إعداد : عزيز الحريري
مفهوم التوقف عن الدفع في ضل ظهير 12 غشت 1913
كان الفصل 191من القانون التجاري ينص على أنه كل تاجر توقف عن سداد ديونه يعتبر في حالة إفلاس وإذا عدنا إلى دليل هاذا القانون الذي صورته وزارة العدل نجدها تشير إلى أنه لم يتم تعريف التوقف عن الدفع ويمكن القول في هاذا الصدد بأنه واقع مادي يتعلق بعدم وفاء التاجر أوالشركة بالديون التي عليها ويجب التمييز في هذا الصدد بين حالة الإعسار وهي واقعة جلية في عدم قدرة التاجر عن سداد ديونه التي تفوق بكثير أمواله أما حالة التوقف عن الدفع فتتجلى في عدم قدرة التاجر عن سداد ديونه دون النظر فيما إذا كان لديه أموال أم لا فالتاجر بذالك يكون مفلس بمجرد عدم سداد ديونه في الأجل المتفق عليه ولو كان ذا أموال كثيرة ، سواء كان ذالك نتيجة سوء الإدارة أو عجزها أو خلق حيل للحصول على قروض .
ويتضح هاذا التفسير مدى الرؤية التقليدية القانونية التي كانت تعتمد واقعة التوقف كواقعة مادية منفردة دون الأخد بعين الإعتبار الواقعة المالية والقانونية والإقتصادية للمقاولة ، حيت أنه بمجرد عدم أداء الديون في تاريخ الاستحقاق المتفق عليه يكون مبررا كافيا للحكم بإفلاس المقاولة وتصفيتها بالرغم من أن المقاولة لديها موارد مالية كافية أو تعيش ظروف عادية.
مفهوم التوقف عن الدفع في ضل الكتاب الخامس المنسوخ.
حاول المشرع في الكتاب الخامس المنسوخ التضييق من حالة التوقف عن الدفع مقارنتا فيما كان عليه الحال فيه القانون التجاري بحيث تبنى تعريف جديد لحالة التوقف عن الدفع الذي يقوم على عدم قدرة التاجر أو الشركة التجارية عن سداد ديونها المستحقة عند الحلول ، ويتضح من خلال هذا التعريف أنه تم هجر الرؤية التقليدية ، وتبني الرؤية الإقتصادية المستندة على الرأسمال الإقتصادي الحقيقي للمقاولة كأساس لتجديد المعرفة الحقيقية التي تمر منها المقاولة.
ويتضح من خلال عبارة عدم القدرة على سداد الديون المستحقة عند الحلول أنها أعطت السلطة التقديرية للمحكمة في تقدير ما إذا كانت المقاولة متوقفة عن الدفع أم لا من خلال المعلومات التي يمكن أن تستفيها من رئيس المقاولة أو من الوثائق المرفقة بطلب فتح المسطرة ، أو من طرف مراقبي الحسابات وحتى من المتعاملين مع المقاولة أو من خلال تقرير الخبرة المأمور بإجرائها لهاذا الغرض .
وبالتالي متى تم تقديم طلب بفتح المساطر سواء من طرف الدائنين أو من طرف النيابة العامة او من طرف رئيس المقاولة نفسه ،فإنه يمكن للمحكمة بعد دراسة الطلب والقيام بالبحث والتحريات الازمة أن تستجيب للطلب أو ترفضه منى تبين لها أن المقاولة غير متوقفة عن الدفع ،خصوصا وأنه يتم تقديم العديد من الطلبات سواء طرف الدائنين أو المدينين .
مفهوم التوقف عن الدفع في ظل الكتاب الخامس الجديد
حاول الكتاب الخامس الضيق من حالة التوقف عن الدفع إلى أبعد الحدود ، وهو ما يتضح من خلال المادة 575 من م. ت بحيث لم يعد يكفي أن يكون التاجر أو الشركة التجارية في حالة عدم قدرته على سداد ديونه المستحقة عند الحلول توقف عن الدفع ، بل لابد أن تكون هذه الديون مطالب بها وأن تكون الأصول المتوفرة قادرة على تسديد خصومها
وقد إستفاد المشرع المغربي في هذا الإطار من التطور الذي عرفه التشريع والقضاء الفرنسيين وكذا الإجتهاد القضائي المغربي وخاصة محكمة النقض .
وإذ أن القضاء الجاري قام بدوره في العديد من القرارات الصادرة عنه تضيق من حالة التوقف عن الدفع فيما يتوافق مع المادة 575 من م.ت ومن بينها قرار محكمة النقض بتاريخ 01\06\2023 الذي جاء في إحدى حيثياته بأن التوقف عن الدفع لا يستفاد فقط بمعاينة أن الشركة حققت نتائج سلبية في قوائمها التركيبية بل يتعين أن تكون الشركة غير قادرة على أداء ديونها الحالة والمطالب بها بواسطة أصولها المتوفرة .
تعليقات فيسبوك