إعداد : محمد الحلوي طالب باحث بسلك الماستر ؛ ماستر إدارة الشؤون القانونية للمقاولة بجامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية بسلا
مقدمة
لا يجادل اثنان في أن الوظيفة الأولى للقانون في المجتمع هي المحافظة على الحياة الاجتماعية ، وتنظيم الحقوق والمراكز القانونية وبما أن القانون يرتبط ارتباطاً مستمراً بالتطورات التي يعرفها المجتمع على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وأمام هذا التطور الملحوظ في جميع مظاهر الحياة، الذي نتج عنه ظهور طرق جديدة غير مألوفة للقيام بجرائم والتهرب من عقابها، كما هو الحال في جرائم أصحاب الياقات البيضاء التي تكون غير عنيفة وذات دوافع مالية يرتكبها شخص محترم وذو مكانة اجتماعية عالية في سياق مهنته أو مهمته ، والمغرب على غرار باقي دول العالم عمل على تجويد الترسانة القانونية وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي مع الحفاظ على السلم الاجتماعي، حيث قام بتعديل مجموعة من القوانين وإصدار أخرى، كلها تصب في زيادة حماية المشاريع الاقتصادية، ما يميز هذه القوانين هو أنها ضمت بين طياتها عدة مقتضيات جنائية تهم التجريم والعقاب على بعض الأفعال غير المشروعة، وبتأمل في القوانين يجدها أنها ذات طبيعة خاصة، الشيء الذي دفع بفقهاء الأعمال إلى تسمية هذه المقتضيات بــ : “القانون الجنائي للأعمال”، مؤكدين في الوقت ذاته أن هذا التقنين هو ما سيؤدي إلى ضمان احترام الواجبات المفروضة لتنظيم العلاقات التجارية والاقتصادية وخلق المناخ الملائم والمناسب للاستثمار والمبادرة الحرة.
وقد ظهر مفهوم “جريمة ذوي الياقات البيضاء” مع عالِم الاجتماع “إدوين سذرلاند” سنة 1939، بحث أدمج ذوي الطبقات الاجتماعية العليا في ميدان الجرائم المالية ، وعرفت هذه الجرائم (جرائم الأعمال) انتشاراً واسعاً في جميع أقطار العالم، من بينها المغرب، إذ ظهرت بداية الجرائم ضد المجتمع أو ما يعرف بجرائم الخطر مع ظهور اقتصاديات العالم الحديث، في إشارة واضحة إلى أن المجرمين هم الذين يصنعون القانون.
ولقد انخرط المغرب منذ تسعينات القرن الماضي في سلسلة من الإصلاحات القانونية ترمي إلى تحديث الإطار القانوني والتنظيمي للأعمال، نذكر منها:
مجموعة من القوانين وإصدار أخرى، كلها تصب في زيادة حماية المشاريع الاقتصادية ، هذه الحماية تمثلت في عدة إصلاحات تشريعية شملت إصلاح نظام المحاسبة التجارية، والنظام الجبائي، وكذا تنظيم هيكلة السوق المالي، وإصدار ميثاق الاستثمار، وإصلاح مدونة التجارة، إضافة إلى إنشاء قانون الشركات، والذي كان موضوع إصلاح شامل تمثل في إصدار قانون رقم 17.95 المتعلق بشركة المساهمة المعدل سنة 2008، وكذا قانون رقم 5.96 المتعلق بباقي أنواع الشركات والمعدل هو الآخر سنة 2006 ، كما همت هذه الثورة إصلاح قوانين الملكية الفكرية، خصوصاً ما تعلق منها بجانب الملكية الصناعية والتجارية، وكذا القوانين المتعلقة بمجال علاقات الشغل الفردية منها والجماعية، وكذا ما تعلق منها بجانب التغطية الصحية الإجبارية عن المرض، قبل أن يتوج ذلك بإصدار القانون رقم 31.08 الذي يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، وهو ما شكل دفعة قوية لتطوير مناخ الأعمال والرغبة في ضبطه وتقنينه.
إن التأصيل المفاهيمي لأي موضوع يستلزم تعريفه من عدة زوايا سواء من الناحية الفقهية أو القانونية بشكل يضفي على الموضوع طابع الوضوح
●جرائم الأعمال: يعرف الفقه القانوني جرائم الأعمال والجريمة الاقتصادية بصفة عامة يشمل جرائم المال وما يرتبط به من أعمال كالنصب والسرقة وخيانة الأمانة، التزوير وجرائم الشيك، التهريب والمخالفات الجمركية والتهرب الضريبي جرائم صعوبات المقاولة، الملكية الصناعية، تزييف العملة وغيرها من الأعمال غير المشروعة والمؤثرة في النظام الاقتصادي.
انطلاقا مما سبق تتضح لنا الأهمية النظرية والعملية للموضوع، فالأولى تتجسد في محاولة المساهمة مع الباحثين والدارسين في حقل العلوم الجنائية في تبيان أسس المسؤولية الجنائية لجرائم الأعمال وحدودها على الأشخاص الطبيعية فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب من قبلهم في مجال المال والأعمال، في حين أن الأهمية العملية تبرز بالأساس في تطور ميدان الأعمال بشتى تفرعاته وما يستتبعه من ارتفاع نسبة الإجرام المرتبط به، بحيث أنه كلما توسع وازدهر النشاط المالي والاقتصادي إلا وازدادت أعداد الجرائم المرتكبة من طرف رجال الأعمال[1].
وعلى ضوء ما سبق يمكننا صياغة إشكالية محورية على الشكل التالي؛ ما مدى اعتبار القانون الجنائي للأعمال نظاماً زجرياً مستقلاً أم أن هذا الأخير ما هو إلا فرع داخل الميدان الجنائي العام، خصوصاً مع تعدد الإحالات في القانون الجنائي؟ وإلى أي حد توفق المشرع المغربي في ضبط جرائم الأعمال على مستوى المفهوم والخصوصية والتجريم والعقاب؟ وكيف يستطيع هذا التوجه التصدي لمستجدات جرائم أصحاب الياقات البيضاء؟ وهل يمكن القول بأن العقوبات المالية الهائلة لا زالت ملائمة وفعّالة لمواجهة جرائم الأعمال؟
ومن أجل إماطة الستار عن الإشكالية الأنفة الذكر يمكن أن نسوغ الفرضية التالية:
المشرع المغربي مواكبة منه للتطورات الحاصلة في ميدان الأعمال يتجه نحو توسيع نطاق المسؤولية الجنائية مفترضة في القانون الجنائي للأعمال، من خلال إقرار عقوبات المالية نظرا للمكانة الاجتماعية والاقتصادية التي يتوفرون عليها ذوي الياقة البيضاء .
ومحاولة الإلمام بجوانب هذا الموضوع، ارتأيت الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي وذلك من أجل تحليل النصوص القانونية المرتبطة بالمسؤولية الجنائية للأشخاص الطبيعية في حقل الأعمال، وكذا الأسباب التي من شأنها أن تحد من هذه المسؤولية.
لسبر أغوار الإشكالية السابقة نعتمد خطة البحث التالية:
المطلب الأول: تحديد مفهوم جريمة الأعمال وخصوصيتها
الفقرة الأولى: مفهوم الجريمة في قانون الأعمال
الفقرة الثانية: خصوصية الجريمة في نطاق الأعمال
المطلب الثاني : التجريم والعقاب وطبيعة العقوبات المفروضة
الفقرة الأولى: التجريم والعقاب في نطاق الأعمال.
الفقرة الثانية: طبيعة العقوبات المفروضة
المطلب الأول: مفهوم جريمة الأعمال وخصوصيتها
لمواكبة هذا التطور في ميدان الأعمال عمل المغرب بدوره على توسيع ترسانته التشريعية الجنائية لتشمل ميدان الأعمال مراعيا مفهوم (الفقرة الأولى)و الخصوصية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم جريمة الأعمال
يذهب جانب من الفقه إلى تحديد نطاق جرائم الأعمال عن طريق وضع قائمة تجمع فيها الجرائم التي تدخل في إطار القانون الجنائي للأعمال، مقابل ذلك نجد اتجاه آخر من الفقه يرنو إلى تحديد نطاق جرائم الأعمال على أساس شخص مرتكب الجريمة، إذ أن مرتكبي هذه الجرائم ينتمون إلى طبقة اجتماعية مختلفة عن الطبقة التي ينتمي إليها المجرمون العاديون، حيث إن مرتكب هذا الصنف من الجرائم هو دائما شخص ينتمي إلى طائفة رجال الأعمال[2].
إلا أنه وحسب جانب من الفقه الذي يرى أن ” مفهوم جرائم الأعمال، والجريمة الاقتصادية بصفة عامة يشمل جرائم المال وما يرتبط به من أعمال كالنصب والسرقة، خيانة الأمانة، التزوير، جرائم الشيك، مخالفات قانون الشغل وقانون الضمان الاجتماعي الاحتيال المالي، التهريب والمخالفات الجمركية، التهرب الضريبي، جرائم صعوبات المقاولة، جرائم الانترنيت والتجارة الإلكترونية، المس بالملكية الصناعية تزييف العلامات التجارية وتقليد المنتجات، استبدال صلاحية المواد الغذائية وطرحها في السوق، الغش التجاري إلى غير ذلك من الأفعال غير المشروعة والمؤثرة في النظام الاقتصادي أو التي تمس حقوق الإنسان كجرائم البيئة والمس بصحة وسلامة الأجراء[3].
ومن تم فإن جرائم الأعمال تتحقق نتيجة المس بالاقتصاد الوطني أو بملكية الغير، وهو ما أكدته ورقة العمل المعدة بمناسبة الاجتماع الحادي عشر لمؤتمر الأمم المتحدة للوقاية من الجريمة والعدالة الجنائية المنعقد ببانكوك في أبريل 2005، والتي عرفت جرائم الأعمال بأنها “جرائم غير عنيفة تنجم عنها بصفة عامة خسارة، وبالتالي فإن تلك الجرائم تشمل طائفة من الأنشطة غير القانونية، منها الاحتيال أو الفساد أو التهرب الضريبي أو غسل الأموال”.
واستنادا إلى ما سبق يمكن القول أن جرائم الأعمال هي كافة الأفعال والامتناع التي تشكل اعتداء على النظام الاقتصادي للدولة والمساس بالحماية اللازمة للسياسة الاقتصادية.
الفقرة الثانية: خصوصية الجريمة في نطاق الأعمال.
تتميز جرائم الأعمال بعدة خصائص نابعة من الوسط المرتكبة فيه وكذا من شخصية مرتكبها، ذلك أن هذا النوع من المخالفات مرتبطة أشد الارتباط بميدان الأعمال لا ترتكب من طرف أشخاص عاديين، وإنما من طرف مهنيين أثناء مزاولتهم لمهامهم أو بمناسبتها
ومن أهم الخصائص التي تميز جرائم الأعمال نقف عند ما يلي:
●رجل الأعمال الجاني:
إن مرتكب هذه الجرائم هو دائما شخص ينتمي إلى طائفة رجال الأعمال بشكل أو بآخر، إذ أن النشاط المهني والطبقة الاجتماعية والاقتصادية ، أهم السمات المميزة لجرائم الأعمال وهو ما يصطلح عليه في فقه القانون الجنائي للأعمال ” بجرائم أصحاب الياقات البيضاء”لكون مرتكبا لجريمة يستغل مكانته للحصول على منفعة شخصية بوسائل غير مشروعة.
●فعل بدون ضرر:
إذا كان الأصل أنه لا يتم التجريم إلا بعد ارتكاب الفعل الضار، فإن جرائم الأعمال تجري في معظمها على تجريم الفعل المشكل للخطر وإن لم يحقق ضررا، أوقد لا يحققه ومثال ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 384 من قانون شركة المساهمة والتي تعاقب على سوء استعمال أموال الشركة سواء تم تحقيق النتيجة أو لم يتم تحقيقها بل الأكثر من ذلك فإن الاجتهاد القضائي أصبح يجعل سوء النية هو الأصل، وبالمقابل يلزم مرتكب الجريمة بإثبات حسن نيته.
●العقوبات الحبسية:
إن أهم ما يميز جرائم الأعمال خاصة في التشريع المغربي، أن المشرع خفف من عقوبتها الحبسية التي أضحت تتراوح في غالب الأحيان بين شهر وستة أشهر، بل يتم الاقتصار في بعض الأحيان على الغرامة المالية فقط، وهو ما من شأنه أن يشكل حافزا لارتكاب هذه الجرائم طالما أن مرتكب الجريمة لن يبالي بالعقوبة التي تنتظره والتي لن تخرج عن غرامة مالية يسهل عليه دفعها.
وفي مقابل هذا التوجه، يرى رأي آخر ضرورة التشدد لزجر جرائم الأعمال حتى تكون قسوة العقوبة أو المنع يقف في وجه مرتكب الجريمة، لأنه لا فائدة من تجريم عدة أفعال ومقابل ذلك تتم المعاقبة عليها بغرامة مالية يسهل على الجاني دفعها، إذ سيتم التشجيع على ارتكاب الجريمة عوض العمل على زجر مرتكبيها[4].
والمتأمل لواقع التشريع المغربي في مجال الأعمال سيجد أنه يسير في اتجاه التخفيف من العقوبات الحبسية منها على الخصوص وذلك تحت تأثير وضغط رجال الأعمال، ولعل التعديل الذي عرفه قانون شركة المساهمة خلال 2008 لخير دليل على ذلك، إذ تم التراجع عن العقوبة الحبسية مقابل الرفع نسبيا من الغرامة المالية في عدة جرائم بل تم التقليص في بعض الجرائم الأخرى من الحد الأدنى و الأعلى للغرامة رغم هزالتها وهو ما يفرض ضرورة التشدد بغية مواجهة هذه الجرائم وذلك عن طريق ملائمة العقوبة الحبسية والمالية مع الأوضاع المادية للفاعل وخطورة فعله، وقد الجهات بلدنا إلى حمل مشروع قانون رقم 43.22 يتعلق بالعقوبات البديلة في صيغته الجديدة، الذي صادقت عليه الحكومة، اعتماد المراقبة الإلكترونية التي تعد إحدى الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية، إلى جانب العمل لأجل المنفعة العامة، وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية واقترح الفرع الثالث من المشروع أن المحكمة يمكنها الحكم بالمراقبة الإلكترونية بديلا للعقوبة السالبة للحرية، ويتم الخضوع للمراقبة الإلكترونية من خلال مراقبة حركة وتنقل المحكوم عليه إلكترونيا بواحدة أو أكثر من وسائل المراقبة الإلكترونية المعتمدة وقد يستفيد رجال الأعمال من هذه العقوبة البديلة نظرا لمهامهم ومكانتهم داخل المجتمع .
وبالتالي فإنه ليتم تحقيق أهداف القانون الجنائي للأعمال والمتمثلة في الشفافية وحماية المال العام وعصرنة قانون الأعمال سوى بالعمل على وضع سياسة جنائية تعمل على الحد من جرائم الأعمال وليس التشجيع على ارتكابها.
●الركن المعنوي:
تتم المعاقبة على بعض الأفعال دون اشتراط توفر الركن المعنوي، وذلك على أساس المسؤولية الجنائية المفترضة التي تنبني على مجرد الخطأ في التسيير، وهو ما يبين الأهمية الكبيرة التي يتميز بها الخطأ غير العمدي في مجال جرائم الأعمال، أي أنه يتم توقيع العقوبة بمجرد حصول النتيجة دون إعطاء أهمية لنية الفاعل الرئيسي أو ما يسمى في مجموعة القانون الجنائي بــ “القصد الجنائي”، إذ يتم الاقتصار فقط على وجود عنصر الإهمال، وهو توجه اقتبسه المشرع المغربي من نظيره الفرنسي، وهكذا نجد قانون الشركات الفرنسي الصادر بتاريخ 24 يوليوز 1966، الذي تنص جل مواده على تشديد العقوبة في حالة وقوع الجريمة عمدا، الأمر الذي استخلص منه فقهاء القانون الجنائي التحول في القاعدة العامة، ليتم الاكتفاء بالخطأ غير العمدي في الجرائم التي لم يرد بشأنها النص على اشتراط عنصر العمد.
ولباب القول إن بعض الفقه يرى أنه من الأفضل أن يقر المشرع في مجال الأعمال الاكتفاء بالخطأ غير العمدي، وهو ما لمسناه في القوانين المعدلة أو الصادرة في العشرية الأخيرة، ومن بينها القانون رقم 31.08 الذي يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك[5]،
وفي هذا الإطار نجد قرار محكمة الاستئناف ببني ملال المؤرخ في 14/10/1990 الذي جاء فيه أن ” اعتياد الضنين القيام ببيع الملابس الصوفية المغشوشة دليل على العلم بكونها مغشوشة[6] “
المطلب الثاني : التجريم والعقاب وطبيعة العقوبات المفروضة
وﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﺗﺴﺎع ﻧﻄﺎق اﻟﻘـﺎﻧﻮن اﻟﺠﻨـﺎيئ ﻟﻸﻋـامل ﻫـﻮ اﻟﺘﺠـﺮﻳﻢ واﻟﻌﻘـﺎب ﳌﺠـﺮد اﻟﺸـﺒﻬﺔ
( الفقرة الأولى ) وتتميز أغلب الجرائم بعقوبات مالية تغلب على العقوبات الحبسية(الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: التجريم والعقاب في نطاق الأعمال
تضم السياسة الجنائية في مجال الأعمال الكثير من التفريعات تتوزع بين القانون الجنائي العام والمسطرة الجنائية بالإضافة إلى مقتضيات جنائية خاصة وإن كانت هذه الأخيرة هي التي كثر إعمالها.
وتبعا لذلك فإن السياسة الجنائية في ميدان الأعمال تشهد توجها يرنو إلى إفراد خصوصية جرائم الأعمال لتصبح نظاما فرعيا داخل الميدان الجنائي العام حتى تتولى ضبطها أمام عجز قوانين الشريعة العامة ، و للوقوف على أبرز مميزات التشريع في مجال جرائم الأعمال سنتوقف عند أهمها، سواء من حيث الأسلوب أو العقوبات الصادرة أو من حيث مسطرة المتابعة وخصوصية المسؤولية الجنائية وذلك على النحو التالي:
من حيث طبيعة النصوص القانونية.
تتميز السياسة الجنائية في مجال جرائم الأعمال بتعدد النصوص القانونية المنظمة لها إذ نجد تدخل كل من
○مجموعة القانون الجنائي:
بالنسبة لكثير من الجرائم مثل جرائم السرقة وجرائم النصب وخيانة الأمانة[7] ، وتمويل الإرهاب…
○ مقتضيات جنائية خاصة:
وهي المقتضيات المنصوص عليها في كثير من القوانين ونقف عند أبرزها:
●القانون الجنائي للشركات: وهي تلك المقتضيات الجنائية المنصوص عليها في قانون رقم 17.95 المتعلق بشركة المساهمة حيث نص في القسم الرابع عشر على ما يناهز 51 مادة[8] تنص على عقوبات، وتتسم هذه العقوبات بغلبة العقوبات المالية فضلا عن العقوبات الحبسية ، على أن هذه الأخيرة تتميز بكونها لا تتجاوز حد السنتين في كل المقتضيات الواردة في هذا القانون، وقد جاءت العقوبات من خلاله عبارة عن جنح مخاطبة في المرتبة الأولى أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير للشركة المساهمة ، الأمر الذي يضفي على القسم الزجري لقانون شركات المساهمة خاصيات مميزة عما هو مقرر في نصوص مجموعة القانون الجنائي العام.
بالإضافة إلى المقتضيات المنصوص عليها في 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم وشركة الأسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة حيث خصص الباب الثامن المخالفات والعقوبات الزجرية من المادة 100 الى المادة 131 ، بحيث نص على عقوبة مراقب الحسابات في المادة 104 من قانون رقم 5.96 والتي أحالت بدورها على المادتين 404 و 405 من قانون رقم المتعلق بشركة المساهمة 17.95، كما نص على عقوبات للمسيرين تجمع ما بين الغرامة والحبس في المادة 107 نموذجا من قانون رقم 5.96
●القانون الجنائي الجمركي: وهي تلك المقتضيات الجنائية المنصوص عليها في مدونة الجمارك الضرائب غير المباشرة وبالرجوع إليها نجد الفصل 257 مكرر(نموذجا ) ينص على
1 – إذا تبين للمحكمة وجود عناصر تثبت حسن نية مرتكب المخالفات للقوانين والأنظمة الجمركية أمكنها منح ظروف التخفيف وبالتالي:
أ) الحكم بإرجاع وسائل النقل المحجوزة بشرط أن لا تكون مهيئة لارتكاب الغش أو مزودة بمخابئ أو مساحات فارغة لا تخصص عادة لإيواء البضائع . وألا تكون في وضعية غير قانونية؛
ب) إرجاع الأشياء المستعملة لإخفاء الغش؛
ج ) التخفيض من المبالغ التي تقوم مقام مصادرة البضائع المرتكب الغش بشأنها وذلك
إلى حدود نصف قيمة هذه البضائع؛
د) تخفيض الغرامات بمبلغ لا يتعدى ثلث مبلغ الغرامات المستحقة أو بمبلغ لا يقل عن الحد الأدنى بالنسبة للمخالفات التي تقرر فيها هذه المدونة حدا أدنى” .
وهذا يدل على أن أصحاب الياقات البيضاء لهم عقوبات خاصة إذا تبين للمحكمة حسن النية.
2 – إذا تم الأخذ بظروف التخفيف بالنسبة لبعض المشاركين أو المتواطئين في مخالفة جمركية واحدة، تحكم المحكمة أولا بالغرامات المالية على وجه التضامن وتحدد بعد ذلك نصيب كل شخص من الأشخاص المتضامنين في العقوبات المحكوم بها، استفاد من ظروف التخفيف.ب
وهذا أن دل فإنه يدل على خصوصية الجريمة المرتكبة من طرف ذوي صفة الياقات البيضاء(رجال الأعمال ).
●القانون الجنائي البنكي: وهي تلك المقتضيات الجنائية المنصوص عليها في مجموعة من القوانين المنظمة للنشاط البنكي ،وفي حالة مخالفة مؤسسة ما لأحكام القانون البنكي والنصوص المتخذة لتطبيقها، يؤهل بنك المغرب بأن يوقع عليها عقوبة مالية تساوي على الأكثر خمس (1/ 5) رأس المال الأدنى المطبق عليها بصرف النظر عن التحذير أو الإنذار. ويحدد منشور بنك المغرب رقم 2/ و/ 2007 بتاريخ 7 فبراير 2007 قائمة الأفعال التي قد تعرض لعقوبات تأديبية وكذا مبلغ العقوبات المالية المرتبطة بها. وتتعلق هذه الأفعال بعدم احترام:
القوانين المحاسبية ؛
القواعد الاحترازية ؛
الالتزام بوضع نظام للمراقبة الداخلية ؛
الالتزام بتكوين الاحتياطات الإجبارية ؛
كيفيات إعداد أو آجال إرسال الوثائق والمعلومات الواجب موافاة بنك المغرب بها أو تلك التي يطلبها ؛
الشروط التي يحددها وزير المالية بجمع الأموال من العموم وبتوزيع القروض ؛
الكيفيات المحددة فيما يتعلق بإخبار العملاء ؛
الالتزام بالمساهمة في تمويل الصندوق الجماعي لضمان الودائع؛
●القانون الجنائي صعوبات المقاولة: وهو مجموعة من النصوص الجنائية المنصوص عليها الكتاب الخامس من مدونة التجارة تجرم بعض الممارسات أثناء وجود المقاولة في حالة صعوبات وإن العقوبات المالية التي يتم اتخاذها بمناسبة فتح مسطرة المعالجة أو مسطرة التصفية القضائية في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الدفع لا تطبق سوى على مسيري الشركات التجارية أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي، التي يكون لها غرض تجاري الذين ثبت في حقهم أحد الأفعال ،مثل ما هو منصوص عليها في المادة 755[9]من قانون رقم 73.17 بحيث يدان بالتفالس[10] ،المسيرين كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين، يتقاضون أجرا أم لا، طبقا للمادة 736 من مدونة التجارة.
من حيث صياغة النصوص القانونية يتبين أن ما يميز صياغة النصوص القانونية في مجال الأعمال هو المرونة التي تتصف بها والعقوبات المالية التي تغلب على العقوبات الحبسية أو السجنية ، ونمثل ذلك بجرائم الشيك فعلى مستوى مدونة التجارة نجد نظرة مرنة للجرائم المتعلقة بالشيك هذا الأخير الذي تنظر إليه من زاوية شروطه الشكلية والموضوعية،وكذا في جرائم التسمم الصناعي و جرائم مسيري الشركات التجارية أما عن جانب مجموعة القانون الجنائي فنظرة هذا الأخير للجرائم المرتبطة به تظل قاسية إذ لا عبرة له في الشروط الشكلية والموضوعية، ضف إلى ذلك أن من مميزات التشريع في ميدان جرائم الأعمال أنه يتم الأخذ في بعض الأحيان وبصفة استثنائية رجعية القوانين نظرا لخطورة بعض الجرائم المرتكبة في ميدان الأعمال خاصة ما يرتبط بالخطر على الصحة العامة مثل القانون المتعلق بالزجر عن الجرائم الماسة بالصحة والسلامة الجسدية وجرائم التسمم الصناعي (قضية الزيوت المسمومة مثلا[11]) .
ولعل ما يمكن تسجيله كذلك في مجال صياغة نصوص القانون الجنائي للأعمال هو تعدد الإحالات في هذا الأخير على مجموعة القانون الجنائي من قبل نصوص خاصة، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 376 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة المادة 102 من القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم وشركة الأسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة ، على أنه ” لا تطبق الأحكام الجنائية المنصوص عليها في هذا القانون إلا إذا كانت الأفعال المعاقبة بمقتضاه لا تقبل تكييف جنائيا أشد حسب أحكام القانون الجنائي، أو استعمال صيغ تفيد الاحالة كـ: “دون الاخلال بمقتضيات القانون الجنائي…”، ما يبرز أنه متى كانت هناك عقوبات أشد في القانون الجنائي وجب أن تحظى بالأولوية في التطبيق، وهو ما يؤكد على ارتباط القانون الجنائي للأعمال بمجموعة القانون الجنائي[12].
الفقرة الثانية:من حيث طبيعة العقوبات المفروضة
تتنوع هذه العقوبات بين العقوبات السالبة للحرية بالنسبة للأشخاص الذاتيين، وبين العقوبات التي تناسب وضعية الشخص الاعتباري كالمنع من مزاولة النشاط، أو إغلاق المؤسسة والإقصاء من الصفقات العمومية والمصادرة وإشهار العقوبة، مع ملاحظة أن المشرع انحاز نحو العقوبات المالية إذ كثيرا ما نجد الغرامات المفروضة على المخالفات في القانون الجنائي للأعمال تضاهي أو تفوق الغرامات المفروضة على الجنح في مجموعة القانون الجنائي.
●من حيث خصوصية المسؤولية الجنائية.
مناط هذه المسؤولية كما أوردنا سلفا هو الخطأ الشخصي للمسير الذي يقع عليه واجب السهر على احترام القوانين والأنظمة داخل المقاولة التي يسيرها، إلا أن هذه المسؤولية تثير هلع رجال الأعمال بالنظر لحجم الجرائم التي تتضمنها النصوص المتعلقة بالشركات مايقارب (338 جريمة) إذ ينادون بإزالة هذه الجرائم أو على الأقل التقليص منها مع الاكتفاء فقط بالغرامة دون العقوبة السالبة للحرية، وذلك حتى يتم التشجيع على جلب الاستثمار لأنه حسب هذا الاتجاه فإن المستثمر الأجنبي أو الوطني لن يقدم على استثمار أمواله في ظل ترسانة قانونية مليئة بالنصوص الزجرية[13].
ومع ذلك ارى أن وجود هذه النصوص المحددة لجرائم الأعمال تبقى ضرورية لضمان احترام النظام العام الاقتصادي، وإلا فإن مجال المال والأعمال سيتحول إلى مجال ” فوضوي ” يؤدي إلى المس بحقوق الأقلية والشركة والاقتصاد الوطني بصفة عامة.
●من حيث مسطرة المتابعة.
إضافة إلى تعدد أصناف القائمين بالتحري من ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالبحث في جرائم زجر الغش في البضائع ومأموري الجمارك، ومفتشي الشغل 《العون المكلف بالتفتيش 》وغيرهم ومراقبي الحسابات، فإننا نلاحظ تعدد المنفذين لهذه العقوبات، فبالإضافة إلى السلطة القضائية، نجد هناك مجموعة من المتدخلين لعل أهمهم:
▪︎ بنك المغرب أو البنك المركزي المختص في تطبيق عقوبات على بعض المؤسسات البنكية ومؤسسات الائتمان المخالفة.
▪︎ الأبناك التي أوكل إليها المشرع المغربي إمكانية تطبيق عقوبات على بعض العملاء المخالفين من ذلك مثلا عقوبة الحظر (المنع) البنكي من إصدار الشيكات.
▪︎ إدارة الجمارك وهي أول سلطة عمومية تراقب حركة السلع على مستوى الحدود والتي منحها المشرع إمكانية حجز البضائع المغشوشة أو التي تحمل علامات تجارية مقلدة أو مزيفة.
خاتمة:
من خلال هذه الدراسة للقانون الجنائي للأعمال، يتضح أن هذا الأخير يعرف تدخلا متزايدا للقانون على مستوى الشريعة العامة المتمثلة في مجموعة القانون الجنائي للأعمال و على مستوى قواعد خاصة، تداخل جعل منه قانون موحد على مستوى الغرامة المالية ومشتة على مستوى الفعل المجرم، كما أن هذا القانون يعرف تداخلا على مستوى السلط و إقبالا محتشما من القضاء، بحيث أصبحت الحياة الاقتصادية مطبوعة بهذه السمة، وما ذلك إلا نتيجة للعلاقة الجدلية بين الاقتصاد والقانون بارتباط مع الجهاز القضائي المعهود إليه بالحسم في ما يطرأ من منازعات بين الفاعلين الاقتصاديين، وإن كان ظهور وسائل بديلة لحل المنازعات كالتحكيم والوساطة قد سلب منه نسيا هذا الدور.
وخلاصة القول أن التشريع الجنائي للأعمال الحالي ما فتئ عاجزا عن التصدي لجرائم الأعمال خاصة في ظل تطور هذه الأخيرة، والذي تزامن مع تطور التجارة الإلكترونية، وهو ما يفرض ملاءمة التشريع الجنائي مع هذه الجرائم لكي لا تبقى خارج نطاق التجريم وإن كانت محاولات لذلك على مستوى القانون رقم 53.05 الخاص بالتبادل الالكتروني للمعطيات وبعض القوانين الأخرى، المطلوب اليوم سن قواعد تكفل للعمل التجاري المرونة التي يحتاجها مع مراعاة الحماية الواجبة للملكية الخاصة والنظام العام الاقتصادي.
لائحة المراجع المعتمدة؛
● القوانين:
-القانون الجنائي المغربي
مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة
-القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد 1.11.03 الصادر بتاريخ 18 فبراير 2011،ج.ر عدد 5932 الصادر بتاريخ 07 أبريل 2011
-قانون رقم 15.95 بمثابة مدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.83 بتاريخ 01/08/1996 ج.رعدد 4418 بتاريخ 03/10/1996
-قانون رقم 17.95 بمثابة قانون لشركة المساهمة،الصادر بتنفيذها لظهير الشريف رقم 1.96.124 بتاريخ 30/08/1996،ج.ر. عدد 4422 بتاريخ 17/10/1996
-القانون رقم 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات والخدمات وبتتميم الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.140
●مجلات :
_ غميجة (عبد المجيد): المقاولة والسياسة الجنائية، مقال منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد 7800 الصادر بتاريخ 21 دجنبر 2004.
– فالي علال: “قانون 20.05 مقارنة جديدة لمفهوم التجريم”، مجلة القصر، العدد 24، شتنبر 2009،
● مراجع الإلكترونية :
— على هرمي : الجرائم المقترفة من طرف رجال الأعمال، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية،.
https://www.droitetentreprise.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d9%81%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b7%d8%b1%d9%8-/%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84
_ قرار محكمة الاستئناف بني ملال المؤرخ في 14/10/1990 رقم 450، غير منشور في نفس الاتجاه قرار اخر رقم 1706 ، تم الاطلاع عليها في موقع –https://www.9anonak.com/2021/12/Revue.9anonak.N-10.deuxieme-annee-.
- https://www.alousboue.ma/95533/ : موقع اخباري الاكتروني
●مراجع بلغة أجنبية :
Michel DEFOSSEZ : les victimes collectives en droit pénal des affaires lille.- 1978.p17.
-Frédéric Stasiak : Droit pénal des affaires , 2éme édition, L.G.D.J-Lextenso éditions .Paris 2009
[1] على هرمي : الجرائم المقترفة من طرف رجال الأعمال، مقال منشور بالموقع الإلكتروني لمجلة القانون والأعمال الدولية، تاريخ الاطلاع 2024/05/16 على الساعة الثامنة ليلا.
https://www.droitetentreprise.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85
%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d9%81%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%b7%d8%b1%d9%81-/%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a7
[2]– Michel DEFOSSEZ : les victimes collectives en droit pénal des affaires lille. 1978.p17.
[3] _ غميجة (عبد المجيد): المقاولة والسياسة الجنائية، مقال منشور بجريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد 7800 الصادر بتاريخ 21 دجنبر 2004.
[4]– فالي علال: “قانون 20.05 مقارنة جديدة لمفهوم التجريم”، مجلة القصر، العدد 24، شتنبر 2009، ص. 15.
[5]_ أنظر القسم التاسع من هذا القانون.
[6]_ قرار محكمة الاستئناف بني ملال المؤرخ في 14/10/1990 رقم 450، غير منشور في نفس الاتجاه قرار اخر رقم 1706 ، تم الاطلاع عليها في موقع –https://www.9anonak.com/2021/12/Revue.9anonak.N-10.deuxieme-annee-1443.November-December.2021-Art-17.html?m=1 بتاريخ 2024/05/17 على ساعة 8:40 صباحا.
[7]_ تعرض القانون الجنائي المغربي لجريمة السرقة والجرائم الملحقة بها (انتزاع الأموال) في الفصول (505-539) وقد حاولت المادة 505 وضع تعريف للسرقة فقالت: «من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا ويعاقب..» من خلال هذا التعريف نستنتج أن السرقة تلتقي وتتشابه مع جريمتي النصب وخيانة الأمانة من حيث وقوعها على المال المنقول، ومن حيث غاية الجاني في سلب المال نهائيا من يد مالكه، إلا أن السرقة تتميز عن جريمة النصب في أن المال تؤخذ حيازته بدون رضاء مالكه، بينما ينقل المال في النصب برضاء صاحبه تحث تأثير احتيال الجاني وخداعه. وتتميز السرقة عن خيانة الأمانة في أن المال ينقل في هذه الأخيرة برضاء المجني عليه إلى الجاني بناء على عقد من عقود الأمانة ، أركان جريمة السرقة بمقتضى المادة 505 تكون عناصر السرقة ثلاثة وهي:
– فعل مادي يتمثل في الاختلاس.
-محل الجريمة الذي هو مال مملوك للغير.
-قصد جنائي.
[8] ويتعلق الأمر بالمواد من 373 إلى 424 من قانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة ،ومن بين العقوبات السالبة للحرية نجد المادة 405 تنص على العقوبة السالبة للحرية التي قد يمكن أن تقررها المحكمة في حق مراقب الحسابات الذي يؤكد أو يقدم معلومات كاذبة بشأن وضع الشركة وكذا عدم إعلامه لأجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير بكل الأفعال التي بلغت إلى علمه أثناء مزاولة مهامه ومدتها سنتين كحد أقصى، ونجد المادة 400 من نفس القانون الوارد أعلاه تنص على الغرامة “يعاقب بغرامة من 7000 إلى 35000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير…'”
كما نجد مواد تجمع ما بين الغرامة والعقوبة الحبسية كما هو الحال في المادة 379 من قانون شركات المساهمة.
[9] _المادة 755 من قانون رقم 73.17 المتعلق بصعوبات المقاولة
“المتفالس بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من10.000 إلى 100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
يتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبات وإن لم تكن لهم صفة مسيري المقاولة.
عندما يكون المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات أسهم مسعرة ببورصة القيم، تضاعف العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة”.
[10]_ تنص المادة 754 من قانون رقم 73.17 المتعلق بصعوبات المقاولة يدان بالتفالس في حال افتتاح التسوية أو التصفية القضائية الأشخاص المشار إليهم في
المادة 736 أعاله الذين تبين أنهم ارتكبوا أحد الأفعال التالية:
1 .قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري أو لجأوا إلى
وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة
المعالجة؛
2 .اختلسوا أو أخفوا كال أو جزءا من أصول المدين؛
3 .قاموا تدليسيا بالزيادة في خصوم المدين؛
4 .قـامـوا بـمـسـك حـسـابـات وهــمـية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولةأو الشركة أو امتنعوا عن مسك أي حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك.
[11]_لازالت قضية ضحايا “الزيوت المسمومة” تنتظر إنصاف الضحايا الذين ينتظرون جبر الضرر، منذ أزيد من 60 سنة، على غرار هيئة “الإنصاف والمصالحة”، بعدما تعرضوا لعاهات مستديمة وأضرار صحية خطيرة ناجمة عن استهلاك زيوت الطائرات الأمريكية التي تركتها في – القواعد العسكرية القنيطرة وسيدي سليمان وسيدي يحيى دون مراقبة من قبل الدولة أو ترك توصية للسلطات حول خطورة هذه المحروقات وتأثيرها على البيئة وصحة الناس تم الاطلاع عليها في موقع https://www.alousboue.ma/95533/
على ساعة 11:39 صباحا يوم 17 ماي 2024.
[12]_ Frédéric Stasiak: Droit pénal des affaires , 2éme édition, L.G.D.J-Lextenso éditions
.Paris 2009, p.51
[13] غميجة (عبدالمجيد)، مرجع سابق
تعليقات فيسبوك