إعداد : محمد أوصالح
مقدمة
يمكن تعريف عقد الشغل بأنه ذلك العقد الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين -وهو الأجير- بأن يشتغل في خدمة المتعاقد الآخر، تحت إدارته وإشرافه ومراقبته، نظير أجر يتعهد به المتعاقد الآخر أيا كانت صورته وطريقة أدائه.
إذ أنه لكي نكون إزاء عقد شغل لابد من توافر عناصر ثلاثة هي ، العمل، وهو محل إلتزام الأجير، والأجر وهو محل إلتزام المشغل، والتبعية، وتتمثل في خضوع الأجير لرقابة وإشراف المشغل، بحيث لتكييف العلاقة القانونية بأنها عقد شغل يجب توافر هذه العناصر جميعها، فإذا أدى الأجير عملا دون أن يتقاضى أجرا أو إذا أخذ مبلغا ولو سمي أجرا دون أن يؤدي أي عمل، لا نكون إزاء عقد شغل وكذلك الشأن إذا أدى الأجير عمله ولكن بكيفية مستقلة عن المشغل.
فإذا توافرت كل العناصر السابقة كيفت العلاقة على أساس أنها عقد شغل، دونما نظر لما إذا كان الأجير يشتغل لحساب مشغل واحد أو مجموعة من المشغلين، ودونما نظر كذلك لما إذا كان هذا المشغل يخصص للعمل كل وقته أو جزء منه فقط.
غير أنه أحيانا قد يتعرض عقد الشغل اثناء سريانه ولأسباب مختلفة للتوقف ثم يعود بعده للسريان من جديد، وقد تطرأ أسباب لا تؤدي فقط إلى توقفه بل إلى إنهائه، إلا أننا سنعمل على بيان توقف عقد الشغل وآثاره دون ذكر إنهائه.
توقف عقد الشغل
يعتبر عقد الشغل من قبيل العقود الملزمة للجانبين، ومقتضى هذا أن عدم تنفيذ أحد المتعاقدين للالتزامات المتولدة عنه، يؤدي إلى فسخه، متى طلب ذو مصلحة ذلك، إلا أنه، وبالنظر إلى الطبيعة الخاصة للعلاقة التي ينظمها عقد الشغل، فإننا قد نكون إزاء العديد من الحالات التي لا يقوم فيها أحد الطرفين بتنفيذ إلتزاماته، ومع ذلك يبقى العقد قائما، أي انه في مثل هذه الحالات يكون موقوفا، وبزوالها يعود إلى السريان من جديد، وذلك على خلاف القواعد العامة في القانون المدني، التي تقضي كما قلنا بإمكانية طلب فسخ العقد، لذلك سنتطرق لأسباب توقف عقد الشغل، ثم لآثاره.
أولا: أسباب توقف عقد الشغل
تتعدد أسباب توقف عقد الشغل، منها ما يعود إلى الأجير نفسه، ومنها ما يرجع إلى المشغل، ومنها ما يعود الى أسباب تتعلق بممارسة النشاط المهني في حد ذاته، غير أننا سنكتفي بالحديث عن الأسباب التي تعود إلى الأجير، دون التطرق الى الأسباب الأخرى.
- توقف عقد الشغل لسبب يعود للأجير
تختلف أسباب توقف عقد الشغل التي تعود إلى الأجير، حسب الحالات، إما لتغيبه عن العمل نتيجة مرض أو لإصابة غير مهنية، أو لفترة العجز المؤقت الناتج عن حادث شغل أو مرض مهني، أو لأسباب عائلية أو شخصية، أو لفترة ما قبل وضع الأجيرة الحامل حملها، وما بعده، أو خلال مدة الإضراب، وسنكتفي بالحديث عن توقف عقد الشغل بسبب الأمومة.
الأمـــومة
- مفهوم الأمومة:
يقصد بالأمومة في اللغةً صفة الأم أو حالتها، فيُقال: عرَفت معنى الأمومة الحقّة بعد أن صارت أمًّا، وتُعبِّر الأمومة أيضًا لغةً عن رابطة تصل الأم بأبنائها، فيُقال بأنّ رابطة الأمومة هي أقوى الروابط الإنسانية.
أما في الاصطلاح فالأمومة هي العلاقة البيولوجية والنفسية التي تجمع بين المرأة وأطفالها أو أبناؤها الذين تُنجبهم وترعاهم، أي أنّ الأمومة هي المعنى الشامل للعلاقة البيولوجية والنفسية معًا وليس واحدة دون الأخرى، أي أنها تُنجب وتربي وتتعلق بأبنائها.
ويعتبر علم سيكولوجية الأمومة من أهم العلوم التي تهتم بهذا الموضوع، إذ أن علم سيكولوجية الأمومة هو علم نفس الأم؛ وهو الذي يهتم بمرحلة انتقال المرأة من مرحلة الأنوثة إلى مرحلة الأمومة أو النضج باعتبارها مرحلة نمو فريدة من نوعها تمرّ بها الأنثى، يبحث علم سيكولوجية الأمومة جوانب تكيّف الأم مع الحمل والأمومة، كما يدرس الفروق الفردية الخاصة بكل أم، والتي تشمل نقاط القوة النفسية التي تمنح الأم مزيدًا من المرونة في التعامل مع أمومتها وحياتها الجديدة، ونقاط الضعف المتمثلة في الضيق أو الاكتئاب الذي قد يستمر إلى ما بعد الولادة، ويدرس هذا العلم مدى تكرار هذه الأعراض وتفاقمها.
- الأمومة في التشريع المغربي:
تنص مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 32 من مدونة الشغل صراحة على توقف عقد الشغل في فترة ما قبل وضع الحامل حملها، وما بعده، وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 154 و 156 من نفس المدونة. وبالتالي منح المشرع المغربي المرأة الأجيرة الحق في أن توقف سريان عقد شغلها، فترة تبتدئ قبل تاريخ توقع الوضع بسبعة أسابيع، وتنتهي بعد تاريخ الوضع بسبعة أسابيع.
مع إمكانية تمديد فترة الأربعة عشر أسبوعا، إذا تبث بشهادة طبية نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس تجعل من الضروري إطالة فترة توقف العقد، على ألا تتعدى فترة التوقف ثمانية أسابيع قبل تاريخ توقع الوضع، وأربعة عشر أسبوعا بعد تاريخ الوضع.
كما يمكن للمرأة الأجيرة، باتفاق مع المشغل الإستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية مولودها، حيث يكون عقد شغلها موقوفا أيضا في هذه الحالة. وعليه، فخلال المدة التي تسبق الوضع وكذلك بعدها، يكون عقد الشغل موقوفا، ولا يكون من حق المشغل أن ينهيه، بل يكون باطلا بقوة القانون كل إتفاق بين الأجيرة ومشغلها ينافي المقتضيات أعلاه، فعلا عن تعويض المشغل المخالف لها للعقوبات الزجرية المنصوص عليها قانونيا.
ثانيا: أثر توقف عقد الشغل على استقالة الأجير
يتمتع الأجير في عقد الشغل غير محدد المدة بكامل الحرية في تقديم الإستقالة متى أراد، دون أن يقترن ذلك بالتعسف في إستعمال حق الإستقالة، شريطة إحترام أجل الإخطار، وأحيانا قد يدفع الأجير بتقديم إستقالته خلال فترة توقف عقد الشغل، والملاحظ أن المشرع المغربي لم يضع كل الحلول لحالات الإستقالة أثناء توقف عقد الشغل، واقتصر فقط على حالتين اثنتين:
- 1-حالة الأم الأجيرة التي توجد في إجازة ولادة بعد الوضع:
حيث يمكن لها العدول عن استئناف العمل، شريطة أن توجه إلى مشغلها قبل انتهاء فترة توقف عقدها بخمسة عشر يوما على الأقل رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل، تشعره فيها أنها لن تستأنف العمل بعد انتهاء مدة التوقف، ولا يلزمها في ذلك مراعاة اجل الاخطار،ولا تعويض عن إنهاء عقد الشغل
- 2 -حالة الأجيرة الحامل:
يمكنها كذلك إذا أثبتت حملها بشهادة طبية، ترك شغلها دون إخطار، ولا يلزمها تأدية تعويض عن عدم الإخطار، ولا عن إنهاء العقد.
تعليقات فيسبوك