دور الإدارة الالكترونية في مكافحة الفساد

4.3
(4)

إعداد : إبراهيم الزائر

تساعد صعوبة تتبع القواعد والاجراءات المعقدة في سهولة وسرعة نمو الفساد داخل الادارة، الشيء الذي يمكن تجازوه عبر الإدارة الاكترونية التي تعتبر الية مهمة للتصدي لمثل هذه الممارسات، وذلك عبر التقليل من التعقيدات الإدارية، ويمكن ان تساهم الادارة الالكترونية في مكافحة الفساد من خلال وجهتين اثتنين عبر اسهام مباشر واخر غير مباشر.

أولا : الاسهام غير المباشر للإدارة الالكترونية في مكافحة الفساد

يتم الاسهام غير المباشر في الحد من بعض أشكال الفساد داخل الادارة عبر العديد من الاليات او التقنيات و ذلك من خلال عمليات أتمته الخدمات الادارية و التبادل الالكتروني للوثائق الادارية و محاصرتها.

  • أتمة الخدمات الادارية

تعتبر أتمتة الخدمات الادارية احدى أهم تقنيات الادارة الالكترونية في مجال ادارة المرفق الاداري. وتعني ذلك التحول التلقائي للأعمال الادارية التي كانت تتطلب تدخلا بشريا الى أعمال الكترونية تتم بشكل من تلقاء نفسها، عبر معالجة الية للمعطيات بشكل سريع للغاية في حين كان يتطلب ذلك جهدا كبيرا بالنسبة للموظف وتستهلك حيزا من وقته، ويمكن الاعتماد على هذه التقنية على الاقل في اداء المهام الروتينية البسيطة.

تخلق هذه التقنية ما يسمى بالوسيط المؤتمن الالكتروني الذي يتصرف من تلقاء نفسه بشكل مستقل دون اشراف اي شخص، حيت يتكلف الحاسب الالي القيام بالإجراءات المطلوبة من خلال احدى البرامج الموجهة له دون اي تدخل انساني، الشيء الذي من شانه ان يساهم في تلافي كل السلبيات وعدم ترك اي مجال للتلاعب بالوثائق والمستندات، كما أن لهذه التقنية عدة امتيازات فهي تسهل عمل الموظف، حيث بات دوره مقتصرا فقط  في تتبع حسن سير البرنامج وإجازة الاجراء حيث يتولى البرنامج غالبية العمل.  كما يمكن للمواطنين طلب الخدمة من الادارة الالكترونية من خلال اتباع اجراءات محددة منصوص عليها لا يمكن تجاوز اي مرحلة من مراحلها فالجميع متساوون في اتباع هذه الاجراءات. الامر الذي من شأنه المساهمة في التخفيف من الطوابير مقابل الحصول على الخدمة وتسهيل الحصول على الخدمة والتقليل من فرص وأشكال الفساد كالرشوة واستغلال النفوذ والغدر التي كانت سببا في تدهور الادارة التقليدية وغيرها من ظاهرة الوسطاء.[1]

  • التبادل الالكتروني للبيانات

تعتبر هذه العملية من مقومات الحكومة الالكترونية بحيث يمكن ادخال المعلومات وكل البيانات                والمستندات عن طريق مسحها ضوئيا ثم تنساب عبر شبكة الحاسب الالي الى كل الموظفين المعنيين بدل تداول الدعامات الورقية.

كما أصبح بإمكان المواطنين تقديم طلباتهم للحصول على الخدمات الادارية من خلال البوابات الالكترونية وايضا الاطلاع حتى على المعلومات المتعلقة بالمهنيين والخبراء القانونيين، فعلى سبيل المثال أصبح بإمكان المواطنين الاطلاع على كافة المعلومات المتعلقة بالمهن القانونية والقضائية عبر المرجع القانوني للمهن القانونية    الذي يتوفر على البيانات الخاصة بالسادة المحامون والموثقون والعدول وكذلك المفوضون القضائيون والمترجمون المحلفون.[2]

كما يمكن للمواطن تقديم معاملته الإدارية عبر الموقع الالكتروني الخاص بالإدارة المعنية وأداء المصاريف بشكل الكتروني، وكذلك تتبع مال معاملاته والمراحل التي اجتازتها     والوقت اللازم لإنجازها. كما أعطى التوقيع الالكتروني للوثائق الادارية الالكترونية الصفة الرسمية و ان كانت مرسلة بشكل الكتروني و تتيح للمرتفق افتراضيا تنزيل و تحميل الوثائق المنجزة دون الحاجة الى التنقل الى الادارة المعنية.[3]

كما أشرت سابقا فان العمل بالوسائل التي باتت تتيحها تكنولوجيا المعلومات من شأنه أن يضمن سير        واستمرار اشتغال الادارة 24I24 ساعة ويوميا دون أي توقف، بحيث يضل المرفق يعمل على مدار الساعة ولا يتوقف. كما أن التحول الى تقديم الخدمات بشكل الكتروني ينهي ذلك الاتصال المباشر بين الموظف و المرتفق و بالتالي غياب حالات التأثير على عمل الموظف مما يمكنه من مساحة كافية لإنجاز أكبر قدر من العمل في بيئة شفافة.

وبالتالي فقد يساهم هذا الانتقال في مكافحة الفساد من خلال تخفيض أعداد المرتفقين على المصالح الإدارية الشيء الدي كان يسبب الازدحام الذي يستغله الوسطاء والمرتشين، حيت تقطع العلاقة بين المرتفق والموظف وامكانية التلاقي بينهما وما قد ينتج عنها من طلب أو عرض أو تسلم للرشوة. كما يساهم الاداء الالكتروني لمصاريف الخدمة في جعل جميع عمليات الاداء موثوقة و تحويل هذه الاموال الى حساب الادارة المعنية لدى الخزينة العامة للمملكة، كما أن توفير وسائل الأداء الحديثة بالإدارات كالأداء بالبطاقات المصرفية سيؤدي الى غياب النقود المادية بالصناديق و بالتالي غياب اغراء المال، و سيظل دور الموظف مقتصرا في اجازة عمليات الدفع دون تدخل في تقدير المبالغ الواجب اداؤها مقابل الخدمة.[4]

ثانيا : الاسهام المباشر للإدارة الالكترونية في مكافحة الفساد

تساهم التقنيات الالكترونية بشكل مباشر في مكافحة الفساد الاداري و المالي عبر المراقبة عن بعد و في الوقت الحقيقي، كما أن للبرامج المعلوماتية امكانية البحث عن جرائم الفساد     و كشفها خاصة أمام القدرات الخارقة التي بات  يتمتع بها الذكاء الاصطناعي الذي يشهد تطورا تكنولوجيا مهما في الآونة الاخيرة.

  • دور الادارة الإلكترونية في المراقبة و التدقيق

تعمل المراقبة لإلكترونية بشكل اني من خلال شبكة الانترنت مما يتيح امكانية تقليص الفجوة الزمنية بين عملية اكتشاف الانحراف عبر التدفق المستمر للمعلومات بين المديرين و العاملين و المرتفقين، الشيء الذي يزيد من تحقيق الثقة لإلكترونية سواء بين الموظفين والمهنين و لإدارة أو المرتفق و الادارة .

و تنقسم هذه الرقابة الى رقابة داخلية و رقابة خارجية فالأولى هي التي تمارس من قبل الرؤساء الاداريين داخل المؤسسة و تشمل هذه الرقابة على الاداء الوظيفي و تهدف الى تقييم الموظف، حيث يتم من خلال هذا التقييم معرفة نقاط الضعف في الاداء و معالجتها.[5]

وأما الرقابة الخارجية فهي الرقابة على أداء الاجهزة الحكومية في تسيير موازنتها بكفاءة كأن تكشف مثلا تداخلا في المسؤوليات بين مؤسستين حكومتين من أجل تغطية أنشطة فاسدة، بحيث لم يعد دور الادارة الالكترونية يقتصر فقط على تبسيط الاجراءات بل أيضا في ممارسة الرقابة والتدقيق من خلال تسجيل جميع العمليات التي يقوم بها الموظف ومدى ارتباطها بالمهام الموكولة اليه، الشيء الذي من شأنه أن يلزمه بالدقة ازاء عمله الاداري.

فالإدارة الالكترونية الية فعالة لتعزيز الشفافية في انجاز العمل الاداري و مراقبة حسن سير عمل الادارة حيث يساهم ذلك في التقليل من حالات الفساد الاداري و اكتشاف الخطأ الاداري فور وقوعه سواء عن قصد أو عن غير قصد.[6]         

إن الاعتماد على الادارة لإلكترونية سياسهم في تكريس مبادئ الشفافية،  و النزاهة، و الانصاف، و ذلك  بسبب الرقابة التي ستخضع اليها الادارة  بشكل اني و مستمر و فعال، و الحد من كل أشكال الفساد.

  • دور الادارة لإلكترونية في البحث و التحري عن جرائم الفساد

ستساعد الادارة الالكترونية في تحديد بؤر الفساد الاداري وتسهيل عمل الاجهزة الرقابية،  و ستؤدي الى القضاء على مكامن الفساد الاداري. كما تساهم في تسهيل الربط بين المستويات التنظيمية، و توفير قنوات اتصال فعالة و سريعة، حيث يعمل التنبيه الالكتروني على وجود انحرافات، مما يؤدي الى المعالجة الفورية و توفير الكثير من الوقت و التكلفة. و على سبيل المثال فإن هده الالية معتمدة من طرف المؤسسات البنكية و التي تساعدها في اكتشاف كل التحويلات المشبوهة، و التي من الممكن أن تكون محلا لجريمة غسيل الأموال، كما ساهمت رقمنة المؤسسات الاقتصادية في المساعدة على اكتشاف جرائم الاختلاس بالبنوك من خلال برمجتها على اشعار المشرف على النظام في حالة اكتشاف اي خلل حسابي، و عليه فان الرقمنة ستلعب دورا مهما في اكتشاف جرائم الفساد و احالتها على الجهات المختصة بمكافحتها.[7]


[1] عمر العسري  الادارة و الاستثمار و الرقمنة المجلة الدولية المالية العدد العاشر دجنبر 2022  ص 33

[2] البوابة الالكترونية المذكورة   WWW.MARJII.JUSTICE.GOVE.MA  

[3]  عمر العسري  م س ص 34

[4] نفس المرجع ص 35

[5] نفس المرجع   ص    36

[6]  نفس المرجع ص  37  

[7]  نفس المرجع ص 38

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 4.3 / 5. عدد التقييمات 4

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك