المقومات والوسائل التقنية   وكذلك الموارد البشرية و المالية الكافية.

  • المتطلبات التقنية للمحكمة الإلكترونية
  • الأدوات و المعدات :

يمكن القول أن معظم المشاريع التي تعتمد على شبكة الويب تتطلب بنية تحتية أقل بكثير من تلك التي تحتاجها المشاريع التقليدية حيث لا تحتاج إلى تشخيص مساحات للمكاتب و الأرفف لكن المتطلبات الفعلية لهذا المشروع تتمثل في وحدة خدمة الويب و الاتصال بالأنترنت. و اذا كانت وحدة خدمة الويب غير قادرة على التعامل مع عمليات التحميل التي يتم إرسالها الى موقعك فأنت في ورطة .

  • اتصال مخصص وسريع بالأنترنت

من أجل الوصول الى السرعة المطلوبة في تنفيذ المهام المطلوبة لابد من توفير اتصال سريع بالأنترنت وأيضا وضع خطة احتياطية أمام حالة انقطاع الاتصال بالأنترنت.[36]

  • أجهزة كمبيوتر ذات جودة عالية

يجب ان يتم توفير أجهزة الحاسوب وكل الأجهزة الأخرى المرتبطة بها كأجهزة النسخ والطباعة واجهزة الفاكس والهاتف وآلة التصوير وشاشات العرض الكبيرة والمتوسطة و مفاتيح تخزين ذات جودة عالية وسرعة كبيرة مع التتبع والصيانة المستمرة لهذه الأجهزة.[37]

  •  مصدر طاقة مستمرة وغير منقطعة

ان مواقع الويب ليست دائمة تحت رحمة شركات الاتصال ولكن أيضا تحت رحمة شركات الكهرباء، و من المعروف ان فترات انقطاع الكهرباء تكون قصيرة لكن ذلك كفيل بالإجهاز على موقع الويب، لذلك ينبغي الاستعداد لمواجهة هذا الاحتمال.[38]

  • المتطلبات التشريعية للمحكمة الإلكترونية

يتطلب الانتقال الرقمي بقطاع العدالة كذلك وضع منظومة قانونية تشريعية معلوماتية وتقنية جد متطورة من خلال مدونة للإدارة الإلكترونية والخدمات الإلكترونية القضائية جد فعالة في حماية المعطيات وتنظيم وسائل التبادل غير المادي للمعطيات وأمن نظم المعلومات والتصدي للجرائم الإلكترونية.[39]

  • متطلبات  البنية التحتية

ينبغي كذلك بناء محاكم معاصرة والاهتمام بهندسة معمارية حداثية تستجيب لمعايير الحداثة من أجل تمكين وتسهيل وصول المرتفقين وطالبي الخدمة الى الادارة، مع ضرورة الاهتمام والتفكير المستقبلي في هيكلة تستوعب كل الآفات وتقي من الازمات، والاستفادة من تجربة  مرحلة تفشي فيروس كورونا، ومعالجة كل مكامن الخلل ونقاط الضعف الممكنة على مستوى الادارة القضائية.

كما أن هذه المحاكم يتعين أن تراعي سهولة ولوج الجميع إليها خاصة الأشخاص في وضعية صعبة عبر مصاعد كهربائية دائمة الصيانة، وكذلك التوفر على بنية تحتية معلوماتية وتقنية لتفادي أشغال التثبيت من جديد واشغال الحفر والتوقيع…

  • المتطلبات البشرية

تتطلب المحكمة الرقمية عنصرا بشريا مؤهلا يستطيع التعامل تقنيا مع الأنظمة المعلوماتية ومعالجتها والتصدي لكل المشاكل المحتملة، والحرص على حماية المعطيات الإلكترونية وعدم ضياعها أو اتلافها.[40] كما يتعين التوفر على  فئة ذات جودة عالية من مهندسو البرمجيات فهي الفئة التي يمكنها أن تعزي انجاح أو فشل مواقع الويب وكل التطبيقات المحمولة .[41]

  • المتطلبات المالية للمحكمة الإلكترونية

يعتبر مشروع المحكمة الالكترونية من المشاريع الضخمة التي تحتاج إلى أموال كافية تضمن له النجاح     والاستمرار، وتحقيق الأهداف المرجوة، وتوفير الأجهزة والأدوات والبرامج الإلكترونية، وتحسين البنية التحتية وأيضا تدريب وتأهيل العنصر البشري.  لذلك فإنه من المهم رصد ميزانية مستقلة تكون تحت المراجعة الدورية لديمومة التمويل المستمر للمحكمة الإلكترونية.[42]

الفقرة الثانية : دوافع و أهداف رقمنة القضاء

أولا : دوافع رقمنة القضاء

تتجه المحاكم اليوم الى العدالة الرقمية لمساعدتها في التغلب على مجموعة من التحديات التي تواجه عمل المؤسسات القضائية و من أهمها ما يلي :

  • محدودية الموارد

تعاني المحاكم من ضغط كبير بسبب تعاملها مع عدد كبير من القضايا من خلال عدد جد محترم من أجهزتها، حيث تعمل في ظروف تشهد تراكما كبيرا للقضايا التي تستغرق وقتا طويلا مقارنة بما يقتضي الأمر.

  • الإفراط في استخدام الورق

لا تزال العديد من المؤسسات القضائية تعتمد على الورق مما يرتب العديد من الاشكالات وعلى سبيل المثال فقط فإن الانظمة القضائية بالمملكة المتحدة كانت  تنتج لوحدها مليون صفحة من الوثائق يوميا ما يعادل 365  مليون صفحة سنويا قبل انتقالها الى العدالة الرقمية .

وتكلف هذه المسألة تكاليفا باهظة في إنتاج ونقل وتخزين هذه الكميات من الورق، حيث يتطلب الأمر اعداد حزما من المستندات للمحاكمة وكذا عمل نسخ منها ووقتا كبيرا من اجل تصنيفها واحالتها، وايضا صعوبة التعديل عليها متى تطلب الأمر ذلك.

كما تعيق عمليات اعتماد الورق أحيانا اقامة العدل بسبب فقدان احدى المستندات و يؤدي ذلك الى تأجيل القضايا فتأخذ حيزا زمنيا أطول.

  • الشفافية

في كثير من الاوقات ما تخلق الاجراءات الورقية فرصا للفساد فقد يتم التلاعب بالمستندات أو ببساطة يتعمد فقدانها مما يؤدي الى رفض القضايا أحيانا و ضياع الحقوق أحيانا أخرى .[43]

  • مطالب القائمين على الشؤون و الادارة  القضائية

هناك رغبة لدى الأجهزة القضائية، وكل الخبراء والمهنين القانونين من أجل تحديث وسائل ادارة الشؤون القضائية لما في ذلك من أثار اجابية شتى بالنسبة للقاضي والمتمثلة في التقليل من كل أعباء التنقل                         واصطحاب كثرة الملفات، وأيضا التقييد بالوقت حيث يمكن من خلال تسخير الوسائل التكنولوجية في تجميع الملفات بشكل مرتب ومساعدة القاضي على البت فيها في كل مكان وأي زمان كما هو الحال بالنسبة لتبسيط وتسهيل التواصل بين المحكمة  والمهنين القانونية عبر التبادل غير مادي للمستندات.[44]

ثانيا : أهداف القضاء

يرجى من رقمنة قطاع العدالة تحقيق العديد من المكاسب من أبرزها اختزال الوقت فيما يتعلق بالإجراءات والمساطر،  وأيضا التقليص من عمر القضايا، وأيضا تمكين المتقاضيين من مباشرة الإجراءات                والحصول على الوثائق دون تكبد عناء الطريق بأبسط كلفة وفي وقت وجيز، وأيضا تخفيف العبء على المحاكم، ويظل جوهر الرغبة نحو رقمنة القضاء هو دعم الولوج الى العدالة والقانون وتجويد الخدمات التي تقدمها المحاكم.

و العمل  على تقريب القضاء من المواطن و الى المهنيين و كل الخبراء القانونيين، و تسريع وثيرة العمل الاداري و القضائي، و تبسيط الاجراءات و تمكين المتقاضيين من تتبع مال قضاياهم و ملفاتهم في ظرف زمني قياسي  بأقل تكلفة، بالإضافة الى توحيد عمل كتابة الضبط و كتابة النيابة العامة في تدبير القضايا الزجرية، و مساعدة المحاكم على التخلي عن الازدواجية، والشروع في  استخراج الدعامات الالكترونية مع الحرص على تفاعل الادارة القضائية مع محيطها و دعم الشفافية و الحكامة ، و تعزيز الأمن القضائي      و تحقيق الاحترافية و الجودة في العمل.

كما تسعى المحكمة الإلكترونية الى تتبع الانتاجية و المردودية بشكل علمي دقيق،  الشيء الذي من شأنه المساعدة في تحديد الحاجيات سواء من حيث الموارد البشرية أو اللوجستية. وباقي الامكانيات سيما أن التوجه الجديد للقانون التنظيمي لقانون المالية يدعم هذا الاتجاه بتدبير الميزانية  على أساس نتائج قابلة للقياس تستجيب للأهداف المحددة سلفا و تبرز الاعتمادات المالية المرصودة،   و أيضا المساعدة في تدبير آجال  القضايا كما يتضح من خلال وظائف نظام تدبير القضايا التي تتعلق بالمساطر و الاجراءات القضائية أي القضايا الرائجة أمام المحاكم التي يتنج عنها مقرر قضائي ولا يشمل القضايا الأخرى التي يرجع الاختصاص في تدبيرها للمؤسسة القضائية كالحصول على بعض الخدمات من قبيل شهادة الجنسية أو مستخرج السجل العدلي أو مستخرجات السجل التجاري و التي خصصت لها تطبيقات خاصة كتطبيقات الخدمات القضائية الالكترونية الخاصة بالهواتف الذكية.[45]

وخلاصة القول فإن المطلوب من الحكومة الالكترونية هو تحقيق المزايا التالية :

  • تجميع كافة الأنشطة و الخدمات المعلوماتية و التفاعلية و التبادلية في موقع رسمي على شبكة الأنترنت.
  • Ü    تحقيق حالة اتصال دائم بالجمهور (24 ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع و365 يوم في السنة) مع القدرة على تأمين كافة الاحتياجات الخدماتية للمواطن.
  • تحقيق سرعة و فعالية الربط و التنسيق والأداء و الانجاز بين المؤسسات القضائية و كل الفاعليين في قطاع العدالة من محامين وخبراء قانونيين.
  • تطبيق النماذج الرقمية و اتاحة تعبئتها على الخط
  • تقديم الخدمة القضائية على الخط
  • تسهيل نظام الدفع الالكتروني
  • تحقيق فعالية الأداء الحكومي
  • تحسين مستوى الخدمة
  • تقديم خدمات جديدة لم تكن من قبل
  • تخفيف التكاليف [46]

وتحقيق هذه الأهداف و ما يندرج في نطاقها من أغراض فرعية يتطلب اعتماد استراتيجية واضحة و حكيمة في بناء العدالة الالكترونية. استراتيجية تنطلق من دراسة الواقع القائم و مشكلاته قبل نقل العمل الواقعي الى العمل الرقمي اذ سيؤدي ذلك حتما الى نقل عيوب الواقع الى البيئة الالكترونية .

المبحث الثاني : بعض التجارب من منظور مقارن و تأثير تطور تكنولوجيا المعلومات

لقد قامت العديد من الدول بالانتقال بعمل إداراتها ومؤسساتها من الطرق التقليدية نحو طرق رقمية وذكية جد متطورة، حيث نجد أن من بين هذه الدول من تبنت هذه الاستراتيجية في مواكبة التطور التكنولوجي قبل عقود من الزمن ومنها دول اخرى حديثة العهد بهذا التحول بما فيها بعض الدول العربية.

 كما تجدر الإشارة إلى أهمية  الانتقال الرقمي في مكافحة الفساد بكل مظاهره  وذلك عبر حلول الوسيط الالكتروني بين المرتفق والادارة. كما أن هذا التطور التكنولوجي لم يقف فقط عند هذا الحد بل أصبح يسير بوتيرة سريعة للغاية خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي بأشكاله الحالية وانظمته الجد متطورة وما يطرحه ذلك من تساؤلات حول الإضافات التي يمكن أن يقدمها للمجال القانوني وأيضا تلك المخاطر المرتبطة بتوظيفه بل وحتى وجوده وكيف يمكن توظيف هذه الأنظمة وما متطلبات ذلك؟

المطلب الأول : بعض التجارب من منظور مقارن و دور الادارة الالكترونية في مكافحة الفساد

قامت العديد من الدول بالانتقال نحو قضاء رقمي جد متطور حيث حققت بذلك نجاحات كبيرة في هذا المجال، كما أن بعض من هذه الدول لم يتأثر حتى بجائحة كورونا وذلك لتبني نظام التقاضي الإلكتروني لعقود من الزمن كما أن الادارة القضائية الإلكترونية من شأنها أن تلعب دورا هاما في مكافحة كل مظاهر الفساد عبر حلول الوسيط الالكتروني بين المرتفق والادارة وأيضا من خلال ما تتمتع به الامكانيات التكنولوجية في ممارسة الرقابة والتتبع داخل عمل الادارة.

الفقرة الأولى : بعض التجارب الدولية

وتأتي دراسة تجارب هذه الدول للاستفادة منها في اتخاد خطوات أسرع بالمنظومة القضائية بالمملكة المغربية، وأيضا سنتوقف عند تجارب بعض الدول العربية الشقيقة المنتقلة بدورها حديثا نحو منظومة العدالة الرقمية الى جانب نماذج بعض الدول التي تعتبر رائدة في هذا المجال.

أولا : تجارب بعض دول شمال أوروبا

خلال العقد الماضي فتحت المحاكم في دول شمال اوروبا و دول البلطيق المجال أمام رقمنة أكتر شمولا  حيث تعتبر رائدة في هذا المجال خاصة منها دولة استونيا.

  • استونيا

    راهنت دولة استونيا على أهمية التحول الرقمي و اعتبرته جزء لا يتجزأ في تصميم مؤسساتها المبنية حديثا، حيث تعتبر من الدول و  البلدان التي تبدو انها في المقدمة في الوقت الحالي فهي دولة رائدة في مجال التكنولوجيا الرقمية، و قد قطعت أشواطا مهمة في التطوير الرقمي للمحاكم .

لقد أضحت في استونيا جميع اجراءات المحكمة رقمية، و يمكن الوصول اليها من خلال نظام الملفات الالكتروني Riigi teataja الذي يحتوي على نموذج  بحث شامل، فعلى الرغم أن جائحة كورونا أدت الى استخدام المزيد من اجتماعات المحكمة عبر الأنترنت فإنه و على المدى الطويل لا  يعتبر الوباء بمثابة تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لدولة استونيا التي أصبحت رقمية للغاية بالفعل .

أطلقت استونيا برنامجا لتطوير البنية التحتية الرقمية لتكنولوجيا المعلومات على مستوى الدولة سنة 1996  و تم انشاء التوقيع الرقمي للهوية الالكترونية الذي من خلاله  يمكن تسجيل الدخول الى نظام الملفات الالكتروني الاستوني .

كان أول نظام معلومات يستخدمه جميع محاكم استونيا هو النظام المعروف ب KOLA  الذي تم اعتماده سنة  2001   و الذي كانت من خلاله المحاكم الاستونية تقوم بنشر الأحكام علنا.

أدى توسع احتياجات النظام القضائي الى اعتماد نظام جديد اسمه kiss الذي لم يكن الهدف منه فقط أن يكون قاعدة بيانات للمقررات القضائية، بل كان من المفترض أن يصبح أداة للقضاة وموظفي المحكمة     والتي من شانها أن تجعل إجراءات المحكمة أكتر كفاءة، وبالتالي أصبحت عملية تسجيل جميع الوثائق والاجراءات القضائية المدنية والادارية بشكل الكتروني. [47]

  • فنلندا  

تمتلك فنلندا أطول تاريخ في العمل مع معالجة الحالات الرقمية.  وعملت على معالجة الحالات الرقمية في المحاكم منذ أواخر الثمانينيات، حيث قامت بإدخال أجهزة الكمبيوتر الشخصية وغيرها من أنواع المعدات الرقمية في العمل الإداري في المحاكم قبل اواخر تسعينيات القرن الماضي و في المحاكم المدنية، تم إدخال نظامTUOMAS  في عام 1993 بينما تمت إدخال أجهزة الكمبيوتر الشخصية في وقت مبكر .

استخدمت محاكم فنلندا عددًا من المنصات الإلكترونية في معالجة الحالات مع تنفيذ بوابة معالجة الحالات الجديدة، AIPA للمحاكم العادية وHAIPA للمحاكم الإدارية، فقد أخذت فنلندا خطوة كبيرة إلى الأمام في رقمنة المحاكم خاصة بعد تفشي فيروس كوفيد-19.

 حيث شهدت زيادة في استخدام الاتصالات الرقمية عن بُعد عبر  تقنيات الفيديو في قاعات المحكمة.

  • ليتوانيا

مثل الدول البلطيقية الأخرى، كانت ليتوانيا رائدة في مجال التقنية الرقمية منذ الثمانينيات   و أنشأت المحاكم الليتوانية بوابة معالجة القضايا LITEKO في عام 2004. و استخدمت هذا النظام  في القضايا المدنية والقضايا الإدارية، وقضايا الجرائم الإدارية، والقضايا الجنائية. فيما  كان الغرض الرئيسي الأولي من LITEKO هو تحويل معالجة الوثائق والملفات في المحاكم إلى الحاسوب؛ لأتمتة مراقبة المدد الإجرائية   و لأتمتة حساب الأعباء العملية وتوزيع القضايا وعملية نشر معلومات المحكمة.[48]

ثانيا : الولايات المتحدة الأمريكية

عرف الانتقال الرقمي بقطاع العدالة بالولايات المتحدة الأمريكية أولى بوادره خلال أواخر القرن الماضي  فقد تبنت مجموعة من المنظمات المهنية كجمعية المحكمين مشروعا للتحكيم المباشر عبر الإنترنت لقب بمشروع القاضي الافتراضي خلال تلك الفترة،  وقد تم سن مجموعة من القوانين وادخال بعض التعديلات على القوانين بهدف الاستفادة من الوسائل الإلكترونية الحديثة وتسخيرها في خدمة قطاع العدالة ،وقد بدأت ارهاصات هذا التحول بتحويل نظام العمل داخل المحكمة الى نظام يعتمد على القضاء الرقمي وتعديل القوانين التي تواكب ذلك ومنها ما قررته المادة 34/أ من قانون الإجراءات المدنية الفدرالية للولايات المتحدة الأمريكية الذي نص على أنه يجوز تقديم معلومات مخزنة إلكترونيا مشتملة على الكتابة و الرسومات البيانية و الصور الفوتوغرافية والتسجيلات الصوتية أو بيانات مخزنة باي وسيلة إلكترونية بحيث يمكن أن يكون مصدرها للمعلومات سواء بصورة مباشرة عند الضرورة أو بعد ترجمتها …  وقد ترك القانون باقي الاجراءات المتعلقة بالإعلان أو سداد الرسوم وايداع الملفات وتبادل المستندات الكترونيا لكل ولاية تنظيمها بنفسها للإجراءات التقاضي الإلكتروني عن غيرها من الولايات لكنها اتفقت جميعها بأخذ الوسائل الإلكترونية في التقاضي.[49]

ثالتا: المملكة المتحدة

شهدت الثورة الرقمية في محاكم  المملكة المتحدة تسارعا كبيرا فبالإضافة الى الايداع الالكتروني للمستندات و النماذج و اعتماد أنظمة الدفع عبر الأنترنت  ودمج الأدوات الرقمية في قاعات المحكمة لعرض الأدلة بما في ذلك الشاشات الرقمية و غيرها من التقنيات.[50]  فقد أضحت محاكم المملكة تعقد معظم جلسات محاكمها عن بعد فعلى سبيل المثال فان المحكمة العليا و محاكم الأعمال قامت بتنفيذ ما يقارب %80  من أعمالها العادية عبر جلسات الاستماع عن بعد. و تعد المحكمة العليا مجرد مثال واحد فيما يتم عقد ما يقارب 3000 محكمة افتراضية شهريا بالمملكة المتحدة. [51]

رابعا : سنغافورة

تعتبر تجربة دولة سنغافورة في مجال رقمنة قطاع العدالة إحدى التجارب الرائدة، فقد كانت الانطلاقة الفعلية نحو الانتقال الرقمي بدولة سنغافورة في أواخر القرن الماضي وهي دولة حديثة العهد بالاستقلال . من أجل الاستفادة من التكنولوجية وتسهيل إدارة القضايا، وخلال عقد من الزمن أضحت محاكم سنغافورة من أعلى المحاكم في جنوب شرق آسيا، كما أنها في الوقت الحالي تشهد عقد جلسات الاستماع عن بعد في محاكم الدولة والمحاكم العليا كما تسمح بالتقاضي الإلكتروني واعتماد جميع الوسائل الممكنة بما فيها نظام الهوية الإلكترونية.[52]

خامسا : تجارب بعض الدول العربية

  • المملكة العربية السعودية

أطلقت المملكة السعودية سنة 2019  منصة ناجز الموحدة للخدمات العدلية الالكترونية والتي ساهمت في تحقيق نتائج جيدة خلال السنوات الأخير، بحيث ساهمت في تقليص عمر القضية بنسبة 80 بالمئة كما وفرت على المستفيدين سنة 2022  أكتر من 47  مليون زيارة للمقررات العدلية  وأيضا أتاحت التقاضي الالكتروني لأكثر من ستة ملايين جلسة عن بعد، و إصدار مليوني حكم قضائي الكتروني، كما سهلت على المستفيدين في أكتر من مائة دولة الاستفادة من خدمات وزارة العدل الرقمية، وأيضا ساهمت في اصدار أكتر من مليون طلب تنفيذ و أكتر من مليون ونصف  قرار تنفيذ الكتروني .

تتوفر المنصة على فضاء ناجز حكومة المخصص لممثلي الجهات الحكومية، وأيضا فضاء ناجز أعمال الخاص بالشركات، ومؤسسات ومنشآت النفع العام، وأيضا ناجز أفراد وهو فضاء خاص بالأفراد من المواطنين والزوار.

  • الإمارات العربية المتحدة

دولة الإمارات العربية هي الأخرى تعتبر من الدول العربية المتقدمة في المجال، فقد تم اللجوء إلى توظيف التكنولوجيا من أجل التحسين من جودة ومردودية عمل المؤسسات القضائية بها والتي سيستفيد منها المواطن الإماراتي وايضا الأجانب، حيث عملت على احداث جهاز مكلف بتطوير الخدمات الالكترونية وهو اللجنة العليا لتطوير الأنظمة الالكترونية القضائية الذي يعقد شراكات في المجال مع مختلف الفاعلين خاصة مع وزارة الداخلية والجهات القضائية.

كما أنها اضحت تعتمد المحاكمة عن بعد في جميع القضايا كما هو الحال في المحاكم التجارية حيث يتم اعتماد التقاضي عن بعد، بحيث يمثلون المحامون أمام القاضي الذي يتواجد بمكتبه بواسطة وسائل الاتصال الذكية من اي مكان ويدير القاضي الجلسات. فهي كذلك تعتمد التدبير الإلكتروني للقضايا والإجراءات حيث يتم تقديم  مجموعة من الخدمات الالكترونية والبرامج التطبيقية كخدمة الاقتراحات الالكترونية وخدمات توجيه المتقاضين.[53]

والتي من خلالها تم وضع مجموعة من البرامج التطبيقية الالكترونية المتعددة الاختصارات، حيث تعنى بالاستشارة القانونية ونشر المعرفة القضائية وبرامج التوجيه وأنظمة الاستدلال والدفع الإلكترونية، وكذلك خدمات التنفيذ الزجري وخدمات تصوير المحاضر الالكترونية عبر موقع النيابة العامة الاتحادية، وخدمات العرائض والتظلمات وخدمات الكفالات، بالإضافة إلى مجموعة من التطبيقات الأخرى.[54]

الفقرة الثانية : تجليات اسهام الادارة الالكترونية في مكافحة الفساد

تساعد صعوبة تتبع القواعد والاجراءات المعقدة في سهولة وسرعة نمو الفساد داخل الادارة، الشيء الذي يمكن تجازوه عبر الإدارة الاكترونية التي تعتبر الية مهمة للتصدي لمثل هذه الممارسات، وذلك عبر التقليل من التعقيدات الإدارية، ويمكن ان تساهم الادارة الالكترونية في مكافحة الفساد من خلال وجهتين اثتنين عبر اسهام مباشر واخر غير مباشر.

أولا : الاسهام غير المباشر للإدارة الالكترونية في مكافحة الفساد

يتم الاسهام غير المباشر في الحد من بعض أشكال الفساد داخل الادارة عبر العديد من الاليات او التقنيات و ذلك من خلال عمليات أتمته الخدمات الادارية و التبادل الالكتروني للوثائق الادارية و محاصرتها.

  • أتمة الخدمات الادارية

تعتبر أتمتة الخدمات الادارية احدى أهم تقنيات الادارة الالكترونية في مجال ادارة المرفق الاداري. وتعني ذلك التحول التلقائي للأعمال الادارية التي كانت تتطلب تدخلا بشريا الى أعمال الكترونية تتم بشكل من تلقاء نفسها، عبر معالجة الية للمعطيات بشكل سريع للغاية في حين كان يتطلب ذلك جهدا كبيرا بالنسبة للموظف وتستهلك حيزا من وقته، ويمكن الاعتماد على هذه التقنية على الاقل في اداء المهام الروتينية البسيطة.

تخلق هذه التقنية ما يسمى بالوسيط المؤتمن الالكتروني الذي يتصرف من تلقاء نفسه بشكل مستقل دون اشراف اي شخص، حيت يتكلف الحاسب الالي القيام بالإجراءات المطلوبة من خلال احدى البرامج الموجهة له دون اي تدخل انساني، الشيء الذي من شانه ان يساهم في تلافي كل السلبيات وعدم ترك اي مجال للتلاعب بالوثائق والمستندات، كما أن لهذه التقنية عدة امتيازات فهي تسهل عمل الموظف، حيث بات دوره مقتصرا فقط  في تتبع حسن سير البرنامج وإجازة الاجراء حيث يتولى البرنامج غالبية العمل.  كما يمكن للمواطنين طلب الخدمة من الادارة الالكترونية من خلال اتباع اجراءات محددة منصوص عليها لا يمكن تجاوز اي مرحلة من مراحلها فالجميع متساوون في اتباع هذه الاجراءات. الامر الذي من شأنه المساهمة في التخفيف من الطوابير مقابل الحصول على الخدمة وتسهيل الحصول على الخدمة والتقليل من فرص وأشكال الفساد كالرشوة واستغلال النفوذ والغدر التي كانت سببا في تدهور الادارة التقليدية وغيرها من ظاهرة الوسطاء.[55]

  • التبادل الالكتروني للبيانات

تعتبر هذه العملية من مقومات الحكومة الالكترونية بحيث يمكن ادخال المعلومات وكل البيانات                والمستندات عن طريق مسحها ضوئيا ثم تنساب عبر شبكة الحاسب الالي الى كل الموظفين المعنيين بدل تداول الدعامات الورقية.

كما أصبح بإمكان المواطنين تقديم طلباتهم للحصول على الخدمات الادارية من خلال البوابات الالكترونية وايضا الاطلاع حتى على المعلومات المتعلقة بالمهنيين والخبراء القانونيين، فعلى سبيل المثال أصبح بإمكان المواطنين الاطلاع على كافة المعلومات المتعلقة بالمهن القانونية والقضائية عبر المرجع القانوني للمهن القانونية    الذي يتوفر على البيانات الخاصة بالسادة المحامون والموثقون والعدول وكذلك المفوضون القضائيون والمترجمون المحلفون.[56]

كما يمكن للمواطن تقديم معاملته الإدارية عبر الموقع الالكتروني الخاص بالإدارة المعنية وأداء المصاريف بشكل الكتروني، وكذلك تتبع مال معاملاته والمراحل التي اجتازتها     والوقت اللازم لإنجازها. كما أعطى التوقيع الالكتروني للوثائق الادارية الالكترونية الصفة الرسمية و ان كانت مرسلة بشكل الكتروني و تتيح للمرتفق افتراضيا تنزيل و تحميل الوثائق المنجزة دون الحاجة الى التنقل الى الادارة المعنية.[57]

كما أشرت سابقا فان العمل بالوسائل التي باتت تتيحها تكنولوجيا المعلومات من شأنه أن يضمن سير        واستمرار اشتغال الادارة 24I24 ساعة ويوميا دون أي توقف، بحيث يضل المرفق يعمل على مدار الساعة ولا يتوقف. كما أن التحول الى تقديم الخدمات بشكل الكتروني ينهي ذلك الاتصال المباشر بين الموظف و المرتفق و بالتالي غياب حالات التأثير على عمل الموظف مما يمكنه من مساحة كافية لإنجاز أكبر قدر من العمل في بيئة شفافة.

وبالتالي فقد يساهم هذا الانتقال في مكافحة الفساد من خلال تخفيض أعداد المرتفقين على المصالح الإدارية الشيء الدي كان يسبب الازدحام الذي يستغله الوسطاء والمرتشين، حيت تقطع العلاقة بين المرتفق والموظف وامكانية التلاقي بينهما وما قد ينتج عنها من طلب أو عرض أو تسلم للرشوة. كما يساهم الاداء الالكتروني لمصاريف الخدمة في جعل جميع عمليات الاداء موثوقة و تحويل هذه الاموال الى حساب الادارة المعنية لدى الخزينة العامة للمملكة، كما أن توفير وسائل الأداء الحديثة بالإدارات كالأداء بالبطاقات المصرفية سيؤدي الى غياب النقود المادية بالصناديق و بالتالي غياب اغراء المال، و سيظل دور الموظف مقتصرا في اجازة عمليات الدفع دون تدخل في تقدير المبالغ الواجب اداؤها مقابل الخدمة.[58]

ثانيا : الاسهام المباشر للإدارة الالكترونية في مكافحة الفساد

تساهم التقنيات الالكترونية بشكل مباشر في مكافحة الفساد الاداري و المالي عبر المراقبة عن بعد و في الوقت الحقيقي، كما أن للبرامج المعلوماتية امكانية البحث عن جرائم الفساد     و كشفها خاصة أمام القدرات الخارقة التي بات  يتمتع بها الذكاء الاصطناعي الذي يشهد تطورا تكنولوجيا مهما في الآونة الاخيرة.

  • دور الادارة الإلكترونية في المراقبة و التدقيق

تعمل المراقبة لإلكترونية بشكل اني من خلال شبكة الانترنت مما يتيح امكانية تقليص الفجوة الزمنية بين عملية اكتشاف الانحراف عبر التدفق المستمر للمعلومات بين المديرين و العاملين و المرتفقين، الشيء الذي يزيد من تحقيق الثقة لإلكترونية سواء بين الموظفين والمهنين و لإدارة أو المرتفق و الادارة .

و تنقسم هذه الرقابة الى رقابة داخلية و رقابة خارجية فالأولى هي التي تمارس من قبل الرؤساء الاداريين داخل المؤسسة و تشمل هذه الرقابة على الاداء الوظيفي و تهدف الى تقييم الموظف، حيث يتم من خلال هذا التقييم معرفة نقاط الضعف في الاداء و معالجتها.[59]

وأما الرقابة الخارجية فهي الرقابة على أداء الاجهزة الحكومية في تسيير موازنتها بكفاءة كأن تكشف مثلا تداخلا في المسؤوليات بين مؤسستين حكومتين من أجل تغطية أنشطة فاسدة، بحيث لم يعد دور الادارة الالكترونية يقتصر فقط على تبسيط الاجراءات بل أيضا في ممارسة الرقابة والتدقيق من خلال تسجيل جميع العمليات التي يقوم بها الموظف ومدى ارتباطها بالمهام الموكولة اليه، الشيء الذي من شأنه أن يلزمه بالدقة ازاء عمله الاداري.

فالإدارة الالكترونية الية فعالة لتعزيز الشفافية في انجاز العمل الاداري و مراقبة حسن سير عمل الادارة حيث يساهم ذلك في التقليل من حالات الفساد الاداري و اكتشاف الخطأ الاداري فور وقوعه سواء عن قصد أو عن غير قصد.[60]         

إن الاعتماد على الادارة لإلكترونية سياسهم في تكريس مبادئ الشفافية،  و النزاهة، و الانصاف، و ذلك  بسبب الرقابة التي ستخضع اليها الادارة  بشكل اني و مستمر و فعال، و الحد من كل أشكال الفساد.

  • دور الادارة لإلكترونية في البحث و التحري عن جرائم الفساد

ستساعد الادارة الالكترونية في تحديد بؤر الفساد الاداري وتسهيل عمل الاجهزة الرقابية،  و ستؤدي الى القضاء على مكامن الفساد الاداري. كما تساهم في تسهيل الربط بين المستويات التنظيمية، و توفير قنوات اتصال فعالة و سريعة، حيث يعمل التنبيه الالكتروني على وجود انحرافات، مما يؤدي الى المعالجة الفورية و توفير الكثير من الوقت و التكلفة. و على سبيل المثال فإن هده الالية معتمدة من طرف المؤسسات البنكية و التي تساعدها في اكتشاف كل التحويلات المشبوهة، و التي من الممكن أن تكون محلا لجريمة غسيل الأموال، كما ساهمت رقمنة المؤسسات الاقتصادية في المساعدة على اكتشاف جرائم الاختلاس بالبنوك من خلال برمجتها على اشعار المشرف على النظام في حالة اكتشاف اي خلل حسابي، و عليه فان الرقمنة ستلعب دورا مهما في اكتشاف جرائم الفساد و احالتها على الجهات المختصة بمكافحتها.[61]

المطلب الثاني : تأثير التطور التكنولوجي

ان هذا التطور التكنولوجي السريع قد بدأ بالفعل في التأثير داخل عمل كل القطاعات بما فيها مجال القانون سواء بالنسبة للمواطنين أو الخبراء والمهنيين في مجال القانون. كما أنه يظل محل اهتمام العديدين في ظل أهم المستجدات المتعلقة به كما هو الحال بالنسبة لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي لم تعرف بعد تأطيرا قانونيا وتنظيميا لها في جل التشريعات ما عدا الاتحاد الأوروبي الذي عمل مؤخرا على إصدار  قانون الذكاء الاصطناعي.

الفقرة الأولى : دور الرقمنة في تجويد عمل المهنيين القانونيين و تأثير جائحة كورونا

في جميع الأحوال سيفضل المحامي تقديم جميع مداخلاته للمحكمة وكل الوثائق و المستندات وهو بمكتبه دون أن يتكلف عناء التنقل ودون اي تقييد بالزمن. والمواطن كذلك سواء في تواصله مع الخبير القانوني أو المحكمة فمن المؤكد أن المتقاضي سيفضل احداث ملفه القضائي بشكل الكتروني دون حاجة الى التنقل الى المحكمة . كما أن لفترة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 دورا مهما في التشجيع على الانتقال الرقمي   وبناء حكومة الكترونية قادرة على مواجهة كل الصعاب.

أولا : الثورة الرقمية وانعكاساتها على  المهنيين و الخبراء في مجال القانون

 و المواطنين .

سيساهم هذا الانتقال بلا شك في تحيين الفكر المترسخ في اذهان المواطن حول صعوبة التقاضي وتعقيد الاجراءات والمهل الزمنية الطويلة، الشيء الذي كان يؤثر سلبا  على نفسية المواطن ويقف أمام ولوجه للعدالة والمطالبة بحقه.

  • تأثير تطور تكنولوجيا المعلومات على  المهنيين و الخبراء في مجال القانون

ستجعل التكنولوجيا وصول المهنين والخبراء القانونيين للمعلومة القانونية وكذا تواصلهم مع طالبي الخدمات وإدارة القضايا والتنظيم أمرا سلسا لا يتطلب جهدا كبيرا .

  1. سهولة الوصول و البحث القانوني

تتيح قواعد البيانات الرقمية للمحامين الوصول الى مجموعة واسعة من من الموارد القانونية  في غضون ثوان، كما توفر لهم معلومات محينه تعزز جودة و كفاءة الممارسات القانونية.

  • تحسين التواصل مع طالبي الخدمة

لقد غيرت التكنولوجيا الطريقة التي يتواصل بها المحامون مع طالبي الخدمة فقد سهلت البوابات الامنة      و رسائل البريد الالكتروني المشفرة و منصات مؤتمرات الفيديو مثل zoom  و MS Team  و كل وسائل نقل الصورة و الصوت الأخرى التفاعلات الفورية و الوصول السهل، و كذلك يساعد ذلك على ترتيبات أكتر مرونة و تحقيق رضى تام لدى طالبي الخدمة و المتقاضين.

  • إدارة القضايا و التنظيم

تساهم برامج إدارة القضايا الى تبسيط العديد من المهام الادارية المرتبطة بالممارسات القانونية، حيث تتيح إمكانية تتبع الملفات والمواعيد النهائية والقوانين بشكل فعال، مما يقلل من الأخطاء اليدوية ويوفر وقتا للعمل القانوني الجوهري، كما أن هذه التقنيات يمكن أن تساعد على التحسين بشكل كبير من كفاءات العمليات بمكاتب المحاماة، ومع ذلك فان التأثير على المهن القانونية يبرز أهمية التعلم المستمر والتكييف مع الأنظمة.[62]

كما أنه من شأن الوسائل التكنولوجية الحديثة  أن تساعد في فرز كميات هائلة من الوثائق والمعلومات  القانونية والبحث في الفقرات ذات الصلة بشكل أسرع و أكتر فعالية. حيث تتمثل إحدى المعضلات الكلاسيكية في مكاتب المحاماة في كيفية التعامل مع كميات كبيرة من الأوراق و الملفات.[63]

  • الرقمنة من منظور المواطن

إن تبني التكنولوجيا الجديدة للمعلوماتو الاتصالات من شأنه أن يساهم في تقديم خدمات عالية الجودة وبالتالي توفير معايير حياة أفضل بالنسبة للمواطن، فنحن نشهد مجتمعا رقميا حيث أصبح من الضروري دمج الأنظمة الفعلية والرقمية وخلق خدمات ذكية ونماذج أعمال مبتكرة، حيث سيستفيد المواطن من الوصول السلس والأفضل للخدمة عبر تبسيط وتسريع الإجراءات وعدم التقيد بمكان أو زمان، كما أنها ستكون خالية من الفساد، وأيضا يمكن لتقنيات الاتصال الحديثة أن تيسر من التفاعل والاتصال عبر قنوات مختلفة كالبريد الإلكتروني والنماذج الرقمية و التطبيقات المحمولة، حيث أصبح بإمكان المواطن نقل المعلومة عن طريق نماذج الإنترنت على غرار تبادل المستندات والوثائق من خلال دعامات ورقية و بشكل مباشر و التواجد الفعلي داخل المؤسسات، وبالتالي فإن الرقمنة قد غيرت من طرق وأساليب التواصل بين المواطن والادارة . [64] وبالتالي توفير حياة أفضل بالنسبة للمواطن وزيادة ثقته بالإدارة بشكل عام و المؤسسات القضائية بشكل خاص، الشيء الذي يكرس مبادى نزاهة وشفافية العدالة وتقريب المواطن من القضاء، وضمان الحقوق والانصراف.

ثانيا : تأثير جائحة كورونا في زيادة استخدام التكنولوجيا الرقمية

مع انتشار الوباء، نفذت جميع المناطق تقريبًا عمليات الإغلاق، كما تم وقف الأنشطة التي تتطلب التجمعات والتفاعلات البشرية بما في ذلك الكليات والمدارس ومراكز التسوق والمعابد والمكاتب والمطارات ومحطات السكك الحديدية…. حيث أدى الإغلاق إلى لجوء معظم الأشخاص إلى الإنترنت والخدمات القائمة على الإنترنت للتواصل والتفاعل ومواصلة مسؤولياتهم الوظيفية من المنزل، حيث شهدت خدمات الإنترنت ارتفاعاً في الاستخدام من 40% إلى 100%، مقارنة بمستويات ما قبل الإغلاق. و شهدت خدمات مؤتمرات الفيديو مثل Zoom زيادة في الاستخدام بمقدار عشرة أضعاف، وشهدت خدمات توصيل المحتوى زيادة بنسبة 30% في استخدام المحتوى.[65] وتجدر الإشارة إلى أن جائحة كورونا كوفيد 19 قد أظهرت أهمية التكنولوجية الرقمية في مواجهة الأزمات العالمية.

كما أنه نتيجة للانتشار القوي لفيروس كوفيد-19 تم إغلاق العديد من المحاكم مؤقتًا، كما تم تأجيل العديد من القضايا لعدة أسابيع فلم تبت المحاكم التجارية في العديد من القضايا مما تسبب في تأخيرات كبيرة في إجراء القضايا. على عكس ما تم اعتماده في القضايا الجنائية  التي عرفت عقد العديد من الجلسات بشكل الكتروني عبر تقنيات الفيديو. حيث لم تشهد المحاكم التجارية أي تدابير تصحيحية مثل إدخال التفاعلات الإلكترونية، باستثناء المنصة المخصصة للمحامين.[66]

الفقرة الثانية :  الذكاء الاصطناعي و العدالة  

تشهد التكنولوجيا في عصرنا الحالي تطورا مستمرا و مدهشا لتكنولوجيا المعلومات   بما فيها الذكاء الاصطناعي  الذي يتطور بشكل سريع،على الرغم من ان مصطلح الذكاء الاصطناعي ليس وليد اللحظة فيما تظل المرحلة الحالية  طفرة في تاريخ التكنولوجيا  والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، حيث بات بإمكان الأنظمة التعرف على الوجوه وتقديم إيجابيات حول العديد من التساؤلات كما أن هناك من يتحدث بأن الخوارزميات يمكنها التنبؤ بدقة حول مقررات المحاكم و أن بإمكانها أن تحل مكان القاضي البشري، لكن ما الذي نعلمه حقا حول استخدام الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن توظيف ذلك في خدمة العدالة، والجانب السلبي المتعلق بمخاطر الاستخدام والتوظيف أيضا، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مفيدا للمحاكم والقضاة و ما المطلوب لتحقيق ذلك وكيف يمكن جعل المعلومة القانونية أكتر قابلية للاستخدام للذكاء الاصطناعي ؟

أولا : مفهوم الذكاء الاصطناعي و قدراته

إن مسألة وضع تعريف جامع ومانع لمفهوم الذكاء الاصطناعي في المرحلة الحالية ليس بالأمر الهين على الرغم من أن هذا المصطلح ليس بوليد اللحظة فقد ظهر في اواسط القرن الماضي، إلا أن الجهود التي بدلت من أجل وضع تعريف دقيق لهذا المفهوم بقيت رهينة البعد التقني الذي اتجه إليه المشغلين بالمجال المعلوماتي [67] كما أن مسألة وضع هذا التعريف بالنسبة للذكاء الاصطناعي بأشكاله الحالية الجد متطورة  تعتبر في مرحلتها الأولى، الا أن هناك بعد المحاولات  التقليدية والحديثة من أجل تعريف الذكاء الاصطناعي:

  • تعريف الذكاء الاصطناعي

ويمكن تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه قدرة الالة على إظهار قدرات تشبه قدرات الانسان مثل التفكير       والتعلم والتخطيط والابداع، حيث يمكن الذكاء الاصطناعي الأنظمة التقنية من إدراك بيئتها والتعامل مع ما تدرك، وحل المشكلات والعمل لتحقيق أهداف محددة.[68]

كما يمكن تعريفه بأنه تمكين للآلة بأن تتصرف بطريقة ستعتبر ذكية اذا ما تصرف بها الإنسان هذا التعريف الذي قدمه John McCarthy    الذي يعد مخترع مصطلح الذكاء الاصطناعي سنة 1956.[69] حيث تعتبر هذه نقطة مهمة اعتبارا بأن الذكاء البشري هو مقياس لما يفعله الذكاء الاصطناعي، أي القدرة على التفكير بشكل مجرد و منطقي والقدرة على حل المشكلات واكتشاف نقط الخلل الموجودة بالمعرفة المكتسبة وحل المهام الجديدة، والتكيف بشكل مرن مع المواقف الجديدة، والتعلم بشكل مستقل دون الحاجة إلى تعليمات مباشرة.[70]

  • أمثلة على  الذكاء الاصطناعي 

هناك العديد من الأمثلة الأكثر شيوعا للذكاء الاصطناعي فيما يلي أبرزها :

  1. CHAT GPT  

هو نموذج قامت بإنشائه  وتطويره شركة open AI وهو عبارة عن روبوت دردشة يعمل بالذكاء  الاصطناعي  GPT  و معالجة اللغة الطبيعية NPL  حيث يسمح لك بإجراء محادثات شبيهة بالمحادثات البشرية لإكمال مهام معينة، حيث يمكن لهذه الالة التوليدية الاجابة على أسئلة طالبي الخدمة في جميع المجالات. [71]

و في سابقة من نوعها قام Chat GPT  بتشخيص حالة مرضية  لطفل لا يتجاوز عمره 8  سنوات استعصت عن 17  طبيبا على مدار ثلاث سنوات بعد أن طلبت والدته المحبطة من  Chat GPT    المساعدة، حيث شاركته الام قصة الطفل و كل ماتعرفه عن الأعراض وبذلك  ساعدها البرنامج على تشخيص حالة ابنها في مدة قصيرة جدا.[72]

  • Google traduction

يستخدم هذا البرنامج خوارزميات التعلم العميق لترجمة النصوص من لغة الى أخرى.

  • أنواع  أنظمة الذكاء الاصطناعي

يصنف الذكاء الاصطناعي إلى أنواع مختلفة حسب القدرات والوظائف فيما ينقسم في الصنف الأخير إلى عدة مستويات وهي الذكاء الاصطناعي الضعيف أو الضيق والذكاء الاصطناعي العام و الذكاء الاصطناعي الفائق.

  1. الذكاء الاصطناعي الضيق

يشير هذا النوع من الذكاء الاصطناعي إلى الأنظمة التي تم تظمينها وتدريبها للقيام بمهمة معينة أو مجموعة ضيقة من المهام، واي معرفة مكتسبة من أداء تلك المهمة لن يتم تطبيقها تلقائيا على المهام الأخرى، حيث يقتصر فقط على الوظائف المحددة التي تمت برمجته عليها، ولا يمكنه أن يؤدي ما يتجاوز مجاله، وفي سياق الذكاء الاصطناعي الضعيف لا يعني مصطلح الضعيف نقص القدرة أو الفعالية في أداء المهام المحددة بل تظهر هذه الأنظمة كفاءة عالية في تنفيذها للمهام المحددة جيدا فيما يلي بعض الأمثلة على هذه النوعية من الذكاء الاصطناعي

  • أنظمة التعرف على الصور
  • المركبات ذاتية القيادة
  • محركات التوصية
  • الذكاء الاصطناعي العام

هو نوع من الذكاء الاصطناعي القادر على القيام بأي عمل فكري بكفاءة مماثلة للإنسان، حيث يتمتع بقدرة على الفهم والتعلم وتطبيق المعرفة عبر مجموعة واسعة من المهام على غرار قدرات الانسان، والهدف منه هو انشاء نظام قادر على التفكير كشخص بمفرده، ويتضمن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي إنشاء الآلات وأنظمة ذات القدرة على التفكير المجرد وحل المشكلات والإدراك والتعلم.

يظل الذكاء الاصطناعي العام مفهوما نظريا، وبناء مثل هذا النظام يفرض تحديات علمية وتكنولوجيا واخلاقية كبيرة فيما لا تزال الأنظمة ذات الذكاء الاصطناعي العام قيد البحث، ويتطلب تطوير مثل هذه الأنظمة جهدا ووقتا كثيرا.[73]

  • الذكاء الاصطناعي الفائق

هو نوع من الأنظمة التي يمكنها أن تتفوق على الذكاء البشري، ويمكنها أداء اي مهمة بشكل أفضل، ومن خصائص هذا النظام القدرة على التفكير و التخطيط والتعلم والتواصل بمفرده.

أما بالنسبة للتصنيف على أساس الوظيفة فإن الذكاء الاصطناعي يصنف من خلالها إلى :

  • الآلات التفاعلية

حيث يعرف هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بتخزينه للتجارب السابقة دون اعتماد ذلك للإجراءات المستقبلية، وهذا يعني أنها توفر نفس المخرجات لمدخل معين ولا تتعلم أو تتكيف مع مرور الوقت.

  • الأنظمة ذات الذاكرة المحدودة

هي أنظمة تعمل على تخزين الخبرات السابقة أو بعض البيانات لفترة قصيرة من الزمن، وتعد السيارة ذاتية القيادة احد الأمثلة على ذلك.

  • أنظمة نظرية العقل

يتعين في هذا النوع من الذكاء الاصطناعي أن يكون قادرا على فهم المشاعر البشرية و الأشخاص والمعتقدات والتفاعل اجتماعيا كما يفعل البشر، فيما يظل مركز اهتمام الباحثين الذين يبذلون الكثير من الجهود لتطوير مثل هذه الأنظمة.

  • أنظمة الوعي الذاتي

يمكن لهذا النوع من الذكاء الاصطناعي امتلاك الوعي والمشاعر والوعي الذاتي وستكون فائقة الذكاء مقارنة بالعقل البشري.[74]

  • خصائص و قدرات الذكاء الاصطناعي

يتميز الذكاء الاصطناعي بالعديد من الخصوصيات التي تهدف إلى تطوير الأنظمة الذكية من أجل بناء القدرة على تكرار الإدراك والأفعال الشبيهة بالإنسان.

  1. التعلم والتكيف

من الخصائص الأساسية للذكاء الاصطناعي القدرة على التعلم و التكييف من خلال للتعلم الآلي، حيث تتمتع أنظمة الذكاء الاصطناعي بالقدرة على فحص مجموعات من البيانات وتحديد الاتجاهات المتكررة وصياغة التنبؤات والخيارات المرتكزة على هذه البيانات، وعلى سبيل المثال في مجال التعرف على الصور يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التعرف بشكل أفضل على الأشياء و الوجوه مع كل تعرض للبيانات الجديدة وتعتبر هذه الخاصية مهمة في العديد من التطبيقات كأنظمة التوصية والسيارات ذاتية القيادة ومعالجة اللغات الطبيعية.

  • حل المشاكل

يتفوق الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات المعقدة التي تتضمن كميات كبيرة من البيانات واتخاذ القرارات على عكس البرمجة التقليدية، حيث تستطيع الأنظمة إيجاد الحلول المناسبة من خلال تحليل البيات وضبط معلوماتها الداخلية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة المشكلات المعقدة في مجالات متعددة :

  • التشخيص الطبي : يمكنك الرجوع إلى المثال السابق بخصوص مساعدة الذكاء الاصطناعي في تشخيص الحالة المرضية للطفل المذكورة.
  • التحسين : يمكنه تحسين سلاسل التوريد وطرق النقل وتخصيص الموارد لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف
  • معالجة اللغة الطبيعية  :  من خلال أنظمة المساعدة الافتراضية على الفهم وتقديم ردود  على الاستفسارات المنطقة من خلال التنشيط الصوتي وأنظمة الترجمة وتحليل المشاعر.
  • التصور : يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي إدراك بيئتها من خلال أجهزة الاستشعار المختلفة التي تعمل في مختلف التطبيقات كنظام رؤية الكمبيوتر ونظام التعرف على الكلام من خلال تحويل اللغة المنطوقة إلى نص مكتوب ونظام المراقبة البيئية من خلال تحليل بيانات أجهزة الاستشعار للكشف على التغيرات البيئية مثل جودة الهواء أو النشاط الزلزال.
  • الأتمتة :  تعد سيمة مهمة للذكاء الاصطناعي، حيث يمكنها أداء المهام باقل قدر من التدخل البشري وهذا يؤدي إلى تبسيط العمليات وزيادة الكفاءة .[75]
  • معالجة البيانات : يتميز الذكاء الاصطناعي بقدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات بكفاءة. وهذا أمر ضروري في عالم اليوم المعتمد على البيانات، حيث تعتمد الشركات والمنظمات على البيانات لاتخاذ القرارات واستخلاص الرؤى. و تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات ما يلي:
  • تحليل البيانات الضخمة: تتمتع خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالقدرة على التعامل مع مجموعات كبيرة من البيانات لاستخلاص رؤى قيمة وتحديد الأنماط.
    • التخصيص: يستخدم بيانات العملاء لتقديم توصيات مخصصة في التجارة الإلكترونية وبث المحتوى، والإعلانات.
  • المعالجة المتوازية : يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تنفيذ مهام متعددة في وقت واحد بفضل المعالجة المتوازية. و يتيح ذلك لها التعامل مع الحسابات المعقدة وتحليل البيانات في الوقت الفعلي، مما يساهم في اتخاذ قرارات أسرع وتشمل هده الخاصية:
    • الحوسبة العالية الأداء: يمكن لأجهزة الحاسوب الفائقة المدعومة بالذكاء الاصطناعي محاكاة الظواهر المعقدة، مثل أنماط الطقس، وتفاعلات الأدوية، والتفاعلات النووية.
    • التداول المالي: تفحص خوارزميات الذكاء الاصطناعي بيانات السوق بسرعة وتنفذ التداولات بسرعة، مما يستفيد من تقلبات السوق في غضون لحظات قليلة.
  • التعلم المستمر: تتيح القدرة على التعلم المستمر للذكاء الاصطناعي التكيف مع المعلومات الجديدة والأوضاع المتطورة. وهذا أمر ثمين في التطبيقات التي يتم فيها تحديث المعرفة باستمرار أو تغييرها فب مجالات مختلفة :
    • الأمن السيبراني: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تعلم اكتشاف التهديدات السيبرانية الجديدة وتكييف آليات الدفاع الخاصة بها وفقًا لذلك.
    • المركبات ذاتية القيادة: إن السيارات ذاتية القيادة يمكن تحديث  معرفتها باستمرار حول حالة الطرق وحركة المرور لاتخاذ قرارات القيادة في الوقت الحقيقي.[76]
    • اتخاد القرار المستقل : يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات مستقلة بناءً على البيانات والقواعد المحددة مسبقًا. هذا شائع في التطبيقات مثل المركبات ذاتية القيادة، حيث تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتخاذ قرارات القيادة في الوقت الفعلي بناءً على بيانات المستشعرات وقواعد السلامة. يمتد اتخاذ القرار المستقل أيضًا إلى الروبوتات، حيث يمكن للروبوتات أداء المهام بشكل مستقل
    • التفاعل بين الإنسان والالة : أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر تفاعلية وقادرة على فهم الاستجابات البشرية والتفاعل مع العواطف والنوايا.
      • الواقع الافتراضي (VR): يمكن لبيئات الواقع الافتراضي المدفوعة بالذكاء الاصطناعي الاستجابة لإيماءات المستخدم والأوامر الصوتية والتعبيرات، مما يخلق تجارب غامرة
      • خدمة طالبي الخدمة:  يمكن لبرامج الدردشة والوكلاء الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي تقديم تفاعلات أكثر شبهاً بالتفاعل البشري، مما يحسن من رضا طالبي الخدمة .
    • تطبيقه في  مجالات مختلفة  : اخترق الذكاء الاصطناعي مختلف المجالات، مما أحدث ثورة في العمليات وتحسين تجارب المستخدمين:
      • الرعاية الصحية: يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض من خلال تحليل الصور ويوصي بخطط علاجية مخصصة، ويوفر دعمًا للمرضى على مدار الساعة عبر برامج الدردشة.
      • التمويل يعتبر الذكاء الاصطناعي ضروريًا لاكتشاف الاحتيال، والتداول الخوارزمي ودعم طالبي الخدمة عبر برامج الدردشة، حيث تساعد تحليلات المشاعر في التنبؤ باتجاهات السوق.
      • التصنيع: تعمل الأتمتة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات وتقليل وقت التوقف من خلال الصيانة المستمرة وتحسين إدارة سلسلة التوريد.
      • النقل : تعتمد المركبات ذاتية القيادة على الذكاء الاصطناعي للتنقل، مما يساعد  في التقليل من الازدحام كما تستفيد أنظمة النقل العام من تحسين المسارات….[77]

ثانيا : ما الذي يمكن أن يضيفه الذكاء الاصطناعي للمحاكم

يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيدا للمحاكم بطرق مختلفة، حيث يجعل من عمل المحكمة أكتر عدلا وكفاءة فهو على عكس الموظف البشري لا يتعب، فيما يمكنه أن يساعد في تنظيم المعلومات من خلال التعرف على الأنماط في الوثائق والملفات، وأيضا بإمكانه أن يتعلم كيف يصدر المقررات من خلال الاستفادة من المقررات السابقة للقضاة في نفس الحالات المشابهة والاجتهادات القضائية، وكذلك يمكنه أن يساعد في توجيه القضاة بشكل دقيق في مختلف القضايا.[78] بينما تظل هذه مجرد تكهنات فيما سأحاول الإجابة عن الاشكال المطروح حول إمكانية حلول الذكاء الاصطناعي محل القاضي البشري.

ثالتا: إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي في قطاع العدالة  وما الذي يتطلبه ذلك

كما اشرت سابقا فإن  مسألة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي داخل الإدارة أمر تدعو له الضرورة لكن يبقى السؤال مطروحا حول إمكانية حلوله مكان القاضي البشري ؟

  • توظيف الذكاء الاصطناعي داخل المجال القانوني: الفرص والمخاطر

يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي مواجهة مجموعة من المخاطر المحتملة وذلك أن الذكاء الاصطناعي لكي يعمل يحتاج بداية إلى البيانات الضخمة فإذا كانت الآلة باستطاعتها التعرف على الوجوه بنسبة عالية فإننا نحتاج إلى تزويدها بصور ملايين الأشخاص، وعليه فإن توظيف الذكاء الاصطناعي في مجال القانون بصفة عامة وفي قطاع العدالة بصفة خاصة يتطلب توفير كم هائل من البيانات.

ينبغي أن تكون البيانات والمعلومات التي يتم تزويد أنظمة الذكاء الاصطناعي بها ذات جودة عالية فإذا كانت هذه البيانات التي يتعلم منها الذكاء الاصطناعي غير صحيحة أو منحازة فإن النتائج ستكون غير صحيحة أو منحازة. كما أن هناك صعوبات حول الشفافية والمسؤولية وذلك أن القاضي البشري يمكنه شرح الحل المعتمد فيما قد يكون من الصعب شرح كيف توصل الذكاء الاصطناعي إلى حل معين وهذا يمكن أن يؤثر على الشفافية والثقة في النظام القضائي. [79]  كما يتطلب هذا الاستخدام أيضا وجود مبادئ أخلاقية للاستخدام ووضع نصوص تشريعية منظمة للاستعمال المتزايد لهذه الأنظمة، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي رائدا في هذا المجال لحد الساعة بوضعه نهجا انسانيا للذكاء الاصطناعي يحترم فيه القيم والمبادئ الأوروبية حيث نشر إرشاداته بشأن الاخلاقيات في الذكاء الاصطناعي  في أبريل 2019  فيما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية المنتخبة اورسولا فون دير لاين أن المفوضية ستعمل على تقديم مقترحات تشريعية إضافية بشأن الآثار الإنسانية و الاخلاقية للذكاء الاصطناعي.[80]

وعليه فإنه خلال سنة 2021 اصدرت المفوضية الأوروبية  لائحة مقترحة بهدف تقديم إطار قانوني منظم لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، وقد تم طرح هذا المشروع في نونبر 2023  وهو أول لائحة ملزمة عالميا بشأن الذكاء الاصطناعي [81] والذي تمت المصادقة عليه بشكل رسمي بتاريخ 21 ماي 2024[82]

فيما يلي أهم المبادئ التي دعت اليها المفوضية الأوروبية بشأن أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي:

  • مبدأ احترام حقوق الإنسان
  • مبدأ الجودة والشفافية
  • مبدأ الرقابة البشرية

حيث يتوخى من وراء هذه المبادئ ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي داخل المحاكم بشكل عادل وشفاف يحترم حقوق الإنسان.[83]

كما تقدمت كتلة برلمانية بمجلس المستشارين المغربي بمقترح قانون لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي عبر مذكرة دعت فيها إلى مقترح بهدف التصدي لسلبيات واستعمالات الذكاء الاصطناعي غير المشروعة كما دعت فيها إلى أهمية احداث مؤسسة تعنى بحوكمة الذكاء الاصطناعي ومواكبته، وحذرت  المذكرة من امكانيات استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل سيء .[84]

  • حلول الذكاء الاصطناعي محل القاضي البشري

حلول الذكاء الاصطناعي محل القاضي البشري يكتسي هذا الموضوع أهمية  بالغة نظرا لحساسية الأمر ولأن الحديث عن القاضي يعني الحديث عن المحكمة و العدالة، وكذلك أهمية البعد الإنساني الاخلاقي فالقاضي ليس مجرد أداة أو جهاز يقتصر دوره فقط في فهم النص القانوني وتفسيره من اجل الوصول الى الحلول الممكنة بل يتجاوز الأمر ذلك، فالمحكمة معنية بدعوة الأطراف إلى الصلح أحيانا كما أن للقاضي مجال للاجتهاد و محاولة تحقيق العدل فالمحكمة تراعي ظروف التخفيف وحتى تلك الحالات  المتعلقة بظروف التشديد وهذه أمور يصعب تصور حدوثها عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي على الرغم من كل الجهود المبذولة في تطويره، كما أشرنا سابقا من أجل الوصول الى أنظمة بمقدورها التفاعل مع المشاعر الإنسانية الا أن هذا الأمر يبدو صعب المنال .

 لكن هذه المسألة لا تنفي إمكانية حلول الذكاء الاصطناعي محل القاضي البشري في بعض أنواع القضايا البسيطة والاجراءات الروتينية إلى جانب  كل ما يتعلق بالإدارة، فليست كل العمليات المتعلقة بعمل المؤسسة القضائية عمليات معقدة تتطلب تدخلات بشريا، كما انه من الممكن تصور حلول الذكاء الاصطناعي محل القاضي البشري لكن مع ضرورة اخضاعه لرقابة هذا الأخير، وهو الأمر الذي دعت اليه توصيات المفوضية الأوروبية وقانون الذكاء الاصطناعي المذكور بل وانه بالفعل أصبح هناك قاضي الي او محكمة الانترنت كما اصبح يطلق عليها محل القاضي البشري، فعلى سبيل المثال قد أعلنت الصين سنة 2019 أن ملايين القضايا يتم البث فيها من خلال القضاء الذكي والتي لا تتطلب المثول أمام المحاكم كما تضم هذه الأخيرة قضاة غبر بشرين مصممين بطريقة ثلاثية الأبعاد مدعومين بالذكاء الاصطناعي وتسمح للمشاركين بتسجيل قضاياهم عبر الإنترنت و الفصل فيها وعقد جلسات الاستماع الرقمية، حيث تتعامل هذه النوعية من المحاكم بالصين مع مجموعة متنوعة من القضايا التي تتعلق  بالملكية الفكرية والتجارة الالكترونية وبعض المنازعات الادارية، كما تم تسجيل نسبة قبول فاقت 97% دون تسجيل اي لجوء  إلى الطعن فيها، وتجدر الإشارة إلى أنه تم إصدار العديد من المقررات القضائية في المادة الجنائية من طرف القضاة المدعومين بالذكاء الاصطناعي، كما أن العديد من الدول الاخرى أصبحت تعتمد هذه النوعية من القضاة الافتراضيون بما فيها دولة استونيا المذكورة.[85]

فكما اشرت سابقا أن مسألة حلول القاضي الذكي أو الآلي محل القاضي البشري تتطلب إخضاع هذه الأنظمة إلى الرقابة المستمرة والا يتم تمكينه من جميع انواع القضايا، لأنه على النقيض فكلما كانت بعض القضايا لا تتطلب بالضرورة تدخلات بشريا هناك العديد من الحالات التي لا يمكن تصور التعامل معها بواسطة هذه الأنظمة المطورة، كما تطرح العديد من الاشكالات الأخرى حول مدى تأكد القاضي الذكي من صحة المستندات المقدمة إليه  ؟  

يجب أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في المحاكم بحذر، مع مراعاة المخاطر المحتملة ويجب أن يكون الهدف هو تحسين الكفاءة والدقة في إدارة العدالة مع الحفاظ على حقوق الإنسان والمعايير الأخلاقية، والحذر  من كل المخاطر المحتملة التي تهدد بتجريد العدالة من انسانيتها لأن للعدالة بعد انساني عميق فهي تتعامل مع مصير الشخص وحقوقه، لذا يجب تقنين استخدام كل الوسائل التكنولوجية المتطورة مع المراعاة بأهمية كل ما هو اخلاقي، كما انه من المهم أن يتم تقييم استخدام الذكاء الاصطناعي باستمرار لضمان تحقيق هذه الأهداف.

الفصل الثاني : الوضعية الحالية للتحول الرقمي داخل القضاء الالكتروني والتحديات المطروحة

   حسب التقرير الصادر عن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، لسنة 2023 فإن المغرب لا يتوفر على اي استراتيجية معلنة رسميا بخصوص التحول الرقمي للقضاء الالكتروني، على الرغم أنه يسعى إلى تحويل جميع الخدمات العامة إلى الصيغة الرقمية بحلول سنة 2025 وفقا للمادة 25 من القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط الاجراءات الادارية المؤرخ ب 19 مارس 2020 .

كما انه لا يتوفر على آليات النسيق الرسمي لمشاريع التحول الرقمي للسلطة القضائية والادارة العامة، وأيضا فإن مستوى التشغيل الرقمي للعمليات والاجراءات داخل المحكمة منخفض، حيث لم يتم تشغيل التقديم الالكتروني بالكامل بعد،. ويشير التقرير كذلك إلى إشكالية تعدد نقاط الضعف في النهج الاستراتيجي  للقضاء الالكتروني. فالمغرب يمتلك أعلى نسبة انتشار للأنترنت بأفريقيا ومع ذلك تضل سرعة التنزيل منخفضة. ولا يمكن للقضاة العمل عن بعد عبر الوصول الى إلى نظام إدارة القضايا في المحاكم عن بعد لحدود الساعة .[86]

المبحث الأول: هيكلة المحكمة التجارية وآليات التقاضي الالكتروني

تم إحداث المحاكم التجارية بموجب القانون رقم 53.95 الذي يحدد تنظيمها واختصاصاتها، فيما تخضع إجراءات التقاضي داخل المحكمة لمقتضيات قانون المسطرة المدنية دون اي تأطير لإجراءات التقاضي الإلكتروني على الرغم من وجود مجموعة من الخدمات التي اطلقتها الوزارة المكلفة بالعدل لحدود اللحظة والتي دخلت حيز التنفيذ كإمكانية إحداث الملف القضائي بطريقة الكترونية .

المطلب الأول: الواقع الحالي  للانتقال الرقمي بالمحاكم  وهيكلتها

لحدود اللحظة فإن الواقع الحالي للانتقال الرقمي بالمحكمة المغربية لم يحقق بعد ذلك الوصول الكامل عبر البت في الدعاوى بشكل الكتروني، على الرغم من احداث مجموع من البوابات والخدمات الإلكترونية وإنما يقتصر فقط على بعض الاجراءات.

 الفقرة الاولى  : المستجدات المتعلقة بتحديث العمل الاداري للمحاكم

لقد انخرطت وزارة العدل في استراتيجية التحول الرقمي التي تشتغل عليها الحكومة حاليا جنبا إلى جنب مع باقي القطاعات من أجل تحديث الإدارة وكفاءتها، وعليه فقد أطلقت وزارة العدل لحدود الساعة العديد من الخدمات فيما يلي أبرزها :

  • مركز النداء

تهدف الوزارة المكلفة بالعدل من خلال هذا المركز إلى خلق مجال للتواصل بين الوزارة و المواطن، بهدف تمكينه من الوصول السلس والاستفادة من جميع الخدمات التي تقدمها الوزارة داخل اجال معقولة، فيما ستتوزع هذه الخدمات إلى :

  • تقديم الاستشارة:

تقدم الوزارة من خلال هذه الخاصية كافة المعلومات التي يرغب في معرفتها المرتفق حول كيفية الاستفادة من بعض الخدمات، و كيفية تقديم الطلبات والولوج للحصول على بعض الوثائق، وكل الاجراءات المرتبطة بذلك، مثلا كالوثائق المتعلقة بالسجل العدلي أو السجل التجاري أو سجل الضمانات المنقولة  أو الجنسية  أو طريقة تتبع مال الملف القضائي داخل المحكمة، وعن كيفية أداء الرسوم و سحب الرخص والمخالفات بشكل الكتروني، وكل ما يتعلق بالخدمات الرقمية المتاحة حاليا .

  • تمكين المواطن من كل البيانات المتعلقة بالمهنين القانونية والقضائية

وذلك عبر نشر كافة المعلومات المتعلقة بالمهنين القانونين والقضائيين عبر المنصة الالكترونية المحدثة لذلك كالمحامين والمفوضين القضائيين و المترجمين والخبراء المحلفين وكذلك الموثقين…

  • توعية المواطنين بالحقوق المخولة لهم وكذلك الواجبات

وذلك عبر التوجيه الصحيح للمواطن للاستفادة من كافة حقوقه وتقريبه من الادارة، ويمكن الاستفادة من الخدمات المذكورة عبر الاتصال بالرقم المجاني الذي طرحته الوزارة بهذا الشأن، [87]  حيث يتم تقديم هذه الخدمة باللغة العربية وكذلك الفرنسية و أيضا اللغة الامازيغية والدارجة، وذلك بهدف تبسيط المعلومة وتوضيحها بالنسبة للمواطن. كما أن هذا المركز يستقبل جميع المكالمات الواردة سواء من داخل المغرب أو خارجه، وذلك لتعزيز الشفافية والثقة بين الادارة والمواطن، وتجنب كل أشكال الفساد والرشوة و الابتزاز.

  • المرجع الوطني الالكتروني للمهن القانونية والقضائية

كذلك تعمد الوزارة المكلفة بالعدل من خلال هذه الخاصية تقديم كافة المعلومات المتعلقة بالمهنين القانونين والقضائيين، المحامون، المفوضين القضائيين، الموثقين، و كذلك المترجمين والخبراء المحلفين، لتبسيط التواصل بينهم وبين طالبي الخدمة، من خلال نشر كافة المعلومات المتعلقة بعناوينهم، و ارقامهم وكل وسائل الاتصال الحديثة الأخرى كالبريد الإلكتروني والفاكس …….

تتم هذه العملية من خلال ولوج البوابة الالكترونية للمهن القانونية والقضائية، فعلى سبيل المثال تتطلب عملية البحث عن المفوض القضائي او المحامي الدخول إلى المنصة الرقمية والبحث من خلال الاسم أو المدينة أو الهيئة، أو المحكمة التي يشتغل في دائرة نفوذها، ويتم البحث في هذه القوائم اما حسب الترتيب الابجدي للأسماء أو حسب الاقدمية.[88]

  • خاصية الاداء الالكتروني

في اطار مواصلة تنزيل المخطط الاستراتيجي لوزارة العدل الرامي الى الرفع من القدرات التدبيرية لمكاتب الحسابات و الصندوق و رقمنة تدبير و تطوير وسائل اشتغاله، و بهدف تمكين هذه الوحدة الحيوية من استعمال اليات التدبير الحديث في عمليات تصفية مبالغ الانابات القضائية، وبتنسيق بين الوزارة المكلفة بالعدل و مؤسسة صندوق الايداع و التدبير تم تفعيل خدمة التحويل الالكتروني لمبالغ الانابات القضائية بين المحاكم عبر منصة أحدثت لهذا الغرض، حيث تروم هذه الخدمة الى اضفاء الطابع غير مادي على عمليات تداول الأموال    و التقليص من حجم السيولة الرائجة بصناديق المحكمة، و تجاوز العديد من الاشكالات المرتبطة ببطء تداول عمليات الشيك بين المحاكم، و كذا ظاهرة ضياعها،  و قد تم تنزيل هذه الحدمة بما مجموعه 118 محكمة الى غاية متم شهر مارس من هذه السنة   في افق تعميمها بالمراكز القضائية، على ان يتم تطوير وتجويد هذه الخدمة مستقبلا لتشمل تحويل أموال الودائع المتعلقة بالملفات التنفيذية التي ينوب فيها محامون الى حسابات الودائع و الآداءات .

حيث عملت الوزارة المكلفة بالعدل بالتعاون مع صندوق الايداع و التدبير و مركز النقديات و بشراكة مع باقي البنوك على وضع رهن اشارة المتقاضين و المرتفقين وسائل أداء عصرية الى جانب وسائل الدفع التقليدية عبر طرق الاداء المتعددة القنوات التي تتحها وزارة العدل الموجودة في :

  • موقع محاكم بالبوابة الالكترونية لوزارة العدل
  • بوابة فاتورتي
  • الشبابيك التفاعلية بالابناك و الشبابيك الاتوماتيكية للابناك GAB
  • أجهزة محطات الدفع الالكتروني TPE
  • موقع E-BANKING[89]
  • الوكالات البنكية
  • وكلات خدمات القرب تطبيقات الاداء عبر الهاتف المحمول
  • بوابة محاكم

تتيح هذه البوابة إمكانية متابعة الملفات القضائية عن بعد دون تكلف عناء التنقل الى المحكمة وكافة الاجراءات المرتبطة بالمهن القضائية، حيث تقدم مجموعة من الخدمات الالكترونية فيما يلي أبرزها :

  • منصة تتبع الملفات

تمكن هذه الواجهة من الاطلاع على مال الملفات القضائية المدنية، الادارية، التجارية بما فيها التبليغ والتنفيذ وكذلك الملفات الزجرية، والشكايات، والمحاضر على مستوى المحاكم الابتدائية والاستئنافية، العادية والمتخصصة.

وتتطلب هذه العملية فقط إدخال الرقم الكامل للملف أو المحضر أو الشكاية ليتم تحميل لائحة المحاكم اوتوماتيكيا، وتتضمن هذه المنصة كذلك محاضر الضابطة القضائية، وجدول الجلسات، و محاضر ومخالفات وجنح السير وكذلك ملفات التنفيذ على شركات التأمين.

  • منصة طلب شهادة الجنسية

تمكن هذه المنصة من تقديم طلبات شهادة الجنسية عن طريق الانترنت وذلك فقط من خلال بضع خطوات وأداء الرسوم، كما أنها تسمح بتتبع مآل الطلب.

  • مستخرج السجل العدلي

تسمح هذه الخدمة بطلب السجل العدلي عن طريق الانترنت، وتجدر الإشارة إلى أن السجل العدلي يتألف من سجل عدلي وطني وسجل عدلي محلي. حيث يختص مركز السجل العدلي الوطني بمسك السجل العدلي الخاص بالأشخاص الذين ازدادوا خارج المملكة المغربية دون اعتبار لجنسيتهم، سواء كانوا  مغاربة أو اجانب، وكذا مسك بطائق السجل العدلي للأشخاص الاعتبارية و الشركات. حيث يتواجد هذا المركز بمصلحة السجل العدلي بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل بالرباط.

كما يتواجد مركز السجل العدلي المحلي بالمحاكم الابتدائية ويختص  بمسك السجلات العدلية لجميع الأشخاص مهما كانت جنسيتهم المزدادين  بدائرة نفود تلك المحكمة.

  • مستخرج السجل التجاري

تساعد هذه الخدمة على الحصول على مستخرج السجل التجاري للراغبين فيه أينما وجدو وذلك من خلال الإيداع الالكتروني للطلب دون إلزامية التنقل الى عين المكان.

  • طلبات العفو

تسمح هذه الخاصية بتقديم طلبات العفو والافراج المقيد والامر بالإفراج  لتمكين المعنيين بالأمر وذويهم والجهات المخول لها قانونا ذلك.

وتجدر الإشارة كذلك انه إلى جانب ما سبق ذكره فإن المنصة المذكورة توفر الطلبات المتعلقة بالبيوعات العقارية.[90]

  • منصة المحامي

تهدف هذه المنصة من تمكين المحامين من التواصل المباشر عبر الوسائل الحديثة دون تكلف عناء التواجد الفعلي داخل أسوار المحكمة و دون التقيد بالزمن كذلك، حيث تساعد هذه الخدمة في خلق فضاء افتراضي للمحامي يمكنه التواصل من خلاله مع المحكمة والأداء الكترونيا.[91]

  • البوابة القضائية للملكة المغربية

يكتسي النشر الرقمي للاجتهاد القضائي أهمية بالغة في ضمان الحق في الولوج إلى المعلومة، والإسهام في تحقيق الأمن القضائي وتعزيز ثقة المتقاضين بمرفق العدالة، والارتقاء بجودة الأحكام القضائية الصادرة عن سائر محاكم المملكة المغربية، تكريسا لمبادئ الشفافية والنزاهة والنجاعة القضائية وحسن التواصل مع المرتفقين ومساعدي القضاء وسائر المهتمين بالشأن القضائي. كما ان من شأن  وضع الأحكام والقرارات القضائية رهن إشارة العموم  هو تجسيد  لدولة الحق والقانون الرامية إلى ترسيخ قيم حقوق الإنسان التي كرسها دستور المملكة المغربية. حيث تم إطلاق هذه المنصة بتاريخ 26يناير 2022  .

وقد تم إطلاق اسم ” البوابة القضائية للمملكة المغربية” على هذه المنصة بعد تطويرها وتوفيرها فضاء رقميا خاصا بنشر القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف العادية ومحاكم الاستئناف المتخصصة، وفضاء مماثلا للمحاكم الابتدائية العادية والمتخصصة في طور الإنجاز، من أجل تمكين المعنيين بالأمر من الاطلاع الميسر والمباشر على المسار القضائي للنزاع بجميع مراحله ضمن قاعدة البيانات، وجعله رهن إشارة الممارسين والباحثين والمهنيين، إسهاما من المجلس في التأطير والتكوين والتخليق والنجاعة، وذلك تنفيذا للمخطط الاستراتيجي للمجلس 2021-2026 ولاسيما الإجراءين 93 و94 منه، انسجاما مع توصيات النموذج التنموي الجديد للمملكة.

حيث تتوفر لحدود الساعة على 25008  قرار صادر عن محكمة النقض، و 368  قرار صادر عن محاكم الاستئناف. و 34 حكم صادر عن المحاكم الابتدائية.[92]

  • بوابة محكمة النقض

تتيح هذه المنصة امكانية تتبع مآل الملفات، والاطلاع على جداول الجلسات لجميع الهيئات القضائية. [93]

  • بوابة الخدمات الادارية والقضائية عبر الخط

تندرج بوابة الخدمات الإدارية والقضائية عبر الخط ضمن الدعامات الأساسية التي تعتمدها وزارة العدل من أجل تفعيل استراتيجياتها المتعلقة بتحديث الإدارة القضائية عبر التجسيد اللامادي للمساطر و الإجراءات القضائية.

وتمكن هذه البوابة من القيام بالطلبات عن بعد من أجل الحصول على مجموعة من الوثائق المتعلقة بالدعاوي القضائية والملفات الرائجة لدى جل محاكم المملكة. كما تتوفر على فضاء خاص بالإيداع الالكتروني للقوائم التركيبية.[94]

 الفقرة الثانية: هيكلة المحكمة التجارية

أولا : طبيعة المحكمة التجارية

لقد تم احداث المحاكم التجارية بموجب القانون رقم 53.95 الذي يعتبر الإطار القانوني المنظم لعمل المحاكم التجارية المتخصصة و تتالف هذه المحاكم بدرجتيها من :

  • المحكمة التجارية الابتدائية  :
  • رئيس ونواب للرئيس وقضاة
  • نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب
  • كتابة ضبط  وكتابة للنيابة العامة

يجوز أن تقسم المحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة عليها غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا المعروضة على المحكمة. ويعين رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ.[95]

  • محكمة الاستئناف التجارية  :

تتكون محكمة الاستئناف التجارية من :

  • رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين
  • نيابة عامة تتكون من وكيل عام للملك ونواب له
  • كتابة ضبط وكتابة النيابة العامة

يجوز أن تقسم محكمة الاستئناف التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة عليها، غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في القضايا المعروضة على المحكمة.[96]

وتعقد المحكمة التجارية جلساتها وتصدر أحكامها في جلسة علنية وهي مكونة من ثلاث قضاة من بينهم رئيس و بحضور كتابة الضبط. فيما يعتبر ممثل النيابة العامة في الجلسات اختياريا مالم ينص القانون خلافا على ذلك ويكون حضوره إجباريا متى كانت طرفا أصلية.[97]

ثانيا : الاختصاص النوعي للمحكمة التجارية

تختص المحاكم التجارية بالنظر في :

  • الدعاوي المتعلقة بالعقود التجارية
  • الدعاوي التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية
  • النزاعات الناشئة بين شركاء في شركة تجارية
  • النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية

ونستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير

تنظر كذلك المحكمة التجارية لحدود اللحظة في الحالات التي يتم فيها الاتفاق بين التاجر وغير التاجر على اسناد الاختصاص للمحكمة التجارية فيما قد ينشأ بينهما من نزاع بسبب عمل من أعمال التاجر .

كما تختص المحكمة التجارية بالنظر في الطلبات الأصلية التي تتجاوز قيمتها 20000 درهم

كما تختص بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة مهما كانت قيمتها.

وتجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون المسطرة المدنية سيمنح الإمكانية للمحاكم الابتدائية العادية بالنظر في القضايا التجارية التي لا تتجاوز قيمتها  100000 درهم كما تختص في هذه الحدود في جميع الطلبات المقابلة وطلبات المقاصة.

المطلب الثاني: آليات التقاضي الإلكتروني في المادة التجارية

لقد بات بالإمكان احداث الملف القضائي بشكل الكتروني دون الحاجة الر التواجد الفعلي داخل اسوار المحكمة، مع الحفاض على النمط التقليدي فيما يتعلق بالإجراءات الأخرى بما فيها التبليغ واستدعاء الأطراف ولم تبلغ المحكمة المغربية بعد دلك الوصول الكامل والبت في القضايا المعروضة عن بعد عبر الأنترنت.

 الفقرة الأولى: مسار الدعوى (المحكمة التجارية الابتدائية بالرباط نموذجا)

ترفع الدعوى امام المحكمة التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة  المحامين التابعة لدائرة نفود المحكمة فتسير إجراءات الدعوى من المراحل التالية :

  •  تقييد المقال

 يتم في هذه المرحلة إيداع المقال بصندوق المحكمة مع أداء الرسوم  اما عن طريق التواجد الفعلي داخل أسوار المحكمة و إما عن طريق المنصة الالكترونية،حيث بات من الممكن احداث الملف القضائي بشكل الكتروني  عبر المنصة الالكترونية .

إلا أنه من الملاحظ أن  مستوى الاقبال على هذه الخدمة أو الخاصية منخفضا جدا  لحدود الساعة وذلك راجع لعدم قدرة العديد من المهنين من التكيف السريع مع هذه الخدمة وأيضا ربما أن هناك من لم يتوصل بعد بخبر تفعيل هذه الخاصية.

  • فتح ملف للقضية

 يتم في هذه المرحلة فتح ملف خاص بالمقال الذي تم ايداعه ومنحه رقما تسلسليا واحالته على شعبة اول جلسة. حيث يصل الملف إلى شعبة اول جلسة حاملا رقما ترتيبيا لا غير .

  • تضمين واجهة الملف بالبيانات المطلوبة

يتم في هذه المرحلة استخراج المعلومات المتعلقة بموضوع المقال والبيانات، والمعلومات المتعلقة بأطراف الدعوى ونوابهم و تاريخ التسجيل، وتضمينها على واجهة الملف وإحالته على السيدة (ة)  رئيس (ة) المحكمة من أجل تعيين القاضي المقرر وتاريخ الجلسة. كما تشير إلى ذلك مقتضيات القانون رقم 53.95 المحدث للمحاكم التجارية[98].

  • إحالة الملف على شعبة اول جلسة من طرف كتابة رئيس(ة) المحكمة

 حيث يتم في هذه الحالة إحالة الملف على شعبة اول جلسة من جديد بواسطة عون مكلف بذلك وذلك من أجل تضمين البيانات المذكورة وتحديد نوع القضية، حيث تصنف القضايا التجارية  داخل المحكمة وفق رموز محددة .

 فيما يتم بعد هذه المرحلة استخراج الاستدعاءات وشواهد التسليم من أجل احالتها على قسم التبليغ واحالة الملف على قسم الموضوع الذي يتشكل من جهازين وهما كتاب الجلسة وتقنية الجلسة، لكن قبل ذلك تجدر الإشارة إلى أنه قبل إحالة هذه الاستدعاءات على قسم التبليغ يتم تسجيلها بسجل تم احداثه من طرف الموظفين الذين يشتغلون بهذه الشعبة وذلك لمساعدتهم في تنظيم العملية، واحالة السجل على قسم الموضوع من أجل التوقيع على المعطيات الواردة فيه.

  • تبليغ الاستدعاءات

 يتم تلقي الاستدعاءات من جميع الشعب بما فيها شعبة اول جلسة ( قسم الموضوع _ شعبة صعوبات المقاولة _ شعبة الحجز لدى الغير ….) فيتكلف هذا القسم بتبليغ الاستدعاءات وكذلك الأحكام التي يتلقاها. يتم استلام الاستدعاءات وشواهد التسليم وتوزيعها على المفوضين القضائيين، حيث يتوفرون على رفوف خاصة بهم كل باسمه بعد تسجيلها في سجل محدث و عند كل عملية سحب  يتم التوقيع عليها ويتم تضمين ذلك عبر المنصة الالكترونية .

ويلاحظ من خلال ما سبق أن عملية الرقمنة داخل الاجراءات القضائية لم تعرف بعد ذلك الوصول الكامل حيث تظل الاجهزة المذكورة تتعامل مع المتقاضيين والمهنيين بشكل مباشر عن طريق الدعامات الورقية فيما يتم نقل البيانات المذكورة عبر المنصة الالكترونية لاحقا فقط من أجل أن يطلع عليها الأشخاص المخول لهم ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون الوسائط الالكترونية يحمل معه العديد من التعديلات التي ستهم التحول الرقمي للإجراءات التقاضي داخل المحاكم.

حيث يهتم المشروع بموضوع المحاكمة عن بعد وسد الفراغ القانوني المتعلق بها وذلك عبر استعمال الوسائط الالكترونية في المسطرة المدنية والجنائية بواسطة النظام المعلوماتي المعد لهذه الغاية، ويتعلق بمراحل التقاضي، منها تسجيل الدعوى واحداث الملف القضائي الإلكتروني ، وكذلك التبليغ عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، التي أصبح الحامل الالكتروني احد مرتكزاتها [99]من خلال المراحل التالية :

  • إيداع الدعوى الكترونيا

يوضح التعديل الذي سيهم الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية أنه يتعين تلقائيا بواسطة نظام معلوماتي معد بمجرد إيداع مقال الدعوى بكتابة الضبط أن يسلم الملف داخل أجل اربعه وعشرين ساع، وهو ما يسمح للطرف المدعي باستلام استدعاء الدعوى بشكل فوري.

  • التبليغ الالكتروني

يتضمن المشروع إقرار التبليغ بالوسائل الحديثة الاتصال مع اعتماد الوسائل الحديثة لعمل كتابة الضبط وإمكانية اعتماد السجلات الالكترونية، حيث تتولى منصة الكترونية رسمية تأمين عملية التبادل غير المادي للإجراءات بين المحامين ومحاكم المملكة، وذلك مع ضمان موثوقية المعطيات المضمنة وسلامة الوثائق وأمن وسرية التبادلات الالكترونية. كما يؤكد المشروع على أهمية اعتماد الوسائط الالكترونية  و أعمال تقنيات الاتصال عن بعد و كل التقنيات المستحدثة في تحرير المحاضر القانونية. حيث يهدف هذا المشروع الى إنزال التقاضي الإلكتروني على أرض الواقع وتسهيل ولوج العدالة وتقليل عمر القضية وتعزيز الشفافية  في مختلف مراحل الدعوى.[100]

الفقرة الثانية : دور  كتابة الضبط

يعتبر حضور كتابة الضبط ضمن هيئة الحكم أمرا إلزاميا، حيث رتب المشرع بطلان الحكم متى تخلفت مؤسسة كاتب الضبط في المادة المدنية والجنائية كذلك، [101]كما أوجب توقيعه على نسخة الحكم إلى جانب القاضي. وعليه يمكن الحديث عن دور كتابة الضبط بهذا الخصوص  قبل، واثناء، وبعد الجلسة  داخل المحكمة التجارية .

  • قبل الجلسة :
  • يتمثل دور كتابة الضبط قبل الجلسة فيما يلي :
  • تهيء محضر الجلسة
  • وضع المذكرات الجديدة و شواهد التسليم وتقارير الخبرة بالملف حيث تجدر الإشارة إلى أنه عندما لا تتوفر العناصر الكافية للبت في القضية يمكن الحكم بإجراء من إجراءات التحقيق كالخبرة.
  • عندما يتم الحكم تمهيديا في ملف ما بإجراء الخبرة ، يحيل كاتب الجلسة الملف إلى الموظف المكلف بقسم الخبرة حيث يقوم الموظف بالمهام التالية :
  • إعطاء رقم لملف الخبرة بالتوالي
  • إدخال اسم الخبير المعني
  • إدخال اسم الطرف الذي سيؤدي الخبرة
  • إدخال مبلغ الخبرة حيث تتراوح اجال إيداع صائر الخبرة بين عشرة أيام و 30 يوم كحد أقصى   كما يتراوح أجل إيداع الخبير لتقرير في 30 يوم كحد أقصى من تاريخ توصله بالمهمة.
  • إشعار الطرف الذي سيؤدي صائر الخبرة عبر ايداعه بصندوق المحكمة
  • حيث يقوم الموقف بالصندوق عند إيداع صائر الخبرة بصندوق المحكمة بوضع الخاتم الذي يتضمن تاريخ إيداع الصائر ومبلغ الخبرة ورقم الحساب
  • اشعار الخبير بإنجاز المهمة
  • بعد إنجاز الخبير لمهمته يضع تقريره بكتابة الضبط
  • يقوم الموظف المكلف بإدخال تاريخ وضع التقرير تم يحال على كاتب الجلسة ليضمن بالملف.

فيما يلي بعض أنواع الخبرات :

  • الخبرة التقويمية
  • الخبرة الخطية
  • الخبرة الطبية
  • الخبرة الميكانيكية

بعد اعتماد المقرر أو رئيس الهيئة الخبرة يتم اشعار نواب الأطراف بالتعقيب على الخبرة و الادلاء بمستنتجاتهم بعدها. كما يمكن المقرر أن ارجاع المأمورية للخبير متى كان ينقصها شيء أو الأمر بخبرة ثانية أو خبرة مضادة . ويتم تضمين كل هذه الاجراءات المذكورة عبر المنصة الالكترونية .

  • أثناء الجلسة

يقوم كاتب الجلسة وتقني الجلسة بتضمين ما راج بالجلسة من مرافعات والادلاء  بالمذكرات    أو الوثائق بمحضر الجلسة.

  • بعد الجلسة

يتمثل دور كتابة الضبط بعد  الجلسة فيما يلي :

  • ترتيب الملفات
  • تضمين منطوق الحكم بمحضر الجلسة
  • ترقيم الأحكام
  • الإحالة على الحفظ
  • تضمين ذلك عبر المنصة الالكترونية من طرف تقني الجلسة

وتجدر الإشارة إلى أنه كلما تم ارجاع المحضر يتم تسجيل كل إجراء يتضمنه محضر الجلسة عبر المنصة الالكترونية . فيما لم يتم  بعد تفعيل  بالإمكان تبادل المستندات والوثائق بين المحامي والمحكمة بشكل الكتروني عن بعد لحدود اللحظة.

المبحث الثاني : التحديات المطروحة وسبل مواجهتها

التحول في العدالة الالكترونية (E-JUSTICE) هو جزء لا يتجزأ من الحكومة الالكترونية  الرقمية (E-GOVERNMENT )  ويدف إلى تسهيل الشفافية و الوضوح في العدالة. حيث يتم من خلال هذا التحول استخدام تقنيات المعلومات لتسهيل عمل كل أجهزة المحكمة، ومن المتفق عليه أن هذا التحول الرقمي لقطاع العدالة يعتبر الية حديثة وشكلا جديدا للتقاضي من شأنه تخفيف العبء عن المحاكم والتقليل من عمر القضية وتوفير الجهد والوقت.

الا أنه لحدود الساعة تظل هذه المنظومة تواجه العديد من الاكراهات المرتبطة بمستوى العمل على تفعيلها وتحقيق  ذلك الوصول الكامل ووضع استراتيجية واضحة لتحقيق هذه الأهداف، وكذلك التنسيق بين مختلف القطاعات بما فيها القطاعات الخاصة من أجل اللحق بركب مجموعة من الدول التي تعد رائدة في هذا المجال . فما هي أهم التحديات المطروحة والتي  تواجه عمليات تفعيل المحكمة الالكترونية بالمغرب        و كذلك تلك الاشكالات التي تطرحها هذه العملية من الناحية الاجتماعية  وما هي اهم الآليات التي يمكن من خلالها مواجهة هذه الاكراهات  ؟

 المطلب الأول  : إكراهات تفعيل المحكمة الالكترونية والاشكالات المطروحة

تواجه عملية تفعيل المحكمة الالكترونية بالمغرب عدة إكراهات على المستوى التقني فيما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية وأمن البيانات، وتكامل الأنظمة، وكذلك على المستوى التنظيمي المتعلق بالإجراءات الادارية التنظيمية، وكذلك من الناحية القانونية يطرح التساؤل حول أهمية وضع إطار قانوني موحد ومنظم للانتقال الرقمي بالمنظومة، فيما تثار العديد من الاشكالات بخصوص مدى أهمية تقبل المتقاضين والمستخدمين لهذا التحول،  وكذلك موافقة الأطراف على نقل المحاكمة من شكلها التقليدي الواقعي الى المحاكمة عبر الإنترنت، وكذلك هناك تساؤل حول  قدرة القضاة وكل أجهزة المحاكم على التكييف مع القواعد القائمة مع البيانات الرقمية ؟

الفقرة الاولى  : الاكراهات القانونية والتقنية

لم تحقق بعد الوزارة المكلفة بالعدل ذلك الوصول الكامل للمحكمة الإلكترونية، على الرغم من كل المحاولات والخدمات المتاحة حاليا عبر انشاءها للبوابات القانونية والقضائية، و إنشاء بعض الخدمات القضائية عن بعد والتي سبق أن اشرت إليها، وذلك لان رقمنة الاجراءات القضائية بالمحكمة حاليا يقتصر كما اشرت  فقط على تضمين المنصة الالكترونية بالمعلومات والبيانات التي تتلقاها الاجهزة المعنية على دعامات ورقية فيما لا يزال التواجد الفعلي للمتقاضين أو النواب ضروريا للقيام بالعديد من الاجراءات. كما أن القضاة بدورهم لم يعد بعد بإمكانهم البت و إصدار المقررات القضائية عبر الأنترنت. ولم يضع المغرب لحدود الساعة استراتيجية واضحة للتحول الرقمي داخل منظومة العدالة.

أولا : الاكراهات والصعوبات التقنية

  • الصعوبات المتعلقة بالبنية التحتية وظروف العمل

تواجه محاكم  العديد من المشاكل المرتبطة بالجانب التقني  واللوجستيكي وظروف  العمل، حيت لا تزال المحاكم لا تتوفر على الاجهزة الالكترونية الكافية،  كما انها ماتزال تشتغل بأجهزة الكترونية قديمة و غير متطورة،  و كذا عدم التوفر على خواتم لتخزين وحفظ المعلومات  وبرامج معلوماتية متطورة.

كما يطرح البناء التقليدي للمحاكم عدة اشكالات ولا يستجيب للتحول الرقمي والالكتروني في أداء الخدمات وتبسيطها، حيث سبق أن اشرت إلى ضرورة توفر المحكمة على بنية تحتية تستجيب للتحول الرقمي . كما أن معظم اقسام المحكمة تعرف ضيقا من حيت المساحة وتواجد عدد كبيرا من المكاتب مقارنة بمساحة المكان،  كما تجد بعض المكاتب والرفوف المملوءة عن اخرها بالسجلات والملفات،  حيث يشتكي معظم الموظفين من غياب ظروف ملائمة للعمل.

  •   الاكراهات المتعلقة بالهجمات السيبرانية

يعد الأمن السيبراني في القانون من القضايا الأساسية للجهات الفاعلة في عصر الرقمنة المتزايد سواء كانت شركات محاماة أو إدارات قانونية للشركات وكذلك المؤسسات العامة. فإن حماية البيانات القانونية الحساسة تقع في صلب الاهتمامات في عالم تتطور فيه تهديدات التطور التكنولوجي باستمرار، ويشير الأمن السيبراني القانوني إلى الاستراتيجيات والممارسات والتقنيات الموضوعة بحماية البيانات وأنظمة المعلومات الخاصة بالكيانات القانونية  ضد الهجمات السيبرانية، وهو يشمل أمن الاتصالات الرقمية وحماية ملفات المتقاضين والمرتفقين ويدافع ضد المخاطر المرتبطة بالجرائم الالكترونية .[102]

ان من شأن الهجمات السيبرانية أن تتلف العديد من الملفات والبيانات كما ليس هناك ما يمنع من التعديل عليها ففي الغالب ما تتم هذه الهجمات عبر استغلال إحدى الهفوات أو الأخطاء التي من الممكن أن يرتكبها الشخص بصفة عامة و الموظف خاصة. وعدم التوفر على وسائل تقنية التشفير التي تهدف الى حماية سرية المعلومات والمعطيات عن طريق الرموز بغاية حماية وتأمين خصوصيات المتقاضين.

ويمكن القول بأن عواقب الهجمات السيبرانية كارثة على القطاع القانوني وخاصة منظومة العدالة حيث ستؤدي كل عملية اختراق إلى فقدان الثقة لدى المتقاضين والاضرار بسمعة المؤسسات القضائية.

ثانيا : الاكراهات القانونية

  • هناك غياب رؤية شاملة للتحول الرقمي

ليس هناك أيتأطير عام لما يهم التحول الرقمي بالمملكة المغربية.

  • غياب الإطار القانوني والتنظيمي للمحكمة الإلكترونية

ليست هناك منظومة قانونية تضم جميع المتدخلين في المجال القانوني من محامين وخبراء      ومفوضين قضائيين وغيرهم، بالإضافة إلى غياب نص قانوني يؤطر وينظم التعامل الرقمي بالمحاكم،  أي انه لا يوجد إطار قانوني يلزم الأطراف المتقاضين من اللجوء إلى التقاضي عن بعد، وكذلك إمكانية البت في القضايا عن بعد وإصدار المقررات القضائية . هذا لا يعني ان لا وجود لقوانين في هذا الشأن لكن القوانين الرائجة تتعلق فقط بالجانب الموضوعي  مثل القانون  رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية والقانون المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي رقم 09.08.[103]

وهذا ما نجده كذلك في مشاريع القوانين المطروحة حيث تقتصر فقط على إجراءات التقاضي وطرق التبليغ.

الفقرة الثانية : الاكراهات  المالية والإدارية والبشرية

تثار العديد من الاشكالات كذلك فيما يتعلق بالحاجة إلى الموارد المالية والبشرية الكافية لبلوغ الوصول الكامل للتحول الرقمي بمنظومة العدالة. وكذلك تلك المتعلقة بالأفراد ذوي القدرات الرقمية الضعيفة واللذين يعيشون في ظروف مهمشة. وكذلك تلك المتعلقة بالقدرة على الاستفادة من الفوائد الكاملة للتكنولوجيا في المجال. وأيضا نقص التنسيق بين الجهات المختلفة التي تمتلك خبرة في المجال.

  • على مستوى الموارد البشرية والكفاءات

يعتبر العنصر البشري ركيزة مهمة وأساسية في سبيل إنجاح اي مشروع أو برنامج كيفما كان نوعه، كما يؤدي غيابه حتما الى إلى عدم نجاحه وتحقيق الأهداف المتوخاة من وراءه  وفي هذا الصدد أن أول ما يمكن ملاحظته هو انعدام التأهيل والتخصص في المجال التكنولوجي الرقمي على مستوى محاكم المملكة وذلك بالنظر إلى الحجم الذي يساير وينسجم مع التحول الرقمي للمحاكم، بالنظر إلى التوظيف التقليدي الذي كان يعتمد على الكفاءات القانونية فقط دون توظيف كفاءات أخرى ذات تكوينات متخصصة ونوعية من ذلك المهندسين والتقنيين والمبرمجون. فالتطبيق العملي للرقمنة داخل المحاكم لم يلق الاستحسان نفسه من قبل عدد من القضاة الذين اثاروا مجموعة من المشاكل التي تواجههم والتي تتمحور بالأساس حول عدم العمل على تهييئ الموظفين وكتاب الضبط لهذه التجربة عبر تكوينهم بشكل قبلي ما انعكس على سير العمل، اذ أن الجلسة كانت تنتهي خلال ساعة أو ساعتين اضحت تستغرق ازيد من أربع ساعات، ناهيك عن المشاكل والعراقيل التنظيمية و اللوجستية الاخرى.

وتعترض عملية التحديث اشكالات تتعلق بعمل العنصر البشري في عمله اليومي بالبرامج المعلوماتية حيث يلاحظ أن هناك غياب استراتيجية واضحة في مجال تكوين الموارد البشرية، باعتبار أن العنصر البشري يعد احد الركائز الأساسية في عملية تحديث الادارة القضائية، بالإضافة إلى عدم إلمام جميع الموظفين بكيفية استعمال الاجهزة الالكترونية والتعامل مع البرامج. وهذا ما يستدعي ضرورة التوعية بأهمية التكوين  في مجال تكنولوجيا المعلومات وكذا الحرص على معالجة الملفات القضائية السابقة على النظام المعلوماتي نظرا لعددها الهائل.

من جهة أخرى فان ما يثير الانتباه في تجسيد ضعف تأهيل العنصر البشري هو غياب الإرادة لدى غالبية الموظفين بالمحاكم في الانخراط في اكتساب مهارات ومدارك المعلوميات وتقنيات الحاسوب، بحيث يعتبرون ذلك عبئا جديدا عليهم وهو ما يؤدي إلى خلق نوع من التنافر وعدم الانسجام مع الموظفين الجدد الملتحقين بالمحاكم والحاصلين على تأهيل في المجال، الأمر الذي يساهم في غياب التنسيق فيما بينهم دون اغفال تعدد المتدخلين في عملية التكوين المستمر فيما يتعلق بالمجال المعلوماتي، بالإضافة إلى غياب برنامج تكوين واضح في هذا الإطار وانعدام التكوين المستمر فيما يتعلق بالمجال المعلوماتي.

وتأسيسا على ذلك فإنه ينبغي النهوض بالعصر البشري وتحقيق الفعالية القضائية على مستوى المحكمة الالكترونية والعمل على الرفع من كفاءة ومهارات الموارد البشرية بما يهيئ لها التقبل والتأقلم مع استغلال المعلوميات في تصريف العمل اليومي، ودعم التغيرات الجديدة بما يضمن الحفاظ على مستوى عال من الإنتاجية وتحمل المسؤولية والاستمرار في تحسين الأداء والخدمات المقدمة للمرتفقين.[104]

  • على مستوى الموارد المالية

يواجه هذا التحول كذلك عديدا من الصعوبات والاكراهات المرتبطة بالموارد المالية والتي من بينها انعدام البنية التحتية الرقمية المتعلقة بحفظ المعلومات والأرشيف الالكتروني الذي يتطلب تكلفة باهظة إلى جانب شراء بعض الخوادم والاجهزة وشبكات الربط وإعادة هيكلة المؤسسات القضائية، يجب التوفر على ميزانية ضخمة للتحول الرقمي، فلا تحول رقمي بدون تخصيص ميزانية خاصة لهذه المشاريع، وموازنتها بين الكلفة والمردودية واختيار العروض التي فعلا تستجيب لحاجيات القطاع.

فالقيود المالية والميزانية المتخصصة لدعم استعمال التكنولوجيات الحديثة تشكل عائقا كبيرا أمام النهوض بالمحاكم و أمام تحقيق العدالة بشكل يكفل حقوق المتقاضين من جهة وبشكل اخر يساهم في تحقيق الأمن القانوني والقضائي من جهة أخرى، لذا فإن توفير الموارد المالية  يعتبر احد اهم التحديات التي تواجهها الإدارة القضائية، إذ تعتمد هذه الاخيرة بجميع مكوناتها إلى توفير الميزانيات المطلوبة لتمويل المشاريع التي تساهم في ارساء التحول الرقمي، خاصة على مستوى تحديث البنية التحتية المعلوماتية وتوفير المعدات واللوازم المعلوماتية، وكذلك بالنسبة لإعداد الدراسات لمواكبة التحول الرقمي واقتناء برامج المعلوميات واقتناء نظام تدبير وتحليل قواعد البيانات و المنصات السحابية وتلك المتعلقة بالمشاريع المرتبطة بالأمن المعلوماتي.

بالإضافة إلى أن توفير الموارد المالية من شأنه أن يساهم في تعميم اقتناء تقنية التواصل عبر النظام السمعي البصري للمؤتمرات،  دون اغفال هذه الموارد ستساهم لا محالة في توفير مناصب مالية لتوظيف موارد بشرية متخصصة ومؤهلة لمواكبة التحول الرقمي .[105]

  •  على المستوى الاداري

تعاني المحكمة الالكترونية من عدة صعوبات إدارية تجعلها غير قادرة على لعب الدور المتوكل بها  وتتجلى هذه الصعوبات في الهيكلة الإدارية غير الملائمة مع التحول الرقمي الى جانب مجموعة من الانعكاسات الناتجة عن الثورة الرقمية في جانب المواطن أو المتقاضي بصفة خاصة، وكذا الموظف العمومي حيث أن تعزيز وتدعيم فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية أضحى يتطلب تحقيق التعليم والتدبير مدى الحياة لزيادة الابتكار والإبداع للمجتمع لكي يتمكن من التنافس والتواجد في عالم سريع التحولات، وهذا يعني لزوم اعادة النظر في نظم التعليم والتدبير لمواكبة التحول الجديد بما في ذلك الخطط والبرامج    والاساليب التعليمية والتدريبية على كافة المستويات، والى توعية اجتماعية بالثقافة الرقمية والاستعداد النفسي والسلوكي والفني.

وغني عن البيان أن الإدارة الالكترونية هي إدارة عمومية مسؤولة عن تقديم المعلومات والخدمات الإلكترونية بطريقة رقمية للمواطنين ومؤسسات قادرة على الاتصال الكترونيا،   الشيء الذي ينبغي معه على الحكومات الوطنية الاستفادة من الآليات الالكترونية الحديثة حتى تتفاعل الكترونيا مع مواطنيها خاصة المتقاضين وذلك من خلال استغلال الفرص التي تقدمها التكنولوجيا والاتصال في الرفع من كفاءة الجهاز الاداري للمساهمة في تحويل الانشطة الادارية من الطرق والاساليب التقليدية الى تقديم خدمات الكترونية أكتر دينامية وتفاعلية، والاسترشاد بها من أجل تمكين المواطن بصفة عامة من المهارات الأساسية للتفاعل مع مجتمع المعرفة على الصعيد سواء الوطني أو العالمي والتحلي والسمات الأساسية لقيادة الإدارة الالكترونية

وعلى هذا الأساس يمكن القول ان المغرب بالنظر إلى أنه لا يزال يعاني من ضعف في المجال التعليمي والمشكل المطروح هنا هو أن المواطنين والمواطنات أو المرتفقين أو المتقاضين لا يزالون اغلبهم يعانون من نوع من اكراهات الأمية ، وهل الجميع يحظى بالهاتف والحاسوب ويحسن استعماله؟ فما بالك بالمتقاضي الالكتروني الذي يعد في حد ذاته تحديات صعبا يتطلب تكتيف الجهود من أجل بلوغ هذا الطموح الا وهو بلوغ المحكمة الالكترونية .

المطلب الثاني : الوسائل والاليات الكفيلة بالحد من الاكراهات التي تعترض المحكمة الالكترونية بالمغرب

كما اشرت سابقا فإن التحول الرقمي لمنظومة العدالة يواجه العديد من الاكراهات التي تتطلب اتخاد مجموعة من التدابير والخطوات في مواجهتها سواء من الناحية التقنية واللوجستية وكذلك القانونية، خاصة فيما يتعلق بأمن المعلومة وحماية المعطيات الشخصية ولذلك لابد من الحديث عن الحماية القانونية للمحكمة الإلكترونية سواء فيما يتعلق بالمعطيات ذات الطابع الشخصي، أو الجانب المرتبط بالإدارة الإلكترونية ونظم المعالجة. وكذلك الآليات التي يمكن من خلالها مواجهة الاكراهات المتعلقة بالبنية التحتية للمحكمة الإلكترونية   والموارد المالية والعنصرية البشري .

الفقرة الأول : آليات مواجهة التحديات المتعلقة بالبنية التحتية للمحكمة الإلكترونية والموارد المحدودة

من أجل إنجاح مشروع المحكمة الالكترونية لابد من التوفر على كل الوسائل المتعلقة بما هو تقني ومعلوماتي، وبنية تحتية قوية وآمنة وبرامج معلوماتية وتطبيقية امنة وفعالة، وكذلك التوفر على موارد كافية لمواجهة متطلبات المحكمة الالكترونية  اللوجستية وكذلك التوفر على كوادر بشرية مؤهلة.

وكما سبق أن اشرت فيما يتعلق بمتطلبات المحكمة الالكترونية، فإنه يتعين العمل على توفير كل المعدات والاجهزة والعمل على تحديث هذه الوسائل بما يساعد في بلوغ الأهداف المتوخاة، وكذلك العمل على توفير برامج معلوماتية جد متطورة يمكنها التعامل ومعالجة البيانات ونقلها وتبادلها دون اي ضغوطات أو توقف  واستعمال كل الوسائل المرتبطة بأمن المعلومة من تقنيات التشفير حفاظا على سلامتها، وتأمين خصوصياتها ولما لا العمل والبحث في اعتماد تقنية  المصادقة الثنائية، فعلى سبيل المثال يمكن التأكد والتحقيق من هوية المستخدم عبر هذه الخاصية متى أراد ولوج البوابات والخدمات التي توفرها سواء كان مرتفقا أو متقاضيا أو مهنيا أو خبيرا قانونيا، وكذلك جميع الاجهزة التي تشتغل ضمن مكونات المحكمة.

 كما انه ليس هناك ما يمنع من الانفتاح ومواكبة اخر التطورات التي همت مجال تكنولوجيا المعلومات بما فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي،  و ذلك عبر التعاقد مع شركات رائدة في المجال حيث تعمل بعض الشركات على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني  من أجل الاستفادة من هذه الأنظمة في مراقبة  مدى احترام كل عمليات الولوج الى البوابات والخدمات المذكورة لقواعد المكان والاجهزة عبر تحديد مواقع طالبي الخدمات والاجهزة التي يستعملون في ولوجهم للبوابات . حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي رصد كل العمليات المشبوهة كما انه يمكن أن يعمل على تنبيه الموظف حول مجموعة من الأمور المتعلقة بالبرامج والتطبيقات.

فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورا مهما في اكتشاف التهديدات والحالات الشاذة من خلال التحليل السريع للبيانات، كما يمكنه أن يوفر حماية من الهجمات السيبرانية عبر مختلف تقنيات الأمان التي تعتمد على اسم المستخدم وكلمة السر وبصمات الأصابع والتحقق من خلال الكاميرا أو رقم الهاتف .

وكذلك التعاقد مع شركات  خاصة بصيانة المعدات والاجهزة التقنية للحفاظ على ادائها وحمايتها من الاعطاب، وكذلك العمل على تحديث البرامج والتطبيقات وتطويرها، وهذا ما يستدعي ضرورة التنسيق بين جميع القطاعات، وكذلك تجهيز قاعات المحاكمة عن بعد وتمكين المواطنين الراغبين في مشاهدتها من ذلك عبر إرسال الرابط الالكتروني متى بات ذلك ممكنا

وكذلك ينبغي العمل على تحسين وتحديث هيكلة المحاكم والاهتمام بالجانب الهندسي والتشييد والبناء بشكل يستجيب لهذا التحول، و العمل على توفير مساحات كافية للموظف داخل مختلف اقسام المحكمة وشعبها وذلك لتحسين ظروف عمله، فعلى سبيل المثال من خلال هذه التجربة المتواضعة الميدانية داخل أسوار المحكمة التجارية  لاحظت بأنه يتم اللجوء إلى نقل بعض المكاتب من اقسامها وتحويلها إلى اقسام أخرى وشعب أخرى، بحيث تجد أكتر من شعبة داخل قسم واحد وذلك من أجل توفير مكاتب خاصة بالقضاة الجدد الملتحقين، كما أن المحكمة تعرف نوعا من الفوضى  فعلى سبيل المثال بمجرد صعودك إلى الطابق الثاني ستجد فطريقك آلة للنسخ  مخصص لها حيز مكاني جد ضيق، بحيث ان وقوف أكتر من شخصين في الانتظار سيتسبب في ازدحام بالمكان .

حيث يجد معظم الموظفين أنفسهم مجبرين على العمل في ظروف غير ملائمة داخل مساحات ضيقة، كما أن بعض الشعب والأقسام لا تتجاوز مساحتها 12 مترا. وعليه فإنه يتعين العمل على تشييد بنايات تكون ملائمة ويستجيب لهذه المتطلبات دون أن ننسى الأشخاص في وضعية صعبة و الاهتمام بظروف عمل الموظف لأنه من دون الموظف لن تكون هناك جلسات مهيئة للانعقاد ولن يكون هناك تبليغا ….

والى جانب ما سبق ذكره فإنه يتعين الاهتمام بتحسين الكفاءات وتدريب الموظفين بشكل مستمر وكل الأجهزة المعنية، وذاك حتى يتسنى لهم الانسجام مع التقنيات الحديثة وحسن استعمالها والاستفادة من البرامج والتطبيقات، وهذا أمر لا يقتصر فقط على خضوع هذه الفئة للتدريب والتأهيل بل يتعين العمل مع جميع القطاعات الأخرى بما فيها وزارة التعليم والبحث العلمي من أجل الاهتمام بالتكوين في المجال المعلوماتي جنبا إلى جنب مع الجانب القانوني

فالتحول الرقمي اليوم يحتاج كذلك إلى موارد بشرية مؤهلة تأهيلا شاملا، فمن غير المقبول أن يشتغل في قطاع العدالة أشخاص لم يتلقوا اي تأهيل أو تكوين في المجال القانوني بينما يتم توظيفهم فقط من أجل تجاوز الصعوبات المتعلقة بالجانب التقني، وكذلك عدم قدرة بعض الموظفين من التعامل مع هذه الوسائل الحديثة .

فهذا امر تستدعيه الضرورة ولابد من العمل على بناء كوادر بشرية مؤهلة قانونا ومعلوماتيا

ووضع استراتيجية واضحة من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة من هذا التحول ومواكبة التطورات في المجال لتدارك هذا التأخير. وهذا أمر لا يقتصر على الموظفين فقط وإنما القضاة كذلك من أجل النجاح في مباشرة القضايا بشكل إلكتروني، وادارتها وكذلك انخراط المهن القانونية والقضائية في هذه البرامج.

كما انه لابد من الإشارة إلى أهمية التوعية والتحسيس والاعلان عن هذه الخدمات لدى المواطنين والمرتفقين ومدى أهميتها.

 الفقرة الثانية  : الحماية الجنائية والمؤسساتية للمحكمة الإلكترونية

لقد عرفت المحكمة التقليدية العديد من الجرائم المرتبطة بإدارتها وعملها كسرقة الملفات واختفاءها أو تزوير الوثائق أو خرق السر المهني. وليس هناك ما يمنع من نقل هذه الجرائم إلى عالم المحكمة الالكترونية فلابد من الحديث عن الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالمحكمة الإلكترونية ونظامها المعلوماتي مما يدفعنا نحو التساؤل حول الآليات الحمائية القانونية من الجرائم المستحدثة بفعل تكنولوجيا المعلومات؟

اولا : الحماية الجنائية

نجد أن المشرع قد تناول موضوع الجريمة الالكترونية عبر تجريم مجموعة من الأفعال المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي وكذلك تلك المشار إليها في نصوص خاصة ومنها القانون رقم 09.08 المتعلق بالحماية القانونية للمعطيات ذات الطابع الشخصي وكذلك القانون 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني وأيضا الحماية الجنائية بمقتضى القانون 103.13 الملحق بالقانون الجنائي وكذبك الحماية الجنائية بمقتضى القانون رقم 53.05  المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات .

  • الحماية الجنائية بمقتضى القانون الجنائي

ينص القانون الجنائي على مجموعة من الجرائم ويعاقب عليها بالحبس والغرامة منها  :

  • القانون رقم 03_07 بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات
  • القانون رقم 103.13 الملحق بالقانون الجنائي
  • القانون رقم 07.03 الملحق بالقانون الجنائية في ما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات

 حسب الفصل 3_607 من مجموعة القانون الجنائي فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبالغرامة من 2000 إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال.

كما عاقب المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 3_607  كل شخص بقي في نظام للمعالجة الالية للمعطيات أو في جزء منه كان قد دخله عن طريق الخطأ وهو غير مخول له حق دخوله بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر و غرامة مالية من 2000 إلى 10000 درهما و بإحدى هاتين العقوبتين.

  • جريمة تزوير أو تزييف وثائق المعلوميات أو استعمالها
  • جريمة صنع تجهيزات أو أدوات أو إعداد برامج للمعلوميات أعدت لأجل ارتكاب الجرائم المعلوماتية. [106]
  • o      • الحماية الجنائية بمقتضى القانون 103.13 الملحق بالقانون الجنائي

تناول المشرع المغربي كذلك من خلال هذا القانون تجريم مجموعة من الأفعال :

  • جريمة التقاط أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها الفصل 1|477
  • جريمة بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته الفصل  2|447 .[107]
  • الحماية الجنائية بمقتضى القانون رقم 53.05

لقد جرم المشرع المغربي بموجب هذا القانون أيضا مجموعة من الأفعال:

  • جريمة افشاء المعلومات المعهود بها إلى الشخص المادة 30
  • جريمة الادلاء بتصاريح كاذبة المادة 83
  • جريمة استعمال العناصر الشخصية المتعلقة بالتوقيع الالكتروني لإنشاء التوقيع م 35[108]
  • الحماية الجنائية بمقتضى القانون رقم 08.09

ينص القانون 08.09 على. مجموعة من المخالفات التي تعد جرائما ماسة بالمعطيات ذات الطابع الشخصي سواء تعلق الأمر بمعالجة هذه البيانات أو جمعها أو استعمالها أو التصرف فيها وقد رتب المشرع عن ذلك عقوبات حبسيه و أخرى  مالية وفي بعض الحالات إدارية لكل مخالف لهذا القانون .

ثانيا : الحماية المؤسساتية

  • اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي

 أحدثت هذه اللجنة بموجب القانون 08.09 حيث تتولى هذه اللجنة مهمة التحقيق من أن معالجة المعطيات الشخصية تتم بشكل قانوني في إطار احترام  الخصوصية والحقوق والحريات الأساسية كما تطلع اللجنة بمجموعة واسعة من الصلاحيات والاختصاصات وهو ما يسمح لها بتعزيز حماية اكبر اعتبارا لدورها كسلطة إشراف ومراقبة في مجال المعطيات الشخصية.

ومن اهم الصلاحيات التي تختص بها اللجنة هي تلقي الشكايات وإجراء التحقيقات في شأنها واتخاذ ما يلزم قانونا من أجل الاستجابة إليها واحالتها عند الاقتضاء إلى النيابة العامة من أجل كل متابعة محتملة وكذلك بإجراء خبرة بناء على انتداب من السلطات العامة لاسيما السلطة القضائية في نطاق العناصر الخاضعة لتقريرها وصلاحياتها طبقا للقانون 08.09.[109]

  • اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبرانية

أحدثت بموجب القانون رقم 05.20  المتعلق بالأمن السيبراني حيث يعهد إليها :

  • إعداد التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال الأمن السيبراني والسهر على ضمان صمود نظم معلومات الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية والمتعهدين المشار إليهم في الفرع الثالث من الفصل الثاني من هذا القانون
  • التقييم السنوي لأنشطة السلطة الوطنية
  • تقييم عمل اللجنة الوطنية لإدارة الأزمات والأحداث السيبرانية الجسيمة، المنصوص عليها في المادة 36 بعده
  • حصر نطاق افتحا صات أمن أمن نظم المعلومات التي تنجزها السلطة الوطنية
  • تشجيع البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني
  • تشجيع برامج وأنشطة التحسيس وتعزيز القدرات في مجال الأمن السيبراني لفائدة الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية
  • ابداء الرأي في مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية المتعلقة بمجال الأمن   السيبراني .[110]
  • اللجنة المكلفة بإدارة الأزمات والأحداث السيبرانية الجسيمة

هي لجنة تم احداثها لدى اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني مكلفة بضمان تدخل منسق في مجال الوقاية وتدبير الأزمات على إثر وقوع حوادث أمن سيبراني.[111]

  • السلطة الوطنية للأمن السيبراني

يعهد إليها تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال الأمن السيبراني ولهذا الغرض تتولى السلطة الوطنية، علاوة على المهام الأخرى المسندة إليها بمقتضى هذا القانون القيام بالمهام التالية :

  • تنسيق الأعمال المتعلقة بإعداد وتنفيذ استراتيجية الدولة في مجال الأمن السيبراني
  • تحديد تدابير حماية نظم المعلومة والسهر على ضمان تطبيقها
  • تقديم اقتراحات إلى اللجنة الاستراتيجية للأمن السيبراني بخصوص تدابير التصدي للازمات التي تمس أو تهدد أمن نظم معلومات معلومات الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية
  • تأهيل مقدمي خدمات افتحاص نظم المعلومة الحساسة للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية ومقدمي خدمات الأمن السيبراني
  • وضع تصور للوسائل اللازمة لضمان أمن الاتصالات الالكترونية بين الوزارية وتنسيق تفعيلها
  • القيام بأعمال المراقبة المنصوص عليها في هذا القانون
  • السهر على ضمان إجراء عمليات افتحاص أمن نظم معلومات الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية
  • افتحاص متعهدي خدمات الأمن السيبراني ومقدمي الخدمات الرقمية الذين يقدمون خدمات للبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية المتوفرة على نظم معلومات حساسة
  • تقديم المساعدة والنصائح إلى الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية قصد تعزيز أمن نظم معلوماتها
  • مساعدة ومواكبة الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية لوضع أجهزة لرصد احداث مست أو قد تمس بأمن نظم معلوماتها وكذا تنسيق الاجراءات التصدي لهذه الأحداث
  • القيام، بتعاون مع الهيئات والبنيات التحتية ذات الأهمية الحيوية، بإعداد نظام خارجي لليقظة والرصد والانذار بأحداث مست أو قد تمس بنظم أمن معلوماتها وكذا تنسيق إجراءات التصدي لهذه الأحداث
  • القيام بأنشطة البحث العلمي والتقني في مجال الأمن السيبراني وتشجيعها.[112]

خاتمة

تظل مسألة تفعيل مشروع المحكمة الالكترونية بالمملكة رهين بوضع استراتيجية واضحة المعالم لتسريع عملية التحول الرقمي بالمنظومة وتدارك هذا التأخير طيلة السنوات الماضية، والبحث عن الموارد الكافية لتغطية متطلباتها، وكذلك يتعين العمل على تجويد عمل المؤسسات القضائية من خلال تأهيل وتكوين الكوادر البشرية مع ما يتطلبه الأمر في التعامل مع الوسائل والاجهزة الحديثة وكذلك البرامج والتطبيقات وكيفية تجنب الوقوع في الأخطاء التي من شأنها أن تسمح بتهديد أمن المعطيات… وأيضا العمل على ابرام عقود مع الشركات المتخصصة وذلك للحرص على استمرارية اشتغال هذه الأجهزة والأنظمة والبرامج عبر الصيانة والتحديث المستمر وكذا التنسيق مع جميع الجهات والقطاعات المعنية من أجل تدبير حكيم يساعد في تحقيق الأهداف المرجوة ونجاعة اكبر من هذا الانتقال. وتقريب المواطن من القضاء، والبت في الدعاوي داخل اجال معقولة وتجاوز كل مظاهر الفساد والرشوة.

كما يتعين إحداث أجهزة ولجان منفتحة على مجال التكنولوجيا من أجل البحث في اخر المستجدات ومواكبتها وكذلك من أجل توفير الحماية التقنية اللازمة للبيانات والمعلومات.

وأيضا من أجل اللحاق بركب الدول الرائدة في المجال خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. فمسألة التقاضي الإلكتروني والبت في القضايا المعروضة على المحكمة عن بعد وعبر الأنترنت قد أثبتت فعلا مردوديتها وتأثيرها في تجويد عمل المؤسسات القضائية بمختلف التشريعات ولم تعد الشغل الشاغل للمهتمين والباحثين في المجال، بل أصبحت الاهتمامات والاستثمارات متوجهة نحو مجال الذكاء الاصطناعي وتوظيف هذه الأنظمة وتسخيرها في خدمة مختلف المجالات بما فيها المجال القانوني بصفة عامة وقطاع العدالة بشكل خاص وتجاوز كل الصعوبات والمخالفات المرتبطة بها .

كما يتعين الاهتمام بالبيانات التحتية للمحاكم وتحديث هيكلتها بما يتماشى مع متطلبات المحكمة الالكترونية والاهتمام بظروف عمل كل الأجهزة داخل المحكمة. وتفعيل البت في القضايا المعروضة على المحكمة عن بعد عبر وسائل الاتصال الحديثة والبرامج والتطبيقات خاصة في المادة التجارية التي لا تعرف تعقيدات بخصوص البت في الدعاوي مقارنة بالمادة الجنائية كما يجب العمل والتنسيق مع كل القطاعات المعنية بما فيها وزارة التعليم والبحث العلمي وذلك من أجل التكوين والتأهيل في المجال المعلوماتي سواء فيما يتعلق بأبجديات التعامل مع الاجهزة الذكية وتعلم لغات البرمجة وكذا اكتساب خبرة في مجال الامن السيبراني والعمل على خلق تجانس بين الملتحقين الجدد بمحاكم المملكة و باقي العاملين بها من موظفين وقضاة وذلك من أجل تسريع تفعيل مشروع المحكمة الالكترونية بالمغرب فيصل الرهان الحقيقي أمام بلوغ هذه الأهداف هو وضع استراتيجية فعالة ونهج حكامة جيدة سواء من الناحية القانونية أو التقنية للتعامل مع هذا التطور الرهيب في مجال التكنولوجيا و استغلال ذلك إلى أبعد الحدود الممكنة مع مراعاة حماية الحقوق والمصالح والدفاع عنها وتقريب المواطنين من القضاء وتبسيط الاجراءات و المساطر وتغير وتحين الفكر التقليدي المرتبط بطرق التقاضي القديمة لدى المواطنين .

قائمة المرجع

الكتب

  • أجعون أحمد القانون الرقمي والذكاء الاصطناعي  الجزء الأول، الطبعة الأولى
  • بوطويل سعيد مشروع المحكمة الالكترونية بالمغرب الطبعة الأولى سنة 2021
  • النصيري محمد الادارة الالكترونية الطبعة الأولى سنة 2006
  • دة، لطيفة القاضي_ دة، حليمة المغاري _ د، هشام المراكشي القانون المجتمع و الرقمنة، التأثير والتأثر الطبعة الأولى 2023

الاطروحات و الرسائل

  • خضراوي أسامة المقاولة المحدثة الكترونيا رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون الأعمال كلية العلوم القانونية والإقتصادية و الاجتماعية اكدال جامعة محمد الخامس الرباط سنة 2021
  • مروان علوي حمزة رقمنة الخدمات الادارية القضاء نموذجا رسالة لنيل دبلوم الماستر كلية العلوم القانونية والإقتصادية و الاجتماعية جامعة مولاي اسماعيل مكناس سنة 2022

المقالات

  •  بن سعيد الغانم المحكمة الالكترونية دراسة تأصيلية مقارنة جامعة نايف العربية للعلوم المدنية ط 2017 دار نايف للنشر
  • محمد اللميعي إصلاح العدالة الجنائية عن طريق رقمنه الإجراءات الجنائية مجلة كلية الشريعة بطنطا العدد 36 الجزء الثاني سنة 2021
  • دوري ريلينغ المحاكم والذكاء الاصطناعي المجلة الدولية لإدارة المحاكم المجلد 11 العدد 2 سنة 2020
  • فوزي ابراهيم محمد _ محمد البغدادي أحمد القضاء الرقمي و المحاكم الإفتراضية مجلة بنها للعلوم الإنسانية العدد الأول الجزء الثاني سنة 2022
  • العسري عمر الادارة و الاستثمار و الرقمنة المجلة الدولية المالية العدد العاشر دجنبر 2022

القوانين

  • القانون رقم  88 .17   المتعلق بإحداث المقاولات بشكل الكتروني و مواكبتها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.109  في جمادى الأولى 144O  (9 يناير  2019 ) الجريدة الرسمية عدد 6745 بتاريخ 14 جمادى الأولى 1440 (21 يناير 2019) ص 140.
  • القانون رقم  53.95 يقضي بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم65.97.1 صادر في 4 شوال 1417  | 12 فبراير 1997
  • القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر بتنفيذه  الظهير الشريف رقم 1.22.38 صادر في 30 من ذي القعدة 1443  ( 30 يونيو 2022)
  • القانون رقم 07.03  بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية  الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.197 ( 11 نوفمبر 2003)
  • القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19  الصادر بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 ( 22 فبراير 2018 )
  • القانون رقم 53.05 يتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 107.129 بتاريخ 19 من ذي القعدة  1428 (30 نونبر 2007 )
  • القانون رقم 05.20  المتعلق بالأمن السيبراني الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 69.1.20 بتاريخ 4 ذي الحجة 1441 (25 يوليوز 2020)؛ ص 4160

المراجع الالكترونية

البوابات الالكترونية

  • المرجع الوطني للمهن القانونية والقضائية
https://marjii.justice.gov.ma/
  • بوابة محاكم
https://www.mahakim.ma/#/
  • البوابة القضائية للمملكة المغربية
https://juriscassation.cspj.ma/
  • بوابة محكمة النقض
https://www.greffe.courdecassation.ma/
  • بوابة الخدمات الادارية والقضائية عبر الخط
https://servicesenligne.justice.gov.ma/

التقارير

  • تقرير صادر عن منتضى القضاة و المحامين الافارقة AJJF   تحت عنوان :DIGITAL TRANSFORMATION OF COURT PROCESSE IN SOUTHERN AFRICA

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://africajurists.org/wp-content/uploads/2021/publications/21.06-Digital-Transformation-of-Court-Processes-in-Southern-Africa-AJJF-Final.pdf&ved=2ahUKEwjkjc_sr66GAxXHhP0HHUx2CSMQFnoECCoQAQ&usg=AOvVaw0XjXCdna0jRsZoKcrxbpUT

  • فريديريك واج _ هان ماري موتزفيلت  تقرير صادر عن مجلس  وزراء بلدان الشمال الأوروبي بعنوان التحول الرقمي للمحاكم
https://pub.norden.org/temanord2022-518/#101504
  • تقرير صادر عن البنك الأوروبي حول أداء المحاكم المغربية

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.ebrd.com/sites/Satellite%3Fc%3DContent%26cid%3D1395315683008%26pagename%3DEBRD%252FContent%252FDownloadDocument&ved=2ahUKEwiSlanyntOGAxVIVKQEHcCqBHEQFnoECBcQAQ&usg=AOvVaw3b4w_y5wha_hGdBaoDZMi-

  • تقرير صادر عن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.ebrd.com/sites/Satellite%3Fc%3DContent%26cid%3D1395315683008%26pagename%3DEBRD%252FContent%252FDownloadDocument&ved=2ahUKEwic3rjH6dWGAxXCh_0HHavIDpoQFnoECB4QAQ&usg=AOvVaw3b4w_y5wha_hGdBaoDZMi-


[1]  د  أجعون أحمد  القانون الرقمي والذكاء الاصطناعي الجزء الأول، ط، الأولى، ص 9

[2]  دة: لطيفة القاضي _دة: حليمة المغاري _د: هشام المراكشي القانون المجتمع والرقمنة التأثير والتأثر ط الاولى 2023 ص 455

[3] الفقرة التاسعة من الجزء الأول الأس العامة لإصلاح منظومة العدالة، ميثاق إصلاح منظومة العدالة

[4]  الاستراتيجية الرقمية 2022 _2025 تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: https://www.undp.org/rolhr/justice/digitalization-and-e-justice

[5]        بواسطة فريق  LEGALPROD    مقال منشور بالموقع الرسمي لشركة الاستشارات الهندية في مجال التكنولوجيا والتصنيع والتوريد الصناعي https://www.legalprod.com/en/legal-digitization/

تحت عنوان Digital court بتاريخ 12 مارس 2024   تاريخ الاطلاع   19 ماي 2024   التوقيت: الساعة العاشرة صباحا

[6]  ياسر محمد اللميعي إصلاح العدالة الجنائية عن طريق رقمنه الإجراءات الجنائية مجلة كلية الشريعة بطنطا. العدد السادس والثلاثون لسنة 2021 الجزء الثانيص. 1376

[7]  محمد الصيرفي الإدارة الالكترونية الطبعة الأولى سنة 2006   ص، 19

[8]  عبد العزيز بن سعد الغانم المحكمة الالكترونية، دراسة تأصيلية مقارنة جامعة نايف العربية للعلوم المنية طبعة 2017   دار نايف للنشر السعودية ص، 15

[9]   LEGALPROD مرجع سابق،   تاريخ الاطلاع 19 ماي 2024   التوقيت : العاشرة صباحا

[10]    بوطويل سعيد، مشروع المحكمة الالكترونية بالمغرب، الطبعة الأولى سنة 2021 _ ص 21

[11]  Meirong Guo   s  challengs and future in china internet court  مجلة science direct  المجلد 40

2021

https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0267364920301278

[12]  [12]   LEGALPROD م، س   تاريخ الاطلاع 19 ماي 4024   التوقيت : العشرة صباحا

[13] محمد النصيري مرجع سابق ص 20

[14] محمد النصيري، مرجع سابق ص 67

[15]  نفس المرجع ص 9

[16] نفس المرجع ص 119

[17] بوطويل سعيد  م س ص 6

[18] محمد فوزي ابراهيم محمد _ أحمد محمد البغدادي القضاء الرقمي والمحاكم الافتراضية مجلة بنها للعلوم الإنسانية العدد 1 الجزء الثاني السنة 2022 ص 146

[19] محمد النصيري مرجع سابق ص 37

[20]  محمد فوزي ابراهيم _ أحمد محمد البغدادي م س ص 146

[21]  تقرير صادر عن منتضى القضاة و المحامين الافارقة AJJF   تحت عنوان :DIGITAL TRANSFORMATION OF COURT PROCESSE IN SOUTHERN AFRICA   https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://africajurists.org/wp-content/uploads/2021/publications/21.06-Digital-Transformation-of-Court-Processes-in-Southern-Africa-AJJF-Final.pdf&ved=2ahUKEwjkjc_sr66GAxXHhP0HHUx2CSMQFnoECCoQAQ&usg=AOvVaw0XjXCdna0jRsZoKcrxbpUT

[22]  سعيد بوطويل م س ص 24

[23]  دة: لطيفة القاضي _دة: حليمة المغاري _د: هشام المراكشي، م س ص 471

[24] نفس المرجع ص 473

[25]  نفس المرجع، ص 474

[26] نفس المرجع ص 476

[27] نفس المرجع ص 477

[28] المادة الأولى من القانون رقم  88 .17   المتعلق بإحداث المقاولات بشكل الكتروني و مواكبتها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.109  في جمادى الأولى 144O  (9 يناير  2019 ) الجريدة الرسمية عدد 6745 بتاريخ 14 جمادى الأولى 1440 (21 يناير 2019) ص 140.

[29]  وذلك وفقا للمادة الثانية من قانون احداث المقولات بشكل الكتروني ومواكبتها

[30]  أسامة خضراوي المقاولات المحدثة الكترونيا رسالة لنيل دبلوم الماستر ماستر العلوم القانونية تخصص قانون الأعمال كلية العهلوم القانونية والاقتصادية أكدال جامعة محمد الخامس ص 32

[31]  محمد النصيري م س ص 163

[32]    LEGALPROD مرجع سابق   تاريخ الاطلاع 19 ماي 4024   التوقيت : العشرة صباحا

[33]  ليلى توهامي Les  Avancées de la justice numérique au Maroc  مقال منشور بالموقع الرسمي www.cabinetavocat.ma    بتاريخ  16 فبراير 2014  تاريخ الاطلاع   19   ماي 2024

[34]  Noemie le bourad   مقال منشور بالموقع الرسمي village justice تحت عنوان

L’AVENIR DES TRIBUNAUX : VERS UNE JUSTICE HYBRIDE ET NUMÉRISÉE.  

بتاريخ 7 شتنبر 2023 تاريخ الاطلاع 14|06|2024  على الساعة العاشرة صباحا

https://www.village-justice.com/articles/avenir-des-tribunaux-vers-une-justice-hybride-numerisee,47159.html

[35]  دة : لطيفة القاضي _دة : حليمة المغاري _د : هشام المراكشي م س ص

[36]  محمد النصيري م س ص 189

[37] سعيد بوطويل م س ص 29

[38]   محمد النصيري م س ص  192

[39]  سعيد بوطويل م س ص 31

[40]  نفس المرجع ص 33

[41]  محمد النصيري م س  ص 192

[42]  سعيد بوطويل م س ص 35

[43]   Sajitih karikandathil   مقال منشور بالموقع الرسمي لمركز أخبار الشرق الأوسط و أفريقيا مايكروسوفت https://news.microsoft.com/en-xm/2016/10/30/how-digital-justice-is-transforming-the-justice-system/

   تحت عنوان     How digital justice is  transforming the justice system   بتاريخ 30  أكتوبر 2016  تاريخ الاطلاع 18  ماي 2014  توقيت الاطلاع : الثامنة مساء

[44]  حمزة مروان علوي  رقمنة الخدمات الادارية القضاء نموذجا  رسالة لنيل شهادة الماستر  في القانون العام لسنة 2022_2021

[45] دة : لطيفة القاضي _دة : حليمة المغاري _د : هشام المراكشي م س ص 464

[46]   محمد النصيري م س ص 69

[47]   فريديريك واج _ هان ماري موتزفيلت  تقرير صادر عن مجلس  وزراء بلدان الشمال الأوروبي بعنوان التحول الرقمي للمحاكم

https://pub.norden.org/temanord2022-518/#101504

[48]     نفس المرجع

[49] محمد فوزي ابراهيم _أحمد محمد البغدادي القضاء الرقمي للمحاكم الافتراضية مجلة بنها للعلوم الإنسانية العدد الأول الجزء الثاني السنة 2022.

[50] مقال منشور على الموقع الرسمي THE LAWYER PORTAL  تحت عنوان

HOW COURT SYSTEM DIGITALIZATION IS UNDERMINING ACCESS TO JUSTICE

[51]  مقال منشور بالموقع الرسمي techuk بتاريخ 19 ماي 2021  تحت عنوان

THE DIGITAL TRANSFORMATION SWEEPING THE UK COURTS SYSTEM    

https://www.techuk.org/resource/the-digital-transformation-sweeping-the-uk-courts-system.html

[52]  محمد فوزي ابراهيم _ احمد محمد البغدادي م س ص 24

[53]  سعيد بوطويل م س ص 50

[54]  نفس المرجع ص 51

[55] عمر العسري  الادارة و الاستثمار و الرقمنة المجلة الدولية المالية العدد العاشر دجنبر 2022  ص 33

[56] البوابة الالكترونية المذكورة   WWW.MARJII.JUSTICE.GOVE.MA  

[57]  عمر العسري  م س ص 34

[58] نفس المرجع ص 35

[59] نفس المرجع   ص    36

[60]  نفس المرجع ص  37  

[61]  نفس المرجع ص 38

[62] موشيغ هاكو  بجانيان  the impact of technology  on  modern _Day legal  practice    مقال منشور بالموقع الرسمي

https://em360tech.com/tech-article/impact-technology-modern-day-legal#:~:text=Technology%20and%20Legal%20Research&text=This%20has%20not%20only%20made,to%20a%20whole%20new%20level.

[63]     Thomas R. Moore  المحامي المتطور، التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها على مهنة القانون

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://digitalcommons.law.udc.edu/cgi/viewcontent.cgi%3Farticle%3D1010%26context%3Dudclr&ved=2ahUKEwij4_u6gbqGAxVd-gIHHZ7nDmsQFnoECCMQAQ&usg=AOvVaw0ejxYhXOcEr7oTk3cemKk8

[64]  Laura MINA-RAIU and Mihaela MELENCIUC مقال تحت عنوان

 THE ROLE OF DIGITALISATION IN THE PROCESS OF IMPROVING THE QUALITY OF URBAN PUBLIC SERVICES

المنشور بواسطة مركز البحوث في الإدارة العامة والخدمات العامة المجلد 17 عدد  4 نوفمبر 2022  ص 22_35

https://www.jstor.org/stable/27181033?seq=2

[65]  مقال منشور بالموقع الرسمي pubMed central   Pmc  بتاريخ  دجنبر 2020

https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC7280123/#:~:text=Internet%20services%20have%20seen%20rises,usage%20(Branscombe%2C%202020).

[66]  تقرير صادر عن البنك الأوروبي حول أداء المحاكم المغربية

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.ebrd.com/sites/Satellite%3Fc%3DContent%26cid%3D1395315683008%26pagename%3DEBRD%252FContent%252FDownloadDocument&ved=2ahUKEwiSlanyntOGAxVIVKQEHcCqBHEQFnoECBcQAQ&usg=AOvVaw3b4w_y5wha_hGdBaoDZMi-

[67]  عبد الحكيم الحكماوي  مفهوم الذكاء الاصطناعي و إشكالية التعريف بين التقني والتشريعي مقال منشور بالموقع الرسمي aljami3a.com   بتاريخ 29 نونبر 2023 تاريخ الاطلاع  : 08\06\2024 على الساعة الثامنة مساء

https://www.aljami3a.com/1439/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D8%A5%D8%B4%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9/?fbclid=IwZXh0bgNhZW0CMTEAAR18j211_MPGYc0eKtIrJgia6nMBCBAgbXvGgi2ZgKfUm9q4SgiSU6-AUPE_aem_AU3TFWwvLoqP6Oy_R5mmgQG0S0nP567yR4kuRKsIy7VkIrMBSPerMRGupuxOZZkhcwf1MkZLJqrSO5mjABgYDbJK

[68] مقال منشور بالموقع الرسمي للبرلمان الأوروبي بتاريخ 02\09\2024

https://www.europarl.europa.eu/topics/en/article/20200827STO85804/what-is-artificial-intelligence-and-how-is-it-used

تاريخ الاطلاع : 01/06\2024 على الساعة الثانية زوالا

[69]

«  Allowing a machine to behave in such a way that it would Be called intelligent if a human being behaved in such a way »

[70] دوري ريلينغ المحاكم والذكاء الاصطناعي  المجلة الدولية لإدارة المحاكم المجلد 11 العدد 2 _2020

https://iacajournal.org/articles/10.36745/ijca.343

[71]  صابرينا أورتيز مقال تحت عنوان What is Chat GPT and why does it matter   بتاريخ 27 ماي 2024

https://www.zdnet.com/article/what-is-chatgpt-and-why-does-it-matter-heres-everything-you-need-to-know/#google_vignette

تاريخ الاطلاع  : 01\06\2024  على الساعة الثالثة زوالا

[72]  Meghan holohan  مقال تحت عنوان

A boy saw 17 doctors over 3 years for chronic pain Chat GPT  found the diagnosis

بتاريخ 11\09\2024

https://www.today.com/health/mom-chatgpt-diagnosis-pain-rcna101843

تاريخ الاطلاع  01\06\2024 على الساعة الرابعة زولا

[73]   مقال منشور بواسطة   big brain toda    على الموقع الالكتروني الرسمي  www.bigbraintoday.com

بتاريخ 11 فبراير 2024

https://drive.google.com/file/d/1U_bjsUxHvoKs8RcLx8c8s40t_J6lav_b/view

تاريخ الاطلاع 05_06_2024 على الساعة العاشرة ليلا

[74]  نفس المرجع

[75]  Sienna Roberts  Characteristics of Artificial Intelligence: Explained in Detail   مقال منشور بالموقع الرسمي  the knowledgeacademy    بتاريخ 6 أكتوبر 2023 تاريخ الاطلاع 4\6\2024 على الساعة الرابعة زوالا

https://www.theknowledgeacademy.com/blog/characteristics-of-artificial-intelligence/

[76] نفس المرجع

[77] نفس المرجع

[78]  دوري ريلينغ مرجع سابق

[79]  نفس المرجع

[80]  تقرير صادر عن المفوضية الأوربية  حول المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي بشأن الاخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2019/640163/EPRS_BRI(2019)640163_EN.pdf&ved=2ahUKEwiZkPr_wM6GAxWYTKQEHfDNDicQFnoECA8QBg&usg=AOvVaw0_WrEm8n2ssxMYjccPhjHJ

[81]  مقال منشور بالموقع الرسمي للبرلمان الأوروبي بتاريخ 08|06|2023

https://www.europarl.europa.eu/topics/en/article/20230601STO93804/eu-ai-act-first-regulation-on-artificial-intelligence

[82]  مقال منشور بالموقع الرسمي  manara.ma بتاريخ  21 ماي 2024

https://www.menara.ma/article/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%85%D8%AF-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A7-%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%AF%D8%A7-%D9%84

[83] دوري ريلينغ مرجع سابق

[84]    أحمد بنطاهر المغرب مقترح قانون لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي  مقال منشور بالموقع الرسمي Anadolu ajansi      بتاريخ  24|04|2024  تاريخ الاطلاع  09\06\2024 على الساعة العاشرة صباحا

https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B5%D8%B7%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A/3201070

[85]  Tara vasdani   مقال تحت عنوان Robot’s justice china use of internet courts 

تاريخ الاطلاع 09\06\2024  على الساعة الرابعة زولا

https://www.lexisnexis.ca/en-ca/ihc/2020-02/robot-justice-chinas-use-of-internet-courts.page

[86]  تقرير صادر عن البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.ebrd.com/sites/Satellite%3Fc%3DContent%26cid%3D1395315683008%26pagename%3DEBRD%252FContent%252FDownloadDocument&ved=2ahUKEwic3rjH6dWGAxXCh_0HHavIDpoQFnoECB4QAQ&usg=AOvVaw3b4w_y5wha_hGdBaoDZMi-

[87]  الرقم المجاني للاستفادة من خدمات مركز النداء 0537266600

[88]  المرجع الوطني للمهن القانونية والقضائية

https://marjii.justice.gov.ma/

[89]  بلاغ صادر عن الوزارة المكلفة بالعدل

[90]  بوابة محاكم

https://www.mahakim.ma/#/

[91]  

https://portailavocat.justice.gov.ma/Account/Login?returnUrl=%2F

[92]  البوابة القضائية للمملكة المغربية تاريخ الاطلاع 14|06|2024 على الساعة الثالثة زوالا

https://juriscassation.cspj.ma/

[93] بوابة محكمة النقض

http://www.greffe.courdecassation.ma/

[94]   الخدمات الادارية والقضائية عبر الخط

https://servicesenligne.justice.gov.ma/

[95]  المادة  2 من القانون رقم  53.95 يقضي بإحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم65.97.1 صادر في 4 شوال 1417  | 12 فبراير 1997

[96]  المادة 3 من نفس القانون

[97]  المادة 60 من القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الصادر بتنفيذه  الظهير الشريف رقم 1.22.38 صادر في 30 من ذي القعدة 1443  ( 30 يونيو 2022)

[98]  المادة 14 من القانون 53.95

[99]  مصطفى علاوي الصيغة التشريعية لمشروع قانون الوسائط الالكترونية في الاجراءات القضائية

https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.noor-book.com/%25D9%2583%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25A8-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B5%25D9%258A%25D8%25BA%25D9%2587-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25B4%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25B9%25D9%258A%25D9%2587-%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25B4%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25B9-%25D9%2582%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%2588%25D9%2586-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2588%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25A6%25D8%25B7-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2583%25D8%25AA%25D8%25B1%25D9%2588%25D9%2586%25D9%258A%25D9%2587-%25D9%2581%25D9%258A-%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25AC%25D8%25B1%25D8%25A7%25D8%25A1%25D8%25A7%25D8%25AA-%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2582%25D8%25B6%25D8%25A7%25D8%25A6%25D9%258A%25D9%2587-pdf&ved=2ahUKEwjOl7XKp9iGAxW4VaQEHaxLBkgQFnoECBEQAQ&usg=AOvVaw1F9mbEx7NcQImCw5W8C_T3

[100]  نفس المرجع

[101]  انظر المواد 442 و ما يليها من قانون المسطرة الجنائية

[102]  Legalprod.    مرجع سابق

[103]  د. لطيفة القاضي /د. حليمة المغاري/د هشام المراكشي م س ص 466

[104]  نفس المرجع ص467

[105]  نفس المرجع ص 468

[106]    القانون رقم 07.03  بتتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية  الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.197 ( 11 نوفمبر 2003)

[107]  القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19  الصادر بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 ( 22 فبراير 2018 )

[108]   القانون رقم 53.05 يتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 107.129 بتاريخ 19 من ذي القعدة  1428 (30 نونبر 2007 )

[109] دة. لطيفة القاضي/ دة حليمة المغاري/ د هشام المراكشي م س     365

[110]  المادة 35 من القانون رقم 05.20  المتعلق بالأمن السيبراني الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 69.1.20 بتاريخ 4 ذي الحجة 1441 (25 يوليوز 2020)؛ ص 4160

[111]  المادة 36 من القانون رقم 05.20

[112]  المادة 38  من نفس القانون

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك