” الحماية الاجتماعية بالمغرب: مكاسب محققة، تحديات قائمة، ومتطلبات من أجل استكمال ورش العدالة الاجتماعية “

5
(1)

تعتبر الحماية الاجتماعية ركيزة اساسية في تحقيق التنمية وهي بدورها تقوم على مرتكزين او اليتين  مهمتين وهما  التأمين الاجتماعي القائم على سياسة المساهمة و المساعدة الاجتماعية التي تقوم على الحاجة وليس فكرة المساهمة و هي تهم الفئات التي لا يشملهم التامين الاجتماعي في مواجهة مختلف المخاطر الاقتصادية والاجتماعية.

ووعيا منه بأهمية تجويد وتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في النهوض بالعنصر البشري قام المغرب تحت رؤية ملكية باطلاق العديد من البرامج الاجتماعية في مقدمتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطبية وبرنامج دعم التمدرس و دعم الارامل بغرض التقليص من نسبة الفقر وتمكين فئة كبيرة من المجتمع من ولوج العديد من الخدمات الاساسية .

إلا ان هذه السياسة قد واجهت مجموعة من الصعوبات والاختلالات خاصة تلك التي تم تسجيلها على مستوى الاستهداف  كما انها اصطدمت بواقع تغيب فيه روح المسؤولية  والمواطنة .

فيما يعتبر ورش الحماية الاجتماعية حاليا أبرز الاوراش الاصلاحية بالنسبة للملكة  خاصة أمام ما ابانت عليه تجربة كوفيد 19 من اختلالات وبذلك أولت المملكة اهتماما خاصا بهذا الورش تحت توصيات ملكية اكدها صاحب السمو الملكي في العديد من الخطب و المناسبات ابرزها الخطاب الذي القاه بمناسبة  عيد العرش  سنة 2020  ” لذا، نعتبر أن الوقت قد حان، لإطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة “ وخطاب افتتاح الدورة التشريعية من ذات السنة

الى جانب المرجعية الدستورية من خلال مقتضيات الفصل 31 الذي أكد على ضرورة استفادة كافة المواطنين على قدم المساواة من الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. واسترشادا بالتزمات المملكة الدولية في المجال طبقا لاحكام الاتفاقية رقم 102 بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي.

وذلك من اجل معالجة مجموعة من الاختلالات التي تواجه منظومة الحماية الاجتماعية بالمملكة التي كان يسودها التشتت والضعف على مستوى التغطية والنجاعة . وياتي اصلاح هذا الورش بالموازاة مع مجموعة من الاصلاحات الاخرى التي تكب في مصلحة هذا الورش.

وقد توجت هذه المرحلة بصدور القانون الاطار  رقم 09.23 المتعلق بالحماية الاجتماعية الذي حدد من خلال نص دباجته إطارا زمنيا محددا  في خمس سنوات يتم فيه تنزيل هذا حيث تعكس هذه الخطوة  أهمية تسريع تنزيل هذا الورش والاهمية التي اولتها اياه المملكة على رأس مختلف الاوراش الكبرى.

وترمي سياسات الاصلاح في هذا المجال الى تعميم التغطية الصحية وتحسين انظمة التقاعد وتعزيز الدعم المباشر للفئات المستحقة الى ان هذا الورش رغم التحولات النوعية التي شهدها خلال الفترة الاخيرة يواجه تحديات مهمة على مستوى استدامة التمويل وهيكلة الاقتصاد غير المهيكل وكذلك على مستوى اليات الاستهداف واصلاح القطاع الصحي العمومي من جهة و من جهة اخرى فان منظومة الحماية الاجتماعية تواجه تحديات اخرى مرتبطة بارتفاع معدلات البطالة و كذلك الشيخوخة وتحدي الهجرة.

فما هي أبرز المراحل والمنجزات التي قطعها المغرب في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، وما هي الإشكاليات والتحديات التي تعترض سبيله، ثم ما المتطلبات الضرورية لضمان نجاعة وفعالية هذا المشروع في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوسيع الحماية للفئات الهشة؟

أولا : الهداف

  • التقليص من الفقر
  • محاربة الهشاشة
  •  دعم القدرة الشرائية
  •  تحقيق العدالة الاجتماعية
  •   النهوض بالرأسمال البشري
من خلال :
  • توسيع التغطية الصحية الإجبارية،  من أجل الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء
  • تعميم التعويضات العائلية،  التي يستفيد منها ملايين الاطفال  في سن التمدرس
  • توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، من خلال دمج  كل شخص من الساكنة النشيطة التي لاتتوفر، حاليا، على أي تغطية متعلقة بالتقاعد؛
  • تعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة الأشخاص الذين يتوفرون على شغل قار.
  • تعميم التعويضات العائلية من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيدمن هذه التعويضات وفق النصوص التشريعية والتنظيميةالجاري بها العمل، من الاستفادة من :
  • تعويضات للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، لا سيما منها الهدر المدرسي،
  • بالنسبة للأسر التي لديها أطفال دون سن 21 سنة.
  • تعويضات جزافية بالنسبة للأسر التي لا تتوفر على أطفال أو يتجاوز سن هؤلاء 21 سنة، شريطة ألا تكون مستفيدة من تعويضات الحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة. وتدف هذه التعويضات أساسا لدعم القدرة الشرائية لهذه الأسر والحد من الهشاشة.

ثانيا : أبرز المنجزات

بلغ تنزيل ورش الحماية الاجتماعية مراحل جد مهمة حيث تم توسيع التغطية الصحية الاجبارية عن المرض و الدعم المباشر فيما توجد أنظمة التقاعد و التعويض عن فقدان الشغل  في مرحلة التأطير القانوني وارساء بعض اليات الحكامة الجيدة.

بلغ عدد الاشخاص غير القادرين على اداء واجبات الاشتراك المستفدين من التغطية الصحية  10.9  مليون شخصا الذين كانو يخضعون لنظام المساعدة الطبية إعتمادا على اليتي السجل الوطني للسكان واالسجل الاجتماعي الموحد من اجل ضمان استفادة الفئات المستحقة.

بلغت نسبة الانخراط في نظام التأمين الاجباري عن المرض الخاص بفئات المهنيين و العمال المستقليين و الاشخاص غير الاجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا 56 بالمائة كما سجلت تراجعا مقارنة بالسنة الماضية من 1.8  ميون مستفيد الى 1.6 مليون مستفيد  فيما يبلغ العدد المستهدف 3.5 مليون شخص.

أمام محدودية نسبة الاستخلاص التي لم تتجاوز 37 بالمائة والتي لم تتجاوز 2,6  مليار درهم أمام الاشتراكات المستحقة التي تتعد 7 ملايير درهم أمام قيمة النفقات التي بلغت مايناهز 2,7 مليار درهم.

حيث تم تسجيل عجزا في التحصيل قدره 450 مليون درهم أمام غياب التوازن المالي بين الموارد و النفقات حيث تفوق نسبة النفقات المداخيل.

فيما بلغت نسبة انخراط الاشخاص القادرين على تحمل واجبات الاشتراك ولا يزاولون اي نشاط مأجور أو غير مأجور 67 بالمائة و وجود فئة مهمة لم يشملها بعض نظام التأمين التي تقدر بمليون شخص التي تخضع لانظمة التغطية في اطار عقود التامين مع شركات خاصة أو التعاضديات.

فيما لم تتجاوز نسبة تغطية 22 مليون شخص 68 بالمائة والتي كان مبرمجا بلوغها بحلول عام 2022 .

من أجل تعزيز حكامة  تدبير نظام الدعم الاجتماعي تم ايضا احداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي بموجب القانون 59.23 ….

ثالتا : التحديات المطروحة :

 من جهة هناك تحديات على مستوى التمويل مرتبطة بتسجيل عجز مالي وغياب التوازن وذلك لعدة أسباب أبرزها ضعف انخراط الفئات القادرة على المساهمة المستهدفة  من عمال غير اجراء و أشخاص يخصعون لانظمة التغطية الصحية في اطار عقود مبرمة مع شركات التامين أو التعاضديات وتشتت مصادر التغطية ووجود اقتصاد غير مهيكل يصعب ضبطه بسبب عدم توفر العاملين في القطاع غيرالمهيكل على عقود عمل أو دخل ثابت، واستفادتهم دون اي مساهمة منهم على حساب مساهمات العاملون في القطاع المهيكل.

الى جانب أسباب أخرى متعلقة بالتضخم المؤسساتي وتداخل المهام واستنزاف المحفظة العمومية  وغياب الحكامة وترشيد النفقات والاعتماد فقط على ميزانية الدولة في تمويل بعض البرامج.

ومن جهة اخرى تعاني ميزانية الدولة من استنزاف بسبب تكاليف العلاج المقدمة من طرف الخواص التي تشكل نسبة 74 بالمائة من النفقات واستمرار تغريد القطاع الخاص خارج السرب في ظل غياب اعتماد رؤية موحدة من اجل انجاح هذا الورش نجد غلاء الادوية مقارنة بالدول الغنية.

وضعف البنى التحتية للقطاع الصحي العمومي وقلة الموارد البشرية والمالية وتوزيعه بشكل غير متكافئ يتعارض مع مبادئ التنمية .

ومن جهة اخرى يواجه تنزيل ورش الحماية الاجتماعية تحديات متعلقة بحكامة ادارة هذا الورش يمكن الاشارة اليها من خلال ضعف اليات الاستهداف والاشكالات المتعلقة بالمعايير المعتمدة في تحديد اهلية الاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية والازمة التي يخلقها المؤشر ؟

غياب رؤية تنموية اقتصاديا و اجتماعيا  و تأثير تمويل برامج الحماية الاجتماعية من خلال الاصلاحات التي يعرفها صندوق المقاصة على وضعية الطبقة المتوسطة و خطر الرفع من الضرائب ؟

عدم استغلال الامكانيات المتاحة والفئات النشيطة داخل المجتمع وتحيين وتعزيز ثقة المواطن في هذا الورش  والتحلي بروح المسؤولية.

أيضا هناك تحديات مرتبطة بمؤثرات خارجية كالهجرة و ارتفاع معدلات البطالة و الشيخوخة …..

من أجل تجاوز مختلف التحديات المطروحة لابد من ترشيد النفقات و تنويع مصادر التمويل و تعزيز مساهمة القطاع الخاص ودمجها في مشروع الحماية الاجتماعية  و العمل على دمج باقي الفئات المعنية وكذلك استغلال الامكانيات المتاحة والفئات النشيطة من خلال محاربة البطالة وخلق فرص للشغل  و تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة واعتماد تدابير مبنية على النتائج ورؤية تنموية اقتصاديا واجتماعيا من اجل ركوب قطار التنمية وتفادي مأسسة الفقرو تحسين منظومة التعليم و التكوين وادماج القطاع غير المهيكل  وتقديم تحفيزات مقابل الاشتراك.

رابعا : المتطلبات

لابد من التحلي بروح المواطنة والمسؤولية  وتعزيز ثقة المواطن ف هذا الورش وحماية الصندوق الوطني للصمان الاجتماعي من الاستنزاف و العمل على تحسين البنى التحتية لقطاع الصحة العمومية وتوزيعها بشكل متكافئ .

يتعين اصلاح المؤسسات العمومية خاصة ذات الغرض الاجتماعي من أجل تخفيف العبء على ميزانية الدولة و علاج المشاكل المرتبطة بتداخل المهام.

وضع قواعد واضحة في تحديد اهلية الاستفادة من البرامج كالاعتماد مثلا على مستوى الدخل والوصعية الاجتماعية واعتماد معايير اكتر واقعية  ثم تبسيط عمليات الانخراط و التحصيل.

يسعدنا تقييمك لهذا المقال

معدل التقييمات 5 / 5. عدد التقييمات 1

لا يوجد تقييمات لهذا المقال

تعليقات فيسبوك