حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز

5
(1)

إعداد الطالب الباحث محمد مراني العلوي

مقدمة
يعتبر العقار الأرضية الأساسية لانطلاق المشروعات المنتجة وحجر الزاوية للنهوض بالإستثمار وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعيين على الصعيد الجهوي والوطني، ونظرا لأهميته يسعى كل فرد جاهدا لامتلاكه لأنه الوسيلة التي تقيه من أخطار الطبيعة، كما يساهم في الحفاظ على استقرار لحياة العائلية وصيانة الأسرة .
ولما كان البائع المنعش العقاري في مركز اقتصادي أقوى من المشتري- المستهلك- الذي يتعاقد معه بشأن العقار، فقد أدى ذلك إلى إفساح المجال لإملاء شروطه على الطرف الضعيف وحرمان هذا الأخير من التفاوض على العقد.
وبفعل هذا عرفت الروابط العقدية تغيرات جذرية، خصوصا بالنسبة لعقد البيع، وذلك نتيجة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم لاسيما القرن العشرين ، ذلك أنه بجانب عقود البيع التقليدية، ظهرت عقود جديدة ومتنوعة تبرم في ظروف مغايرة، ويتمتع أحد أطرافها بوضع اقتصادي وفعلي يمكنه من فرض شروط التعاقد على الطرف الأخر الضعيف .
وإذا كان دور الارادة أساسيا في تكوين العقود، فإن تلك الارادة نجدها تتناقص أو تفقد توازنها في العملية التعاقدية بفعل عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية في بعض الأحيان وشكلت أساسا لحماية الطرف الضعيف، وبالتالي تحقيق نوع من التوازن المختل في العلاقة التعاقدية. ولما كان هذا التدخل في العقد هو حماية الطرف الضعيف فإنه من باب أولى توفير الحماية لهذا الطرف عندما يكون محل العقد عقار غير موجود وقت انعقاده ” بيع العقار في طور الانجاز”، وهو ما يتجلى أساسا من خلال إعلام المستهلك المشتري وإحاطته بكافة البيانات المؤثرة في إقدامه أو تراجعه عن إبرام العقد .
ووعيا من المشرع المغربي، بكون العقار في طور الانجاز، يختلف عن البيع العادي من عدة وجوه، لعل أبرزها هو كون الشخص الذي يتولى عملية بيع العقار في طور الانجاز هو شخصا محترفا .
وهذا ما دفع المشرع المغربي، بأن يتدخل لتنظيم هذا البيع بقواعد محكمة تضمن لكلا
الطرفين تعادلا بين الحقوق والالتزامات، وهو ما تحقق فعلا عندما عمد المشرع المغربي، الى صياغة القانون رقم 44.00 يتعلق ببيع العقار في طور الانجاز، غير أن هذا القانون، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من 14 سنة على دخوله حيز التنفيذ، لم يطبق الا نادرا .
الأمر الذي دفع المشرع المغربي مرة أخرى، للتدخل من أجل صياغة قانون جديد رقم 107.12 ، يتعلق ببيع العقار في طور الانجاز، نظرا لثغرات القانون رقم 44.00 في المجال الاقتصادي، وعدم تحقيقه لأي تطور في نطاق الاستثمار العقاري، بالإضافة الى ذلك القضاء على ظاهرة النصب والاحتيال التي تعرفها السوق العقارية، من خلال توفير الضمانات الكافية لمستهلك العقار في طور الإنجاز، والتي حاول القضاء حمايتها من أجل الأمن لمصلحة المستهلك .
لكن الملاحظ هو أن التنظيم القانوني للمعاملات المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز في المغرب، كان متأخرا نوعا ما، فالمشرع لم يتدخل إلا سنة 2002 بإصدار أول قانون ينظم هذا النوع من المعاملات المتعلقة ببيع العقار في طور الانجاز ، وهو القانون رقم 44.00 المتمم بموجبه لظهير الالتزامات والعقود.
وتعتبر حماية مستهلك العقار في طور الانجاز، ضرورة اقتصادية واجتماعية للدور الذي تقوم به في استقرار العلاقة التعاقدية بين طرفي هذا العقد، وذلك خدمة للمصلحة العامة من خلال سيادة الأمن داخل المنظومة التعاقدية لهذا النوع من البيوعات، ومن تم الارتقاء وإنعاش الرواج الاستثماري، حيث أن كل في هذه العملية، يؤدي عملا ايجابيا في مجال التنمية العقارية.
وإذا كانت التعريفات هي مهمة غالبا ما تسند للفقه وكذلك للقضاء، فإن المشرع المغربي عرف بيع العقار في طور الانجاز، بأنه كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل اجل محدد، كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الاشغال.
أما بالنسبة للمستهلك، فهناك اختلاف تشريعي بخصوص ماهيته، فقد عرفه المشرع المغربي بموجب المادة الثانية من القانون 31.08 ، المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك، ” بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجاته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معده لإستعماله الشخصي أو العائلي”.
واستهدف المشرع المغربي من خلال تنظيم هذا القانون، محاولة تنظيم المعاملات المتعلقة بهذا النوع من البيوعات، ضمانا لحقوق المتعاملين فيه، ومراهنا على الحد من كل الاشكال غير القانونية بخلق مناخ سليم وملائم بعيد عن مظاهر التلاعب والتحايل في هذا النوع من البيوعات، إضافة الى توفير قدر من الحماية لمستهلك هذا النوع من العقار وذلك من خلال إلزام المتعاقدين بإبرام هذا العقد عبر مرحلتين أساسيتين، أولهما مرحلة البيع الابتدائي، ثم مرحلة البيع النهائي.
 أهمية الموضوع:
تكتسي دراسة هذا الموضوع أهمية بالغة بالنظر إلى الآثار المترتبة عن هذه النوعية من التعاقدات خلال جميع مراحلها، بدء من إبرام العقد الابتدائي وصولا إلى إبرام العقد النهائي.
فبناء عقار مقابل دفع الأقساط تبعا لتقدم الأشغال يشكل وسيلة فعالة لتمكين الفرد من تحقيق هدفه في الحصول على سكن لائق وبتكلفة اقتصادية مناسبة، خصوصا لدى فئات المجتمع ذات الدخل المتوسط والمحدود، مما سيساهم جليا في حل أزمة السكن والقضاء على البناء العشوائي، وفي المقابل فإنه يعتبر وسيلة ناجعة في يد المنعشين العقاريين لتوفير تمويلات إضافية تمكنهم من توسيع نشاطهم في مجال البناء وإنتاج السكن، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار في بلادنا وسيشجع على الإقبال على مثل هذه المشاريع التي تحمل في طياتها أبعاد اجتماعية واقتصادية .
كما أن للموضوع أهمية قانونية من خلال وجود ترسانة تشريعية جديدة قد يترتب عن التفعيل الحقيقي لها إيجاد حلول لمختلف النزاعات التي تنتج عن هذه المعاملات العقارية،بشكل سيساهم في الرفع من وتيرة التنمية والاستثمار، خصوصا بعد دخول القانون 107.12 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز حيز التطبيق، وتنصيصه على مجموعة من الضمانات القانونية الجديدة لفائدة مشتري العقار في طور الإنجاز والتي من شأن تفعيلها أن يعمل على خلق التوازن العقدي، بالزام البائع على إنهاء الأشغال داخل الآجال القانونية ووفق المواصفات المحددة في العقد .
 دواعي اختيار الموضوع:
تتمثل دواعي إختيارنا لهذا الموضوع في سيرورة ما يحتله قطاع العقار عامة والسكن بالخصوص من أهمية في حياتنا، حيث يظل تملك العقار الشغل الشاغل لبعض الفئات في المجتمع، إلا أننا لاحظنا أن هذه الفئات حينما يتيسر لها ذلك، تتغافل أهمية بعض إجراءات هذا النوع من التعاقد الذي يكون محله عقار قيد الانجاز، مما يزيد صعوبة في تحقيق طموحاتهم ويلقي بحقوقهم في التملك بين رفوف مكاتب المحاكم ولنا في قضية “باب دارنا “التي حيرت الجميع مؤخرا خير متال.
لكل هذا آثرنا في هذه الدراسة أن نحيط كل من طرفي هذه العلاقة التعاقدية نوعا من الدراية والنصح فيما يتعلق بشروط هذه العملية التعاقدية وأهم الأثار المترتبة عنها ذلك لتجاوز معظم العوائق الممكن إحتمالها والتي لطالما كانت سببا في فشل هذا النوع من التعاقد، وتبعا لذلك ضياع حقوق أطرافها، أو على الأقل طول مدة عدم الاستفادة من العقار، أو الثمن الذي يقابله.
إضافة إلى ذلك نطمح أيضا من خلال هذا البحث لرصد أهم الإشكالات وتقييم مستوى الحماية التشريعية والقضائية للأطراف بيع العقار في طور الإنجاز فاتحين بذلك الأبواب للباحتين للإطلاع على دور مجموعة من القوانين ذات الصلة بالموضوع المدروس، وكذا الأحكام والقرارات القضائية للتعرف على موقف القضاء، وتعامله مع النزاعات المعروضة عليه والمنتمية لمصاف هذا النوع من التعاقد.
 إشكالية الموضوع:
بعدما عرف بيع العقار في طور الإنجاز إقبالا من لدن المجتمع المغربي لأسباب سبق الإشارة لها، لم تواكب بدايات ظهور هذا النوع من التعاقد مراقبة تشريعية محكمة قصد ضبط العملية والتحكم في إمتدادها، أدى بالمشرع المغربي الى اصدار قوانين خاصة بهذه العلاقة التعاقدية، تتضمن قواعد آمرة، من شأنها أن تعيد التوازن بين المصالح المتعارضة، غير أن هذا القانون الذي وضعه المشرع المغربي والذي يحمل رقم 44.00، ظل جامدا عن التطبيق، وعلى هذا الاساس، قد أصدر المشرع المغربي، القانون رقم 107.12 المغير والمتمم للقانون 44:00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز، والقانون رقم 31.08، بهدف خلق منظومة تشريعية من شأنها أن تحمي مستهلك العقار في طور الانجاز. وتأسيسا على ما سبق، يمكن طرح اشكالية محورية مفادها: إلى أي حد ساهمت التدخلات التشريعية سواء عبر القانون 107.12 أو بعض النصوص الخاصة المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز في توفير الحماية اللازمة لمستهلك هذا النوع من البيوع؟ وما دور القضاء في تحصين مصالح الأفراد في ظل تعدد المقتضيات القانونية المؤطرة؟

 مناهج البحث:
سنعتمد في دراستنا لهذا البحث على مقاربة متعددة المناهج تماشيا مع طبيعة الموضوع، وذلك بتوظيف المنهج التحليلي والمنهج الاستقرائي من أجل استقراء النصوص القانونية وموقف الفقه والقضاء منها، إلى جانب المنهج المقارن قصد إبراز أوجه التشابه والاختلاف بين التشريع المغربي وبعض التشريعات المقارنة، وبين مقتضيات كل من القانون الجديد رقم 107.12 والقانون رقم 44.00، مع تأصيل الموضوع في ضوء النصوص القانونية التي ترتبط به، ناهيك عن الاستعانة بآراء الفقه في الدراسة والتحليل، مع استحضار العمل القضائي بهذا الصدد.
وعليه سيتم الاعتماد على التصميم التالي:
• الفصل الأول: حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال العقد التمهيدي
• الفصل الثاني: حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال عقد البيع النهائي

الفصل الأول:
حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال العقد التمهيدي


يعد استقرار المعاملات مطلبا أساسيا في مختلف العقود، يقوم على ضرورة تحقق الثقة بين طرفي العقد، والتي لن تتحقق بدورها إلا بتوازن المصالح المشتركة بين جميع الأطراف، ولا شك أن تحقق هذه الغاية رهين بخلق قواعد قانونية تضمن وجود رضا كامل وسليم ناتج عن إدراك الأطراف وعلمهم بكافة تفصيلات العقد وتداعياته، وعلى هذا الأساس ووفق هذا المنطق حاول المشرع إيجاد الصيغة القانونية لتحديد نظام العديد من البيوعات، ومن ضمنها بيع العقار في طور الإنجاز التي نظمها المشرع المغربي بنصوص خاصة، وذلك بمقتضى القانون 107.12 المغير والمتمم للقانون 44.00، لأهمية هذا النوع من البيوع، الذي ينصب على شيء غير موجود بل يترك الامر إلى أطراف العقد في تحديده، وذلك وفق شروط خاصة كما نص عليها القانون، ارتباطا مع النصوص العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود .
ووعيا من المشرع المغربي، بأهمية مرحلة إنشاء العقد الابتدائي، تدخل من اجل صياغة قواعد قانونية، قادرة على إعادة التكافؤ والتوازن بين أطرافه، حتى لا ينعكس هذا الفرق في المراكز الاقتصادية على شروط العقد وبنوده، وبذالك سأقوم بدراسة هذا الفصل من خلال مبحثين الأول يتعلق ب مظاهر حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد التمهيدي (المبحث الأول) والثاني يتعلق بضمانات حماية المستهلك أثناء تنفيذ العقد التمهيدي (المبحث الثاني)

   المبحث الأول: مظاهر حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد التمهيدي 
 إن معرفة مضمون منظومة حماية المستهلك تكتسي أهمية كبيرة تمكننا، من جهة معرفة مدى إمكانية تأطير القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك للعلاقة القانونية القائمة بين البائع والمستهلك المشتري، ومن جهة أخرى معرفة ما إذا كانت مقتضيات القانون رقم 44.00 المعدل والمتمم بالقانون 107.12 تشكل جزءا لا يتجزأ من منظومة حماية المستهلك، ففي ظل انعدام التوازن في الغالب، بين أطراف عقد بيع العقار في طور الإنجاز، حيث يفوق البائع المشتري خبرة فنية وتقنية وأقوى منه قدرة اقتصادية ومالية، عمل المشرع المغربي على إحاطة هذا النوع من البيوع، بأحكام وشكليات خاصة ترمي في مجملها الى تدعيم رضا مستهلك العقار في طور الانجاز، حتى ينشأ العقد عن بينة واختيار من خلال تبصيره بكل جزئيات التعاقد والمعلومات المتعلقة بالالتزامات المترتبة على كل من البائع ومستهلك العقار وهذا ما يسمى "بالإعلام" الذي أصبح إلتزام مرتبط بالنظام العام" .
  وعليه سنقسم هذا المبحث الى مطلبين نتطرق في الأول إلى حق المستهلك في الإعلام وحمايته من الإشهار المضلل، على أن أتطرق في الثاني إلى دور شكلية الكتابة في حماية المستهلك.


المطلب الأول: حق المستهلك في الإعلام وحمايته من الإشهار المضلل
شهد ميدان المعاملات العقارية تطورا كبيرا أدى إلى تعميق الاختلالات في العلاقات التعاقدية، وللتخفيف من حدة هذه الاختلالات سعى المشرع المغربي للبحث عن اليات فعالة تهدف إلى توفير أكبر حماية لمستهلك العقار خاصة قبل إبرام العقد، وحمايته في هذه المرحلة بالذات تبدأ لحظة إعلامه لتوجيه إرادته نحو ما يتوافق معها (الفقرة الأولى)، ويتعين أن تصادف هذه الإرادة في طريقها وسائل إشهار تأخذ مسارها السليم لتأدية دورها بشكل طبيعي، خالية من كل أشكال الكذب والتمويه، (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إعلام المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز
إن الحق في الإعلام أو التبصير يرتبط بشكل كبير بعامل الثقة الضرورية لإتمام العقود، كما أن الثقة معيارا حاسما، ومطلبا ضروريا لتشجيع المعاملات التجارية والمدنية، كما يرتبط الحق في الإعلام بعامل الشفافية التي تشكل آلية من اليات التعامل وشرط من شروط حرية الاختيار ، وللبحث في حق المستهلك في الإعلام كوسيلة لحماية رضى الطرف الضعيف في البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز، يجب التطرق إلى الإلتزام العام بالإعلام (أولا)، ثم التطرق إلى الالتزام الخاص بالإعلام (ثانيا).

أولا: الإلتزام العام بالإعلام
يقتضي الكلام عن حق مستهلك العقار في طور الانجاز، تحديد المراد بالالتزام بالإعلام في مجال تنوير الإرادة والذي يعد من الحقوق الجوهرية للمستهلك في ظل التشريعات الحديثة أولا، ثم توضيح أساس حق مستهلك العقار في طور الإنجاز في الإعلام ثانيا.
1- المراد بالإلتزام بالإعلام في مجال تنوير الإرادة
إن الإلتزام بالإعلام هو إحاطة المتعاقد الآخر بالمعلومات الهامة والمؤثرة في إقدامه أو إحجامه على التعاقد، كما يجد هذا الالتزام تبريره في مبدأ سلامة العقود .
ولقيام الالتزام بالإعلام لا بد من توفر شرطين اثنين:
الأول: جهل الدائن بالالتزام (المستهلك) بالمعلومات العقدية اللازمة لتكوين رضاه،
وجعله حرا سليما، فالجهل مصدر من مصادر الضعف.
الثاني: علم المدين بالالتزام (البائع المحترف) بهذه المعلومات، فلا يكفي لقيام الالتزام بالإعلام أن يكون المدين جاهلا بيانات العقد، وإنما يشترط أن يكون المدين عالما بهذه البيانات، وان تكون المعلومات التي يتمحور حولها هذا الالتزام مهمة لدرجة أن معرفتها من طرف المستهلك يكون لها تأثير في قراره بالتعاقد أو عدمه.
كما تزداد أهمية الالتزام بالإعلام مع تزايد وتطور أساليب وطرق الدعاية والإشهار، فالمهنيون يهدفون من وراء إعلانهم عن المنتوجات أو الخدمات وتعداد خصائصها ومحاسنها إلى حمل المستهلك على شراء منتوجاتهم من غير أن يستفسر حول ما هو مقدم على شراءه.
2-أساس حق مستهلك العقار في طور الانجاز في الإعلام
الأصل في التعاقد أن كل شخص حر في الالتزام بما ارتضاه على نفسه، حسب مبدأ سلطان الإرادة، ولا يحد من هذه الإرادة إلا العبارات التي تتصل بالنظام العام وحسن الآداب.
ومع تراجع هذا المبدأ المذكور، ظهرت مظاهر جديدة أنقصت من إرادة الطرف الضعيف في تحديد محتوى العقد، مما دفع إلى إيجاد وسائل قانونية كفيلة بحماية الطرف الضعيف في العقد أو على الأقل تبصيره بظروف التعاقد .
وهكذا ظهرت فرضية الالتزام بالإعلام أمام قصور قواعد عيوب الإرادة في كثير من جوانبها كسند قانوني لحماية الطرف الضعيف لتبصير رضاه وجعله حرا ومستنيرا بعملية تعاقدية قائمة على الثقة المشروعة والمتبادلة، وإن كان يمكن للقضاء المغربي أن يجد سندا له في الزام البائع بتزويد المستهلك بالمعلومات الكافية لتنوير رضاه بشان مضمون العقد من خلال الفصل 231 من ظ ل ع.
وفي مجال بيع العقار في طور الانجاز يحتل الالتزام بالإعلام مكانة خاصة بحكم الطبيعة الخاصة لهذا النوع من البيوع والتي تفرض مبدئيا جهل المستهلك المشتري في الحصول على المعلومات الكاملة والصحيحة لمحل العقد ذلك لتعلق الأمر بشيء مستقبلي من جهة ولطبيعتها التقنية من جهة ثانية، من هنا يقوم التزام البائع بتقديم كل المعلومات التي من شأنها أن تؤثر في قرار المشتري بقبول العقد عن إرادة حرة واعية ومتبصرة.
وبالرجوع إلى القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك، وبعد أن نص في ديباجته على أنه يعتبر إطارا مكملا للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك من خلاله يتم تعزيز حقوقه الأساسية وخاصة حقه في الإعلام، نجد الفقرة الثانية من المادة الثانية تحدد مفهوم المستهلك، وباستقراء هذه الفقرة يتضح أن مفهوم المستهلك ينصرف إلى كل شخص طبيعي أو معنوي إذا كان الغرض من الاستهلاك هو سد حاجياته الشخصية أو العائلية وليست المهنية، إذ إن إشباع هذه الحاجيات الشخصية أو العائلية هي الفرق الفاصل بين المستهلك وغير المستهلك.
ثانيا: الالتزام الخاص بالإعلام
إذا كان الالتزام العام بالإعلام، لا يستجيب بما فيه الكفاية لتوفير الحماية اللازمة، للمستهلك فإنه كان لزاما أن يتم تمتيعه بإعلام خاص، يتميز بالدقة والوضوح من أجل تنوير إرادته حول كافة تفاصيل العقد قبل إقدامه على إبرامه ، ومن أجل تحقيق المزيد من الشفافية والتوازن في العلاقات التعاقدية، أن المشرع المغربي قد أكد في الفصل 618.3 من القانون 44.00 كما غير وتمم بالقانون 107.12، على ضرورة أن يتضمن العقد الإبتدائي مجموعه من البيانات المتعلقة بالمبيع ، قصد مساعدة المشتري على تكوين رضا سليم، ومتنور حول كافة تفاصيل العقد، وكما أكد على ضرورة إرفاق العقد الإبتدائي بدفتر التحملات يتضمن كافة التفاصيل المتعلقة بالمشروع.
1: الادلاء بالبيانات التعاقدية ودورها في تحقيق الالتزام بالإعلام
في إطار التوجهات الحديثة القائمة على إعلام المشتري وتبصيره بأهمية العقد، عمل المشرع المغربي من خلال القانون 44.00 المعدل والمتمم بالقانون 12 .107 بمقتضى الفصلين 618.3 مكرر و618.3 مكرر مرتين ، على التنصيص على بعض البيانات الأساسية التي ينبغي ان يتضمنها هذا العقد، والتي يمكن تصنيفها الى بيانات مرتبطة بالمشروع والعقار المستقبلي ثم بيانات مرتبطة بالثمن، وبضمانات استرجاع وبعد ذلك تحديد هوية الأطراف المتعاقدة.
• بيانات مرتبطة بالمشروع والعقار محل البيع
لقد استوجب المشرع المغربي من خلال الفصل 318.3 السالف الذكر تضمين عقد بيع العقار في طور الانجاز، مجموعة من البيانات المتعلقة بالمشروع، والتي من شأنها أن تمنح ضمانات مهمة، لمشتري هذا النوع من العقارات، ومن بين أهم هذه الضمانات رقم الرسم العقاري الأصلي للعقار المحفظ موضوع البناء، أو مراجع ملكية العقار غير المحفظ، مع تحديد الحقوق العينية والتحملات العقارية الواردة على العقار ، وأي إتفاق أخر عند الاقتضاء وكذا رخصة البناء وتاريخها ، وهذه البيانات تجعل المشتري على علم بالوضعية القانونية للأرض وبالتحملات العقارية الواردة عليها.
وما يعاب على هذا النص، أن المشرع المغربي إكتفى فقط بالتنصيص على ضرورة الإشارة الى مراجع الملكية، وهو الأمر الذي يطرح بعض المشاكل على صعيد التطبيق، خصوصا بالنسبة للأراضي غير المحفظة، أو في طور التحفيظ حيث أن شهادة الملكية، لا تعطي الجزم بأن البائع هو صاحب الملكية، في هذا الوضع قد يشكل خطرا وتهديدا حقيقيا لمصالح المشتري وحقوقه.
ويضيف المشرع المغربي في الفقرة الرابعة من الفصل 618.3، أن العقد لابد من تضمينه بيان موقع العقار، ووضعه، ومساحته التقريبية، بعدما كان القانون 44.00، قبل التعديل ينص فقط على وجوب وصف العقار محل البيع، ومن خلال القانون 107.12 عمل على إعادة الصياغة بالنظر لما هو مألوف في توثيق عقود البيع، وإضافة المساحة التقريبية، وبالتالي فان حرص النص الحالي على لزوم ذكر مساحة العقار التقريبية، يهدف بالأساس إلى حماية المشتري الذي يتعاقد على أساس مساحة معينة غالبا ما يتم تجاهلها وعدم ذكرها في العقد ليفاجئ بعد ذلك بمساحة أقل.
ومع ذلك لم نصل إلى المستوى الحمائي، الذي فرضته بعض التشريعات المقارنة، كالقانون الفرنسي، مثلا الذي ينص في الفصل 261.15 في فقرته الثانية من مدونه البناء والسكنى على ” أن العقد الابتدائي او التمهيدي، يجب ان يحدد فيه، المساحة التقريبية للعقار وعدد الغرف والمداخيل والمخارج، إذا كان البيع جزء من عقار، يجب تبيان وضعيته داخل العقار مثل شقة كذا في الطابق كذا وبالعمارة كذا وكذلك المشرع التونسي .
• بيانات مرتبطة بالثمن وبضمان استرجاعه
يعتبر الثمن إلتزاما مهما في العقد الابتدائي للعقار في طور الإنجاز، والذي تميزه عن باقي العقود كعقد المعاوضة مثلا، والثمن يعتبر إلتزام يقع على عاتق المشتري، ويقابله إلتزام البائع بتسليم المبيع، لذلك فقط أوجب الفصل 618.3 من ظهير الالتزامات والعقود، تضمين البيع الإبتدائي مبلغه الإجمالي، وهو يشمل بالإضافة إلى الثمن الأصلي، توابعه والصائر والضرائب ، وقد عالج المشرع المغربي هذه المسألة بمقتضى المادة، الخامسة من القانون 31.08، ويمكن القول أن هذه المادة توفر حماية أكثر فعالة للمشتري، من خلال اشتمالها على كل مكونات الثمن، والمستحقات الواجبة على المستهلك لكي يتعاقد عن بينة واختيار مع البائع المحترف.
وهذا المقتضى سيحمي المستهلك المقبل على شراء العقار في طور الانجاز من خلال حمايته من تبعات عدم ذكر المهني لبيان الثمن بحيث يجد الطرف الضعيف نفسه، لم يحصل على العقار، ولم يحتفظ بنقوده.
وبالتالي يجب أن يكون الثمن محددا، وهناك من ذهب إلى عدم إمكانية الأطراف أن يضمن العقد الابتدائي ثمن البيع النهائي بحجة، أنه من الصعب الإستقرار في ثمن محدد، وأنه كان على المشرع أن ينص على ثمن البيع المتوقع ومعايير مراجعته ويرجع سبب ذلك إلى الفرق في الأسعار الخاصة بالمواد المستعملة في عملية البناء، فمثل هذا الموقف من شأنه أن يضع الطرف الضعيف تحت رحمة سلطة الطرف القوي.
وبخصوص أداء الثمن، فقد نص الفصل 618.3، على إلزامية الإشارة إلى بيان الثمن، بحيث يجب على محرر الوثيقة، ذكر الثمن المتفق عليه بالحروف والأرقام، وأن يذكر كذلك كيفية أدائه ، إما على شكل دفعات، أم دفعة واحدة، ومبلغ كل قسط وتاريخ أدائه، وفي هذا الإطار لم يغفل المشرع المغربي حماية مصالح المقبل على الشراء، والذي لا يمكن إجباره على دفع أي قسط او تسبيق من الثمن، قبل التوقيع على العقد الإبتدائي، وهذا ما نص عليه الفصل 618.8، كما أن المبدأ في بيع العقار في طور البناء، هو أداء الثمن مقسطا على مراحل تبعا لتقدم الأشغال ما لم يتفق على خلافه.
ويتعين على البائع أن يقدم لفائدة المشتري ضمانة بنكية من أجل إسترجاع أقساط التأمين عن عدم تطبيق العقد 618.9، وعليه فهذا التنصيص من شأنه إعلام المشتري، بأنه يتوفر على ضمانة تخول إسترجاع أقساط التأمين في حاله عدم إتمام تنفيذ العقد، وتخوله قبول التعاقد وإصدار رضاه، وهو على بينه واختيار من أمره
2: دفتر التحملات ودوره في تحقيق الالتزام الخاص بالإعلام
بالرجوع الى الفصل 618.4 من ظ.ل.ع، كماغير وتمم بالقانون 107.12، يتضح أن هذا النص قد تعرض إلى إلتزام البائع بوضع دفتر التحملات يتعلق بالبناء، ويشمل مكونات المشروع ونوع الخدمات والتجهيزات التي يتعين إنجازها وميعاد الانجاز والتسليم.
ولقد ظهر دفتر التحملات في مجموعة من القوانين الناظمة للبيوع الواردة على العقار، وكمثال
على ذلك نذكر القانون 25.90 .
وتتجلى أهميته في كونه، يحدد إلتزامات الطرفين على حدى من مكونات المشروع ومشتملاته وما أعد له ونوع الخدمات والتجهيزات التي يتوجب إنجازها، وأجل الإنجاز والتسليم، وما تم التنصيص عليه، وإشتراطه لا رغبة من المشرع المغربي، باعتماده كمربع في بيان أوصاف ومشتملات البناء، والتأكد من مدى مطابقة البناء لما هو متفق عليه عند الخلاف .
ويمكن تعريف دفتر التحملات، باعتباره وثيقة قانونية ذات طبيعة مزدوجة تعاقديه ونظاميه ترتب أثار بالنسبة للأطراف، سواء كانوا أشخاص القانون الخاص أو أشخاص القانون العام .
وعليه يعد إعداد دفتر التحملات من طرف البائع من المتطلبات الأساسية لتحقيق الإلتزام بالإعلام الذي يتحمل به، لذلك يجب أن يتضمن جميع البيانات المتعلقة بمكونات العقار المزمع إنجازه وشكلها ومساحتها ونوع الخدمات والتجهيزات التي سوف يحتوي عليها في الأبواب والمصاعد، كما يتعين ذكر نوع السلع المستخدمة في البناء وعدد الطبقات التي ستحملها الأساسيات الأرضية، ومكان إنجاز المشروع .
وقد إعتبر الأستاذ عبد الحق الصافي، أن المشرع قد هدف من خلال اشتراط وضع دفتر التحملات بالأساس الى حماية مصالح المرشح بالشراء، بحيث يتيح له فرصة العلم المسبق بطبيعة المحل المبيع ومكوناته والتجهيزات التي يشملها ومستوى رفاهيته، بحيث يستطيع مقاضاة البائع إذا لم تحترم الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات .
وعليه فبالإستناد إلى دفتر التحملات، الذي يوضح الشروط والمواصفات التقنية للعقار الذي تعهد البائع بتشييده، يتضح ان هذا الأخير يتعهد بتحقيق النتيجة المطابقة للمواصفات المضمنة في دفتر التحملات مما يجعله ضمانة لحماية حقوق مستهلك العقار في طور الإنجاز.
الفقرة الثانية: حماية المستهلك من الإشهار المضلل
عرف المشرع المغربي الإشهار في المادة الثانية من قانون الاتصال السمعي البصري رقم 77.03 بأنه “شكل من أشكال الخطابات المذاعة أو المتلفزة، ولاسيما بواسطة رسوم أو أشكال من الخطابات المكتوبة أو الصوتية التي يتم بثها بمقابل مالي أو بغيره، الموجهة لإخبار الجمهور أو لاجتذاب اهتمامه، اما بهدف الترويج للتزويد بسلع أو خدمات، وقد يستخدم الإشهار إستخداما حسنا، يحقق فوائد كثيرة ويؤدي وظائف جوهرية، وقد يستخدم إستخداما سيئا فيكون أداة لخداع المستهلك العقاري، بقصد الربح الغير المشروع .
وإزاء سلبيات ومضار الإشهار المضلل ، كان لابد من البحث عن كيفية مواجهته والحد من أثاره السلبية لحماية المستهلك من جهة وخلق جو ملائم ونزيه من جهة أخرى .
وسوف نتناول في هذه الفقرة تعريف الإشهار المضلل (أولا) ثم نتعرض للجزاءات المترتبة عن الإشهار المضلل (ثانيا).
أولا: تعريف الإشهار المضلل
يكون الإشهار مضللا متى تخلف عن عرض الحقيقة، التي تظهر صدق الخدمة المعلن عنها وليس فقط لكونه يتضمن أكاذيب ، وفي هذا الاتجاه قضت محكمة النقض الفرنسية بأن السيد (أ) قد انخدع بالإشهار الكاذب لشركة تدعي بأن القرض الذي تمنحه من القروض تحت الطلب، ثم تبين له أن القرض يدفع بمجرد التوقيع على العقد، مما يفيد أن الفائدة تحتسب لا من تاريخ تحويل مبلغ القرض، ولكن من تاريخ التوقيع، الشيء الذي يفيد وقوع المتعاقد في غلط .
ولقيام جريمة الإشهار المضلل لابد أن يتوفر الركن المادي قوامه وجود إشهار وإتسامه بالتضليل، وأن يقع على أحد العناصر المحددة في الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 31.08، وركن معنوي قد يتخذ صورة القصد أو الخطأ.
فيما يخص الركن المادي لجريمة الإشهار المضلل يلزم أن يكون هناك إشهار مضلل، ويقع التضليل حسب المادة 21 من القانون رقم 31.08 إما بتضمين الإشهار إدعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا أو إدعاءات أو بيانات أو عروض تمت صياغتها بعبارات غامضة أو مبهمة من شأنها إثارة اللبس في التفسير، ومن تم تؤدي إلى تضليل المستهلك.
أما بخصوص عناصر الإشهار المضلل، فقد حددتها الفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 31.08 على سبيل الحصر، حيت لا يجوز القياس عليها تطبيقا لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ذلك أن جريمة الإشهار المضلل لا تقوم إلا إذا تعلق التضليل بواحد أو
أكثر من العناصر المحددة قانونا، كما يتعين على القاضي أن يحدد العنصر أو العناصر التي وقع فيها التضليل .
وإذا كان المشرع المغربي لا يعاقب على الجنايات والجنح إلا إذا ارتكبت عمدا حسب الفصل 133 من القانون الجنائي ، فإن الملاحظ من خلال المواد المنظمة للإشهار في القانون رقم 31.08 أن المشرع لم يشر إلى عنصر سوء النية لقيام جنحة الإشهار المضلل
وهذا راجع إلى أن الركن المعنوي في الإشهار المضلل ينبغي النظر إليه بمفهوم اجتماعي وليس قانوني ضيق، ذلك أن الإشهار المضلل بحكم إنتشاره وتأثيره، ينبغي أن يكون صادقا وأن يحمي المستهلك من التضليل، واشتراط سوء نية المعلن يعني تقييد هذه الحماية، والحد منها، بما يفتح الباب على مصراعيه للتهرب من أحكام القانون .
وقد عرفه المشرع في المادة 22 من القانون رقم 31.08 بأنه “كل إشهار يقارن بين خصائص أو أسعار أو تعريفات السلع أو الخدمات، إما بالإشارة إلى علامة الصنع أو التجارة أو الخدمة الخاصة بالغير أو تجسيدها ، وإما بالإشارة إلى العنوان التجاري ، أو تسمية الشركة ، أو الاسم التجاري ، أو الشعار الخاص بالغير أو تجسيد ذلك”
ثانيا: الجزاءات المترتبة عن الإشهار المضلل
يسبب الإشهار المضلل والمقارن أضرار وخيمة، خاصة عندما يكون هو الدافع والمؤثر على إرادة المستهلك العقاري بطرق غير مشروعة ، فعلى مستوى القواعد العامة يمكن للمستهلك الإستناد الى قواعد عيوب الرضا، خاصة الفصل 41 من ظ ل ع المتعلق بالغلط، إذا وقع على ذاتية الشيء أو على نوعه أو على صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى التعاقد، كما يمكنه التمسك بالتدليس عند اكتشافه أنه لم يتوصل بالمعلومات الصحيحة للمطالبة بإبطال العقد الذي نشأ بالأساس على إثر قيام المنعش العقاري بإشهار كاذب أو مضلل، قاصدا من وراء ذلك إخفاء الحقيقة عنه.
أما فيما يخص العقوبات الجنائية قد حددها المشرع في الغرامة ، بين 50000 و250000 درهم، إذا كان المخالف شخصا طبيعيا، أما إذا كان شخصا معنويا، فانه يعاقب بغرامة تتراوح بين 50000 و1000000 درهم .
ومن أجل تطبيق هذه العقوبات، منح المشرع للمحكمة الحق في أن تطلب من الاطراف ومن المعلن تزويدها بجميع الوثائق المفيدة، وخول لها في حال رفض تقديم هذه الوثائق، أن تأمر بحجزها، أو باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق الملائمة، كما أعطى المحكمة إمكانية الحكم بأداء غرامة تهديدية يمكن أن تصل الى 10000 درهم عن كل يوم تأخير، ابتداء من التاريخ الذي حددته للإدلاء بتلك الوثائق .
أما في ما يتعلق بالعقوبات التكميلية فتحدد حسب المادة 175 من القانون 31.08 في نشر أو تعليق المقرر القضائي أو هما معا، بالإضافة إلى وقف الإشهار ونشر إعلان أو عدة إعلانات استدراكية أو بثها، حيث يمكن لقاضي التحقيق أو المحكمة المحالة عليه المتابعة أن يأمر بوقف الاشهار إما تلقائيا، أو بناء على طلب من النيابة العامة أو المطالب بالحق المدني.
وبذلك يمكن للمستهلك الذي تضرر من الإشهار المضلل أن يقدم طلب وقف الإشهار، يستوي في ذلك أن يقدم هذا الطلب شخصيا أو أن يكون ممثلا من طرف جمعية حماية المستهلك المعترف لها بصفة المنفعة العامة .
هذا ويكون الأمر بوقف الإشهار الصادر عن قاضي التحقيق أو المحكمة قابلا للتنفيذ، بالرغم من جميع طرق الطعن، ولعل الغاية من جواز وقف الإشهار قبل صدور الحكم، تكمن في تفادي بطء إجراءات التقاضي، خاصة وأن الإشهار يحدث أثاره فور نشره، وتزداد هذه الأثار جسامة مع مرور الوقت .
أما فيما يخص نشر إعلانات استدراكية أو بثها، فهي تعد بمثابة إعلام للمستهلكين والتجار على حد سواء بنوعية وطبيعة المخالفات المرتكبة، وتنبيها لهم بضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة في المستقبل ، ويرجع للمحكمة تحديد مضمون الإعلانات الاستدراكية، وكيفية نشرها أو بثها، ويمنح للمحكوم عليه أجل للتنفيذ، لكون عملية الاشهار تحتاج إلى مدة من أجل التنفيذ، لذلك ينبغي منحه مدة من الزمن من أجل تنفيذ الحكم ، فإذا لم يمتثل لذلك، فإن النشر أو البت يتم بناء على طلب من النيابة العامة على نفقته، وتأسيسا على هذه المقتضيات يستنتج أن كل شركة عقارية عمدت إلى الإدلاء ببيانات ومعلومات وأوصاف وخصائص عقار لا تتفق مع حقيقته. بمعنى أنها مزاعم وادعاءات مغلوطة فإنها تدخل في نطاق الإشهار الممنوع الذي يعتبر عملا غير مشروع .
المطلب الثاني: الحماية الشكلية لمستهلك العقار في طور الإنجاز
إذا كان دور الإرادة أساسيا في تكوين العقد، فإن تلك الإرادة تفقد توازنها في العملية التعاقدية بفعل عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهذا ما شكل أساس تدخل النظرية الحديثة لتوجيه العقد، حماية للطرف الضعيف وتحقيقا للتوازن المطلوب في العلاقة التعاقدية. وقد اشترط المشرع الكتابة لصحة البيع الواقع على العقار عموما.
وقد أعلن المشرع بشكل واضح موقفه من خلال استناده على الكتابة والتوثيق كخيار استراتيجي قانوني ذا أبعاد ومضامين اقتصادية واجتماعية مهمة، هذه الكتابة استدعتها ضرورة قيام العقد وانعقاده صحيحا منتجا لآثاره، يترتب عن إغفالها بالشكل والمضمون المحدد قانونا جزاء وحيد هو البطلان، كما عمل المشرع على تحديد الجهات لمخول لها تحرير هذا العقد واشترط أن تكون هذه الكتابة مضمنة في محرر رسمي أو عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونها تحرير العقود .
ولتحقيق هذه الغاية، ومراعاة لخطورة بعض التصرفات ومنها بيع العقار في طور الإنجاز، عمل المشرع المغربي على اشتراط الشكلية في بيع العقار في طور الإنجاز (الفقرة الأولى)، وتحديد المحررات المعتمدة في تحرير عقود بيع العقار في طور الإنجاز لضبط هذا التصرف (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: شكلية الكتابة في بيع العقار في طور الإنجاز
إذا كان البيع بصفة عامة وكما هو منصوص عليه في ظهير الالتزامات والعقود من العقود التي تتم بالرضائية، حيث لا تحتاج سوى تطابق إرادة الطرفين، دون اللجوء إلى إفراغ هذه الإرادة في أي شكل خاص ، وهذا ما أكد عليه الفصل 488 من ق.ل.ع، فإن المشرع المغربي قد خرج عن هذا الأصل وقرر استثناء للقاعدة الرضائية حيث نص على أن البيوع العقارية يجب أن تتم وفق شكلية الكتابة، وذلك وعيا منه بخطورة هذا النوع من المعاملات التي تتم بشكل رضائي، ولذلك عمل على إحاطتها بمجموعة من الضمانات اللازمة حتى تحقق الحماية الكافية للأطراف ولحقوقهم وممتلكاتهم ، نظرا لاتصاف بعض العقود بالتعقيد والإجحاف في حق المشتري ، فالمشرع المغربي قد تنبه لذلك ونص في الفصل 489 من ق.ل.ع على ضرورة كتابة عقد البيع حتى يمكن الاحتجاج به اتجاه الغير، وفي غياب الكتابة فإنه لا يمكن إثبات التصرف باي وسيلة اخرى لأننا أمام عقد منعدم .
وبالاطلاع على مقتضيات الفصل 489 من ظ.ل. ع نجده ينص على أنه: “إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا، وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون”.
ما يمكن استخلاصه من خلال هذا النص هو أن نية واضعيه ذهبت إلى اشتراط الكتابة لصحة البيع الواقع على العقار عموما، سواء كان مبنيا أو في طور البناء، بحيث كلما كان البيع منصب على عقار كلما أوجب الأمر توثيق العقد في شكل محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، وأمام السجال الفقهي الرائج بين من يعتبر هذه الشكلية، هي شكلية إثبات ، ومن يعتبرها شكلية انعقاد ، فإنه وفي ظل مدونة الحقوق العينية ، هذا النقاش لم يعد له محل، لأن شكلية الكتابة في عهد هذه المدونة أضحت شكلية انعقاد، ودليل ذلك المادة الرابعة منها، التي أوجبت وتحت طائلة البطلان أن تحرر جميع المعاملات الواردة على العقارات في شكل محرر رسمي، أو محرر ثابت التاريخ محرر من طرف محام مقبول للترافع لدى محكمة النقض، وذلك حتى تنعقد صحيحة ومرتبة لكافة آثارها القانونية.
كما أن ظهير التحفيظ العقاري تبنى شرط الكتابة لانعقاد التصرف القانوني صحيحا، بحيث أن العقود المتعلقة بهذه القوانين العقارية الخاصة تنعقد وجوبا وتحت طائلة البطلان إما في شكل محرر رسمي أو في شكل محرر ثابت التاريخ، وبذلك يكون المشرع قد حسم نهائيا في طبيعة الشكلية المتطلبة في العقود المبرمة في إطار هذه القوانين، باعتبارها شكلية انعقاد، بانتفائها ينتفي العقد ويندثر بالمرة طالما أن المقتضيات لتي أتت بها والمرتبطة بالتوثيق هي ذات طابع آمر .
إن بيع العقار في طور الإنجاز يعد بيعا على التصميمم Vente Sur Plan، أي شراء عقارات قبل إتمام بنائها، وهو بيع كان شائعا في الواقع، والذي ما لبث يتزايد في الوقت الراهن نظرا لأزمة السكن المتفاقمة التي يعرفها المغرب دون أن يكون محل تنظيم من لدن المشرع المغربي، وهذا الوضع الذي ظل يعاني منه التشريع كان يشكل تهديدا حقيقيا لحقوق المشتري الذي لم يكن يتوفر على الوصيلة القانونية الكفيلة بحماية حقه في الملكية، إلى أن تدخل المشرع لحمايته وذلك بتنظيمه مجال بيع العقارات في طور الإنجاز بواسطة القانون رقم 44.00 المعدل والمتمم بالقانون رقم 107.12.
من خلال قراءة النصوص القانونية المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز، يتبين بأن المشرع قد حدد القالب القانوني الذي يفرغ فيه عقد بيع العقار في طور الإنجاز، فاعتبر الشكلية المتطلبة في هذا العقد هي شكلية انعقاد، حيث إذا تخلفت الكتابة كان العقد باطلا، ويرى أحد الباحثين أن المشرع، من خلال الشكلية المنصوص عليها في القانون المنظم لبيع العقارات في طور الإنجاز، راهن على مجموعة من المكانزمات المتمحورة أساسا حول الكتابة قصد تحقيق الأمن والشفافية والفائدة الاقتصادية.
وهكذا فإن اشتراط المشرع لشكلية الكتابة في البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إنما يهدف أساسا إلى حماية إرادة المتعاقدين، ولا سيما المشتري باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وهذا ما جعل البعض يقول بأن “الشكلية تساهم في احترام الإرادة .
حيث أن الفصل 3-618 من القانون رقم 107.12 ينص على ما يلي: “يجب أن يرد عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونا تحرير لعقود، وذلك تحت طائلة البطلان … “.
وهو نفسه ما أكدته محكمة النقض في قرار لها، حيث جاء فيه ” … فبالرجوع إلى هذا العقد وحسب ما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 3-618، يتضح على أن العقد موضوع الدعوى لم يتم تحريره وفق الشكل المحدد قانونا الأمر الذي يبقى معه العقد نتيجة تخلف الشكل في الحالة التي يستلزمه فيها القانون باطلا لانهيار الشكل المحدد فضلا عن ذلك فإن الالتزام يكون باطلا بقوة القانون ما دام القانون أقر في هاته الحالة بطلانه .
كما أكدت محكمة النقض نفس التوجه في قرارات أخرى .
وسبق لمحاكم الموضوع أن تبنت نفس التوجه، حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس ما يلي : ” ٠٠ وحيث إنه بالرجوع إلى قانون 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز نجد المشرع قد عبر بصيغة الوجوب في نصوصه ومرتبا البطلان في حالة عدم توثيق العقد في الشكل المحدد قانونا سواء من جهة كاتبه أو من جهة بياناته حيث استلزم المشرع كتابة العقد الوارد عليه سواء أكان ابتدائيا أم نهائيا ومن تم فإن هذه الكتابة استدعتها ضرورة قيام العقد وانعقاده صحيحا منتجا لآثاره يترتب عن إغفالها بالشكل والمضمون المحدد قانونا جزاء وحيدا هو البطلان، وذلك حسبما تنص عليه لفقرة الأولى من الفصل 3-618 من ق.ل.ع وبذلك فإنه بالرجوع إلى العقد موضوع الدعوى يتبين أنه لم يتم تحريره وفق الشكل المحدد قانونا وذلك من طرف إحدى الجهات المخول لها تحرير هذا العقد، الأمر الذي يبقى معه العقد نتيجة تخلف الشكل في الحالة التي يستلزمها القانون فيها باطلا لانهيار الشكل المحدد فضلا عن ذلك فإن الالتزام يكون باطلا بقوة القانون ما دام القانون أقر في هذه الحالة بطلانه بمقتضى الفصل أعلاه … .
فإذا كان المشرع قد اشترط الشكلية كشرط جوهري لإتمام عقد بيع العقار في طور الإنجاز واعتباره شرطا جوهريا يساير الفصل 489 من ق.ل.ع، فإن هناك جهّات عهد لها بتحرير عقد البيع الوارد على العقار في طور الإنجاز.
الفقرة الثانية: المحررات المعتمدة في تحرير عقود بيع العقار في طور الإنجاز
لقد اشترطت المقتضيات الواردة في الفصل 618.3 من قانون الالتزامات والعقود ” أن يجر توثيق العقد الابتدائي للعقار في طور الانجاز، إما في شكل محرر رسمي أو في قالب محرر عرفي”، غير أن هذه الكتابة لا يعتد بها إلى إذا قام بها أشخاص مأذون لهم تحرير هذا العقد، وهؤلاء الأشخاص المأذون لهم، منهم من توصف كتابتهم بالكتابة الرسمية التي تجعل المحرر رسميا (أولا) ومنهم من تبقى كتابتهم عرفية التي ينبغي أن تكون ثابتة، وهذه الكتابة الثابتة التاريخ هي التي وصفها القانون 44.00 المعدل والمسمى بالقانون 107.12 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز بالعقد الثابت(ثانيا).
أولا: المحرر الرسمي
عرف قانون الالتزامات والعقود، المحرر الرسمي من خلال الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود بأنه ” الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي حدده القانون ” وبعيدا عن الجدل الفقهي المشار حول عبارة ” الموظفون العموميون ” التي وردت في الفصل، فإن المجمع عليه هو أن الأشخاص المخول لهم تحرير العقود الرسمية المنصبة على بيوع العقارات في طور الإنجاز، هما اثنان لا ثالث لهم العدول و الموثقون ولعل هذا ما أكده مرسوم 7 يونيو 2004 ورسخه بعدها العمل القضائي لكن لا يجب أن ننفي كذلك وجود بعض المحررات الأخرى التي تعتبر محررات رسمية .
أ: العدول:
يعتبر التوثيق العدلي إسلامي في الأصل، إلى أن الملاحظ عليها، أنها لم تغير شكلها التقليدي رغم ما أصبح المجتمع يعرف من تغيرات اجتماعية وثقافية، الشيء الذي انعكس على الشك في قدرة الوثيقة العدلية على تأطير عقود معينة، بالإضافة الى مدى تأهيل العدول للقيام بهذه المهمة .
ويرجع صناعة التوثيق التقليدي للعدول طبقا لظهير 6 ماي 1982 المنظم لخطة العدالة، غير أن هذا الظهير قد الغي ليحل محله القانون رقم 16.03، والذي من أهم سماته توسيع الاختصاص المحلي للعدول، ليشمل النفوذ الترابي لمحكمة الاستئناف بعدما كان محصورا فقط في الدائرة الترابية الابتدائية .
وما تجدر الاشارة اليه الى أن الصبغة الرسمية للعقود المحررة من طرف العدول، لا تكتسب بمجرد إبرامها على غرار العقود الصادرة على الموثقين كما مر معنا، بل لا تكتسب هذه الصبغة إلا من تاريخ خطاب قاضي التوثيق عليها، وذلك حتى يتم التأكد من مدى مطابقة العقد لأحكام الشرع، وقواعد توثيق العدل وهذا من نصت عليه المادة 34 من القانون الآنف الذكر.
لكن إذا كان قانون إصلاح منظومة العدالة قد جعل إضفاء الطابع الرسمي على العقد العدلي المعلق على شرط واقف يكمن في مخاطبة قاضي التوثيق عليه، كما نلمس ذلك من خلال المادة اعلاه، فان هذا الطرح نجده في غير محله، لان الشريعة الإسلامية لا تشترط هذا الخطاب بحيث لم يكن معروفا في عهد الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم ولا في عهد الصحابة ولا التابعين، بل تعود جذورها الى الدولة الموحدية وبالتحديد في المنتصف الثاني من القرن 16الهجري، والتي جعلته اختياريا وبناء على وغبه أحد المتعاقدين .
وما قيل في الموثق يقال في العدول ذالك أن عدم تحرير العقد من قبل الجهات المحددة قانونا يرتب بطلان هذا العقد وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرارها الذي جاء في حيثياته “… حيث ينص الفصل 618-1 من قانون الإلتزامات والعقود، على أنه” يعتبر بيعا لعقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد، كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال”. وينص الفصل 618-3 من نفس القانون، على أنه” يجب أن يحرر عقد البيع الإبتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان”. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ثبت لها أن الطرفين اتفقا على تسليم الشقة داخل أجل معين، مقابل أداء الثمن على دفعات، اعتبرت صوابا أن الأمر يتعلق ببيع عقار في طور الإنجاز، وما دام الأمر كذلك، وطالما أنه لم ينجز وفق الطريقة المنصوص عليها قانونا، فإنه يتعين التصريح ببطلانه، والحكم بإرجاع مبلغ التسبيق للمطلوبة .
ب: الموثقون:
تعتبر مهنة التوثيق في مختلف الدول من بين أهم المرافق المساعدة في تنظيم المعاملات المدنية والتجارية، فالموثق مكلف بإضفاء الصفة الرسمية على اتفاقات الأشخاص وقد وضع المشرع المغربي على عاتقه مجموعة من الالتزامات تتعدى اختصاصاته، كمحرر صامت لإرادة الاطراف ذلك أنه ملزم بإرشاد زبنائه وإسداء النصيحة لهم.
فالموثق يجب أن يقوم بهذا الواجب شريطة ألا تكون خدماته لمصلحة طرف ضد الطرف الآخر ، وهذا الدور الاخير مطالب به الموثق لإنارة وتزويد الاطراف بالمعلومات الكافية، حتى يكون العقد صحيحا ومنتج لآثاره وأن يطلعهم على المخاطر التي تهدد حقوقهم ومصالحهم ، والابقاء على استقرار المعاملات لما لهم من دور في ضمان الثقة بين مختلف المتعاقدين.
فمهنة التوثيق تعتبر مهنة حرة حسب المادة الاولى من القانون 32.09، تمارس وفق الشروط وحسب الاختصاصات المقررة في القانون المنظم لها، وتعتبر الورقة التي يقوم بتحريرها ورقه رسمية بامتياز وهذا ما اكده العمل القضائي من خلال قرار بالمجلس الاعلى (محكمة النقض) حاليا بأن الورقة التي يحررها الموثق تعتبر رسمية، لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور
وبالنظر لأهمية الالتزامات المنوطة به، حرص القانون سالف الذكر على أن يتمتع الموثق بمستوى علمي مناسب يؤله لتحرير عقود سليمه ودقيقه تضمن مصالح الاطراف لذلك فانه من المنطق ان يكون الموثق أقدر من غيره على ابرام عقد مهم كعقد بيع العقار في طور الانجاز بالنظر الى كفاءته في التحرير وضمانات المحرر الرسمي.
وبذالك فعدم تحرير العقد من قبل الجهات المحددة قانونا يترتب عليه بطلان هذا العقد وهذا ما أكدته محكمة النقض في مجموعة من قراراتها من بينها الصادر سنة 2020 والذي جاء في فيه:”… وتأسيسا على ذلك وما دام أن عقد الوعد بالبيع لم يحرر من لدن الجهة المخول لها قانونا القيام بذلك، فإنه يتعين التصريح ببطلانه، متقيدة في ذلك بأحكام الفصل 618-1 المحدد لمفهوم بيع عقار في طور الإنجاز، ولمقتضيات الفصل 618-3 المحدد لشكلية انعقاده، والتي بتخلفها يكون العقد الابتدائي باطلا ” .
ثانيا: المحرر ثابت التاريخ
يعد محرر عرفيا كل ورقة لم يكن بالإمكان وصفها بالرسمية، لسبب من الاسباب شريطة أن تذيل من هي حجة عليه .
ناهيك عن إمكانية تحرير عقد بيع العقار في طور الانجاز في شكل محرر رسمي فإن القانون 107.12، خول للمتعاقدين باب أخر للتعاقد، يأخذ شكل قالب عقد ثابت تاريخ وهذا ما يستشف بجلاء من خلال الفصل 618.3 من ظ.ل.ع
والملاحظ بخصوص ما ورد بالفصل أعلاه، هو أن المحرر الثابت التاريخ لا يمكن تحريره إلا من طرف الاشخاص المرخص لهم قانونا القيام بذلك ويتعلق الامر بكل مني ينتمي الى مهنه قانونية منظمة وبخول لها قانونها هذا الحق بالإضافة كذلك الى ضرورة اختياره ضمن لائحة سنوية يحددها وزير العدل تشمل أسماء المقبولين لتحرير هذه العقود، هذه اللائحة التي يجب ان تتضمن وجوبا المحامون المقبولون للترافع امام محكمه النقض.
وهذا الاختصاص هو ما أكد عليه المشرع في القانون رقم 107.12 بمقتضى الفصل 618.3، حينما خول للمحامين امكانية تحرير العقود المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز، لكنه حصر ذلك في المحامين المقبولين أمام محكمة النقض، وإلى جانب ذلك اشترط شروطا شكلية تتجلى في:
أولا: توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من لدن الأطراف ومن الجهة التي حررته، فقد نص المشرع في الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل 618.3 من القانون رقم 107.12 على أن يتم التوقيع على المحرر من الطرف الذي حرره كذلك.
ثانيا: تصحيح إمضاء المحامي لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها، وتضمين ذلك في سجل خاص يحدد بمقتضى قرار صادر عن وزير العدل .
كما حاول المشرع توسيع نطاق هذا الاختصاص من خلال إسناده لباقي المهنيين المقبولين لتحرير العقود ، غير أن اختصاص هذه الفئة الأخيرة علق تشريعيا على صدور نص تنظيمي ، والملاحظ أنه لم يصدر بعد القرار المشترك تحديد لائحة المهن القانونية والمنظمة هي الأخرى باعتبارها مقبولة لتحرير هذا النوع من العقود، غير أن المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية باعتبارها النص العام، قد تفسر بأنها ألغت ضمنيا هذا المرسوم، عندما حصرت الأشخاص المؤهلين لتحرير العقود الناقلة للملكية في الموثقين والعدول والمحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض، وهذا تفسير ضيق على اعتبار أن المقتضيات القانونية المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز وان وردت في قانون الالتزامات والعقود، فتنظيمه ورد بقانون خاص .
وأمام الفراغ التشريعي على مستوى النص التنظيمي المحدد للمهنيين المؤهلين لتحرير عقد البيع قيد الإنجاز ، فقد ذهب البعض إلى القول بان الباب مفتوح أمام جميع المهن المسموح لها بتحرير العقود العرفية إلى حين صدور اللائحة، فيما ذهب البعض الآخر ، إلى نقيض ذلك معللين طرحهمُ بأنه لا يمكن إطلاق الحبل على الغالب، وفسح المجال أمام جميع المهنيين لتحرير هذه العقود، لما في ذلك من مناقضة لفلسفة المشرع وللغاية التي يرمي إليها، فالأصل أن تحرير العقود هو اختصاص مسند لفئة الموثقين والعدول، والمشرع خرج بصفة استثنائية عن هذا التوجه، فأعطى لبعض المهنيين ولاعتبارات خاصة صلاحية تحرير هذا النوع من العقود، وهذا الاستثناء له ضوابطه الخاصة بحيث لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه، ويعمل به في حدود ضيقة. ومن ثم فإن الأصل هو علم جواز تحرير هذه العقود إلا من طرف من سيتم تحديده في اللائحة، والتحديد المذكور هو الذي سيعطيه صلاحية تحرير العقد.
إن مشرع القانون 107.12 لم يحدد الأشخاص المؤهلين لتحرير هذه العقود، بحيث كان حريا به أن يعتمد التحديد الحصري لهؤلاء الأشخاص، مع استبعاد التمييز وتخويل جميع المحامين إمكانية إبرام العقود المتعلقة بهذه المعاملات بدون استثناء كما عليه الحال، لكن بشرط فرض التزامات قانونية تقع على عاتق هذه الفئة، لأن المقتضيات الجديدة المنظمة لمهنة المحاماة لم تقرن منحهم حق إبرام العقود بمسؤولية جسيمة من شأنها أن تبعث في أنفسهم تبني الحيطة والحذر لتفادي أي تقصير أو إهمال قد يصدر عنهم وهم بصدد تحرير العقد، الشيء الذي قد يمس بالضمانات الحمائية للطرفين .
من خلال دراسة المحررات التي خول لها المشرع توثيق عقود بيع العقار في طور الإنجاز، يمكن القول بأن لجوء أطراف العقد إلى إبرام البيع الابتدائي لعقار في طور البناء في محرر رسمي يعتبر أكثر أهمية لتأكيده صحة البيانات الواردة فيه، ولتحريره من طرف موثقين لهم خبرة ودراية بواقع المعاملات بخلاف المحرر العرفي الذي يثير الكثير من المشاكل، سواء بالنسبة لمصالح المحافظة العقارية أو القضاء، لتحريره بطريقة غير دقيقة وواضحة في مضمونها وربما ناقصة من حيث صياغتها، ولهذه الأسباب استبعد القانون المنظم لبيع العقارات في طور الإنجاز العقود العرفية المحررة في هذا الشأن من غير الأشخاص المعينين من طرف وزير العدل
وخلاصة القول إن تحرير عقد البيع الإبتدائي لا بد أن يكون من قبل الجهات التي حددها القانون على سبيل الحصر وذلك تحت طائلة البطلان جيت جاء في قرار لمحكمة النقض “…وتأسيسا على ذلك ومادام أن عقد الوعد بالبيع لم يحرر من قبل الجهة المخول لها قانونا القيام بذالك فإنه يتعين التصريح ببطلانه .
المبحث الثاني: ضمانات حماية المستهلك أثناء تنفيذ العقد التمهيدي
يعتبر عقد البيع من العقود الرضائية فذلك هو الأصل، وقد تطرق المشرع المغربي إلى ذلك بموجب الفصل 488 ظ. ل.ع ، غير أنه تراجع عن ذلك في الفصل الموالي بخصوص البيوع الواردة على العقارات أو الحقوق العقارية أو الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا واشترط إجراء الكتابة لصحة هذا التصرف، واذا كانت شكلية الكتابة قد أثارت نقاشا طويلا بين الفقه فإن مدونة الحقوق العينية في مادتها الرابعة المتممة بالقانون 69.16 وقبلها مجموعة من النصوص المتفرقة، منها القانون 44.00 المعدل والمتمم بالقانون 107.12 الذي أكد على ضرورة الكتابة تحت طائلة البطلان وذلك حماية للمتعاقدين وتكريس الأمن والشفافية من خلال اشتراط مجموعة من المقومات والضوابط لإبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز.
ولقد نص المشرع المغربي في القانون رقم 107.12، على ضرورة إبرام عقد ابتدائي أولي قبل الانتقال إلى العقد النهائي، وهو أمر يرتبط بخصوصية محل التعاقد، فالعقار في طور البناء كما يدل عليه اسمه غير موجود أثناء التعاقد، ومحل العقد شيء مستقبلي لم يتم إنجازه بعد، كما أن الثمن غير مدفوع كاملا وإنما جزء على شكل أقساط، وأن التعاقد الأولي لا يضفي الصفة الإلزامية النهائية للعقد، ويمكن لأطراف التعاقد المؤقت التراجع عنه في كل وقت وحين، وبالرغم من ذلك فالعقد الابتدائي يظل عقد تام الأركان قائم بذاته ينتج اثره في مواجهة الكافة .
وعليه سنتطرق في هذا المبحث إلى الضمانات الشكلية على مستوى انعقاد البيع الابتدائي (المطلب الاول) ومن ثم إلى ضمانات تنفيذ العقد الابتدائي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الضمانات الشكلية على مستوى انعقاد عقد التخصيص
وعيا من المشرع بأهمية مرحلة تكوين العقد، تدخل من أجل إيجاد وسائل قانونية كفيلة بحماية المشتري باعتباره طرفا ضعيفا في مواجهة البائع الذي يتميز بالاختصاص والخبرة الفنية، الأمر الذي ينطبق كذلك على العقد الابتدائي للعقار في طور الإنجاز، حيث يتعين على المقبل على الشراء أخذ الحرص عند تكوين هذا العقد لانعدام الحرفية والكفاءة، فضلا عن اللغة الفنية المعقدة التي يحرر بها.
ولما أبانت القواعد العامة عن عدم كفايتها لتحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية، فإن حماية إرادة مشتري العقار في طور الإنجاز، تقتضي الرجوع إلى القواعد الخاصة التي أقرت مجموعة من المبادئ الحديثة لحماية رضا المشتري ومصالحه.
ولتوفير حماية أكثر للمشتري بموجب القانون رقم 107.12 وتحديد شكل ومضمون العقود التمهيدية، وذلك بهدف وضع حد لكل تعسف من شأنه الإخلال بالعلاقة التعاقدية، فمن شأن تعزيز مقومات الأمن التعاقدي في مجال المعاملات القانونية المنصبة على العقارات غير المبنية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد خاصة وللدولة بصفة عامة .
سنتطرق في هذا المطلب إلى إبرام عقد التخصيص كضمانة لأطراف العلاقة التعاقدية (الفقرة الأولى)
ثم إلى الحق في التراجع عن عقد التخصيص (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: إبرام عقد التخصيص كضمانة لأطراف العلاقة التعاقدية
تبين من خلال الممارسة العملية في ظل القانون 44.00، أن هناك عدة مشاكل تقع قبل ابرام العقد الابتدائي، مما دعى المشرع المغربي الى تقنين هذه المرحلة التي تسبق العقد الابتدائي من خلال إحداث تقنية اخرى، واضافة عقد ثالث يمكن إبرامه قبل العقد الابتدائي، ويسمى هذا العقد بعقد التخصيص حيث كان في ما سبق الوعد بالبيع الذي ابرم بشكل مخالف للفصل 618.3 من قانون الالتزامات والعقود، يكون مآله البطلان، أو الخضوع للقواعد العامة ، الامر الذي يهدد مصالح المستهلك عندما يكون قد تعامل مع المنعش العقاري عن طريق الوصل او عقد الحجز.
فعقد التخصيص contrat de réservation، يعتبر من اهم المستجدات الحقيقية التي تحمل معنى الجدية، وإحدى حسنات القانون 107.12 التي تحسب للمشرع المغربي، فهذا المستجد هو عقد اختياري وليس إجباري يمكن ان يأتي في مرحلة سابقة قبل ابرام عقد البيع الابتدائي، ولعل الغاية منه هو تشجيع المشتري الذي لا يملك 10% من ثمن البيع على الانخراط في مثل هذه المعاملات ، وذلك لتسهيل تداول هذا النوع من المنتجات العقارية، ورفع المشقة على المشترين ذوي الدخول الضعيفة والمتوسطة.
ويقصد بعقد التخصيص في هذا القانون، ” كل عقد أبرم من أجل الاعداد لإبرام عقد لبيع العقار في طور الانجاز، سواء أبرم بصفة حجز عقار بقصد الشراء او إسناد العقار بقصد البيع او غير ذلك من الصنع .
وفي ما يتعلق بالزمن الذي يمكن ان يبرم فيه هذا العقد، فالمشرع المغربي قد حدده في الفترة اللاحقة للحصول على رخصه البناء، يكون معلق على شرطيين، الاول هو الحصول على رخصه البناء والثاني يتجلى في انصراف إرادة الاطراف إلى إبرام هذا العقد .
أما بخصوص شكلية ابرام عقد تخصيص في القانون 107.12. منح إمكانيتين لإبرامه، أن يأخذ شكل محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ وفق الشكل الذي ترتضيه الأطراف وهذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من الفصل 618.3 مكرر مرتين.
والامعان في إمكانية تحرير عقد التخصيص في المحرر الرسمي، يحقق خيرا للمتعاقدين وخاصة المشتري الذي يكون عالما بالمقتضيات القانونية المنظمة لبيع العقار في طور الانجاز.
فالحكمة من تحرير عقد التخصيص في محرر رسمي، هي حرص الجهات الموكول لها تحرير العقود الرسمية على تحرير العقد وفق الشكل القانوني، ويسهم في ذلك الجزاءات التي يفرضها المشرع عن عدم احترامها للمقتضيات القانونية، أو عند التحايل على أحد المتعاقدين .
وعلى غرار إمكانية تحرير العقود المتعلقة ببيع العقار في طور الانجاز في محرر رسمي، فإن المشرع المغربي، وتماشيا مع الفلسفة التي جاء بها هذا الأخير، سمح المشرع المغربي بتحريره في محرر عرفي، وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار حديث لها صادر سنة 2023 جاء فيه أن “… التعليل الذي اعتبرت فيه المحكمة العقد الرابط بين الطرفين عقد حجز، ورغم ذلك اعتبرت أنه باطل لعدم تحريره طبقا للشكليات المتطلبة في الفصل 3-618، في حين أن الفصل 3-618 مكرر مرتين ينص على أنه ” يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير العقد الابتدائي إبرام عقد تخصيص من أجل اقتناء عقار في طور الانجاز يحرر إما في محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه من الأطراف” المقتضى القانوني الذي لا يلزم تحرير عقد الحجز وفق شكلية معينة بل ترك للأطراف الحرية في تحريره في محرر رسمي أو عرفي، والمحكمة التي خالفت هذا النهج فقد خرقت المقتضى القانوني المومأ إليه وعرضت قرارها للنقض .
لاكن في إعتقادي أنه كان من الأجدر أن يتم إلزام تحرير عقد التخصيص في شكل محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، نظرا للضمانات التي تمنحها هذه الشكلية سواء من حيث النصح أو الإعلام أو غيرها، ونظرا للسلبيات التي يعرفها العقد العرفي.
وعلى خلاف المحررات الرسمية، يلاحظ بأن المشرع المغربي، لم ينظم شكليات إعداد المحررات العرفية. مكتفيا بضرورة توفرها على شرطين، الأول تحريرها كتابة وبالخط اليدوي، والثاني توقيع الأطراف، والتوقيع على عقد التخصيص عند تحريره في محرر عرفي، يجب أن يكون من المشتري نفسه، وكذلك البائع وأن يرد هذا التوقيع في أسفل المحرر، ويجب أن يكون التوقيع باليد، فلا يقوم مقامه أي وسيلة أخرى، كالتوقيع بالطابع أو الخاتم، وذلك وفقا للفصل 426 من قانون الالتزامات والعقود.
كما أوجب هذا القانون، أن يضمن عقد التخصيص نفس البيانات التي اشترطت في عقد البيع الابتدائي، باستثناء البيان المتعلق بمراجع الضمانة المقدمة من طرف البائع، فلا يتم الإشارة إليها إلا عند إبرام العقد الابتدائي .
هذا واشترط المشرع الحصول على رخصة البناء قبل إبرام عقد التخصيص وذلك تحث طائلة البطلان “… يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير العقد الابتدائي ابرام عقد خصيص من اجل اقتناء عقار في طور الإنجاز يحرر اما في محرر رسمي او محرر عرفي ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه من الأطراف.
لا يجوز إبرام عقد تخصيص العقار في طور الإنجاز ، تحت طائلة البطلان ، إلا بعد الحصول على رخصة البناء ” ، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، التي ثبت لها من واقع الملف المعروض عليها أن الشقة موضوع الحجز في طور الإنجاز ارتكازا منها على بنود العقد وطريقة الاداءات وإن لم يبين فيها أنها تؤدى حسب تقدم الاشغال واستخلصت منها ان البناء وقت الاتفاق لم يكتمل بعد، وأخضعت عن صواب الاتفاق الرابط بين الطرفين لأحكام القانون 00-44 الذي لا يشترط لتطبيقه سواء قبل أو بعد تعديل مقتضياته بموجب القانون رقم 12-107 الانتهاء من أشغال الاساسات على مستوى الطابق الأرضي ولا الحصول على رخصة البناء المعتبرة من شروط إبرام العقد الابتدائي أو عقد تخصيص العقار في طور الإنجاز تحت طائلة البطلان ، وتأسيسا على ذلك كيفت العقد بانه عقد تخصيص لعقار في طور الإنجاز لم يبرم وفق الشروط التي استلزمها القانون لعدم إثبات الطاعنة كصولها على رخصة البناء ولخلوه من بيان رقم الرسم العقاري الأصلي أو مراجع الملكية وأجل التسليم ورتبت على ذلك بطلانه تطبيقا لأحكام الفصل 618-3 مكرر مرتين”
الفقرة الثانية: الحق في التراجع عن عقد التخصيص
إن أبرز خصوصية تميز عقد تخصيص العقار في طور الإنجاز هي حق التراجع الذي خوله القانون لفائدة المشتري بحيث يحق لهذا الأخير التراجع عن هذا العقد خلال فترة زمنية معينة، وهكذا نص الفصل 3-618 مكرر ثلاث مرات ، على أنه يحق للمشتري التراجع عن عقد التخصيص داخل أجل لا يتعدى شهر ابتداء من تاريخ إبرام عقد التخصيص .
وسمي عقد التخصيص بهذا الإسم لأنه يتم من خلاله تحديد أو تخصيص جزء معين من الممتلكات أو الحقوق لغرض معين، بحيث يصبح ذلك المال أو الحق غير قابل للاستخدام لأغراض أخرى، ويتم التخصيص بشكل يتماشى مع احتياجات الطرفين، مما يضفي عليه طابعا من الدقة والوضوح في الاستخدام.

 فمن خلال هذا المقتضى، قد منح المشرع للمشتري العدول عن أي التزام من التزامات عقد التخصيص من خلال إعلان تراجعه عن هذا العقد، غير أن القانون قيد هذا الحق بمدة زمنية محددة في شهر يبتدئ من تاريخ إبرام عقد التخصيص بحيث إذا مضى هذا الأجل دون إفصاح المشتري عن تراجعه الصريح عن عقد التخصيص فإن هذا الأخير

بصير ملزما له.
ومنه نجد أن المشرع في ما يتعلق بأجل ممارسة حق التراجع في عقد التخصيص، خرج عن أجل السبعة أيام وهي القاعدة المنصوص عليها في القانون رقم 31.08 من خلال مادته 36 ، بجعله مدة التراجع عن عقد التخصيص هي شهر ابتداء من تاريخ إبرامه وفقا للفصل 3-618 مكرر ثلاث مرات من القانون رقم 107.12، وبهذا يكون المشرع قد منح للمستهلك العقاري حماية أكثر وضمانة أقوى.
وفي حالة التراجع عن عقد التخصيص من طرف المشتري خلال الأجل القانوني المسموح به، فإن البائع يكون ملزما بإرجاع المبالغ المدفوعة والمحددة في %5 من الثمن الإجمالي وذلك داخل أجل لا يتعدى سبعة أيام ابتداء من تاريخ ممارسة هذا الحق.
إذا كان عقد التخصيص يفرض التزامات على البائع منذ إبرامه فإنه لا يصير ملزما للمشتري إلا بعد إنتهاء أجل حق التراجع المقرر له قانونا والمحدد في شهر ابتداء من تاريخ إبرامه، وبمجرد إنتهاء هذا الأجل دون تعبير المشتري عن حقه في التراجع عن عقد التخصيص فإن هذا الأخير، يرتب جميع الإلتزامات على طرفيه تحت طائلة اللجوء إلى القضاء لمطالبة الطرف المخل بهذه الإلتزامات بتنفيذها تنفيذا عينيا أو المطالبة بالفسخ مع التعويض.
غير أن عقد التخصيص ليس إلا عقدا محددا في الزمن تنتهي صلاحيته بإنتهاء المدة التي حددها القانون له وهي ستة أشهر غير قابلة للتجديد وفق ما تنص عليه الفقرة لثالثة من الفصل 3-618 مكرر ثلاث مرات من ق.ل.ع التي جاءت على الصياغة التالية “وتحدد صلاحية عقد التخصيص في مدة لا تتجاوز ستة أشهر غير قابلة للتجديد تؤدي لزوما إلى إيرام عقد البيع الابتدائي أو التراجع عن عقد التخصيص واسترجاع المبالغ المسبقة” .
ولعل حكمة المشرع في تحديد مدة ستة أشهر لكي لا يكون عقد تخصيص دائم، إما أن يقوم الطرفان بإبرام العقد الإبتدائي أو التراجع عن ذلك العقد في زمن محدد قانونا.
المطلب الثاني: ضمانات تنفيذ العقد الابتدائي
وعيا من المشرع المغربي بخصوصية البيع المنصب على العقار في طور الإنجار، فإنه تدخل في مرحلة تكوين العقد الابتدائي على مستوى تحديد شكل ومضمون هذا الأخير، غير أن الغاية التي اقتضت هذا التدخل استلزمت امتداده أيضا إلى مرحلة التنفيذ بهدف حماية المشتري باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية.
وعليه سنتطرق في هذا المطلب إلى حق المشتري في التقييد الاحتياطي للعقد الابتدائي (الفقرة الاولى)، ثم حقه في التصرف في المبيع من خلال الحق في التخلي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التقييد الإحتياطي للعقد الإبتدائي
إن التقييد الاحتياطي للعقد الابتدائي من أهم الوسائل الحمائية للمشتري في البيع الوارد على العقار في طور الإنجاز، وضمانة أساسية لتنفيذ العقد ، والمشرع المغربي لم يتطرق إلى تعريف التقييد الاحتياطي، بل اكتفى بتضمين أحكامه في نصوص وظهائر متفرقة 143 ، أما الفقه فقد قدم تعريفات عديدة للتقييد الاحتياطي، تعريفات اختلفت فقط في أساليب التعبير إلا أنها تتمحور كلها حول الوظيفة التحفظية التي تقوم بها هذه المؤسسة القانونية .
وعليه سيتم التطرق لشروط التقييد الاحتياطي في ظل القانون رقم 107.12 (أولا)
ثم تناول الآثار المترتبة على التقييد الاحتياطي لعقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز
(ثانيا).
أولا: شروط التقييد الاحتياطي
بالرجوع لظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 فإن المشرع حدد حالات التقييد الاحتياطي في ثلاث حالات؛ وتتعلق بالتقييد الاحتياطي بناء على سند، والتقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي، وكذلك التقييد الاحتياطي بناء على مقال في الدعوى .
وإذا كانت هذه هي الحالات العامة للتقييد الاحتياطي، فإن المشرع نظم حالات خاصة للتقييد الاحتياطي نظرا للخصوصية التي تتميز بها، ومن بينها التقييد الاحتياطي للعقد الابتدائي المتعلق ببيع عقار في طور الإنجاز، وفقا للفصل 10-618 من القانون رقم 107.12، الذي نص على ما يلي: “يجوز للمشتري إذا كان العقار محفظا، أن يطلب إجراء تقييد احتياطي بناء على عقد البيع الابتدائي إذا تجاوزت التسبيقات %50 من ثمن البيع، ويبقى التقييد الاحتياطي ساريا إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي وذلك للحفاظ المؤقت على حقوق المشتري، وكل شرط مخالف يعتبر باطلا، يبقى التقييد الاحتياطي ساري المفعول إلى غاية تقييد عقد البيع النهائي بالرسم العقاري الخاص بالمبيع … “.
إذا لكي يستفيد مشتري العقار في طور الإنجاز من هذه الآلية القانونية ويضمن حقوقه عليه قبل كل شيء أن يستوفي الشروط التي وضعها المشرع، وذلك طبقا للفصل 10-618 من القانون رقم 107.12 والمتمثلة أساسا في:

  • الشرط الأول: وجود عقد ابتدائي صحيح
    لإجراء التقييد الإحتياطي على الرسم العقاري لابد من وجود عقد ابتدائي صحيح تتوفر فيه جميع الأركان، كما أنه لا يعتد بهذا العقد إلا إذا حرر بموجب محرر رسمي أو عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونيا تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان ، مما يكون معه هذا العقد طبقا للقانون عقدا شكليا، لا يتم بمجرد تراضي عاقديه، بل يجب لتمامه إضافة إلى ذلك اتباع شكل مخصص يعينه القانون، وتكون هذه الشكلية المطلوبة لانعقاده ركنا من أركان العقد، وإلا كان البطلان جزاء عدم توفرها .
  • الشرط الثاني: تجاوز التسبيقات %50 من ثمن البيع
    من الأمور التي ساهمت في تعقيد وغموض إجراء التقييد الاحتياطي الذي خوله المشرع للمشتري في الفصل 10-618 من القانون رقم 44.00 قبل تغييره، هو استلزام الحصول على موافقة البائع من أجل إجراء تقييد احتياطي.
    وقد أكد الأستاذ محمد الشيلح ، على أن من باب الحماية الواجبة للمشتري ولو في حدودها الدنيا أن يضمن أمله كمستهلك في الحصول على الملكية بالتقييد الاحتياطي، وأن تقييد حق المشتري في التقييد الاحتياطي فيه إجحافا كبيرا في حقه مما يجب معه الإبقاء على التقييد الاحتياطي دون موافقة البائع .
    ولإيجاد حل قانوني لهذه المشكلة فإن القانون الجديد المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز رقم 107.12 أوجد حلا توافقيا يرضي الطرفين، البائع والمشتري على حد سواء، وذلك باستبعاد الشرط المتعلق بضرورة موافقة البائع على إجراء التقييد الاحتياطي، إلا أن استفادة المشتري بهذا الحق تظل مرهونة بتجاوز سقف التسبيقات التي قدمها المشتري للبائع حدود %50 من ثمن البيع الإجمالي ، وذلك بهدف قطع الطريق أمام المشترين الذين لا تتجاوز دفعاتهم الحد المشار إليه أعلاه .
  • الشرط الثالث: تقديم طلب إلى المحافظ على الأملاك العقارية
    يتعين على المشتري عند توفر الشروط المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 618-10 من القانون رقم 107.12، أن يتقدم للسيد المحافظ على الأملاك العقارية بطلب يطلب بموجبه إجراء تقييد احتياطي على العقار محل عقد البيع الابتدائي، ويجب أن يتضمن كافة البيانات المنصوص عليها في الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري، ويتعين أيضا إرفاقه بنسخة من العقد الابتدائي، وكذا بنظير الرسم العقاري، وكذلك يجب على المشتري أن يرفق هذا الطلب بما يفيد أن التسبيقات التي أداها تجاوزت %50 من ثمن البيع أي نصف ثمن البيع، وبعد ذلك يقوم المحافظ بالتحقق من كون الطلب وسائر مرفقاته يبرر إجراء التقييد المطلوب ، وبما أن القانون 107.12 لم يفصل في إجراءات التقييد الإحتياطي فإنه يتم الرجوع في ذلك للإجراءات المنصوص عليها في ظ، ت، ع.
    ثانيا: آثار التقييد الاحتياطي في ظل القانون رقم 107.12
    نظم المشرع المغربي التقييد الاحتياطي في إطار قانوني مضبوط، حيث يلجأ إليه كل صاحب حق تعذر عليه تقييده نهائيا بالرسم العقاري .
    ويترتب عن التقييد الاحتياطي لعقد البيع الابتدائي في إطار القانون رقم 44.00 والمتمم بالقانون رقم 107.12 آثار خاصة لحماية حقوق المشتري يمكن إجمالها في كل من:
  • سريان التقييد الإحتياطي بآثر رجعي:
    إن التقييد الاحتياطي إجراء يقوم به من يدعي حقا تعذر عليه تقيده لسبب من الأسباب، وعليه فمتى قام بذلك يكون قد أحاط حقوقه بنوع من الحماية التشريعية إلى تاريخ تقييد عقد البيع النهائي ، وذلك لتوفير الثقة والاطمئنان، لأن محل التعامل هو عقار في طور الإنجاز، إذ بمجرد إبرام العقد النهائي وتقييده لدى المحافظة العقارية يسري هذا التقييد بآثر رجعي من تاريخ إجراء التقييد الاحتياطي.
    وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد استبعد هنا آجال صلاحية التقييد الاحتياطي المنصوص عليها بموجب الأحكام العامة للتحفيظ العقاري، معتمدا أجلا خاصا بموجبه يستمر مفعول هذا التقييد إلى حين تقييد عقد البيع النهائي بالرسم العقاري الخاص بالمبيع .
  • حرمان البائع من نظير الرسم العقاري:
    الأصل حسب ظهير التحفيظ العقاري أن للمالك الحق في الحصول على نظير الرسم العقاري ، لكن المشرع المغربي حدد حالات يحرم فيها المالك من تسلم هذا النظير ومن هذه الحالات نجد حالة التقييد الاحتياطي في إطار القانون 44.00 المغير والمتمم بموجب القانون رقم 107.12 حيث أن القيام به على الوجه المنصوص عليه في الفصل 10-618 يؤدي إلى حرمان البائع للعقار في طور الإنجاز من تسلم نظير الرسم العقاري، حيث نصت الفقرة الثالثة من الفصل أعلاه على أنه “بمجرد إجراء التقييد الاحتياطي، يمنع على المحافظ على الأملاك العقارية تسليم نظير الرسم العقاري إلى البائع”.
    ولعل الغاية من حرمان البائع من تسلم نظير الرسم العقاري تتمثل في منعه من التصرف في المبيع وقطع الطريق أمامه للقيام بأي تصرف يضر بمن سبق التعاقد معه، بشأنه، ومن ثم لا يملك البائع إلا التسليم بتنفيذ التزاماته اتجاه المشتري دون التصرف من جديد في الحق محل القيد المذكور .
    حيث ينص الفصل 89 من ظ، ت، ع في فقرته الأولى على ” إذا كان الطلب يتعلق بحق يقتضي إنشاؤه موافقة المالك المقيد والحائز لنظير الرسم العقاري فيجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يرفض التقييد عند عدم الإدلاء بالنظير”
    وبذلك يظهر أن منع المحافظ العقاري من تسليم نظير الرسم العقاري إلى البائع يشكل ضمانة قوية لصالح المستهلك، رغم أنها مقتصرة على العقارات المحفظة.
    الفقرة الثانية: ممارسة الحق في التخلي
    منح المشرع المغربي للمشتري في عقد بيع العقار في طور الإنجاز إمكانية التخلي عن حقه للغير طالما أنه يملك حقا شخصيا على العقار ولم تنتقل إليه الملكية بعد ليتم نقل لملكية عن طريق البائع، وذلك نظرا للظروف التي تستجد له خلال فترة إنجاز العقار والتي قد تضطره إلى عدم الإستمرار في هذا العقد، وقد نص المشرع على هذا المقتضى في الفصل 13-618 من ق.ل.ع على أنه: “يجوز للمشتري التخلي عن حقوقه المترتبة عن بيع العقار في طور الإنجاز لشخص آخر.
    يجب أن يتم هذا التخلي وفق الشكل والكيفية المقررين لعقد التخصيص أو لعقد البيع الابتدائي والمنصوص عليهما في الفصول 3-618 و3-618 مكرر و3-618 مكرر مرتين أعلاه.
    لا يسري هذا التخلي في مواجهة البائع إلا إذا بلغ به بإحدى الطرق المعتمدة قانونا.
    تنتقل بقوة القانون حقوق والتزامات البائع إلى المشتري الجديد”.
    بمقتضى هذا للفصل يكون المشرع خول للمشتري التخلي عن حقوقه في بيع العقار في طور الإنجاز، فقد يضطر إلى ذلك من جراء ظرف شخصي كالسفر أو الانتقال إلى مدينة أخرى فلا يستطيع الاستمرار في إتمام مراحل التعاقد فيرى إحالة حقوقه إلى غيره .
    إن التخلي المنصوص عليه في القانون رقم 107.12 يقصد به إعطاء الحق لمشتري العقار في طور الإنجاز أن يتخلى عن حقوقه للغير للحلول محله في الحقوق المكتسبة بناء على العقود التمهيدية لهذا البيع وتحمل الالتزامات، فيحل المتخلى له من طرف المشتري محل هذا الأخير في استكمال الأقساط مقابل تملك العقار عند حلول أجل التسليم.
    ولعل أهم الفوائد التي يحققها التخلي تتمثل فيما يلي:
  • رغبة المشرع في منح عقد البيع الوارد على عقار في طور الإنجاز مرونة أكبر، قصد
    التكيف مع تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية أو المالية أو الوظيفية التي قد يجتازها المشتري، والتي تضطره إلى عدم تحمل سريان آثار العقد مستقبلا .
  • قد يحصل أن يغير المشتري نظرته في التعاقد على عقار في طور الإنجاز، وامام غياب حق التراجع المنصوص عليه في مرحلة عقد التخصيص سيصعب عليه التراجع عن العقد في مراحل التعاقد الابتدائي، مما يكون معه التخلي عن حقوقه للغير وسيلة تخوله التراجع بطريقة غير مباشرة وتجنبه أداء التعويضات المنصوص عليها في القانون رقم 107.12
  • يعد التخلي أيضا بالنسبة للبائع وسيلة لاقتصاد الجهد والنفقات المترتبة عن إنهاء العقد مع المشتري الأول، وإبرام عقد آخر مع مشتري جديد وما يتطلبه ذلك من إهدار للوقت في البحث عن متعاقد جديد واستنفاذ أشواط طويلة من المفاوضات .
    وإذا كان انعقاد التخلي يكون برضا المشتري والمتخلى له، فإنه ليكون نافذا في مواجهة البائع والغير لابد من احترام شروط نص عليها المشرع في الفصل 13-618 من القانون رقم 107.12 وهي على الشكل التالي:
  • الشرط الأول: اشترط المشرع لكي يسري التخلي في مواجهة البائع أن يتم تبليغه بإحدى الطرق المعتمدة قانونا، ومن تم فإنه يكون قد وضع حدا للوضع الذي كان سائدا في ظل القانون القديم رقم 44.00 قبل تعديله بشأن وسيلة التبليغ التي يتعين سلوكها لإخبار البائع بموضوع التخلي من قبل المشتري، فقد كان يكتفي بإعلام البائع برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل .
    لكن وبموجب التعديل الذي أدخله المشرع على القانون رقم 44.00 وذلك بتتميمه بالقانون الجديد رقم 107.12 أصبح هذا الإعلام يتم وفقا لطرق التبليغ المنصوص عليها بقانون المسطرة المدنية، فانعقاد التخلي لا يكفي لجعله نافذا في حق -المنعش العقاري- لأن التخلي ينعقد بدون رضائه، بل لابد من تبليغه لكي لا يصدر منه تصرف يضر بالمحال له، وتجنب الحالة التي يكون فيها المتخلي سيء النية ويتصرف تصرفا جديدا يضر بمن سبق التعاقد معه .
  • الشرط الثاني: إن عقد التخلي ولكي يعتبر نافذا في مواجهة البائع والغير يلزم إبرامه كتابة، وذلك إما في محرر رسمي أو في عقد ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود، أو في محرر ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه بين الأطراف إذا كان التفويت في مرحلة عقد للتخصيص .
    وعليه فالمشرع أوجب أن يتم التخلي وفق الشكل والكيفية المخصصة لعقد بيع لعقار في طور الإنجاز حسب المرحلة التي يوجد فيها بيع العقار في طور الإنجاز، فإن كان في مرحلة العقد الابتدائي فيجب تحريره في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يحرره محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض تحت طائلة البطلان .
    وقد سبق لمحكمة النقض وهى بصدد النظر في شروط إعمال التنازل عن شقة في طور الإنجاز أن قضت بأنه : “لكي ينتج الالتزام بالبيع المنصب على عقار محفظ أثره يكفي أن يكون منصبا على محل معلوم أو قابل للتعيين، وعلى الثمن والمثمن وباقي الشروط الأخرى، وأن تمسك أحد طرفي الالتزام به لإعماله بمثابة موافقة منه على هذا الالتزام ولا يفقد إذ ذاك من قيمته القانونية لعدم التوقيع عليه من طرف من تمسك به ما دام أن الطرف قد وقع عليه وتمت المصادقة على توقيعه أمام الجهات المختصة، وبالتالي أفضى هذا التوقيع عليه صبغة الالتزام سيما وقد تضمن جميع مقومات العقد وخصوصا دفع مقابل التنازل لفائدة الشركة البائعة، والمحكمة التي استجابت لطلب الطاعن بإتمام إجراءات البيع تكون قد سايرت مجمل ما ذكر أعلاه ولم تخرق المقتضيات المحتج بخرقها” .
    ويتضمن عقد التخلي نفس البيانات كما لو تعلق الأمر بعقد التخصيص أو عقد البيع الابتدائي ، حيث يجب أن يتضمن حسب الفصل 3-618 مكرر أسماء المتعاقدين ومحل المخابرة والبيانات المتعلقة بالعقار والثمن إلى غيره من البيانات الإلزامية، كما أن حق التخلي الممنوح لمشتري عقار في طور الإنجاز، يشكل حماية لهذا الأخير في حالة حدوث ما لا يسعفه على إتمام التعاقد مع البائع، والحماية الأكثر هي عدم استجابة المشرع خلال مناقشة مشروع القانون رقم 107.12 لجعل هذا التخلي يتم بموافقة البائع .
    نتيجة لهذا التخلي تترتب آثار مهمة تتجلى في كون أن حقوق والتزامات المشتري الأول تنتقل إلى المشتري الجديد وفق ما تنص عليه الفقرة الرابعة من الفصل 13-618 من ق.ل.ع، وذلك بقوة القانون أي مع تجريد البائع من إبداء أي معارضة، ومنع المشتري الجديد من إجراء أي تعديل .
    يترتب على هذا التخلي حلول المشتري الجديد محل المشتري الأول في كافة الحقوق والالتزامات المترتبة له وعليه في مواجهة البائع، بحيث يلتزم هذا الأخير أساسا بإتمام إنجاز المشروع طبقا للمواصفات والآجال المحددة منذ البداية، وبالمقابل يلتزم المشتري الجديد بأداء أقساط الثمن المتبقية، وذلك طبقا للجدولة الزمنية المحددة مسبقا في الفصل 6-618 من القانون رقم 107.12.
    ولتحقيق كل الآثار المترتبة عن هذا التخلي يتعين على الطرف المتخلي أن يسلم للطرف المتخلي له كل الوثائق والمستندات ويزوده بكل البيانات والمعلومات الكفيلة بتحديد حقوقه والتزاماته في مواجهة المنعش العقاري البائع .

الفصل الثاني:
حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال عقد البيع النهائي


إن تنوع الملكية العقارية في المغرب أدى إلى تعدد الأنظمة القانونية المؤطرة لها مما خلق وضعية جد معقدة، وأصبحت معه الوضعية القانونية عاجزة على مواكبة التطورات والتحولات التي عرفها المجال العقاري، الأمر الذي نتج عنه مجموعة من المشاكل على مستوى الاستثمار في الميدان العقاري.
ولعل التحديات المستقبلية التي يشهدها المغرب، والطلب المستمر على العقار، يستلزم بالضرورة توحيد المفاهيم وتحديث القوانين المنظمة للمعاملات العقارية، ومواكبة الأشكال الجديدة للتعاقد من خلال فرض شكلية تضمن الحفاظ على حقوق أطراف العقد وتساهم في إرساء أمن تعاقدي .
وعندما يتم إبرام عقد البيع وفقا لما هو منصوص عليه في القانون أو ارتضاء الأطراف بمقتضى اتفاق ويكون مستجمعا لعناصر صحته، فإنه يرتب جملة من الآثار القانونية الملقاة على عائق كل من البائع والمشتري، ومن تم فإن كل طرف ملزم بتنفيذ التزاماته اتجاه الطرف الآخر، ولكن هذا التنفيذ في بيع العقار في طور الإنجاز ينفرد بنوع من الخصوصية التي تميزه عن تنفيذ الإلتزامات المضمنة في القواعد العامة لعقد البيع ، وهذا التمييز يجد أساسه في طبيعة المحل في ببع العقار في طور الإنجاز والذي يرد على شيء مستقبلي .
إن أهم خصوصية في بيع العقار في طور الإنجاز تتمثل في أنه لا يتم إبرامه في عقد واحد، بل يتطلب إنشاؤه المرور بمجموعة من المراحل، بداية بعقد التخصيص كمرحلة اختيارية والعقد الابتدائي كمرحلة الزامية، لينتهي بإبرام العقد النهائي.
ويرتب العقد النهائي آثار تتجلى في التزام البائع بنقل ملكية العقار للمشتري وتسليم المبيع، وبالمقابل يلتزم المشتري بأداء باقي الثمن، كما يلتزم البائع بضمان انتفاع المشتري بعقاره انتفاعا هادئا، ومن ثم يتوجب عليه ألا يقوم بأي عمل قد يؤثر على استغلال المشتري لعقاره وفق ما خصص له، ولتحقيق ذلك يقع على البائع ضمان كل تعرض قد يشكل تشويشا على المشتري،” إضافة إلى ضمان استحقاقه لهذا العقار، كما يلتزم أيضا بضمان العيوب التي قد تشوب العين المبيعة، ويتحمل الالتزام بالضمان لمدة محددة وهو ما يسمى بالضمان المعماري
ومن تم سأقوم بمعالجة هذا الفصل من خلال التطرق إلى حماية المستهلك عند إبرام العقد النهائي (المبحث الأول) وكذلك إلى حماية المستهلك من خلال الأثار الناتجة عن عقد البيع النهائي (المبحث الثاني).

المبحث الأول: حماية المستهلك عند إبرام العقد النهائي
نظرا لتشعب المراحل التي يمر بها الأطراف في بيع العقار في طور الإنجاز، واعتبارا كذلك للأضرار التي لطالما عانى منها المشتري في ظل القانون رقم 44.00 قبل تعديله، فإن المشرع عمل جاهدا من خلال القانون الجديد رقم 107.12 على بصم كل مرحلة من تلك المراحل ببصمة ذات طابع حمائي، وذلك قصد بعث الثقة والارتياح في نفوس المتعاملين.
وطبقا للقواعد العامة يعتبر الامتناع عن تنفيذ العقد خرقا للقانون وبالتحديد لمبدأ القوة الملزمة للعقد لذلك كان لزاما التصدي له، لأن هذا المبدأ يتجرد من كل معنى إذا استطاع المتعاقد التخلص من التزاماته التي ابرمها بمحض إرادته، لهذا خول المشرع للدائن بالالتزام غير المنفذ جملة من الوسائل القانونية التي تمكنه من مواجهة المدين المخل وإجباره على احترام التزاماته .
لهذا وتماشيا مع خصوصيات بيع العقار في طور الإنجاز، فإن المشرع أعطى الحق للطرفين بمقتضى الفصل 19-618 من القانون رقم 107.12 في حالة امتناع أحدهما عن إبرام العقد النهائي، في اختيار رفع دعوى إتمام إجراءات البيع أو فسخ العقد التمهيدي مع الحق في التعويض، لذلك سأقوم بدراسة هذا المبحث من خلال التطرق أولا إلى شروط إبرام العقد النهائي (المطلب الأول) وثانيا إلى إجراءات إبرام عقد البيع النهائي (المطلب الثاني)
المطلب الأول: شروط إبرام العقد النهائي
يقتضي إبرام عقد البيع النهائي للعقار طبقا للقانون رقم 107.12 احترام كل طرف لالتزاماته المضمنة في عقد البيع الابتدائي، كما أن الهدف الرئيسي من تنظيم عمليات بيع العقار في طور الإنجاز هو تمكين الاطراف من الوصول إلى إبرام عقد البيع النهائي وانتقال ملكية المبيع .
ورغم كون الانتهاء من الأشغال أمرا ضروريا، إلا أن المشرع لم يجعله كضابط لإبرام العقد النهائي، إذ بموجب الفصلين 15-618 و16-618 فإن إبرام العقد النهائي يتوقف على ضرورة توفر مجموعة من الشروط التي تساهم في منح الحماية للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، كالحصول على رخصة السكن وتقديم شهادة الانتهاء من الأشغال (الفقرة الأولى) ثم استخراج الرسوم العقارية الفرعية وأداء الثمن المتبقي (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الحصول على رخصة السكن وتقديم شهادة الانتهاء من الأشغال
يلزم العقد النهائي التوفر على بعض الشروط لقيامه، فالمشرع في القانون رقم 107.12 نص على ضرورة إبرام العقد النهائي باعتباره ضمن هاته العقود التي ينظمها هذا القانون، وخصه بشروط منصوص عليها في الفصلين 15-618 و16-618، من خلالهما يتبين أن المشرع قد أعد الشروط الواجبة لقيام هذا لعقد.
أولا: الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة
نص الفصل 15-618 من ق.ل.ع على أنه ” لا يعتبر العقار محل البيع منجزا ولو تم الانتهاء من بنائه، إلا بعد الحصول على رخصة السكنى أو شهادة المطابقة” ويستشف من مضمون هذا الفصل أن إنجاز العقار ليس رهينا بانتهاء أشغال البناء، وإنما لابد من الحصول على رخصة السكنى أو شهادة المطابقة.
وانطلاقا من مقتضيات المادة 55 من قانون التعمير فإن أي استعمال لمبنى من طرف مالكه بدون الحصول على رخصة السكن في حالة كون العقار مخصص لغرض السكن يعتبر مخالفة، إذ أن استغلال البائع للعقار قبل الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة قد يعرضه لغرامة مالية تتراوح بين 2000 و10.000 درهم عند استعماله لنفسه، وبغرامة تتراوح بين 10.000 و100.000 درهم عندما يجعله في متناول الغير .
وتتمثل الجهة المعنية بتسليم رخصة السكن وشهادة المطابقة في العامل في حالات استثنائية أو رئيس مجلس الجماعة التي يوجد العقار في دائرة نفوذها، وذلك وفق الإجراءات والشروط التي تحددها السلطة التنظيمية، وبناء على طلب من المالك الذي يجب عليه أن يصرح بانتهاء عملية البناء ويتم تحرير الرخصة والشهادة بعد إجراء معاينة للتحقق من أن الأشغال أنجزت وفق ما يجب، لكن في الحالة التي يتولى فيها المهندس المعماري القيام بهذه المعاينة فيمكن للإدارة أن تكتفي بشهادته، حسب مقتضيات المادة 55 من مدونة التعمير .
وتجدر الإشارة إلى أن رخصة السكن يتم استصدارها إذا تعلق الأمر بعقار مخصص بغرض السكن، أما إذا كان العقار معدا لغرض غير السكن فيتم استصدار شهادة المطابقة ، وهي بهذا المعنى مرادفة في دلالتها وحجيتها لرخصة السكنى، لأنها تتضمن شهادة إدارية باحترام البائع للتصاميم الهندسية كما رخص بها في البداية على نحو ينسجم وضوابط التهيئة العمرانية .
ويتعين على البائع بمجرد حصوله على رخصة السكن أو شهادة المطابقة وعلى أبعد تقدير داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخهما أن يخبر المشتري بذلك في محل مخابرته المصرح به في عقد البيع الابتدائي أو عند الاقتضاء في عقد التخصيص بإحدى طرق التبليغ المعتمدة قانونا ، وذلك من أجل تمكين المشتري من الاستعداد للتعاقد عن طريق تدبير بقية الثمن، وكذا التأكد من انتهاء الأشغال.
حيث جاء في قرار لمحكمة النقض “ولما كان يتعين على البائع وبمجرد حصوله على الرخصة المذكورة وعلى أبعد تقدير داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخها، أن يخبر لمشتري بذلك وفق مقتضيات الفصل المذكور بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، ولما كان الثابت من وثائق الملف أن هذا الإشعار لم يتم القيام به داخل الأجل المضروب بالعقد الابتدائي فإنه وفقا للفصل المشار إليه لا يجوز لأحد المتعاقدين أن يلجأ إلى المحكمة ويطلب فسخ العقد أو إتمام البيع مادام لم يتم ذلك داخل 30 يوما الموالية لتاريخ التوصل بالإشعار المنصوص عليه…” .
والغاية المتوخاة من فرض الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة التأكد بعد انتهاء عملية البناء وقبل استعمال المبنى، من أن الأشغال المنجزة تمت وفقا لرخصة البناء وضوابط التعمير والبناء أو في الميدان الصحي والوقائي وغيرهما، ومن ثم التأكد من سلامة ومتانة البناء وصلاحيته للاستعمال، وبذلك تتحقق غاية أخرى وهي الحيلولة دون حدوث انهيارات او تلاشي كلي أو جزئي للمبنى بسبب الغش أو التقصير أو التراخي في مراقبة البناء.
والحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة له أهمية خصوصا على مستوى الآثار التي يرتبها وتتجلى أهمها في اعتبار العقار منجزا وفقا للفصل 15-618 من القانون رقم 107.12، وكذا الإشتراك النهائي في خدمتي الماء والكهرباء لأن الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة يخول لصاحب العقار ربط محله السكني أو لتجاري بصفة نهائية بكل من الشبكة الكهربائية للتوزيع العمومي والشبكة العمومية لتوزيع الماء الصالح للشرب .
إلى جانب الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة، ومن أجل تحرير العقد النهائي للعقار في طور الإنجاز، لابد من وضع البائع لدى محرر العقد شهادة مسلمة من مهندس معماري تثبت نهاية الأشغال ومطابقة البناء لدفتر التحملات، فكيف لهذه الشهادة أن تحمي مشتري عقار في طور الإنجاز؟
ثانيا: تقديم شهادة انتهاء الأشغال ومطابقة دفتر التحملات
الزم المشرع المغربي البائع أن يضع لدى محرر العقد شهادة مسلمة من المهندس المعماري تثبت أن الأشغال قد انتهت وأن العقار مطابق لدفتر التحملات، وذلك حماية للمشتري حتى يوقع العقد النهائي وهو مطمئن أن العقار موافق للشروط المتفق عليها في العقد الابتدائي، وخاصية هذه الشهادة أنها تمنح بناء على طلب المشتَري، ذلك أنه بعد الإنتهاء من عملية البناء وتمام الأشغال فإن المشتري يكتفي بمعاينة البناء، ويعتبر أنه مطابق لما ورد في دفتر التحملات، وقد يرتأي أن المطابقة يلزم إثباتها عن طريق شهادة من أحد ذوي الاختصاص، ففي هذه الحالة يحق له التمسك بذلك، ولا يمكن إبرام العقد النهائي إلا بعد حصول البائع عليها وإدلائه بها.
فشهادة مطابقة العقار لدفتر التحملات في حقيقتها هي وجه من أوجه الحماية المخولة للمشترين على اعتبار أنه لم يعاين محل العقد الذي لم يكن موجودا أثناء التعاقد، ولكنه يشتري على أساس أن البائع سيقوم بإنجاز المبيع وفق مواصفات معينة، ولذلك فمن حقه أن يتأكد من توفرها عند إبرام العقد النهائي .
وهو ما كرسه المشرع من خلال مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 16-618 من القانون رقم 107.12 التي تنص على ما يلي: ” يبرم عقد البيع النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618 المشار إليه أعلاه، بعد وضع البائع لدى محرر العقد شهادة مسلمة من المهندس المعماري تثبت نهاية الأشغال ومطابقة البناء لدفتر التحملات” هذه الشهادة يتم إنجازها إما من طرف مهندس معماري أو من شركة المهندسين المعماريين بناء على طلب البائع، ويكون موضوعها التأكد من مدى مطابقة ما تم إنجازه من أشغال مع وصف العقار كما ورد ذكره في دفتر التحملات.
وكما هو معلوم فإن المهندس المعماري تناط به مهمة التخطيط المعماري للمباني والتجزئات العقارية وإعداد التصاميم المتعلقة بها والإشراف على تنفيذها، وتناط به أيضا مهمة مراقبة صحة البيانات الحسابية للمقاولين المساهمين في إنجاز الأعمال الخاصة بهذه لعمليات، ويقوم بذلك وفق الوكالة التي يسندها إليه عميله.
ومهمة المهندس المعماري في إطار الفصل 16-618 من القانون رقم 107.12 تجلى في التأكد من تنفيذ العقد من الناحية المادية، بمعنى إنجاز العقار المبيع طبقا للمواصفات المتفق عليها في العقد الابتدائي وعقد التخصيص في حالة إبرامه، والتحقق من قيام أشغال البناء حسب التصاميم والبطاقة التقنية – في حالة وجودها -، بالإضافة إلى تنفيذ كل اتفاق خاص بشكليات معينة يجب إدخالها على العقار المبيع كاختيار نوع معين من الصباغة أو من الزليج أو من الخشب الممتاز مثلا ، ليتم بعدها إيداع هذه الشهادة من طرف البائع لدى محرر العقد، وذلك حتى يقوم هذا الأخير بتبصير وإعلام المشتري مضمون هذه الشهادة قبل التعاقد.
ولعل الغاية من تكريس هذا الشرط تتجلى في ضرورة حماية مصالح المشتري كطرف ضعيف في علاقة تعاقدية تتعلق ببيع مستقبلي يكتنفه الكثير من الخطر، وبالتالي فهذه الضرورة هي التي استدعت استصدار المهندس لهذه الشهادة وذلك لمواجهة أي نعسف أو تلاعب محتمل من البائع من شأنه إبرام العقد النهائي بعد إتمام الثمن الإجمالي وبدون إنجاز العقار المبيع في المقابل، أو إنجازه وهو مثقل بالعيوب أو مخالف للمواصفات التي تم التعاقد بشأنها .
الفقرة الثانية: استخراج الرسوم العقارية الفرعية وأداء الثمن المتبقي
إذا كان إبرام العقد النهائي لبيع العقار في طور الإنجاز، يتوقف على ما تطرقنا له في الفقرة الأولى يدخل في البيانات والإجراءات التي ينبغي على البائع القيام بها، فإن المشتري يكون ملزما باستخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقار المحفظ أداء ما تبقى من الثمن وهو ما نص عليه المشرع في الفصل 618.16 من القانون 107.12.
أولا: استخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقار المحفظ
يعد هذا الشرط من المستجدات التي جاء بها التعديل الأخير والذي ألزم المشرع من خلاله البائع إذا كان العقار محفظا أن يقوم بالإجراءات اللازمة لتحيين الملك موضوع الرسم العقاري من أجل استخراج رسوم عقارية فرعية.
وأكد في الفقرة الثانية من الفصل 16-618 من القانون رقم 107.12 على أن إبرام العقد النهائي لبيع عقار في طور الإنجاز يتوقف على استخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقارات المحفظة.
وبذلك فإن البائع يتحمل التزام إفراز رسوم عقارية فرعية بكل جزء مفرز، كما يتعين عليه أن يخبر المشتري بواسطة نفس طرق التبليغ المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 18-618 من القانون رقم 107.12 بتاريخ استخراج الرسوم العقارية الفرعية داخل أجل لا يتجاوز ثلاثين يوما الموالية لهذا التاريخ، لأن المشتري هو من أصبح مالك العقار وبذلك فهو الوحيد من له سحب نظير الرسم العقاري
وهذا ما يتماشى مع ظهير التحفيظ العقاري ، فإذا كان الرسم العقاري الواحد لا يمكن أن يخص إلا عقار واحد فقط سواء كان ذلك عبارة عن قطعة واحدة أو عدة قطع مادامت تشكل في مجموعها وحدة عقارية، فإن تجزئة العقار إلى أجزاء مفرزة توجب تحديد كل قطعة من طرف مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري يكون مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين والذي يقوم بنقل عملية التجزئة إلى التصميم ويؤسس رسم عقاري وتصميم مستقلين لكل جزء من العقار .
يتم التصميم المعماري من طرف مهندس مساح طبوغرافي محلف مهمته إعداد تصميم هندسي لكل قطعة على حدة، أي أنه يقوم باستخراج تصاميم فرعية انطلاقا من التصميم الأم بناء على المعطيات الواردة في عقد البيع الابتدائي التي تحدد المساحة والوصف الدقيق للعقار موضوع البيع، ثم بعدما تصبح هذه التصاميم الفرعية جاهزة تخضع لرقابة المحافظ العقاري ليتأكد من صحة المعطيات القانونية والتقنية المتعلقة بكل جزء مفرز، ليتم بعدها المصادقة وإصدار قرار بتأسيس رسم عقاري فرعي مستقل بكل جزء من هذه الأجزاء .
ويترتب على إفراز الرسوم العقارية من طرف البائع آثار مهمة تتجلى في نقل المحافظ على الأملاك العقارية كل تقييد احتياطي مضمن بالرسم العقاري الأصلي إلى الرسم العقاري الفرعي المتعلق به ، بالإضافة إلى اكتساب الرسم العقاري الفرعي نفس حجيه الرسم العقاري الأصلي وذلك تطبيقا لقاعدة “الفرع يتبع الأصل”، وذلك على إثر تحفيظ العقار الخاضع لنظام الملكية المشتركة .
ثانيا: أداء ما تبقى من ثمن البيع
لإبرام العقد النهائي لابد أن يتحصل البائع على ما تبقى من ثمن البيع المحدد في عقد البيع الابتدائي، حيث ينص الفصل 16-618 من القانون رقم 107.12 على أنه “يبرم عقد البيع النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618 المشار إليه، بعد وضع البائع لدى محرر العقد شهادة مسلمة من المهندس المعماري تثبت نهاية الأشغال ومطابقة البناء لدفتر التحملات”.
ويتوقف تحرير عقد البيع النهائي على الإدلاء برخصة السكن أو شهادة المطابقة واستخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقارات المحفظة، وبعد أداء المشتري ما تبقى من ثمن البيع كما هو محدد في عقد البيع الابتدائي” .
إذ أن الثمن في بيع العقار في طور الإنجاز هو أداء عبر أقساط حيث يتم عبر مراحل بحسب تقدم الأشغال، حماية للمشتري من كل طارئ قد يتعرض له المشروع، ويتعين أن يكون الثمن الذي ينعقد به البيع حقيقيا، أي يدفعه المشتري نظير حصوله على ملكية المبيع، ويتم التصريح به في العقد دون محاباة ، ولا يكون هذا الثمن تافها أيضا، أي لا يتناسب مطلقا مع قيمة المبيع.
وبخصوص إثبات أداء الثمن فإنه ولما كان بيع العقار في طور الإنجاز يحرر في عقد رسمي أو ثابت التاريخ حسب الفصل 3-618 من ق.ل.ع، حيث يشهد القائم بالتحرير عادة بحصول الأداء المستحق فورا، معاينة أو اعترافا مع ما يترتب عن هذا من حجة في الإثبات به، وعندما يدعي المشتري أداء أي قسط من الثمن دون حجة كتابية ثبت ذلك يكون عليه أن يقدم البينة على هذا الأداء طبقا للقواعد العامة في الإثبات.
وإثبات أداء الثمن يتم في الغالب عن طريق وصل المخالصة الذي يؤديه البائع لمشتري لإبراء ذمته منه .
المطلب الثاني: إجراءات إبرام عقد البيع النهائي
لقد وضع المشرع المغربي خطوات محددة لإبرام العقد النهائي، مرورا من الشروط الواجبة كما سبق ذكره أعلاه، وصولا إلى إجراءات إتمام البيع، الأمر الذي حدده المشرع في الفصول 618.18 و618.19 من القانون 107.12 (الفقرة الأولى)، ثم إلى دعوى إجراء إتمام البيع في حالة امتناع أحدهما عن إبرام العقد النهائي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إجراءات إتمام البيع
يقتضي إبرام عقد البيع النهائي للعقار طبقا للقانون 107.12 المعدل والمغير للقانون 44.00 احترام كل طرف لالتزاماته المضمنة في البيع لابتدائي لهذا العقار، فالبائع من جهته يتعين عليه أن يتم انجاز أشغال البناء التي وعد بها طبقا للتصاميم المعتمدة وكدا الشروط الواردة في دفتر التحملات، وأن يبرهن على ذلك باستصدار رخصة السكنى أو شهادة المطابقة مقدمة من طرف المنعش العقاري أو المقاول، والمشتري من جهته يجب عليه دفع الثمن المتبقي حيث تجري العادة على سداد قسطه المتبقي عند توقيع العقد النهائي .
والواقع أن تحديد وقت بدء إجراءات إتمام البيع على هذا النحو منطقي جدا، لأن الحصول على رخصة السكنى أو شهادة المطابقة كما سبق بيانه، يعد إثباتا لقيام البائع بالوفاء بالتزامه يتعين معه إشعار المشتري .
وهو ما يقرره المشرع الفرنسي كذلك بطريقة مختلفة تتمثل في إرسال مشروع البيع للمشتري قبل شهر من إبرام العقد النهائي .
وإن البعد الحمائي لإجراءات إتمام بيع العقار في طور الإنجاز لا يستهدف فقط المشتري هنا، بل حقيق مصلحة الطرفين، بحيث أن مصلحة المشتري تكمل في تملك العقار الذي اشتراه وهو مكتمل البناء والتجهيز على النحو المحدد مسبقا في العقد الابتدائي، وتتجلى مصلحة البائع كذلك في تحصيل كامل الثمن المتفق عليه.
وهذا التداخل بين مصالح المشتري والبائع وفق إجراءات إتمام البيع له إيجابيات فيما يخص تسويق العقار في طور الإنجاز، وتلافي المشاكل التي يتعرض لها عن طريق الإسراع في إبرام العقد النهائي قبل التأكد من تنفيذ الالتزامات سالفة الذكر.
وهذا التداخل يخول للمتعاقدين كامل الحرية، لصياغة اتفاقاتهم حسب الشروط التي تستجيب لرغباتهم، وفي الوقت الذي يكون فيه المتعاقدان متكافئان فإن العقد يكون أفضل من القانون، مادام أن مبدأ الحرية يقتضي بأن لكل فرد الحق في التفاوض والتعاقد، والدفاع عن مصالحه بالطرق والوسائل التي يرى بأنها تناسبه .
وهذا ما حرص عليه المشرع المغربي من خلال مقتضيات الفصل 618.19 التي أكد فيه على إتمام البيع داخل اجل ستين يوما يعتد بها من تاريخ إرسال البائع للمشتري الإشعار المشار إليه في الفصل 618.18 من ق.ل.ع، وهذا الإعلام يبرز مدى حسن العلاقة التعاقدية بين طرفي هذا العقد، حين يتعلق الامر بمصالح المشتري باعتباره الطرف الضعيف في العقد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشرع خول لطرفي العقد بمقتضى الفصل 618.18 في الحالة التي يرفض أحد من طرفين إتمام البيع داخل ستين يوما من تاريخ توصله بالإشعار، فيمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى المحكمة لطلب إتمام البيع أو فسخ العقد الابتدائي مع مراعاة أحكام الفصل 618.14 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه:” في حالة فسخ عقد التخصيص أو العقد الابتدائي من لدن أحد الطرفين، يستحق المتضرر من الفسخ، مع مراعاة مقتضيات الفصل 19-618 أدناه، تعويضا محددا في:

  • 15% من المبالغ المؤداة إلى حين الانتهاء من الأشغال الكبرى لمجموع العقار.
  • 20% من المبالغ المؤداة إلى حين الانتهاء من الأشغال النهائية والحصول على رخصة السكن او شهادة المطابقة.
    غير أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق عليه لتسليم العقار مع مراعاة مقتضيات الفصل 7-618. وفي هذه الحالة، يستحق المشتري تعويضا محددا في %20 من المبالغ المؤداة.
    يعفى المشتري من أداء التعويض إذا تم الفسخ قبل انتهاء أجل الثلاثين يوما من تاريخ إبرام عقد التخصيص.”
    يلاحظ أن المشرع المغربي في القانون رقم 107.12 قد خول للمشتري فسخ العقد إذ أخل البائع بالتزاماته عن طريق تجاوز الاجل المتفق عليه لتسليم العقار، وفي هذه الحالة يعوض المشتري تعويضا محددا في 20% من المبالغ المؤداة، بل رفع من الطابع الحماني للمشتري عن طريق إعفائه من تحمل اي تعويض في حالة فسخ عقد التخصيص قبل انتهاء ثلاثين يوما من تاريخ إبرامه.
    إن إتمام بيع لعقار في طور الإنجاز يثير مجموعة من المشاكل القانونية التي تطرح أمام القضاء، فالبائع بدوره قد يتملص من إتمام البيع مطالبا بفسخ العقد ويكون مدفوعا بالرغبة في الزيادة في الثمن بعلة ارتفاع الأسعار ما كانت عليه عند إبرام العقد الابتدائي ، بالنسبة لهذا الفسخ فلا يمكن للبائع أن يطالب به إلا عند توفر شروطه مثلا تواجد المشتري في حالة مطل، اما إذا كان المشتري قد وفى بثمن البيع الابتدائي المتفق عليه، فلا يكون لمثل هذا الإدعاء أي أساس قانوني .
    وهذا ما أكد عليه الفصل 618.19 من القانون 107.12 الذي ينص على أنه” إذا رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل اجل ستين ستين يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، يحق للطرف المتضرر إما:
  • فسخ العقد بقوة القانون، تطبيقا لأحكام الفصل 260 من قانون الالتزامات والعقود مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 14-618،
  • اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 12-618.
    من خلال هذا، فإذ امتنع أحد طرفي بيع العقار في طور الإنجاز عن إبرام البيع النهائي خلال الأجل المحدد في الفصل أعلاه، خول المشرع للطرف المتضرر برفع دعوى في الموضوع تتعلق بإتمام البيع لدى المحكمة الواقع العقار بدائرتها.
    ارتباطا مع هذا، جاء في قرار لقضاء النقض ما يلي: ” حيث يعيب الطاعن القرار المطعون فيه خرق الفصلين 230 و488 من ق.ل.ع ونقصان التعليل ذلك أن عقد الشراء يتضمن أن المشتري عاين الشقة وقبلها على حالتها دون شرط أو تحفظ… وأن المطالبة بإعداد نظام الملكية المشتركة وإعداد تصاميم طبوغرافية تعتبر شروطا إضافية مخالفة لمقتضيات الفصل 230 من نفس القانون وما دام العقار. غير محفظ فإن أركان العقد متوفرة…
    لكن، حيث إن مقتضيات الفصل 618.18 من ق.ل.ع يلزم البائع لمجرد حصوله على رخصة السكنى أو شهادة تجزيء الرسم لعقاري موضوع الملكية التي اقيم عليها العقار إنجاز رسم عقاري خاص بكل جزء مفرز، وبما أن الأرض التي شيد فوقها البناء هي أرض محفظة، ومن ثم يتعين على البائع بسبب ما طرأ على العقار من تغييرات وأبنية جديدة أن يقوم بإدخالها في الرسم العقاري ليتأتى استخراج رسوم عقارية من الرسم الأصلي وبتسجيل الحقوق العينية الجديدة الناتجة عن عقود البيع لهذه الشقق المفرزة ونقل ملكيتها، والمحكمة لما قضت بالزام الطاعن بتسجيل الأبنية الجديدة في الرسم العقاري لتمكين المطعون ضده من تسجيل عقد شرائه للشقة تكون بذلك قد عللت قضاءها تعليلا كافيا ولم تخرق المحتج بها والوسيلتان بدون أساس.”
    وعليه، فإن إتمام البيع هو التزام لطرفي العقد، فالبائع ملزم بضرورة إبرام العقد النهائي مع المشتري تحت طائلة إجباره على ذلك قانونا من طرف المشتري الذي يبقى لهذا الأخير الحق في ذلك أو المطالبة بفسخ العقد الابتدائي، وكذلك المشتري ملزم بضرورة إبرام العقد النهائي بمجرد توصله بالرسالة من طرف البائع يخبره فيها بحصوله على شهادة السكنى أو شهادة المطابقة .
    فينبغي على المتعاقدين إبرام العقد النهائي كتابة والسهر على تقييده بالمحافظة العقارية إن كان العقار محفظا، وإذا ما حاول البائع التنصل من التزامه بإبرام العقد النهائي كان للمشتري أن يجبره على ذلك قضائيا برفع الدعوى إتمام البيع ويكن الحكم الصادر لفائدته حكما للملكية يقوم مقام العقد النهائي ويتعين عليه تقييده بالمحافظة العقارية ضمانا لحمايته له. من سوء نية البائع، وتصرفه في العقار مرة ثانية لفائدة الغير .
    الفقرة الثانية: دعوى إتمام إجراءات البيع:
    إن هذه الدعوى تأتي في مرحلة قبل إبرام العقد النهائي، وذلك عندما يكون أحد طرفي العقد الابتدائي ممتنعا عن القيام بتنفيذ التزاماته خلال الأجل المحدد في الفصل 19-618 من القانون رقم 107.12 ، وبالتالي يجوز للطرف الآخر أن يرفع دعوى في الموضوع تتعلق بإتمام البيع.
    وتعد دعوى إتمام إجراءات البيع الناتجة عن العقود التمهيدية لبيع العقار في طور الإنجاز من التطبيقات العملية لهذه الدعوى ، والتي تتطلب لرفعها مجموعة من الشروط
    منها ما هو عام (أولا) ومنها ما هو خاص يتماشى مع مقتضيات القانون الجديد رقم 107.12 (ثانيا).
    أولا: الشروط العامة لدعوى إتمام إجراءات البيع:
    من أجل رفع دعوى إتمام إجراءات البيع يلزم التوفر على ما يتطلب في الدعاوى بصفة عامة من شروط سواء بالنسبة للأطراف لو بالنسبة للمقال الافتتاحي للدعوى ، لكن خصوصية هذه الدعوى فرضت ضرورة التوفر على شروط أخرى من قبيل قيام العلاقة التعاقدية (أ) ووفاء المطالب بالتزاماته (ب) وأن يكون تنفيذ الالتزام ممكنا (ج).
    أ- قيام العلاقة التعاقدية:
    لا يمكن للقضاء الاستجابة لدعوى إتمام إجراءات البيع إلا إذا كانت هناك علاقة تعاقدية صحيحة بين الطرفين، وهذه العلاقة التعاقدية في بيع العقار في طور الإنجاز، سواء كان معدا للسكنى أو للاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي من طرف الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص، لا تكون صحيحة إلا إذا تم احترام مقتضيات القانون رقم 107.12 وذلك تحت طائلة البطلان .
    وكذا من خلال احترام الشكلية المتعلقة بإبرام عقد بيع العقار في طور الإنجازوفقا للفصل 3-618 من القانون رقم 107.12.
    وبالإضافة إلى احترام شكلية تحرير العقد، فإن العقد الابتدائي وعقد التخصيص في حالة إبرامه – يجب أن يتضمن البيانات الإلزامية التي ينص عليها المشرع بمقتضى الفصل 3-618 مكرر من القانون رقم 107.12 وخصوصا البيانات الجوهرية في العقد، كتحديد الثمن النهائي للمتر مربع وتعيين المبيع، لأن عدم تحديدها قد يؤدي لعدم قبول طلب إتمام إجراءات البيع.
    ولا يكفي أن يكون العقد صحيحا ومنتجا لآثاره بل يجب أن يفي الطرف الذي يطلب إتمام إجراءات البيع بالتزاماته.
    ب- وفاء المطالب بإتمام البيع بالتزاماته:
    إن عقد بيع العقار في طور الإنجاز من العقود الملزمة للجانبين، وبالتالي يجب على الطرفين الوفاء بالتزاماتهما، وهو ما نص عليه الفصل 234 من ق.ل.ع حيث نص على أنه: ” لا يجوز لأحد أن يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام، إلا إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق أو القانون أو العرف”.
    ولكي يتمكن المشتري أو البائع من المطالبة بإتمام إجراءات البيع، عليه أن يوفي بالتزاماته أولا طبقا لما هو منصوص عليه في القانون رقم 107.12، قبل أن يطلب من الطرف الآخر الوفاء بالتزامه، وإن كان الغالب أن المشتري هو الذي يلجأ إلى رفع دعوى إتمام إجراءات البيع من أجل إجبار البائع على إبرام العقد النهائي .
    ومن تم فلا يمكن للمشتري أن يقوم برفع دعوى إتمام إجراءات البيع، إلا بعد أن يوفي بالتزامه الأساسي والمتعلق بأداء القسط المتفق عليه في مرحلة الأشغال النهائية، أما البائع فيكون عليه إتمام إنجاز العقار وذلك لا يتحقق إلا بعد الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة وتبليغ المشتري بذلك .
    وبالتالي فإن المحكمة لا تقضي بإتمام البيع إلا إذا تبين لها أن المطالب بإتمام البيع قد وفى بالتزاماته، وهذا ما أكد عليه قرار صادر عن محكمة النقض جاء فيه: “…لكن حيث يقضي الفصل 234 من ق.ل.ع بأنه لا يجوز لأحد أن يباشر الدعوى الناتجة عن الالتزام، إلا إذا أثبت أنه أدى أو عرض أن يؤدي كل ما كان ملتزما به من جانبه حسب الاتفاق أو العرف…”
    ومؤدى ذلك أن أداء الثمن أو عرضه عرضا حقيقيا موجب لصحة الدعوى، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه وبعدما تبين لها أن الطاعن لم ينفذ التزامه بأداء باقي الثمن قبل مباشرته للدعوى وأنه اكتفى بإبداء استعداده لذلك…تكون قد سايرت المقتضى المذكور باعتبار أنه يجب الوفاء بالالتزام قبل مباشرة الدعوى الناتجة عنه”.
    أما إذا تحقق الوفاء بالالتزام فإن المحكمة تقضي بإتمام إجراءات البيع، لكن في الحالة التي يرفض فيها بائع عقار في طور الإنجاز تسلم القسط: ما قبل الأخير من الثمن، فإن المشتري ملزم بسلوك مسطرة الإيداع بصندوق المحكمة طبقا للفصول من 171 إلى 178 من قانون المسطرة المدنية تحت طائلة عدم قبول الدعوى.
    بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون تنفيذ الالتزام ممكنا فكيف ذلك في بيع العقار في طور الإنجاز؟
    ج- أن يكون تتفيد الالتزام بإتمام البيع ممكنا:
    إن الغرض من رفع دعوى إتمام إجراءات البيع من طرف المشتري أو البائع في إطار البيوعات العقارية المنصبة على عقار في طور الإنجاز، يتجلى في إجبار البائع بالتنفيذ العيني لعقد البيع الابتدائي وتسليم العقار للمشترين أو إلزام المشتري بإتمام البيع مع البائع وتسليمه الباقي من الثمن.
    ويقصد بالتنفيذ العيني قيام المتعاقد بتنفيذ الالتزام الذي رتبه على نفسه عن طريق اداء محل هذا الالتزام .
    وإن لم ينص المشرع في القانون رقم 107.12 على أن يكون تنفيذ الالتزام بإتمام البيع ممكنا، فإن القواعد العامة المنظمة لأحكام عدم تنفيذ الالتزامات وآثارها قد تعرضت لذلك في الفصل 259 من ق.ل.ع الذي جاء فيه: ” إذا كان المدين في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفيذ الالتزام، مادام تنفيذ الالتزام ممكنا …”
    كما أن المنطق القانوني يفترض ذلك، فإذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلا ولأي سبب، فإن المطالبة بالتنفيذ العيني ستصبح عديمة الفائدة .
    فإذا تم نزع ملكية العقار محل عقد البيع لأجل المنفعة العامة بمقتضى القانون رقم 7.81 أو هلاك العقار كليا أو جزئيا، فإن المطالبة بتنفيذ العقد الابتدائي تنفيذا عينيا تصبح بدون جدوى ، في كلا الحالتين، يصبح تنفيذ العقد الإبتدائي عينا (أي تسليم العقار) غير ممكن، وبالتالي تطرأ تغييرات في الحقوق والواجبات بين الأطراف. وبدلا من ذلك، قد يتحول المشتري إلى المطالبة بالتعويض عن الأضرار أو تعديل العقد وفقا للظروف الجديدة
    وإلى جانب توفر هذه الشروط فلابد من التوفر على شروط أخرى أوردها القانون المنظم لبيع العقار في طور الإنجاز.
    ثانيا: الشروط الخاصة لإتمام دعوى إجراءات البيع
    تناول المشرع المغربي إتمام البيع في قانون بيع العقار في طور الإنجاز في فصل فريد ووحيد وهو الفصل 19-618 من ق.ل.ع حيث جاء فيه: ” إذا رفض أحد الطرفين إتمام البيع داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ توصله بالإشعار، يحق للطرف المتضرر إما:
  • فسخ العقد بقوة القانون، تطبيقا لأحكام الفصل 260 من قانون الالتزامات والعقود مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 14-618.
  • اللجوء إلى التحكيم أو إلى المحكمة من أجل إتمام البيع مع حقه في التعويض المنصوص عليه في الفصل 12-618.
    يقوم الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع مقام عقد البيع النهائي قابل للتقييد في السجل العقاري إذا كان العقار محفظا، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ”
    وقد استعمل المشرع المغربي في الفصل 19-618 صياغة “أحد الطرفين” مما يعني أن إمكانية رفع دعوى إتمام البيع مخولة لكل من البائع والمشتري.
    وبإمعان النظر في مضمون الفصل نفسه يتبين أن دعوى إتمام إجراءات البيع المتعلقة بالبيع العقاري للعقار في طور الإنجاز تتميز ببعض الخصوصية على مستوى الشروط الشكلية، فالمشرع في إطار القانون رقم 107.12 وضع شرطين شكليين من أجل المطالبة بإتمام إجراءات البيع وهما:
  • إشعار الطرف المعني بأنه في حالة مطل.
  • مرور 60 يوما من تاريخ الإشعار.
    فالملاحظ أن المشرع يهدف من خلال هذين الشرطين إلى توفير إطار قانوني يضمن العدالة والشفافية في تنفيذ عقود البيع، من خلال منح فترة زمنية معقولة للطرف المتأخر لتصحيح الوضع،و يسعى القانون إلى تقليل النزاعات بين الأطراف وضمان تنفيذ العقود بشكل سليم.
    ومن المستجدات التي جاء بها هذا الفصل أنه منح الخيار للطرف الذي يرغب في رفع دعوى إتمام البيع بعد مرور 60 يوم، بين الفسخ بقوة القانون مع التعويض، وذلك إذا اتفق الأطراف على ذلك في العقد تطبيقا لأحكام الفصل 260 من ق.ل.ع، أو اللجوء إلى التحكيم، وهي إمكانية حديثة في هذا النوع من البيوع، والتي تهدف إلى فض النزاع بشكل ودي بين المتعاقدين بعيدا عن الإجراءات القضائية، إضافة إلى أن له الحق في اللجوء إلى المحكمة لرفع دعواه مع حقه في التعويض عن الضرر .
    وإلى جانب توفر هذه الشروط فإن كان البائع هو المدعي، عليه أن يعزز دعواه الرامية إلى إتمام البيع النهائي بما يلي:
  • نسخة من عقد البيع الابتدائي وعقد التخصيص في حالة إبرامه.
  • إثبات توصل المشتري بما يفيد تحصيل رخصة السكن أو شهادة المطابقة، واستخراج الرسوم الفرعية عندما يكون العقار محفظ، وذلك مع رفض المشتري إتمام البيع داخل أجل ستين يوما من إشعاره طبقا للفصل 19-618 من القانون رقم 107.12.
  • إثبات ما يفيد انتهاء الأشغال وفقا للمواصفات ودفتر التحملات والتصاميم لهندسية، وذلك عن طريق شهادة مسلمة من مهندس معماري تثبت نهاية الأشغال ومطابقة البناء لدفتر التحملات.
    فالمشرع وباشتراطه هذه الشروط فهو يلزم البائع أن يكون قد أنجز العقار وكل إلتزاماته سواء تحصيل الرخص أو إستخراج الرسوم الفرعية وإحترام الشروط المتفق عليها، وبعد تنفيد التزاماته هذه فأنذاك يحق له مطالبة المشتري بتنفيذ الالتزامات الملقات عليه وخاصة إتمام الليع.
    أما إذا كان المشتري هو المطالب بتنفيذ الالتزام فيجب عليه أن يسند دعواه بما يلي:
  • نسخة من عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز وعقد التخصيص فيحالة وجوده.
  • ما يفيد تبليغه للبائع بواجب احترام التزاماته العقدية وإبرام العقد النهائي.
  • عرض بقية الثمن لدى البائع وذلك بإيداعه لدى صندوق الأمانة بالمحكمة في حالة رفض البائع لتسلم الثمن.
    فهنا المشرع – وبنفس منطق تعامله مع البائع- يؤكد على المشتري قيامه بالتزاماته كاملة قبل طلب إتمام إجراءات البيع.
    وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة وفاة أحد أطراف العقد فإن ورثته يحلون محله سواء كان دائنا أو مدينا، وفي الحالة الأخيرة يكونوا مجبرين بإتمام إجراءات البيع حتى وإن تم تقسيم العقار الموروث.
    ومعلوم أن البت في دعوى إتمام البيع يكون وفق إجراءات التقاضي العادية بحيث يمكن للمحكمة القيام بإجراءات تمهيدية من قبيل انتداب خبير عقاري لمعاينة العقار والتأكد من انتهاء أشغال البناء، وذلك عقب المقارنة بين الواقع المعاين وبين التصاميم الهندسية ودفتر التحملات والوثائق التعاقدية، كما تستطيع المحكمة أيضا تكوين قناعاتها الشخصية عن طريق استجواب الأطراف على مدى استعدادهم للوفاء بالتزاماتهم التعاقدية، وقس على ذلك .
    وتبعا للأحكام العامة لا مانع يمنع من أن يكون الحكم النهائي الصادر بإتمام بيع العقار مقترنا بغرامة تهديدية كوسيلة غير مباشرة فاعلة لإرغام الطرف الممتنع عن الوفاء بالتزاماته خلال أجل محدد، ويكون الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع بمثابة عقد البيع النهائي، بحيث يمكن الاستناد لنسخة منه لطلب تقيد هذا البيع على الرسم العقاري طبقا للفصل 20-618 من ق.ل.ع ، إذا كان العقار محفظ، أو إيداعه بمطلب التحفيظ إذا كان العقار في طور التحفيظ.
    المبحث الثاني: حماية المستهلك من خلال الأثار الناتجة عن عقد البيع النهائي
    يعد الوفاء بالشروط والالتزامات الملقاة على عاتق كل من البائع والمشتري، تعبيرا عن القبول بإتمام البيع الذي يؤدي لتحرير العقد النهائي، ويستتبع ذلك نهاية الضمانة أو التأمين المقدمين من طرف البائع إلى المشتري وتقييد العقد النهائي بالسجل العقاري .
    ولما كان هذا البيع يتميز بخصوصية عن البيع العقاري العادي تتمثل في ابرامه عبر مرحلتين أو ثلاثة مراحل، فإن المرحلة الأخيرة هي الهدف الرئيسي من عملية التعاقد من خلال إبرام العقد النهائي
    وسعيا من المشرع المغربي إلى ضمان تمتع المشتري بالعقار واستغلاله للغرض المتوخى منه، بعيدا عن أي صعوبات قانونية أو مادية، أقر مجموعة من الالتزامات القانونية على البائع يبدأ سريانها من تاريخ تنفيذ التزاماته التعاقدية.
    الأمر الذي يستدعي ضمان البائع للاستحقاق، كما يتعين عليه كذلك أن يلتزم ضمان العيوب التي قد تظهر على العقار المبيع، كما تثار مسؤولية البائع عن الضمان المعماري في بيع العقار في طور الإنجاز طبقا لما هو معمول به في مسؤولية المقاول والمهندس المعماري التي كرسها قانون الالتزامات والعقود في الفصل 769، وعليه سأتطرق في دراسة هذا المبحث لالتزام البائع بتسليم المبيع ونقل ملكيته (المطلب الأول) ثم التزام البائع بالضمان (المطلب الثاني)
    المطلب الأول: التزام البائع بتسليم المبيع ونقل ملكيته
    يعتبر انتقال الملكية من شروط عقد البيع وخاصية جوهرية تميزه عن غيره من العقود المسماة، وعليه يتم انتقال الملكية بصورة فورية وبمجرد إبرام عقد البيع ،والتقييد بالرسم العقاري هو الذي ينقل الملكية.
    ويعد الالتزام بتسليم الشيء المبيع من أهم الالتزامات التي تهم مرحلة تنفيذ عقد بيع العقار في طور الإنجاز، بدليل أن غاية عقد البيع تتمثل في نقل البائع ملكية الشيء المبيع إلى المشترين، وعليه فإذا كان الفصل 491 من ق.ل.ع يقضي بأن المشتري تنتقل إليه ملكية العقار المبيع بمجرد إبرام العقد، فإن البائع ملتزم بتسليمه إلى المشتري ليباشر عليه هذا الأخير ما يخوله الحق الذي اكتسبه من سلطات كما هي منصوص عليها في مدونة الحقوق العينية . إلا أن هذا التعريف يبقى قاصرا على تسليم الشيء المبيع الذي يكون موجودا ومنجزا وقت التعاقد، أما إذا كان المبيع عقارا لازال في طور الإنجاز، فإن تسليمه من طرف البائع يجب أن يراعي خصوصيات هذا النوع من البيوع العقارية الذي يخضع لعدة مراحل، تبتدئ بإنجاز العقار كمرحلة أولى، وتنتهي بتسليمه وضمانه كمرحلة أخيرة .
    وهو ما يفرض تناول التزام البائع بتسليم العقار المبيع (الفقرة الأولى)، ثم التطرق لإجراءات انتقال ملكيته من البائع إلى المشتري (الفقرة الثانية).
    الفقرة الأولى: الالتزام بتسليم العقار المبيع
    إن تسليم العقار المبيع يعد من بين الالتزامات الأساسية الملقاة على عاتق بائع العقار في طور الإنجاز، وذلك عند حلول أجل التسليم المحدد في العقود التمهيدية لهذا البيع، وينتج عن الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع في حيازة المشتري وله أن ينتفع به جميع وجوه الانتفاع.
    وقد نظم المشرع أحكامه من الفصل 498 إلى 532 من ق.ل.ع بالإضافة إلى الفصل 3-618 من القانون رقم 107.12 الذي اكتفى بالإشارة إلى أجل التسليم باعتباره من البيانات التي يجب أن يتضمنها عقد البيع الابتدائي.
    إن لفظ التسليم (Livraison) لا يعني التسلم (Réception)، فكل مصطلح يفيد معنى مستقلا عن الآخر، إلا أن العلاقة بينهما هي كعلاقة العطاء والأخذ، فإذا نظرنا إليها من زاوية المشتري كان تسلما، أما من زاوية البائع فإنه ملزم بتسليم المبيع إلى المشتري .
    ويقصد بالتسليم حسب الفصل 499 من ق.ل.ع تخلي البائع أو نائبه عن الشيء المبيع ووضعه تحت تصرف المشتري بحيث يستطيع هذا الأخير حيازته بدون عائق.
    ويعرفه أحد الباحثين بأنه وضع العقار تحت تصرف المشتري بتسليم مفاتيح الشقة أو المحل في التاريخ والمكان المتفق عليهما في العقد، حتى يتيسر للمشتري حيازته حيازة هادئة والانتفاع به كاملا .
    لكن هذا التعريف يبقى قاصرا على تسليم الشيء المبيع الذي يكون موجودا ومنجزا وقت التعاقد، أما إذا كان المبيع غير موجودا وقت إبرام العقد، كما هو الشأن بالنسبة لبيع العقار في طور الإنجاز، فإن تسليمه من طرف البائع يجب أن يراعي خصوصيات هذا النوع من البيوع العقارية.
    والمشرع عند وضعه للقانون رقم 44.00 المعدل والمتمم بالقانون رقم 107.12 لم يول التسليم العناية التي يستحقها، باستثناء الفصل 3-618 من ق.ل.ع الذي جعل من بيان تاريخ التسليم بيانا إلزاميا يتعين تضمينه بالعقد الابتدائي وأما باقي الفصول فلم تول اي تنظيم لهذا الالتزام
    ويمكن تعريف الالتزام بتسليم العقار المبيع بأنه العمل الذي بواسطته يعلن المشتري عن تقبل أشغال البناء التي تم إنجازها من طرف البائع وحيازته لها مع إبداء تحفظاته أو بدونها .
    والتسليم لا يرد على عقار تم إنجازه فحسب، بل يتعين أن يكون هذا الإنجاز مطابقا للمواصفات والشروط التي اشترطها المشتري عند التعاقد الابتدائي، ولما تقتضيه قواعد البناء والتعمير، ويكون للمشتري الحق في رفض تسلم العقار المبيع الذي لا يتطابق مع المواصفات المتفق عليها في العقد .
    ووضع العقار المبيع رهن تصرف المشتري لا يعني التسليم قطعا، حيث أن التسليم لا يحصل إلا بعد الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة، وهي الشهادة المثبتة لمطابقة العقار لدفتر التحملات من طرف البائع طبقا لأحكام الفصل 18-618 من ق.ل.ع، وإخبار المشتري بذلك داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخهما بعدما كانت 30 يوما في ظل القانون رقم 44.00 وأن يطلب تجزئ الرسم العقاري موضوع الملكية التي أقيم عليها إذا كان العقار محفظا، لما إذا كان العقار غير محفظ فإنه يحدد لكل مشتري لجزء المفرز.
    والجهة المختصة قانونا بمنح رخصة السكن أو شهادة المطابقة تتمثل في رئيس المجلس الجماعي المعني بناء على طلب المالك وبعد إجراء المعاينة أو العامل في حالات استثنائية .
    وفي حالة ما إذا تولى المهندس المعماري إدارة أشغال البناء، فإن شهادته تغني عن إجراء المعاينة للتحقق من أن الأشغال أنجزت وفق ما يجب.
    إضافة إلى ذلك، يلزم احترام مقتضيات المادة 55 من القانون رقم 12.90 التي توجب على مالك العقار المشيد وقبل الشروع في استعماله، ضرورة الحصول على رخصة السكن إذا كان العقار مخصصا للاستعمال السكني، أو شهادة المطابقة إذا كان العقار مخصصا للاستعمال غير السكني.
    ومعيار تحقق المواصفات المتفق عليها في عقد بيع العقار في طور الإنجاز:
    أولا: تتمثل في استصدار رخصة السكن أو شهادة المطابقة من السلطة المحلية التابع لنفوذها الترابي العقار المبيع المانحة لرخصة البناء، وتسليم شهادة للمشتري تثبت مطابقة العقار لدفتر التحملات كما يقتضي بذلك الفصل 15-618 من ق.ل.ع.
    ثانيا: يتعين بمقتضاها على البائع تسليم العقار المبيع للمشتري طبقا للمواصفات المتفق عليها في عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز سواء كانت هذه الشروط تتعلق بالجانب الكمي أو الكيفي، وذلك إذا قام بتنفيذ أشغال البناء حسب التصاميم المعمارية وتصاميم الإسمنت المسلح، بالإضافة إلى تنفيذ كل اتفاق خاص بشكليات معينة يجب إدخالها على العقار المبيع على النحو المتفق عليه وإلا اعتبر البائع مخلا بالتزام آخر يتفرع عن الالتزام بالتسليم وهو الالتزام بالمطابقة .
    ويقصد بعدم المطابقة أن العقار المنجز محل عقد البيع الابتدائي غير مطابق للمواصفات المتفق عليها، ويتحقق ذلك من خلال إجراء مقارنة بين صورة العقار في العقد الابتدائي وباقي مرفقاته، وصورة العقار كما هو مشيد على أرض الواقع .
    ولعل الحكمة من تقرير إثبات شهادة إنجاز العقار عن طريق رخصة السكن أو شهادة المطابقة تتجلى في كون انتهاء أشغال البناء ينصب على كافة العقار المنجز وليس على جزء منه فقط، إضافة إلى أن الأثر المترتب عن تلك الشهادة هو وفاء البائع بالتزامه بالبناء بصورة قانونية وليس بصورة مادية فحسب ، بحيث أن عملية التسليم ينبغي أن ترتكز على عنصر إرادة المشتري وتقبله للعقار المبيع ومعاينته وإقراره له وجعله عنصرا جوهريا في هذه العملية، وضرورة ملحة تواكب واقعة الحيازة، أو وضع اليد على العقار الذي تم إنجازه.
    ونشير إلى أنه يمكن للمشتري أن يرفض تسلم العقار المبني الذي لا يتطابق مع المواصفات المتفق عليها في العقد أو للغرض المعد له أساسا أو أن يقوم على الأقل بإعلام البائع بهذه الاختلالات، وإلا أعتبر سكوته بمثابة قبول ضمني للعقار على حالته وقت التسليم ، وفي هذا الإطار جاء في قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 22-05-2012 على أنه: ” لا يعتبر المدين في حالة مطل ما لم يثبت للمحكمة أنه توصل بإنذار بالوفاء من الدائن وتقاعس عن تنفيذ التزامه خلال الأجل المحدد ” .
    وطيلة الفترة التي تفصل بين إبرام العقد وتسليم الشيء المبيع، يلتزم البائع بالمحافظة على الشيء المبيع وتمكين المشتري من حيازة المبيع وملحقاته، إذ يجب على المنعش العقاري أن يمتنع عن كل تصرف يضر بالشيء المبيع أو يحدث تغييرا بالزيادة أو النقصان في مقداره من جهة، ويجب عليه من جهة أخرى أن يقوم بكل الأعمال الضرورية لصيانة هذا الشيء والمحافظة عليه .
    بالإضافة إلى تسليم عين الشيء المبيع المحدد بمقتضى عقد البيع، فإن البائع ملزم بتسليم مشتملاته والملحقات التابعة له، أي ما يعتبر متمما للبيع او لاحقا به ولو لم يتم ذكره في العقد، وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 516 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه:
    الالتزام بتسليم الشيء يشمل أيضا توابعه لما يقضي به اتفاق الطرفين أو يجري به العرف ….
    وفي تعريف الملحقات يقول أحد الفقهاء : “إن ملحقات الشيء ليست من أصله ولا من نمائه ولا من منتجاته ولا من ثمراته، فهي شيء غير الأصل والنماء، وهي ليست متولدة من الأصل لا صفة عارضة كالمنتجات ولا بصفة دورية كالثمرات، بل هي شيء أعد بصفة دائمة ليكون تابعا للأصل وملحقاته”.
    وبناء على كل ذلك، فإنه إذا تبين للمشتري أن العقار مخالف للمواصفات المتفق عليها كان له الحق في إجبار البائع قضائيا على تنفيذ التزامه وإلا الحصول على تعويض قضائي جبرا للأضرار اللاحقة به ما لم يطالب بفسخ العقد لكون العقار مثلا مخالفا للغرض المتفق عليه .
    كما أن التسليم يكون مقرر بآجل يتم الاتفاق عليه عند إبرام العقد الإبتدائي، وإذا لم يتم احترام هذا الآجال من قبل البائع يخول معه للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض كما جاء في قرار لمحكمة النقض ” الثابت من وثائق الملف ، وخاصة عقد التخصيص المؤرخ في 2014/9/23 ، أن الطاعنة تعهدت بموجبه بإنجاز العقار ، وتسليمه للمستأنف عليه ، وهو ما لم تلتزم به على الرغم من مرور ما يزيد على أربع سنوات على ابرام العقد ، وعلى الرغم من توصلها بالإنذار بتاريخ 2018/5/3 ، مما يجعل حالة المطل ثابتة في حقها ، علما أنه من المقرر قانونا طبقا للفصل 14/618 من ق ل ع ، أنه يحق للمشتري فسخ العقد دون تحمل أي تعويض إذا تجاوز البائع الأجل المتفق عليه لتسليم العقار، كما أن التمسك بخرق مقتضيات الفصلين 234 و 235 من ق ل ع ، يبقى في غير محله، لأنه ولئن كان يجوز لكل متعاقد في العقود الملزمة للطرفين ، أن يمتنع عن أداء تنفيذ التزامه، إلى أن يؤدي المتعاقد الآخر التزامه المقابل ، فان ذلك مشروط بألا يكون أحدهما ملتزم ، حسب الاتفاق أو العرف، بأن ينفذ نصيبه من الالتزام أولا …” ، التعليل الذي يتضح منه أن المحكمة قضت بالفسخ وليس البطلان، وإلى جانب الالتزام بتسليم العقار المبيع يقع على عائق البائع التزام بنقل ملكية العقار المنجز إلى المشتري.
    الفقرة الثانية، الالتزام بنقل ملكية العقار المبيع
    يعتبر التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري الهدف الأساسي من المعاملة بالنسبة للمشتري، وكل عقد لا يترتب عليه انتقال ملكية شيء أو حق مالي متعاقد عليه لا يعتبر بيعا .
    ومن تطبيقات انتقال الملكية في البيوعات العقارية، انتقال الملكية في بيع العقار في طور الإنجاز، فالعقار المبيع غير موجود لحظة إبرام العقد الابتدائي، وبالتالي فإن الملكية لا تنتقل بحكم طبيعة الأشياء إلا بوجود الشيء المبيع وجودا فعليا حسب المواصفات المتفق عليها في العقد .
    وقد نظم المشرع المغربي انتقال ملكية العقار في طور الإنجاز بمقتضى الفصل 20-618 من القانون رقم 107.12 والذي نص على أنه: تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم في الدعوى إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ أما إذا كان العقار محفظا، فإن الملكية تنتقل من تاريخ تقييد العقد أو الحكم المذكورين في الرسم العقاري”.
    وبالتالي يتبين أن تاريخ نقل الملكية للمشتري يختلف حسب الوضعية القانونية للعقار، إذ يستوجب تقييد هذا البيع في الرسم العقاري حتى يكون نافذا بين المتعاقدين أو في مواجهة الغير في حالة وروده على عقار محفظ (أولا) أما إذا كان العقار المبيع غير محفظ فإن انتقال الملكية يكون من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى (ثانيا). أما إذا كان المبيع عقارا في طور التحفيظ، فإن المشتري يلزمه لحفظ حقه أن يودع عقد الشراء بالمحافظة العقارية طبقا للفصل 84 من ظ.ت.ع، حتى لا يواجه بقاعدة التطهير بعد تأسيس الرسم العقاري (ثالثا).
    أولا: انتقال الملكية في العقار المحفظ:
    لا يعتبر إنشاء الرسم العقاري غاية في ذاته، بل وسيلة لغاية أهم تتمثل في إشهار كل ما يتعلق بالعقار الذي تم تحفيظه من اتفاقات ومعاملات وكذا ما ينشا عليه من تقييدات، سواء كانت احتياطية أو نهائية تعطي لكل من يهمه الأمر إمكانية الإطلاع على الوضعية القانونية والمادية لهذا العقار .
    لذلك أوجب المشرع المغربي أن يتم تقييد أي حق عيني مكتسب على عقار محفظ في الرسم العقاري، هذا الإجراء هو الذي ينقل ملكية المبيع من البائع إلى المشترين فلا يكفي إبرام العقد النهائي أو صدور حكم نهائي كي يصبح المشتري صاحب الحق العينين إذ يلزم احترام شكلية إجراء التقييد بالرسم العقاري، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 66 من ظ.ت.ع كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 والذي نص على أنه: ” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”
    كما يستفاد من الفصل 67 من ظ.ت.ع أن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري.
    لكن ليس عقد البيع النهائي وحده ما يخضع للتقييد حيث يمكن تقييد حكم إتمام إجراءات البيع أيضا حيث بالاطلاع على العمل القضائي يتبين أنه أكد على ذلك حيث جاء في قرار لمحكمة النقض”…إن نقل ملكية المبيع من الإلتزامات الملقاة على عاتق البائع بمقتضى عقد البيع وإن الغاية من دعوى إتمام إجراءات البيع هي إلزام البائع بتنفيذ هذا الإلتزام عينا، ونقل ملكية المبيع رضاء أو قضاء إلى المشتري وذلك بإبرام عقد نهائي أو الحصول على حكم يقوم تسجيله بالرسم العقاري مقام العقد
    من خلال ذلك يتضح أن المشتري ملزم بتقييد حقه في الرسم العقاري إذا كان العقار محفظ قصد حماية حقوقه، لأن الملكية لا تنتقل من تاريخ العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى، بل من تاريخ التقييد بالرسم العقاري.
    وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان المشتري قد قيد حقه تقييدا احتياطيا طبقا للفصل 10-618 من القانون رقم 107.12، فإن ذلك التقريد يكون بآثر رجعي.
    ثانيا: انتقال الملكية في العقار غير المحفظ
    إن انتقال الملكية إلى المشتري يختلف حسب الوضعية القانونية للعقار، ومن تم فانتقال ملكية المبيع إذا كان العقار غير محفظ يبدأ مفعوله القانوني من تاريخ إبرام العقد النهائي، وفي حالة ما إذا أثير نزاع حول المبيع فانتقال الملكية يتم بصدور الحكم النهائي في موضوع النزاع
    لكن إنجاز العقار من قبل البائع على أرض غير محفظة يبقى أمرا محدودا، باعتبار أن المناطق التي يتم فيها هذا النوع من البيوعات تكون عبارة عن تجزئة عقارية، وهذه الأخيرة تقتضي ضرورة الحصول على رخصة إدارية، والتي لا يمكن الحصول عليها إلا إذا كانت محفظة أو في طور التحفيظ مع اشتراط فوات أجل التعرض دون تقديم اي تعرض طبقا لمقتضيات المادة 5 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
    وفي هذا الشأن يرى بعض الباحثين أن إدماج العقارات غير المحفظة في بيع العقار في طور الإنجاز يبقى أمرا محفوفا بالمخاطر، نظرا لأن الشخص المالك يكون غير محدد بشكل يقيني، كما أن ملكية العقار غير المحفظ تتحكم فيها قواعد الحيازة المكسبة للملك، وكذا أن العقد المنصب على عقار غير محفظ يتميز بعدم الوضوح وعدم الاستقرار.
    وبالتالي يتضح أنه في الواقع العملي لا مجال للمقارنة بين مركز كل من مشتري العقار المحفظ ومشتري العقار غير المحفظ، وليس من المبالغة في شيء القول بان إدماج العقار غير المحفظ بهذه الطريقة يمثل خطوة ذات نتائج عكسية .
    ثالثا: انتقال ملكية العقار في طور التحفيظ
    إن المشرع المغربي في الفصل 20-618 من القانون رقم 107.12 تحدث عن المحل المبيع سواء كان عقارا محفظا أو في طور التحفيظ أو عقار غير محفظ، وبين كيفية إبرام العقد سواء بالتراضي أو عن طريق القضاء، وحدد طريقة انتقال الملكية في العقار في طور الإنجاز، إلا أنه قد وقع له خلط بشأن انتقال الملكية بين العقار غير المحفظ والعقار في طور التحفيظ، عندما أكد بأن انتقال ملكية المبيع إلى المشتري تتم من تاريخ إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي في الدعوى.
    وبالتالي وحسب قول المشرع، فإن كان ذلك صحيحا بالنسبة للعقار غير المحفظ، فإنه لن يتأتى ذلك إذا كان العقار في طور التحفيظ إلا بتقييد العقد النهائي أو الحكم النهائي بمطلب التحفيظ شانه في ذلك شان العقار المحفظ، لذا فبيع العقار في طور الإنجاز لا ينبغي أن ينصب على عقار غير محفظ، بل على العقار المحفظ أو في طور التحفيظ الذي لم ترد عليه تعرضات من أجل تشجيع نظام التحفيظ العقاري ” .
    وبالتالي فإن تقديم مطلب التحفيظ قصد إخضاع العقار لنظام التحفيظ العقاري لا يمنع صاحب المطلب من إبرام مختلف التصرفات عليه بعوض أو بدون عوض، لهذا أقر المشرع في ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 مسطرتان تخول من خلالهما تمكين المستفيد من ضمان حقه العيني الناشئ على عقار في طور التحفيظ .
    إذن وبعد نقل ملكية العقار في طور الإنجاز للمشترين يستوجب عليه لضمان حقه الوارد على عقار في طور التحفيظ، إما سلوك مسطرة النشر أو الخلاصة الإصلاحية طبقا لمقتضيات الفصل 83 من ظ.ت.ع أو مسطرة الإيداع طبقا للفصل 84 من ظ.ت.ع.
    فالمشتري عند سلوكه مسطرة الإيداع طبقا للفصل 84 من ظ.ت. ع يتيح له ذلك الإعلان عن حقوقه دون أن تنتقل إليه: التزامات طالب التحفيظ البائع- المتعلقة بمتابعة مسطرة التحفيظ، ويتحول إيداعه إلى تقييد بعد تأسيس الرسم العقاري طبقا للفصل المذكور الذي جاء فيه “إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك وتقييد هذا الإيداع بسجل التعرضات”.
    أو سلوك مسطرة الخلاصة الإصلاحية طبقا للفصل 83 من ظ.ت. ع حيث يتدخل في مسطرة التحفيظ ويواصل الإجراءات باسمه بدل طالب التحفيظ الأصلي -البائع – ونشر ذلك في الجريدة الرسمية بعد إيداعه للوثائق المثبتة لحقه عقد البيع النهائي أو الحكم النهائي ويتم تأسيس الرسم العقاري باسمه بعد انتهاء مسطرة التحفيظ .
    ومن تم فإذا أجري البيع فإن البائع يلتزم بإقامة نظام للملكية المشتركة طبقا للمادة 8 من القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية إذا كان البيع الوارد على العقار في طور الإنجاز مجزئا إلى شقق أو طبقات أو محلات، كما أنه يلتزم بوضع هذا النظام بالمحافظة العقارية إذا كان العقار محفظا، أما بخصوص العقار غير المحفظ أو الذي في طور التحفيظ فيتم إيداع نسخة من نظام الملكية المشتركة بكتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها العقار.
    هذا بشأن حماية المشتري من خلال التزام البائع بتسليم العقار المبيع ونقل ملكيته، فماذا عن حماية المشتري جراء التزام البائع بالضمان؟
    المطلب الثاني: التزام البائع بالضمان
    تتجلى الحماية البعدية لمشتري العقار في طور الإنجاز من حيث الالتزام بالضمان، فالعقد بنشء التزامات متبادلة بين طرفيه، ويرتب التزاما بضمان المبيع للمشتري وحيازته، من خلال ضمان عيوب المبيع، وبتحميله أيضا مسؤولية ما يعرف بالضمان العشري وبمنعه من إعمال بعض الشروط التي تحد من مسؤوليته كليا أو جزئيا.
    وتجدر الإشارة، على أن المشرع المغربي لم يتعرض لموضوع الضمان صراحة في النصوص القانونية المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز، مما استوجب تطبيق الأحكام العامة المتعلقة بضمان، ذلك لتوفير حماية أكبر لمشتري هذا النوع من العقارات، وإحساس البائع على أنه غير معفى من ذلك، بل واجب الضمان ملقى على عاتقه طبقا للقواعد العامة.
    وفي هذا الصدد نص المشرع المغربي في الفصل 532 من ق.ل.ع: ” الضمان الواجب على البائع للمشتري يشمل أمرين:
    أ- أولهما حوز المبيع والتصرف فيه، بلا معارض (ضمان الاستحقاق).
    ب- وثانيهما عيوب الشيء المبيع (ضمان العيب).
    والضمان يلزم البائع بقوة القانون، وإن لم يشترط وحسن نية البائع لا يعفيه من الضمان.
    يتضح من هذا الفصل أن المشرع قد حدد الضمان في ضمان التعرض والاستحقاق (الفقرة الأولى)، وكذلك الضمان بالنسبة للعيوب الخفية والضمان المعماري (الفقرة الثانية).
    الفقرة الأولى: ضمان التعرض والاستحقاق
    من المعلوم أن بائع العقار في طور الإنجاز، كما في البيع عموما، يلتزم بضمان انتفاع المشتري بالعقار المبيع انتفاعا هادئا، مما يتعين عليه الامتناع عن إتيان أي فعل من شأنه ان يشوش على المشتري أو يحرمه من استغلال واستعمال المبيع وفق الغرض المخصص له، وهو ما لا يمكن إلا من خلال إلزام بضمان التعرض(أولا)، وضمان الاستحقاق (ثانيا).
    أولا: ضمان التعرض.
    يتحتم على البائع دفع التعرض سواء كان هذا التعرض شخصي أي بفعل البائع أو تعرض صادر من الغير.
    ضمان تعرض البائع.
    يتعين على البائع أن يسهل على المشتري مأمورية الانتفاع بالشيء المبيع، الشيء الذي يفرض عليه الكف عن كل ما من شأنه تعكير صفو هذا الانتفاع، ولا فرق في ذلك بين التعرضات التي تأخذ طابعا قانونيا أو تلك التي تأخذ طابعا ماديا، وهذا ما نص عليه الفصل 533 من ق.ل.ع حيث جاء فيه: ” الالتزام بالضمان يقضي من البائع عن كل فعل أو مطالبة ترمي إلى تشويش على المشتري أو حرمانه من المزايا التي كان له الحق في أن يعول عليها بحسب ما اعد له المبيع والحالة التي كان عليها وقت البيع”.
    وعليه، فالبائع يلتزم بعد منازعة المشتري في ملكية المبيع وعدم التعرض له سواء كان هذا التعرض قانونيا أو ماديا.
    التعرض القانوني: هو ادعاء يستند الى حق قانوني على المبيع في مواجهة المشتري، سواء كان سابقا على البيع أو لاحقا له، ومن ثم ما ادعى البائع حقا على العقار المبيع بشكل يؤذي الى الإضرار بحقوق المشتري فإن ذلك يعد تعرضا قانونيا صادرا من البائع.
    يضمن البائع ما يعرف في لغة القانون بالتعرض القانوني الذي يفترض ادعاء حق على المبيع في مواجهة المشتري، سواء كان الحق المدعى به سابقا على البيع أو لاحقا له، بمعنى آخر إذا استعمل البائع حقا ادعاه على العقار المبيع وكان يؤدي إلى نزع هذا العقار من يد المشتري.
    وفي بيع العقار في طور البناء قد يجد التعرض القانوني من البائع ضالته لا سيما وأن طبيعة محل هذا البيع الواقع أساسا على شيء مستقبلي تقتضي انتقال الملكية إلى المشتري بعد الانتهاء من أشغال البناء، بحيث تكون ملكية العقار خلال هذه المرحلة للبائع، كما رأينا سابقا، وأن حق المشتري على هذه الملكية يبقى مجرد حق مؤقت مثبوت بتقييد احتياطي فقط هذا إن أجراه، عملا بأحكام الفصل 618.10 من ق.ل.ع، وترتيبا على ذلك فإذا كان البائع قد سلم العقار المبيع إلى المشتري قبل ان يسجل هذا الأخير عقد البيع النهائي في المحافظة العقارية فليس له أن يطلب استرجاعه وتثبت ملكيته له على الرغم من أنه المالك له قانونا طبقا لأحكام الفصل 489 من ق.ل.ع والفصلين 65 و67 من قانون التحفيظ العقاري رقم 14.07
    وكما نعلم بأن هذه التعرضات تكثر على العقارات غير المحفظة، فإنه يمكن تصور وجودها على العقارات المحفظة موضوع بيع العقار في طور الإنجاز بطريقة غير مباشرة تتبلور في حالة قيام البائع ببيع العقار مرة ثانية لمشتري أخر وقام هذا الأخير بتقييد حقه احتياطيا ، فإذا تعمد المشتري دفع هذا التعرض المبني على حق يدعيه البائع بمقتضى عقد بيع العقار في طور الإنجاز ذاته.
    التعرض المادي: أما فيما يخص هذا التعرض فهو فعل مادي يعكر ويشوش به البائع على حيازة المشتري للعقار المبيع أو جزء المفرز من العقار دون أن يستند في ذلك إلى حق يدعيه ، وحرمانه من الحيازة الهادئة والنافعة ، كأن يمنع المشتري من دخول المنزل أو شقة أو امتناعه عن تسليم وثائق ملكية المبيع.
    وحسب الباحث علي رام التعرض المادي هو نوعان: التعرض المادي المحض والتعرض المادي المبني على تصرفات قانونية.
    فأما النوع الأول فنتصوره في قيام بائع العقار المبيع في طور الإنجاز، لا سيما إذا كان هذا العقار خصصا لغرض مهني أو حرفي، بمنافسة المشتري في زبنائه عن طريق فتح محلات مهنية أو حرفية يمارس فيها نفس الأنشطة التي يمارسها المشتري، فهنا المنافسة غير مشروعة لأن البائع يضمن عدم تعرضه للمشتري في انتفاعه بالمبيع، ومن تم يبقى لهذا الأخير إما الخيار بين مطالبة البائع بالضمان طبقا لأحكام الفصل 533 من ق.ل.ع، أو رفع دعوى قضائية عليه موضوعها المنافسة غير المشروعة استنادا إلى العمل غير المشروع ، وإما الجمع بين المطلبين في دعوى واحدة.
    أما فيما يهم التعرض المادي المبنى على تصرفات قانونية فقد يقوم بها البائع دون سند يرتكز عليه، كأن يبيع العقار المبيع مرة ثانية إلى مشتري غير المشتري الأول الذي ارتبط معه بعقد بيع العقار في طور الانجاز المالك الحقيقي للعقار، وإن كان قيام المشتري الثاني حسن النية بتقييد ملكيته في المحافظة العقارية ينزع منه هذا العقار. • ضمان التعرض الصادر من الغير بالنظر إلى مقتضيات قانون الالتزامات والعقود المغربي، لا يوجد ما يؤكد على التزام البائع بضمان التعرض الصادر من أحد الأشخاص يعد غيرا، ومع ذلك يتعين عدم اعتبار التزام البائع مقتصرا على الأفعال الصادرة منه شخصيا، وإنما يضمن إلى جانبها ما يصدر عن غيره، وإذا كان التزام البائع في الحالة الأولى التزاما سلبيا يتمثل في الامتناع عن كل ما من شأنه أن يعتبر تعرضا، فإنه يلتزم في الحالة الثانية بالتزام إيجابي يتمثل في أن يدفع أي تعرض يصدر عن الغير موجها إلى المشتري في حق من الحقوق التي آلت إليه بمقتضى عقد البيع .
    إن مشتري العقار في طور الإنجاز قد يجد نفسه في بعض الأحيان مضطرا لمواجهة الغير، حالة ادعاء هذا الأخير حقا على العقار المبيع، ففي هذه الحالة يتعين على البائع أن يضمن تعرض هذا الغير دفاعا عن المشتري في تملكه العقار المبيع، وهو ما تحقق في حيثيات قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط إذ جاء في الوقائع “أن المدعيان أبرما وعدا بالبيع بخصوص العقار الكائن ب…. الطابق الأول ذو الرسم العقاري عدد… وأنهما أبرما عقدا ثانيا يتعلق بتسليم المفاتيح وأنهما أصبحا يسكنان العقار منذ ذلك التاريخ وأن الطرف البائع سبق له أن رهن العقار المذكور وهو في طور البناء الى البنك… وان هذا الرهن مازال مسجل في الرسم العقاري، مما تعذر معه إتمام البيع…”.
    ولكي يتحقق التزام بائع العقار بضمان التعرض الصادر عن الغير، يلزم توفر الشروط التالية:
    أ- أن يكون تعرض الغير قانونيا:
    إن التزام البائع بضمان التعرض لا يقتصر على ضمان تعرضه الشخصي ولكن يمتد ليشمل ضمان التعرض الصادر عن الغير إذا كان هذا التعرض سابقا على عقد البيع.
    مقتضى هذا الشرط هو ضرورة أن يكون التعرض الصادر عن الغير من نوع التعرضات القانونية التي تستند إلى إدعاء بوجود حق او ثبوته لمصلحة هذا الغير، كأن يدعي هذا الاخير بأنه المالك الحقيقي للمبيع أو أن له حقا عينيا أو شخصيا عليه ، وهنا لا يلزم أن يكون الحق الذي يدعيه الغير ثابتا بل يكفي مجرد الإدعاء بالحق حتى ولو كان ظاهر البطلان، فالبائع هو الذي يتحمل نيابة عن المشتري واصالة عن نفسه إظهار عدم صحة ادعاءات الغير.

    ب- أن يكون تعرض الغير وقت البيع
    يشترط لقيام ضمان التعرض الصادر عن الغير أن يكون السبب المعتمد عليه لتعرض قائما قبل عقد البيع الوارد على العقار قيد الإنجاز ابتدائيا أو انتهائيا فلا يتصور الضمان في هذه الحالة عند ما يكون السبب ناشئا بعد العقد النهائي فلا يضمنه البائع إلا أن كان هو المتسبب المباشر في التعرض كأن يقوم بتفويت العقار قيد الإنجاز لمشتري ثاني ويقوم هذا الاخير بتسجيله بالمحافظة العقارية، فإن الضمان في هذه الحالة يظل قائما بالرغم من كون علة الاستحقاقات جاءت لاحقة للبيع النهائي لكون الحق الذي يدعيه المشتري الثاني اكتسبه بسبب البائع .
    ومع ذلك فالتعرض الصادر عن الغير بعد إنشاء العقد الذي يكون سببه خارجا عن إرادة البائع، فإن هذا الأخير لا يلزم بالضمان.
    وهنا يجدر التنبيه إلى أن المحكمة مجبرة على إشعار المشتري بخطر سقوط حقه في الرجوع على البائع بدعوى الضمان، إن فضل عدم إدخال البائع في الدعوى وظل يدافع على حقه بنفسه وحالة تدخل البائع لمساندة المشتري لرد التعرض الواقع من الغير فإنه إما أن يفلح في ذلك وينفذ التزاماته بطريقة عينية وإما عكس ذلك فتبت المحكمة حق المتعرض على الشيء المبيع ويلتزم البائع بتعويض المشتري وضمانة لاستحقاق العقار
    ومثل هذا الفهم لا يستقيم والحالة التي يؤول فيها العقار المبيع إلى الغير دون تدخل من البائع، حيث لا ضمان هنا للمشتري من البائع كما في حالة نزع ملكية العقار المبيع للمنفعة العامة بعد البيع النهائي .
    ج- أن يكون تعرض الغير حالا
    يقتضي هذا الشرط، أن بائع العقار في طور الإنجاز لا يضمن التعرض الصادر عن الغير إلا إذا كان هذا التعرض حالا وواقعا بصفة فعلية بشكل يؤثر مباشرة على استغلال المشتري للعقار المبيع وفق الغرض المخصص له أو أن يؤدي الى اخلال وشيك الوقوع بهذا الاستغلال ومن ثم لا يعتبر التعرض حالا لمجرد وجود رهن على العقار المبيع إذ من المحتمل الا يلجا البنك المرتهن الى حجز العقار المبيع قصد استخلاص دينه منه ، أو قد يقوم البائع بشطب الرهن بدفع مبلغ القرض، ففي مثل هذه الصورة ليس للمشتري أي حق على البائع بضمان تعرض البنك ما دام موقف هذا الاخير سلبي لم يبدأ في التمسك بحقه على العقار كمطالبته قضاء بدين مضمون برهن على العقار المبيع . من ناحية اخرى عندما
    يتعلق الامر بالغلط في القيمة لا يمكن للمشتري الرجوع بضمان التعرض على البائع، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكم لها بتاريخ 13 نوفمبر 1930 اعتبرت أن الغلط في القيمة لا يشكل عيبا لإدارة المتعاقد .
    فالمشتري لا يكفيه احتمال تعرض الشيء المبيع للاعتداء من قبل الغير أو صدور التهديد منه للمساس بحقه وإنما من اللازم أن يكون التعرض واقعا بالفعل. بأن يبادر المتعرض إلى التدابير التي تدل على أنه يرمي إلى اقتضاء ما يدعيه من حق على شيء المبيع ، وفي الغالب ما يلتجأ الغير إلى إقامة دعوى أمام القضاء يطالب بحقه في مواجهة المشتري يدعي تملكه للعقار كله أو جزءا.
    وإعلام البائع بوجود دعوى تعرض الغير على العقار المبيع صادر عن الغير يفترض منه اتخاذ التدابير الاحتياطية والإجراءات المسطرية الكفيلة بالدفاع عن حقوق المشتري، بحيث يعتبر التزامه بذلك التزاما بوسيلة وإلا كان مخلا بهذا الالتزام عند الحكم للغير بصحة تعرضه على العقار المبيع وبالتالي كان ملزما بالضمان عن طريق التعويض أو ما يسمى بضمان الاستحقاق.
    ثانيا: ضمان الاستحقاق
    إن الاستحقاق هو خسارة حق بواسطة حكم قضائي والذي يلزم المشتري بالتخلي الكلي أو الجزئي للشيء المبيع لفائدة الغير الذي تابعه أمام القضاء، وفي هذا المنوال جاء قرار للمحكمة النقض عدد 1765 بتاريخ 30/11/83 ما يلي: ” بمقتضى الفصل 532 من قانون الإلتزامات والعقود فإن البائع ملزم بضمان حوز المبيع والتصرف فيه بلا معارض أي بضمان الاستحقاق الذي من صوره أن يكون المبيع في حوز الغير لهذا فمن حق المشتري أن يوجه إلى البائع الدعوى وحده دون ضرورة إشراك الغير الذي يوجد العقار في يده، وتكون المحكمة على صواب لما قبلت هذه الدعوى ورضت الدفع بعدم قبولها لعدم توجيهها لدى الغير الذي يوجد العقار في يده ” .
    وعليه، يجب على المشتري عند القيام الغير بمطالبته بالحق الذي يزعمه على العقار وتقديم البينة على دعواه أن يقوم بإعلام الإستحقاق.
    فإذا تم إخطار البائع فإنه يجب على هذا الاخير التدخل في الدعوى ليواجه إدعاء الذي يدعي حقا على المبيع، وإذا لم يخطر البائع لمشتري بدعوى الاستحقاق واستمر في الدعوى باسمه فهذا يعني فقدان حقه في الرجوع على البائع طبقا للفصل 537 من ق.ل. ع
    ويكون الاستحقاق إما كليا أو جزئيا:
  • ضمان الاستحقاق الكلي للعقار للمبيع
    الاستحقاق الكلي يقصد به، نزع العقار المبيع من يد المشتري نتيجة الاعتراف قضائيا بإدعاء الغير في تملكه للعقار المبيع، ولا يبقى للمشتري سوى حق الرجوع على البائع بضمان حق الاستحقاق الكلي للعقار المبيع بناء عقد البيع لعقار في طور الإنجاز ذاته، بحيث يجبر البائع على تنفيذ التزاماته بطريق التعويض بعد أن استحال تنفيذها عينا.
    ولقد أشار المشرع المغربي لضمان الاستحقاق الكلي من خلال الفصل 538 من قانون الالتزامات والعقود والذي خول الرجوع على البائع وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في مقتضيات الفصول 485 و259 من ق.ل.ع.
    وفي هذه الصدد، يرى الاستاذ عبد الحق الصافي إلى أنه لا يمكن الأخذ بمثل هذا الحكم في ظل التشريع المغربي، نظرا لانعدام أي نص خاص يقرره وأخذا بعين الاعتبار مقتضيات الفصل 69 من ق.ل.ع الذي ينص على ما يأتي: ” من دفع باختياره ما لا يلزمه، عالما بذلك، فليس له أن يسترد ما دفعه…”، لذلك لا يحق للمشتري الذي تجنب استحقاق المبيع كله عن طريق دفع مبلغ من النقود أو شيء أخر لمصلحة الغير المطالب بالاستحقاق أن يعود بما دفع على البائع.
    وتجدر الإشارة أن المشرع لم ينظم هذه الحالة بنص خاص لا يعني حرمان المشتري من الرجوع على البائع بالضمان، وطلب رد ما أداه، إذا احتفظ بالمبيع مقابل دفع مبلغ نقدي، وإنما أراد ان يترك المجال مفتوحا امام القضاء لاتخاذ القرار المناسب، وذلك حسب ظروف النزاع المعروض عليه ووقائعه، وخاصة في حالة اتفاق المشتري مع المتعرض على الاحتفاظ بالمبيع قبل صدور حكم نهائي يقضي باستحقاق الشيء موضوع النزاع .
    وإذا كان تنظيم هذه الحالة بنص تشريعي خاص، من شأنه تعزيز حماية المشتري وتمكينه من تملك العقار والإنتفاع به، فإنه يتعين على المشرع المغربي أن يملأ هذا الفراغ التشريعي ويحدو حدو المشرع المصري، وذلك بالتنصيص صراحة على حق المشتري – في أن يعود على البائع- بما دفعه للغير المتعرض لقاء تفادي استحقاق العقار . °
    في ظل هذا حدد المشرع المغربي التعويض الناتج عن ضمان الاستحقاق الكلي من خلال الفصل 538 من ق.ل.ع التعويضات المستحقة للمشتري في حالة إثباته لوقوع استحقاق كلي للعقار موضوع البيع، المتمثل في تعويض عن ثمن البيع والمصاريف المنفقة.
    فالبائع ملزم بإعطائه للمشتري مجموعة من التعويضات والمتمثلة حسب الفصل السالف الذكر في ثمن المبيع، والمصروفات القضائية التي أنفقتها على دعوى الضمان وكذا الخسائر المترتبة مباشرة عن الإستحقاق .
    فالبائع ملزم عند الاستحقاق الغير المبيع أن يرد الثمن للمشتري لكن يثار إشكال رئيسي في هذا الباب، بخصوص تغير قيمة العقار وقت الحصول الاستحقاق، هل ننظر للثمن بحسب تاريخ التعاقد، أم لحظة وقوع الإستحقاق؟
    فاسترداد الثمن عند استحقاق المبيع من طرف الغير متى نقصت قيمة الثمن من تاريخ إبرام البيع إلى تاريخ صدور الحكم الموجب للاستحقاق، يكون لصالح المشتري غير أنه إن زادت قيمة العقار بعدها فإن المشتري يتضرر جراء ذلك .
    كما أن البائع ملزم بضمان المصروفات القضائية التي تكبدها المشتري جراء الدعوى المرفوعة ضده وكذا الدعوى الضمان الموجهة ضد البائع، وهذه المصروفات تشمل الرسوم القضائية واتعاب الخبراء وأتعاب المفوضين القضائيين، وكل مصروف افقت على دعوى موضوع الإستحقاق، الا هذه المطالب لا تتم في مواجهة البائع وإنما في مواجهة الغير المستحق بإعتباره الطرف المستفيد من هذه التحسينات التي أدخلها المشتري على العقار المبيع .
    بالإضافة على ذلك فإن أي خسائر تكبدها المشتري تبقى على عاتق البائع كما له أحقية على تعويض يوازي ما فقده من كسب .
  • ضمان الاستحقاق الجزئي للعقار المبيع
    يتحقق الاستحقاق الجزئي إذا استحق الغير ملكية جزء من العقار المبيع أو تقرر له تكليف على هذا العقار محل البيع في طور الانجاز، ينقص قيمته، كظهور حق ارتفاق غير ظاهر او وجود حق الكراء نافذ في مواجهة المشتري، بمعنى الاستحقاق الذي يؤدي إلى انتقاص في العقار المبيع.
    بالنظر إلى الاستحقاق الجزئي، في ق.ل.ع، نجد المشرع المغربي تبنى نظرة واسعة جعلت من هذا الاستحقاق شاملا لحالتين أساسيتين ، الأولى الحكم بملكية جزء شائع أو المفرز من المبيع، والثانية الاعتراف قضائيا للغير بحق عيني او شخصي على المبيع لم يعلم به المشتري.
    وعليه، فإن تطبيق هذه القاعد العامة على الطابع الحماني لمشتري العقار في طور الإنجاز يجعل حكم الاستحقاق الجزئي للعقار المبيع يختلف بإختلاف ما إذا كان الاستحقاق جسيما أو غير جسيم .
    ففي حالة الاستحقاق الجسيم الذي تترتب عنه خسارة فادحة للمشتري بحيث تبلغ قدرا مهما لو علمه وقت البيع الابتدائي أو النهائي، لما أقدم على التعاقد، كأن يكون العقار المبيع مخصصا لغرض التجارة أو الصناعة فيترتب على استحقاق الغير جزءا من هذا العقار عدم صلاحية الجزء الباقي للغرض المرصود له إبرام البيع الابتدائي .
    من خلال هذا يحق للمشتري حق الخيار بين استرداد ثمن الجزء الذي شمله الاستحقاق والاحتفاظ بالجزء المتبقي من العقار المبيع او فسخ البيع واسترداد كامل الثمن، فهذا الخيار يعد من الحقوق الثابتة للمشتري دون البائع إذ لا يمكن لهذا الاخير ان يجبره على سلوك حل دون آخر، وهذا ما جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) صادر عنه بتاريخ 1994/11/30 بخصوص الاستحقاق الوارد على الجزء من العقار المبيع، حيث ذهب إلى:” نزع ملكية جزء من المبيع لا يبيح للبائع الامتناع عن تسليم الباقي بدعوى الجهل بالمبيع ” .
    أما في حالة الاستحقاق الجزئي غير الجسيم الذي لا يبلغ قدرا من الجسامة بحيث لو كان المشتري قد علمه وقت البيع، الابتدائي أو النهائي، لكان أستمر في التعاقد فهنا لا يثبت للمشتري أي خيار بقدر ما يثبت له الحق في إنقاص الثمن بقدر ما استحق للغير ليس إلا .
    وهي مسألة متروكة للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي يحدد بحسب المعطيات الواردة لديه فيما إدا كان الاستحقاق جسيما من عدمه بحالة بلوغ الاستحقاق الخسارة الجسيمة فإن المستوى يظل مخيرا بين إرجاع ما بقي لديه من البيع ومطالبته بالتعويض المستحق بخصوص ضمان الاستحقاق الكلي، وإما بقاء الشيء المبيع تحت تصرفه، مع مطالبته بالتعويض في حدود ما لحقه من خسارة.
    الفقرة الثانية: ضمان العيوب الخفية والضمان العشري
    رغبة من المشرع في ضمان فعالية وصلاحية العقار المبيع في طور الإنجاز على مر زمن، فقد رتب مجموعة من الإلتزامات القانونية على البائع، بضمان هذا العقار فيما يخص ضمان بالتعرض والاستحقاق كما رأينا سابقا، وأن يكون هذا العقار خاليا من أي عيب قد ينقص من قيمته أو صلاحيته لتأدية الغرض المرصود له(أولا)، إلى جانب مسؤولية البائع عن الضمان العشري (ثانيا).

    أولا: ضمان عيوب العقار المبيع في طور الإنجاز
    تناول المشرع المغربي ضمان عيوب الشيء المبيع ضمن الفصول 549 إلى الفصل 575 من ق.ل.ع، كإطار عام قانوني منظم لها.
    ففي بيع العقار في طور الانجاز، لا يمكن أن يكون العقار صالحا للاستعمال، ومن ثم يكون فعالا إلا إذا وجد المشتري في العقار المبيع ما كان ينتظره ويحلم به من مزايا وفوائد وفق ما أعد له من استعمال، فالاستفادة هنا من أهم الفوائد والمزايا لا يمكنها أن تحقق في المبيع إلا إذا انتفت منه العيوب والنواقص التي تؤثر على قيمة العقار المبيع وتحد من صلاحيته للغرض المرصود له.
    ولتحقيق هذا الغرض يقتضي إلزام البائع بضمان جميع العيوب، الظاهرة منها والخفية، التي تلحق العقار المبيع.
  • ضمان عيوب البناء الظاهرة
    العيب عموما بمفهومه الضيق، هو ” كل نقص أو إخلال”، أو إن صح التعبير” كل آفة طارئة تصيب الشيء المبيع”، كما يعرف بالقصور الظاهر الذي يورث النقصان في قيمة المال في رأي أصحاب الخبرة والمعرفة والتي يخلو منه المال من أصل خلقته السليمة” .
    فحين لم يعمل المشرع المغربي على تحديد مفهوم العيب الموجب للضمان في عقد البيع عموما، وبيع العقار في طور الإنجاز خصوصا، بل اقتصر فقط على تعداد العيوب التي تستوجب هذا الضمان ، سالكا بذلك مسلك التشريعات المقارنة .
    وأضاف في الفصل 569 من ظ.ل.ع على أن البائع لا يضمن العيوب الظاهرة ولا العيوب التي كان المشتري يعرفها أو كان يستطيع بسهولة أن يعرفها .
    فالعيب الظاهر هو العيب الذي بمقدور المشتري ان يعرفه وقت البيع أو كان يستطيع أن يتبينه أو كان يستطيع بسهولة أن يعرفه، بعبارة بنفسه لو انه فحص العقار المبيع بعناية الرجل العادي ، أو كان يستطيع بسهولة أن يعرفه، بعبارة اخرى العيب الذي يسهل معه للمشتري التحقق منه بنفسه دون مساعدة أي شخص. وبالمقابل من ذلك يكون عيب البناء خفيا إذا استعصى عن الظهور، بحيث لا يمكن الوقوف عليه إلا بإجراء خبرة فنية وفحص غير عاديين، بمعنى العيب الذي يتعذر الوقوف عليه إلا باعتماد رأي أرباب البصر والخبرة .
    ومن خلال استقراء هذه النصوص أعلاه يتضح ان البائع في ق.ل.ع لا يلتزم بضمان العيب الظاهرة لا العيوب التي كان المشتري يعرفها وقت البيع أو كان يستطيع ان يتبينها، وإذ كان لهذه القاعدة العامة ما يبررها من الناحية العملية بالنسبة لبيع العقار موجود وتام الإنجاز اثناء التعاقد والتي يستطيع المشتري بموجبها التحقق من هذه العيوب وكشفها وقت إبرام العقد فإنه بالنسبة للبيع الوارد على شيء مستقبلي- بيع العقار في طور الإنجاز – من الصعب تطبيق القاعدة المذكورة أعلاه، ومن ثم فإن تبني القاعدة وتطبيقها على بيع العقار في طور الإنجاز تحمل في طياتها نوعا من الحيف بالنسبة لمشتري هذا النوع من العقار، لأن هذا الاخير لا يمكنه فحص العقار أثناء التعاقد لأنه غير موجود، ومن ثم يستحيل والحالة هاته على المشتري ان يتحقق من وجود العيب وعليه فإن جميع العيوب بالنسبة إليه تعتبر خفية ومن ثم وجب ضمانها من طرف البائع .
    وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية أن العيب الظاهر” هو الذي يتم الكشف عنه أثناء الفحص السطحي للعقار المبيع”، وحيث حددت كذلك المادة 1-1642 من القانون المدني معيارا حاسما للتفريق ين العيب الظاهر والخفي، بحيث نصت على أن العيب الظاهر هو الذي يتعين أن يكشف عنه قبل تسلم العقار المبيع بتحفظ أو بدون تحفظ وقبل مرور شهر من تسلم وحيازة المشتري للعقار، أما إذا تم الكشف عن العيب بعد ذلك فإنه يعد عيبا خفيا.
    وعليه، فالحيازة من طرف المشتري ومرور شهر عليها يعتبر زمن كافي للتعرف عن العيوب الظاهرة وتحديدها الخاضعة لمقتضيات المادة 1642.1 و بمرور هاته المدة يفد العيب تكيفه ويصبح عيبا خفيا، تأكيدا لهذا المقتضى المنصوص نصت المادة 1648 من القانون الفرنسي، على أن المشتري يجب عليه رفع دعوى العيب الظاهر داخل اجل سنة تبتدئ من تاريخ مرور شهر على حيازة العقار من طرف المشتري وإلا سقطت بالتقادم، وإلا جانب هذا نجد المادة 5-261 من قانون البناء والإسكان الفرنسي على أن مشتري العقار في طور الإنجاز إذا اكتشف عيبا ظاهرا في البناء فله الخيار بين أن يمارس دعوى الفسخ أو إنقاص الثمن، إلا إذا التزم بإصلاح هذه العيوب.
    ومن خلا هذا، يتبين أن المشرع الفرنسي وفر حماية فعالة لمشتري العقار في طور الإنجاز من خلال تنظيمه لضمان العيوب الظاهرة بمقتضى المواد 1-1642 من القانون المدني، و5-261 من قانون البناء والإسكان، مما يتعين على مشرعنا أن يتدخل لتنظيم هذا النوع من العيوب من خلال نصوص خاصة ومستقلة عن القواعد العامة التي لم تستطيع من بسط حماية كافية لمشتري العقار في طور الإنجاز.
  • ضمان العيوب الخفية
    بالرجوع إلى النصوص القانونية سالفة الذكر يلاحظ أن المشرع المغربي لم يعط تعريفا محددا للعيب الموجب الضمان تاركا المجال إلى الفقه والقضاء ومقتصرا على تحديد نطاقه . فلفصل 549 من قانون الإلتزامات والعقود أبان على أن الضمان يشمل الشيء المنقوص من قيمته نقصانا يحرم المشتري على الحصول على منفعته، أو أن الصفات المتفق عليها في العقد لم تتحقق أثناء التسليم، وهذا ما ذهبت عليه محكمة النقض في أحد قرارتها الى أن : ” أن المحكمة التي بنت قضاءها على اكتشاف بعض أجزاء السيارة قد وقع استبدالها بأخرى لا يعتبر من العيوب الخفية الموجبة الضمان…، بمعنى الآفة الطارئة على خلقة الشيء و طبيعته أو تخلف صفة مشروطة فيه أن تغير بعض اجزاء السيارة لم يؤثر في وجه استعمالها بحيث بقت صالحة للإستعمال” .
    ولقد ذهب الأستاذ عبد الحق الصافي إلى القول أن الفصل 549 من ق.ل.ع لا يحصر العيب الموجب للضمان في الآفة العارضة التي تخلو منها الفطرة السليمة للشيء فقط بل يمده ليشمل كذلك تخلف الصفات المشترطة في المبيع والتي كفلها البائع .
    هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالمشرع المغربي لم يتعرض صراحة في القانون 107.12 المغير والمتمم للقانون 44.00 لضمان العيوب في عقد بيع العقار في طور الإنجاز ليخضعه بذلك إلى أحكام ضمان العيوب الخفية منصوص عليها من الفصل 549 إلى الفصل 575 من ق.ل.ع، وبالتالي هل هذه الأحكام كفيلة لحماية مشتري العقار في طور الإنجاز؟
    ولتحقيق هذه الحماية، التزام البائع بضمان هذا العيب عن طريق توفير أربع شروط تم التنصيص عليها من طرف المشرع المغربي:

 أن يكون مؤثرا وخطيرا
لزم المشرع لاعتبار عيب موجب للضمان أن يكون مؤثرا أي جسيما يصيب المبيع في قيمته أو منفعته بحيث لو علم به المشتري لا امتنع عن شراء الشيء المبيع، وهو ذات المعنى الذي أكده المشرع المغربي من خلال الفصل 549 من ق.ل.ع، على ان يتضح أي نقص من قيمة الانتفاع بالمبيع يعد عيبا موجبا للضمان.
وفي بيع العقار في طور الإنجاز يكون العيب مؤثرا في قيمة العقار المبيع بانخفاض هذه القيمة في السوق العقارية بسبب وجود شقوق في جدرانه أو أساساته، وإن كان لا يؤثر على عامل الثمن الذي يختلف باختلاف عوامل شخصية متغيرة تتعلق برغبات المتبايعين .
 أن يكون العيب قديما
إن العيب القديم هو الذي يكون بالشيء المبيع وقت تسليمه للمشتري وهو يصيب الشيء المبيع وهو لازال تحت يد البائع وقبل نقل ملكيته إلى المشتري، وأن ضابط انتقال الملكية للمشتري هو الذي يحدد ما إذا كان العيب قديما أو حديثا .
وإن ما يضمنه البائع هو العيب الذي أصاب المبيع قبل انتقال ملكيته إلى المشتري، بموجب عقد البيع، أما العيوب الحادثة بعد انتقال الملكية فلا تدخل في ضمان البائع، اللهم إذا وجدت أسبابها قبل انتقال الملكية إلى المشتري، وتراخت آثارها إلى ما بعد انتقال الملك .
كما أن العبرة في وجود العيب من عدم وجوده ليست بتاريخ وإنما بتاريخ انتقال الملكية للمشتري، وهذا ما أكده قضاء النقض في أحد القرارات التي جاء فيها: ” حيث تبت أن العيب قد وقعت أسبابه قبل العقد، وترامت آثاره إلى المستقبل، فإنه يكون قديما يستوجب الرجوع على البائع”.
وبالتالي فربط تحقق الضمان بلحظة انتقال الملكية، فيه حماية لحقوق المشتري العقار في طور الإنجاز.
 أن يكون العيب خفيا
جاء في الفصل 569 من ق.ل.ع أن البائع لا يضمن العيوب الظاهرة ولا العيوب التي يعرفها المشتري أو يستطيع بسهولة أن يعرفها، فالعيب الظاهر الذي يعلمه المشتري أو يستطيع أن يعلم به غير موجب للضمان لأن المشتري اخذ الشيء المبيع وهو على بينة من أمره، غير أنه إن لم يكن بوسعه التعرف عليه عند التعاقد أو أن البائع صرح له بعدم وجود البيع أن إذن فالبائع ملزم بضمانه.
من خلال ما سبق يتضح أن القواعد العامة للالتزام وكذا القواعد العامة المنظمة للعيوب الخفية في عقد البيع العادي غير كافية وغير ملائمة لتوفير الحماية اللازمة لمشتري العقار في طور الإنجاز، خصوصا الحماية اللازمة لمشتري العقار في طور الإنجاز، خصوصا الحماية من تلك المخاطر الناجمة عن عدم متانة البناء وقوته وصلابته وصموده لمدة 10 سنوات، حيث أنه إذا ما تم تهدم البناء أو العقار بعد مرور أكثر من سنة من يوم إكتشاف العيب الخفي- وهذا هو الغالب في العقار المبيع في طور الإنجاز – فإن المشتري يسقط حقه في الضمان، كما أنه ليس بإمكان المشتري الرجوع على المقاول بالضمان المعماري لانتفاء العلاقة بينهما.
ثانيا: الضمان العشري للعقار المبيع في طور الإنجاز
إن توفير حماية لمشتري العقار في طور الانجاز، لا تتوقف عند بناء العقار المبيع حسب المواصفات المتفق عليها في العقد، بل يجب بعد الانتهاء من أشغال البناء وتسليم العقار المبيع أن يكون هذا الاخير متينا وسليما وللتحقق من هذا الامر لابد من مرور مدة من الزمن.
فإن بعد مرور مدة كافية من الاستغلال والاستعمال من طرف المشتري، تكون بمثابة اختبار لجودة العقار المبيع ومتانته وقدرته على الصمود لمدة تطمئن المشتري وعائلاته.
وتحقيقا لهذا الأبعاد الحمائية تدخلت بعض التشريعات المقارنة ونصت على مسؤولية البائع عن الضمان المعماري في بيع العقار في طور الإنجاز طبقا لما هو معمول به في مسؤولية المقاول والمهندس المعماري التي كرسها ق.ل.ع المغربي.
بحيث نظم المشرع المغربي نظام الضمان العشري الملقى على عاتق المهندس المعماري أو مقاول البناء في الفصل 769 من ق.ل.ع مفترضا أن مسؤولية المشيد تثار إلا بمناسبة ارتباط رب العمل مع غيره بمقتضى عقد المقاولة .
في حين أن المشرع في القانون الجديد 107.12 لم يشير صراحة إلى رجوع المشتري على البائع بالضمان المعماري، عكس نظيره الفرنسي الذي أباح بالضمان المعماري في المادة 1/1606 ببيع البناء في طور الإنجاز من قانون 3 يناير 1976 برجوع المشتري على البائع بالضمان المعماري.
إذا كان المشرع الفرنسي قد أخضع البائع للضمان العشري سواء تعلق الامر ببيع العقار في طور الإنجاز أو بيع عقار تحت تشييد، في ظل هذا هل يحق لمشتري العقار في طور الإنجاز كخلف خاص المطالبة بالضمان العشري وإقامة دعواه على هذا الأساس؟ أو بمعنى آخر هل يحق للمشتري الرجوع على البائع وعلى المهندس المعماري أو المقاول أو كليهما معا بالضمان العشري؟
بالرجوع إلى قواعد ق.ل.ع نجد المشرع لم يشير إلى موضوع آثر العقد بالنسبة للخلف الخاص(المشتري)، مما يؤكد أن المشرع المغربي قد غفل إلى الإشارة لهاته المسألة رغم المستجدات الحاصلة ل ق ل.ع بمقتضى القانون 107.12 المغير والمتمم للقانون 44.00 المتعلق ببيع العقار ي طور الإنجاز
وفي هذا الصدد يرى الفقيه مأمون الكزبري على أنه يمكن تحقيق هذه الغاية من خلال القواعد والمبادئ العامة ، حيث يرى البعض على أن بائع العقار في طور الإنجاز يقوم بعمل مماثل لعمل المقاول، وبالتالي فإن العبرة في إعمال مقتضيات الفصل 769 من ق.ل.ع ليس في الصفة التي يحملها المهندس المعماري أو مقاول البناء، وإنما في الإلتزام بالبناء الملقى على عاتق الآخر بصرف النظر عن طبيعة مركزه التعاقدي سواء كان هذا البائع يحتل مركز البائع أم يشتغل مركز المقاول.
من خلال قرائتنا للنصوص المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز نرى على أن البائع يتحمل بالضمان المعماري المنصوص عليه في الفصل 769 من ق.ل.ع، حيث أن المشرع على امتداد النصوص المنظمة لبيع العقار في طور الإنجاز، استعمل فقط مصطلحي البائع والمشتري ولم يستعمل قط مصطلح المقاول، بل أنه لم يميز بين البائع كمنعش عقاري والبائع كمقاول حينما يتولى إنجاز العقار بنفسه مم يعطي انطباعا بأن المشرع المغربي يميل إلى تبني تكيف موحد للعقد الذي يتم إبرامه وفق قانون 107.12 وهو عقد البيع، ومن ثم فالضمان الذي يتحمله بائع العقار في طور الإنجاز هو ضمان العيوب الخفية وليس الضمان المعماري .
فصاحب الحق في الضمان المعماري هو رب العمل- البائع- الذي يكون طرفا في عقد المقاولة مع المقاول أو المهندس، وإذا كان الضمان المعماري يعد من الحقوق اللصيقة بالعقار وليس بشخص رب لعمل ، فإنه ليس هناك ما يمنع من انتقال هذا الضمان إلى المشتري العقار في طور الإنجاز.
لكن بالرغم أن البائع لا يتحمل الضمان المعماري في بيع العقار في طور الإنجاز، إلا أن انتقال ملكية العقار، بعد تمام تشييده إلى المشتري باعتباره خلفا خاصا لرب العمل (البائع) يفرض بالضرورة انتقال الضمان الخاص بهذا المعنى إلى مشتريه، تناسبا مع موجبات حماية الطرف الضعيف وخصوصيات مجال البناء والعمران .
حيث يستطيع المشتري أن يرجع بالضمان على المهندس أو المقاول إذا تهدم البناء أو ظهر فيه عيب بعد انتقال الملكية إليه، ولكن قبل انقضاء مدة العشر سنوات التي يقوم خلالها ، والقواعد العامة هي التي تعطي الحق في هذا الضمان والتي نص عليها الفصل 229 من ق.ل.ع ، ولأن الضمان يعتبر تابعا للبناء وينتقل معه ما لم ينص العقد على خلاف ذاك .

خاتمة
لقد حاولنا من خلال هذا البحث المتواضع تسليط الضوء على مدى وحدود الحماية المخولة لمستهلك العقار في طور الانجاز، محاولين كذلك أن نلتمس الجديد الذي جاء به القانون 12 .107 المعدل والمتمم للقانون 00 .44 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز، لتنظيم هذا المجال الحساس لارتباطه بحاجة ضرورية للمجتمع المغربي للسكن، وبغية وضع رؤية شمولية ومتكاملة عن وضعية المستهلك العقاري في هذا النوع من التصرفات نظرا لجمود القانون 44:00 عن التطبيق و انتشار الفوضى في مجال إبرام هذه العقود، مما أدى إلى تعطيل كل المقتضيات المتعلقة بحماية الطرف الضعيف في العقد، وهو دفع المشرع المغربي إلى إصدار القانون 31.08 الذي جاء بمجموعة من المستجدات المهمة والضمانات المشجعة لكل الطرفين على الانخراط في هذا النوع من البيوع وبالتالي التقليص من أزمة السكن التي تعرفها بلادنا والحصول على العقار بشكل تدريجي و بثمن معقول.
كما أن مجيء القانون 107.12 كان لغاية التقليل من المشاكل التي يعرفها العقار بصفة عامة، والعقار في طور الإنجاز بصفة خاصة، لكثرة المتدخلين في مجاله واتساع دائرة الهجرة القروية التي أصبحت رافدا لمدن الصفيح. مما يستوجب تبني سياسة عقارية سكنية واضحة وشمولية تعتمد على نظرة مستقبلية عميقة، إذ لا يمكن معالجة المشكل العقاري أو التحدث عن إمكانية التحكم في السوق العقارية أو مراقبتها في ظل غياب شفافية ووضوح النظام العقاري.
وبالتالي فإن القانون رقم 107.12 يعد خطوة جديرة بالتنويه في مجال العقار من شأنها إزالة بعض اللبس عن هذا النوع من البيوع العقارية، وسيكون له دور فعال في بلورة السياسة العمومية الهادفة إلى تنويع وتقوية العرض السكني، وتمكين المهنيين من الاستثمار في هذا المنتوج بشروط وضمانات مشجعة، وتمكين فئات اجتماعية واسعة من الولوج إلى السكن في ظروف ميسرة وبحماية قانونية، لأن تفعيل هذا القانون وتطبيقه من طرفي العقد بشكل صحيح سيشكل حتما طفرة نوعية في مجال العقار، وسيخول للمتعاقدين حماية قانونية فعالة لحقوقهم والحرص على عدم ضياعها.
ولعزيز هذه الحماية لما لها من أهمية في تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية، وتشجيع الاستثمار في المجال العقاري خلصت إلى بعض الاستنتاجات وسيتم تقديم بعض المقترحات لعلها تسهم في تجاوز بعض الثغرات التي لا زال يعاني منها نظام بيع العقارات في طور الإنجاز بالرغم من هذا التجديد:
فبالنسبة للإستنتاجات هي كالآتي:
يلاحظ بأن مصطلح المستهلك يشوبه بعض القصور في حماية جميع مقتني العقارات في طور البناء، حيث لا يستفيد المشترين الذين يقتنون العقارات المعدة للاستعمال المهني أو التجاري من أحكام قانون 31.08، وإن أمكنهم الاستفادة من ضمانات ظهير الالتزامات والمقود.
وفي نفس الإطار ذهب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى ضرورة حصر نطاق تطبيق قانون 44.00 في العقارات المعدة للسكن بما في ذلك التجزئات المخصصة لهذا الغرض، لأن العلاقة بين الأطراف فيما يتعلق بالعقارات المعدة لغير السكن تكون، في الغالب، أكثر توازنا، حيث قد يقضي إدراج العقار غير المعد للسكن ضمن أحكام القانون رقم 107.12 المتعلق بتغير وتتميم القانون 44.00 إلى تقييد المعاملات المرتبطة به بدل تبسيطها.
كما يلاحظ أن ظهير الالتزامات والعقود قد صدر في فترة كان يسودها إبرام عقود بسيطة في مجتمع غير مناعي، حيث أن مبدا سلطان الإرادة وتدس الحقوق الفردية، مما تمخض عن تطبيقه ظلم كبير في حق الأطراف المتعاقدة التي تتميز بالضعف، لذلك حاول المشرع تدارك الموقف عندما صدر قانون 44.00 و31.08، حيث تطبعهما ميزة النظام العام، بهدف حماية الطرف الضيف عموما وحماية رضائه بشكل خاص.
لقد جاءت قواعد عيوب الرضى من أجل حماية الطرف الضعيف أثناء مرحلة التعاقد غير أن أثرها لا يشمل العيوب التي تقع في المرحلة ما قبل التعاقد، مما يشكل إجحافا في حق الطرف الضعيف داخل المنظومة التعاقدية ككل.
و يتبين من خلال قراءة قانون بيع العقار في طور البناء، أن المشرع المغربي قد أوجد للطرف الضعيف الإطار التشريعي الصلب، لتمكينه من صيانة حقوقه والدفاع عنها خلال جميع أطوار التعاقد، بل حتى في المرحلة ما قبل إبرام العقد الإبتدائي، غير أن المشرع وحاول عمن خلال القانون رقم 107.12 المتعلق بتغير وتتميم قانون 44:00 حرم المشتري، من ضمانة مهمة في هذه المرحلة الأخيرة، حيث قرر إمكانية إبرام العقد الابتدائي بمجرد الحصول على رخصة البناء، عوض شرط الانتهاء من أشغال الأساسات على مستوى الطابق الأرضي.
كما أن القواعد العامة وان كانت تؤطر الالتزام بالإعلام بصفة غير مباشرة، إلا أنها لا تشكل دعامة أساسية لحماية المستهلك، نظرا لصعوبة الإثبات على مستوى الإخلال بالالتزام بالإعلام قبل التعاقد. ولو أن هذا الأخير يوفر قدرا من الحماية للعلاقات القانونية الرابطة بين البائع المهني والمستهلك، عن طريق تحقيق نوع من التوازن المعرفي بينهم، وبالتالي يمكن للمستهلك من خلالها أن بقدم أو يعدل عن التعاقد وهو على بينة من أمره.
و يلاحظ ان مشرع قانون 31.08 لم يتطرق إلى القيمة القانونية للإشهار التجاري، حيث ببقى السؤال مطروحا حول إمكانية اعتبار الإشهار إيجابا أم أنه مجرد دعوى إلى التعاقد، علما بأن المشرع إعتبره إيجابا بمقتضى الفصل 15 من ق.ل.ع، ولو تعلق الأمر بالإرادة المنفردة كمصدر للالتزام.
ويمكن إجمال المقترحات في ما يلي:

  • تنظيم قانون خاص لبيع العقار في طور الإنجاز مستقل عن ق.ل.ع، على غرار القانون 106.12 المعدل والمتمم للقانون رقم 18.00 والقانون 51.00 مع تضمينه جزاءات جزرية.
  • تبسيط إجراءات إبرام عقد بيع العقار في طور الإنجاز، وتنظيمه في عقد واحد بدل الإعتماد على العقد المركب (عقد التخصيص- عقد البيع الابتدائي- العقد النهائي).
  • تفادي جزاء البطلان بخصوص عدم إحترام شكليات العقد والإحتكام إلى قواعد إستقرار المعاملات وتصحيح ما يمكن تصحيحه، فجزاء البطلان أصبح في صالح المنعشين العقاريين الذين لا ينضبطون لهذا القانون.
  • تحميل محرري هذا النوع من البيوع العقارية الالتزام بالنصح كما الشأن في القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق.
  • إخراج النص التنظيمي المحدد لشروط وكيفيات تطبيق الفصل 9-618 من القانون
    رقم 107.12
  • الإسراع في إصدار النص التنظيمي المحدد لشروط تقييد باقي المعنيين المقبولين لتحرير عقود بيع العقارات في طور الإنجاز.
  • التنصيص على الزامية تقديم البائع لضمانة إنهاء الأشغال وعدم الاكتفاء بجعلها ضمانة اختيارية.
  • تحويل المتعاقدين مكنة تصحيح البيانات الالزامية الواجب إقحامها في صلب العقد الابتدائي في حالة تخلف إحدى هذه البيانات.
  • منح القاضي صلاحية تفسير بنود العقد الواضح عندما تتناقض الإرادة المشتركة لطر في العقد مع تمتيعه بسلطة تعديل الشروط التعسفية.
  • ضرورة التنصيص صراحة على التزام العدل والمحامي بإسداء النصح للمتعاقدين على غرار ما هو معمول به في القانون رقم 39.02.
  • ضرورة الإقصاء التدريجي للعقارات غير المحفظة والاكتفاء بالعقار المحفظ في بيع العقار في طور الإنجاز
  • تطوير نظام الضمان العشري بتمديد نطاقه ليشمل إضافة إلى المقاول والمهندس المعماري حتى البائع.
  • ضرورة إصدار قانون خاص بالإنعاش العقاري وتنظيم مهنة المنعش العقاري.
  • إلغاء الاستثناء الوارد على الفصل 11-618 من القانون 107.12 وإلزام المؤسسات العمومية والأشخاص المعنوية التابعة للقطاع العام بتقديم ضمانات مالية للمشتري.
  • حصر نطاق تطبيق القانون رقم 107.12 في العقارات المحفظة.
  • دفع 50 في المائة من الأقساط للاستفادة من التقييد الاحتياطي يشكل ترجيحا واضحا لكفة البائع على المشتري الذي يمكن أن يكون قد دفع أزيد من 40 في المائة من الأقساط ولا يمكن له أن يستفيد من تقنية التقييد الاحتياطي
    وفي الأخير يمكننا القول بأن تحقيق الحماية المخولة لمشتري العقار في طور الإنجاز رهينة بتطبيق القانون رقم 107.12 من قبل جميع المتدخلين مع تدارك الثغرات التي تشوب مقتضيات القانون لسالف الذكر وبالموازاة يبقى دور القضاء حيويا في مجال حماية الطرف الضعيف دون الاضرار بالبائع في الوقت ذاته. انتهى بحمد الله وتوفيقه بالقنيطرة

الملاحق

لائحة المراجع
 الكتب العامة
• مأمون الكزبري: ” مصادر الالتزام”، الجزء الثاني، دار القلم طبعة 1974
• عبد القادر العار عاري، “الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة، الكتاب الاول عقد البيع”، منشورات دار الأمان، الرباط، مطبعة الكرامة الرباط-، الطبعة الثانية. سنة 2009
• عبد القادر العرعاري، ” ضمان العيوب الخفية في العقد البيع وفقا ل ق.ل.ع المغربي”، جمعية البحوث والدراسات القضائية، نشر دار المعرفة، الرباط. مطبعة المعارف الجديدة. 1996
• عبد الكريم شهبون، “الشافي في شرح ق.ل.ع، الكتاب 2: العقود المسماة”، الجزء الاول، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2002.
• حليمة بنت المحجوب بن حفو، ” نظرية الاستحقاق في القانون المغربي، دراسة مقارنة مدعمة بأراء الفقه واجتهادات القضاء”، مطبعة الامنية، الرباط، الطبعة الأولى، دجنبر 2010
• محمد سالم الغضبان، ” ضمان التعرض والاستحقاق في عقد البيع”، دراسة مقارنة بين القانون المدني الليبي وقانون الالتزامات والعقود المغربي، مكتبة دار السلام، الطبعة الاولى، سنة 2003
• محمد العروصي، المختصر في بعض العقود المسماة، عقد البيع والمقايضة والكراء الطبعة الرابعة، مطبعة مرجان، مكناس، سنة 2014-2015
• الحسين بلحساني، ” البيع والكراء وفقا للقواعد العامة والتشريعات الخاصة”، دار النشر الجسور وجدة، طبعة 2001
• عبد القادر العر عاري، الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة، الكتاب الأول، عقد البيع الطبعة الثالثة ن مطبعة دار الأمان الرباط 2011
• عبد الكريم الطالب، الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية، طبعة أبريل، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2013
• عبد الحق الصافي، عقد البيع دراسة في قانون الإلتزامات والعقود وفي القوانين الخاصة، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، سنة 1996
• عبد القادر العرعاري، العقود الخاصة، الكتاب الأول، عقد البيع، الطبعة الرابعة، مطبعة الأمنية، الرباط،2017
• محمد بن الحاج السلمي، التقييد الاحتياطي في التشريع العقاري، دذ. ط، مطبعة دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط 2002
• مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي، الجزء الأول، التحفيظ العقاري، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1987
• المختار بن احمد العطار ” النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي، الطبعة الاولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،
• 2011
• المختار بن أحمد عطار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع المغربي، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء: 2013
• العربي محمد مياد، الموجيز في العقود المدنية الأكثر تداولا، بيع العقار في طور الإنجاز الإيجار المفضي إلى تملك العقار الوكالة المبرمة خارج المغرب مطبعة الأمنية الرباط السنة 2016
• أحمد عبد الرزاق السنهوري، “مرجع الوسيط في شرح القانون المدني” الجزء الثاني، الطبعة الاولى، مطبعة دار الاحياء التراث العربي،
• بيروت، 1996
• عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني، دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على إثر تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، الجزء الأول، التصرف القانوني، الطبعة الأولى، دار النشر أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012
• أحمد شكري السباعي، نظرية بطلان العقود -دراسة مقارنة في ق.ل.ع وفي القوانين الخاصة، د ذ ط منشورات عكاط 1981
• أحمد أدريوش، نطاق ظهير ق.ل.ع، سلسلة المعرفة القانونية، الكتاب الثالث، الطبعة الأولى، د.ذ مط 1996
• حنان سعيدي، مناهج وتقنيات البحث القانوني، مطبعة وراقة زاكيوي إخوان، الطبعة الثانية، السنة 2021
• نادية جامع، منهجية البحث القانوني، مكتبة ووراقة زاكيوي إخوان، الطبعة الأولى السنة 2022
• محمد أحمد الفضيلة: “الإعلان عن المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية”، مكتبة الجلاء الجديدة، المنصورة، 1991
 الكتب الخاصة
• محمد بن أحمد بونبات، بيع العقار في طور الإنجاز، دراسة على ضوء القانون 44.00، الطبعة الأولى، المطبعة الوراقة الوطنية مراكش 2003
• الحسين بلحساني، أساس الالتزام بتبصير المستهلك ومظاهره، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، العدد الرابع، دجنبر 2001، ص13.
• سارة عبد الصمد، “العقد التمهيدي العقاري-دراسة تحليلية مقارنة على ضوء مبدا الامن التعاقدي”، الطبعة الاولى، مكتبة الرشاد سطات، سنة 2020
• عبد الحق الصافي، بيع العقار في طور الإنجاز، مطبعة النجاح للجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2011
• عبد الحفيظ مشماشي، بيع العقار في طور الإنجاز دراسة على ضوء القانون المغربي المقارن، الطبعة الأولى، د.ذ.مط ،السنة 2012
• محمد العروصي، ” الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع ” دذ ط، مطبعة وراقة سجلماسة، الزيتون، مكناس، 2012
• محمد بن الحاج السلمي، التقييد والتشطيب بالسجلات العقارية على ضوء مستجدات القانون رقم 14.07، الطبعة الأولى، مطبعة دار القلم، الرباط، 2015
• بو عبيد عباسي ” الالتزام بالإعلام في العقود “، دراسة في حماية المتعاقد والمستهلك، مطبعة الوراقة الوطنية، زنقة ابو عبيدة، الحي المحمدي، مراكش ،2005
• بوعبيد عباسي، الالتزام بالإعلام في العقود، – دراسة في حماية المتعاقد والمستهلك-، المطبعة والوراقة الوطنية زنقة أبو عبيدة- الحي المحمدي- مراكش: الطبعة الأولى: ماي 2008، ص.20.
• عبد الحق الصافي، بيع العقار في طور الإنجاز، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، السنة 2011
• أحمد محمد الرفاعي، الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي، دار النهضة العربية، القاهرة 1994

 الأطروحات
• يوسف مختري، حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال-الرباط السنة الجامعية 2014-2013
• مريم الرفاعي، النظام القانوني للمنعش العقاري، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2016-2017
• والاقتصادية والاجتماعية، مراكش السنة الجامعية 2014-2015
• علي الرام بيع العقار في طور البناء على ضوء أحكام القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث لقانون الأعمال، جامع
• جيهان بونبات، مركز الكتابة والتسجيل في عقود تفويت العقارات، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية: 2010- 2011
• محمد الخضراوي، نظام بيع العقارات في طور الإنجاز في القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية ة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية: 2004-2005
• إدريس الفاخوري، الأسس القانونية لتحديد أجرة المساكن- دراسة مقارنة-، أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة عين شمس كلية الحقوق القاهرة، السنة الجامعية 1986-1987، ص 16
• الخلدي نزهة، “الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية “، عقد البيع نموذجا، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس اكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية 2005/2006
• عمر قريوح ” الحماية القانونية للمستهلك “، القرض الاستهلاكي نموذجا، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2007/2006
• محمد كبوري” حماية مستهلك العقار خدمة التوثيق نموذجا “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2012/2011
• عبد القادر العار عاري، ” مسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب”، اطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس أكدال كلية العلوم والإقتصادية والإجتماعية الرباط، سنة 1990
• المظاهر القانونية لحماية المستهلك ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأعمال، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2005 /2004
 الرسائل
• محمد زلايجي، ” انتقال الضمان العشري وأثره على المشتري”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، سنة 1998-1999
• عبد العزيز معناني،” الحماية القانونية للمستهلك في بيع العقار قيد الإنجاز، دراسة في ضوء القانون المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق سويسي، الرباط، سنة 2012
• عبد الرحمان الشرقاوي، “دور القضاء في تحقيق التوازن العقدي”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط سنة 2008 – 2007
• محمد لشقار، الحماية القانونية للمشتري في عقود اقتناء السكن، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية طنجة، السنة الجامعية 2011-2012
• الحسين القبيبة، دعوى إتمام إجراءات البيع في ضوء نظام التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة العقار والتعمير، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2014-2015
• هشام أيت الصادق، الدعوى اتمام إجراءات البيع”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2010-2011
• مليكة الهلالي، بيع العقار في طور الإنجاز ودوره في التخفيف من أزمة السكن -دراسة على ضوء مستجدات مشروع القانون 107.12 الخاص بتتميم وتغيير القانون 44.00 رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ماستر العقود والعقار، جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية، وجدة سنة 2014/2015
• محمود الغمرتي، حماية المستهلك في العقد الإبتدائي- بيع العقار في طور الإنجاز نموذجا-، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص العقار والتعمير، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس 2016-2017
• خالد صالحي، ضمانات مشتري العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، سنة: 2008- 2009
• عزيز العرابي، الحماية القانونية والقضائية لبيع العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة القضاء والتوثيق، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، سنة: 2015- 2016،
• حسن ابو درقة ” خصوصيات بيع العقار في طور الانجاز على مستوى القانون 107.12″، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص العقار والتعمير، جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2016/2017
• فدوى العماري ” الضمانات القانونية في بيع العقار في طور الانجاز ” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون العقود والتعمير، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة 2005/2004
• الحسين أسدير، “مظاهر حماية مستهلك العقار في طور الانجاز بين القواعد العامة والخاصة”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2014/2015
• لبنى الهراس، ” التزامات المنعش العقاري في البيوع العقارية، بيع العقار في طور الانجاز نموذجا “، رسالة انيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ن ماستر قانون العقار والتعمير، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2015/2016
• أحمد بوصوف: “الضوابط القانونية للإعلانات التجارية” رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص وحدة قانون الأعمال والمقاولات جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، 2010-2009
• محمد الوردي: “جريمة الإشهار المضلل، دراسة في مقتضيات الفصل العاشر من قانون زجر الغش عن البضائع”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات، 2010-2009
• سعيد الوجدي، ” الحماية القانونية لمشتري العقار في طور الإنجاز”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2009/2010
• نور الدين طفيل، ” حماية مشتري العقار في طور الإنجاز”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقار والتعمير، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط، السنة الجامعية 2015/2016
• يوسف رحلي ” حماية رضى الطرف الضعيف في البيع الابتدائي للعقار في طور الانجاز بين القانون 44.00 والقانون 31.08″، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة الجامعية 2013/2014
• محمد رضى عكلي ” البيع الوارد على العقار في طور الانجاز “، رسالة نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، الرباط السنة الجامعية2009 /2008
• زهير العبوبي، “حماية مستهلك العقار في طور الإنجاز بين القواعد العامة والخاصة”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقار والتعمير، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2020-2021
• الخرشي الكنتاوي، الأحكام القانونية لبيع العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قانون المقاولة التجارية، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، 2010- 2009
• عدنان بلحاج، حماية المتعاقد في البيوع العقارية بيع العقار في طور الإنجاز نموذجا-، رسالة لنيل دبلوم الماستر في لقانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، 2013- 2012
• إسماعيل حنيوي، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء القانون الجديد رقم 107.12، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقار والتعمير جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، الرباط 2015-2016
• بثينة بوكمزة ” بيع العقار في طور الانجاز” رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني والاعمال، شعبة القانون الخاص بجامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، السنة الجامعية 2008/2007
• عبد الباقي اعزبوا بوتفاح، موقف القضاء المغربي في بيع العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، وحدة القانون المدني المعمق كلية العلوم القانونية والإجتماعية والإقتصادية أكدال، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 2001-2002
 المقالات
• يوسف مختري، التقييد الاحتياطي بين تقييد حق الملكية وحمايته، مقال منشور بمجلة الحقوق، نظام التحفيظ العقاري في ضوء القانون 14.07، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012
• دنيا مباركة، الحماية القانونية لرضا مستهلكي السلع والخدمات، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، العدد الثالث، يونيو2001
• محمد كرام، “قراءة في عقد تخصيص عقار في طور الإنجاز في ضوء القانون 107.12»، مجلة المحامي عدد 69 يوليوز، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، 2017
• الجيلالي بوحبيص الاشكالات القانونية المتعلقة بيع العقار في طور الانجاز”، مجلة القانون المدني المغربي، العدد 09
• سمير العكروت: “الإشهار التجاري وحماية المستهلك”، مجلة القضاء والتشريع، العدد 08 سنة 2005
• نور الدين الجازولي، عقد بيع العقار المحفظ بين الشكلية والرضائية، المجلة المغربية للاقتصاد والتنمية والقانون المقارن،1998 العدد 18
• حسين فتحي: “قدرة مشروعية الإعلانات التجارية لحماية المتجر والمستهلك”، مجلة المحاماة المصرية، العدد 73
• أحمد أجعون، التقييد الاحتياطي على ضوء القانونين رقم 14.07 و39.08، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، يوليوز اكتوبر 2012
• سليمان مقداد، ” التدخل التشريعي في ميدان المعاملات العقارية ” مقال منشور بمجلة العلوم القانونية سلسلة الفقه والقضاء العقاري، عدد 6، خاص بتكريم الاستاذ ” الفاخوري”، تحت عنوان ” مستجدات القوانين العقارية على ضوء الاجتهاد القضائي “، مطبعة الامنية، الرباط، 2015
• عبد العالي دقوقي، بيع العقار في طور الإنجاز على ضوء قواعد التحفيظ العقاري، مقال منشور بمجلة القانون المغربي، مطبعة دار السلام، الرباط، عدد 7مارس 2005
• مصطفى الغشام الشعبي، اليات حماية المستهلك، الالتزام بالإعلام، دراسة على ضوء القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك، مقال منشور بمجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية، العدد 08
• محمد الخضراوي “اشكاليات التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية قراءة في القانون 44:00 “، مقال منشور بمجلة المحاكم العربية، العدد
• 142، أكتوبر 2013
• وفاء جوهر، بيع العقار في طور الإنجاز، مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية، أكتوبر 2009، العدد الأول

 المدخلات
• منير المهدي: “التدليس والغش في السلع والخدمات بين الواقع الاقتصادي وحتمية الحماية القانونية”، الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، أشغال الندوة الجهوية السابعة، دار الطالبة وجدة، 31 ماي – فاتح يونيو 2007
• محمد الشيلح، القانون رقم 44.00 بين أسباب التجميد واقتراحات التنفيذ والمشروع التمهيدي لمراجعة القانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، مقال منشور بأشغال الندوة العلمية الوطنية التي نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق، مراكش يومي 29 و30 أبريل 2011
• حليمة لمغاري، توثيق التصرفات العقارية بين متطلبات التنمية والأمن العقاري، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني بعنوان “العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب” أعمال الندوة العلمية الثانية التي نظمتها مجلة المنبر يوم 20 أبريل 2013 بتزنيت، السلسلة الثانية، 2014
• البكاي المعزوز وعبد العالي دقوقي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في القانون رقم 14.07 المغير والمتم لظهير التحفيظ العقاري، دذ. ط مطبعة سجلماسة، السنة: 2016- 2017
 المناشير والدوريات والتقارير
• تقرير لجنة التشريع وحقوق الانسان حول مشروع رقم 107.12 المغير والمتمم للقانون 44:00، السنة 2014/2015
• مذ كرة إلى السادة المحافظين تحت عدد 2445 بتاريخ 12 نونبر 2004
• دورية بهذا الشأن، وهي دورية رقم 18 الصادرة بتاريخ 21 فبراير 2017
 المراجع باللغة الفرنسية
• Cass civ 18 juillet 1958, bul, Civ, P 189, cité par Hélène Bricks, les clause abusives LGDJ, Paris, 1982
• Paul Decroux, Droit Foncier Marocain, Tome 3, édition la porte, 2éme édition, 1977
• Mayer Daniel. Droit pénal de la publicité, édition Masson, Paris, 1979, Abdelatif Yagou, Conseil Régional Des Notaires de Casablanca, Notaires Du MAROC 30 Mars 2016
• picard jean technique de la vente d’immeuble avant contrat, l’acte de vente, preface de MICHEL DAGOT libraire technique de la cour de cassation paris
 المواقع الإلكتروني
https://juriscassation.cspj.ma

الفهرس
مقدمة 1
الفصل الأول: حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال العقد التمهيدي 9
المبحث الأول: مظاهر حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد التمهيدي 11
المطلب الأول: حق المستهلك في الإعلام وحمايته من الإشهار المضلل 12
الفقرة الأولى: إعلام المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز 12
أولا: الالتزام العام بالإعلام 13
ثانيا: الالتزام الخاص بالإعلام 15
الفقرة الثانية: حماية المستهلك من الإشهار المضلل 22
أولا: تعريف الإشهار المضلل 23
ثانيا: الجزاءات المترتبة عن الإشهار المضلل 25
المطلب الثاني: الحماية الشكلية لمستهلك العقار في طور الإنجاز 28
الفقرة الأولى: شكلية الكتابة في بيع العقار في طور الإنجاز 29
الفقرة الثانية: المحررات المعتمدة في تحرير عقود بيع العقار في طور الإنجاز 35
أولا: المحرر الرسمي 35
ثانيا: المحرر ثابت التاريخ 40
المبحث الثاني: ضمانات حماية المستهلك أثناء تنفيذ العقد التمهيدي 44
المطلب الأول: الضمانات الشكلية على مستوى انعقاد عقد التخصيص 45
الفقرة الأولى: إبرام عقد التخصيص كضمانة لأطراف العلاقة التعاقدية 46
الفقرة الثانية: الحق في التراجع عن عقد التخصيص 51
المطلب الثاني: ضمانات تنفيذ العقد الابتدائي 54
الفقرة الأولى: التقييد الإحتياطي للعقد الإبتدائي 54
أولا: شروط التقييد الاحتياطي وفق القانون رقم 107.12 55
ثانيا: آثار التقييد الاحتياطي في ظل القانون رقم 107.12 59
الفقرة الثانية: ممارسة الحق في التخلي 61
الفصل الثاني: حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز خلال عقد البيع النهائي 67
المبحث الأول: حماية المستهلك عند إبرام العقد النهائي 70
المطلب الأول: شروط إبرام العقد النهائي 71
الفقرة الأولى: الحصول على رخصة السكن وتقديم شهادة الانتهاء من الأشغال 71
أولا: الحصول على رخصة السكن أو شهادة المطابقة 72
ثانيا: تقديم شهادة انتهاء الأشغال ومطابقة دفتر التحملات 75
الفقرة الثانية: استخراج الرسوم العقارية الفرعية وأداء الثمن المتبقي 77
أولا: استخراج الرسوم العقارية الفرعية بالنسبة للعقار المحفظ 78
رابعا: أداء ما تبقى من ثمن البيع 80
المطلب الثاني: أحكام إبرام عقد البيع النهائي 81
الفقرة الأولى: إجراءات إتمام البيع 82
الفقرة الثانية: دعوى إتمام إجراءات البيع: 88
أولا: الشروط العامة لدعوى إتمام إجراءات البيع: 88
المبحث الثاني: حماية المستهلك من خلال الأثار الناتجة عن عقد البيع النهائي 97
المطلب الأول: التزام البائع بتسليم المبيع ونقل ملكيته 99
الفقرة الأولى: الالتزام بتسليم العقار المبيع 100
الفقرة الثانية، الالتزام بنقل ملكية العقار المبيع 107
أولا: انتقال الملكية في العقار المحفظ: 108
ثانيا: انتقال الملكية في العقار غير المحفظ 110
ثالثا: انتقال ملكية العقار في طور التحفيظ 111
المطلب الثاني: التزام البائع بالضمان 114
الفقرة الأولى: ضمان التعرض والاستحقاق 115
أولا: ضمان التعرض. 115
الفقرة الثانية: ضمان العيوب الخفية والضمان المعماري 130
أولا: ضمان عيوب العقار المبيع في طور الإنجاز 131
ثانيا: الضمان المعماري للعقار المبيع في طور الإنجاز 138
خاتمة 143
الملاحق 150
لائحة المراجع 194
الفهرس 205

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك