الباحث محمد الشريف العمري حاصل على ماستر العلوم الجنائية والأمنية بتطوان
يتابع دراسته في ماستر قانون الأعمال بتطوان
مقدمة:
في واقع الأمر المعاش قرأت عن القاضي، سمعت عن القاضي، رافقت القاضي، وعشت مع القاضي يبدو أن الناس لا يعرفون عن القاضي شيئا القاضي ليس بملاك ولا رسول ولا منزلا بالتنزيل الحكيم أي القرآن الكريم، القاضي ليس الدنيا الدنية ولا أمنية، القاضي إنسان يتميز بالنسيان والإجهاد النفسي بلا معرض للنسيان –أقول قد يتعرض للنسيان وقد يسقط حسب الفقه في البهتان- لكن عمل فاجتهاد وإذا سقط في الخطأ فإن الله تواب إلا أن يكون عن قصد وإليه ذهنه أشاد فلا سامح الله من ظلم العباد وصدق من قال الحكم حكمان أن تصيب فترحم، وأن تخطأ فملاذك بإذن الله العذاب، لا حيا الله الفساد وجعل الله لأهله في جهنم مسكنا ومنها لا ملاذ ومن أولى أمره للنساء فل ينتظر قيام الساعة.
يا قاضي الدنيا سيقضي عليك الله في ظلمات القبر ليس الفضيلة أن تملك فيلا ولا فيرما وأستسمحك بقلمي الذي لا يعرف الصفة ولا المكانة ولا الرونق ولا الحرية، مرموقا عند المجتمع لا خافيا أنت عن الباحث محمد الشريف العمري أراقبك، أتبصرك وبإذن الله أن أحكمك لا ظالما ولا عدوان، لا باطلا ولا بهتان في العمل بإذن الله التفاني والإحترام، طويلب علما أنا قلمي لا يعرف الإنسان بل يكتب ولا يرحم عباد الرحمان فكن أهلا لها لا هي أهلا لك واحذر التسعة عشر الشداد الغلاظ لا يرحمون و أمر ربهم يطبقون.
يا من يقرئ لي تأمل أن القاضي إنسان موصوما ومعلوما بالخطأ والنسيان، قد يصيب أو يخطأ فلا ضير ولا جرم من قول أن القاضي يجب ويتعين عليه من خلال هاتين الكلمتين أن ينضبط وأن يستقيم وبالرحمان يستعين ومن الشيطان الرجيم أن يستعيذ وأن يحكم وفق المرسوم ولا نقصد بالمرسوم ذلك الصادر عن جلالة الملك وإنما أن يكون قناعته في الصميم، والقاضي ليس بالمعنى الشعبي جلسة ثم عبسة ثم لبسة على سبيل القول الشعبي المغربي، القاضي من قضى على نفسه ثم الناس، ويا عجباه من واضع قوله تعالى في المحاكم خلف ظهر القاضي: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58]، فأليس الله بأحكم الحاكمين وصدق الله العظيم إلى يوم الدين ورحمة الله على من حكم بالحق لا عابدا ولا للبشر مطيع لا خائف و لا للحق مضيع.
ونظرا لدور الإدارة المزدوج في مجال نزع الملكية و ذلك من خلال تحقيق المصلحة العامة من جهة ومن جهة أخرى ضمان المصلحة الخاصة، كان لزاما أن تكون هناك رقابة على الإدارة النازعة للملكية بهدف الضمان الفعلي للأفراد في مواجهة تجاوز الإدارة حدود وظيفتها، وتعسفها في استخدام سلطتها وخروجها عن حدود مبدأ الشرعية، فكان القضاء الإداري أكثر الأجهزة قدرة على ذلك لتخصصه للبث في المادة الإدارية.
وهكذا، فان المشرع قد خول للقضاء الإداري وحده و دون غيره مراقبة جميع القرارات الصادرة عن الإدارة في مجال نزع الملكية أو من يقوم مقامها في مباشرتها، كما خوله وحده ودون غيره بالنطق بالحكم القاضي بنزع الملكية جبرا على صاحبها مقابل تعويض عادل و ذلك استنادا على الفصل الأول من القانون المنظم لعملية نزع الملكية.
وقاعدة إشراف القضاء على نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ظهرت في بدايتها في التشريع الفرنسي منذ سنة 1810 كرد فعل ضد الاعتداءات المادية التي كانت تتعرض لها الملكية الخاصة – و باستمرار – و قد اخذ المشرع المغربي بدوره بهذه القاعدة سواء في ظهير 31 غشت 1914 أو في ظهير 3 ابريل 1951 أو في ظهير 6 ماي 1983.[1]
وفي ذلك تأكيد على انه بالرغم من كون نزع الملكية امتياز خوله المشرع للإدارة قصد تنفيذ مشاريعها ذات المصلحة العامة، فقد أوكل للسلطة القضائية مهمة حماية الملكية الخاصة من جميع الاعتداءات، وهكذا فان القضايا والنزاعات المتعلقة بنزع الملكية ترفع أمام القضاء، فقد وردت في الفصل 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية التي أحدثها بموجب قانون 90-41 المغير و المتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 338-74-1 بتاريخ 15 يوليوز 1974 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة في هذا الاختصاص.
وتبعا لذلك، سنعالج هذا العرض من خلال ما يلي:
- المبحث الأول : تقييم الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة.
- المبحث الثاني : رقابة القاضي على مقرر نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
المبحث الأول: تقييم الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة
إن قياس مدى نجاح القاضي الإداري في ضبط قرارات نزع الملكية في إطار المنفعة العامة بشكل يوازن بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة يمكن أن نستشفه من الأحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية المختصة، وبفحصها نجد أن المحاكم الإدارية قد لعبت دورا طلائعيا منذ انطلاق عملها عكس موقف المجلس الأعلى الذي تبرز الاجتهادات القضائية الصادرة عنه دوره المحتشم في ذلك، الأمر الذي يتطلب البحث عن الأسباب التي تحد من فعالية هذه الرقابة؟
المطلب الاول : المظاهر الايجابية للقاضي الإداري في رقابته على قرارا ت نزع الملكية
إن ايجابية الرقابة القضائية للقاضي الإداري يمكن رصدها من خلال نجاحه في إخضاع الإدارة لمبدأ المشروعية المتمثل في التزامها بمختلف القواعد القانونية التي تنظم عملية نزع الملكية، و كذا إقراره لتقنية جديدة تسمح له بتفعيل هذه الرقابة من خلال الموازنة بين أضرار ومنافع القرار القاضي بنزع الملكية.
الفقرة الأولى: ضمان سلامة الإجراءات
إن إعلان المنفعة العامة في مسطرة نزع الملكية يخضع لشكليات و ضوابط يتحتم على الإدارة احترامها نظرا لارتباطها بحقوق معينة للمنزوع ملكيته من جهة، ومن جهة أخرى فهي آلية تمكن من تقويم التسيير الإداري بما يضمن النجاعة والفعالية، هذه الازدواجية لدور الشكليات والتي تهدف في النهاية إلى ضبط قرارات نزع الملكية في إطار المنفعة العامة بشكل يحقق التوازن بين المصالح المتضاربة يجد نفسه بالأساس في القواعد القانونية التي تنظم عملية نزع الملكية، حيث إن القاضي أثناء بثه في النزاعات المعروضة أمامه ملزم بإعمال هذه القواعد مع إمكانية اجتهاده و تأويله لبعض الأحكام دون الخروج عن إرادة المشرع. فلو أمعنا النظر جيدا في الهدف الأساسي الرامي إلى سن كل من قانون نزع الملكية من اجل المنفعة العامة من جهة أولى والقانون المؤسس للمحاكم الإدارية من جهة ثانية، يتضح لنا من الوهلة الأولى أن كلاهما يرمي من حيث جوهره إلى التوفيق بين الصالح العام للمجتمع ومختلف المصالح الخاصة العائدة للأفراد فيه عن طريق فرض احترام مبدأ المشروعية.
وما يكرس هذا هو الطبيعة المزدوجة لقواعده إذ هي قواعد شكل تختلط بالموضوع، حيث تتمظهر الأولى في مختلف الأحكام المتضمنة في القانون رقم 81/7 التي تبين حقوق الإدارة والتزاماتها، وتحدد حقوق الخواص الذي سوف تنتزع ملكيتهم وكذلك التزاماتهم، بالإضافة إلى مختلف القواعد التي توضح مختلف الآثار الناتجة عن عملية نزع الملكية، سواء بالنسبة لأطراف العلاقة كالإدارة النازعة للملكية والأشخاص المنزوع ملكيتهم أو بالنسبة إلى الاغيار.
أما الثانية فتنصرف إلى مختلف الإجراءات الإدارية التي يجب أن تلتزمها السلطة النازعة للملكية ومن ذلك مثلا على استصدار المرسوم المعلن العامة واستصدار مقرر التخلي (ما لم يكن هذا الأخير قد ادمج في المرسوم) مع احترام مختلف الإجراءات التي تلابسها من نشر في الجريدة الرسمية وفي الجرائد أخرى وتعليق ببعض المكاتب وإيداع ببعض المصالح، ومن ذلك مثلا التحديد الإداري الخاص بالتعويض و كيفية الحصول على إذن أو تفويض لجهات لم يسمح لها المشرع بنزع الملكية بكيفية مباشرة.[2]
ومن أهم النماذج الحديثة التي تبرهن على الدور الطلائعي للمحاكم الإدارية نزع الملكية من اجل بناء الميناء المتوسطي والمرافق المحاذية له، و لا جرأة المشروع على ارض الواقع توجه المعنيون بالأمر، والمتمثلين في الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، وزارة التجهيز والمكتب الوطني للسكك الحديدية، إلى القضاء الإداري نظرا لكونه هو الذي يعطي لنازع الملكية السند الشرعي لوضع يده على العقار المنزوعة ملكيته طبقا للفصل الثاني من ظهير 06/05/1982 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة
والاحتلال المؤقت الذي ينص على ما يلي:” يتم نزع الملكية لأجل المنفعة العامة بحكم قضائي”.
ونظرا لكون الوكالة الخاصة طنجة المتوسط هي الفاعل الرئيسي في هذا المشروع، فاننا سنتناولها بالتحليل:
الإذن بالحيازة: حتى يتسنى لها الشروع في انجاز المشروع أو العمل الذي ينوي القيام به دون انتظار الحكم القضائي المتعلق بنزع الملكية، والذي عادة ما يستغرق وقتا طويلا، وحتى يستطيع المالك من ناحيتها استثمار التعويض عن الأرض التي ستنتزع أو على الأقل التوصل ببعضه في وقت مناسب، فان المشرع قد سمح لنازع الملكية بان يقدم إلى قاضي الأمور المستعجلة طلبا يرمي من ورائه إلى نقل الحيازة إليه مقابل دفع تعويض احتياطي أو إيداعه و ذلك حسب الفصل 19 من قانون نزع الملكية [3].
وعليه، و ابتداء من سنة 2005، أي بعد صدور مرسوم 505 ـ 04 ـ 2 بتاريخ 23/ 06/2004 المخول لنزع ملكية العقارات اللازمة من اجل بناء الميناء الجديد طنجة المتوسطي و مرافقه المحاذية. قامت الوكالة الخاصة طنجة المتوسط بناء على المادة 3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية بتقديم دعوى نقل الحيازة أمام القضاء الاستعجالي بناء على المادة 24 من قانون نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
وتتلخص و وقائع الأحكام الرامية إلى طلب الإذن بنقل الحيازة في قيام نازع الملكية والمتمثل في الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، وهي شركة مساهمة تتمتع بصلاحيات السلطة العامة بما في ذلك نزع الملكية استنادا إلى المادتين 2 و 10 من المرسوم رقم 644 ـ 02 ـ 2 المحدث لها و كذا المادتين 3 و 4 من المرسوم السالف الذكر، وذلك لحيازة العقارات المدرجة ضمن الجدول الملحق بالمرسوم المشار إليه لاستئناف المشروع المعتبر من المنفعة العامة، فهل تمكن القاضي الإداري من خلال السلطة الرئيسية التي يتوفر عليها من تحقيق التوازن بين الجهة النازعة للملكية و بين المنزوع ملكيته؟
إن المحكمة الإدارية بالرباط أذنت للمدعي في حيازة العقارات التي وضعت مقالات من اجل الحصول عليها وذلك تطبيقا للمادة لمقتضيات المادة 19 من القانون 90/41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية، والفصول 8، 9، 10، 12، 18، 24 من القانون 81 /7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالاحتلال المؤقت.
وقد استند القاضي الإداري لتأسيس أحكامه هاته على:
- احترام الإجراءات المنصوص عليه في القانون 81/7: إن أي إجراء شكلي إلا ويرتبط من جهة بنجاعة العمل الإداري ومن جهة بحقوق معينة قد تضيع على فئة معينة إذا تم تجاهلها بها على شكل مخالف للقانون، لذلك نجد الفصل 24 من قانون نزع الملكية قد أناط بقاضي الأمور المستعجلة و هو بصدد النظر في دعوى نقل الحيازة مراقبة صحة جميع الإجراءات الإدارية التي يباشرها نازع الملكية و التي تسبق عادة الإجراءات القضائية وتمهد إليها، ومن ذلك مثلا إعلان المنفعة العامة ونشره، مقرر التخلي ونشره، إجراء بحث أولي بشأنه و إيداعه ببعض المصالح الإدارية كمكتب الجماعة المحلية والمحافظة على الأملاك العقارية متى تعلق الأمر بعقارات محفظة أو في طور التحفيظ، وبكتابة ضبط المحكمة الإدارية متى تعلق الأمر بعقارات غير محفظة، وممارسة كل تلك الإجراءات ضمن الآجال التي حددتها النصوص التشريعية ” … نشر مشروع مرسوم نزع الملكية بتاريخ … بالجريدة الرسمية عدد … وبجريدة الحركة عدد… وبجريدة المنعطف عدد… وتم إيداعه رفقة التصاميم التجزيئية بالجماعة القروية لقصر المجاز، كما تم تقييد التصريحات والملاحظات طبقا للفصلين 10 و 11 من القانون رقم 81 /7 المذكور سابقا، إضافة إلى إيداع المشروع بالمحافظة العقارية ب… وتقييده على الرسوم العقارية وكذا تقييده في السجل الخاص لدى المحكمة الإدارية بالرباط بالنسبة للعقارات غير المحفظة، وأوضحت انه بعد سلوك كل تلك الإجراءات اجتمعت اللجنة الإدارية للتقييم وحددت قيمة العقارات المراد نزع ملكيتها في….درهم، معتمدة على عناصر موضوعية خاصة بكل عقار على حدة، لدلك فهي تلتمس لها في حيازة العقار المذكور مقابل إيداع التعويض المسبق المشار إليه أعلاه، و حفظ المصاريف، وأرفقت المقالات بالوثائق التالية:
– نظير من الجريدة الرسمية عدد ….
– نظير من جريدة الحركة عدد ….
– نظير من جريدة المنعطف عدد ….
– نظير من الجريدة الرسمية عدد 5228 .
– نظير من جريدة بيان اليوم عدد ….
– نظير من جريدة المنعطف ….
– أصل شهادة من رئيس المجلس القروي لجماعة قصر المجاز بإيداع مشروع المرسوم مع التصاميم التجزيئية .
– أصل شهادة الإيداع والنشر والتعليق صادرة عن رئيس مجلس جماعة قصر المجاز.
– شهادة بفتح دفتر الملاحظات والتصريحات مع ملف تلكم الملاحظات والتصريحات.
– شواهد المحافظة العقارية تتضمن بيان ذوي الحقوق العينية المقيدين و بتقييد مشروع المرسوم.
– بالرسوم العقارية للعقارات المشمولة بنزع الملكية.
– شهادة من السيد رئيس كتابة الضبط بتقييد مشروع المرسوم بالسجل الخاص المنصوص عليه في الفصل 455 من ق م م.
– محضر اجتماع اللجنة الإدارية للتقويم.
– شهادة من رئيس المجلس الجماعي بقصر المجاز بتعليق المرسوم النهائي عدد 505 .2 .04 مؤرخ في 2 / 8 / 2004.
ملف المعاينة من طرف السلطة المحلية “.
وقد قام قاضي المستعجلات بفحص تلك الوثائق بكيفية جدية، و تحقق من سلامتها، وأن ظهور أي خلل بها يفرض عليه الامتناع عن الأمر بنقل الحيازة، إذ هي الإرادة الصريحة و الآمرة للمشرع.
- إيداع التعويض الاحتياطي: إن الحكم بنقل الحيازة إلى السلطة النازعة للملكية أو من يقوم مقامها، لا يمكن أن يصدر من الناحية القانونية إلا إذا وقع دفع التعويضات الاحتياطية التي سبق أن حددت من طرف لجنة التقويم أو إيداعها بكيفية سليمة، حيث اشترط المشرع المغربي صراحة من خلال الفقرة الثانية من الفصل 24 من قانون نزع الملكية وجوب النص في الأمر الاستعجالي على أن التعويض قد دفع للمعنيين بالأمر أو تم إيداعه بالكيفية التي سبق بيانها، وإلا كان الأمر معرضا للنقض، وعليه فقد قامت الوكالة الخاصة لطنجة المتوسط بإيداع التعويضات المقدمة من طرف لجنة التقويم المحدثة لذلك.
ويدفع التعويض احتياطي للمعنيين بالأمر الذين عرفوا أنفسهم بكيفية قانونية على ما يتضح ضمنيا من أحكام الفقرة الأولى من الفصل 30 من قانون نزع الملكية ” غير انه إذا لم يعرف ذوو الحقوق بأنفسهم وجب إيداع التعويضات المستحقة لدى صندوق الإيداع والتدبير “.
وبقراءة متأنية للفصل 27 من القانون 81/7 انه بإمكان المنزوعة ملكيته الامتناع عن تسليم العقار إلى السلطة النازعة للملكية إلى أن تدفع له التعويض الاحتياطي، أو على الأقل إلى أن تدعه بالجهة التي عينها المشرع لهذا الغرض، وهي صندوق الإيداع والتدبير.
وفي إطار القواعد العامة، فان امتناع الإدارة عن دفع التعويض الاحتياطي، كما حدده المشرع، قد يؤدي إلى مساءلة السلطة النازعة للملكية في إطار الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود[4] .
نقل الملكية: إن دور قاضى الموضوع كنظيره قاضي المستعجلات مقيد بمقتضيات الفصل 18 من قانون 81/7 الذي ينص على أن تشفع الطلبات المتعلقة بالإذن بالحيازة وبنقل الملكية بجميع المستندات المثبتة لاستيفاء إجراءات المسطرة الإدارية ولا سيما الإشارات المشار إليها في الفصلين 11 و 12 المسلمة من لدن المحافظ العقاري على الأملاك العقارية عند الاقتضاء.
كما أن الفصل الأول من نفس القانون يصرح بان نزع الملكية لا يمكن إجراؤها إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون، ” ولان الأمر يتعلق بالمحافظة في نفس الوقت على حقوق الناس و على الأموال العامة ولعلاقة قانون نزع الملكية ككل بصميم النظام العام، فان لقاضي الموضوع أن يسهر من تلقاء نفسه على حسن تطبيق الشروط السالف ذكرها ولو لم يتمسك أصحاب المصلحة بها “، وعليه يمكن الحكم بنزع ملكية عقارات و الحقوق العينية إذا أعلنت المنفعة العامة وأجريت المسطرة طبق الكيفيات المنصوص عليها في القانون رقم 81/7.
وبما أن المحكمة قد تبين لها أن طالب نزع الملكية في الميناء المتوسطى والمتمثل في الوكالة الخاصة طنجة المتوسط قد احترم الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في ظهير 6 ماي 1982 فانه لم يسعها إلا أن تستجيب للطلب من اجل المنفعة العامة، مؤسسة أحكامها كما يلي :
وحيث إن الفصل 18 من القانون أعلاه يلزم نازع الملكية باشفاع طلبه المتعلق بنقل الملكية و تحديد التعويض بما يفيد استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و 12 من نفس القانون .
وحيث إن الفقرة الأخيرة من الفصل 18 أعلاه نصت على انه في حالة ما إذا كانت العملية أو الأشغال المعلن انه ذات منفعة عامة تؤدي إلى إيداع عدة طلبات بشان الجوهر فان المستندات إثبات احترام الإجراءات أعلاه يمكن الإدلاء بها مرة واحدة وقت إيداع الطلب الأول.
وحيث تبين للمحكمة بعد اطلاعها على الوثائق المدلى بها في الملف رقم 241 ـ 6 ـ 05 ان الطرف المدعي استوفى جميع الإجراءات الجوهرية المنصوص عليها في الفصول 8 و9 و10 و 12 من القانون 81/7 كما هو ثابت من خلال تفحص:
– نسخة من الجريدة الرسمية.
– نسخة من محضر اجتماع اللجنة الإدارية للتقييم.
– نسخة من شهادة نشر و لصق الإعلان.
– نسخة من سجل الملاحظات[5].
وبقراءة متأنية للأوامر الاستعجالية و الأحكام القاضية بنقل الملكية الصادرة في إطار عملية نزع الملكية من اجل بناء ميناء طنجة المتوسطي خلصنا إلى أن القاضي الإداري اكتفى بتفسير المقتضيات التشريعية والتنظيمية وتأويلها لصالح المشرع دون أي اجتهاد في ذلك.
الفقرة الثانية: مراقبة المجلس الأعلى للسلطة التقديرية
للإدارة في مجال نزع الملكية
يبدو جليا أن القضاء الإداري المغربي، قد تجاوز النظر إلى تحقيق المنفعة العامة نظرة مجردة إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق اكبر قدر من المصلحة العامة وذلك عن طريق الموازنة بين الفوائد التي يستحقها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة التي يمس بها وذلك ليس في سابقة وحيدة وإنما في إطار تكريس خيار الاستمرارية.
أولا: نظرية الموازنة من التأسيس إلى التأصيل
باستقراء الأحكام الصادرة بهذا الشأن والتي جاءت مؤسسة على اعتبارات لم يسبق للقضاء الإداري في المغرب أن تطرق أو استند عليها، حيث لم تعد القرارات الإدارية الصادرة في إطار السلطة التقديرية للإدارة دائما بمنأى عن الرقابة القضائية، وكذلك القاضي الإداري أصبح يتوفر على صلاحية إجراء المقارنة والموازنة بين مشروع الإدارة المتوخى من قرار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ومشروع الخواص المنزوعة ملكيتهم. كما اعتبرت الغرفة الإدارية تماطل الإدارة في تحقيق المشروع المزمع انجازه بمقتضى قرار نزع الملكية، واقتصارها على استغلال الأراضي لأغراض أخرى كالكراء مثلا يعد مؤشرا على تعسف الإدارة و انحرافها في استعمال السلطة التقديرية.
وعلى الرغم من أهمية الرقابة التي تبناها الاتجاه الجديد الذي يعد من أكثر الاتجاهات تطورا، وعلى الرغم من كونه لاقى ترحيبا وتقديرا من الأوساط الفقهية والقضائية المهتمة بضرورة تحقيق ضمانات فاعلة للمواطنين بقصد حماية وصيانة حقوقهم وحرياتهم ضد احتمال تعسف أو تسلط الإدارة حينما تباشر اختصاصاتها المتعلقة بهذه الحقوق أو تلك الحريات بما لها من سلطة تقديرية.
وهنا يطرح التساؤل عن مدى اعتبار هذه القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى، والتي أخذت بنظرية الموازنة كما عرفها الاجتهاد القضائي الفرنسي، بداية توجه جديد رسمه القاضي الإداري المغربي لنفسه دون نية الحياد عنه؟
وفي هذا الصدد يمكن القول أن هناك اعتبارات مهمة توحي بان المجلس الأعلى في المغرب يعمل على إنشاء مبادئ دائما لنظرية الموازنة، وأولى هذه الاعتبارات هو حصول تراكمات مهمة من القرارات الصادرة بهذا الشأن، والتي توفر بشأنها التواتر الذي يعد الشرط الأساسي للحديث عن توجه جديد، فبتفحص جل القرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، ابتداء من سنة1997، يمكن القول الأحكام الصادرة بهذا الشأن أصبحت تتجه جميعها نحو الأخذ بنظرية الموازنة بشكل صريح مثل قرار الغرفة الإدارية الصادر بتاريخ 2 ابريل 1998 في الملف عدد 62/ 95.
وبناء على ما سبق فان المجلس الأعلى سيعمل على إرساء تلك المبادئ التي جاء بها مجلس الدولة الفرنسي، وسيعتنق فكرة الموازنة بين المصالح، دون إمكانية التراجع عنها في قرارات لاحقة، نظرا لتطابق هذا التوجه مع روح المبادرة الحرة وتشجيع الملكية الفردية وحمايتها في دولة الحق و القانون.
وما يزكي هذا الطرح، تصريح أعلى هيأة قضائية في البلاد، بمناسبة إلقائه للخطاب الافتتاحي للسنة القضائية الجديدة 2001 أمام الملك، و ذلك في معرض عن حديثه عن توجهات المجلس الأعلى بعقد العزم على المضي قدما في تطبيق نظرية الموازنة في قرارات نزع الملكية، نظرا لما تحققه من ايجابيات في حفظ حق الملكية المقدس[6] .
ثانيا: نظرية الموازنة و إمكانية التوفيق بين رقابة المشروعية و رقابة الملاءمة
أمام اتساع نطاق السلطة التقديرية الممنوحة للإدارة في مجال نزع الملكية، كان على القضاء الإداري أن يعمل على الحد من احتمالات تسعفها نظرا لأنها تمس حقا مقدسا، وبمقتضى الاتجاه الجديد للقضاء الإداري تم العدول عن النظرة المجردة لتقدير المصلحة العامة التي تنزع الملكية على أساسها إلى بحث واقعي يأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بقرار النزع، و تجدر الإشارة إلى أن هذا الاتجاه يجد مصدره في مبدأ أصيل في الشريعة الإسلامية بمقتضاه لا ضرر و لا ضرار[7].
فالقاضي الإداري يجب أن يمارس دورا متعاظما في الحد من السلطة التقديرية المخولة للإدارة للحيلولة دون تحويلها إلى سلطة تعسفية، وذلك ليس بان يقف في طريق الإدارة وإنما بان يقف في طريق انحرافها.
لكن ومع ذلك، نجد أن هناك اتجاها يعارض توسيع الرقابة القضائية على السلطة التقديرية للإدارة معتبرا أن ذلك لن يكون إلا عن طريق دخول القاضي الإداري للدائرة المستقلة التي تملكها الإدارة و اقتسامها معها، الشيء الذي يجعل هذا الأخير يقوم مقام الرئيس التسلسلي للإدارة مما يشكل ذلك تطاولا من قبل القاضي على اختصاص الإدارة ومسا بمبدأ فصل السلط، الأمر الذي يجعل القاضي الإداري ليس قاضي مشروعية فحسب، بل انه قاضي ملاءمة أيضا، وأنه يمارس اختصاصات رئاسية على الإدارة، وبالتالي يمكن أن تكون رقابته على حساب الفاعلية الإدارية لدرجة المس بالصلاحية التقديرية للإدارة والانتقال من مجال تطبيق النص إلى فلسفة تطبيقه، مما جعل البعض يعاني من تعميم تطبيق مبدأ مراقبة السلطة التقديرية وجعله هدفا للرقابة القضائية الممارسة على الإدارة.
وفي السياق نفسه، انتقد جانب من الفقه إدراج رقابة الموازنة في إطار الرقابة على الملاءمة مرددين ذات الأسباب أو الحجج التي قيل بها سابقا لنقذ الرقابة القضائية لسلطة الإدارة التقديرية، ذلك أن القاضي الإداري بأعماله لتلك النظرية في مثل هذه الحالات وان كان يحل تقديره الشخصي لملائمة التصرف محل تقدير رجل الإدارة لتلك الملاءمة عندما يكون هذا التقدير مشوبا بالمبالغة واللامعقولية، أي أنه لا يحل نفسه محل جهة الإدارة سواء في اتخاذ القرار الذي يرى أنه أكثر ملاءمة أم في تعديل مضمون القرار المطعون فيه مع الإبقاء عليه، فمثل هذه الأمور متروكة تماما لحرية رجل الإدارة، فأي انتقاص إذن من استقلال هذا الأخير وأي اعتداء على اختصاصاته.
كما أن القاضي الإداري في مثل هذه النزاعات يكتفي بتثبيت بعض القواعد والمبادئ التي يتعين على الإدارة أن تلتزم بها في المستقبل، فمثلا بعد صدور حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ” المدينة الشرقية الجديدة “، تم توزيع هذا الحكم على مختلف المصالح الإدارية، وبعد ذلك أصبحت الإدارة تتعهد بتطبيق إجراءات تهدف إلى تخفيف الأضرار البيئية والاجتماعية.
وللفصل بين هذه التوجهات المتعارضة، يجب طرح التساؤل التالي: هل تدخل الرقابة التي يمارسها القاضي الإداري ضمن تكييف الوقائع، الذي يعد اختصاصا طبيعيا له، في الحالة التي يراقب فيها مشروعية القرارات الصادرة عن الإدارة بموجب ما لها من سلطة تقديرية في ذلك ؟ أم القاضي الإداري بموجب هذا الاتجاه الجديد انتقل إلى آفاق جديدة، أي إلى ممارسة ” قضاء الملاءمة[8] ؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل الذي يتعلق برقابة القاضي و تقديره للتخطيط الذي تضعه الإدارة للأشغال العامة التي تهدف إلى تحقيقها ( الطريق أو المشروع… ألخ ) وما يقتضيه هذا التخطيط من نزع أراض أو منشئات ومدى ملاءمة هذا التخطيط لتحقيق المشروع المزمع إقامته، وهل هو أفضل ما يمكن تصوره من تخطيط، يؤدي إلى طرح الموضوع بشكل أكثر عمومية، ألا وهو طبيعة العلاقة بين القاضي الإداري والإدارة ومدى رقابة الأول على أعمال الثاني ومدى استقلال الإدارة في مواجهة القضاء عملا بالفصل بين السلطات أو بمعنى آخر إلى أي حد يمكن للقاضي أن يبسط رقابته على أعمال الإدارة دون أن ينسب إليه انه حل محل الإدارة في تقدير مدى الملاءمة ” الذي كان من قبل من اطلاقات الإدارة ؟
إن كلا من مجلس الدولة الفرنسي و مصر حرصا على تبيان هذا الاتجاه الحديث الذي لا يعني الانتقال من نطاق رقابة المشروعية إلى نطاق رقابة ملاءمة شمولية، فقد حرص مفوض الدولة السيد BRAIBANT في قضية المدينة الشرقية على أن يؤكد أن القاضي الإداري في رقابته على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة قد يقترب من حدود رقابة الملاءمة دون أن يكون له الحق في الدخول في دائرتها، وأنه إذ يمارس هذه الرقابة فلا بد أن يكون بحيطة و حذر[9]، وكذلك حرص القاضي المصري في قضية عزبة خير الله “على أن يقرر صراحة أن ما يمارسه القاضي في رقابة المشروعية في هذه الحالة لا يمكن أن يكون إقحاما للقضاء في نطاق السلطة التقديرية للإدارة.
غير أن الأمر ليس بهذه البساطة، لان القاضي الإداري كان يرى أن هذه الموضوعات من اطلاقات الإدارة تمارسها وفقا لسلطتها التقديرية ولما تراه ملائما دون أن تكون هذه الموضوعات مثار جدل أمام القاضي الإداري بمناسبة الطعن في القرار الإداري الصادر بنزع الملكية، وفي هذا الصدد حاول مفوض الدولة BRAIBANT في مذكرته المشار إليها أن يؤكد المعنى المشار إليه أعلاه فقرر” أن مجلس الدولة في هذا الصدد يدمج مسالة اختيار الأرض المراد نزع ملكيتها في تقديره لشرط المنفعة العامة وهو ما يؤدي به حتما إلى تقدير مدى صحة اختيار موضع المشروع و هو أمر بلا شك يجعل القاضي يقترب من دائرة رقابة الملاءمة ولكن دون الخوض فيها “.
وهكذا فان الرقابة التي استحدثها مجلس الدولة الفرنسي على الرغم ما تحمله في طياتها من تدخل القاضي لبحث الملاءمة في محل القرار فإنها لا تخرج عن إطار رقابة المشروعية إذ أن هذا البحث ليس إلا وسيلة للتأكد من مشروعية قرار إعلان المنفعة العامة التي تلتزم الإدارة باحترامها و إلا بات قرارها المخالف لهذه المبادئ غير مشروع[10].
فالقاضي الإداري هنا لا يلغي القرار لعدم الملاءمة وإنما لعدم المشروعية، وهو لا يحل محل الإدارة في اتخاذ القرار الملائم في هذا الشأن وإنما يعيد الأمر إليها لإعادة التقدير مرة أخرى، فهو لن يفرض على الإدارة أن تبين حاجتها من العقار في شمال المدينة أو غربها و لن يجبرها على أن يمر الطريق في هذا الاتجاه أو ذاك أو عبر منطقة معينة بذاتها و لن يشير عليها بنزع ملكية قطعة محددة من الأرض بدلا من التنازع عليها، وبذلك فانه سيحتفظ للإدارة رغم حكمه بإلغاء القرار الإداري بسلطتها في هذا الشأن.
ويبقى مؤكدا بعد ذلك أن هذا المبدأ يزود القضاء بسلاح فعال لحماية المشروعية ضد تعسف الإدارة و ذلك بما تضعه نظرية الموازنة من ضوابط على ممارسة السلطة التقديرية للإدارة في مجال نزع الملكية على نحو يجعلها سلطة مقيدة تخضع في ممارستها لشروط واضحة مما يقدم ضمانا للأفراد ضد تجاوزات السلطة التقديرية للإدارة .[11]
فليس مقبولا في دولة قانونية التسليم بان حرية الإدارة في التقدير هي حرية مطلقة لأنها ستتحول دون ريب إلى تسلط مطلق و بذلك يجدر أن يكون تقدير الإدارة للمنفعة العامة التي تستند عليها في نزع الملكية مبنيا على تحقيق تظهر فيه عناصر التقدير ليكون للقاضي حق فحص جدية هذه العناصر.
المطلب الثاني : محـدودية الرقابـة القضائيــة
إن محدودية الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، تجد أساسها في عجز القاضي الإداري عن خلق توازن حقيقي بين الامتيازات المخولة لنازع الملكية، وبين ضمانات المنزوعة ملكيته. الأمر الذي يفرغها من محتواها سواء كضمانة لحق مقدس وهو اختصاص أصيل للقضاء كحام للملكية أو كضمانة لتقويم التسيير الإداري في إطار سياق عالمي انخرط فيه القاضي لجعل التقنية القانونية تحتكم للتقييم و الفعالية [12].
هذه العوامل تبررها مجموعة من الأسباب ترتبط ب:
الفقرة الأولى: على المستوى النص التشريعي
إن القاضي الإداري عند بثه في النزاع المعروض عليه لفضها يكون ملزما بإعمال القواعد القانونية المؤطرة لطبيعة النزاع، ألا أن احتواء قانون 81/7 على مجموعة من الثغرات[13] تنعكس سلبا على فعالية الحكم القضائي، و هي تتمظهر في:
ومن الناحية الشكلية قد حاول المشرع المغربي أن يكون طموحا بإيراده لتشريع أكثر تفصيلا من نظيره السابقين، إلا انه وقع في الكثير من الأخطاء المنهجية عندما كرر في التشريع الجديد العديد من الأحكام المضمنة في نصوص عامة أخرى، مثل قانون المسطرة المدنية.
- من حيث الصياغة، فالملاحظ أن بعض النصوص قد صيغت بكيفية ركيكة وهي في بعض الأحيان بعيدة كل البعد عن الأسلوب القانوني الصرف.
كما أن هناك بعض النصوص طويلة جدا حيث كان بالإمكان تقسيمها إلى أكثر من نص واحد ليسهل فهمها واستيعابها من طرف الباحث و الممارس[14].
- ومن حيث الفلسفة العامة للتشريع، فالمشرع من خلال النص الجديد قد حاول أن يكون أكثر اهتماما بمصالح السلطة النازعة للملكية أو من يقوم مقامها، أكثر من اهتمامه بمصالح الأشخاص المنزوعة ملكيتهم، ويتضح ذلك بالخصوص، وبدون الدخول في التفاصيل من خلال الأمثلة التالية:
– حذف مسطرة تبليغ قرار إعلان المنفعة العامة وقرار التخلي وإلزام الملاك أنفسهم بالتعريف بالمستأجرين وإلا ظلوا وحدهم ملتزمين بالتعويضات التي يستحقونها، ذلك انه لابد لتقرير مثل هذا الحكم أن تؤخذ بعين الاعتبار بعض الحقائق، منها أغلبية أفراد الشعب المغربي أميون، وحتى غير الأميين قلما يهتمون بما ينشر في الجرائد الرسمية، زد على ذلك أن المغاربة في الوقت الراهن بالخصوص كثيرو الهجرة داخل الوطن وخارجه، كما يضاف إلى ذلك الجريدة الرسمية ذاتها لا تصدر بانتظام وأغلب الأفراد يسمعون عنها ولكنهم لا يقرؤونها.
– في مجال تقدير التعويض، فان المشرع قد اهتم بالضرر الحالي و غض الطرف عن الضرر المستقبل خلافا لما تقضي به القواعد العامة، وبالرغم من أن المشرع الفرنسي الذي أخذنا عنه هذا الحكم قد تخلى عنه لاحقا. ويضاف إلى هذا أن اللجنة الإدارية للتقويم المنظمة بالفصل السابع من مرسوم16 ابريل 1983 لا تحتوي على ممثل للملاك أو المنزوعة ملكيتهم. ونعتقد أن وجود هؤلاء داخل تلك اللجنة قد تفيد هذه الأخيرة كما يفيد نازع الملكية، ومن يدري ,فقد يقتنع المنزوعة ملكيته بالتعويض المقترح، فيوضع حد للإجراءات الموالية في مرحلة التقويم، حيث يكون هنالك ربح للوقت والمصاريف.
– السماح لنازع الملكية باسترداد الزيادات التي تطرأ على أثمان العقارات المجاورة المنزوعة ملكيتها نتيجة الأشغال المعلن عن القيام بها، دون أن تؤخذ بعين الاعتبار الأوضاع المادية لهؤلاء الملاك.
– عدم السماح باستئناف الحكم القاضي بنزع الملكية فيه خروج جد واضح على قاعدة مسطرية جوهرية تتصل بضمان حقوق الدفاع المتمثلة هنا في مبدأ التقاضي على درجتين.
نعم، لقد سمح المشرع بالطعن بالنقض في الحكم القاضي بنزع الملكية، غير انه يجب ألا يغيب على البال أن مثل هذا الطعن ينصب على الأخطاء القانونية التي تمس ذلك الحكم فقط، أما الأخطاء المتصلة بالواقع والتي قد يرتكبها قاضي الموضوع وهو يحكم بنقل الملكية إلى السلطة النازعة، فلا مجال لإصلاحها إلا عن طريق الطعن بالاستئناف[15].
وبالإضافة إلى ما سبق، فقد أدى الانحياز إلى جانب السلطة النازعة الملكية بالمشرع في بعض الأحيان إلى الخروج عن بعض المبادئ القانونية المستقرة، ومن ذلك مثلا انه قد رتب على الإيداع بالمحافظة العقارية نفس الآثار التي تترتب على التسجيل بالسجل العقاري، وهو موقف لا يمكن قبوله.
الفقرة الثانية: على مستوى آليات العمل القضائي
إن الرقابة القضائية على القرارات الإدارية لا تتم بشكل اعتباطي وإنما تحكمها مجموعة من الضوابط والآليات حتى تصدر في النهاية حكما قضائيا، هذه العناصر وبالإضافة إلى خصوصية الدعوى الإدارية فان ذلك يحد من فعالية الرقابة على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة ويتجلى ذلك من خلال ما يلي:
أولا: محدودية رقابة قاضي الإلغاء على قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
إن دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة تعد إحدى دعاوي الإلغاء التي يرمي من خلالها الطاعن إلى إلغاء أو إعدام قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة المتسمة بأحد عيوب المشروعية الإدارية، غير أن هذه الدعوى وإن كانت مفيدة في ضمان ممارسة العديد من الحقوق و الحريات، فان هذا التعريف قد لا يتحقق أحيانا وذلك راجع لمجموعة من الأسباب منها:
- ارتباط دعوى الإلغاء بشرط المصلحة: حيث إن هذه الدعوى لا تقوم إلا على أساس المصلحة حيث لا يمكن لشخص أن يطعن في قرار إداري لا يتعلق بوضعيته[16]، و بحكم جهل المواطنين بهذه الدعوى أو بالأحرى تجاهلها فان القاضي لا تطرح عليه حالات مختلفة الأمر الذي يحد من اجتهاداته، وبالتالي عدم إسهامه في سد الثغرات التي يطرحها الواقع العملي.
- حدود تدخل القضاء الإداري المغربي أمام عدم احترام اجل الطعن: احترام اجل دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة يعد من النظام العام، وهي مسالة منطقية ضمانا لاستقرار المصالح الإدارية العامة، وتعود هذه الأسباب أساسا إلى الوعي القانوني بشكليات التقاضي، فمن جهة قد يكون المتضرر جاهلا للأجل، أو أنه لا يعلم حقيقة القرارات المتخذة في حقه و تأثيرها إلا بعد فوات الأجل، وبهذا فهو يجرد الطاعن من كل حجية قوية يدعم بها طعنه و يحصنه من عدم قبول دعواه طالما أنه بإمكان الإدارة إنكار كل دفع غير مؤسس قانونا، بل الأكثر من ذلك إذ أنها في بعض الحالات تخلق حججا مصطنعة.
- أسباب مرتبطة بسلوك الإدارة: و في مجال نزع الملكية يرتبط الأمر بتبليغ القرار أو نشره، حيث نجد أن نازع الملكية لا يحترم الإجراءات المنصوص عليها في الفصول 8 و 9 و10.
- محدودية سلطات قاضي الإلغاء: إن اختصاص القضاء الإداري المغربي بمناسبة بته في نزاع يتعلق بإلغاء قرار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة كقرار إداري لا يستطيع أن يضمن حكمه أي قرار بتصحيح الوضعية الإدارية غير السليمة، فهو يكتفي فقط بالتصريح بإلغاء القرار الإداري المخالف لمبدأ المشروعية الإدارية أو إعدامه في حالات نادرة، و في كلتا الحالتين لا يستطيع إصدار أوامر للإدارة تطبيقا لمبدأ فصل السلط[17].
- الطعن في مرسوم إعلان المنفعة العامة لا يوقف تنفيذه: تمثل القرارات الإدارية مظهرا من مظاهر الامتيازات التي تتمتع بها الإدارة باعتبارها سلطة عامة تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة، إذ قد تصدر بإرادتها المنفردة وتعتبر نافذة دون توقف على موافقة الأفراد الذين تهمهم، كما تملك الإدارة سلطة تنفيذها بالطريق المباشر وأي امتناع من قبل الأفراد يخول الإدارة حق التنفيذ الجبري باستخدام القوة لتنفيذها.
إن الطعن بالإلغاء من أجل الشطط في استعمال السلطة المقدم بصفة عامة بشان قرار إداري، لا يمنع الإدارة من تنفيذ قراراتها وذلك توخيا للحفاظ على سير الإدارة الذي يستهدف الصالح العام، و منع كل عرقلة كيدية لتنفيذ القرارات الإدارية.
وهذه القاعدة مطبقة كذلك على القرارات الصادرة في مجال نزع الملكية، وبالأخص بالنسبة للقرار المعلن للمنفعة العامة حيث يكون الدفع بكون هذا القرار المطعون فيه أمام المجلس الأعلى غير موقف تلقائيا لتنفيذه، فالطعن ضد المرسوم المعلن للمنفعة العامة لا تأثير له على الإجراء الوقتي المطلوب (الأذن في الحيازة)[18]كما لا يكون له أدنى تأثير على إجراء نقل وتحديد التعويض أمام محكمة الموضوع المختصة.
غير أنه يمكن أن ينجم عن تنفيذ القرارات الإدارية أضرارا فادحة يكون من المتعذر تداركها بإلغاء هذه القرارات فيما بعد، اعتبارا لهذا السبب تم تقرير مسطرة خاصة لوقف تنفيذ المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية بصفة استثنائية وإلا لن تكون هناك فائدة لحكم يصدر بإلغاء قرار إداري تم تنفيذه و أنتج آثاره.
وهذا الاستثناء ينظمه الفصل361 من قانون المسطرة الإدارية[19]النسبة للقرارات التي يتم الطعن فيها أمام المجلس الأعلى، والفصل 24 من قانون المحاكم الإدارية بالنسبة للقرارات القابلة للطعن فيها بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية[20]، وكلاهما ينص على الطابع الاستثنائي للمسطرة، فعلى امتداد تجربة المجلس الأعلى في الموضوع يلاحظ أن تمسكه بهذا الطابع الاستثنائي تباين من حالة إلى أخرى معتبرا أن الأمر بإيقاف التنفيذ مسالة ظروف و ملاءمة صرفة، وبالتالي يتعين على طالبها أن يقنع المجلس الأعلى بان الضرر الذي سيلحقه من جراء التنفيذ سيكون في آن واحد خطيرا و من الصعب التعويض عنه.
وفي مجال نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، احتفظ المجلس الأعلى باختصاصه بالأمر بوقف تنفيذ قرار المنفعة العامة كنتيجة منطقية لبقائه المختص الوحيد للنظر في الطعن بالإلغاء الموجه ضد هذا القرار، أما المحاكم الإدارية و إن كانت مختصة بإصدار الأمر بوقف تنفيذ مقررات التخلي التي يتم الطعن فيها أمامها، فان العرف الجاري بإدماج مقررات التخلي في قرارات إعلان المنفعة العامة يجعل من هذه الحالات بعيدة عن التطبيق، ومسالة الاختصاص في هذا المجال من النظام العام تلتزم المحاكم بإثارتها تلقائيا، وعلى هذا النهج سارت السلطات القضائية المختصة في مجال نزع الملكية (قضاء استعجاليا وقضاء موضوعيا) بإعلانها صراحة عن عدم اختصاصها بالأمر بوقف تنفيذ القرار الذي يكون من اختصاص المجلس الأعلى[21].
ومعلوم أن طلب منح إيقاف التنفيذ يتطلب توفر مجموعة من الشروط أهمها ألا يكون القرار قد نفذ وأن تكون هناك حالة الاستعجال وأن تترتب عن تنفيذه أضرار لا يمكن تعويضها في حالة إلغائه وأن يكون الطعن بالإلغاء يشمل على وسائل جدية.
هذه الشروط يصعب تحققها في المقرر المعلن للمنفعة العامة خاصة وأن الطرف المنزوعة ملكيته لن يلحقه أي ضرر مادي ما دام قاضي نزع الملكية سيحدد له التعويض المستحق عن قيمة العقار، فضلا عن كون تزامن تقديم طلب إيقاف تنفيذ المقرر المعلن عن المنفعة العامة مع صدور الأمر بالحيازة أو تقديمه في تاريخ لاحق عن صدور الأمر المذكور يجعل هذا الأخير ذي موضوع.
وعليه، فالاجتهاد القضائي أبان عن خاصية صعوبة الحصول على وقف التنفيذ في مجال نزع الملكية، حتى وإن كانت الشروط المطلوبة لا تتضمن أي تجديد ويبقى التفسير الوحيد هو أن القاضي أكثر تشددا في هذا المجال.
أما في حالة الحصول على حكم يقضي بوقف تنفيذ قرار إعلان المنفعة العامة، فذلك يردي إلى وقف جريان المسطرة ووقف اجل صلاحية القرار المطعون فيه إلى حين الفصل في الجوهر[22].
ثانيا: تداخل الاختصاصات القضائيـة
إن الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة كما سبق الذكر متنوعة من حيث الجهات القضائية التي تمارسها وشاملة لكونها تنصب على جميع عناصر هذه القرارات، هذه الوضعية وإن كانت لها ايجابيات فإنها أحيانا تجعل إحدى الجهات تبطل دور الجهة الأخرى الأمر الذي يجعل هذا العامل يحد من فعالية هذه الرقابة خاصة وأن مجموعة من المبادئ القضائية التي تحكم عمل القضاء الإداري تكرس من هذا الوضع.
فقاضي الإلغاء قد يقوم بإلغاء مقرر إعلان المنفعة العامة بسبب بطلان المسطرة، ففي هذه الحالة لا يطرح أي إشكال، لان القاضي سيرفض الإذن بالحيازة ثم يرفض الحكم بنقل الملكية على أساس عدم وجودها، فهل يمكن القول بان القاضي يمنع عليه رفض الإذن بالحيازة ما دام لا يوجد هناك سبب يبرر بطلان المسطرة ؟
رغم ما يستخلص من ظاهر الفصل 24 من قانون نزع الملكية، من أنه لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الأمر بالحيازة إلا لسبب بطلان المسطرة، فإنه يمكن رفض الأمر بالحيازة بناء على أساس المسطرة هو مقرر إعلان المنفعة العامة، ما دام هذا المقرر أصبح غير مشروع فلم يعد هناك أي سند للمسطرة.
وفي حالة صدور قرار إلغاء مرسوم نزع الملكية بعد الأمر بالحيازة فانه يمكن القول بالاستناد إلى المبادئ العامة التي تحكم القضاء الاستعجالي بان لقاضي المستعجلات أن يعدل عن الأمر بالحيازة الذي أصدره.
أما الفرضية الثالثة فتتمثل في صدور قرار إلغاء مقرر إعلان المنفعة العامة بعد صدورا لحكم بنقل الملكية وتحديد التعويض قبل أن يصير نهائيا، فهل يمكن للجهة القضائية التي تبث في الطعن الموجه ضد الحكم بنقل الملكية أن ترفض تطبيق قرار صرح بإلغائه، تطبيقا للمبادئ العامة لدعوى الإلغاء؟ وهو ما يستتبع بالضرورة أن هذا الحل لا يكون دائما متيسرا إذ قد يعمد نازع الملكية إلى تحقيق مشروعه كلا أو يصبح نازع الملكية ملزما بإرجاع الأملاك المعنية لأصحابها جزءا، أو أن يكون قد قام بهدم ما كان مبنيا أو قلع ما كان مغروسا، فإذا تم بالفعل انجاز المبنى العمومي فلا يحق للمحاكم أن تأمر بهدمه، وبالتالي يتعذر إرجاع الأملاك إلى أصحابها بتاء على نظرية عدم المساس بالمرفق العام، كما استقر على ذلك المجلس القضائي الفرنسي استنادا إلى ضرورة تبليغ الصالح العام على قواعد الشرعية القانونية، وكل ما رتبه الفقه والقضاء على هذه الحالة هو ما تؤدي إلى ما اصطلح عليه بنزع الملكية الغير المباشر، فما دامت مسطرة نزع الملكية التي تم إتباعها قد ظهرت عدم مشروعيتها، وأن الأملاك ضرورية لنازع الملكية لاستجابتها للصالح العام، فقد أصبح الاحتفاظ بها يستند إلى نزع الملكية غير المباشر، ما دام النزع المباشر لم يعد له موضوع.
مع التذكير بان هذه الحالة تجد تطبيقها أيضا في حالة احتلال عقار قبل الشروع في مسطرة نزع الملكية.
وقد تعاملت المحاكم الإدارية مع هذه الوضعية التي أصبحت واردة على نطاق واسع، خصوصا وأن المحرومين من أملاكهم نتيجة الاعتداء المادي للإدارة، والذي استمر مدة طويلة، قد شجع المعنيين بالأمر على اللجوء إلى المحاكم الإدارية التي تقتضي من جهة التعويض عم المدة التي استمر فيها الاحتلال و بتعويض عن المدة التي استمر فيها الاحتلال….، خصوصا بعدما اتضح أن الإدارة قد استغلت الاحتلال المؤقت المرخص به قانونا، لخلق حالة النزع غير المباشر لأملاك الخواص وكذا الحكم برفع الاعتداء المادي من جهة أخرى.
وقد اعتبر الأستاذ المنتصر الداودي أن ما يعزز هذا الاتجاه مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية التي نصت على انه يمنع على المحاكم أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شانها أن تعرقل عمل الإدارات العمومية للدولة أو الجماعات العمومية الأخرى، أو أن تلغي احد قراراتها ويضيف قائلا: “بأن حيازة نازع الملكية موضوع المرسوم الملغى أو استمرار هذه الحيازة لا تعتبر اعتداء ماديا بالمعنى الدقيق لهذا المصطلح، وإنما استيلاء معيبا يحق للمتضرر التعويض عنه “.
أما الفرضية الأخيرة[23] فتتمثل في صدور قرار إلغاء مرسوم نزع الملكية بعد صيرورة الحكم القاضي بنقل الملكية قطعيا و نهائيا، وهذه الحالة تطرح إشكالا قانونيا معقدا لأننا نصبح أمام حكم غير قابل لأي طعن انشأ لنازع الملكية حقا، ظهر فيما بعد أن مرتكزه القانوني المتمثل في المقرر المعلن للمنفعة العامة، قد زال ولم يعد له وجود، فهل يعتبر نازع الملكية في وضعية قانونية سليمة أم أن حكمه هو حكم المستولي على ملك الغير بدون وجه حق ؟ أن القضاء الإداري المغربي لم يعنى بهذه الإشكالية ولم يتعرض لانعكاساتها العملية بعد، حيث ذهب في احد أحكامه[24] إلى أن الحكم بنقل الملكية و تحديد التعويض حسب المادة 32 من قانون نزع الملكية حكم نهائي وهو غير قابل للتعرض[25].
بالإضافة إلى الإشكالية السابقة يطرح تساؤل آخر حول مآل مقرر التخلي الذي يتخذ مستقلا عن المقرر المعلن للمنفعة العامة، عندما يتم إلغاء هذا الأخير دون أن ينصب الطعن على مقرر التخلي الذي يتخذ مستقلا عن مقرر إعلان المنفعة العامة، عندما يتم إلغاء هذا الأخير دون أن ينصب الطعن على مقرر التخلي أيضا و لو أن هذه الحالة قد تكون منعدمة، ما دامت الجهة نازعة الملكية تجمع بين إعلان عن المنفعة العامة ومقرر التخلي في مقرر واحد، فان القضاء الإداري يعتبر بان إلغاء تسري أيضا على القرارات المتولدة عن القرار الذي تم إلغاؤه، إنما قد يتشبث قاضي نزع الملكية بمقرر التخلي على أساس أن الإلغاء لم يشمله، ثم يبني عليه الحكم بنقل الملكية والإذن بنقل الحيازة، دون ما إمكانية لأي طعن في أحكامه، وهذه ثغرة قانونية ينبغي سدها.
ويرى الأستاذ الطاهر جبران بأنه ما دامت المسؤولية التقصيرية تقوم أيضا على أساس عدم مشروعية المقررات الإدارية الناتجة إما عن كون نازع الملكية لم يقدر المنفعة العامة أو اشتط في استعمال سلطته، فإن هذا الأخير يبقى مسؤولا عن قراره غير المشروع. ويكفي أن يثبت المتضرر أن الضرر ناتج عن خطا الطرف النازع ليحصل على تعويض عن ذلك[26].
ومن ناحية، فهذا الرأي وجيه وسديد[27]، فضرورة إنصاف المتضررين، تقتضي البحث في مختلف المقتضيات القانونية، وبمختلف مصادرها، وذلك وفقا لمتطلبات كل حالة على حدة. فضرورة القول بالتزام القاضي بمقتضيات قانون نزع الملكية فقط، فضلا عن القواعد الشكلية الأخرى المتعلقة برفع الدعوى، يتناقض مع الدور المنوط بالقضاء الإداري لحماية مصالح الأفراد.
تعد مشكلة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية إحدى معوقات أداء القضاء لمهامه الأساسية، والتنفيذ في مجال نزع الملكية يهم كلا الطرفين إلا أن الذي يطرح إشكالا ويحدث خللا في التوازن بين المراكز القانونية هو التنفيذ في مواجهة نازع الملكية والذي يرتبط بإيداع التعويض أو دفعه حيث تعترضه معوقات عملية وأحيانا قانونية تتمظهر في:
إن الإدارة[28] المنفذ عليها وهي شخص معنوي عام، ذات امتياز التنفيذ المباشر وأحتكار القوة العمومية، وأموالها تعتبر أموال عامة، والمسؤولون الذين يتعاقبون عليها يمثلونها فقط، فان النتيجة تكون هي صدور أحكام قضائية مذيلة بالصيغة التنفيذية، لتبقى حبرا على ورق دون تنفيذ الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة مبدأ الشرعية في دولة الحق والقانون، وما يزيد من تكريس هذه الوضعية: غياب نص تشريعي يلزم الإدارة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها، اختلاف الصيغة التنفيذية التي تذيل بها سائر الأحكام القضائية بما في ذلك أحكام المحاكم الإدارية عن تلك التي ينبغي أن تعطى للأحكام الصادرة عن الإدارة، صعوبة الحجز على أموالها خاصة إذا كان من شأن ذلك تعطيل المرفق العمومي عن تقديم خدماته حيث إن بعض الفقه المغربي لازال يسلم ببقاء تنفيذ الأحكام الإدارية مرتبطا بحسن نية الإدارة[29].
وفي النموذج الذي اعتمدناه فقد أثار تنفيذ التعويضات مجموعة من الإشكاليات سواء فيم يخص:
تنفيذ التعويضات الإستعجالية: لقد أعطى المشرع لطالب نازع الملكية الحق في أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الأمر بنقل حيازة العقار موضوع نزع الملكية من اجل المنفعة العامة إليه مقابل تعويض احتياطي، إلا أن تنفيذ الأحكام المتعلقة بالتعويض عن نزع الملكية من اجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت في الإطار الإستعجالي، تعترضها صعوبات وتؤثر سلبا على مصداقية القضاء أمام المنزوعة ملكيتهم خاصة وأنهم الحلقة الأضعف في عملية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، لتنفيذ الأحكام الاستعجالية المتعلقة بالتعويضات الاحتياطية، القاضي الإستعجالي ملزم بالاستجابة لطلب الحيازة كلما توفرت الشروط الشكلية في الطلب دون إعطاء ضمانات في الشق المتعلق بالمنزوعة ملكيتهم.
لكن أثناء القيام بتنفيذ الشق المتعلق بالتعويض الاحتياطي في الحكم الاستعجالي القاضي بالدفع أو الإيداع، نجد أن الدفع لا يتم رغم أن العقار محفظ والإيداع المنصوص عليه في الحكم يبقى في اغلب الأحيان مجردا، ولتلافي الإيداع المجرد لجا المنزوع ملكيتهم بواسطة دفاعهم إلى الدفع بعدم الاستجابة إلى طلب الحيازة لكون الإيداع المنصوص عليه هو إيداع مجرد.
وقد استجاب القاضي الإداري بالمحكمة الإدارية بالرباط إلى هذا الدفع واصدر أحكاما جريئة في البداية تقضي بعدم الاستجابة للطلب، لكن القضاء على مستوى الاستئناف تصدى لهذه الأوامر وقام بإلغائها باعتبارها مجانية للصواب اعتمادا على الفصل 31 من القانون 7/81 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة الذي يفيد: “إن الإيداع إذا كان مجردا فتبليغ الأحكام بعد شهر يرتب فوائد قانونية لفائدة المنزوعة ملكيته وبذلك يبقى نازع الملكية قد اخذ جزاءه على الإيداع المجرد”.
الإشكال الثاني هو أن الإيداع وان كان حقيقيا فنازع الملكية يتملص من رفع اليد عن المبلغ المودع رغم استيفاء الحكم الاستعجالي لجميع الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 31 بعلة أن النازلة تتعلق بين المودع لديه (صندوق الإيداع و التدبير) والمودع له(المنزوعة ملكيته) وان نازعة الملكية لا علاقة لها بالموضوع، ويجيب المودع لديه بأن الأمر يتعلق بين المودع (نازعة الملكية) والمودع له في إطار الوديعة وأنه لا يمكن له أن يسلم التعويضات إلا إذا استصدر المودع له قرارا برفع اليد، الشيء الذي جعل القاضي الاستعجالي لدى المحكمة الإدارية بالرباط يتصدى لهذه الإشكاليات و يصدر أمره بتحويل تلك المبالغ من المودع له (صندوق الإيداع و التدبير) إلى صندوق المحكمة لفائدة المودع له[30]:
“حث يهدف الطلب إلى استصدار أمر لصندوق الإيداع و التدبير بتحويل المبلغ المودع لديه من طرف الوكالة الخاصة طنجة البجر الأبيض المتوسط (نازعة الملكية) وقدره 573.690.00 درهم بحساب هده المحكمة وتسليمه للطالب تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 1000,00 درهم عن كل يوم تأخير.
وحيث أن إصدار أمر قضائي بتحويل المبالغ المالية المودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير في إطار مسطرة نزع الملكية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو ممن ينوب عنه كقاضي التنفيذ وليس قاضي للمستعجلات يقتضي أن تكون المراكز القانونية للأطراف واضحة بشكل نهائي إزاء قانون نزع الملكية، وخصوصا مقتضيات الفصلين 26 و30 منه.
و حيث يؤخذ من أوراق الملف و مستنداته استيفاء نازع الملكية لإجراء التعليق كما هو منصوص عليه بالفصل 26 من قانون 7/81 وعدم تقديم أي تعرض حول ذلك، مما تبقى معه المراكز القانونية للأطراف إزاء قانون نزع الملكية 7/81 واضحة والطلب حول تحويل المبالغ المالية المودعة لدى صندوق الإيداع و التدبير لصندوق هاته المحكمة مؤسس بما يترتب على ذلك من أثار قانونية و تطبيقا للمادتين 7و19 من القانون 90-41 و الفصل 26 من القانون 7/81.
فصرحت علنيا ابتدائيا حضوريا:
بأمر صندوق الإيداع و التدبير بتحويل المبلغ المودع لديه من طرف الوكالة الخاصة طنجة البحر الأبيض المتوسط المتعلق بالقطعة الأرضية رقم 83 بصندوق هاته المحكمة مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك”.
لكن القضاء الإداري على مستوى الاستئناف تصدى لهذه الأوامر و حكم برفضها بعلة أن المودع له لم يستوف بعد إجراءات التنفيذ ومن بينها الحجز ما للمدين لدى الغير، لكن لتطبيق هذا الإجراء يعرف بعض التعقيدات كطلب الصلح من طرف نازع الملكية بدون النية فيه و ذلك لإطالة إجراءات التنفيذ، و حتى بعد المصادقة على الحجز يلتجئ نازع الملكية إلى التعسف في استعمال الحق من خلال استئناف الأمر القاضي بالمصادقة على هذا الحجز فقط لإطالة إجراءات التنفيذ، هذا إضافة إلى ما يطرح الحجز على أموال المرفق العام من إشكاليات التي تتطلب مجهودا للوصول إلى الأموال الخاصة للمرفق العام والتي من شان الحجز عليها أن يعرقل سيره.
استعمال أسلوب انتقائي أثناء رفع اليد عن التعويضات، حيث قامت الوكالة الخاصة طنجة البحر الأبيض المتوسط برفع اليد عن مبالغ متعلقة بالملفات المتعلقة بالقطع الأرضية الموجودة بملوسة وأحجمت عن مبالغ في ملفات أخرى لأسباب مجهولة تحمل أكثر من علامة استفهام[31]، وأحيانا أخرى نجدها تقوم برفع اليد جزئيا عن مبالغ في ملفات معينة[32].
تنفيذ التعويضات النهائية: إن إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية والمتعلقة بالتعويضات عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أرقت قاضي التنفيذات وأسالت المداد لدى العديد من فقهاء القانون الإداري، فإذا كانت الأحكام الاستئنافية تعتبر أحكاما نهائية قابلة للتنفيذ فان مسطرة النقض في إطار نزع الملكية توقف إجراءات التنفيذ ولو كان استعمال هذا الحق تعسفيا.
إن القانون المنظم لنزع الملكية من اجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت أشار إلى طريقة محتشمة لتنفيذ الأولي، فالتنفيذ ممكن رغم النقض بشرط إيداع كفالة من طرف المنزوعة ملكيته رغم معرفتنا المسبقة باستحالة توفر أغلبية المنزوعة ملكيته على هذه الكفالة، الشيء الذي يجعل هذه المقتضيات حبرا على ورق والتنفيذ بالحكم الاستئنافي من قبيل المستحيلات[33] اللهم إذا كان هناك تنازل من طرف نازعة الملكية عن التعسف في استعمال حقه بالنقض[34].
المبحث الثاني: رقابة القاضي على مقرر نزع الملكية من أجل المنفعة العامة
المطلب الأول : رقابة القضاء الإستعجالي
تتجلى حماية القضاء الإستعجالي الإداري لنزع الملكية في عنصرين أساسيين:
الفقرة الأولى: مراقبة سلامة الإجراءات المسطرية في مجال نزع الملكية
ينص الفصل 19 من قانون نزع الملكية على أنه: يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية.
وتقرير تدخل القضاء الإستعجالي في ميدان نزع الملكية بقدر ما يتوخى سرعة الإدارة في إنجاز أعمالها؛ يستهدف أيضا حفظ حقوق الأفراد المنزوعة أملاكهم؛ وتعد الفقرة الأولى من الفصل 24 من قانون نزع الملكية التي تنص على أنه: عندما يلتمس نازع الملكية الحيازة لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الإذن في ذلك إلا بسبب بطلان المسطرة، ركيزة اختصاص قاضي المستعجلات في مجال نزع الملكية من منطلق أنها تحدد إطار سلطة المراقبة التي يمارسها أثناء النطق بالحيازة.
هكذا لا يتوان القضاء الإستعجالي للمحاكم الإدارية في رفض طلبات الإذن في الحيازة كلما خلت من الإدلاء بإحدى البيانات التي تثبت قيام نازع الملكية بالإجراءات الإدارية اللازمة؛ كما لا يقع التساهل في أي إجراء جوهري مسطري تهاون أو تغافل عن القيام به نازع الملكية؛ ففي كثير من الحالات تم رفض طلبات الإذن بالحيازة بسبب الإخلالات والخروقات التي شابت المسطرة والإجراءات الإدارية.
ومن المهم التأكيد على أن قاضي المستعجلات يعد قاضي الشكل لأنه لا يملك سلطة فحص جوهر مضمون المسطرة الإدارية ولا شرعية القرارات الصادرة في إطارها[35].
فدور قاضي المستعجلات الإداري في ميدان نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ينحصر في مراقبة سلامة الإجراءات القانونية المتخذة؛ وبذلك يتعين عليه إصدار أمر بالإذن في حيازة العقار الخاضع لنزع الملكية متى تبين له بأن المسطرة المنصوص عليها في الفصل 24 من القانون رقم 81.7 قد أجريت بصفة صحيحة.
وبالمقابل يضطر إلى الحكم بعدم قبول الطلب المقدم من طرف نازع الملكية والرامي إلى الإذن في الحيازة إذا لم يكن معززا بالوثائق الدالة على سلوك المسطرة المنصوص عليها في القانون.
لكن هذه المراقبة حتى وإن كانت شكلية تقف عند التحقق من المشروعية الخارجية للقرارات؛ فإن أهميتها تظهر مثلا عندما تلغي الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرار إعلان المنفعة العامة فيكون من اللازم على قاضي المستعجلات رفض الأمر بالحيازة المبني على قرار للمنفعة العامة الذي أصبح غير مشروعا و لا غيا.
في نفس الإتجاه اعتبر القضاء الإداري أن لجوء الإدارة إلى القضاء الإستعجالي للحكم بالحيازة بعد وضع يدها على العقار وإقامة بنايات يعد أمرا متجاوزا ومن تم قضى برفض الحيازة.
كما يحرص القضاء الاستعجالي للمحاكم الإدارية على ضمان دفع أو إيداع التعويض الإحتياطي المقابل لنقل الحيازة؛ ومما جاء في أحد الأوامر الإستعجالية للمحكمة الإدارية بالرباط ما يلي: التعويض الإحتياطي يجب أن يدفع أو يودع خلال أجل شهر ابتداءا من يوم تسليم هذا الأمر وبمجرد انتهاء هذا الأجل تحسب فوائد حسب السعر القانوني المعمول به في المعاملات المدنية لفائدة المدعي عليهم المنزوعة ملكيتهم.[36]
الفقرة الثانية : التدخل لرد ووقف مختلف أشكال الاعتداءات المادية
بالرغم من قدسية حق الملكية فإن الاعتداءات التي تقع على الملكية العقارية تعتبر من أكثر نماذج الإعتداء المادي.
فتحت ذرائع الاستعجال والإهمال وتعقد المسطرة وطولها ونتيجة لأسباب مختلفة: تهرب الإدارة من إتباع الإجراءات المسطرية أو الجهل بها بالإضافة إلى الحسابات السياسية وجهل المواطنين؛ تعمد الإدارة إلى احتلال أملاك الخاصة للأفراد دون سند قانوني أو ترخيص من الملاك مستغلة في ذلك هدف المنفعة العامة؛ مما يشكل اعتداءات مادية؛ ومن تطبيقات الإعتداء المادي المتعلقة بالملكية العقارية:
- استيلاء الإدارة على أراضي الغير بدون إتباع أي إجراء قانوني.
- مد قنوات المياه في أراضي الغير دون مباشرة الإجراءات القانونية.
- وضع أعمدة كهربائية في ملك الغير دون سلوك المسطرة اللازمة.
إن إشكالية الإختصاص تعد من أعقد المشاكل التي تثيرها نظرية الإعتداء المادي؛ وفي المغرب استقر القضاء على اختصاص المحاكم الإدارية بالدعاوى الناشئة عن الإعتداء المادي[37]؛ فحدود سلطات قاضي المستعجلات في دعوى الإعتداء المادي على الملكية العقارية تتوسع إذ لا يقف عند حق التحقق من وجود الإعتداء أو الكشف عنه بل تصل إلى حد توجيه مجموعة من الأوامر إلى الإدارة سواء بوقف أو رد أعمال التعدي أو الحكم على الإدارة بالطرد وأحيانا الهدم والغرامة التهديدية؛ وكلها سلطات استثنائية لا يلجأ إليها القاضي الإداري إلا في حالات التعدي الواضحة.
فقد قضى المجلس الأعلى بأن احتلال ملك الغير بدون حق ولا سند من طرف الجماعة المحلية يعطي لدعوى الإفراغ صبغة استعجالية يختص قاضي المستعجلات بالنظر فيها؛ كما اعتبر أن للقضاء الإستعجالي الحق إما في وقف الإعتداء المادي وإزالته إذا تم البدء فيه أو منع القيام به إذا لم يتم بعد وكانت الإدارة تهيئ له.
إن سلطات القاضي المستعجلات في مادة الإعتداء المادي واسعة ولا يحد منها إلا قيدين أساسيين: أولا ضرورة الالتزام بالقواعد العامة للقضاء الإستعجالي المتمثلة في اشتراط عنصر الاستعجال في النازلة؛ وعدم المساس بالموضوع؛ وثانيا مبدأ حماية المنشأة العامة الذي يقضي بعدم جواز هدم أية منشأة عامة ولو أن إحداثها تم عن طريق الخطأ.
أما مقتضيات المادة 25 من قانون المسطرة المدنية التي تفيد بمنع المحاكم من عرقلة عمل الإدارات العمومية؛ فقد أجمعت الإجتهادات القضائية الصادرة في الموضوع أن هذه المقتضيات لا تعني المحاكم الإدارية في شيء؛ بل هي تهم المحاكم العادية التي لا تطبقها إلا إذا كان عمل الإدارة مشروعا[38].
المطلب الثاني: رقابة قضاء الإلغاء
تشكل دعوى الإلغاء أحسن أنواع الرقابة الإدارية عل الإدارة؛ وأوفاها ضمانا لحقوق المواطنين؛ وهي وسيلة تمكن الطاعن من أن يتجه إلى جهة قضائية لإلغاء قرار إداري غير مشروع .
وتتجلى حماية قضاء الإلغاء للملكية العقارية في رقابته أولا على شرط المنفعة العامة في قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وأيضا في مراقبته لمشروعية القرارات المتخذة في مقرر إعلان المنفعة العامة.
الفقرة الأولى : الرقابة على شرط المنفعة العامة في قرارات نزع الملكية
عرفت رقابة قضاء الإلغاء على شرط المنفعة العامة في قرارات نزع الملكية تطورا ملحوظا موازيا لتطور مضمون المنفعة العامة الذي ارتبط بدوره بتطور الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للدولة؛ هذه الرقابة التي شهدت مرحلتين مهمتين[39]:
المرحلة الأول: الرقابة الكلاسيكية والمجردة
فالمجلس الأعلى كان يمتنع في بداية الأمر عن مراقبة السلطة التقديرية للإدارة في إعلان المنفعة العامة مكتفيا بالتأكد من مادية الوقائع أي من وجود المشروع الذي اقتضت المصلحة العامة إنجازه وفي أقصى الأحوال الوقوف عما إذا كان يشكل منفعة عامة [ أي صحة هذه الوقائع ] معلنا بذلك أن الإدارة تملك أن تقرر بمنتهى الحرية:
أولا : المنفعة العامة التي تبرر التجاءها إلى نزع الملكية.
ثانيا : العقارات اللازمة للمنفعة العامة طالما أن الباعث على صدور القرار هو المنفعة العامة سواء فيما يتعلق اختيار الموقع أو القطع التي سيشملها المشروع أو فيما يتعلق بتحديد حاجياتها فيما يرجع لمساحة الأراضي الواجب نزع ملكيتها وفيما يتعلق أخيرا في إمكانية الاستغناء عن أجزاء من الأراضي الواجب نزع ملكيتها لفائدة بعض الأطراف المنزوعة ملكيتهم واحتفاظها بأراضي ملاك آخرين دون المساس بمبدأ المساواة .
المرحلة الثانية : تبني نظرية الموازنة
إن الإتجاه الحديث في القضاء الإداري لا يكتفي بالنظر إلى تحقيق المنفعة العامة نظرة مجردة وإنما تجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من المصلحة العامة وذلك عن طريق الموازنة بين الفوائد التي يحققها المشروع المزمع إنشاؤه والمصالح الخاصة التي سيمس بها؛ وبالتالي تقييم قرار نزع الملكية على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواص المنزوع ملكيتهم كل ذلك في نطاق المشروعية المخولة لقاضي الإلغاء.
الفقرة الثانية : الرقابة على مشروعية مقرر إعلان المنفعة العامة
يحق لكل من تضرر من القرارات الإدارية أن يلجأ إل القضاء لطلب إلغائها إذا شابها عيب من عيوب الشرعية والتي تتمثل في:
- عيب الإختصاص: يجوز لقاضي الإلغاء؛ بإلغاء المقرر الذي شابه عيب
الإختصاص معللا أن قرار الإلغاء يعود إلى جهات مختصة بإصدار الحكم وهي الحالة التي أصدرت فيها المحكمة الإدارية بالرباط حكما بإلغاء قرار المجلس البلدي لجماعة يعقوب المنصور ً القاضي لهدم البناء المخالف لضوابط التعمير معتبرا أن الإختصاص يعود لعامل الإقليم أو الوالي.
- عيب الشكل: ويقصد به إهمال ونسيان بعض الشكليات التي ينبغي أن يخضع لها القرار الإداري قبل صدوره؛ والفرق بين شكلية القرار الإداري هو إما أنها تكون أساسية ويترتب على مخالفتها إلغاؤه أو ثانوية لا تؤدي إلى الإلغاء.
- التجاوز في استعمال السلطة: وهي أن تصدر جهة إدارية قرارا إداريا من اختصاصها؛ إلا أنها تصدره لتحقيق هدف مخالف للهدف الذي رسمه القانون؛ وهو دائما المتمثل في المصلحة العامة؛ فإذا تجاوز على هذا المبدأ أو سعى إلى
تحقيق نفع شخصي؛ فقد يكون قراره مشوبا بعيب الإنحراف في استعمال السلطة.
- عيب السبب: السبب هو كل واقعة قانونية خارج عن إرادة المسؤول الإداري والتي تدفعه إلى إصدار القرار؛ فلا تستطيع الإدارة التدخل إذ لم يوجد في الواقع سبب يبرر تدخلها.
خاتمة
إن القاضي الإداري في مجال نزع الملكية نجده قد اخضع جل عناصر القرار لرقابته، فكان على مستوى:
الإجراءات الشكلية: أولت المحاكم الإدارية اهتماما خاصا لذلك، حيث رفضت الإذن بالحيازة والحكم بنقل الملكية بسبب تخلف إحدى الإجراءات الشكلية أو بسبب بطلان المسطرة.
السلطة التقديرية: فقدت شهدت تحولا مهما، فبعدما كان يكتفي بالتأكد من صحة الوقائع و مراقبة بعض عناصر النزاع المتعلقة بالنصوص والمسطرة أي مراقبة المشروعية الخارجية للقرار الذي يقضي بنزع الملكية سينتقل إلى مراقبة المشروعية الداخلية لهذا القرار بالتأكد من مدى ملاءمته.
فيكون القاضي الإداري بسلكه هذا الاتجاه قد خطا خطوة ايجابية في مجال إقرار رقابة قضائية تقوم على التقييم وفحص مدى ملاءمته القرار من حيث ملابسته الاجتماعية وكلفته المالية والاقتصادية.
لائحة المراجع
- دـ محمد فاكر: نزع الملكية بين امتيازات السلطة العمومية وحماية الملكية “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ، كلية الحقوق الدار البيضاء، 2000.
- دـ محمد الكشبور:” نظام المحاكم الإدارية و قانون نزع الملكية “، المحاكم الإدارية ودولة القانون، أعمال الندوة العلمية الدولية التي نظمتها كلية الحقوق بمراكش، يومي 4 و 5 فبراير 1994، منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية والاجتماعية – مراكش، سلسلة الندوات و الأيام الدراسية ، العدد الخامس، الطبعة الأولى 1996.
- دـ سمير احيدار قرارات نزع الملكية في القانون العام المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006.
- دـ أحمد اجعون: قرارات نقل و انتقال الموظفين بين سلطة الإدارة و رقابة القاضي الإداري “م.م.أد.م.م ، عدد مزدوج 38-39، ماي – غشت 2001.
- د_عبد العزيز يعكوبي : تطور الرقابة على شرط المنفعة العامة في حالة نزع الملكية من خلال نظرية الموازنة، دراسة على ضوء قضاء مجلس الدولة الفرنسي، المحاكم الإدارية دعامة من دعائم دولة الحق و القانون، الندوة الأولى للقضاء الإداري، 18 و 19 ماي 1995، منشورات وزارة العدل سنة 2000.
- دـ بوعزاوي بوجمعة: “الاتجاه الحديث في رقابة القاضي الإداري على ممارسة السلطة التقديرية للإدارة”، المجلة المغربية للإدارة و التنمية المحلية، مواضيع الساعة، عدد 47/2004.
- دـ حكيمة الزويتني: ” التعويض في إطار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، جامعة عبد المالك السعدي/ طنجة.
- دـ ياسر العدوان: “دور الإدارة في تحديد نمط علاقتها مع المواطنين وأثرها على الاستجابة الإدارية”، مجلة الشؤون الإدارية، عدد 7.
- منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية؛ القضاء الإداري ودولة القانون بالمغرب العربي؛ الطبعة الأولى 2008.
*****لا نبتغي وراء العلم الشهرة بل نبتغي من الله الحسنة الجارية الباقية.
لا تنسى من فضلك الدعاء بالرحمة إلى الوالدين.
وفقكم الله و إلى إصلاح البلاد هداكم*****
[1] ـ محمد فاكر: نزع الملكية بين امتيازات السلطة العمومية وحماية الملكية ” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام ، كلية الحقوق الدار البيضاء ، 2000 . ص :81
[2] ـ محمد الكشبور :” نظام المحاكم الإدارية و قانون نزع الملكية “، المحاكم الإدارية و دولة القانون ، أعمال الندوة العلمية الدولية التي نظمتها كلية الحقوق بمراكش، يومي 4 و 5 فبراير 1994، منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – مراكش، سلسلة الندوات و الأيام الدراسية ، العدد الخامس، الطبعة الأولى 1996. ص: 117.
[3] ـ ينص الفصل 19 على: ” يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي يعادل مبلغ التعويض الذي اقترحه نازع الملكية “.
[4] – نسبة الملفات التي تم الإذن فيها بالحيازة و نقل الملكية للوكالة الخاصة طنجة –المتوسط.
[5] نموذج من الأوامر الاستعجالية التي خولت الوكالة الخاصة طنجة المتوسط حيازة العقارات الخاضعة لنزع الملكية.
[6] ـ سمير احيدار قرارات نزع الملكية في القانون العام المغربي “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006.
، ص : 330 .
[7] ـ احمد اجعون : قرارات نقل و انتقال الموظفين بين سلطة الإدارة و رقابة القاضي الإداري “م.م.أد.م.م ، عدد مزدوج 38-39، ماي – غشت 2001 .
[8] ـ إن التمييز بين المشروعية و الملاءمة تتقاسمه ثلاث مواقف فقهية. فهناك من يسلم بالتناقض بين المفهومين ، و يتزعم هذا الموقف الأستاذ REGIADE ، و هناك من يعتبر الملاءمة عنصرا من عناصر المشروعية ، و نفس الموقف عند J-WALIN، أما الموقف الثالث ، و الذي يتزعمه DUBISSON ، فيعتبر أن الملاءمة و المشروعية مفهومين غير متناقضين
[9] ـ عبد العزيز يعكوبي : تطور الرقابة على شرط المنفعة العامة في حالة نزع الملكية من خلال نظرية الموازنة، دراسة على ضوء قضاء مجلس الدولة الفرنسي”، المحاكم الإدارية دعامة من دعائم دولة الحق و القانون، الندوة الأولى للقضاء الإداري، 18 و 19 ماي 1995، منشورات وزارة العدل سنة 2000. ، ص : 117
[10] ـ عبد العزيز اليعقوبي : مرجع سابق ، ص : 115 .
[11] ـ سمير احيدار : مرجع سابق ، 313 .
[12] ـ بوعزاوي بوجمعة : “الاتجاه الحديث في رقابة القاضي الإداري على ممارسة السلطة التقديرية للإدارة”، المجلة المغربية للإدارة و التنمية المحلية ، مواضيع الساعة ، عدد 47/2004.
[13] ـ و يعود ذلك إلى كون المشروع الذي تمخض عنه القانون رقم7.81 قد نوقش في اقل من يوم واحد تقريبا، ويتعلق الأمر بيوم الاثنين 22دجنبر 1980، بل و نوقش إلى جانبه بعض مشاريع الميزانيات الفرعية الخاصة ببعض الوزارات في ذات اليوم.
كما لوحظ انه قد كان هناك نوع من التصلب من جانب السلطة التنفيذية ـ وزارة المالية بالخصوص ـ في مواجهة أعضاء مجلس النواب بحيث إذا كانت تلك الوزارة تسمح بإدخال بعض التغيرات المتعلقة بالشكل والصياغة أحيانا فهي لم تكن تسمح أبدا بإدخال تغيرات تمس جوهر المشروع.
[14] ـ على سبيل المثال الفصول 18و26و37و42 .
[15] ـ محمد الكشبور : ” نزع الملكية لأجل المنفعة العامة” ( قراءة في النصوص و في مواقف القضاء) . الطبعة الثانية ، 2007 . ، ص : 265.
[16] ـ حسن صحيب : مرجع سابق ، ص : 267 .
[18] ـ راجع الأمرين الاستعجالين الصادرين عن المحكمة الإدارية مكناس رقم 04/95/1 بتاريخ 12/2/95 ورقم 09/94/1 بتاريخ 20/12/94 و الأمر الاستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية بفاس رقم 12/94 بتاريخ 27 شتنبر 1994 .
[19] ـ و نص عليها أيضا الفصل 15 من ظهير 27 شتنبر 1957 المحدث للمجلس الأعلى.
[20] ـ ينص الفصل 24 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على ما يلي: “للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس منها طالب الإلغاء صراحة “.
[21] ـ الأمر الاستعجالي رقم 54/95 صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 08 ماي 1995 ملف 01/95 س.
[22] ـ احمد اجعون : اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال قرارات نزع الملكية ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية ز الاجتماعية ، جامعة محمد الخامس الرباط / 1999 ـ 2000 .
، ص:380.
[23] ـ سمير احيدار : مرجع سابق ، ص : 263 .
[24] ـ قرار المجلس الأعلى عدد 45 الصادر في القضية رقم 1898/4/3/ 2004 .بتاريخ 19 / 1 /2005.
[27] ـ سمير احيدار : مرجع سابق ، ص : 266 .
[28] ـ عملا بمقتضيات الفصول 428 إلى غاية 510 من ق.م.م التي توزعت بين ستة أبواب من القسم التاسع ، مقسمة على الشكل التالي : الباب الثالث ، الذي خصص للقواعد العامة بشان التنفيذ الجبري للأحكام بداية من الفصل 428 إلى الفصل 451 و مرورا بالباب الرابع ، الذي خصص لحجز المنقولات و العقارات ، بداية من الفصل 452 إلى الفصل 487، و الباب الخامس المتعلق بالحجز لدى الغير من الفصل 488 إلى الفصل 499، و الباب السابع المتعلق بالحجز الاستحقاقي من الفصل 500 إلى الفصل 503، و انتهاء بالباب الثامن الخاص بالتوزيع بالمحاصة ، انطلاقا من الفصل 504 و انتهاء بالفصل 510.
[29] ـ محمد المحجوبي : مرجع سابق ، ص : 195 و ما بعدها .
[30] ـ حكم استعجالي عدد 425 الصادر بتاريخ 10/10/2007 في الملف رقم 408/07 بين احباس الحافة و صندوق الإيداع و التدبير و الوكالة الخاصة طنجة – المتوسط، غير منشور.
[31] ـ – نموذج من الأحكام القضائية التي خولت الوكالة الخاصة طنجة المتوسط نقل الملكية.
34- نموذج من وثيقة رفع اليد.
[33] ـ هذا الوضع يجعل العديد من المتضررين من نزع الملكية مضطرين إلى سلوك مسطرة التراضي و إبرام عقود في هذا الإطار مما يحولها إلى عقود إذعان لغياب عنصر رئيسي في عقود التراضي ألا وهو الإرادة، الشئ الذي يصيب المتضررين بأضرار يصعب جبرها ويعرض العديد منهم إلى التشرد لاعتقادهم بان المبالغ المستخلصة في إطار الاتفاق بالمراضاة تكفيهم لاقتناء مساكن خارج منطقة نزع الملكية بالميناء المتوسطى ، لكن النتيجة كانت عكس ذلك ، خاصة و أن المبالغ في إطار التراضي أصبحت تخضع للضريبة بعدما كانت معفية، الشئ الذي يجعل هذه التعويضات تتبخر بين يدي صاحبها و بالتالي لا يتحقق جبر الضرر عن نزع الملكية من اجل المنفعة العامة.
[34] ـ حكيمة الزويتني: ” التعويض في إطار نزع الملكية من اجل المنفعة العامة” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام ، جامعة عبد المالك السعدي/ طنجة . ص: 84 و ما بعدها.
[35] ـ أطروحة لنيل الدكتوراه في موضوع : اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة؛ كلية الحقوق أكدال الرباط ؛ 2000.
[36] ـ الأوامر الإستعجالية الصادرة عن المحكمة الإدارية بالرباط , رقم 21 بتاريخ 06ـ02ـ95؛ رقم 59 بتاريخ 26ـ07ـ1995 رقم 64 بتاريخ 26ـ07ـ1995.
[37] ـ المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ؛ عدد 17 ص 182 .
[38] ـ راجع الأمر الإستعجالي الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس ؛ عدد 2ـ94 بتاريخ 13ـ09ـ1994 ملف عدد 2ـ94.
[39] ـ مقالة ً تطور رقابة المجلس الأعلى على شرط المنفعة العامة في موضوع نزع الملكية ً؛ المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية؛عدد مزدوج 38ـ39 ص 130 .
تعليقات فيسبوك