إعداد : محمد مراني العلوي
مقدمة :
يعد القانون المغربي كغيره من قوانين الدول الأخرى مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوكات الأفراد داخل الجماعة أو المجتمع بالمفهوم الواسع، ومن حيث معناه الضيق فيعد ذلك النص التشريعي مهما كانت مرتبته ضمن تدرج القواعد القانونية التي تصدر عن الجهات التي تضع القانون لتنظيم مسألة معينة أو نشاط معين، مثل المجال التجاري والمجال المدني وهكذا.
وقد عرف المغرب وضع القوانين خلال المصادقة على اتفاقية الحماية لسنة 1912 على يد السلطات الأجنبية ،الا أن هذه الفترة كانت سلبية على وضع القانون من طرف السلطات المغربية الى حين الإعلان عن مرحلة الاستقلال، وعندها أصبح المغرب يضع قواعده القانونية بشكل مباشر.
واذا كانت اهمية القانون تتجلى في كونه يهتم بجميع الظواهر القانونية والاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية، فإنه في مقابل ذلك يعتبر مرآة عاكسة لإرادة الامة وللديمقراطية الدولة، ويعلو على كل جزئياتها وذلك ما نص عليه دستور 2011 في فقرته الأولى من الفصل السادس باعتباره أن القانون هو اسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع ،اشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له.
وإذا كانت هذه هي اهمية القانون المغربي فإن الغرض الرئيسي لهذا الموضوع يسعى إلى إبراز المميزات والخصوصيات القانونية المغربية فيما يخص تنظيم الأفراد داخل المجتمع المغربي ،ومحاولات ملامسة الجانب القانوني الدولي الذي له صلة وثيقة بالتشريع الوطني، نظرا لاعتبار أن القوانين والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تكتسب صفة السمو على التشريع الداخلي فور نشرها ان كانت لا تعارض النظام العام بسند الدستور، وتبعا لذلك فإن إشكالية هذا الموضوع الرئيسية هي كالتالي:
إلى أي حد يمكن رصد طبيعة العلاقة الجامعة بين القانون الدولي والقانون المغربي من جهةوخصوصياته ومميزاته من جهة ثانية؟
وتتفرع عن الإشكالية عدة اسئلة فرعية :
ماهي خصوصيات ومميزات القانون المغربي؟
وماهي طبيعة العلاقة الجامعة بينه وبين القانون الدولي؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية سنعتمد على عدة مناهج، المنهج الوصفي والتحليلي، والمنهج التاريخي للنبش فيتاريخ القانون المغربي، بالإضافة لمقارنة القانون المغربي مع القوانين المقارنة معتمدين على المنهج المقارن في ذلك، وفق التصميم التالي
المبحث الاول : ماهية القانون المغربي وخصوصياته ومميزاته
المبحث الثاني: علاقة القانون المغربي بالقوانين الدولية
المبحث الأول: ماهية القانون المغربي وخصوصياته ومميزاته
سنتولى في دراسة هذا المبحث بيان ماهية القانون المغربي ومميزاته بناء على مستوى المطلب الأو ل ثم نسقف في المطلب الثاني على الخصوصيات التي ينفرد بها
المطلب الأول: مفهوم القانون المغربي ومميزاته.
لابد بداية إبراز مضمون كلمة القانون وتطورها في المغرب انطلاقا من الفقرة الأولى وبعده الوقوف على هذه المميزات من خلال الفقرة الثانية
الفقرة الأولى: مفهوم القانون المغربي وتطوه التاريخي
سنعالج انطلاقا من هذه الفقرة تعريف القانون سواء بمعناه العلمي أو بمعناه الإنساني أولا ثم سنقف في النهاية على تطوره في المغرب ثانيا
أولا مفهوم القانون المغربي:
إن مفهوم القانون ليس له حقل مفاهيمي محدد، وإنما يتأرجح ما بين مفهومه في حقل العلوم الطبيعية ،وحقل العلوم الإنسانية ،ففي حقل العلوم الطبيعية يعني العلاقة المضطردة بين ظاهرتين، يعني استمرار أمر معين وفقا لنظام ثابت مستمر، مثال ذلك قانون نيوتن وقانون الجاذبية، ومعناه استمرارسقوط الاشياء من الأعلى إلى الأسفل بسبب وجود الجاذبية، أما من الناحية القانونية، أي في حقل العلوم الإنسانية ،فهو يعني التشريع الصادر عن السلطة التشريعية المختصة بتنظيم موضوع معين، مثل ذلك قانون المحاماة وقانون الخدمة العسكرية والوظيف و العمومية وغير ذلك[1].
ويقصد بالقانون أيضا فرع منفروع الدراسات القانونية، لذلك يقال مثلا القانون الجنائي وهو فرع من فروع القانون العام ينظم مجالالجريمة والجزاء، والقانون المدني وهو فرع من فروع قانون الخاص ينظم مجال المعاملات المالية بين الأفرادفاصطلاح القانون هنا يتخصص بالوصف الذي يلحق لفظ القانون، فاذا قلنا مثلا القانون التجاريقصدنا به ذلك الجزء من القواعد القانونية التي تنظم الأعمال التجارية ونشاط التجارة في الميدان التجاري،ويمكن القول بمعنى آخر أن القانون بمعناه العام هو مجموعة من القواعد العامة والمجردة التي تنظم سلوك ا لأفراد داخل المجتمع، والتي يتعين عليهم الخضوع لها ، ويخصص لزمان ومكان معين، ويختلف من بلد لآخر ،ولذلك يطلق عليه بالقانون الوضعي لأن قواعده توضع سلفا وتكون محددة تحديدا كافيا بحيث يتمكن الأفراد من تنظيم سلوكهم وفقا لها.
ثانيا: التطور التاريخي للقانون المغربي
لقد عرف تاريخ القانون المغربي مجموعة من التحولات على مستوى طبيعته، حيث كان المغرب خلال فترة ما قبل الحماية يحتكم إلى قواعد الشريعة الإسلامية وقواعد العرف السائدة وذلك فيما لا يخالف قواعدالشريعة ولا يتعارض معها فيما يتعلق بعلاقات المغاربة فيما بينهم، أما اليهود المغاربة فكانوا يخضعون للقواعد الدينية اليهودية وذالك في احترام تام للديانات، والمغرب بلد إسلامي استقر عمله على مذهب الإمام مالك بن أنس، وقد كان أول من أدخل هذا المذهب إلى فاس وعمل على نشره بالمغرب خلال النصف الأول من القرن الرابع هو أبو ميمونه دراس ابن اسماعيل الجراوي، كما كان الأسد من الفرات وعبد السلام بنسعيد المعروف بسحنون فضلا كبير في نشر هذا المذهب وهكذا ظل المغرب يأخذ بالمذهب المالكي إلى حين فرض الحماية على المغرب سنه 1912، عندها بدأت قواعد المذهب المالكي المستمدة من الشريعة الإسلامية تتقلص.
حيث تضمنت اتفاقية الحماية عده اصلاحات قضائية تضمنها النظام الجديد، ونفس الشيء نصت عليه الاتفاقية الفرنسية الاسبانية المؤرخة في 27 نونبر 1912، حيث أشار الفصل 24 منها على أن الحكومتين تحتفظان بالحق في أن يقوم كل منهما في منطقتها مؤسسات قضائية مقتبسة من تشريعاتهاالخاصة ،وتطبيقا لتلك النصوص تم إصدار في المنطقة الجنوبية عدة ضهائر سنة 1913 تتعلق بقانون التزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية والقانون التجاري وقانون التحفيظ العقاري، ثم تلاه صدور عدة قوانين أخرى في مختلف المجالات وقد اقتبست كلها مبدئيا من القانون الفرنسي، وان لم يكن هو مصدرهاالوحيد، وقد كان يخضع تطبيق هذه القوانين إلى المحاكم الفرنسية ونفس الأمر حدث في منطقة الحماية التابعة للنفوذ الاسباني.
وتوجب الاشارة هنا إلى أن هذه القوانين كانت تطبق أمام المحاكم الفرنسية والاسبانية وأنها ما كانت تطبق إلا على الفرنسيين والاجانب في المغرب أما المغاربة فلم يكونوا يخضعون لتلك القوانين ولا يقفون أمامتلك المحاكم الا اذا كانوا في علاقة مع فرنسي او أجنبي أو كانوا في مواجهة الادارة، ومعنى هذا أن القانون الإسلامي المستمد من الشريعة والمعبر عنه بالفقه الإسلامي ظل مطبقا على نطاق واسع على المغاربة أمامالمحاكم الشرعية ،لكن الفرنسيين أخذوا يقلصون شيئا فشيئا دور الفقه الإسلامي كقانون وضعي فقاموا باحداث محاكم عرفية سنة 1914، قامت على تطبيق الأعراف المحلية في القبائل التي سميت بقبائل العرف ثم انشئوا المحاكم التي عرفت بالمحاكم المخزنية والتي كانت تطبق إرادة الحكام ورجال المخزن وكان الهدف من ذلك هو تقليص تطبيق الفقه المالكي،حيث لم يعد مطبقا إلا في نطاق الأحوال الشخصية والميراث والعقارات غير المحفظة.
وقد استمر الوضع على ذلك إلى نهاية الحماية، اما بعد الاستقلال فقد دخلت عدة تعديلات على التنظيم القضائي وإن ظل التنظيم القانوني هو نفسه، إلى ان حلت سنة 1965 حيث صدر الظهير الشريف بتوحيد المحاكم بتاريخ 26 يناير 1965. ويمكننا القول هنا أن هذا الظهير قلص بشكل كبير من تطبيق الفقه الملكي [2] .
الفقرة الثانية: مميزات القانون المغربي.
للقانون المغربي مجموعة من المميزات والتي سوف نعالج أهمها وأبرزها على سبيل المثال وذلك في ثلاث نقاط:
أولا : ا زدواجية النص القانوني المغربي.
إن ازدواجية النص القانوني المغربي ظهرت كمبدأ وكميزة أساسية في صياغة القاعدة القانونية منذبداية الحماية، والتي ما زال معمولا بها حتى اليوم ، وقد خضعت لهذا المبدأ أغلب الظهائر والضوابط غيرأن مفهوم الازدواجية يختلف على مستوى درجتين، الأولى ترتبط بفترة الحماية ،حيث لم يصدر خلالها أي قرار يتعلق بلغة النص إلا قرارا واحدا يعود للمقيم العام سنة 1912، هو الذي أحدث بموجبه نشرتين للجريدة الرسمية ، واحدة بالعربية وأخرى بالفرنسية ،غير أن مسألة الاصدار والاقتراح كانت تتم وفق سياسة المقيم ويبقى فقط تدخل السلطان له دور صوري يتمثل في وضع طابعه الشريف ،وقد تم اسنادمهمة الإعداد إلى لجان اجنبية تم احداثها من طرف المقيم العام، وبما أن الأمر يستدعي تدخل السلطان فإنه في مقابل ذلك يتم ترجمتها إلى العربية لعرضها عليه، مما أفرز صعوبة تعريب بعض المصطلحات من جهة ، وندرة الأطر المتخصصة من جهة ثانية ، وهو ما دعا بالإقامة إلى نهج أسلوبين ، الأول يتم فيه عرض ترجمتها إلى العربية في حال إنجازها، والاسلوب الثاني يتم فيه العرض أمام السلطان مشروع ظهير بالعربية متكون من مادة فريدة تنص على اعتماد النصوص المرفقة به في صيغتها الفرنسية في حالة عدم ترجمتها.
أما فيما يخص الدرجة الثانية من مفهوم الازدواجية فهو يتجلى في فترة ما بعد الحماية حيث أن المفهوم هنا يختلف عن المفهوم في المرحلة السابقة ،إذ يعد النص الأصلي هنا هو الصادر باللغة العربية أما المحرر باللغة الأجنبية مجرد ترجمه له[3] حيث القاعدة هنا هي صدوره بالعربية استنادا إلى نص الدستور ثم ترجمته للفرنسية، وهكذا اصبحت ميزة ازدواجية النص القانوني المغربي مبدأ نصت عليه قواعد النشرالرسمي دون أن تجعل منه إجراء اجباريا، وفي الاخير يمكن القول أن الازدواجية إذا كانت ميزة اساسيةللنص القانوني، فإنها لا تخفي في جانبها بعض العيوب التي قد تحدثها سواء على مستوى أخطاء الترجمة أوعلى مستوى فهم فحوى النص[4] .
ثانيا: تقننة وهندسة النص القانوني.
لقد كان للتقدم العلمي والتكنولوجيا في العصر الحديث دوره في تقدم البشرية وتحقيق مستوى أفضل للحياة، حيث هم هذا الجانب التكنولوجي كذلك الضوابط القانونية التي في حاجة إلى رقمنتها لتتماشى مع متطلبات المجتمع، مما انعكس على القانون المغربي وبالتالي أصبح له توجه ذو طبيعة تقنية لها عدة تجليات والتي نجملها كالاتي:
أ_تجليات التقنية على مستوى نظريه العقد
تجد ضالتها في القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية [5]كما أنه يعدبموجب المادة الثانية من الباب الأول من القسم الأول من الكتاب الأول من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود الفصل 2-1 وبموجب المادة الثالثة من القانون 53.05 من القسم الأول من الكتاب الأول من الظهير أعلاه بالباب الأول مكرر والذي تمت عنونته بالعقد المبرم بشكل إلكتروني ،أما المادة الرابعة من القانون 53.05 فقط تممت الفرع الثاني من الباب الأول من القسم السابع من الكتاب الأول بالفصل 417، أما المادة الخامسة من القانون 53.05 فقد غيرته وتممت الفصول 417 و 425 426 و443 من قانون الالتزامات والعقود.
ب_تجليات التقنية على مستوى قوانين أخرى
هناك مجموع لا متناهية من القوانين ذات الصبغة الرقمية ،نكتفي بذكر أهمها ،فهناك القانونرقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك وخاصة منه المواد 23 و 24 .تم القانون رقم 07.03 الذي تمم مجموعة القانون الجنائي فيما يخص جرائم نظم المعالجة الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي من الفصل 607- 3 إلى 607-11 وغيره.
ونقول إجمالا لهذه المميزات أنها أضحت تشكل نقطة بارزة في القانون المغربي لا على مستوى قوانينه الخاصة كما سقناه سابقا ، والتي كان لها اثر قوي على بعض النظريات التقليدية في القانون ،ولا على مستوى الاتفاقيات التي ينهل منها المغرب قواعدها كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية بودابيست في المجال الجنائي الموقعة بتاريخ 2001، وحتى على مستوى القانون العام الداخلي حيث أصبحت الإدارة هي الأخرى التي تتجه إلى رقمنة مساطرها وأج أة مرافقها بالاعتماد على التقنيات الحديثة ،ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن المغرب على مر التاريخ قد أحدث عدة هيئات مواكبة للتطور الرقمي مثل الوكالة الوطنية لتقنية المواصلات والمديرية العامة لأمن نظم المعلومات.
ثالثا: ترسيخ الحماية القانونية في الحقل التعاقدي.
من السمات الأساسية التي ميزت العمل التشريعي المغربي وخاصة في السنوات الأخيرة هو السيرنحو الاهتمام أكثر بحماية المستهلك من خلال عدة مجالات تعاقدية في قطاعات مختلفة يتسم اغلبهابالحيوية و الأهميه مع العلم أن صفة متعاقد قد نجدها في نطاق واسع من العقود [6]كما أن المستهلك يتموقع في موقع المتعاقد في جميع الأحوال تقريبا وذلك بالنظر إلى أن التعاقد يظل الوسيلة الأساسية لتصريف البضائع والسلع والخدمات الاستهلاكية، ويظهر أن هناك تراكم على مستوى النصوص التشريعية التي صدرت خلال السنين الأخيرة والتي لها علاقة بالمجال التعاقدي، وبناء على هذه النصوص فإن المشرع أظهررغبته واهتمامه اللافت إلى حماية المستهلك ،اذا فأين تجليات هذا التراكم وماهي مببرات الأخذ به]؟
أ_ تمظهرات التراكم التشريعي
نجد مجموعة من القوانين على سبيل المثال فقط هناك القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك والذي جاء بمثابة إطار مكمل لباقي النصوص التشريعية التنظيمية التي لها علاقةبحماية المستهلك وتعزيز حقوقه الأساسية، وهو ما يستفاد من مضمون ديباجة القانون المشار إليه وهوالقانون الرئيسي ضمن قائمة النصوص التي لها علاقة أو تهتم بترسيخ الحماية للمستهلك، أيضا هناك القانون رقم 27.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وهو أيضا يدخل في نطاق حماية المستهلك في مواجهة الموردين والمنتجين، تم هناك قانون 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب والذي صدربظهير شريف سنة 2015 ،حيث اهتم هذا القانون بتنظيم قطاع صحي خدماتي في غاية الأهمية هو قطاع الطب، ومن خلال هذا التنظيم تم بشكل مباشر أو غير مباشر ملامسة بعض الجوانب الحمائية لفائدةمستهلك الخدمات الطبية ،والمقصود هنا الأشخاص الذين يلجئون إلى التعاقد في إطار عقود طبية من اجل الانتفاع من خدمات استشفائية سواء على مستوى العيادات أو المصحات[7]
ب_ مبررات التراكم التشريعي بخصوص المستهلك
من المعلوم أن حقوق المستهلك تعد حقوقا اساسية فوق كل شيء، نظرا للصفة الانسانية فيه، هذه الحقوق معروف بها عالميا وتم تكريسها في عدة مواثيق واتفاقيات [8] وحتى على المستوى الوطني من خلال القوانين التي ذكرناها ومن خلال الدستور أيضا لسنة 2011 الذي يؤكد على ضمان الحق في الحياة، والحق في السلامة ، كما يؤكد كذلك على حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر مع ضرورة التقيد بشروط التنافس النزيه .
المطلب الثاني: خصائص القانون المغربي
يتسم القانون المغربي بخصائص عديدة، منها ما ينفرد به التشريع، ومنها ما يشترك فيه مع بعض التشريعات المقارنة، ومن أهم خصائص القانون المغربي أنه ذو خصوصية دينية ودولية الفقرة الأولى كما له طبيعة اجتماعية كغيره من القوانين، وسعيا من المشرع المغربي لمواكبة التطور الاقتصادي، أصبح يكتسي التشريع طابع اقتصاد ي الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: الخصوصية الدينية والدولية للقانون المغربي
من سمات القانون المغربي نجد الخصوصية الدينية أولا، والخصوصية الدولية ثانية
أولا: الخصوصية الدولية
يتسم التشريع المغربي بانفتاحه على مرجعية دولية يستقي منها قواعده، أي الاتفاقيات أوالمعاهدات الدولية، ونقصد بها المبادئ والقواعد التي يحصل بشأنها اتفاق بين مجموعة من الدول، فتتعاهد في اطار ما يسمح به القانون الدولي، على أن تجعل منها نصوص قانونية قابلة للتطبيق [9]، والاتفاقيات الدولية حسب تصدير دستور 2011 [10]، تحتل مرتبة أعلى من التشريع، إذ أكد في ديباجته التزام المملكة بجعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الراسخة، تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة التشريعات معما تتطلبه تلك المصادقة، ومتى تمت المصادقة على الصكوك الدولية وفق هاته الشروط أصبحت مصدرامن مصادر القواعد القانونية[11].
ومن صور جعل المشرع المغربي لصكوك الدولية مرجعا له، سنه القانون رقم 103.13 [12]المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، بتاريخ 22 فبراير 2018، والذي تبنى قواعده من مرجعية دولية تتمثل في اتفاقية سيداو المتعلقة بالقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة المؤرخة بتاريخ 1979، والتي صادق عليها المغرب سنة 1993.
ثانيا: الخصوصية الدينية
يتميز التشريع المغربي عن بعض التشريعات المقارنة بخاصية اعتماده الشريعة الإسلامية مصدرا أصليا لقواعد القانون المغربي، خلافا للتشريع الفرنسي فقد كرست الدساتير المغربية مكانة الهوية الإسلامية، ونصت ديباجة الدستور الحالي على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية، وأن الهوية المغربية تتميزبتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها”، ونص الفصل الثالث على أن “الإسلام دين الامة”، لكن درجة حضور الشريعة الإسلامية كمصدر للقانون تختلف من فرع لآخر من فروع القانون، فالشريعة الإسلامية تعتبر عموما مصدرا ثالثا من مصادر القانون المغربي بعد التشريع والعرف [13] وهذا بخلاف بعض الدول التي جعلتها المصدر الأول، كالتشريع الأردني الذي جاء فيه أن مصدر القانون المدني هو الفقه الإسلامي، وأن مرجع تفسير نصوص القانون هو علم أصول الفقه،
فمبادئ الشريعة الإسلامية في القانون المغربي وخاصة مدونة الاسرة [14] هي مصدر مادي وموضوعي للقاعدة القانونية، أي مصدر تستمد منه القاعدة القانونية مضمونها أو مادتها بحيث تفرض على المشرع عند التقنين في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية أن يستلهم حكم القاعدة القانونية من مبادئ الشريعة الإسلامية، كما أنها مصدر رسمي للقاعدة القانونية حيث للقاضي الرجوع اليها مباشرة دون حاجة لأن تتم صياغتها في إطار قواعد قانونية، وذلك بالإحالة الصريحة للمشرع المغربي في مدونة الاسرة في المادة400[15] منها، وهناك قوانين أخرى نصت على أن الفقه الإسلامي يعتبر مصدرا احتياطيا لها عند انعدام النص واجب التطبيق، منها مدونة الحقوق العينية [16]، استنادا للفقرة الثانية من المادة الأولى التي جاء فيها”تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 12 أغسطس 1913بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل في الفقه المالكي.
الفقرة الثانية: الخصوصية الاجتماعية والاقتصادية
من خصائص القانون المغربي أنه اجتماعي، أي انه يراعي البيئة الاجتماعية للمغرب أولا،كما أنه توجه التشريع الحديث للمشرع المغربي يبرز الخاصية الاقتصادية التي أضحت تتسم بها القوانين المغربية ثانيا
أولا: الخصوصية الاجتماعية
من أهم سمات القانون المغربي أنه يحاول أن يلبي حاجيات المجتمع، باعتبار القانون ظاهرة اجتماعية، لا يوجد إلا بوجود المتجمع، فوظيفة القانون المغربي تتمثل في تنظيم الروابط أو العلاقات الاجتماعية، إذ لا قانون بدون مجتمع ولا مجتمع بدون قانون يتفق مع البيئة التي يتميز بها هذا المجتمع،فطبيعة المجتمع المغربي وثقافته المتنوعة، تفرض على المشرع أن يراعي هذه الخصوصيات المغربية ،لتكون وظيفة القانون هي تنظيم هذه العلاقات، عن طريق صياغة ما تتكون منه قناعات المجتمع المغربي وتقاليده، وما يعتد به من قيم، في شكل قواعد قانونية عبارة عن أوامر أو نواهي، تبين حدود تصرفات أفراده، مسايرا في ذلك التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي، محاولا التخلص من الاثار التي خلفتها قوانين سلطات الحمايةالفرنسية، التي أصبحت لا تتلاءم وخصوصيات المجتمع المغربي، وهو ما يؤدي إلى اختلاف التشريع الوطني عن غيره من القوانين المقارنة، واختلافه داخل المجتمع المغربي من زمن لآخر [17]، إلا أن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد أن المشرع المغربي يأتي بقوانين جاهزة من الدول الغربية مع إدخال بعض التعديلات عليها، وهو ما يؤدي إلى صعوبة تقبلها من المجتمع المغربي لأنها لا تراعي البيئة المغربية التي تتسم بأعراف وتقاليد مغايرة للبيئة التي نشأ فيها القانون المستوحى منه التشريع المغربي.
ثانيا: الخصوصية الاقتصادية
من الخصائص التي تميز بها التشريع المغربي في ترسانته القانونية الحديثة، هي محاولة إيجاد توافقبين البنيتين الاقتصادية والقانونية، حيث أقدم المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة على إصدارقوانين الخوصصة، وتحديث القواعد التشريعية ذات الصبغة الاقتصادية، ففي سنوات الأخيرة أصبح تشجيع الاقتصاد الوطني وجلب المستثمرين الأجانب، من أولويات المشرع المغربي، بغية تهيئة بيئة جذابة للمستثمرين، ومن جملة الإصلاحات التي تبين الخاصية الاقتصادية التي أصبح يكتسيها التشريع المغربي على منظومة قوانين الأعمال [18] نجد؛
- القانون رقم 15.95 بمثابة مدونة التجارة [19]، سنة 1996.
- القانون المعدل لكتاب الخامس لمدونة التجارة المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، رقم73.17[20]سنة 2018، والذي حاول من خلاله المشرع تغليب المقاربة الاقتصادية، إذ خول المشرع للقاضي اتخاذ جميع سبل من أجل المحافظة على المقاولة داoل النسيج الاقتصادي الوطني،والحيلولة دون حل المقاولة.
- القانون رقم 17.95 .[21] المتعلق بشركات المساهمة، والقانون رقم 5.96 [22] المتعلق بباقي الشركات،فباستقرائهما يتبين لنا تنظيم المشرع لحياة الشركات بكل أنوعها بداية بتأسيسih إلى تصفيتها، يبدو واضحا توجه المشرع في الحفاظ على استمرارية المقاولة، من خلال تغلبيه للعقوبات المالية على العقوبات السالبة الحرية، في جل المخالفات المنصوص عليها في القانونين السالفين الذكر.
- ميثاق الاستثمار الجديد الصادر بدجنبر 2022،
هذا إن دل فأنه يدل على السمة الاقتصادية التي طبعت التشريع المغربي الحديث، وأصبحت من الخصائص التي يراعي إليها المشرع في إصداره لأي تشريع.
المبحث الثاني علاقة القانون الوطني بالقوانين الدولية
كما هو معلوم أن من الناحية التاريخية القانون الوطني له الاسبقية على القانون الدولي، حيث نشأت الدول أولا ونشأ معها قانونها الداخلي ثم نشأت بعد ذلك القواعد القانونية الدولية لتنظيم علاقات الدول في المجتمع الدولي، لدلك سنتطرق للعلاقة القائمة بين كل من القانون الوطني المغربي والقوانين الدولية.
المطلب الأو ل ːعلاقة القانون الوطني المغربي بالقانون الدولي العام
سوف نعالج هذا المطلب من خلال فقرتين أساسيتين الفقرة الأولى سنتحدث فيها عن النظريات التي تحدد العلاقة الرابطة بين القانونين الداخلي والدولي أما الفقرة الثانية سنوضح فيها الجوانب التي توضح العلاقة الرابطة بين القانون الوطني المغربي والقانون الدولي العام.
الفقرة الأولى ːنظرية ثنائية القانون ونظرية وحدة القانون
أولا ːنظرية ثنائية القانون
تعد هذه النظرية نتيجة المذهب الموضوعي، يرى أصحاب هذه النظرية أن القانون الدولي والقانون الداخلي نظامين مستقلين، ومنفصلين عن بعضهما البعض وغير قابلين للاندماج[23]وذلك للأسباب الاتية ː
من حيث المصدر ː
القانون الداخلي هو عبارة عن مجموعة من القواعد تضعها السلطة الوطنيةالمختصة، أو أعراف نشأت داخل المجتمع، بينما مصادر القانون الدولي هي اتفاقيات أو معاهدات عقدتها الدول فيما بينها.
من حيث السلطة القائمة على تطبيق القانو ن ː
فلا توجد سلطة مركزية عليا في المجال الدولي، كما هوالحال في المجال القانون الداخلي، ويترتب على ذلك أن القانون الوطني قانون قسري تقترن فيه القاعدة بجزاء منظم بينما يفتقر القانون الدولي لهذه الخاصية.
من حيث الأشخاص المخاطبين بالقانون ː
فأشخاص القانون الدولي هم الدول والمنظمات الدولية أما أشخاص القانون الداخلي فهم الأفراد .
اختلاف موضوع القانو نː
فالقانون الداخلي ينظم علاقات الأفراد داخل الدولة بعضهم ببعض، بينما يقوم القانون الدولي العام بتنظيم العلاقات بين الدول المستقلة في وقت السلم والحرب .
ويترتب عن هذا مجموعة من النتائج ː
- انتفاء التنازع بين القانونين بسبب وجود دائرة نفد خاصة لكل منهما
- التزام القاضي الوطني بتطبيق القاعدة الوطنية في حالة التعارض مع القاعدة الدولية وإن كان ذلك قديسبب المسؤولية الدولية وذلك لأن القاضي الوطني يستمد سلطاته واختصاصه من القانون الوطني. [24]
- ثانياː نظرية وحدة القانونين
اعتبرت هذه النظرية أن قواعد كل من القانون الدولي والقانون الوطني كتلة قانونية واحدة أي أن القانونين معا يشكلان في الأصل امتدادين لقانون واحد.
فإذا كان أنصار هذه النظرية يتفقون على عنصر الوحدة بين النظامين القانونين فإنهم يختلفون حول مسألة من يحتل الهرم فهناك تيار واحدة القانون مع سمو القانون الدولي والتي يدافع عنها أصحاب الفلسفة السلمية والعالمية .
تيار وحدة القانون مع سمو القانون الداخليː
ينطلق صحاب هذا التيار من عدم وجود سلطة عليا في المجتمع الدولي، فالدولة في نظرهم هي السلطة العليا التي لا تعلوها سلطة عليا أخرى، وهي وحدها القادرةعلى وضع القواعد القانونية ومن تم تكون حرة في تحديد التزاماتها الدولية وكيفية تنفيذها، وبناء على ذلك يقرر أصحاب هذا التيار أن دستور كل دولة هو أساس كل الالتزام بأي قاعدة قانونية دولية كانت أم داخلية في ميدان العلاقات الدولية، وأن القانون ينشأ نتيجة مباشرة هذه الاختصاصات ومن تم فإن الأولوية تكون للقانون الدستوري أي القانون الداخلي ويترتب على ذلك أن المعاهدات الدولية تستمد قوتها الملزمة من الدستور الداخلي وأنه في حالة تعارض إحدى المعاهدات الدولية مع أحكام الدستور فإن الأولوية تكون للدستور .
تيار وحدة القانون مع تغليب القانون الدولي على القانون الداخليː
من رواد هذا الاتجاه هانس كلسنوجورج سيل ويوليتيس حيث بنوا وجهة نظرهم على أنقاض الانتقادات الموجهة لتيار تغليب القانونالداخلي على القانون الدولي، واعتبروا، أن القانون الدولي، ينبثق عنه القانون الدولي الذي يفترض فيه أن يكون أدنى مرتبة من القانون الدولي[25]
الفقرة الثانية ː سمو الاتفاقيات الدولية على القانون الوطني
من خلال الفقرة التي تم الحديث عنها أعلاه يتضح أن القانون الوطني المغربي أخد بالنظريةالثانية االقانون الداخلي كما سار المشرع المغربي في اتجاه ترجيح الاتفاقيات الدولية على القانون الداخلي المغربي منذ مدة طويلة ويمكن تحديد ملامح ومظاهر الأولوية في التشريع المغربي من خلال عدة تشريعات متفرقة[26]من بينها ː
- قانون الجنسية والذي نص في مادته الأولى على أن “تحدد المقتضيات المتعلقة بالجنسية المغربية بموجبالقانون وعند الاقتضاء بمقتض ى المعاهدات أو الأوفاق الدولية التي تقع المصادقة عليها ويتم نشرها ” [27].
- ظهير تسليم المجرمين الأجانب إلى حكومتهم، نص في مادته الأولى على التسليم والمسطرة المتبعة في هذاالشأن تخضع للفصول التالية مالم تكون هناك مقتضيات مخالفة لها ناجمة عن المعاهدات [28]
- قانون المحاماة التي تنص المادة الخامسة منه على أنه يشترط في المرشح لمهنة المحاماة أن يكون مغربيا أومواطن دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى مع مراعاة مبدأ التعامل بالمثل مع هذه الدول [29] .
كما يتضح ذلك أيضا من خلال مجموعة من النصوص الدستورية خاصة في الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات حيث جاء ملائما لمجموعة من الاتفاقيات منها الإعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها.
وحسما لكل خلاف مرتبط بهذه المسألة جاء في تصدير الدستور الجديد لسنة 2011 التزام واضح لقواعد القانون الدولي المصادق عليها من طرف المملكة المغربية “فإن المملكة المغربية تؤكد وتلتزم بما يلي جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب وفي نطاق أحكام الدستور وقوانين المملكة وهويتها الراسخة تسمو فور نشرها على التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة“
ويبدو جليا من خلال هذه النصوص تفاوت القيمة القانونية للقانون الدولي من تشريع وطني لأخر وذلك إما من خلال مجرد الإحالة عليه أو من خلال الاعتراف صراحة بسموه على القانون الداخلي عند التعارض.
كما نجد أن القضاء سار في نفس النهج في العديد من الأحكام والقرارات القضائية حيث جاء في حكم المحكمة الابتدائية بطنجة في الملف عدد 2009-1607- 616″…وحيث أن المحكمة في قضية الحضانة تراع سائر الظروف والمعطيات الواقعية والقانونية والتي تسير جميعها في اتجاه البحث عن المصلحةالفضلى للمحضون إعمالا لاتفاقية حقوق الطفل المؤرخة في 20 نونبر 1989 والتي انضم إليها المغربفي 1993-06-21″[30]
كما جاء في قرار صادر عن محكمة النقض في تاريخ 08- 12-2020 أن “المحكمة المطعون في قرارها بتأييدها للحكم الابتدائي الذي اعتبر العلاقة الشغلية الرابطة بين طرفي الدعوى محددة المدةاستنادا إلى عقد تشغيل الأجير دون مراعاة مقتضيات المادة 520 من م.ش وكذا مقتضيات الد ستور المغربي، وديباجة مدونة الشغل التي تؤكد على سمو الاتفاقيات والمواثيق الدولية وضرورة تطبيقها فينزاعات الشغل الفردية … تكون قد جعلت قرارها غير مؤسس على قانون وعرضة للنقض” [31].
المطلب الثاني: علاقة القانون الدولي الخاص بالقانون المغربي
يعتبر القانون الدولي الخاص النقطة المشتركة بين القانون العام و القانون الخاص، و ذلك من حيث الرابطة القانونية التي تتخطى حدود و إقليم الدولة بالإضافة إلى أنه يندرج ضمن فروع القانون الخاص باعتبار القانون الدولي الخاص يحكم علاقة قانونية تتضمن عنصرا أجنبا لذلك ارتأينا تقسيم هذاالمطلب إلى فقرتين الفقرة الأولى تتضمن مفهوم و خصائص القانون الولي الخاص و الفقرة الثانية مصادر القانون الدولي الخاص و مجال تطبيقه .
الفقرة الأولى: مفهوم وخصائص القانون الدولي الخاص
أولا: مفهوم القانون الدولي الخاص
يعرف القانون الدولي الخاص بكونه مجموع القواعد القانونية المتعلقة. بتنظيم علاقات الأفرادسواء الأسرية أو المالية و ذلك في الحالة التي تضمن هذه العلاقة طرفا أجنبيا إضافة إلى هذا يتضمن
القانون الدولي الخاص مسألة الاختصاص القضائي الدولي و وضعية الأجانب و الجنسية و الموطن و كيفيةتنفيذ الأحكام الأجنبية [32]
ثانيا: خصائص القانون الدولي الخاص
من بين أبرز الخصائص التي يتمتع بها القانون الدولي الخاص كما يلي:
- قانون ملزم ولا يتفق على مخالفته
- قانون حديث النشأة قد ظهر هذا المصطلح أول مرة بعدة الثورة الفرنسية و بضبط سنة 1834على يد المحامي الفرنس ي folkess
- قانون وطني كسائر القوانين الوطنية الأخرى التي تضم عنصرا أجنبيا بخلاق القانون الدولي العام الذي يحكم العلاقات بين الدول [33] .
- القضايا التي يختص بها القانون الدولي الخاص تنازع الاختصاص القضائي الدولي، تنازع القوانين ،الجنسية، وضعية الأجانب، الموطن [34].
الفقرة الثانية: مصادر القانون الدولي الخاص وأهم مواضيعه
أهم المصادر التي يستقي منها القانون الدولي الخاص أحكامه مصادر خارجية وأخرى وطنية
أولا: المصادر الدولية
تعتبر المعاهدات والاتفاقيات الدولية من أبرز المصادر التي تحكم القانون الدولي الخاص باعتبارأن هذا الفرع من القانون لا ينحصر فقط على المعاملات القانونية الداخلية بين الأطراف بل على العكس من ذلك فمسألة تنازع القوانين تعتبر من المواضيع الشائكة التي تضرب في مبدأ إقليمية القوانين وهذا ما تنج عنه مجموعة من الاتفاقيات الثنائية من أجل التعاون الدولي و التي كان المغرب طرفا فيها من بينها:
_ اتفاقية بولونياو المغرب في الميدان المدني و الجنائي سنة 25 ما ي1975.
_ الاتفاقية المغربية الفرنسية المتعلقة بتسليم المجرمين لسنة 5أكتوبر 1957.
ثانيا: المصادر الوطنية
يعتبر التشريع من بين أبرز المصادر الداخلية للقانون الدولي الخاص و هذا من خلال الترسانة القانونية التي يتضمنها القانون المغربي من بينها ظهير 6 شتنبر لسنة 1958 المتعلق بموضوع الجنسية و الذي تم تعديله بمقتضي القانون 62.06 .
قواعد قانون المسطرة المدنية[35] في الحالة المتعلقة بتنازع الاختصاص القضائي التي تجمع بين طرف أجنبي ومواطن مغربي .
_ ظهير 2 فبراير المتعلق بتنظيم الهجرة و دخول و خروج و إقامة الأجانب.
ثانيا مواضيع القانون الدولي الخاص
تتلخص مواضيع القانون الدولي الخاص فيما يلي:
أ-تنازع القوانين:
يتمثل في تزاحم مجموعة من القوانين لدولتين أو أكثر ما يؤدي إلى الاختلاف في القانون الواجب تطبيقه من أجل الوصول إلى الحل القانوني الأنجع و هذا ما يؤدي إلى إسناد مجموعة من القواعد فيالتشريع الوطني للدول و هو ما يصطلح عليه قواعد الاسناد .
ب-الجنسية:
تعتبر الجنسية ضمن أبرز المواضيع التي يعنى بيها القانون الدولي الخاص من اجل معرفة الفردو العلاقات الدولية و إلى اي بلد ينتمي و من المواضع المهمة في الجنسية الزواجة المختلط
ج-المركز القانوني للأجانب:
وتنظم مجموع القواعد التي تنظم المركز القانوني للأجانب بأقليم دولة معينة [36].
د- قواعد تنازع الاختصاص القضائي:
عبارة عن مجوع القواعد القانونية التي تعمل على تحديد القضاءالوطني المختص بالفصل في النزاع أحد اطرافه عنصر أجنبي .
خاتمة
ختام القول يتميز القانون المغربي بمجموعة من الخصائص التي جعلت منه قانونا منفتحا على القانون الدولي بصفة عامة ،هذا من أجل تكريس الحقوق و خلق مجتمع ديمقراطي بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية و تعزيز مبدأ استمرارية دولة الحق و القانون و الانفتاح الذي سار عليه القانون المغربي بقيادة صاحب السمو الملك محمد السادس ،جعل من الترسانة القانونية المغربية تزدهر و خاصة في مجال حقوق الإنسان، فكيف ساهم القانون المغربي في توظيف القانون الرقمي ضمن ترسانته القانونية. لائحة المراجع
القوانين
ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان ) 29يوليو 2011( بتنفيذ نص الدستور، الجريدةالرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 )30 يوليو 2011 ص 3600
ظهير الشريف رقم 1.18.19 الصادر في 5 جمادى الا خرة 1439 )22 فبراير 2018( بتنفيذ القانون رقم103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء منشور في الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادىالاخرة 1439 )12 مارس 2018( ص 1
ظهير الشريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 )3 فبراير 2004( بتنفيذ القانون رقم 70.03بمثابة مدونة الاسرة، الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 )5 فبراير 2004( ص 418 المادة 400 من القانون رقم 70.03
القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادرفي 25 من ذو الحجة 1432) 22 نوفمبر 2011( الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432)24،نوفمبر2011( ص 5587 قانون المسطرة الجناية
القانون رقم06.62 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.80 بتاريخ 3 ربيع الأول 1428 )23 مارس2007( الجريدة الرسمية عدد 5513 بتاريخ 13 ربيع الأول 1428 2 أبريل 2007 ص 1116
القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الصادر الأمر بتنفيذه بظهير الشريف رقم170.11.1 بتاريخ 27 من ذو القعدة 1432 )25أكتوبر 2011( الكتب
رجاء ناجي المكاوي، علم القانون، ماهيته مصادره فلسفته وتطبيقه، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر2012، ص 460
عبد المجيد بوكبر، أصول علم القانون دراسة المفهوم والتكوين والتطبيق، الطبعة الأولى، مطبعة اكسبرانت للطباعة والنشر والتوزيع، ص 191و 192
محمد جلال السعيد، المدخل لدراسة القانون، سلسلة إصلاح القانون والتنمية السوسيو اقتصادية،الجزء الثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2016 ص 90 أمينة الشايب، المبادئ القانونية العامة الجزء الأول، طبعة 1999
القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين الجزء الثاني، لمجموعة من المؤلفين، طبعة 2017 نوال بهدين، القانون الدولي -التعريف-المصادر -الأشخاص، مطابع الرباط نت، ص 16
مبارك هيا، محاضرات في القانون الدولي العام، الطبعة الأولى 2019 مطبعة قرطبة أكادير ص 54و 55
محمد محروك، أحكام القانون الدولي الخاص دراسة في تنازع القوانين والجنسية الطبعة الأولى 2018مطبعة المعرفة
محمد محروك، أحكام القانون الدولي الخاص دراسة في تنازع القوانين والجنسية الطبعة الثانية 2022مطبعة المعرفة المو اقع الالكترونية
عادلة الوردي، مكانة الاتفاقيات الدولية في الدستور المغربي مقال منشور على الموقع الالكترونيː
تاريخ الاطلاع 8 مارس 2024 على الساعة 05marocdroit.com11ː الفهرس
[1] : امينة الشايب، المبادئ القانونية العامة الجزء الاول نظرية القانون ، ، الطبعة الأولى 1999 كلية الحقوق السويسي ،ص 9
[2] : أبحاث في الشريعة والقانون ، لجماعة من المؤلفين ، الطبعة الأولى 2017 ص 88
[3] : وكيسند على ذلك ما نص عليه الدستور في ديباجته على ان المملكة دولة إسلامية ذات سيادة كاملة ، لغتها الرسمية هي العربية
[4] : القانون المغربي في مطلع القرن الحادي والعشرين ،الجزء الثاني ، مجموعة من المؤلفين ، الطبعة الأولى 2017 ص19
[5] : نص في مادته على أنه يحدد هذا القانون النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة الكترونية وعلى المعادلة بين الوتائقالمحررة على الورق وتلك المعدة على دعامة الكترونية وعلى التوقيع الالكتروني
[6] : بشأن تعريف المستهلك انظر المادة الثانية من الفقرة الثانية من القانون رقم 31.08 بمثابة قانون حماية المستهلك
[7] : هناك عدة قوانين في هذا المجال ذو الطابع الحمائي للمستهلك مثل قانون 103.13 بمؤسسات الإتمان والهيئات المعتبرة في حكمها في مايخص مستهلكي الخدمات البنكية ، ايضا القانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات الذي تمم به المشرع المغربي بعض فصول قانون الالتزاماتوالعقود ، أيضا القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة
[8] : نصت المادة الثالثة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948 أنه يكون لكل فرد الحق في الحياة والحرية والأمان في شخصه ، وفيالفقرة الثانية من المادة السابعة نصت على أنه لكل شخص حق اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية عمل ينتهك الحقوقالأنسانية التي يمتحها إياه الدستور
[9] : رجاء ناجي المكاوي، علم القانون، ماهيته، مصادره، فلسفته وتطبيقه، مطبعة دار أبي رقراق للطباعة والنشر، 2012، ص460
[10] : ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان) 29 يوليو 2011( بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ
28 شعبان 1432 )30 يوليو 2011(، ص 3600.
[11] : أمنة سميع، المدخل لدراسة العلوم القانونية، مطبعة الجزيرة التكنولوجيا ،2022، ص 195
[12] : ظهير شريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الاخرة 1439 ) 22 فبراير 2018( بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنفضد النساء ،منشور في الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 23 جمادى الاخرة 1439 ) 12 مارس 2018(، ص 1.
[13] : عبد المجيد بوكبر، أصول علم القانون دراسة المفهوم والتكوين والتطبيق، الطبعة الأولى، مطبعة اكس برانت للطباعة والنشر والتوزيع، ص191و192.
[14] : ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 )3 فبراير 2004( بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الاسرة،الجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 )5 فبراير 2004(، ص 418.
[15] : المادة 400 من القانون رقم 70.03:
[16] :القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432
)22 نوفمبر 2011(، الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 )24 نوفمبر 2011(، ص 5587.
[17] : أمنة سميع، مدخل لدراسة العلوم القانونية، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ،2022، ص 33
[18] : محمد جلال السعيد، المدخل لدراسة القانون، سلسلة إصلاح القانون والتنمية السوسيو اقتصادية، الجزء الثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء ،2016، ص90
[19] : ظهير شريف رقم 1.96.83 صا در في 15 من ربيع الأول 1417 )فاتح أغسطس 1996( بتنفيذ القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونةالتجارة
[20] : ظهير الشريف رقم1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1939 )19 أبريل 2018( الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شغبان 1939 )23أبريل 2018( ص2345.
[21] : ظهير شريف رقم 1.96.124 صادر في 14 من ربيع الاخر 1417 )30 أغسطس 1996( بتنفيذ القانون رقم 17.95 المتعلق بشركةالمساهمة، الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادى الاخرة 1417 )17 أكتوبر 1996(، 2320.
[22] : ظهير شريف رقم 1.97.49 الصادر في 5 شوال 1417 )3 فبراير 1997( بتنفيذ القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركةالتوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم وشركة الأسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة، الجريدة الرسمية عدد4478 بتاريخ 23 ذي الحجة 1417 )فاتح ماي 1997(، ص 1058.
[23] نوال بهدين، القانون الدولي -التعريف -المصادر – الأشخاص، مطابع الرباط نت، الصفحة 16
[24] مبارك هيا، محاضرات في القانون الدولي العام، الطبعة الأولى، الطبعة الأولى 2019 مطبعة قرطبة، أكادير، الصفحة 54و 55
[25] نوال بهدين، م س، ص 20
[26] عادلة الوردي، مكانة الاتفاقيات الدولية في الدستور المغربي مقال منشور على الموقع الالكتروني marocdroit.com تم الاطلاع عليه 8مارس 2024 على الساعة 11ː05
[27] القانون رقم 62.06 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.80 بتاريخ 3 ربيع الأول 1428)23مارس2007(الجريدة الرسمية عدد
5513 بتاريخ 13 ربيع الأول 1428 الموفق 2 أبريل 2007 ص 1116
[28] عادلة الوردي، م س ، نفس الموقع ،تاريخ الاطلاع 8 مارس 2024 على الساعة 11ː05
[29] القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة الصادر الامر بتنفيذه بظهير الشريف رقم 1.11.170 بتاريخ 27 من ذيالقعدة 1432 )25 أكتوبر 2011(
[30] حكم المحكمة الابتدائية بطنجة عدد 08-2495 بتاريخ 2009-11-26 تم ادرجه في مقال عادلة الوردي م س، نفس الموقع ، نفس التاريخ
[31] قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 1511-2020 الصادر بتاريخ 8-12- 2020 في ملف عدد 3114- 5-1-2019
[32] محمد محروك ،أحكام القانون الدولي الخاص دراسة في تنازع القوانين و الجنسية الطبعة الأولى مكتبة المعرفة الصفحة 16
[33] موقع mail.almerj.com تم الاطلاع بتاريخ 08/ 03/2024 على الساعة 10:55 بالرباط
[34] محمد محروك، أحكام القانون الدولي الخاص دراسة في تنازع القوانين و الجنسية الطبعة الثانية 2022 ،مطبعة المعرفة صفحة 14
[35] الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية الفقرة الأولى
[36] موقع Wadiq.info تم الإطلاع بتاريخ 08/03/2024 على الساعة 13:45 بالرباط
تعليقات فيسبوك